مدخل إلى الكتاب المقدس
With Kind Permission of
Bible Pathwayمقدمات إلى أسفار الكتاب المقدس
مقدمة سفر التكوين
سفر التكوين هو أول الأسفار الخمسة التي كتبها موسى بوحي من الروح القدس. والتكوين معناه "في البدء" وهو القصة الوحيدة الدقيقة للخليقة والتاريخ القديم للبشرية. وتعلن لنا أول عبارة أن الله شخص حي، وأنه الخالق الاسمى، كلي القدرة والسلطان على الكون (يوحنا 1:1-3؛ كولوسي 16:1-17). لقد خلق كل الأشياء بقوة كلمته - بمجرد أن تكلم أتت إلى الوجود. ولا زالت كلمته اليوم لها نفس القوة (عبرانيين 12:4). إن هذا الحق يكشف كذب الملحدين الذين ينكرون وجود الله ويفضح جهلهم. وهو أيضاً يكشف خدعة "العصر الجديد" تلك النظرية التي تنادي بأن الأرض الأم هي الله (مزمور 1:53). ويرفض العلماء البارزون في الوقت الحالي نظرية بأن الأرض عمرها بلايين السنين، ولديهم البراهين على أن كل ما على الأرض نشأ في ستة أيام حرفية، مدتها 24 ساعة، تماماً كما هو مدون في الكتاب المقدس. عندما تعرّض الرب يسوع للسؤال من أعدائه بشأن الطلاق، أكد مصداقية سفر التكوين، وليس ذلك فقط بل كشف أيضاً عن كذب نظرية التطور. فلقد اقتبس من سفر التكوين قائلاً: أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى، وقال من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا؟ (متى 4:19-6؛ تكوين 27:1، 24:2). فالإيمان بنظرية التطور معناه تكذيب المسيح، الخالق. وقد أعلن يسوع أيضاً أن سفر التكوين ضروري من أجل إيمان الناس به، فيقول: لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عني (يوحنا 5:46). تظهر بوضوح أهمية ومصداقية سفر التكوين في إنجيل متى عندما أشار يسوع إلى نوح (متى 37:24-38؛ تكوين 5:6؛ 6:7-23)، وسدوم وعمورة (متى 15:10؛ تكوين 24:19-25). يظهر الثالوث الإلهي في إصحاح 1 حيث نقرأ: خلق الله... روح الله يرف على وجه المياه... قال الله، نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا (1، 2، 26). وفي يوحنا 3:1 نقرأ: كل شيء به كان [أي المسيح] (لمزيد من التفاصيل انظر التعليق على سفر إشعياء). واليوم، كما في ذلك الوقت، ينبغي أن يتمجد الله في كل ما نقوله ونعمله أثناء إتمام الإرسالية العظمى بنشر الأخبار السارة؛ عمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس (متى 19:28). الإصحاحات 1-11، تسجل الـ 2000 سنة * الأولى من تاريخ البشرية. حدثت خلال هذه المدة ستة أحداث رئيسية: (1) خلق كل الأشياء؛ (2) خطية آدم وحواء؛ (3) بناء الفلك بواسطة نوح بعد 1500 سنة؛ (4) الطوفان العظيم؛ (5) بناء برج بابل، بعد 300 سنة؛ (6) بلبلة الألسنة. الإصحاحات 12-50 من سفر التكوين تغطي حوالي 500 سنة* وتركز على أربعة رجال - هم إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف. فمن خلال هؤلاء الرجال، نرى محبة الله لشعبه الذي يطيع كلمته، وقدرته على حمايتهم وإعالتهم. يصف سفر التكوين بداية كل الأشياء، بينما يشرح سفر الرؤيا - آخر الأسفار المقدسة - كيف ستنتهي كل الأشياء. * ملحوظة: جميع التواريخ هي فترات زمنية تقريبية والهدف منها هو إعطاء القارئ فكرة عامة عن الأحداث بالارتباط بالفترات الزمنية مقدمة سفر الخروج
تخبرنا الإصحاحات الأخيرة من سفر التكوين كيف أن يعقوب ذهب مع أسرته ليعيشوا في مصر في الفترة التي كان فيها يوسف هو الحاكم الأعلى على مصر بعد فرعون. في ذلك الوقت كانت أسرة يعقوب تتكون من 70 شخصا. وإكراما ليوسف أعطى فرعون للإسرائيليين أرض جاسان وهي من أكثر الأراضي خصوبة في مصر. وبعد موت يوسف فقد الإسرائيليون تدريجيا النفوذ الذي كانوا يتمتعون به قبلا في مصر. ويكمل سفر الخروج قصة مواليد ابناء يعقوب الاثني عشر. والإصحاح الأول من سفر الخروج - والذي يعني "الرحيل" (عبرانيين 22:11) - يغطي في عددين قصيرين السنوات العديدة بين موت يوسف وبين زمن موسى (خروج 6:1-7). الإصحاحات 1-11 تغطي الفترة التي كان فيها الإسرائيليون عبيدا للمصريين والتي فيها تحملوا الكثير من العذاب. وقد قاد الله موسى أن ينطق بسلسلة من اللعنات على مصر تتكون من تسع ضربات؛ وأخيرا في الضربة العاشرة والأكثر دمارا أرسل الله ملاك الموت عبر الأمة العاصية. الإصحاحان 12-13 يهيئان الطريق للخروج المعجزي للإسرائيليين من مصر. وقد كانت الوسيلة لذلك هي الطاعة عندما رشّوا الدم بالإيمان على قائمتَي الباب وأكلوا بعَجلة من خروف الفصح ومن الفطير مستعدين للرحيل كما أمرهم موسى. عندما تحرر بنو إسرائيل من العبودية كان عددهم 600 ألف. وهذا العدد لا يشمل النساء والأطفال والأغراب الذين انضموا إليهم (37:12-38). أما العدد الإجمالي فلقد تم تقديره بأكثر من 2 مليون شخصا. الإصحاحات 14-18 تسجل رحلة بني إسرائيل من البحر الأحمر إلى جبل سيناء، والتي استغرقت 50 يوما. الإصحاحات 19-40 تجري أحداثها في جبل سيناء أثناء فترة قصيرة مدتها 11 شهرا، فيها أعطى الله الوصايا العشر والتعليمات التفصيلية لبناء خيمة العبادة وتقديم الذبائح. كانت خيمة العبادة تصور حياة المسيح وقصده. فمنذ لحظة دخول الكاهن من أسوار الخيمة حتى دخوله إلى المكان المقدس، تشير كل العمليات إشارة رمزية إلى المسيح وإلى العلاقة بين المؤمن والرب. مرت حوالي 430 سنة منذ أن أعطى الله العهد لإبراهيم حتى إعطاء الناموس على جبل سيناء (غلاطية 16:3-17). ويتكلم سفر الخروج عن الحماية والرعاية التي يوفرها الله لشعبه وسط أقسى الصعوبات وألد الأعداء. مقدمة سفر اللاويين
سفر اللاويين هو تكملة للأحداث المذكورة في سفر الخروج والذي اختتم باكتمال خيمة العبادة. والمدة بين سفرَي الخروج واللاويين هي شهر واحد فقط (خروج 17:40؛ عدد 1:1). ولاحظ المساحة التي خصصها الله لسفر اللاويين. ففي سفر التكوين لم يتطلب سوى 27 عددا لشرح الخليقة بأكملها، أما هنا فقد توجب تسجيل 27 إصحاحا لشرح الكيفية التي بها يمكن أن يعيش الشعب عيشة مقدسة. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا السفر يشار إليه أكثر من 80 مرة في العهد الجديد. إن ذبائح سفر اللاويين هي الوصف الأكثر شمولا في الكتاب المقدس كله للكفارة التي صنعها الرب من أجل الخطية. وتأتي مشتقات كلمة "قداسة" باللغة العبرية حوالي 100 مرة في هذا السفر. وعلى الرغم من أن الكهنوت اللاوي والذبائح قد انتهت، فإن نفس المبادئ تنطبق على المسيحيين اليوم، لأنه بدون قداسة لن يرى أحد الرب (عبرانيين 14:12). ينقسم سفر اللاويين إلى قسمين أساسيين. الإصحاحات 1-17 تعبر عن أساس علاقة الإنسان مع الله - لأن نفس الجسد هي في الدم فأنا أعطيتكم إياه على المذبح للتكفير عن نفوسكم (لاويين 11:17؛ عبرانيين 22:9). كان دم الذبائح الحيوانية يكفر مؤقتا عن خطايا الشعب وكان ينبغي تكراره عن كل خطية غير متعمدة. ولكن دم الذبائح الحيوانية كان يشير إلى دم يسوع الذي مات مرة واحدة (عبرانيين 14:9؛ 10:10-12؛ 1 يوحنا 7:1). خمس ذبائح كانت لازمة لإدراك كامل للبركات التي كانت ستتحقق من خلال الذبيحة النهائية الواحدة - أي موت ربنا يسوع المسيح. والقسم الثاني يشرح الأعياد السبعة في الإصحاحات 18-27. وجميع الأعياد، شأنها شأن والتقدمات.. هي رموز للمسيح. والأعياد كانت متباعدة عن بعضها بحيث يذهب الشعب إلى أورشليم ثلاث مرات في السنة للاحتفال بالأعياد السبعة حسب أمر الرب: ثلاث مرات في السنة يظهر جميع ذكورك أمام السيد الرب إله إسرائيل (خروج 23:34). كانت الرحلة الأولى إلى أورشليم تتم في الشهر الأول من السنة الدينية حيث يتم الاحتفال بثلاثة أعياد: (أ) عيد الفصح الذي يبدأ في مساء اليوم الرابع عشر؛ (ب) عيد الفطير ابتداء من اليوم الخامس عشر ويستمر لمدة أسبوع؛ (ج) عيد الحصاد في غد السبت من هذا الأسبوع (لاويين 1:23-44). والرحلة الثانية يقومون بها - بعد سبعة أسابيع - للاحتفال بعيد الخمسين والذي يوافق يوم الأحد - غد السبت - بعد عيد الحصاد بخمسين يوما بالضبط. والمجموعة الثالثة من الأعياد تقع في الشهر السابع وتعرف باسم عيد المظال. وتشمل عيد الأبواق في اليوم الأول؛ ويوم الكفارة في اليوم العاشر؛ وعيد المظال من اليوم الخامس عشر حتى اليوم الثاني والعشرين. بالإضافة إلى الأعياد السبعة هناك السبوت، التي كانت تسمى أيضاً أعياد. فلقد كان هناك السبت الأسبوعي بالإضافة إلى مجموعة من السبوت الخاصة التي تسمى محافل. وقد كانت هذه مناسبات للشركة والابتهاج بمراحم الرب ولتعليم كلمته المقدسة. وخلال هذه الأوقات لا يُعمل عمل في جميع مساكنكم - في كل أنحاء البلاد. مقدمة سفر العدد
يراجع سفر العدد تاريخ بني إسرائيل من وقت وصولهم إلى جبل سيناء حتى وقت حلولهم في سهول موآب بعد حوالي 40 سنة. ويتكون السفر من ثلاثة أجزاء: 1-أحداث عند جبل سيناء (إصحاح 1:1 - 10:10): بعد أن قضى بنو إسرائيل ما يقرب من سنة في جبل سيناء، أمر الرب بإجراء تعداد يشمل جميع الرجال من سن 20 سنة فأكثر. وقد تبين من هذا التعداد أنه يوجد 603550 رجلا مؤهلا للخدمة في جيش إسرائيل. 2-أحداث أثناء التيهان في البرية لمدة 38 سنة (إصحاح 11:10 - 35:21): في اليوم العشرين من الشهر الثاني،رفع الرب سحابة حضوره من فوق خيمة العبادة وسار الإسرائيليون وراء السحابة التي قادتهم في اتجاه قادش برنيع، على بعد حوالي 160 ميلا نحو الشمال. ولكن سرعان ما حدثت شكوى وتذمر جماعي (عدد 4:11-10؛ مزمور 30:78-31؛ 14:106). وأخيرا وصلوا إلى قادش برنيع، حيث طلب الشعب أن يستكشفوا أرض الموعد (عدد 13-14؛ تثنية 22:1-40). فتم إرسال اثني عشر جاسوسا وعند رجوعهم بعد 40 يوما، اعترض 10 منهم بشدة قائلين أنهم لن يستطيعوا امتلاك الأرض بسبب العمالقة والمدن العظيمة الحصينة. وعلى الرغم من احتجاج يشوع وكالب قائلين: الرب معنا، لا تخافوهم (عدد 30:13؛ 9:14)، إلا أن التذمر والملاحظات المريرة ظلت تسري في المعسكر. وقد أدى عدم إيمان الإسرائيليين إلى 38 سنة من التيهان في البرية إلى أن مات جميع الذين كانت تبلغ أعمارهم 20 سنة فأكثر. فقط يشوع وكالب، رجلا الإيمان من الجيل الأول، استطاعا أن يدخلا الأرض فيما بعد. وحدثت موجة تمرد ثانية عندما اجتمع قورح وداثان وأبيرام مع 250 من الأشخاص البارزين في الجماعة لمقاومة سلطان موسى وهارون. وقد دافع الرب عن سلطة موسى بواسطة زلزال جعل الأرض تنشق إلى اثنين وتبتلع المعأرضين. ولكن الشعب لم يريدوا أن يعترفوا بأن هذه المأساة هي قضاء من الله، فأدانوا موسى وهارون، ومرة أخرى مات منهم 14700 شخصا (49:16؛ 10:17). وفي وقت لاحق عندما اشتكى الشعب على موسى، أصيب الآلاف منهم بلدغات الحيات السامة وماتوا. فتشفع موسى لأجلهم في الصلاة فقال له الرب أن يضع حية نحاسية على عمود حتى أن كل من ينظر إليها بإيمان يحيا. واتجه بنو إسرائيل شمالا، فواجههم سيحون ملك الأموريين وعوج ملك باشان. وقد انهزما كلاهما أمام بني إسرائيل في الحرب، واحتل بنو إسرائيل أرضهم على الجانب الشرقي من نهر الأردن والبحر الميت. 3-أحداث في سهول موآب: تعليمات لدخول الأرض (إصحاح 11:22 - 13:36): استعدادا لدخول أرض كنعان، اجتمع بنو إسرائيل في السهول الصحراوية لموآب. وتقع هذه السهول شمال البحر الميت، وشرق نهر الأردن، على الجانب المقابل من أريحا، حوالي 230 ميلا من جبل سيناء. بعد ذلك حاول بالاق وبلعام والمديانيون أن يهزموا شعب الله بواسطة الفساد الأخلاقي. (عدد 12:22؛ 1:25-9). وبالفعل مات من الشعب 24000 شخصا بسبب الفجور. وأمر الرب بقتل جميع المديانيين، وبلعام بن بعور قتلوه بالسيف (عدد 1:31-18). وأمر الرب موسى وألعازار بعمل تعداد آخر للجيل الجديد من الرجال الذين يبلغون من العمر 20 سنة فأكثر. وكان العدد في هذه المرة 601730 (51:26). كان الجيل الأول بأكمله قد مات باستثناء كالب ويشوع. وقد أكد هذا التعداد كلمة الرب القائلة بأن الجيل الأول لن يستطيع أن يدخل أرض كنعان وأيضاً أبطل ادعاء الجيل الأول بأن الرب قد قادهم إلى البرية لكي يميت أولادهم. مقدمة سفر التثنية
سفر التثنية هو تلخيص للشريعة التي نادى بها موسى على جبل سيناء. فبعد مرور أربعين سنة على الخروج من مصر، كان لابد من تكرار الشريعة على مسامع الجيل الجديد، الذين كانوا في ذلك الوقت معسكرين في سهول موآب، وقد أوشكوا على دخول أرض الموعد (تثنية 5:29). وقد ألقى موسى خطابه الأول على مسامع الشعب لتذكيرهم برحلاتهم في البرية. وفي نهاية الخطاب ناشدهم بأن يخلصوا في إطاعة كلمة الله وحذرهم بشدة من التحول إلى عبادة الأصنام والابتعاد عن إله آبائهم الذي هو الإله الحقيقي (1:1-49:4). وفي الخطاب الثاني لموسى، 22 إصحاح (1:5-19:26)، ذكّر الشعب بأن الرب قد قطع معهم عهدا في حوريب (جبل سيناء). وبعد تكرار الوصايا العشر (1:5-33)، حرض الشعب مرة أخرى على محبة الله. وقد نبر بشدة على إطاعة كلمة الله والحرص على تعليمها للابناء وتجنب أي اندماج مع أهل كنعان الوثنيين. وقد تضمن هذا الخطاب تذكيرا بمصير الوثنيين وبخطورة الاعتماد على النفس ونسيان الله (1:8-5:10). وبعد إشارة مختصرة إلى موت هارون قيل للشعب أن الكهنوت سيستمر من خلال نسله وأن سبط لاوي سيكون مسئولا عن الخدمة في خيمة العبادة (6:10-11). وبعد ذلك جاءت الوصية للإسرائيليين أنهم بمجرد دخولهم إلى أرض الموعد عليهم أن يدمروا كل أشكال العبادات الغريبة والمذابح والتماثيل والمدن الوثنية وأن يتجنبوا الاختلاط مع الوثنيين. وكل من يغوي الآخرين إلى عبادة الأوثان يكون حكمه الموت (1:12-17:16). وأعطيت التعليمات بشأن الحاكم، والحياة الخاصة والاجتماعية، وأهمية العشور والتقدمات (18:16-19:26)، وحفظ الأعياد الثلاثة الكبرى وهي الفصح، وعيد الخمسين، وعيد المظال. وتأتي نبوة لها أهمية خاصة عن إقامة نبي من وسطك من إخوتك مثلي (مثل موسى)؛ له (للمسيح) تسمعون (15:18-19). وبعد مرور 1500 سنة طبق بطرس هذه النبوة على المسيح (أعمال 22:3-23)، وكذلك فعل استفانوس (أعمال 37:7؛ أيضاً يوحنا 21:1). والخطاب الثالث لموسى يسجل بركات الله على الأمانة ولعناته على العصيان (1:27-68:28). وبعد العبور إلى أرض الموعد كان على بنى إسرائيل أن يقدموا محرقات وذبائح سلامة، وأن يكتبوا الشريعة على عمودي حجر ويضعونهما على جبل عيبال، وأن يذيعوا بركات الطاعة من على جبل جرزيم ولعنات العصيان من على جبل عيبال. أما الإصحاحات 28-30 فهي تتضمن نبوات مختصة بمستقبل إسرائيل. والخطاب الرابع يبدأه موسى بتشجيع بنى إسرائيل مرة أخرى على حفظ كلمات العهد والعمل بموجبها (1:29-20:30). وهو يذكرهم بأنهم إذا أطاعوا كلمته فسينعمون ببركات عظيمة: لأنه هو حياتك والذي يطيل أيامك (لاويين 20:30). وكان موسى قد تلقى أمرا بكتابة النشيد الذي أعطاه إياه الرب وتعليمه للشعب (19:31-22،30؛ 1:32-43). وتأتي الكلمات الأساسية "يطيع" و "يعمل" أكثر من 170 مرة في هذا السفر. وقد اقتبس الرب يسوع من هذا السفر بصفته الناموس المعطى من الله لبنى إسرائيل (متى 24:22،40؛ قارن مع تثنية 12:7 و 5:12) وأيضاً عندما جربه الشيطان (تثنية 3:8؛ متى 4:4؛ لوقا 4:4). وتوجد اقتباسات من سفر التثنية في 17 سفرا من أسفار العهد الجديد الـ 27. مقدمة سفر يشوع
سفر يشوع هو تكملة لتاريخ سفر التثنية وهو يغطي فترة قدرها 25 سنة. حتى هذه النقطة كان الرب قد سبق وتكلم بواسطة أحلام ورؤى أو خدمة وترتيب ملائكة. لكنه الآن تم إدخال طريقة جديدة. لقد أعطيت أسفار موسى الخمسة لتصبح بمثابة صوت الرب المكتوب: لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك بل تلهج فيه نهارا وليلا لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه لأنك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح (يشوع 8:1). توجد أربعة أقسام رئيسية في سفر يشوع: 1-عبور الأردن والاستعداد لامتلاك أرض الموعد (1:1 - 12:5): عندما حمل الكهنة تابوت العهد في نهر الأردن، أوقف الرب المياه حتى يمر بنو إسرائيل. وبعد عبورهم نـزل الشعب في الجلجال، بالقرب من شواطئ الأردن،حيث نصب يشوع 12 حجرا تذكاريا شهادة للأجيال التالية - لكي تعلم جميع شعوب الأرض يد الرب أنها قوية لكي تخافوا الرب إلهكم كل الأيام (24:4). 2-الاستيلاء على أرض كنعان (13:5 - 24:12): تبعا لتوجيهات الرب الدقيقة، اتجه جيش إسرائيل نحو أريحا. وتم الاستيلاء على المدينة وقتل جميع سكانها باستثناء راحاب وأسرتها بسبب إيمانها بإله إسرائيل، كما سبق وقيل لها (22:6-25؛ أيضاً 8:2-21). وبعد سيطرتهم على أريحا وعاي اتجه بنو إسرائيل شمالا إلى جبل عيبال بالقرب من بئر يعقوب حيث بنى يشوع مذبحا لتقديم محرقة وذبيحة سلامة. وقد قرئت بركات الطاعة بصوت عال على جبل جرزيم؛ كما قرئت على جبل عيبال اللعنات التي ستحل بالشعب في حالة ارتدادهم. كان هذا لتأسيس عهد إسرائيل مع الرب (30:8-35). وعقب الصلح مع الجبعونيين (1:9-27)، شن أدوني صادق ملك أورشليم حربا على جبعون - بالاشتراك مع أربعة ملوك هم ملك حبرون وملك يروموت وملك لخيش وملك عجلون، ولكن يشوع انتصر عليهم جميعا بفضل التدخل المعجزي من جانب الرب (1:10-4،11-14). وانتشرت أخبار الغزو الإسرائيلي نحو الشمال، فصنع يابين ملك حاصور اتحادا مع باقي الملوك وجيوشهم (1:11-4)، ولكن هؤلاء الملوك أيضاً لقوا هزيمة ساحقة على يد يشوع (16:11-23). 3-تقسيم الأرض (1:13 - 34:22): بعد الاستيلاء على كنعان، تم تخصيص مساحة محددة من الأرض لكل سبط. أما سبط لاوي فبدلاً من أن يمتلك مساحة مستقلة، فلقد أعطي 48 مدينة موزعة بين جميع الأسباط،بما فيهم سبطي رأوبين وجاد ونصف سبط منسى الذين بقوا على الجانب الشرقي من نهر الأردن. إن دخول إسرائيل واستيلائهم واستقرارهم في الأرض هو دليل على أمانة الرب في حفظ عهده مع إبراهيم إذ لم تسقط كلمة من جميع الكلام الصالح الذي كلم به الرب بيت إسرائيل بل الكل صار (43:21-45؛ 1:1-6). 4-خطاب يشوع الوداعي (1:23 - 33:24): جمع يشوع كل بني إسرائيل لكي يلقي عليهم خطابه الوداعي الذي فيه كرّر على مسامعهم كل ما عمل الرب (3:23). وقد عبر عن أقصى اهتمامه في هذا القول: فتشددوا جدا لتحفظوا وتعملوا كل المكتوب في سفر شريعة موسى حتى لا تحيدوا عنها يمينا أو شمالا (6:23). مقدمة سفر القضاة
