قصص من الحياة واقعية الهدف من نشرها حتى نتعلم من اخطاء الاخرين
قصة سجى بائعة الخبز من بغداد






اني سجى اعيش في بغداد في منطقة من المناطق الفقيرة دائما اخرج ابيع الخبز في الشوارع واتجول بحثا عن من يشري الخبز وكنت دائما امر من امام مدرسة متوسطة وكانت المدرسة للبنات فكنت اسمع اصوات البنات واشاهد لان المدرسة لم يكن فيها سياج فكنت استطيع المرور والتقرب للغرف في المدرسة تسمى صفوف وفي بعض الاحيان اسمع الاصوات تخرج من داخل الصفوف والطلاب يتعلمون وكان لدي فضول كبير لاعرف ماذا يدور داخل المدرسة


في المقابل كان هنالك استاذ اسمه صباح كان يُدَرِّس فى المدرسة للبنات فى الصف الثاني متوسط وفي كل يوم كان يرى خارج الفصل جنب الشباك بنت مسكينة وجميلة تكسوها البراءة وتبيع الخبز لأمها في الصباح ، وقد بلغت سن المدرسة لكنها لم تدخلها بسبب الوضع المادى لأسرتها


اني سجى لدي أربعة أخوه صغار وابويه متوفي واني اساعد امي فى مصاريف المعيشة الصعبة اببيع الخبز عند المدرسة في بعض الاحيان ، صح كنت اسمع كلام من الطالبات وكان اكثر الطالبات سخرن مني ومرات يسبوني ويرمون عليه الحجاره لاكن اني احببت المدرسة وكنت اتمنى انه ادخل المدرسة وهذا الشغل كله سويته فساعدت اخواني بأن يدخلوا المدرسة ويكملوا تعليمهم ..


وكنت دائما اقترب من الصفوف واسمع شرح المدرسات والمدرسين وكنت اتعلم منهم وافهم ومرات اكدر احل واتخيل وياهم وكانت زوجت جارنا ام ايهاب جدا حبابه من شافتني اكثر من مرة اقف اما المدرسة واتقرب من الصفوف اعطتني مجموعة من الكتب وكانت عده ابنيه اسمها فاطمه بصف الثاني متوسط فاني كنت اروح يمهم كل يوميه واقره ويه فاطمه الدروس بحيث محد يدري من اهلي انه اني اتاخر ساعه او ساعتين باليوم حته افهم شويه كم موضوع وكنت اتابع كل يوميه


يوم من الايام كان الاستاذ صباح يشرح للطالبات درساً في الرياضيات وبائعة الخبز تتابعه من شباك الفصل وهي بالخارج ، ثم سأل الأستاذ في أحد الايام الطالبات سؤالاً صعباً وخصص له جائزة ، ولم تجيبه أي طالبة ، وتفاجأ ببائعة الخبز تؤشر باصبعها من خارج الشباك وتصرخ : أستاذ أستاذ أستاذ ، فأذن لها المدرس بالإجابة .. وأجابت وكانت إجابتها صحيحة…!!


منذ ذلك اليوم راهن عليها الأستاذ صباح ، فتكفل برعايتها وبكل مايلزمها من مصروفات مدرسية على نفقته ومن مرتبه ، واتفق مع مدير المدرسة على أن يتم تسجيلها كطالبة بالمدرسة وتشارك بالإختبارات دون دخول الفصل لعدم قدرتها على تحمل مصاريف المدرسة ، وأن يجعلها تبدأ من الصف الثالث كمستمعة لـتتعلم ولو الشيء البسيط من التعليم ، واتفق مع جميع مدرسي المواد الأخرى على أن تظل الفتاة تسمتع من الشباك إلى كل الحصص وهي خارج الفصل ، فأجمعوا على الموافقة على مغامرته وأخبر هو والدتها بذلك ، وفرض المدرس على الفتاة أن تترك بيع الخبز وتتفرغ للتعليم ويتولى أحد اخوتها البيع بدلاً منها ..