يسرد سفر القضاة أجزاء من تاريخ إسرائيل، منذ موت يشوع حتى مجيء صموئيل، وهي فترة تبلغ حوالي 330 إلى 400 سنة. وعلى النقيض تماماً مع الفرح والنصرة والحرية المذكورة في سفر يشوع، نقرأ هنا للأسف عن الفشل والعبودية وعدم الإيمان. وتوجد ثلاثة أقسام رئيسية: (1) الأحوال في إسرائيل بعد موت يشوع (قضاة 1:1 - 23:2): لقد تجاهل بنو إسرائيل أمر الرب من جهة طرد جميع الكنعانيين المتبقين في أراضيهم (يشوع 18:17). ولكنهم لجأوا إلى المهادنة مكتفين بوضع الكثيرين منهم تحت أعمال السخرة أو الضرائب الباهظة. ولكن سرعان ما أدى هذا إلى التزاوج بينهم وبالتالي إلى عبادة آلهة الكنعانيين. وقد كانت هذه نقطة تحول في التحكم في أرض الموعد. فلقد سحب الرب حمايته، وتعرض بنو إسرائيل لغزو الشعوب الأخرى. (2) يأتي ذكر أربعة عشر رجلا، بمن فيهم أبيمالك، ونبية هي دبورة، قاموا بدور القيادة. هم عثنيئيل (5:3-11)؛ وإهود (12:3-30)؛ وشمجر (31:3)؛ودبورة/ باراق (1:4-11)؛ وجدعون (1:6 - 32:8)؛ وأبيمالك الذي لم يكن مدعوا قاضيا من الله ولكنه كان متسلطا شريرا نصبه بعض من بني أفرأىم ملكا (1:9-6)؛ وتولع (1:10-2)؛ ويائير (3:10-5)؛ ويفتاح (6:10 - 7:12)؛ وإبصان (8:12-10)؛ وإيلون (11:12-12)؛ وعبدون (13:12-15)؛ وشمشون (1:13 - 31:16). ويظهر أيضاً عالي الكاهن وصموئيل النبي كقاضيين في سفر صموئيل الأول. وعلى الأرجح أنه كان هناك قضاة أكثر من ذلك وأن فترات حكمهم كانت متداخلة حيث أن العديد من القضاة لم يكونوا يحكمون بالضرورة على كل الأسباط بل على منطقة محددة فقط حيث يكون الظلم واضحا. ولم تكن هناك حكومة مركزية، وقد تبع ذلك فترة من الظلام الروحي والفشل. والسبب الحقيقي لفشل إسرائيل هو أنه: كان كل واحد يعمل ما يحسن في عينيه (6:17؛ 25:21) - بمعنى أنهم تجاهلوا كلمة الله وأهملوا كونها السلطة النهائية التي تحكم سلوكهم. وتركّز أحداث سفر القضاة على سبع فترات ارتداد رئيسية فيها عمل بنو إسرائيل الشر في عينَيّ الرب (7:3،12؛ 1:4؛ 1:6؛ 33:8؛ 6:10؛ 1:13)، وفي كل مرة كانوا ينهزمون من أعدائهم، ويفقدون حريتهم ورخاءهم، ويتعرضون للفقر الشديد والمذلة. ولكن في كل زمن من أزمنة الضيق، كان الشعب يصلي إلى الرب فيقيم لهم الرب مخلصاً، فتعود الأرض وتتمتع بفترة قصيرة من السلام والرخاء (إصحاح 3-16). ويوضح لنا هذا السفر أن الطاعة لكلمة الله تجلب السلام في حين أن العصيان يجلب الموت. (3) الإصحاحات الباقية (17-21) ليست تكملة لتاريخ إسرائيل، لكنها تعطي فكرة عن الانحدار الأخلاقي والروحي أو الارتداد الكائن وسط الأسباط في ذلك الوقت. إن سفر القضاة ليس مجرد سجل لحروب نشبت بين بني إسرائيل وبين أعدائهم. فإن الهدف الرئيسي من السفر هو أن يبين أنه متى أهملت كلمة الله فلا بد أن تحدث مهادنات مع العالم من أجل "المصالح" الذاتية والاجتماعية والاقتصادية مقدمة سفر راعوث
حدثت أحداث سفر راعوث على الأرجح أثناء فترة من الهدوء في أيام حكم القضاة (راعوث 1:1). وتبدأ القصة بأبيمالك وزوجته نعمي وابنيه محلون وكليون يعيشون في بيت لحم ويواجهون مجاعة شديدة. وربما أثناء وقوفهم في حقولهم في جبال يهوذا، كان في إمكانهم أن يلقوا بأنظارهم على أرض موآب ويروا وفرة محصولها. لذلك قرروا أن يتركوا ميراثهم المعطى لهم من الله ويذهبوا ليتغربوا في بلاد موآب إلى حين تنتهي المجاعة (2:1). لكن الكوارث لاحقتهم طوال مدة إقامتهم هناك التي استمرت 10 سنوات (4:1). فقد مات أليمالك، ومات أيضاً الابنان اللذان كانا قد تزوجا من امرأتين موآبيتين هما عرفة وراعوث. وهكذا تُركت الأرامل الثلاث بلا وريث يحمل اسم العائلة. بعد ذلك سمعت نعمي أن بيت لحم قد سادها الرخاء مرة أخرى، فقامت هي وكنتاها عرفة وراعوث وبدأن رحلتهن القصيرة نحو بيت لحم. ولكن عرفة سرعان ما عادت إلى شعبها وإلهها الوثني كموش، أما راعوث فالتصقت بالرب، الله الواحد الحقيقي، فقالت لنعمي: حيثما ذهبت أذهب،وحيثما بت أبيت، شعبك شعبي وإلهك إلهي (14:1-16). فعادت راعوث مع نعمي إلى بيت لحم في الربيع في وقت حصاد الشعير. وكانت نعمي قد شاخت عن أن تعمل في الحقل ولكن راعوث طلبت من حماتها أن تسمح لها أن تلتقط وراء الحصادين - إذ كان من حق الفقراء أن يجمعوا ما يتبقى في الحقل بعد أن يحصده الحصادون. ومن عناية الله أنها بدأت عملها في حقل يمتلكه بوعز، وهو من شيوخ اليهود وذو قرابة لحميها المتوفي أليمالك. ولكن في هذا الوقت لم يكن أي منهما يعرف شيئاً عن هذه القرابة. وقد أصبحت راعوث معروفة باجتهادها في العمل، وأيضاً بأنها تعول حماتها المسنة نعمي (11:2،18). ومع مرور الوقت أصبح معروفا أن زوج راعوث السابق تربطه صلة قرابة مع بوعز الثري. وفي وقت الحصاد، ذهبت راعوث بناء على مشورة نعمي واضطجعت عند قدمي بوعز إذ كان نائما بالقرب من البيدر وطلبت منه أن يبسط غطاءه عليها. وقد فهم بوعز تماماً ما الذي تعنيه بحسب الناموس طلبة راعوث الأرملة. فلقد كانت تقع عليه مسئولية الزواج من نعمي لإقامة نسل لاسم أليمالك المتوفي. ولكن نعمي كانت قد شاخت فطلبت من راعوث أن تأخذ مكانها بصفتها أرملة ابن أليمالك. وكان الناموس يلزم بوعز بتحمل مسئوليتهما بصفته الولي الذي من حقه أن يفك (أي القريب الذي من حقه أن يفدي)، من أجل حماية ميراث الرجل المتوفي. فقال بوعز للشيوخ... أني قد اشتريت كل ما لأليمالك... وكذا راعوث الموآبية... قد اشتريتها لي امرأة لأقيم اسم الميت على ميراثه ولا ينقرض اسم الميت من بين إخوته (راعوث 9:4-10؛ لاويين 25؛ تثنية 6:7-8؛ 3:23-4؛ 5:25-10). فأنجبت راعوث ابنا لبوعز وصارت نعمي مربية له. ودعون اسمه عوبيد، هو أبو يسى أبي داود [الذي من نسله جاء يسوع المسيح] (راعوث 17:4). ويبين سفر راعوث نعمة الرب من جهة اختياره لفتاة موآبية لتصبح واحدة من بين امرأتين سمي باسمهما سفران في الكتاب المقدس، وواحدة من بين أربع نساء ذكرن في سلسلة نسب يسوع المسيح (متى 5:1-6،16) مقدمة سفر صموئيل الأول
سفر صموئيل الأول هو تكملة لسفر القضاة، ولكنه أيضاً بداية عصر جديد في التاريخ العبري. ويغطي هذا السفر مرحلة التحول من زمن القضاة، عندما كان الرب يقود الحكم من خلال الأنبياء، إلى النظام الملكي الذي أدى في النهاية إلى سقوط الأمة. ونجد سردا تفصيليا لقيام وسقوط المملكة الإسرائيلية في أسفار صموئيل الأول والثاني وملوك الأول والثاني وأخبار الأيام الأول والثاني. ويغطي سفر صموئيل الأول فترة حوالي 120 سنة - ابتداء من ولادة صموئيل وحتى موت شاول، أول ملوك إسرائيل. بعد موت عالي وهزيمة بني إسرائيل على يد الفلسطينيين، أصبح صموئيل كاهنا ونبيا، ثم آخر وأعظم قاضٍ على إسرائيل. فقد اشتهر بصفته المصلح الروحي لزمنه، الذي علّم شعبه كلمة الله بأمانة وقادهم إلى أعلى مستويات الطاعة لله والتقوى في العبادة التي لم تحدث منذ أيام يشوع. لقد أسس صموئيل أول مدرسة للأنبياء. ونتيجة لذلك بدأت رأىة إسرائيل ترتفع بين الأمم. كان صموئيل هو أول من وحد جميع الأسباط في مملكة واحدة. ولكنه عندما تقدم في السن، جاء إليه جميع شيوخ إسرائيل إلى الرامة وذكروه كيف أن ابنيه لا يصلحان أن يأخذا مكانه في القيادة، وطلبوا منه أن يجعل لهم ملكا... كسائر الشعوب (1 صموئيل 5:8). وحيث أن الفلسطينيين كانوا يمثلون تهديدا مستمرا من الجانب الغربي والعمونيين من الجانب الشرقي (9:12،12)، قرر بنو إسرائيل أنهم يحتاجون إلى ملك. وهذا يبين ضعف إيمانهم بالله، الذي كان ملكهم الحقيقي. لقد نسوا أنه بعد موت عالي، تدخل الله وهزم الفلسطينيين عندما قاد صموئيل الشعب في الصلاة. ونسوا أيضاً أن موسى كان قد حذرهم من جهة هذه الطلبة (تثنية 14:17-20). ولكن الله كلم صموئيل قائلاً: اسمع لصوتهم وملك عليهم ملكا (1 صموئيل 22:8)، لأنهم لم يرفضوك أنت بل إياي رفضوا حتى لا أملك عليهم (7:8). وبحسب المظهر الخارجي،كان شاول أجمل وأطول من كل الشعب (2:9). وكما هو الحال دائما، فإن رحمة الله ورأفته فاقت جميع التوقعات إذ أعطاه قلبا آخر.. وحل عليه روح الله (6:10-10). كذلك فإن الرب قد مس قلب جماعة من الرجال البواسل لكي يتبعوه بأمانة (26:10). وابتدأ ملك شاول بانتصار عسكري مجيد (6:11-13). ولكن بمجرد أن استقر على عرشه، بدأت تظهر في حياة شاول نقاط ضعف خطيرة جعلت صموئيل يوبخه بشدة قائلاً: لأنك رفضت كلام الرب رفضك من الملك (23:15،26). وقد كانت هذه هي نقطة التحول في حياة شاول، إذ نقرأ بعد ذلك: وذهب روح الرب من عند شاول (14:16). وأمر الرب صموئيل بأن يمسح داود ملكا. وإذ كان داود يزداد شعبية في أعين الشعب، كان شاول يزداد غيرة. وبسبب غيرته وإرادته العنيدة، قام شاول بمحاولات عقيمة لقتل داود في ثلاث مناسبات. واضطر داود أن يعيش مختبئا حتى وقت موت شاول في المعركة المأسوية على جبل جلبوع (إصحاح 16-31). مقدمة سفر صموئيل الثاني
يسجل سفر صموئيل الثاني فترة الأربعين سنة التي ملك فيها داود. فبعد موت شاول قام سبط يهوذا فورا بتنصيب داود ملكا عليهم. كان داود ابن ثلاثين سنة حين ملك وملك أربعين سنة. في حبرون ملك على يهوذا سبع سنين وستة أشهر (2 صموئيل 4:5-5). ولكن ابنير قائد جيوش شاول قاد الأسباط الأخرى لقبول إيشبوشث ابن شاول ملكا عليهم. وبعد مقتل إيشبوشث، اعترف سائر الأسباط بداود قائلين: قد قال لك الرب أنت ترعى شعبي إسرائيل وأنت تكون رئيسا على إسرائيل (2:5) - وهكذا اعترفت جميع الأسباط بداود ملكاً على المملكة الموحدة. وكانت أولى معاركه ضد اليبوسيين الذين كانوا لا زالوا يسيطرون على يبوس (أورشليم) (1 أخبار 4:11-5). وقد نقل داود عاصمته من حبرون إلى أورشليم وعاش في منطقة صهيون الحصينة. بعد ذلك تلقى داود نبوة عن المسيا: كرسيك يكون ثابتا إلى الأبد (2 صموئيل 11:7-16). وقد أكد إشعياء فيما بعد الحقيقة بأن المسيا سيكون من نسل داود قائلاً: لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن إلى الأبد (إشعياء 7:9؛ 1:11؛ إرميا 5:23؛ حزقيال 25:37). وقد أنبأ أيضاً الملاك جبرائيل العذراء مريم قائلاً: هذا يكون عظيما وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه، ويملك على يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية(لوقا 32:1-33). وخلال العشرين سنة الأولى من ملكه انتصر داود على الفلسطينيين في الغرب؛ والأشوريين في الشمال؛ والعمونيين والموآبيين في الشرق؛ والأدوميين والعمالقة في الجنوب (2 صموئيل 8-10). ولم ينهزم داود أبدا. وكان السر وراء انتصاراته المذهلة أنه كان دائما يطلب الرب قبل أن يتقدم نحو الأعداء فأصبح يُعرف بأنه رجل بحسب قلب الله (1 صموئيل 14:13؛ قارن مع أعمال 22:13). إن أوقات الرخاء والراحة تكون دائما أوقات خطر وتعرض للتجارب. ولم يُستثنَ داود رجل الله من هذه القاعدة. فقد سقط في التجربة في أحد أوقات الاسترخاء عندما ألقى ببصره من أعلى قصره فرأى بثشبع الجميلة وهي تستحم، وقاده ذلك إلى ارتكاب الخطية العظمى الوحيدة في حياته. ثم ندم داود على خطيته أشد الندم، ويمكننا أن نقرأ عن توبته الصادقة واعترافه بهذه الخطية في مزمور 51. ولكن خطية داود أدت إلى كثير من المعاناة خلال العشرين سنة الأخيرة من ملكه. لقد غُفرت خطيته، لكنه كما هو الحال دائما فإن نتائج الخطية لا يمكن تجنبها. مقدمة سفر ملوك الأول
يغطي ملك سليمان الإصحاحات الإحدى عشر الأولى من سفر الملوك الأول. أما الإصحاحات 12-22 فتغطي حوالي 80 سنة من المملكة المنقسمة. خلال هذه المدة ملك أربعة ملوك على يهوذا وثمانية ملوك على إسرائيل. بافتتاح سفر الملوك الأول كان داود قد ملك حوالي 40 سنة. وكان قد تقدم في السن وضعفت صحته. وكان أدونيا ابنه الأكبر قد تآمر مع يوآب رئيس الجيش، وأبياثار رئيس الكهنة، ليجعل من نفسه ملكا. ولكن النبي ناثان حذر داود من هذه المؤامرة؛ فتم في الحال تنصيب سليمان ملكا. وكانت كلمات داود الأخيرة لسليمان شبيهة بكلمات موسى ليشوع: احفظ شعائر الرب إلهك إذ تسير في طرقه وتحفظ فرائضه وصاياه وأحكامه وشهاداته... لكي تفلح في كل ما تفعل وحيثما توجهت (1 ملوك 3:2). وقد أطاع يشوع النصيحة، ولكن سليمان لم يأخذها على محمل الجد. لقد تكلم الرب مع سليمان في حلم، إذ رأى سليمان نفسه طالباً حكمة؛ وأجابه الرب: إن سلكت في طريقي وحفظت فرائضي ووصاياي كما سلك داود أبوك فإني أطيل أيامك. فاستيقظ سليمان وإذا هو حلم (14:3-15). وبعد بناء الهيكل، كلم الرب سليمان مرة أخرى قائلاً: إن سلكت في فرائضي وعملت أحكامي وحفظت كل وصاياي للسلوك بها، فإني أقيم معك كلامي الذي تكلمت به إلى داود أبيك (12:6). وفيما بعد ظهر الرب مرة أخرى لسليمان وحذره بهذا التحذير: إن كنتم... لا تحفظون وصاياي... فإني أقطع إسرائيل عن وجه الأرض... والبيت الذي قدسته لاسمي أنفيه من أمامي (6:9-7). ولكن يا للأسف! فإن سليمان لم يأخذ هذا التحذير على محمل الجد. وقرب انتهاء ملكه الذي دام 40 سنة نقرأ هذا القول: فغضب الرب على سليمان لأن قلبه مال عن الرب. وبعد ذلك صدر الحكم: من أجل أن ذلك عندك ولم تحفظ عهدي...فإني أمزق المملكة عنك (9:11،11). وبعد موته بأيام قليلة، تم تقسيم المملكة. فملك رحبعام ابن سليمان على يهوذا وبنيامين. وقد استمرت المملكة الجنوبية لمدة 345 سنة تقريباً إلى أن دمرها نبوخذنصر. أما الأسباط العشرة الباقية فاتحدت تحت حكم يربعام وكونت المملكة الشمالية. وأسس يربعام مركزين جديدين للعبادة - الواحد في دان شمالا والآخر في بيت إيل جنوبا. وقد اشتهر باسم يربعام ابن ناباط الذي جعل إسرائيل يخطئ (2 ملوك 3:3؛ 29:10). عند هذه النقطة، ظهر إيليا فجأة في المشهد (1 ملوك 1:17-22- 2 ملوك 2). وتبعه أليشع (1 ملوك 16:19 - 2 ملوك 15:13-20). وقد اشتهرا كليهما بنبواتهما إلى المملكة الشمالية مقدمة سفر ملوك الثاني
باستثناء شاول، فإن كل ملوك يهوذا وإسرائيل مذكورون في سفري الملوك. فإن هذين السفرين يحكيان قصة الانحدار الخطير في مملكتي إسرائيل ويهوذا. وتركز الإصحاحات السبعة عشر الأولى من سفر الملوك الثاني على مملكة إسرائيل الشمالية، أما الإصحاحات الباقية فهي مخصصة لمملكة يهوذا الجنوبية. وقد ظل رحبعام ملكا على المملكة الجنوبية مع سبطي يهوذا وبنيامين. وترك أغلبية اللاويين المملكة الشمالية وظلوا أمناء للعبادة التي حددها الله في الهيكل في أورشليم (1 ملوك 20:12-21). وفي الإصحاح الأخير، تعرضت أورشليم للدمار وأحرق الهيكل. وتم سبي السكان وتشتيتهم في كل أنحاء بابل؛ أما الطبقات الفقيرة الذين سُمح لهم بالبقاء في وطنهم فقد هربوا إلى مصر آخذين معهم إرميا كرهينة. وكان الأنبياء من العلامات المميزة لفترة حكم الملوك. فقد كانوا يكشفون للأمة خطاياها ويناشدون الشعب بأن يرجعوا إلى الرب وإلا فإنهم سيواجهون الهزيمة والدينونة. وأشهر نبيين في سفر الملوك الثاني هما إيليا وأليشع. وأخذ أليشع رداء إيليا ونال بركة مضاعفة من روح إيليا فأجرى 16 معجزة بينما أجرى إيليا ثمان معجزات. وقد حكم 19 ملكا على إسرائيل خلال تاريخه الذي استمر 210 سنوات كمملكة منقسمة، ولكن لم يكن أي منهم عابدا حقيقياً للرب. وكان سبطا رأوبين وجاد ونصف سبط منسى يشغلان الأرض على الجانب الشرقي من نهر الأردن على حدود أرض الموعد وكانوا أول من انهزم أمام الأشوريين (1 أخبار 25:5-26). وقد حكم ستة ملوك على إسرائيل خلال الـ 18 سنة الأخيرة قبل سقوط السامرة. وأصبح بنو إسرائيل بالفعل تحت سيطرة الدولة الأشورية وكانوا يدفعون جزية ثقيلة لكي يستمروا في البقاء. وعندما قام هوشع بقتل فقح أصبح هو الملك التاسع عشر والأخير على إسرائيل (2 ملوك 30:15). وفي السنة التاسعة لهوشع، مات الملك الأشوري تغلث فلاسر، وملك من بعده شملنأسر الخامس. وانتهز هوشع هذه الفرصة ليعلن استقلاله ويوقف الجزية التي كان يدفعها للأشوريين. وفي نفس الوقت كان يتوقع أن تسانده مصر للحفاظ على استقلاله. ولكن الملك الأشوري شلمنأسر صعد على إسرائيل، وبعد حصار دام ثلاث سنوات، سقطت السامرة، وألقي بهوشع في السجن (2 ملوك 4:17). وقد تم سبي معظم الشعب إلى مختلف أنحاء الإمبراطورية الأشورية. وجيء بأسرى آخرين إلى السامرة، حيث تزاوجوا مع القلة الباقية من الإسرائيليين، وأصبحوا يعرفون بالسامريين. وكان اليهود يحتقرونهم (يوحنا 9:4). وقد حكم مملكة يهوذا الصغرى في الجنوب (2 ملوك 18-25) أيضاً 19 ملكا - بالإضافة إلى الملكة عثليا التي اغتصبت العرش، وجدليا الذي تم تعيينه حاكما ولكنه قتل بعد بضعة شهور (1:11-16؛ 22:25-25). وقد استمرت كأمة لمدة حوالي 136 سنة بعد سقوط المملكة الشمالية. أضف إلى ذلك الفترة التي ملك فيها شاول وداود وسليمان، كل منهم 40 سنة، وبذلك تكون الأمة اليهودية قد استمرت حوالي 466 سنة. وقد كان بعض الملوك المتميزين - مثل داود، ويهوشافاط، وحزقيا، ويوشيا - رجالا أتقياء وكانوا أمناء لكلمة الله. ولكن الارتداد وعبادة الأوثان التي أدخلها سليمان استمرت في الانتشار وسط الأمة. وفي النهاية، أصبح نبوخذنصر هو الأداة التي استخدمها الله لتوقيع قضائه بتخريب أورشليم، والهيكل، وأرض يهوذا (1:25-13؛ إرميا 12:52-17). وبذلك تحققت نبوات الرب مقدمة سفر أخبار الأيام الأول والثاني
تغطي أسفار صموئيل الأول والثاني والملوك الأول والثاني نفس الفترة التاريخية تقريباً التي يغطيها سفرا أخبار الأيام الأول والثاني. ولكن سفري الملوك يقدمان التاريخ السياسي لإسرائيل ويهوذا، بينما يقدم سفرا أخبار الأيام الأول والثاني التاريخ الديني فقط ليهوذا. وتعتبر يهوذا وأورشليم والهيكل، من المواضيع الأساسية في سفري أخبار الأيام - أما تاريخ الأسباط العشرة فيأتي فقط مصادفة. والفكرة المحورية في هذين السفرين هي أن المكانة الذي نعطيها للرب في حياتنا هي التي تحدد تقدمنا أو انحدارنا. وهذا المرجع التاريخي لا يؤكد فقط على محبة الله لشعبه، وإنما يشير أيضاً إلى أنه عندما أكرم الشعب الله تحقق له الرخاء. وعندما كانوا غير أمناء للرب، سحب حضوره من وسطهم فكانت الهزيمة محققة (2 أخبار 5:26؛ 6:27). تسجل أسفار الكتاب المقدس من التكوين إلى الملوك الثاني سلسلة من الأحداث منذ خلق آدم حتى سبي يهوذا. ولكن سفري أخبار الأيام الأول والثاني كتبا بعد السبي البابلي - على الأرجح بواسطة عزرا. والإصحاح الثاني بأكمله مخصص لنسل يهوذا، الذين حصلوا على مكان مميز لأن المسيا الموعود به سيأتي من هذا السبط (تكوين 8:49-12). ويبدأ سفر أخبار الأيام الأول بأطول قائمة اسماء لسلسلة نسب مسجلة في الكتاب المقدس وهي تغطي فترة تاريخية تبلغ حوالي 3500 سنة (الإصحاحات 1-9). وترجع أهمية الأنساب إلى أنها تسمح بتتبع خط العائلة التي من خلالها سيتمم الله خطة الفداء. يبدأ السجل بآدم حتى داود الذي من خلاله سيأتي المسيا. وقد أصبحت هذه العائلات هي حلقة الوصل التي ترتبط بسلسلة نسب المسيح المسجلة في إنجيلي متى ولوقا. وقد حذفت العديد من الاسماء، لكن الاسماء المسجلة هي تلك المرتبطة بالنبوات عن المخلص الموعود به. يأتي ذكر معركة شاول الأخيرة وموته في إصحاح 10. وتغطي بقية الإصحاحات (11-29) الفترة التي ملك فيها داود وهي تقدم صورة للحكومة التي تكرم الرب. ينتهي سفر أخبار الأيام الأول بموت داود ويكمل سفر أخبار الأيام الثاني تاريخ نسله ابتداء من سليمان. وهو يسجل انقسام المملكة في زمن رحبعام، ويغطي تاريخ مملكة يهوذا الجنوبية حتى سبي الشعب إلى بابل. وتحتوي الأعداد الأخيرة على البيان الذي أصدره كورش والذي بموجبه صار مسموحا لليهود أن يرجعوا إلى أورشليم كما سبق وأنبأ به إرميا (2 أخبار 22:36-23؛ إرميا 10:29-14). كانت فترة حكم سليمان هي العصر الذهبي لإسرائيل؛ ولكن انغماسه في أساليب المتعة والترف التي أتاحها النجاح الكبير الذي حققه داود، أدى إلى إهماله ثم رفضه لكلمة الله. وكانت النتيجة الحتمية هي انقسام ثم دمار هذه الأمة المجيدة (1 ملوك 11:11-13). لم يظهر أي نبي خلال فترة الملك سليمان. ويتكلم الجزء الأكبر من الإصحاحات التسعة الأولى من أخبار الأيام الثاني عن بناء الهيكل في أورشليم على جبل المريا. وقد بُني طبقا لنموذج خيمة العبادة (إصحاح 3-4). وأُكمل العمل في السنة الحادية عشرة من ملك سليمان (إصحاح 5؛ قارن مع 1 ملوك 38:6) ودشنه سليمان بواسطة واحدة من أطول الصلوات في الكتاب المقدس (إصحاح 6). ويحكي باقي سفر أخبار الأيام الثاني عن ملوك يهوذا، وانحدار الأمة من الناحية الأخلاقية والروحية. وينتهي السفر بسقوط أورشليم والدمار النهائي للهيكل (إصحاحات 10-36). مقدمة سفر عزرا
في الليلة التي أقام فيها بيلشاصر، ملك الكلدانيين، احتفالا للقادة البارزين في إمبراطوريته، أمر بتعيين دانيال حاكما متسلطا ثالثا في المملكة (دانيال 29:5). وكان دانيال في هذا الوقت قد بلغ على الأقل التسعين من عمره. في نفس تلك الليلة، استولى على المدينة داريوس المادي، وهو النائب الوصي على عرش كورش ملك فارس. ولم يكن هذا أمرا مدهشا لدانيال، الذي كان ينتظر بإيمان نهاية سبي إسرائيل الذي استمر 70 سنة، طبقا لنبوة إرميا (إرميا 11:25-12؛ 10:29). وطبقا لنبوة إشعياء، فإن كورش هو الشخص المعين لإطلاق سراح اليهود (إشعياء 28:44؛ 1:45-4). وبعد موت بيلشاصر، أمر داريوس بتعيين دانيال ليكون واحدا من الرؤساء الثلاثة على المملكة. وبعد ذلك أمر داريوس بأن يكون دانيال مشرفا على الـ 120 قائد الآخرين في مجال اختصاصه. وبعد وصول كورش إلى المدينة، يبدو أن دانيال قد أراه أن اسمه مكتوب في سفر إشعياء. وبلا شك أن كورش قد اندهش عندما رأى أن دخوله إلى مدينة بابل وانتصاره على بيلشاصر هو أمر قد سبق التنبؤ به من قبل أن يولد بحوالي 200 سنة. فلا عجب أن تنبه قلبه، وأطلق نداء في كل مملكته، قائلاً إن الرب إله السماء أوصاني أن ابني له بيتا في أورشليم (عزرا 1:1-2). وبالإضافة إلى ذلك، فإن الملك كورش أعاد جميع الآنية من الذهب والفضة التي كان نبوخذنصر قد أخذها من الهيكل في أورشليم (7:1-11). وكان معظم الجيل القديم الذي قاده نبوخذنصر إلى السبي قد ماتوا في ذلك الوقت. وكان الجيل الجديد من اليهود قد تربوا في أرض السبي ولم يكن لديهم الدافع القوي للرجوع إلى وطنهم الذي لم يروه من قبل. ومع ذلك فإن كثيرين قد عادوا إلى أورشليم. ويسجل عزرا أن البعثة الأولى (إصحاح 1-2) قد تضمنت 42360 يهوديا بالإضافة إلى 7337 من العبيد، وكانت تحت قيادة زربابل، حفيد الملك يكنيا [والذي يعرف أيضاً باسم يهوياكين] (عزرا 64:2-65؛ 1 أخبار 17:3-19). وبمجرد وصولهم إلى أورشليم، قاموا ببناء مذبح واحتفلوا بعيد المظال. واستغرق الأمر حوالي سنتين لإكمال أساسات الهيكل، ولكن العمل توقف بعدها بسبب المقاومة (عزرا 3-4). وبعد حوالي 14 سنة، كنتيجة للمناداة بكلمة الله كما هي مسجلة في سفري حجي وزكريا، بدأ اليهود من جديد يبنون بيت الله وأكملوه في حوالي خمس سنوات، على الرغم من المقاومة الشديدة (إصحاح 5-6). وتغطي الستة إصحاحات الأولى من سفر عزرا العشرين سنة الأولى بعد رجوع زربابل. وبين الإصحاحين 6 و 7 توجد فترة حوالي 60 سنة. أثناء هذه المدة، وقعت الأحداث المسجلة في سفر أستير، وأيضاً مات زربابل وربما حجي وزكريا. وتسجل الإصحاحات 7-10 الأحداث التي وقعت بعد حملة زربابل بحوالي 80 سنة. في ذلك الوقت قاد عزرا حوالي 1800 رجلا، غير النساء والأطفال (حوالي 5000 شخصا) من بابل عاصمة فارس إلى أورشليم. مقدمة سفر نحميا
كان نحميا، وهو يهودي، يشغل منصبا مكرّما إذ كان ساقي الملك أرتحشستا، ملك الإمبراطورية الفارسية. وقد كان هذا المركز يدل على الثقة العظيمة، وهو شيء يحسده عليه الجميع لأنه لا يوجد شخص آخر في المملكة له مثل هذه العلاقة الوثيقة بالملك بصفته الساقي الشخصي له. ولكن نحميا كان واحدا من المسبيين الأمناء الذين كانت قلوبهم في أورشليم (مزمور 4:137-6). فإن مركزه الاجتماعي وملذاته الشخصية وثروته المادية لم تكن لها الأولوية في تفكيره. ولكن اهتمامه الأول كان بأورشليم وبعبادة الله الواحد الحقيقي. على مدى أكثر من 100 سنة كان يبدو من المستحيل إعادة بناء أسوار أورشليم (2 ملوك 8:25-11). فالبقية اليهودية الذين عادوا إلى هناك لم يكونوا أغنياء، والأعداء الدائمين من الشعوب المحيطة كانوا يدخلون بسهولة ويسرقون المحاصيل وغيرها من الممتلكات. كانت حوالي 14 سنة قد مرت منذ أن قاد عزرا حملته إلى أورشليم، عندما تلقى نحميا بلاغا عن الفقر الروحي والمادي السائد هناك. يقول نحميا: فلما سمعت هذا الكلام جلست وبكيت ونحت أياما وصمت وصليت أمام إله السماء (نحميا 4:1). وقد نتج عن صلوات نحميا أن ملك فارس سمح له بالرحيل وعيّنه حاكما على اليهودية وأعطاه تصريحا بإعادة بناء الأسوار (نحميا 5:2-7؛ 14:5). وقد واجه نحميا مقاومة شديدة من الأعداء المحيطين. بل إن بعض الأشخاص المرموقين في أورشليم رفضوا أن يتعاونوا معه (نحميا 19:2؛ 5:3؛ 1:4-12). ولكن بالصلاة المستمرة والإيمان بالله، قاد نحميا الشعب لإكمال الأسوار في زمن قياسي هو 52 يوما (نحميا 15:6). وبعد أن كمل بناء الأسوار، اجتمع الشعب أمام عزرا ليقرأ لهم من سفر الشريعة. فأتى عزرا الكاتب بالشريعة... وقرأ فيها... من الصباح إلى نصف النهار (نحميا 1:8-14). وفي اليوم التالي جاء القادة إلى عزرا من أجل مزيد من الفهم. وقد نتج عن ذلك أنهم احتفلوا بعيد المظال. وكان يقرأ في سفر شريعة الله يوما فيوما من اليوم الأول إلى اليوم الأخير. وعملوا عيدا سبعة أيام (نحميا 18:8). وأدى ذلك إلى مزيد من الصلاة والاعتراف والصوم والتعاهد مع الله (إصحاح 8-11). بعد ذلك رجع نحميا على الأرجح إلى البلاط الملكي في فارس وظل هناك ما يقرب من 12 سنة. وأثناء غياب نحميا عن أورشليم (نحميا 6:13)، زحفت الشرور إليها ولاقت قبولا. ولكن عندما عاد نحميا أمكنه تحويل الأمة مرة أخرى عن هذه الشرور وأعاد تأسيس العبادة الحقيقية (نحميا 7:13-31). لم يكن عمل نحميا سهلا وإنما كان مليئا بالمخاطر (نحميا 12:4-14،17-23؛ 2:6-4،1-13). ولكن نحميا وعزرا اجتهدا كلاهما في توضيح كلمة الله للشعب وفي متابعتها بالتطبيق (نحميا 8:8،13،18؛ 1:13-30). وقام عزرا ونحميا بتدشين أسوار أورشليم (نحميا 27:12-43)، واستمر نحميا حاكما على أورشليم. إن تقوى وإخلاص هذين الرجلين يجب أن يكونا حافزين لكل الذين يهمهم أن شعب الله ينفصل عن الخطية ويعيش من أجل إكرام وتمجيد الرب. مقدمة سفر استير
سفر أستير هو آخر الأسفار التاريخية الـ 17 في العهد القديم. وهو يتضمن ما يقرب من 12 سنة من تاريخ اليهود الذين ظلوا في بلاد فارس بعد انقضاء مدة السبي التي امتدت 70 سنة. ومعظم هؤلاء اليهود كانوا قد ولدوا في السبي وبالتالي لم يكن لهم ولاء لأورشليم. وعلى الأرجح أنهم لم يدركوا الأهمية النبوية للجنس اليهودي. يرجح أن أحداث سفر أستير وقعت بعد حوالي 40 سنة من إعادة بناء الهيكل وقبل إعادة بناء أسوار أورشليم بما يقرب من 30 سنة. ومن المرجح جدا أن تكون أستير هي التي مهدت الطريق لنحميا ليصبح ساقي الملك وأتاحت له الفرصة ليعيد بناء أسوار أورشليم ويتمم عمله في أورشليم. وعلى الرغم من أن اسم الله لا يرد في هذا السفر وكذلك أيضاً كلمة "صلاة"، إلا أن الهدف من هذا السفر هو بيان سلطة الله غير المنظور وقدرته المطلقة على التحكم في حكام هذا العالم وتنفيذ مقاصده. إن الله لديه دائما الشخص الصحيح في المكان الصحيح وفي الوقت الصحيح - وحتى إذا فشل كل البشر في عمل إرادته، فإنه يقدر أن يتكلم من خلال حمار كما حدث مع بلعام (عدد 28:22-31)، أو إذا لزم الأمر فإنه يقدر أن يجعل الحجارة تصرخ (لوقا 40:19) كما قال يسوع لناقديه، وإذا احتاج إلى عون فإن لديه تحت أمره أكثر من اثني عشر جيشا من الملائكة (متى 53:26). ولكن الله اختار أن يتمم إرادته من خلال خدامه المختارين - أولئك الذين يعترفون باعتمادهم الكامل عليه. إن أحداث هذا السفر لم تحدث بالصدفة، لأننا نجد أن الصوم - والذي يتضمن أيضاً الصلاة - يمثل جزءا هاما في إتمام خطة الله من خلال عبديه مردخاي وأستير (أستير 3:4-4،16-17). إن الصلاة القوية مثل تلك التي رفعها مردخاي، الذي صرخ صرخة عظيمة مرة (أستير 1:4-3)، كانت دائما مصحوبة بالصوم كوسيلة للاقتراب أكثر من الرب والابتعاد أكثر عن شهوات العالم (قارن متى 21:17؛ مرقس 29:9). تبين لنا أسفار عزرا ونحميا وأستير أنه لا توجد أوضاع مستعصية وأن الله يستطيع أن يسيطر على عمل العدو ويحقق إرادته بكل تفاصيلها من خلال شبعه. مقدمة سفر أيوب
يحظى الرجل المسمى أيوب بتقدير عظيم سواء في العهد القديم أو الجديد. فإن الله نفسه يقول: إن كان فيها هؤلاء الرجال الثلاثة نوح ودانيال وأيوب فإنهم إنما يخلصون أنفسهم ببرهم يقول السيد الرب (حزقيال 14:14،16،18،20). وفي العهد الجديد يقول: قد سمعتم بصبر أيوب ورأىتم عاقبة الرب، لأن الرب كثير الرحمة ورؤوف (يعقوب 11:5). إن "أرض عوص" ليست محددة الموقع بالضبط، ولكن في تكوين 23:10 و 20:22-22 نجد علاقة بين عوص وبين الآراميين. فهي على الأرجح تقع شرق إسرائيل بالقرب من الصحراء العربية، إلى الجنوب الشرقي من الجزء الأسفل من نهر الأردن والبحر الميت، ولكن نحو الجنوب من موآب وأدوم. وهي تقع في منطقة القبائل التيمانية والشوحية والنعماتية وأيضاً البوزية (أيوب 11:2؛ 2:32). وهي أيضاً على مسافة تسمح بشن الغارات من السبأيين والكلدانيين (أيوب 15:1،17). ولا يهم الموقع بالضبط بالمقارنة مع المفاهيم الروحية الفائقة الأهمية من جهة فهمنا وتقبلنا للظروف في ضوء سيادة الله التي لا تخطئ في كل أمور حياتنا. يفتتح هذا السفر بقصة قصيرة عن رجل تقي صاحب ثروة عظيمة اسمه أيوب - أعظم كل بني المشرق... رجل كامل ومستقيم يتقي الله ويحيد عن الشر (أيوب 3:1؛ 3:2). وفي الإصحاحين الأولين نقرأ عن شكوى الشيطان ضد أيوب وعن المآسي الرهيبة التي سمح بها الرب لأيوب. في سفر أيوب نرى أفكار الله والشيطان وأيوب وزوجته وأصدقائه الثلاثة وأليهو. وأثناء قراءتك لكل إصحاح حاول أن تفرق بدقة بين حكمة أيوب، وبين أقوال أصدقائه التي على الرغم من حسن النية فيها إلا أنها غير دقيقة ومضللة. وقد مدح الرب أيوب لكونه قد تكلم بالصدق، ولكنه قال عن أصدقاء أيوب أنهم لم يقولوا الصواب كعبده أيوب (أيوب 7:42). ويوضَع أيوب على قدم المساواة مع نوح ودانيال من جهة العمق الروحي والصدق والولاء لله. فلا عجب إن كان أصدقاؤه الثلاثة قد استخدموا بمثل هذه القوة لتشويه الحقيقة وتصوير أيوب بأنه خاطئ ومرتبك ومشوش. نعم إن الشيطان يسعى إلى تشويه الحقائق بخصوص المؤمنين، بل إنه استخدم يهوذا والقادة الدينيين لأجل تسليم ابن الله الكامل وصلبه. إن هذا السفر يكشف بوضوح أن الشيطان هو المسبب لجميع الآلام. وهو يحاول أن يخدع الناس من جهة من هو المسئول عن النكبات وبذلك فهو يسعى إلى تقويض ولائنا ومحبتنا لله. تكشف أقوال أصدقاء أيوب عن فساد التفكير البشري ما لم يكن منقادا بالكتاب المقدس. وسوف تلاحظ في قراءة كل يوم ليس فقط تزايد الألم لدى أيوب، بل أيضاً تزايد تمييزه الروحي. وفي الإصحاحات الختامية (38-42)، يعلن الله حكمته ويزيل كل الشكوك من جهة بر أيوب قبل وأثناء جميع تجاربه (أيوب 1:1،8،22؛ 10:2؛ 7:42-8). مقدمة سفر المزامير