اني من جاوبت على سؤال الاستاذ صباح هو جدا انعجب بالاجابه مالتي وكالي انتي لازم تدرسين وتكملين دراسة وكدر يقنع امي بهذا الشيء وتكفل بكل التصاريف جدا استاذ حريص وحباب اني اعتبرته مثل ابويه لان اني كنت محتاجه لابويه وكنت دائما اذكره كيف كان يعاملني من كنت صغيره فتذكرت والدي والايام الحلوه فكنت دائما ابجي وهذا كان دافع اليه حته اقرأ


كانت المفاجأة عندما ظهرت نتائج الاختبارات ، فقد كانت سجى هي من الطالبات الناجحه من الدور الاول على المدرسة ودرجاتها جدا عاليا ، وسارت على هذا النهج برعاية الأستاذ وإشرافه اليومي عليها الى أن اوصلها إلى الصف الاعدادي


وهنا فارق الاستاذ صباح العراق للعمل بالخارج ، ولم يكن هناك تلفونات في ذلك الوقت لكي يواصل متابعة أخبارها


اني من عرفت انه الاستاذ صباح راح يسافر اجتني مثل الصدمه اني فقدت ابويه عافني وراح ممصدكه لكيت شخص مثل ابوه واذا هو ايضا يعوفني ويروح انقهرت وردت اترك كلشي بس الاستاذ صباح اصر على انه اكمل الطريق وان الاستاذ صباح راح يرجع بعد فتره ويريد يشوف النتيجة مالتي وين اصير ووعدته انه اكمل وارفع راس ابويه ويفتخر بيه


صارو اخواني اكبار بالعمر وعمل احدهم بعربة كارو لبيع الماء وبقى يصرف عليه لان اني كبرت وبعد ما اكدر اطلع خارج البيت لان صرت بنت شابه كبيره واني مقبله على مرحله الكلية، وانقطعت صلتي بالأستاذ لمدة اثني عشر عاماً .. 12 سنة واني ما اعرف شيء عن الاستاذ صباح ما ادري مات ما ادري بعده بس كنت دائما اتامل انه يرجع


وبعد غياب إثنا عشر عاماً عاد الأستاذ إلى العراق ، وكان لديه زميل بالدولة التي كان يعمل فيها ، وزميله هذا لديه إبن في كلية الطب ، وطلب زميله منه أن يرافقه للجامعة ، وأثناء دخوله الجامعة مع صديقه مكث بعض الوقت في الكافتريا ، فإذا بفتاة على قدر من الجمـال تحدق فيه بشوق وقد تغيرت معالم وجهها عندما رأته ، وهو لم يعلم لماذا تحدق فيه بهذا التأثر ..!؟
فسأل ابن صاحبه إن كان يعرف هذه الفتاة وأشار إليها خفية ، فأجابه : نعم بالطبع إنها استاذة جامعية تُدَرِّس طلاب كلية الطب دفعة السنة السادسة والأخيرة …


ثم سأل الطالب الأستاذ صباح : هو أنت بتعرفها يا عمو ..؟ والاستاذ صباح عمره كبيره صار
قال : لا ولكن نظراتها لي غريبة ..


اني من شفت الاستاذ صباح بالكليه عدنا اني اتفاجئة بعد ما ادري شسوي وكنت جالسه مقابيل الطاوله مالتهم بس ما اعرف شسوي اريد فرصة حته اروح لابويه الثاني لان هو صاحب فضل عليه وهو الي خلاني اوصل لهذه المرحلة فما اعرف بوقتها شنو الي اسويه فخليت قلبي هو الي يتحكم بيه


وفجأة وبدون مقدمات جرت سجى نحو الاستاذ صباح واحتضنته وعانقته وهي تبكي بحرقة بصوت لفت أنظار كل من كان بالكافتيريا ، وظلت تحضنه لفترة من الزمن دون مراعاة لأي اعتبار ، وظن الجميع أنه والدها ، وأجهشت بالبكاء ونظرت إليه وقالت له : ألا تذكرني يا أستاذي ..؟ يا ستاذ صباح


أني سجى اللي كانت حطام إنسانة وحضرتك صنعت منها إنسانه ناجحة ، أنا البنت اللي حضرتك كنت السبب في دخولها المدرسة وصرفت عليها من حر مالك حتى وصلت إلى ما وصلت إليه ، وذلك بفضل الله ثم رعايتك وإهتمامك وموقفك الإنساني الفريد ، أنا إبنتك سجى ( بائعة الخبز ) … وكانت تتكمل وبنفس الوقت تنهمر الدموع منها بدون توقف


ودعته سجى والذين معه ومجموعة من الزملاء إلى منزلها وأخبرت أمها وإخوتها بالأستاذ صباح الإنسان انه رجع الذي وقف معهم وكان سبباً في تغيير مجرى حياتهم ، وألقى الأستاذ كلمة قال فيها :


[ لأول مرة أحس إني معلم و ..إنسان ..]


تحية لكل معلم - وتحية لكل من علمني حرفاً - وزرع في قلبي معنى الحياة والعطاء