سفر المزامير هو أكبر أسفار الكتاب المقدس. والروح القدس هو المؤلف الحقيقي الذي قاد داود لكتابة أكثر من 70 مزمورا. واشترك في كتابة باقي المزامير موسى وسليمان وآساف وإيثان وبنو قورح. ويوجد حوالي 50 مزمورا لا يُعرف من الذي كتبهم. وتشمل المزامير أغاني حمد وتسبيح من أجل رحمة الخالق ومحبته. وهي تبين كيف أن الله يعطي أهمية كبيرة لترنيمات الحمد التي نقدمها له. وعادة تتحول أفكار كاتب المزمور من الإحساس بالفشل إلى الإحساس بالفرح، ولكنها تختتم دائما بالتعبير عن الحمد والعرفان بالجميل لله. وتتضمن أيضاً المزامير صلوات لطلب الرحمة والعون وأيضاً للتعبير عن الثقة والإيمان. ولكن من أوضح الأمور في المزامير هو التقدير العظيم للكتاب المقدس نفسه: قد عظمت كلمتك على كل اسمك (مزمور 2:138). والمزمور 119 مخصص بأكمله للتحدث عن عظمة أهمية الكتاب المقدس والذي يأتي أكثر من 170 مرة. وسفر المزامير يغطي جميع الأفكار الممكنة للشخص الذي يرغب في أن يعبد ويعظّم الآب السماوي العظيم والرب المخلص والروح القدس. تشير مزامير عديدة إلى المسيا - من جهة ولادته، وحياته، وتسليمه، وصلبه، وقيامته، وصعوده. وبعد قيامته فتح المسيح أعين تلاميذه لكي يُظهر ذاته لهم في جميع ما هو مكتوب عنه في ناموس موسى والأنبياء والمزامير (لوقا 27:24،44)، أي العهد القديم بأكمله. ولذلك فإن الذين يقرأون فقط العهد الجديد لا تكون لديهم إلا معرفة محدودة عن المسيح وعن إرادته في حياتهم. تقدِّم لنا المزامير مفاهيم عميقة عن العديد من التعاليم الأساسية في الكتاب المقدس، فهي تبين أن الله هو خالق الكون وكل ما فيه (مزمور 3:8-9؛ 1:90-2؛ 1:104-32)، وأنه يعلم جميع أفكارنا (1:139-18،23-24). والمزامير أيضاً تضع خطا فاصلا واضحا بين الخطية والبر. فإن كلمة "بار" و "بر" تستخدم أكثر من 130 مرة. وتأتي كلمة "خطية" ومرادفاتها مثل "الإثم" و "الشر" أكثر من 90 مرة. وتبين المزامير التي تتكلم عن دينونة الأشرار ما هي الخطية على حقيقتها - إنها التمرد على الله. فعندما قاد روح الله كتبة المزامير أن يتكلموا عن النقمة أو الدينونة التي ستقع على الأشرار، فلم يكن المقصود هو الانتقام الشخصي، وإنما المقصود هو توضيح مشيئة الله من جهة جميع المظالم، وهي أن الخطية لا بد أن تنال عقابها: لي النقمة أنا أجازي يقول الرب (رومية 19:12). يأتي اسم "الرب" أكثر من 700 مرة في المزامير. بالإضافة إلى ذلك فإن كلمة "الله" تستخدم أكثر من 300 مرة. وبالمقابلة مع كمالات الله، فإن الإنسان يظهر أنه مولود بالخطية وأنه يحتاج إلى منقذ. وتتخلل المزامير العديد من الإشارات إلى الفادي والمنقذ والمخلص - المسيح. ويقتبس بطرس من سفر المزامير في عظته في يوم الخمسين لكي يوضح أن يسوع هو المسيا (أعمال 25:2؛ مزمور 8:16-11). إن الله يريدنا أن نسبحه بالترنيم - وأن نهتف له (مزمور 1:100) [والهتاف معناه عمل ضجة تعبيرا عن الفرح]. وتبدأ وتنتهي كل من المزامير الخمسة الأخيرة بكلمة " هللويا" [أي حمدا للرب]. مقدمة سفر الأمثال
يحتوي هذا السفر على 900 مثلاً تقريباً ويركز على كل جوانب الحياة - الأخلاقية، والدينية، والاجتماعية، والسياسية. وهو يضع في الاعتبار الأول العبادة والولاء لله وخدمته: مخافة الرب رأس المعرفة [أي بدايتها وجوهرها]، أما الجاهلون فيحتقرون الحكمة والأدب [الذي بحسب التقوى] (أمثال 7:1). وهذا يجب أن يؤدي إلى ثقة مطلقة في كلمة الله وأيضاً سحب الثقة في الحكمة الذاتية أو المشاعر الشخصية (أمثال 5:3-6). إن اتباع الحكمة يؤدي إلى الطاعة والأمانة والإخلاص والتضحية من أجل الرب في خضوع كامل لمشيئته (أمثال 1:3-18). فالحكمة هي إحدى صفات الله الخالق السرمدي ونحن نحتاج إلى حكمة الله لكي نتمم إرادته. العبادة الحقيقية هي عبادة داخلية وخارجية. فالعبادة الخارجية - أي الترانيم التي نرنمها والكلمات التي نقولها - يجب أن تكون في توافق مع أفكارنا الداخلية (أمثال 9:14،25؛ 3:17). وأي شيء أقل من ذلك يعتبر نفاق ورياء. وهذا هو الذي يجعل العابد مقبولا أمام الله أو يجعله مكرهة أمامه (أمثال 20:11؛ 8:15). عندما نخطئ، فيجب أن نعترف بذنبنا ونخضع لتأديبه (13:28؛ 11:3). والتركيز الثاني في هذا السفر يختص بمسئوليتنا من جهة السلوك الشخصي. وهذا يدخل تحت عدة بنود: 1-تجنب المعاشرات الرديئة (10:1-18؛ 20:13). 2-الطمع هو شر عظيم ومكاسبه وقتية فقط وهو يؤدي إلى خداع الآخرين (19:1؛ 4:23-5؛ 20:28). 3-الزنى، والشذوذ الجنسي، وجميع الخطايا الجنسية هي مكرهة (16:2-19؛ إصحاح 5؛ 23:6-35؛ إصحاح 7؛ 18:9؛ 14:22). 4-السعي للعيش في سلام مع الآخرين (29:3؛ 13:17). 5-البطالة والكسل يدمران فرص الإنسان (6:6؛ 4:13؛ 19:15). 6-يجب حفظ اللسان لأنه هو أداة الحياة والموت (3:13؛ 21:18؛ 23:21). 7-الحكيم والجاهل سيطلبان كلاهما صداقتك (إصحاح 9). 8-تجنب كشف أخطاء الآخرين وعيوبهم لأننا نتمنى نفس هذه المعاملة (12:10). 9-التزم بالأمانة في جميع تعاملك مع الآخرين (1:11؛ 14:20،28؛ 6:21). 10-اعلم أن الكبرياء ومدح النفس كلاهما ضد الحكمة ومكروهين من الله (9:12؛ 5:16، 18-19؛ 2:17؛ 4:21). 11-كن عطوفا على الآخرين - أشفق على المتألمين، وشجع اليائسين، وأعط المحتاجين (25:12؛ 24:16؛ 27:3؛ 31:14). 12-الحكيم يعتبر الحياة فرصة لإتمام إرادة الله، أما الجاهل فيعتبر الحياة فرصة للانغماس في المتع الشخصية (7:13؛ 1:23، 20-21، 29-32). 13-الغيرة والغضب يدمران صاحبهما (17:14،30؛ 1:15). 14-اعمل على تكوين صداقات مع الذين يحبون الرب وابذل كل جهد لمساعدتهم على الاقتراب أكثر من الرب (24:18). 15-تحذيرات بخصوص مخاطر وخداع الخمر (1:20؛ 17:21؛ 30:23-31؛ 4:31-5). والفرق الأساسي بين الحكيم والجاهل يظهر في طريقة استخدامهم للوقت وللخيرات الزمنية - أي الأموال والمواهب والقدرات والممتلكات. مقدمة سفر الجامعة
الكلمة اليونانية التي ترجمت إلى "الجامعة" تعني "الواعظ"، أو الشخص الذي يخاطب جمعا من الناس. ويشير الكاتب لنفسه بأنه ابن داود، الملك في أورشليم (جامعة 1:1)، ونقرأ: أنا الجامعة كنت ملكا على إسرائيل في أورشليم (جامعة 12:1). وقد ذكر سليمان 27 إنجازا أنجزه في حياته، قائلاً: ومهما اشتهته عيناي لم أمسكه عنهما (جامعة 10:2). وخلال هذه الفترة انتهك كلمة الله بإرادته إذ أكثر لنفسه الخيل والأموال والنساء وأقر بأنه لم يمنع قلبه من كل فرح (جامعة 10:2؛ تثنية 16:17-17). وبعد ذلك اعترف قائلاً: ثم التفت أنا إلى كل أعمالي التي عملتها يداي وإلى التعب الذي تعبته في عمله فإذا الكل باطل وقبض الريح.. فكرهت الحياة لأنه رديء عندي العمل الذي عمل تحت الشمس لأن الكل باطل وقبض الريح (جامعة 11:2-17). وقد تكرر استخدام العبارة: الكل باطل - فالإنجازات، والملذات، والثروة - كانت مثل البخار عديمة الجدوى (جامعة 1:1-11). لقد التفت سليمان إلى حياته فوجدها أسوأ مثال يحتذي به. وقد اعترف بأنه سلك بحسب الحكمة، ولكن بالانفصال عن الله؛ وبحسب العلم ولكن ليس بحسب كلمة الله. وهذا يعتبر انتهاكا مباشرا لمسئوليات الملك أمام الله (تثنية 17:17-20). كانت موارد سليمان غير محدودة، إذ كانت له ثروة واسعة وسلطة عظيمة. ولكن بانتهاء ملكه الذي استمر 40 سنة، كانت الحكومة قد فسدت وكان الشعب على وشك الثورة إذ أرهقته الضرائب الباهظة. وبعد أن عاش حياته هباء، اعترف سليمان بأنه من الغباء أن يظن الإنسان أنه يستطيع أن يحقق السعادة والشبع بمجهوداته الشخصية وقدراته ومهاراته وطموحاته - ولكن سعادة الإنسان الحقيقية تكمن في خضوعه لكلمة الله، وقد وصف نفسه بأنه ملك شيخ جاهل (جامعة 13:4). وقد أدرك سليمان أن الخطاة أغبياء. ولكن لاحظ أن حتى المتدينين يدخلون إلى بيت الرب بغير وقار، ويتلون صلوات طويلة لا تنبع من القلب، وينذرون نذورا سرعان ما ينسونها (جامعة 1:5-7). فاستنتج سليمان أنه مهما كثرت مواهب الإنسان وقدراته وإمكانياته والفرص المتاحة له وممتلكاته فإنها لا تعطيه الشبع الحقيقي لأن الإنسان دائما يريد المزيد (جامعة 10:5-20؛ 1:6-9). لأن جميع الأِشياء هي ملك لله ولا يمكن أن تجلب السعادة الحقيقية إلا إذا استخدمت لمجده وتكريمه - فليس للحياة سوى غرض واحد، وهو الاستعداد للأبدية - وسيأتي يوم فيه يصحح الرب جميع الأوضاع الخاطئة (جامعة 12:8-13؛ 14:12). عندما قال سليمان: افرح أيها الشاب في حداثتك، وليسرك قلبك في أيام شبابك، واسلك في طرق قلبك وبمرأى عينيك (جامعة 9:11)، فهو إنما كان يصف بالضبط ما فعله هو. وإذا اكتفينا بهذا الجزء من القول فإننا نظن أنه يشجع الشباب أن يضربوا بالحذر عرض الحائط وأن يجعلوا الهوى والمتعة غايتهم. ولكنه أضاف قائلاً: واعلم أنه على هذه الأمور كلها يأتي بك الله إلى الدينونة (جامعة 9:11؛ أيضاً 6:8؛ 13:4). إن الرسالة الأساسية لهذا السفر هي الدعوة لاكتشاف حكمة الإنسان الحقيقية التي تكمن في مخافة الرب. فاذكر خالقك في أيام شبابك [أنك لست ملك نفسك بل ملكه هو الآن].. لأن الله يحضر كل عمل إلى الدينونة على كل خفي إن كان خيرا أو شرا (جامعة 1:12،14). مقدمة سفر نشيد الإنشاد
كاتب سفر نشيد الأنشاد هو سليمان (نشيد 1:1). وهو عبارة عن قصة حب جميلة تعبر عن رابطة الزواج الطاهرة المقدسة التي رسمها الخالق - ليكن الزواج مكرما عند كل واحد والمضجع غير نجس، وأما العاهرون والزناة فسيدينهم الله (عبرانيين 4:13). ينظر معلمو اليهود إلى هذا السفر على أنه صورة للعلاقة بين الله وبين إسرائيل. ويعتقد العديد من القادة المسيحيين أنه يعبر عن المحبة الكائنة بين المسيح وكنيسته. فهو يعبر عن الأشواق التي في النفس المسيحية للوجود في محضر العريس السماوي، والاتحاد الثمين بين العروس والعريس - ملك الملوك ورب الأرباب. فهو يصور حقاً الحب الروحي - أو العلاقة الروحية المقدسة بين الله وبين الذين يحبونه. ويحكي سفر نشيد الأنشاد قصة حلم جميل حلمت به زوجة شابة عندما تأخر عريسها. فإن الحب الثمين بين الزوج وزوجته يعلي من شأن صفاتهما كليهما. والقصة بأكملها تأخذ شكل الحلم. فإن الظروف مبهمة ولا تشبه ما يحدث في الحياة العادية. فالشوق والحيرة والبحث تمثل صور الأحلام. لقد كانت الزوجة نائمة في فراشها، ولكن أفكارها كانت ممتلئة من الزوج الغائب. طلبت من تحبه نفسي، طلبته فما وجدته (نشيد 1:3). توجد صعوبات عديدة في التفسير الروحي لبعض هذه الأقوال، ولكن في الواقع توجد أيضاً صعوبات في تفسير علاقة الكنيسة بالمسيح عريسها. فأحيانا يكون لدينا إحساس عميق بحضوره ولكن هذا الإحساس قد يزول بلا سبب. ومع ذلك فإن محبتنا له تتزايد إذ نستمر ننتظره مترقبين تلك اللحظة التي فيها ستقع عيوننا عليه: فإننا ننظر الآن في مرآة في لغز لكن حينئذ وجهاً لوجه، الآن أعرف بعض المعرفة ولكن حينئذ سأعرف كما عرفت (1 كورنثوس 12:13). إن أهمية هذا النشيد تتضح بطريقتين. أولا، أن الخالق الذي يتحكم في قلوب الملوك قاد جامعي الكتاب المقدس أن يضموا إليه هذا النشيد؛ وثانيا أن الرب نفسه قال إن كل الكتاب هو موحي به من الله ونافع للتعليم (2 تيموثاوس 16:3). مقدمة سفر إشعياء
كان إشعياء النبي يعيش في أورشليم،عاصمة اليهودية. وقد استمرت خدمته لما يقرب من 60 سنة خلال فترة حكم عزيا، ويوثام، وآحاز، وحزقيا، وربما منسى. ويحتوي سفر إشعياء على 66 إصحاحا - مثل عدد أسفار الكتاب المقدس. والإصحاح المحوري (53) يحتوي على النبوة المميزة بشأن آلام مخلصنا الذي ينبغي أن يشغل مكاناً محوريا في حياتنا. وتتضح أهمية هذا السفر من عدد المرات التي اقتبس فيها منه في العهد الجديد. وقد ذكر سفر إشعياء بالاسم 21 مرة في العهد الجديد. الإصحاحات 1-7 تغطي النبوة الأولى لإشعياء وهي تركز على اليهودية وأورشليم. وقد وبخهم قائلاً: ويل للأمة الخاطئة... اسمعوا كلام الرب... كفوا عن فعل الشر. ثم حرضهم على التوبة، وأخيرا حذرهم قائلاً: إن أبيتم وتمردتم تؤكلون بالسيف (إشعياء 4:1،10،16،18-20). والإصحاحات 2-4 تخبر عن المجد المستقبلي لبيت الرب. والإصحاحات 5-7 تتحدث عن العذراء وابنها عمانوئيل (10:7-16). الإصحاحات 8-12 تنبئ عن سقوط المملكة الشمالية التي كانت قد اتحدت مع سوريا في دولة متحدة من أجل صد غزو الآشوريين الذين كانوا أقوى إمبراطورية في العالم في ذلك الوقت. وعندما رفض آحاز أن ينضم للتحالف، قامت إسرائيل وسوريا بغزو اليهودية. وقد أصروا على استبدال آحاز بطبيئيل (وهو سوري على الأرجح) وبالتالي يلزمون اليهودية بالانضمام إليهم. وتوجد نبوة عن الهزيمة في إصحاح 9 مع رؤية مستقبلية عن فادي البشرية، يليها رؤية عن الملكوت الآتي للملك البار. بعد ذلك وجه رسالته إلى الأمم الوثنية التي كانت تحيط باليهودية وإسرائيل (إشعياء إصحاح 13-23): بابل، وأشور، وفلسطين، وموآب، ودمشق، وإثيوبيا، ومصر، ودومة [أدوم]، والعربية، وأورشليم، وصور. ثم اتجهت رسالته بعد ذلك إلى العالم كله - معلنا عن الدينونة التي ستحدث في يوم الرب (إشعياء 1:24،4-5،17-22؛ 6:25-12؛ 21:26؛ 1:27). وقد نطق إشعياء بست لعنات في الإصحاحات الست التالية (إصحاح 28-33) - أولا بخصوص السكيرين في السامرة، ثم بخصوص المرائين، والمخططين للشر في أورشليم، وجميع المتمردين على الرب، وصانعي التحالف غير المقدس، والآشوريين المخربين. وقد أنبأ إشعياء أيضاً عن ملكوت المسيا (إصحاح 32) والضيقة العظيمة التي ستحدث (إصحاح 34) والتي سيليها الملك الألفي للمسيح (إصحاح 35). ويتكلم الإصحاحان 36-37 عن القوة العليا، ثم عن دمار أشور. ويتكلم الإصحاحان التاليان (38-39) عن حزقيا الذي أوشك على الموت، ولكنه نال شفاء معجزيا بسبب صلاته. ونظرا لغرابة الأمر، فلقد جاء مندوبون من بابل لزيارته. والإصحاحات 40-50 مخصصة لسلطان الله على مصير دولتي أشور وبابل وكورش عبد الرب. يلي ذلك نبوات عجيبة عن المسيح، يهوه الحقيقي (إصحاح 49-50)؛ وردّ إسرائيل وفداء العالم (إصحاح 51-55). ثم نجد عرضا للخطايا السائدة في ذلك الوقت (إصحاح 56-59). ويظهر المسيا بوضوح في الإصحاحات 60-62. في الناصرة قرأ يسوع من إصحاح 61 وطبق كلماته النبوية على نفسه. والإصحاحان 63-64 فيهما تأملات مؤسفة عن الخطية والألم، ثم صلوات من أجل النجاة. والإصحاحات الختامية هي استعراض للسماء الجديدة والأرض الجديدة (إصحاح 65-66). مقدمة سفر إرميا
بدأ إرميا، النبي الكاهن، خدمته خلال الـ 40 سنة الأخيرة من تاريخ مملكة يهوذا، بعد أن هزم الأشوريون مملكة إسرائيل الشمالية بحوالي 100 سنة. وقد بدأت خدمته العلنية في السنة الـ 13 من حكم الملك التقي يوشيا الذي ملك لمدة 31 سنة. واستمرت خدمة إرميا خلال فترة حكم أربعة ملوك أشرار هم: يهوآحاز، ويهوياقيم، ويهوياكين، وصدقيا. وأثناء هذه المدة، بما فيها الفترة التي تولى فيها جدليا الحكم لوقت قصير، وقف إرميا بمفرده - وتعرض للبغضة والاضطهاد. وبمرور السنين، ضعفت الإمبراطورية الأشورية وأخذت مكانها الإمبراطورية المادية البابلية. ووقعت إسرائيل تحت سيطرة نبوخذنصر بعد أن هزم مصر في كركميش، المدينة الرئيسية في شمال سوريا والتي كانت تحمي طريق التجارة الرئيسي عبر نهر الفرات. وحدث غزو يهوذا بعد حوالي سبع سنوات، وفي السنة الحادية عشر من ملك صدقيا سقطت أورشليم وسرعان ما تحققت للإمبراطورية البابلية السيادة الكاملة على العالم. وأحداث هذا السفر ليست مرتبة تاريخيا ولكنها مرتبة بحسب ما استحسنه الروح القدس من أجل تنوير إدراكنا الروحي. الإصحاحات 1-38 هي نبوات جاءت قبل سقوط أورشليم -ابتداء من أيام يوشيا (إرميا 6:3) - وهي مؤرخة طبقا للكلمات الافتتاحية في كل إصحاح. وقد تعين إرميا نبيا للشعوب (إرميا 5:1) وأنذر مملكة يهوذا بأن تتوب عن خطاياها وأن تعبد الرب. الأنبياء يتنبأون بالكذب والكهنة تحكم على أيديهم، وشعبي هكذا أحب!... من النبي إلى الكاهن كل واحد يعمل بالكذب (إرميا 31:5؛ 13:6). (ملاحظة: فشحور في إصحاح 20 ليس هو نفسه فشحور بن ملكيا في إصحاح 1:21 و 1:38). وقد أدان الرعاة الكذبة (إرميا 34:25) الذين هم آخر أربعة ملوك على يهوذا: يهوآحاز [شالوم]، ويهوياقيم، ويهوياكين [يكنيا]، وصدقيا. وأدان أيضاً المعلمين الكذبة (إرميا 1:23-2)، والأنبياء الكذبة (إرميا 9:23)، والكهنة الكذبة (11:23). الإصحاحان 29-30 موجهاًن للسبايا الأوائل الذين تم ترحيلهم من مملكة يهوذا إلى بابل قبل دمارها النهائي ببضعة سنوات: أرسل إلى كل السبي... ها أيام تأتي، يقول الرب، وأرد سبي شعبي إسرائيل ويهوذا (إرميا 31:29؛ 3:30). وإصحاح 39 مخصص لدمار أورشليم، والقبض على صدقيا، وإطلاق سراح إرميا من السجن. الإصحاحات 40-44 هي رسالة موجهة إلى بني إسرائيل بعد دمار أورشليم، أولا في يهوذا (إصحاح 40-42) ثم في مصر (إصحاح 43-44). إصحاح 45 مخصص لباروخ كاتب سفر إرميا. الإصحاحات 46-51 هو نبوات مختصة بالشعوب الوثنية. إصحاح 52 مخصص لصدقيا، آخر ملوك يهوذا، والذي قبض عليه وهو يحاول الهرب، فأذلوه واقتلعوا عينيه، وأخذوه مقيدا إلى بابل (2 ملوك 18:24 - 30:25). وهو يذكر السبب الذي أدى إلى دمار مملكة يهوذا المجيدة والتي عاصمتها هي أورشليم: هكذا قال الرب إله إسرائيل: ملعون الإنسان الذي لا يسمع كلام هذا العهد... فلم يسمعوا ولم يميلوا أذنهم (إرميا 3:11،8؛ أيضاً 15:30) مقدمة سفر حزقيال
نشأ حزقيال تحت تأثير إرميا النبي ويوشيا آخر الملوك الأتقياء على يهوذا. فلقد ملك بعد يوشيا ابناؤه الأشرار الذين أعادوا عبادة البعل والعشتاروث إلى أورشليم. وقد اختار الشعب يهوآحاز ابن يوشيا ليكون ملكا عليهم (2 ملوك 30:23-33)، ولكن لم تمض سوى ثلاثة شهور إلا وكان فرعون نخو قد أخذه مقيدا إلى مصر (إرميا 10:22-12) وأقام ابنا آخر من ابناء يوشيا، وهو ألياقيم، ملكا. وقد غير فرعون اسم ألياقيم إلى يهوياقيم (2 ملوك 34:23-36) وكان يهوياقيم خاضعا لفرعون نخو حوالي أربع سنوات (إرميا 2:46). وبعد أن هزم نبوخذنصر ملك مصر في قرقميش، دخل بعد ذلك أورشليم وأخضع يهوياقيم لسيطرته (2 ملوك 1:24). في ذلك الوقت أخذ نبوخذنصر دانيال، ورفقاءه الثلاثة، وسبايا كثيرين غيرهم إلى بابل (دانيال 1:1-3،6). بعد ثلاث سنوات تمرد يهوياقيم على السلطة البابلية فهو إما أنه مات أو اغتيل. هذا حدث بعد حصار نبوخذنصر لأورشليم، ولكن قبل أن يؤخذ يهوياقيم إلى بابل (2 أخبار 6:36). بعد ذلك أصبح يهوياكين (ويدعى أيضاً يكنيا أو كنيا) ابن يهوياقيم ملكا وكان عمره 18 سنة (1 أخبار 16:3-17؛ إرميا 24:22؛ 1:24؛ 20:27؛ 4:28؛ 1:37). وقد اتبع سياسة أبيه الشريرة (2 ملوك 9:24) ونال لعنة من الرب أدت إلى شطبه من سلسلة نسب المسيا (إرميا 30:22). هذا حدث بعد ثمان سنوات من أخذ دانيال إلى بابل. في ذلك الوقت الحرج من تاريخ إسرائيل، كان الرب قد وضع نبيه إرميا في أورشليم. وكان حزقيال موجودا في تل أبيب على نهر خابور -وهو قناة للري تأخذ مياهها من نهر الفرات عند مدينة نيبور وتحملها على شكل نصف دائرة واسعة عبر البلاد إلى أن تعود وتلتقي بالفرات. وقد عين نبوخذنصر صدقيا، ثالث ابناء يوشيا، حاكما على يهوذا. وبعد تعيينه بحوالي 10 سنوات تمرد هو أيضاً على نبوخذنصر، الذي بعد ذلك اقتحم أورشليم وهدم أسوارها ودمر الهيكل (2 ملوك 18:24-21:25؛ 2 أخبار 11:36-21). والجوهر الأساسي لنبوة حزقيال يقع في أربعة أجزاء: الأول يسجل دعوته للنبوة وهو في سن الثلاثين بعد سبيه بخمس سنوات (قارن حزقيال 21:33؛ 1:40؛ 1:29)، والرؤيا العجيبة التي تبين كيف أن الله يدير شيءون العالم (إصحاح 1-3). يلي هذا إعلان دينونة الله على أورشليم وعلى شعب العهد بسبب خطاياهم التي أدت إلى دمار مملكة يهوذا (إصحاح 4-24). وبعد خراب أورشليم ودمار الهيكل، نطق حزقيال بالدينونة على الأمم الوثنية المحيطة (إصحاح 32:25) وعلى إسرائيل (إصحاح 33-34). بعد ذلك رأى حزقيال رؤية مجيدة عن الهيكل المستقبلي وعن رد إسرائيل (إصحاح 35-48). والفكرة الأساسية في هذا السفر هي: " يعلمون أني أنا الرب"، وقد جاءت هذه العبارة أكثر من 60 مرة. مقدمة سفر دانيال
كان دانيال يهوديا تقيا وقد ولد في أورشليم، وكان من بين أوائل المسبيين الذين أخذوا إلى بابل عندما استولى نبوخذنصر على أورشليم في سنة 605 ق.م. وأخضع يهوياقيم تحت سيطرته (دانيال 1:1-7). وكان دانيال محاطا بالشر في مدينة بابل العظيمة، وعلى الرغم من بُعده عن الوطن، إلا أنه لم يتساهل أبدا فيما كان يعرف أنها إرادة الله. في هذا الوقت كان دانيال في حوالي العشرين من عمره. وقد غطت خدمته فترة سبي يهوذا بأكملها ومدتها 70 سنة. وكان دانيال يعمل موظفا في البلاط الملكي أيام حكم الكلدانيين والماديين والفارسيين. وقد كتب في فترة كان فيها اليهود يعانون من حزن شديد وهوان بسبب فقد جميع ممتلكاتهم الأرضية. القسم الأول (إصحاح 1-6) يتكلم عن دانيال وبعض رفقائه المسبيين، الذين من خلال إيمانهم بالله وطاعتهم له انتصروا على غير المؤمنين. فلم يقدر أحد سوى دانيال أن يفسر معنى التمثال العظيم الذي رآه نبوخذنصر في الحلم، فأعلن دانيال عن قيام وسقوط إمبراطوريات بابل، وفارس، واليونان، وروما. وكانت هذه هي الطريقة التي استخدمها الله لترقية دانيال إلى مركز إداري بارز. وقد أعلن عن الحكومات التي ستحكم العالم منذ فترة حكم نبوخذنصر حتى نهاية أزمنة الأمم (لوقا 24:21؛ دانيال 13:8). وسوف يلي ذلك الانتصار النهائي لشعب الله مع حلول ملك المسيا الذي سيضع نهاية لكل الممالك الأخرى ولن تكون له نهاية (دانيال 44:2-45). والقسم الثاني (إصحاح 7-12) يسجل رؤى دانيال. فإن حلم نبوخذنصر في إصحاح 2 ورؤى دانيال في إصحاح 7 يقدمان كلاهما ملخصا إجماليا لتاريخ أزمنة الأمم. وقد جاء اسم دانيال ثلاث مرات في سفر حزقيال حيث أشاد بحياة التقوى التي عاشها كل من دانيال ونوح وأيوب (حزقيال 14:14-20؛ 3:28). وقد اقتبس الرب يسوع بكثرة من سفر دانيال النبي أثناء خدمته عندما تكلم عن رجسة الخراب (متى 15:24؛ مرقس 14:13؛ قارن مع دانيال 27:9؛ 31:11؛ 11:12). وعندما تكلم الرب يسوع عن الضيقة العظيمة، كان أيضاً يقتبس من دانيال (متى 21:24؛ قارن مع دانيال 1:12). وأيضاً عندما قال الرب يسوع: حينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء، كان يقتبس من دانيال (متى 30:24؛ قارن مع دانيال 13:7-14). هذا السفر يعلن عن سيادة الله المهيمنة على كل الخليقة بما فيها الحكومات وأيضاً الأفراد. والفكرة الأساسية في سفر دانيال معبر عنها ثلاث مرات: لكي تعلم الأحياء أن العلي متسلط في مملكة الناس فيعطيها من يشاء (دانيال 17:4،25،32). مقدمة سفر هوشع
عاش هوشع في المملكة الشمالية وتنبأ لمدة 60 سنة تقريباً. وقد تزامنت خدمته مع الجيل الأخير في المملكة الشمالية، ربما في السنوات القليلة الأخيرة من ملك يربعام الثاني، ولكن قبل الغزو الأشوري الذي أنهي المملكة (هوشع 9:8). وقد تنبأ أيضاً عاموس للأسباط الشمالية، مع أنه كان يعيش في مملكة يهوذا الجنوبية (عاموس 1:1؛ ميخا 1:1؛ 2 أخبار 9:28). وكان أيضاً في المملكة الجنوبية النبيان ميخا وإشعياء. وفي هذه الفترة ملك عزيا ويوثام وآحاز وحزقيا على يهوذا. ويبدو أنه أثناء خدمة هوشع النبوية كانت المملكة الشمالية تمر بفترة ازدهار وتوسع. وكان هذا أساسا نتيجة لضعف سوريا وموآب مما سمح للمملكة الشمالية بالسيطرة مرة أخرى على طرق التجارة الرئيسية بين الشرق والغرب. ولكن مراكز عبادة العجل الذهبي والتي كانت قد أقيمت منذ عدة سنوات في مدن بيت إيل ودان قد مهدت الطريق للعبادة الوثنية الخليعة للبعل والعشتاروث (1 ملوك 28:12-32؛ أيضاً هوشع 13:2؛ 5:10-6؛ 2:13). وهكذا كانت إسرائيل قد نقضت علاقة عهدها مع الرب - مثلما تفعل الزوجة الخائنة التي يكون لها العديد من العاشقين (هوشع 7:2-13). كان هوشع قد احتمل الكثير من الألم والهوان بسبب خطايا زوجته الخائنة. وقد أعده ذلك لفهم مدى الحزن الذي يشعر به الله بسبب شر بني إسرائيل وكيف أن خطاياهم لم تكن فقط ضد ناموس الله بل إنها أيضاً إهانة لمحبته. وبسبب محبة هوشع لزوجته الخاطئة، فلقد سامحها وردها إليه. بعد ذلك توسل إلى إسرائيل لكي تتوب عن زناها الروحي بعبادتها للأوثان لكي يعود الرب من جديد ويرد لها في رحمته الحماية والبركات (8:2،16؛ 12:10؛ 8:11-9؛ 6:12؛ 1:14-4). توجد عدة إشارات لهوشع في العهد الجديد (قارن هوشع 6:6 مع متى 13:9، وهوشع 6:12؛ 8:10 مع رؤيا 16:6). مقدمة سفر يوئيل
كانت خدمة يوئيل على الأرجح في نفس الفترة مع الأنبياء يونان وعاموس بل وأيضاً هوشع - بين فترتي ملك يوآش وعزيا. وقد وجه يوئيل النبي رسالته إلى مملكة يهوذا الجنوبية، غالبا عقب أن اجتاحت موجة من الجراد البلاد بطولها وعرضها، وقضت على جميع المحاصيل وجردت الأشجار من أوراقها. وقد أدى ذلك إلى حدوث مجاعة شديدة. وقد أشار يوئيل إلى هذه الكارثة القومية على أنها قضاء من الله - بسبب الانحدار الروحي للأمة. وقد حذر من دينونة مقبلة في يوم الرب (يوئيل 15:1؛ 1:2،11،31؛ 14:3). وقد صور الجراد في شكل جيش وجنود وفرسان ومركبات - وهذه إشارة إلى الأعداء الذين سيسمح لهم الرب باجتياح إسرائيل بسبب خطاياها (يوئيل 4:2-7). وقد أنبأ أيضاً النبي عن يوم مقبل فيه سيسكب الرب روحه على كل بشر (يوئيل 28:2). وقد اقتبس كل من بطرس في يوم الخمسين (أعمال 21:2) وبولس في رسالته إلى رومية (رومية 13:10) من سفر يوئيل: ويكون أن كل من يدعو باسم الرب ينجو (يوئيل 32:2). نحن الآن نعيش في "الأيام الأخيرة" التي بدأت بيوم الخمسين. وهذا يعني أن كل إنسان يقدر أن يقبل المسيح مخلصاً وربا وأن يمتلئ بروحه (أعمال 38:2؛ يوحنا 37:7-38؛ 7:16؛ أفسس 18:5). مقدمة سفر عاموس
كان عاموس راعي مواش وجاني جميز (عاموس 14:7) بالقرب من قرية تقوع الجبلية الصغيرة والتي تقع على بعد 10 أميال جنوب أورشليم، في منطقة تسمى برية يهوذا، في مملكة يهوذا. ولكن الرب دعا عاموس ليكرز إلى مملكة إسرائيل الشمالية (1:1؛ 9:3؛ 7:7-15). وأطاع عاموس هذه الدعوة، فارتحل شمالا حوالي 30 ميلا إلى بيت إيل، حيث يوجد مركز العبادة الجنوبي بإسرائيل. ويبدو أن عاموس قد نادى بنبوته عند باب المدينة (10:5،12،15)، وهو مركز هام للأشغال حيث يقوم الشيوخ بالحكم بين الناس (إرميا 19:17؛ 2:19). في هذا المكان الهام تكلم الرب من خلال عاموس وأنبأ بدمار المملكة الشمالية (عاموس 1:5-3). وقد أثار ذلك غضب أمصيا، الكاهن الأعلى في بيت إيل، فأنذر عاموس بأن يهرب من البلاد ولا يعود إليها مرة ثانية (عاموس 12:7-13). في ذلك الوقت، كان عزيا ملكا على يهوذا ويربعام الثاني ملكا على إسرائيل. وكانت كلتا المملكتين في رخاء وازدهار (2 أخبار 26؛ 2 ملوك 23:14،25)، ولكن عاموس أدان فسادهم الديني وشرورهم الاجتماعية (عاموس 4:2-8؛ 9:3-10؛ 1:4-5). ولم يكن الواقع يشير إلى إمكانية تحقيق النبوات التحذيرية التي نطق بها هذا الراعي. ولكن بعد حوالي 30 سنة، تعرضت مملكة إسرائيل الشمالية إلى الغزو والدمار من الأشوريين. وقد أنبأ عاموس أيضاً عن عظمة ملكوت المسيا المقبل والذي سيضم: جميع الأمم الذين دعي اسمي عليهم يقول الرب الصانع هذا (12:9). مقدمة سفر عوبديا
كتب سفر عوبديا، وهو أقصر أسفار العهد القديم، بعد دمار أورشليم. وقد حذر عوبديا من دينونة الله الأكيدة والعادلة على جميع الذين يقاومونه ويقاومون شعبه. وقد أنبأ عوبديا عن الدمار النهائي الذي سيقع على الأدوميين الذين على مثال عيسو قد تجاهلوا القيم الروحية. فلقد ساعدوا نبوخذنصر في تخريب أورشليم في الوقت الذي كان ينبغي أن يظهروا فيه تعاطفا ويدافعوا عن "إخوتهم" (عوبديا 10:1؛ تكوين 3:32؛ تثنية 7:23). كانت أرض أدوم تمتد جنوبا من بعد البحر الميت وعلى طول الصحراء العربية. وكانت أرض أدوم تسمى أيضاً جبل سعير - وهي أرض جبلية وعرة ترتفع حوالي 3500 قدما فوق صحراء العربة [أي الصحراء العربية] وحوالي 4500 قدما فوق مستوى سطح البحر. وكانت عاصمة أدوم هي البتراء وتقع في مكان آمن وسط هذه القمم الجبلية الوعرة. وبعد أربع سنوات تقريباً من سقوط أورشليم، انهزم أيضاً الأدوميون أمام نبوخذنصر. ولكن على عكس النبوة ضد الأدوميين والتي أخبرت عن دمارهم النهائي، فإن عوبديا قد أنبأ بأن شعب يهوذا سيستعيد ممتلكاته: يرث بيت يعقوب مواريثهم (عوبديا 15:1-17). ويتكلم أيضاً عوبديا عن التثبيت النهائي لمملكة الله. ومن المفترض أن عوبديا قد تنبأ في نفس الوقت مع إرميا أثناء حكم إما يهورام ملك يهوذا أو صدقيا آخر ملوك يهوذا. مقدمة سفر يونان
عاش يونان في عصر الملك يربعام الثاني وقد كان عصرا مزدهرا ولكنه في نفس الوقت عصرا شريرا. وقد كان يونان نبيا معروفا في مملكة إسرائيل الشمالية. وقد أنبأ بالانتصار العسكري العظيم الذي حققه الملك يربعام الثاني ضد الآراميين (السوريين) (2 ملوك 25:14). وسفر يونان هو السرد التاريخي لإرسالية النبي إلى أهل نينوى، وهم من ألد أعداء بني إسرائيل، لكي ينذرهم بالهلاك. وقد رفض يونان أن ينفذ أمر الرب؛ ولكن بعد سلسلة من الأحداث المثيرة، أطاع على مضض. غير أنه لم يكن سعيدا عندما تاب ملك نينوى وشعبها توبة صادقة، وكانت النتيجة أن الرب في رحمته سحب دينونته. هذا السفر يبين إشفاق القاضي الأعلى للكون على جميع الذين يتوبون ويرجعون عن خطاياهم. وقد قارن الرب يسوع بين توبة شعب نينوى الوثني، والذي لم يكن يعرف سوى القليل جدا عن الله، وبين غلاظة قلوب اليهود المتدينين في أيامه، والذين كانوا يعرفون الكثير عن كلمة الله. لقد تاب أهل نينوى بعد رسالة يونان الوحيدة. ولكن معظم "القادة الدينيين" في إسرائيل رفضوا أن يتوبوا حتى بعد أن شاهدوا المعجزات والأقوال العديدة التي قدمها الرب يسوع. رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونة لأنهم تابوا بمناداة يونان، وهوذا أعظم من يونان ههنا! (متى 41:12). وقد قال يسوع أن يونان يرمز إلى قيامته: لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال (متى 39:12-41؛ لوقا 29:11-32). وعلى ما يبدو أن الرب قد استخدم الحوت الضخم لكي يبين لأهل نينوى الوثنيين أنه هو الله الواحد الحقيقي الذي يسيطر على الطبيعة وأيضاً على شيءون الناس. فبدون معجزة كان هؤلاء الأمم الوثنيين غير المؤمنين سيتجاهلون يونان ورسالته. إن دينونة الله أكيدة سواء كان لدينا القليل أو الكثير من المعرفة عنه وعن كلمته. فكل الذين لا يتوبون ولا يقبلون المسيح مخلصاً لهم وربا على حياتهم فإن مصيرهم هو الهلاك الأبدي (يوحنا 6:14؛ أعمال 12:4). مقدمة سفر ميخا
كان ميخا إنسانا ريفيا بسيطا من يهوذا، وكان أصغر سنا من إشعياء. في نفس هذا الوقت كان إشعياء نبيا ينتمي إلى الطبقة الاجتماعية الراقية في أورشليم وكان مشيرا خلال حكم عزيا ويوثام وآحاز وأيضاً في زمن الإصلاح أيام الملك حزقيا. في هذا الوقت كان فقح وهوشع هما آخر ملكين على إسرائيل (إشعياء 1:1؛ ميخا 1:1؛ إرميا 18:26). وقد أشار ميخا بوضوح إلى شرور كل من يهوذا وإسرائيل - والعقاب الذي سيقع عليهما ثم إحيائهما مرة أخرى ومجيء المسيح. ويبدو أن ميخا كان أيضاً مصدر تشجيع لحزقيا. في الإصحاحات 1-3، يتكلم ميخا عن دمار إسرائيل (ميخا 6:1-7)؛ وعن خراب أورشليم والهيكل (12:3). وقد كان أمينا بأن أخبر يعقوب بذنبه وإسرائيل بخطيته (8:3). وقد أنبأ في الإصحاحين التاليين عن سبي اليهود إلى بابل (ميخا 10:4)؛ والرجوع من السبي بسلام ورخاء (1:4-8)؛ كما نطق بنبوة مميزة جدا بخصوص مكان ولادة المسيا (ميخا 2:5). وقد أنبأ عن بركات آتية ستحدث عندما تخرج الشريعة من صهيون (ميخا 2:4). كان الهدف من نبوة ميخا هو الإتيان بإسرائيل ويهوذا إلى التوبة وتجنب دينونة الله. وقد حذر إسرائيل قائلاً: أسلمك للخراب. ولكنه يختتم نبوته برسالة رجاء وإعلان عن التحقيق النهائي لعهد بركة الرب لإبراهيم ويعقوب (20:7). مقدمة سفري ناحوم وحبقوق
عاش ناحوم على الأرجح قبل الغزو الأشوري مباشرة، في نفس الزمن الذي عاش فيه صفنيا، إذ أن كلا النبيين تنبآ عن دمار نينوى (ناحوم 1:1،8؛ صفنيا 13:2-15). وقد كانا تاليين لإشعياء خلال الفترة التي ملك فيها منسى الشرير على يهوذا. وكان يبدو أنه من غير المتوقع بالمرة أن يأتي يوم فيه تكف عاصمة الإمبراطورية الأشورية العظيمة عن التسلط على العالم، إذ أنها كانت مدينة محصنة بأسوار وخنادق مائية. ومع ذلك فلقد أنبأ ناحوم عن دمار نينوى بسبب العنف والظلم والزنى والسحر المنتشرين فيها. ولكن على عكس ما حدث مع يونان منذ حوالي 150 سنة، فإن شعب نينوى في هذه المرة لم يبد أي علامات للتوبة. وفي غضون 50 سنة من نبوة ناحوم، انهزمت الإمبراطورية الأشورية العظيمة، التي كانت قد دمرت مملكة إسرائيل الشمالية، أمام البابليين. وكما أنبأ ناحوم فإن أشور لم تقم لها قائمة مرة أخرى. أما حبقوق فلقد عاش في الوقت الذي كان فيه نبوخذنصر متسلطا على العالم. وعلى الأرجح أنه تنبأ في يهوذا في السنوات الأخيرة من ملك يوشيا وفي أيام ملك يهوياقيم. وعلى عكس أبيه التقي يوشيا، فإن يهوياقيم عمل الشر في عيني الرب (2 ملوك 37:23). وقد نادى حبقوق ضد الفساد الأخلاقي الذي كان سائدا في هذه الأيام. وأنبأ بأن الله سيجعل البابليين القساة يعاقبون شعبه. "البار بالإيمان يحيا" - لقد اعتبرت هذه الكلمات شعار الحياة المسيحية (حبقوق 4:2؛ قارن مع يوحنا 36:3؛ عبرانيين 38:10). وحبقوق، مثل كل شخص آخر، كان ينبغي أن يحيا بالإيمان. كذلك نحن أيضاً علينا أن نقبل جميع الأوضاع مؤمنين بأن البر والعدل سينتصرا في النهاية. مقدمة سفر صفنيا
صفنيا من نسل الملك حزقيا، وقد كان نبيا أثناء الجزء الأول من حكم يوشيا الملك. وعلى الأرجح أن صفنيا كان له تأثير على قريبه، الملك يوشيا، في حركة الإصلاح التي بدأها في السنة الـ 12 من ملكه (2 أخبار 3:34-7). وقد أنبأ صفنيا عن سقوط أورشليم قبل حدوثه بحوالي 20 سنة (صفنيا 4:1-13). وقد حذر من قرب وقوع يوم سخط، يوم ضيق وشدة، يوم خراب ودمار، يوم ظلام وقتام (صفنيا 15:1)، وذلك لأنهم أخطأوا إلى الرب (17:1). وقد ناشدهم بعد ذلك بأن يتوبوا: اطلبوا الرب يا جميع بائسي الأرض الذين فعلوا حكمه [أي الذين أطاعوا وصاياه]؛ اطلبوا البر، اطلبوا التواضع (3:2). كما أنبأ بأن شعب يهوذا سينالون عقابهم من أجل عبادتهم للأوثان، وأن الشعوب الشريرة المحيطة ستنال عقابها من أجل خطاياها (صفنيا 1:1 - 8:3). وقد أعلن الرب بأنه قد حكم على أورشليم بالدمار، ولكنه في ملء الزمان سيحييها من جديد (صفنيا 9:3-20). كما تنبأ صفنيا أيضاً بأن المسيح سيأتي بالقوة والمجد. ويشار في هذه الإصحاحات الثلاث 15 مرة لهذا الوقت المستقبلي، والذي يسمى يوم الرب العظيم (14:1). هذا اليوم سيكون يوم ضيق وشدة على فاعلي الشر، ولكنه سيكون "يوم استقبال" عظيم للأمناء الذين سيقال عنهم: افرحي وابتهجي... الرب في وسطك، لا تنظرين بعد شرا!... الرب إلهك في وسطك جبار، يخلص،يبتهج بك فرحا، يسكت في محبته، يبتهج بك بترنم! (صفنيا 14:3-17). يا له من يوم عظيم! وعلى الأرجح أن صفنيا وناحوم وحبقوق وإرميا قد تنبأوا في نفس الفترة الزمنية. وقد كانوا آخر الأنبياء الذين تكلموا إلى اليهود قبل وقوع السبي البابلي. مقدمة سفري حجي وزكريا
ولد كل من حجي وزكريا في بابل أثناء السبي ثم ذهبوا إلى أورشليم بعد أن أصدر الملك كورش أمره بإعادة بناء الهيكل. وقد بدأ العمل في أساسات الهيكل فور وصول أول الراجعين من السبي إلى أورشليم بقيادة زربابل، وهو من نسل الملك داود. وبعد إرساء الأساسات، لقي بنو إسرائيل مقاومة من السامريين الذين نجحوا، بإذن من ملك فارس، في وقف العمل (عزرا 23:4). وبدأ حجي وزكريا يكرزان في أورشليم بعد حوالي 15 سنة. كاتب إنجيل متى هو رجل يهودي كان يشغل منصبا هاما ومربحا كجامع للجزية في الحكومة الرومانية، ولكن يسوع قال له اتبعني (متى 9:9)، فأدرك أن الأرباح المادية لا يمكن أن تقارن بالقيمة الأبدية للفرص التي لا يتيحها إلى يسوع وحده. وقد كتب متى أساسا إلى اليهود، واقتبس من جميع أسفار العهد القديم تقريباً. وقد استخدم أكثر من 100 اقتباسا مباشرا وغير مباشر من الناموس والأنبياء والمزامير. وقد كان هدف متى هو تأكيد الحقيقة أن يسوع هو المتمم لجميع النبوات المعطاة لإسرائيل بشأن المسيا الملك. ولذلك فإن العبارة "لكي يتم ما قيل" تتكرر 13 مرة في إنجيل متى (22:1؛ 15:2،17،23؛ 14:4؛ 17:8؛ 17:12؛ 14:13،35؛ 4:21؛ 56:26؛ 9:27،35). وحيث أن رغبة كل يهودي كانت مركزة في المسيا الموعود به وملكوته، فلقد استخدم متى عبارة "ملكوت السموات" 33 مرة وسجل سبعة أمثال تبدأ بالعبارة "يشبه ملكوت السموات" (متى 24:13،31،33،44،45،47،52). والأمثال والتعاليم من الصفات البارزة في إنجيل متى لأن الشعب يريد أن يسمع ماذا سيقول الملك. وقد سجل متى أيضاً 23 معجزة كدليل على أن يسوع هو المسيا. وآخر هذه المعجزات هي معجزة ذبول شجرة التين، وهي ترمز إلى القضاء على إسرائيل - وتخبرهم بأن ملكوت الله سوف ينـزع منهم (متى 43:21). ويقدم متى الهدف من إنجيله في الكلمات الافتتاحية: كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم (1:1). والكلمات ابن داود ابن إبراهيم تأتي 10 مرات في إنجيل متى. فإن "ابن داود" تربط المسيح بالعرش، أما "ابن إبراهيم" فهي تربطه بالمذبح. يبدأ متى إنجيله بسلسلة نسب يسوع ويقودنا إلى ولادته المعجزية. وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل (متى 22:1؛ إشعياء 14:7). وقد حققت ولادته في بيت لحم نبوة ميخا بأن المسيا سوف يولد في مدينة داود (ميخا 2:5؛ أيضاً لوقا 4:2). وقد تتبّع متى سلسلة نسب يسوع من إبراهيم إلى داود، كدليل على أن يسوع قد تمم نبوات العهد التي أعطاها لهم الله (تكوين 1:12-3؛ 2 صموئيل 8:7-17). ثم استمرت السلسلة حتى يوسف الذي كان الأب الشرعي، مع أنه ليس الفعلي، للرب يسوع. ويؤكد إنجيل متى الولادة الطبيعية لكل ابن من أبيه من خلال تكرار كلمة "ولد" في جميع المراحل. أما في العدد 16 فإننا نلاحظ تغييرا واضحا إذ يقول: يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع (متى 16:1). وقد كان السنهدريم يحتفظ بالسجلات المدنية حتى يستطيع اليهود أن يعرفوا سلسلة أنسابهم. ولكن أعداء المسيح لم يحاولوا أبدا أن ينقضوا دعواه بأنه من العائلة المالكة - ابن داود. فلو كان يوسف هو الأب الفعلي ليسوع، لما كان من حق يسوع أن يجلس على كرسي داود، لأن يوسف كان من يكنيا الذي حرمه الرب من أن يملك على إسرائيل (إرميا 23:22-30؛ أيضاً 2 ملوك 8:24-15؛ 2 أخبار 8:36-10). ولكن مريم كانت من نسل ناثان، وهو ابن آخر من ابناء داود، والذي لم يكن من نسل يكنيا (لوقا 31:3؛ 2 صموئيل 15:5). وقد ناشد حجي أولئك الذين كانوا بدافع من الأنانية يهتمون ببناء بيوتهم الخاصة بدلاً من بناء بيت الرب، وحرضهم على أن يعطوا الرب المقام الأول. وانضم زكريا إلى حجي في تشجيع اليهود على إعطاء الأولوية للاحتياجات الروحية وإعادة بناء الهيكل: وكان شيوخ اليهود يبنون وينجحون حسب نبوة حجي النبي وزكريا ابن عدو. فبنوا وأكملوا حسب أمر إله إسرائيل وأمر كورش وداريوس وأرتحششتا ملك فارس (عزرا 14:6). إن الكرازة بكلمة الله هي التي حولت الأمة من روح الاهتمام بالذات واللامبالاة بعمل مشيئة الرب إلى الشروع بحماس في إكمال الهيكل. مقدمة سفر متى
كاتب إنجيل متى هو رجل يهودي كان يشغل منصبا هاما ومربحا كجامع للجزية في الحكومة الرومانية، ولكن يسوع قال له اتبعني (متى 9:9)، فأدرك أن الأرباح المادية لا يمكن أن تقارن بالقيمة الأبدية للفرص التي لا يتيحها إلى يسوع وحده. وقد كتب متى أساسا إلى اليهود، واقتبس من جميع أسفار العهد القديم تقريباً. وقد استخدم أكثر من 100 اقتباسا مباشرا وغير مباشر من الناموس والأنبياء والمزامير. وقد كان هدف متى هو تأكيد الحقيقة أن يسوع هو المتمم لجميع النبوات المعطاة لإسرائيل بشأن المسيا الملك. ولذلك فإن العبارة "لكي يتم ما قيل" تتكرر 13 مرة في إنجيل متى (22:1؛ 15:2،17،23؛ 14:4؛ 17:8؛ 17:12؛ 14:13،35؛ 4:21؛ 56:26؛ 9:27،35). وحيث أن رغبة كل يهودي كانت مركزة في المسيا الموعود به وملكوته، فلقد استخدم متى عبارة "ملكوت السموات" 33 مرة وسجل سبعة أمثال تبدأ بالعبارة "يشبه ملكوت السموات" (متى 24:13،31،33،44،45،47،52). والأمثال والتعاليم من الصفات البارزة في إنجيل متى لأن الشعب يريد أن يسمع ماذا سيقول الملك. وقد سجل متى أيضاً 23 معجزة كدليل على أن يسوع هو المسيا. وآخر هذه المعجزات هي معجزة ذبول شجرة التين، وهي ترمز إلى القضاء على إسرائيل - وتخبرهم بأن ملكوت الله سوف ينـزع منهم (متى 43:21). ويقدم متى الهدف من إنجيله في الكلمات الافتتاحية: كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم (1:1). والكلمات ابن داود ابن إبراهيم تأتي 10 مرات في إنجيل متى. فإن "ابن داود" تربط المسيح بالعرش، أما "ابن إبراهيم" فهي تربطه بالمذبح. يبدأ متى إنجيله بسلسلة نسب يسوع ويقودنا إلى ولادته المعجزية. وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل (متى 22:1؛ إشعياء 14:7). وقد حققت ولادته في بيت لحم نبوة ميخا بأن المسيا سوف يولد في مدينة داود (ميخا 2:5؛ أيضاً لوقا 4:2). وقد تتبّع متى سلسلة نسب يسوع من إبراهيم إلى داود، كدليل على أن يسوع قد تمم نبوات العهد التي أعطاها لهم الله (تكوين 1:12-3؛ 2 صموئيل 8:7-17). ثم استمرت السلسلة حتى يوسف الذي كان الأب الشرعي، مع أنه ليس الفعلي، للرب يسوع. ويؤكد إنجيل متى الولادة الطبيعية لكل ابن من أبيه من خلال تكرار كلمة "ولد" في جميع المراحل. أما في العدد 16 فإننا نلاحظ تغييرا واضحا إذ يقول: يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع (متى 16:1). وقد كان السنهدريم يحتفظ بالسجلات المدنية حتى يستطيع اليهود أن يعرفوا سلسلة أنسابهم. ولكن أعداء المسيح لم يحاولوا أبدا أن ينقضوا دعواه بأنه من العائلة المالكة - ابن داود. فلو كان يوسف هو الأب الفعلي ليسوع، لما كان من حق يسوع أن يجلس على كرسي داود، لأن يوسف كان من يكنيا الذي حرمه الرب من أن يملك على إسرائيل (إرميا 23:22-30؛ أيضاً 2 ملوك 8:24-15؛ 2 أخبار 8:36-10). ولكن مريم كانت من نسل ناثان، وهو ابن آخر من ابناء داود، والذي لم يكن من نسل يكنيا (لوقا 31:3؛ 2 صموئيل 15:5). مقدمة سفر مرقس
كتب متى - اليهودي - إنجيله إلى اليهود، ولكن يوحنا مرقس (أعمال 12:12) كتب أساسا إلى الرومان. واسم يوحنا يشير إلى أصله اليهودي، ولكن الاسم اللاتيني مرقس ربما يشير إلى أنه حاصل على الجنسية الرومانية. ولا يعرف شيء عن أبيه. ويرجح أن يوحنا مرقس كتب إنجيله في روما أثناء السجن الأول أو الثاني للرسول بولس (فليمون 24:1؛ 2 تيموثاوس 8:1؛ 11:4). ولذلك، فعلى عكس متى الذي لم يقدم شرحا للعادات اليهودية، فإن مرقس شرح العديد من العادات اليهودية التي قد تكون غير مألوفة لدى القارئ غير اليهودي (مرقس 18:2؛ 3:7-4؛ 12:14؛ 42:15). وقد قدم تعريفا للاسماء الجغرافية الفلسطينية والحياة النباتية (5:1،13؛ 13:11؛ 3:13)، وقيمة العملات اليهودية بالمقابلة مع النقود الرومانية (42:12). وأيضاً نظرا لأن الرومان يحبون القوة ولا يهتمون كثيرا بالتعليم، فإن هذا السفر مليء بالأحداث - فهو يصف تفصيليا 20 معجزة على الأقل من معجزات الرب يسوع. ويسجل مرقس في مناسبات عديدة مشاعر الرب يسوع وردود أفعاله: فنظر حوله إليهم بغضب حزينا على غلاظة قلوبهم (5:3؛ أيضاً 34:7؛ 12:8). والغرض الرئيسي من إنجيل مرقس هو إثبات ألوهية يسوع كابن الإنسان وابن الله ومخلص المؤمنين التائبين. إن يسوع أكثر من مجرد إنسان عظيم، هذا ما نقرأه في افتتاحية الإنجيل: بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله (مرقس 1:1). وقد أثبت مرقس ذلك بأن أظهر السلطان الذي مارسه يسوع على الشياطين وعلى المرض وعلى الموت وعلى العناصر. وتأتي عبارة ابن الله خمس مرات في هذا الإنجيل (مرقس 1:1؛ 11:3؛ 7:5؛ 61:14؛ 39:15). وقد سجل مرقس كلام الآب عند معمودية الرب وعلى جبل التجلي مشيرا إلى يسوع باللقب ابني الحبيب (مرقس 11:1؛ 7:9). وقدم مرقس أيضاً الرب يسوع كالخادم الكامل والعامل لحساب الله. وتتضح الإرسالية الهامة للرب يسوع كخادم لله في بعض الكلمات مثل "في الحال" و "للوقت" التي تستخدم أكثر من 40 مرة. لأن ابن الإنسان أيضاً لم يأت ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين (مرقس 45:10). ولا أحد يهتم بسلسلة نسب خادم، لذلك لم يذكر مرقس شيئاً عن نسب يسوع. ولا يوجد ذكر لملائكة تعلن ميلاده، ولا مجوس يبحثون عن الملك، ولا عن حكمته التي أدهشت أساتذة اللاهوت عندما كان في الثانية عشر من عمره. وعلى عكس متى، فإن مرقس لم يسجل الموعظة العظيمة على الجبل ومعظم أمثال الرب يسوع حيث أن الخدام لا يشتهرون بما يقولون ولكن بما يفعلون. لم يكن مرقس واحدا من الاثني عشر رسولا ولكنه كان شابا مسيحيا يعيش في أورشليم. وأمه مريم كانت أيضاً مسيحية، وكانت الكنيسة الأولى تجتمع عادة في بيتها (مرقس 51:14-52؛ أعمال 12:12-13). وكان برنابا المرسل - وهو لاوي من قبرص - هو خال مرقس (أعمال 36:4؛ كولوسي 10:4). وقد رافق مرقس بولس وبرنابا في رحلتهما المرسلية الأولى ولكنه عاد إلى بيته قبل إتمامها (أعمال 25:12؛ 2:13-5،13). ولذلك رفض بولس صحبة مرقس في رحلته المرسلية الثانية (أعمال 37:15-38). ولكن في وقت لاحق، كتب بولس قائلاً: خذ مرقس وأحضره معك لأنه نافع لي للخدمة (2 تيموثاوس 11:4). وقد ذهب مرقس أيضاً مع بطرس إلى بابل (1 بطرس 13:5). مقدمة سفر لوقا
كتب متى إلى اليهود، ومرقس إلى الرومان، أما لوقا وهو من أصل أممي فقد وجه إنجيله وأيضاً سفر أعمال الرسل إلى شخص يوناني اسمه ثاوفيلوس، ومعنى اسمه "صديق الله". ومع أن لوقا لم يكن واحدا من الاثني عشر رسولا، إلا أنه كان مرتبطا ارتباطا وثيقا برحلات بولس التبشيرية وكان يدعى الطبيب المحبوب (أعمال 10:16؛ 6:20؛ 27:24؛ 1:27؛ 16:28؛ كولوسي 14:4؛ 2 تيموثاوس 11:4؛ فليمون 24:1). وقد نادى لوقا بإنجيل شامل "لجميع الناس" وسجل بشارة الملاك القائل: ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب (لوقا 10:2). وقد تكلم عن يسوع بصفته نور إعلان للأمم (لوقا 32:2). وقد قدم يسوع بصفته أكثر من مجرد المسيا لليهود وذلك بأن ذكر علاقته الإنسانية بكل البشرية. فلقد تتبّع لوقا سلسلة نسب الرب يسوع من خلال العذراء مريم حتى 4000 سنة مضت إلى خلق آدم، ابن الله (لوقا 38:3)، وهذا يكشف خدعة نظرية التطور. ومن بين الأناجيل الأربعة، لوقا وحده يذكر الأرملة الأممية التي من صيداء ونعمان السرياني (لوقا 26:4-27)، وعبد قائد المئة الروماني الذي كان عزيزا عنده (لوقا 2:7). وتوجد أكثر من 50 حادثة في إنجيل لوقا غير مذكورة في أي من أناجيل متى أو مرقس أو يوحنا. إن الإنسانية الكاملة للرب يسوع معلنة بأكثر تفصيل في إنجيل لوقا عن سائر الأناجيل. وبذكر ولادته وفترة صباه، يؤكد لوقا حقيقة كون يسوع ابن الإنسان وأيضاً ابن الله المولود من العذراء، وبالتالي أنه آدم الكامل (1 كورنثوس 22:15،45). ولكونه ابن الإنسان، يقدر يسوع أن يفهم ضعفاتنا وأن يشعر باحتياجاتنا. وتأتي عبارة "ابن الإنسان" في إنجيل لوقا 26 مرة على الأقل. وفي نفس الوقت أقر لوقا بألوهية الرب يسوع الكاملة - أنه أتى كالمخلص (لوقا 47:1؛ 11:2) وكالفادي (68:1؛ 38:2؛ 21:24). وقد أعلن لوقا اعتماد الرب يسوع إنسانيا على الآب في الصلاة (21:3؛ 16:5؛ 12:6؛ 28:9-29؛ 21:10؛ 1:11؛ 17:22،19؛ 34:23،46). وللتأكيد على الأهمية القصوى للصلاة بالنسبة لأتباعه، فإن لوقا وحده يذكر المرة التي فيها طلب منه تلاميذه قائلين: يا رب علمنا أن نصلي (لوقا 1:11). وقد سجل لوقا مثل صديق نصف الليل الذي قال: يا صديق، أقرضني ثلاثة أرغفة (لوقا 5:11-13)؛ وأنه ينبغي أن يصلى كل حين ولا يمل (لوقا 1:18)؛ ومثل قاضي الظلم والأرملة (1:18-8) الذي نتعلم منه أن نستمر مصلين حتى نحصل على الإجابة؛ ومثل الفريسي والعشار اللذين صعدا إلى الهيكل ليصليا والذي نتعلم منه ضرورة التواضع في الصلاة (لوقا 9:18-14). وفي إنجيل لوقا وحده نقرأ القول: اسهروا إذا وتضرعوا في كل حين (لوقا 36:21)؛ وقول الملاك: لا تخف يا زكريا لأن طلبتك قد سمعت (لوقا 13:1)؛ وعن حنة التي كانت تخدم الرب عابدة بأصوام وطلبات ليلا ونهارا (لوقا 37:2). وقد وضح لوقا أن الهدف الذي لأجله ترك يسوع السماء وتجسّد هو لكي يطلب ويخلص ما قد هلك (لوقا 10:19) مقدمة سفر يوحنا
يقدم لنا إنجيل يوحنا الرب يسوع كالكلمة الأزلي الأبدي الذي صار إنسانا: في البدء [قبل كل الأزمنة] كان الكلمة [المسيح]، وكان الكلمة عند الله، وكان الكلمة الله (يوحنا 1:1). ولا توجد في هذا الإنجيل سلسلة نسب، ولا مجوس يسألون أين هو المولود ملك اليهود؟ (متى 2:2)، ولا ملائكة تظهر للرعاة لكي يأتوا ويسجدوا للمخلص الذي ولد في بيت لحم. وإنما إنجيل يوحنا يصور يسوع كمن هو مساوٍ لله الآب (يوحنا 19:5-29): في أعماله (يوحنا 19:5)؛ وفي معرفته بكل شيء (يوحنا 20:5)؛ وفي استحقاقه للإكرام (يوحنا 23:5)؛وفي إعطائه الحياة الأبدية (يوحنا 24:5-25)؛ وفي أن له حياة في ذاته (يوحنا 26:5)؛ وفي إجرائه للدينونة (يوحنا 22:5،27)؛ وفي قدرته أن يقيم الأموات (يوحنا 21:5،28-29). قال المسيح أيضاً: قبل أن يكون إبراهيم، أنا كائن [أي أنا هو] (يوحنا 58:8)، معلنا أنه هو أهيه [أي أنا هو] الأزلي المذكور في العهد القديم (خروج 14:3). وفي هذا الإنجيل نسمع يسوع قائلاً: أنا والآب واحد (يوحنا 30:10). وهنا أيضاً يشهد قائلاً: الذي رآني فقد رأى الآب (يوحنا 9:14). وهو يتكلم أيضاً عن المجد الذي كان له عند الآب قبل كون العالم (يوحنا 5:17). ويعلن يوحنا أيضاً عن يسوع أنه حمل الله المذكور في النبوات الذي يرفع خطية العالم (يوحنا 29:1؛ إشعياء 7:53)؛ وأنه خبز الحياة الذي يشبع النفس الجائعة إلى الأبد (يوحنا 31:6-58)؛ ونور العالم الذي ينير ظلمة الخطية؛ ومخلص العالم (يوحنا 12:8)؛ والراعي الصالح الذي يعتني بخرافه (يوحنا 11:10-15)؛ وهو القيامة والحياة الذي يغلب الموت ويعطي الحياة الأبدية (يوحنا 25:11-26). إنه مملوء نعمة وحقاً - فهو النعمة المتناهية من أجل فدائنا، وهو مصدر كل حق كي يعلن الله لنا (يوحنا 14:1)؛ إن يسوع هو الطريق والحق والحياة، ليس أحد يأتي إلى الآب إلا به (يوحنا 6:14). وأتباعه يتطهرون ويتقدسون بسبب الكلام الذي يكلمهم به (يوحنا 3:15؛ 17:17). وقد قال لليهود الذين آمنوا به: إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي، وتعرفون الحق والحق يحرركم (31:8-32). ويقول للعالم "المتدين" الهالك: أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا (يوحنا 44:8). إن إنجيل يوحنا إنجيل شامل، وموجه ليس إلى اليهود فقط بل إلى كل الجنس البشري. وقد كتب لكي تؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه (31:20) مقدمة سفر أعمال الرسل
كاتب سفر أعمال الرسل هو لوقا، وهو من أصل أممي، وقد كتبه إلى رجل أممي آخر اسمه ثاوفيلس، ويعتبر هذا السفر تكملة لإنجيل لوقا. وهو يسجل بعض أعمال الروح القدس التي عملها من خلال بعض الرسل ومن خلال الكنيسة على مدى حوالي 30 سنة منذ صعود المسيح وحتى سجن بولس في روما. وابتداء من العدد الأول وحتى نهاية السفر يتكلم الكاتب عن جميع ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلم به (أعمال 1:1). فهو يبدأ بظهوراته بعد قيامته على مدى 40 يوما، ثم صعوده إلى السماء. ويصف الأحداث التي قادت إلى وجود نحو مئة وعشرين معا (أعمال 15:1) وامتلائهم بالروح القدس في يوم الخمسين الذي يعتبر إتمام لنبوة يوئيل 28:2-32. ويسجل سفر الأعمال استمرار أعمال الرب، ليس على الأرض في شكل جسدي ولكن في الروح ساكنا داخل المؤمنين به إذ أصبحوا شهودا له أمام جميع الشعوب (أعمال 8:1). إنه هو الذي سكب هذا الذي أنتم الآن تبصرونه وتسمعونه (أعمال 33:2). وفي نهاية الإصحاح الثاني، كان الرب كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون (أعمال 47:2). وخلال الثلاثين سنة الأولى للكنيسة كما هي مسجلة في سفر الأعمال، نجد أنه في كل مرة يعترف شخص بالمسيح ويؤمن به كان هذا الشخص يعتمد بحسب ما أوصى به يسوع قبل صعوده مباشرة (متى 18:28-20؛ مرقس 16:16؛ أعمال 38:2-41؛ 12:8-13،36،38؛ 18:9؛ 47:10-48؛ 15:16،33؛ 8:18؛ 5:19). والإصحاحات الاثني عشر الأولى من هذا السفر تركز على الرسول بطرس والكنيسة في أورشليم والسامرة واختبارات بطرس المميزة مع الأمم الذين أصبحوا مؤمنين. وابتداء من موت استفانوس، حدث اضطهاد شديد على المسيحية. وكان شاول الطرسوسي أحد القادة البارزين لهذا الاضطهاد، لكنه بعد تجديده خصص حياته للمسيح وجال مبشرا بالمسيح في كل أنحاء العالم وأصبح يعرف بالرسول بولس. وقد جعل مركزه الرئيسي في إنطاكية، وهي مدينة أممية أصبحت مركزا للكرازة في العالم. ويأتي وصف أحداث رحلات بولس التبشيرية الثلاث في أعمال 13 - 26:21. ويختتم السفر بسجن بولس في روما. ويبرز في هذا السفر تعبير "الكلمة" بالإشارة إلى كتابات العهد القديم، وإلى شهادة المسيحيين، وإلى يسوع الكلمة الحي (أعمال 41:2؛ 4:4،29،31؛ 2:6،4،7؛ 4:8،14،25؛ 36:10-37،44؛ 1:11،16،19؛ 24:12؛ 5:13،7،26،44، 46،48-49؛ 3:14،25؛ 7:15،35-36؛ 6:16،32؛ 11:17،13؛ 11:18؛ 10:19،20؛ 32:20). ويشار إلى الروح القدس الذي هو مصدر القوة الروحية داخل المؤمن أكثر من 40 مرة، مالئا، ومرشدا، ومعضدا لكل مسيحي. ويأتي ذكر الصلاة أكثر من 30 مرة. في أول ثلاثين سنة من تاريخ الكنيسة، نتعلم أهمية كلمة الله، والصلاة، وحضور الروح القدس وقوته في حياة كل مؤمن. كما أن هذا السفر لا يتجاهل أو يقلل من شأن ذلك الكائن الخارق للطبيعة الذي هو الشيطان (أعمال 3:5)، فهو عدو المسيح، والمشتكي على الإخوة (رؤيا 10:12)، والمخادع الذي لا يكف عن محاولاته لإعاقة تقدم الإنجيل مقدمة سفر رومية
الرسول بولس هو الذي كتب رسالة رومية. وموضوع هذه الرسالة هو: إنجيل المسيح، لأنه قوة الله للخلاص لكل من يؤمن ويثق ثقة شخصية ويخضع ليسوع المسيح ويقبله مخلصاً وربا (رومية 16:1). وفي رسالة رومية نجد شرحا متدرجا للحياة المسيحية: الإصحاحات 1-3 ترسخ الحقيقة بأن كل من اليهودي والأممي قد أخطأوا في حق الله وغير قادرين، بالمجهود البشري، أن يتصالحوا مع الله. فالجميع أخطأوا... ليس بار ولا واحد... لأنه بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر أمامه (رومية 12:2؛ 9:3-10،20). الإصحاحان 4-5 يشرحان كيف أن الله قد أعد طريقة بها يحصل أي إنسان على غفران خطاياه. لقد تحقق ذلك من خلال موت يسوع الكفاري وقيامته الحرفية، الذي أسلم من أجل خطايانا وأقيم من أجل تبريرنا [أي ليحررنا ويمحو ذنوبنا التي ارتكبناها في حق الله]... بربنا يسوع المسيح... فبالأولى كثيرا ونحن متبررون [أي أصبحنا في علاقة سليمة مع الله] الآن بدمه نخلص به من الغضب (رومية 25:4؛ 1:5،9). إصحاح 6 يقدم لنا شرحا كاملا لمعنى وأهمية معمودية المؤمن: دُفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدة الحياة [أي الحياة الجديدة] (رومية 4:6). الإصحاحان 7-8 يكشفان عن الصراع القائم بين الطبيعة الجديدة والطبيعة العتيقة: فإن الذين هم حسب الجسد [وتتحكم فيهم الرغبات غير المقدسة] فبما للجسد يهتمون ولكن الذين حسب الروح [وتتحكم فيهم رغبات الروح القدس] فبما للروح... لأنه إن عشتم حسب الجسد [أي حسب ما يشتهيه الجسد] فستموتون (رومية 5:8،13). الإصحاحات 9-11 تبين كيف أن الإنجيل يتجه إلى كل من اليهود والأمم لكي يبين غنى مجده على آنية رحمة قد سبق فأعدها للمجد، التي أيضاً دعانا نحن إياها ليس من اليهود فقط بل من الأمم أيضاً (رومية 23:9-24). لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص (رومية 13:10). الإصحاحات 12-16 تناقش النمو الروحي والسلوك الروحي - أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية... ولا تشاكلوا [أي تتشكلوا بحسب] هذا الدهر (رومية 1:12-2). إن جميع الحكومات هي مرتبة من الله ؛ لذا: لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة [أي السلطات المدنية]... حتى إن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله (رومية 1:13-2 و 1:15). وعلينا أن نراعي روح الإشفاق على ضمائر الآخرين (1:14-23) وأن نحتمل ضعفات الضعفاء ولا نرضي أنفسنا (رومية 1:15). وتختتم الرسالة بتحيات النعمة من بولس إلى شركائه في الخدمة (إصحاح 16) - وهذا مثل رائع لنا لنحتذي به مقدمة سفري كورنثوس الأولى والثانية
أثناء رحلة الرسول بولس التبشيرية الثانية،رأى رؤيا في ترواس أن رجلا من مكدونية يستغيث به طالباً العون. فاعتبر هذه دعوة من الله، ورحل من آسيا إلى أوروبا حيث بدأ خدمته في فيلبي المدينة الرئيسية في مقاطعة مكدونية وهي مستعمرة رومانية (أعمال 12:16). وهناك تعرض هو وسيلا للضرب المبرح والسجن، ثم بعد ذلك أطلق سراحهما في زلزال عظيم (أعمال 25:16-26). ثم غادر بولس فيلبي وسافر مسافة 100 ميل (160 كيلومتر) إلى تسالونيكي، وهي عاصمة مكدونية، ثم 50 ميل (80 كيلومتر) نحو الجنوب الغربي إلى بيرية حيث قَبِل الناس الكلمة [البشارة بيسوع المسيح]، فاحصين الكتب كل يوم هل هذه الأمور هكذا (أعمال 11:17). ثم سافر بولس إلى أثينا، وهي من أشهر المراكز التعليمية في العالم القديم، حيث حدثهم عن الإله المجهول للأثينيين على جبل مارس (أعمال 23:17،30). ونظرا للنجاح المحدود في أثينا، فقد رحل بولس إلى كورنثوس، التي تقع على بعد 50 ميلا تقريباً (80 كيلومترا) نحو الغرب، حيث مكث ما يقرب من سنتين. وأثناء هذه المدة كان يعول نفسه من خلال مهنته في صنع الخيام بمساعدة أكيلا وبريسكلا، وهما زوجان يهوديان كانا قد هربا من روما بسبب مرسوم كلوديوس الذي أجبر جميع اليهود على الرحيل. وكانت مدينة كورنثوس، التي يبلغ تعدادها حوالي 400.000 نسمة، مدينة غنية جدا إذ أنها كانت متحكمة في كل التجارة البحرية بين الشرق والغرب وأيضاً في الرحلات البرية والأعمال المتبادلة بين الشمال والجنوب. وقد كانت كورنثوس عاصمة إقليم أخائية الروماني وكانت واحدة من أبرز المدن في اليونان. وعلى الجبل المطل على كورنثوس كان يوجد معبد إلهة الحب، أفروديت، حيث كان الرجال والنساء يمارسون العهارة كجزء من عبادتهم. وعندما غادر بولس كورنثوس، عاد أولا إلى أنطاكية ثم رجع إلى أفسس حيث مكث ما يقرب من ثلاث سنين. وبينما كان في أفسس (1 كورنثوس 8:16) تلقى بولس أخبارا مزعجة بشأن المشاكل التي نشأت في كنيسة كورنثوس (1 كورنثوس 11:1؛ 1:5؛ 1:7؛ 18:11). فلقد كانت الكنيسة منقسمة (10:1 - 21:4) وكان البعض يعيشون في النجاسة (1:5-13). وردا على ذلك، أرسل بولس إلى الكنيسة أجمل تعريف كتب عن الحب وهو المسج ل في إصحاح 13، وأفضل شرح لقيامة المسيح في إصحاح 15. والهدف الرئيسي من رسالة كورنثوس الثانية هو لأجل مدح الإجراء التأديبي الذي اتخذته الكنيسة ضد الخطية نتيجة لرسالة بولس الأولى. وهذه الرسالة تحذر أيضاً من الأنبياء الكذبة وتدافع عن سلطة بولس الرسولية (إصحاح 10،12،13). خلال السنوات التي تلت رحيل بولس، يبدو أنه قد قامت مؤامرة داخل الكنيسة تهاجم سلطة بولس وتشكك في أحقيته كرسول وتقول عن حضوره أنه ضعيف (2 كورنثوس 10:10). وأحد المواضيع الرئيسية في رسالة كورنثوس الثانية هو خدمة المصالحة. ويقتبس الرسول بولس مرارا من أقوال العهد القديم ويقوم بتطبيقها (لاحظ: خروج 18:16؛ لاويين 12:26؛ تثنية 4:25؛ 2 صموئيل 14:7؛ مزمور 9:112؛ إشعياء 8:49؛ 11:52؛ حزقيال 41:20؛ هوشع 10:1؛ 1 كورنثوس 9:9؛ 2 كورنثوس 2:6،16-18؛ 1:7؛ 15:8؛ 1:13) مقدمة سفر غلاطية
يوجه بولس هذه الرسالة إلى كنائس غلاطية (غلاطية 2:1). وهي تشمل أنطاكية بيسيدية، وإيقونية، ولسترة، ودربة - وهي أماكن في مقاطعات مختلفة وإن كانت كلها داخل إقليم غلاطية الروماني. والرحلة التبشيرية الأولى التي قام بها بولس وبرنابا في هذه المنطقة مسجلة في سفر الأعمال إصحاح 13 و 14. أما رحلة بولس التبشيرية الثانية إلى إقليم غلاطية، فقد كانت مع سيلا (أعمال 40:15-41؛ 1:16-2،5-6). وقد بلغ إلى مسامع بولس أن المعلمين الكذبة يقنعون بعض الكنائس بأن الختان وحفظ الأيام والشهور والمواسم والسنين لازم للمسيحية الحقيقية. وفي هذه الرسالة، يشرح بولس الفرق بين المسيحية الحقيقية وبين التدين، ويقول أن جميع الأديان الأخرى مرفوضة (غلاطية 8:1-9). وهو يعلن أن خلاصنا يعتمد فقط على ربنا يسوع المسيح الذي بذل نفسه لأجل خطايانا لينقذنا من العالم الحاضر الشرير (غلاطية 3:1-4). ويشير بعد ذلك إلى أن الأعمال الصالحة، مهما بلغت درجة صلاحها، لا يمكن أن تجعل من الشخص مسيحيا. فهو يكتب قائلاً: إذ نعلم أن الإنسان لا يتبرر بأعمال الناموس (غلاطية 16:2). لأنكم جميعا ابناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع، لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح (غلاطية 26:3-27) وقد أصبحتم خليقة جديدة (غلاطية 19:4؛ 15:6). تقدم أيضاً هذه الرسالة تحذيرا قويا لكل من يستمر في ممارسة أعمال الجسد التي هي زنى، عهارة، نجاسة، دعارة، عبادة الأوثان، سحر، عداوة، خصام، غيرة، سخط، تحزب، شقاق، بدعة، حسد، قتل، سكر، بطر... أن الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله. ويختم قائلاً أن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات (غلاطية 19:5-21،24) مقدمة سفر أفسس
مكث الرسول بولس في كورنثوس أكثر من سنة ونصف. ثم أبحر مع أكيلا وبريسكلا إلى أفسس وتركهما هناك لإكمال الخدمة بينما ذهب هو إلى أورشليم (أعمال 18:18-21). وقد عاد مرة أخرى في رحلته التبشيرية الثالثة ومكث في أفسس ما يقرب من ثلاث سنوات مبشرا ومعلما (أعمال 8:19-10؛ 31:20). وأثناء هذه المدة رجع الكثيرون عن عبادة الإلهة ديانا وأصبحوا مسيحيين: هكذا كانت كلمة الرب [من جهة الحصول على الخلاص الأبدي في ملكوت الله بواسطة المسيح] تنمو وتقوى بشدة [أي تنتشر وتزداد] (أعمال 20:19). وفي هذه الرسالة، يوجه بولس الانتباه إلى كيف أن الله من فرط غناه ورحمته ومحبته الكثيرة، أعطانا الحياة - نحن الذين كنا أمواتا بالذنوب والخطايا التي سلكنا فيها قبلا حسب دهر هذا العالم... عاملين مشيئاًت الجسد والأفكار [أي شهواتنا التي تمليها علينا حواسنا وتخيلاتنا الشريرة]. وكنا بالطبيعة ابناء الغضب كالباقين أيضاً (أفسس 2:2-3). ولكنكم الآن تتجددوا بروح ذهنكم،وتلبسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق (غلاطية 23:4-24). بالمقابلة مع هؤلاء يوجد الذين يسلكون ببطل ذهنهم، إذ هم مظلمو الفكر ومتجنبون عن حياة الله (غلاطية 17:4-18). ويدعو بولس بشدة إلى الانفصال عن أعمال الظلمة محذرا من أن كل زان أو نجس أو طماع [أي الذي يشتهي ممتلكات وغيره ويسعى بكل طريقة إلى المكسب].. ليس له ميراث في ملكوت المسيح والله (غلاطية 5:5،11). وفي ختام الرسالة، يشجعنا بولس على الاستعداد للحرب الروحية بارتداء سلاح الله الكامل، ويعلن لنا عن أهمية معرفة كلمة الله من أجل الانتصار على خطط ومكايد إبليس (غلاطية 11:6-17) مقدمة سفر فيلبي
كان الرسول بولس في ترواس في آسيا الصغرى عندما تلقى الدعوة، في رؤيا، بأن يحمل الأخبار السارة إلى مكدونية. وكان معه لوقا وسيلا وتيموثاوس، فاستقلوا في الحال باخرة إلى نيابوليس في أول رحلات بولس إلى أوروبا. ومن هناك اتجهوا فورا عبر طريق جبلي إلى فيلبي، التي تقع على بعد 10 أميال إلى الداخل. وكانت فيلبي هي المدينة الرئيسية في مقاطعة مكدونية (أعمال 12:16). وكانت ليدية هي أول من آمن ببشارة بولس، وقد كانت سيدة أعمال. وبعد ذلك بفترة قصيرة، كان بولس قد حرر فتاة جارية بها شيطان فاغتاظ أسيادها وأثاروا شغبا وأمسكوا بولس وسيلا وجروهما إلى السوق إلى الحكام... وأمروا أن يضربا بالعصا... فوضعوا عليهما ضربات كثيرة وألقوهما في السجن (19:16-23). في تلك الليلة، حدث زلزال، وانفتحت جميع أبواب السجن بطريقة معجزية وسقطت السلاسل من أيدي جميع المسجونين. وبعد الاستماع لبولس وسيلا، آمن السجان وجميع أهل بيته. وبعد بضعة سنوات، في رحلته التبشيرية الثالثة، زار بولس الكنيسة التي كانت قد تكونت في فيلبي. وفي وقت كتابة بولس لهذه الرسالة، كان مسجونا في سجن الإمبراطورية الرومانية، ربما بعد 10 سنوات من تأسيس الكنيسة في فيلبي، وحوالي 30 سنة بعد صعود المسيح وحلول يوم الخمسين وابتداء الكنيسة الأولى. وأثناء سجنه الأول في روما، كتب بولس رسائل إلى أهل فيلبي وكولوسي وأفسس وإلى فليمون. ومع أنه كان سجين الحكومة الرومانية، إلا أن بولس كان يدعو نفسه أسير يسوع المسيح لأنه كان يعرف جيداً من هو الذي يتحكم في حياته (أفسس 1:3؛ 1:4؛ 2 تيموثاوس 8:1؛ فليمون 1:1،9). فلم يكن تركيزه متجها إلى الظروف بل إلى من هو أعلى من الظروف. والفكرة الرئيسية لبولس في هذه الرسالة هي: افرحوا في الرب كل حين، وأقول أيضاً افرحوا! (فيلبي 4:4) مقدمة سفر كولوسي
كانت مدينة كولوسي تقع على الطريق التجاري الذي يربط بين أفسس وطرسوس ثم يتجه إلى سوريا. ويدعو بولس المسيحيين في كولوسي قديسين كما يشير إليهم كإخوة مؤمنين (كولوسي 2:1). وكلمة إخوة من الكلمات المحببة لدى الرسول بولس إذ يستخدمها في رسائله أكثر من 100 مرة. وفي حدود معرفتنا، لم يذهب بولس إلى كولوسي، إنما أبفراس هو الذي خدم في هذه المدينة (كولوسي 7:1). والغرض الرئيسي من هذه الرسالة هو تأكيد الحقيقة بأن الآب قد سر بأن يعطي المسيح الأولوية المطلقة على كل شيء: فإنه فيه خلق الكل... وهو رأس الجسد الكنيسة... لكي يكون هو متقدما في كل شيء... فيه سر أن يحل كل ملء... وأن يصالح به الكل لنفسه عاملا الصلح بدم صليبه (كولوسي 16:1-20). كانت الكنيسة في كولوسي تواجه بعضا من المشاكل التي تواجه العديد من الكنائس اليوم. فإن بعض اليهود كانوا يريدون أن يحفظوا الناموس، بينما كان لدى بعض اليونانيين أفكارا تشبه فلسفات "الفكر الأعلى" و "العصر الجديد" - إلى حد عبادة الملائكة كوسائط بين الله والناس. ولذلك فإن بولس وسط هذا كله قصد أن يؤكد على كفاية المسيح، فكتب لهم قائلاً: انظروا أن لا يكون أحد يسبيكم بالفلسفة وبغرور باطل حسب تقليد الناس حسب أركان العالم وليس حسب المسيح (كولوسي 8:2-9). بعد ذلك أوضح لهم بولس كيف أن علامة الختان في العهد القديم قد استبدلت بالمعمودية: مدفونين معه في المعمودية التي فيها أقمتم أيضاً معه (لحياة جديدة) بإيمان عمل الله الذي أقامه من الأموات (كولوسي 12:2). فإن جميع الفرائض الموسوية القديمة قد تمت في المسيح. بعد ذلك يأتي التعبير العملي عن الحياة الجديدة في المسيح والتزامنا بأن نميت أعضاءنا التي على الأرض [أي الرغبات الشريرة لطبيعتنا الأرضية] (5:3). مقدمة سفري تسالونيكي الأولى والثانية
في رحلته التبشيرية الثانية، اقتيد الرسول بولس إلى تسالونيكي، وهي مدينة بارزة في مقاطعة مكدونية (شمالي اليونان). وعلى الرغم من مواجهته لمقاومة عنيفة، إلا أن بعض اليهود وعدداً كبيرا من اليونانيين آمنوا وقبلوا كلمة الله (1 تسالونيكي 13:2). وبعد مغادرة تسالونيكي، اتجه بولس إلى بيرية،حيث استقبل استقبالا حسنا، ولكن لم يمض إلا وقت قصير حتى أتى اليهود المتعصبون من تسالونيكي وأخذوا يقاوموه بشراسة. بعد ذلك ذهب بولس إلى أثينا،حيث واجهه العقلانيون ببرود فلم يحقق نجاحا كبيرا، ومن هناك اتجه إلى كورنثوس (أعمال 13:17-16؛ 1:18،5؛ 1 تسالونيكي 1:3،6-7). وفي رسالته الأولى أشار بولس إلى أن الطريقة الوحيدة لاكتشاف الضلالات والتغلب على الشر هي معرفة كلمة الله التي تعمل أيضاً فيكم أنتم المؤمنين (13:2)، فإنه فقط بمعرفة الحق يمكننا أن نكتشف الكذب. بعد ذلك أعلن بعض الأمور التي ينبغي أن تحدث قبل مجيء الرب، وطمأن التسالونيكيين من جهة أن الرب نفسه... سوف ينـزل من السماء... والأموات في المسيح سيقومون أولا... ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف جميعا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء (1 تسالونيكي 16:4-17). وقد حرضهم بعد ذلك على الاستعداد لرجوع المسيح - وأن الرب يحفظ كيانهم بأكمله - روحا ونفسا وجسدا - كاملا بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح (23:5). في تسالونيكي الثانية، أنبأ بولس أنه قبل مجيء المسيح سيزداد الشر والإثم تحت قيادة شخص جبار يعرف باسم "إنسان الخطية" - يكون ممثلاً للفجور. وفي ذلك الوقت ستكون هناك مقاومة عنيفة للحق. وقد حذر أيضاً من أن التعاليم الكاذبة ستنتشر وسيسود الارتداد: لأنهم لم يقبلوا محبة الحق... بل سروا بالإثم (2 تسالونيكي 3:2،10-12). ويشار إلى رجوع المسيح أكثر من 20 مرة في الإصحاحات الثمانية القصيرة لهاتين الرسالتين مقدمة سفري تيموثاوس الأول والثاني
في رسالته الأولى إلى تيموثاوس ركز بولس على أن التعليم الصحيح ضروري سواء في العبادة أو في الحياة لأرضاء الرب. ثم أكد على الصفات الهامة للشيوخ والشمامسة وأن حياتهم يجب أن تكون متفقة مع كلمة الله (1 تيموثاوس 1:3-13). وقد ناشد بولس تيموثاوس أن يظل أمينا للمسيح ولكلمته وأن يجاهد جهاد الإيمان الحسن (1 تيموثاوس 18:1-19؛ 1:4-6؛ 3:6-4،12،20). والرسالة الثانية إلى تيموثاوس هي آخر رسالة كتبها الرسول بولس من سجنه في روما، ربما قبل استشهاده ببضعة أيام (2 تيموثاوس 6:4-7). ويعتقد بصفة عامة أن بولس قد قطع رأسه أثناء الجزء الأخير من حكم نيرون. وقد حرض بولس ابنه الحبيب تيموثاوس أن يظل جنديا أمينا للمسيح: وما سمعته مني بشهود كثيرين أودعه أناسا أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضاً (2 تيموثاوس 2:2). وقد حذر أيضاً تيموثاوس من أن ليس أحد وهو يتجند يرتبك بأعمال الحياة لكي يرضي من جنده (2 تيموثاوس 4:2). وقد أعلن بولس أن الكتاب المقدس فيه كل الكفاية للإجابة على جميع مشاكل الحياة. وقد حذر من أن التقصير في دراسة الكتاب بأكمله سيؤدي في النهاية إلى الخزي عند لقاء الرب (2 تيموثاوس 15:2). إن كلمة الله وحدها تعطي الحكمة لمعرفة وعمل مشيئة الله (2 تيموثاوس 15:3). فإن فهم أقواله هو الضمان الوحيد ضد الانخداع الذي ينتج عن خلط الحق بالكذب. فكر في هذا! إن الكتاب المقدس نافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر [أي للتدريب على الحياة المقدسة بما يتفق مع إرادة الله في الفكر والعمل والغرض] - لكي نكون مستعدين تماماً لتحقيق الهدف الذي من أجله خلقنا الله (2 تيموثاوس 16:13-17). وقد حذر بولس أيضاً من أن الكثيرين سيطلبون أن يرضوا الناس حتى لا يفقدوا شعبيتهم. وقد نصح تيموثاوس بأن يكرز بالكلمة بأمانة (2 تيموثاوس 1:4-4). مقدمة سفر تيطس
كان بولس قد ترك تيطس في كريت، وهذه الرسالة كتبت من أجل إعطائه التعليمات بشأن إكمال ترتيب الأمور الناقصة في الكنائس هناك، وبصفة خاصة من أجل إقامة شيوخ في كل مدينة (تيطس 5:1). يجب أن يتم اختيار القادة الروحيين بكل دقة طبقا لمواصفات معينة. فإن إهمال أي من هذه المواصفات يؤدي إلى نتائج خطيرة. فلكي يحصل القادة على تأييد الله وعلى بركته، يجب أن يكونوا بلا لوم في حياتهم الشخصية وأن يكونوا أمناء لكل ما هو مكتوب في الكتاب المقدس (تيطس 6:1-9). ويحذر بولس أيضاً في رسالته إلى تيطس من أن معلمين كثيرين هم مخادعون. إذ يعترفون بأنهم يعرفون الله ولكنهم بالأعمال ينكرونه إذ هم رجسون غير طائعين ومن جهة كل عمل صالح مرفوضون (تيطس 16:1). بعد ذلك يسرد بولس مواصفات الشيوخ، ويعطي التعليمات للرجال والنساء المتقدمين في السن وكيف يجب أن يعلموا بدورهم الشباب وينصحوهم أن يبتعدوا عن الشهوات الشريرة والطموحات العالمية، وأن يعيشوا أمام الرب بطريقة تمجده - منتظرين... ظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح (تيطس 13:2). بعد ذلك يأتي إعلان عن الروح القدس الذي سكبه بغنى علينا (تيطس 5:3-6) - لكي يعدنا لنكون ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية (تيطس 7:3) مقدمة سفر فليمون
كتب بولس هذه الرسالة إلى فليمون، الذي كان على ما يبدو شخصا مرموقا في كولوسي، وأيضاً من المتجددين على يد بولس شخصيا. كان أنسيمس، وهو عبد لفليمون، قد هرب إلى روما حيث التقى بالرسول بولس. ويبدو أن أنسيمس كان قد قَبِل المسيح مخلصاً له، وإذ أصبح مسيحيا فلقد وافق أن يرجع إلى سيده في كولوسي، على بعد 900 ميلا. وفي هذه الرسالة الجميلة يحرض بولس فليمون على مسامحة أنسيمس وقبوله مرة أخرى - ليس كعبد هارب بل كأخ محبوب - تماماً كقبوله لبولس نفسه (فليمون 17:1). والفكرة الأساسية هنا هي أن المسيح قد أوجد أخوّة روحية تجعل الغني والفقير، الضعيف والقوي، في نفس الدرجة من الأهمية في نظر الله. لذلك يجب أن يكون الجميع على درجة متساوية من المعزة في نظرنا إذا كان المسيح متسيدا على حياتنا. توجد 11 إشارة إلى الرب يسوع المسيح في هذه الرسالة القصيرة. مقدمة سفر العبرانيين
من المتعارف عليه بوجه عام أن بولس هو كاتب هذه الرسالة. ولكن الكاتب الحقيقي لكل أسفار الكتاب المقدس هو الروح القدس. وموضوع هذه الرسالة هو أفضلية المسيح. فهي توضح كيف أنه اسمى بكثير من الأنبياء، والكهنة، وموسى، والناموس، وأيضاً الملائكة. فهو رسم جوهر الله [أي ذات جوهر الله] وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته (عبرانيين 3:1). والكاتب أيضاً يعظم كلمة الله المعصومة من الخطأ (عبرانيين 1:1؛ 12:4). وكلمة "أفضل" (أي اسمى) هي من الكلمات الواضحة في رسالة العبرانيين وهي تقارن بين بركات العهد القديم وبين الامتيازات التي لنا في المسيح. فنحن لنا رجاء أفضل (عبرانيين 19:7)؛ ومواعيد أفضل (6:8)؛ وعهد أعظم (6:8). فالوصايا العشر كانت مكتوبة على لوحين من الحجر، أما عهد المسيح فهو مكتوب على قلوبنا (10:8)؛ والمؤمن له اليقين من جهة مال أفضل (عبرانيين 34:10). فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة (35:10). وتوجد مناشدة قوية من جهة الحق الذي سمعناه لئلا نتحول عنه ونضل طريقنا (1:2). ولكي يعبد بنو إسرائيل الله في العهد القديم كان لا بد من تقديم دم الحيوانات البريئة يوميا من أجل الخطية. ولكن لم تكن هناك ذبيحة يمكن تقديمها من أجل الخطايا الإرادية أو العمدية (عدد 30:15). وهذا المبدأ الرئيسي لا زال ساريا اليوم في العهد الجديد. نحن الذين متنا عن الخطية كيف نعيش بعد فيها؟ (رومية 1:6-2). فإنه إن أخطأنا باختيارنا بعد ما أخذنا معرفة الحق لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا (عبرانيين 26:10-29). وبالمقابلة الواضحة مع العهد القديم برئيس كهنته وبذبائحه التي لا تنتهي، نجد العهد الجديد الذي لا يتطلب سوى ذبيحة واحدة: دم المسيح المرشوش في قدس الأقداس السماوية للتكفير عن خطايانا (عبرانيين 12:9؛ 1:10-29). وهو الآن جالس عن يمين الله رئيس كهنتنا، إذ هو حي في كل حين ليشفع فينا (25:7). مقدمة سفر يعقوب
كاتب هذا السفر الصغير يعرف نفسه بأنه يعقوب عبد الله والرب يسوع المسيح (يعقوب 1:1). فلقد ولدت أم يسوع ابناء آخرين بعد يسوع، وكان اسم أحدهم يعقوب (متى 55:13؛ مرقس 3:6). وهو لم يكن واحدا من الاثني عشر (متى 2:10-4). قال بولس عنه أنه يعقوب أخو الرب (غلاطية 19:1). وربما كان يعقوب هذا هو الشيخ القائم على الكنيسة في أورشليم (أعمال 17:12) وبصفته قائدا لمجلس الرسل والشيوخ، فلقد أعلن رأىه عند انتهاء المناقشة (أعمال 13:15). وقد قيل عن الأشخاص المرسلين من كنيسة أورشليم إلى أنطاكية أنهم أتوا من عند يعقوب (غلاطية 12:2)، وقد أعطى بولس تقريرا ليعقوب عن كل ما فعله الله بين الأمم (أعمال 18:21-19). وقد اقتبس يعقوب مرارا من كتابات العهد القديم لتأكيد رسالته. وكان يقوم بعد ذلك بتطبيق هذه الكتابات على الحياة المسيحية (يعقوب 8:2،23؛ 5:4). وتقدم رسالة يعقوب سلسلة اختبارات عملية نستطيع بها أن نتأكد من صدق إيماننا. وقد حرض يعقوب المؤمنين أن يحفظوا أنفسهم بلا دنس من العالم (يعقوب 27:1)؛ وقد أقر أيضاً أن التجارب هي اختبارات لازمة للنضج (2:1-4). ووصف الذين يجارون العالم بأنهم زناة [لأنهم خانوا عهد ارتباطهم بالله] تعبيرا عن عدم أمانتهم للمسيح وعن التصاقهم بالعالم (4:4). ويذكرنا بأن نكون ابناء روحيين لله بكلمة الحق. وكابناء له يجب أن نكون عاملين بالكلمة لا سامعين فقط (18:1،21-23،25). ويطلق يعقوب عدة اسماء على كلمة الله مثل الكلمة، الشريعة، الحق، ويطلب منا أن نفحصها ونسمعها ونقبلها ونعمل بها. تحرض رسالة يعقوب المؤمنين على الصلاة، وتقدم لهم إيليا مثالا لفاعلية الصلاة وقوتها - فقد كان إيليا إنسانا مثلنا ولكنه آمن أن الله سيستجيب صلاته (5:1-8؛ 13:5-18) مقدمة سفري بطرس الأولى والثانية
يسمي بطرس نفسه رسول يسوع المسيح... والشيخ رفيق الشيوخ والشاهد لآلام المسيح (1 بطرس 1:1؛ 1:5)، وهو يذكر أنه قد أرسل هذه الرسالة من بابل (13:5). لقد كتب للمسيحيين على الساحل الشمالي من آسيا الصغرى حيث لم يكن بولس قد بشر - إلى المتغربين من شتات بنتس وغلاطية وكبدوكية وآسيا وبيثينية المختارين (1:1) - وهم ربما قد تشتتوا نتيجة للاضطهاد العظيم الذي أجبر المؤمنين أن يرحلوا من أورشليم (أعمال 1:8-4). وعلى مر التاريخ تعرض المسيحيون لكل أنواع الآلام: لأنكم لهذا دعيتم فإن المسيح أيضاً تألم لأجلنا تاركا لنا مثالا لكي تتبعوا خطواته (1 بطرس 21:2). وقد اقتبس بطرس مرارا من العهد القديم لتوضيح حقائق العهد الجديد. على سبيل المثال، يقول: لأنه مكتوب، كونوا قديسين لأني أنا قدوس (1 بطرس 16:1؛ لاويين 44:11-45). ومحور هذه الرسالة هو أهمية كلمة الله المقدسة التي ترشدنا نحو الحياة الجديدة في المسيح: مولودين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد (1 بطرس 23:1). فإننا مثل أطفال حديثي الولادة يجب أن نشتهي كلمة الله لكي تغذينا (1 بطرس 2:2). في الفترة بين الرسالتين تعرضت الكنيسة إلى حالة حرجة جدا. لذلك حذرهم بطرس قائلاً: سيكون فيكم أيضاً معلمون كذبة (2 بطرس 1:2-3). وقد كان بطرس مهتما بألا ينخدع المسيحيون بالتعاليم الفاسدة والمعلمين الكذبة فناشدهم قائلاً: هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة... لذلك بالأكثر اجتهدوا أن تجعلوا دعوتكم واختياركم ثابتين، لأنكم إذا فعلتم ذلك لن تزلوا أبدا (2 بطرس 4:1-10) مقدمة سفر يوحنا الأولى
يقدم لنا إنجيل يوحنا الرب يسوع كالكلمة الأزلي الأبدي الذي صار إنسانا: في البدء [قبل كل الأزمنة] كان الكلمة [المسيح]، وكان الكلمة عند الله، وكان الكلمة الله (يوحنا 1:1). ولا توجد في هذا الإنجيل سلسلة نسب، ولا مجوس يسألون أين هو المولود ملك اليهود؟ (متى 2:2)، ولا ملائكة تظهر للرعاة لكي يأتوا ويسجدوا للمخلص الذي ولد في بيت لحم. وإنما إنجيل يوحنا يصور يسوع كمن هو مساوٍ لله الآب (يوحنا 19:5-29): في أعماله (يوحنا 19:5)؛ وفي معرفته بكل شيء (يوحنا 20:5)؛ وفي استحقاقه للإكرام (يوحنا 23:5)؛وفي إعطائه الحياة الأبدية (يوحنا 24:5-25)؛ وفي أن له حياة في ذاته (يوحنا 26:5)؛ وفي إجرائه للدينونة (يوحنا 22:5،27)؛ وفي قدرته أن يقيم الأموات (يوحنا 21:5،28-29). قال المسيح أيضاً: قبل أن يكون إبراهيم، أنا كائن [أي أنا هو] (يوحنا 58:8)، معلنا أنه هو أهيه [أي أنا هو] الأزلي المذكور في العهد القديم (خروج 14:3). وفي هذا الإنجيل نسمع يسوع قائلاً: أنا والآب واحد (يوحنا 30:10). وهنا أيضاً يشهد قائلاً: الذي رآني فقد رأى الآب (يوحنا 9:14). وهو يتكلم أيضاً عن المجد الذي كان له عند الآب قبل كون العالم (يوحنا 5:17). ويعلن يوحنا أيضاً عن يسوع أنه حمل الله المذكور في النبوات الذي يرفع خطية العالم (يوحنا 29:1؛ إشعياء 7:53)؛ وأنه خبز الحياة الذي يشبع النفس الجائعة إلى الأبد (يوحنا 31:6-58)؛ ونور العالم الذي ينير ظلمة الخطية؛ ومخلص العالم (يوحنا 12:8)؛ والراعي الصالح الذي يعتني بخرافه (يوحنا 11:10-15)؛ وهو القيامة والحياة الذي يغلب الموت ويعطي الحياة الأبدية (يوحنا 25:11-26). إنه مملوء نعمة وحقاً - فهو النعمة المتناهية من أجل فدائنا، وهو مصدر كل حق كي يعلن الله لنا (يوحنا 14:1)؛ إن يسوع هو الطريق والحق والحياة، ليس أحد يأتي إلى الآب إلا به (يوحنا 6:14). وأتباعه يتطهرون ويتقدسون بسبب الكلام الذي يكلمهم به (يوحنا 3:15؛ 17:17). وقد قال لليهود الذين آمنوا به: إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي، وتعرفون الحق والحق يحرركم (31:8-32). ويقول للعالم "المتدين" الهالك: أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا (يوحنا 44:8). إن إنجيل يوحنا إنجيل شامل، وموجه ليس إلى اليهود فقط بل إلى كل الجنس البشري. وقد كتب لكي تؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه (31:20) مقدمة أسفار يوحنا الثانية والثالثة ويهوذا
يشير كاتب يوحنا الثانية إلى نفسه باسم "الشيخ"، والرسالة موجهة إلى السيدة المختارة (2 يوحنا 1:1). ويعتقد البعض أنه نظرا للاضطهاد الشديد في وقت كتابة الرسالة كان الكاتب في الواقع يكتب إلى كنيسة مسيحية وأعضائها المشار إليهم بالأولاد (1:1،4). وقد أكد على أهمية تعليم كلمة الله. وتستخدم كلمة "حق" خمس مرات في الأعداد الأربعة الأولى. ويحرض الرسول يوحنا المؤمنين على فحص آرائهم ومعتقداتهم ودوافعهم لكي يتأكدوا أنهم يعيشون طبقا لحق كلمة الله. وفي رسالة يوحنا الثالثة، تستخدم كلمة "حق" 7 مرات في الـ 14 عددا المكونة للرسالة. ونتعرف في الرسالة على ثلاثة أشخاص: ديمتريوس، وهو شخص يمدحه يوحنا؛ وغايس، وهو ذو نفع عظيم في خدمة الرب؛ وديوتريفس، وهو رجل ذو قدرات فذة ولكنه عائق للخدمة. هؤلاء الرجال يمثلون الكثيرين في وقتنا الحالي، فالناس إما يساعدون أو يعيقون خدمة المسيح ولا يوجد شخص محايد. ويشير يهوذا إلى نفسه بأنه عبد يسوع المسيح، وأخو يعقوب (يهوذا 1:1). ولكونه أخا ليعقوب، فإن يهوذا يعتبر أيضاً أخا أصغر للرب. ويهوذا ليس هو المذكور في يوحنا 22:14 ولكنه هو المذكور في متى 55:13 ومرقس 3:6. وتخصص هذه الرسالة كلها لموضوع الارتداد. فلقد كشف يهوذا عن النتائج المخيفة لاتباع التعاليم الخاطئة، ورأى أنه من الضروري أن يحذر من أنه قد دخل خلسة أناس... يحولون نعمة إلهنا إلى الدعارة... هؤلاء يفترون على ما لا يعلمون... يفسدون... سالكون بحسب شهواتهم (يهوذا 4:1،10،16). إنهم متدينون، ولكنهم إلى الأبد هالكون. والمرتد هو شخص مثل قايين، أو بلعام، أو قورح (11:1)، أو يهوذا الإسخريوطي الذي أبصر النور ولكنه رفض الحق بأكمله (2 تسالونيكي 10:2) مقدمة سفر الرؤيا
يرجّح أنه في الفترة التي أعدم فيها الرسول بولس، قام اضطهاد شديد على جميع المسيحيين. ونتيجة لذلك، اعتقل الرسول يوحنا الشيخ وسجن في بطمس - وهي جزيرة صخرية صغيرة طولها حوالي عشرة أميال وعرضها ستة أميال، وتقع مقابل الساحل الجنوبي الغربي لآسيا الصغرى (تركيا حاليا)، وليس بعيداً عن الكنائس السبع (رؤيا 9:1). وقد كان أثناء نفي الرسول يوحنا في بطمس أنه تلقى رؤيا هذا السفر. يوجد أكثر من 300 مصطلح رمزي في سفر الرؤيا لوصف الأحداث التاريخية المختصة بالمسيح وكنيسته. والموضوع البارز في هذا السفر هو ملكوت المسيح المجيد والأبدي. وجميع الرموز يمكن فهمها بالرجوع إلى العهد القديم. وينشغل العديد من المسيحيين الحقيقيين بمحاولة فهم جميع الحوادث المستقبلية المشار إليها في هذا السفر لدرجة أنهم يفشلون في أن يروا أن سفر الرؤيا هو إعلان عن شخص يسوع المسيح الذي هو محور جميع الأشياء. والعبارة المحورية لهذا السفر هي الكلمات الثلاث الأولى فيه: إعلان يسوع المسيح. وأكثر من 26 مرة في سفر الرؤيا نجد لقب الخروف، وهو اللقب الخاص بالمسيح بصفته الذبيحة. ونجده أيضاً كالألف والياء، الأول والآخر (11:1)؛ والبكر من الأموات (5:1،18؛ 8:2). يعلن هذا السفر عن انتصار المسيح النهائي على الشر. ويؤكد بأن الرب هو المتسلط على كل شيء، وأنه يستخدم كل أنشطة البشر وكل كوارث الطبيعة لإتمام مقاصده. ومع تقدمنا في قراءة هذا السفر نصبح مستعدين للتعرف على تفاصيل خطته عند وقوع أحداث النبوة. لكن الخطورة هي عندما ننبهر بالنبوة وبالأحداث المستقبلية فنتحول عن الغرض الأساسي من قراءة هذا السفر - وهو التشوق القلبي الشديد له والاستعداد للقائه. وابتداء من السبع كنائس ومناشدة المسيح لها بأن تكون غالبة، يعلمنا سفر الرؤيا كيف نصبح الأشخاص الذين يريدنا الله أن نكون لغرض تحقيق قصده من خلقنا. إن آخر حدث مجيد شوهد على الأرض هو صعود المسيح، والحدث العظيم التالي له هو رجوعه. فمن الأهمية بمكان أن نعد أنفسنا للقاء مخلصنا. إن الاستعلان العظيم لملك الملوك آتيا من السماء قد أصبح وشيكا. لذا فلنتذكر الوعد: طوبي للذي يقرأ وللذين يسمعون أقوال النبوة ويحفظون ما هو مكتوب فيها لأن الوقت قريب (رؤيا 3:1).