تامل فى اية اليوم

رؤ 13 :18 هنا الحكمة من له فهم فليحسب عدد الوحش فانه عدد انسان و عدده ست مئة و ستة و ستون

ما معنى الرقم 666؟
كانت الحروف الأبجدية تُستعمل كأرقام في الأزمنة القديمة، كما في الحروف الرومانية مثلاً. فلكل حرف أبجدي في اليونانية والعبرية والعربية رقم معين. هكذا، يمكن بسهولة حساب القيمة العددية لأي اسم.
من جهة أخرى، توجد رمزية معينة مرتبطة بالأرقام في الكتاب المقدس. فمثلاً: الأرقام الكاملة هي مثلاً 1 و3 و7 و12 ومضاعفاتها. الرقم واحد يرمز إلى الله والكل؛ والرقم 3 يرمز إلى الثالوث والكمال. الرقم 7 يرمز إلى الكمال، كمال الخليقة، وكمال الخالق. الرقم 40 يرمز إلى الكمال أيضاً. الرقم 8 هو رقم الكمال الأخروي (المتعلق بالآخرة) ورقم فيض الملء (2 أخنوخ 33: 1). إن اليوم السادس، يوم الجمعة، هو يوم التهيئة؛ أما اليوم السابع، يوم السبت، فهو صورة للراحة الأبدية. أما اليوم الثامن، يوم الأحد أو يوم القيامة، فهو التأسيس النهائي لملكوت الله.
تكرار الرقم يعني التأكيد على معناه. فإن كان الرقم 7 هو رقم الكمال ورقم الله، فالرقم 777 هو رقم الثالوث، الكمال الإلهي، والمكافئ العددي لاسم “يسوع” في اليونانية هو 888. وإذا نظرنا إلى الكتاب المقدس نجد أن الرقم 6 هو الرقم القاصر عن الرقم الكامل، الرقم 7. لهذا فالرقم 6 هو رقم عدم الكمال وعدم الملء لأن الرقم 7 هو رقم الكمال والملء. هذا يعني أن الرقم 6 يحاول أن يبدو وكأنه رقم الكمال وهو ليس هكذا. الأمر نفسه ينطبق على الرقم 666. إنه الرقم الناقص عن رقم الله، رقم الثالوث 777. لهذا يبدو الرقم 666 أنه الرقم الشبيه بالإلهي وهو ليس هكذا، فهو الرقم الإلهي الكاذب، الرقم الذي يدّعي شكل الألوهة وليس له فيها بشيء. وبما أن ضد المسيح هو مَن يبدو مثل المسيح رغم أنه ضده وعكسه، هكذا الرقم 666، فهو يبدو أنه الرقم 777 ولكنه ضده وعكسه. ولهذا يكون الرقم 666 رقم ضد المسيح. فالرقم 6 هو قاصر عن الرقم 7 (الرقم الكامل)، وبالتالي 666 يعني الفشل ثلاث مرات، أي الفشل المطلق، لأنه الفشل ثلاث مرات في الوصول إلى المطلق الذي هو الثالوث (777).
إذا عدنا إلى سفر الرؤيا 13 نجد أن يوحنا يذكر وحشاً يصنع آيات ليضلّ الساكنين على الأرض. ويقول: “لا يقدر أحدٌ أن يشتري أو يبيع إلا مَن له السمة أو اسم الوحش أو عدد اسمه” (رؤيا 13: 17). ويضيف قائلاً: “هنا الحكمة: مَن له فهمٌ فليحسب عدد الوحش، فإنه عدد إنسان، وعدده ستمئة وستة وستون” (رؤيا 17: 18).
يوحنا يصف لنا الوحش وأفعاله ونتائج أفعاله على المؤمنين. ومن ثم يقدّم لنا فكرة عن هويّة الوحش. من نص سفر الرؤيا نجد يوحنا مهتماً بنقطتين رئيستين. الأولى: أن الوحش سيضلّ الساكنين على الأرض ليُبعدهم عن يسوع المسيح. هذا سيتمّ بطرق عديدة مثل الآيات والتعاليم والقيود التي سيفرضها هذا الوحش بأشكال كثيرة. النقطة الثانية متعلقة بهوية الوحش. يوحنا يقول أن للوحش اسماً وعدداً لاسمه. من الطبيعي أن يتوقع يوحنا أن القارئ سيتوق لمعرفة اسم الوحش أو هويته ليأخذ حذره منه. لكن يوحنا لا يذكر اسماً للوحش، بل يقول: “هنا الحكمة: مَن له فهمٌ فليحسب عدد الوحش”. إذاً عدد الوحش سيدلّ على هويته. لماذا لي يذكر يوحنا اسم الوحش، ولماذا يتطلب حساب عدد الوحش حكمة؟
من الواضح أن يوحنا لا يريد ذكر اسم الوحش لسببٍ وجيه. لا يريد يوحنا أن يحصر الوحش باسمٍ معين لئلا يفترض القارئ أن هذا الاسم هو الوحش وعداه ليس بوحشٍ وبالتالي لا يأخذ القارئ حذره سوى من صاحب الاسم المعين. هذا بالضبط ما يريد يوحنا تجنّبه. يوحنا ذكر أعمال الوحش وشروره بطريقة قد تنطبق على أكثر من اسم وعلى أكثر من عدو للمسيح وللمسيحيين. لهذا السبب لا يريد يوحنا من القارئ أن يفترض أن صاحب الاسم (لو ذُكر) هو وحده الشرير. على المسيحي، كل مسيحي، أن يكون حذراً يقظاً، حكيماً وساهراً، لأنه لا يعرف من أين تأتي التجربة وكيف تأتي. الجهاد الروحي يتطلب اليقظة الدائمة في كل مكان وزمان.
يوحنا لم يشأ ذكر اسم الوحش لكنه لم يحجب عن القارئ طريقة معرفة هذا الوحش. هذه المعرفة تتطلب حكمة وفهماً. مَن له الحكمة والمعرفة فليحسب عدد الوحش. عدد الوحش هو عدد اسمه كما ذكر يوحنا. هذا العدد، يقول يوحنا، هو “عدد إنسان”. إذاً: لا يتكلم يوحنا هنا عن الصراع مع الشيطان وملائكته كما سبق لبولس أن ذكر هذا (أفسس 6: 12). يوحنا هنا يتكلم عن “إنسان” سيضطهد المسيحيين بأشكال شتى. لهذا الوحش “عدد إنسان”. بالطبع مصارعتنا الحقيقية هي “مع أجناد الشر الروحية في السماويات” (أفسس 6: 12)، لكن هذه المصارعة ستكون عن طريق وسطاء بشرٍ يلعبون دور الشرير فيكونون أدواته ووحوشه. مَن هو هذا الوسيط الشرير والمتوحش؟ هل هو إنسان معين؟ هل هو مجموعة من البشر؟ يوحنا لم يذكر اسماً معيناً كي لا يحصر عدو المسيح بهذا الاسم كما أسلفنا. لكنه يريدنا أن نعرف هوية الوحش أو على الأقل ملامحه. الطريقة التي أرادنا يوحنا (أو الوحي الإلهي)، نعرف بها هوية الوحش هي بحساب عدد اسمه وعدده هو 666. عندما نأتي إلى ذكر عدد معين في الكتاب المقدس، علينا أن نتذكر رمزية الأعداد كما ذكرنا سابقاً. لأن يوحنا يفترض من القارئ أن يكون مُلمَّاً بهذه الرمزية لكي يفهم معنى عدد معين. هذه الرمزية تعني أن عدد اسم الوحش هو 666: أي سيكون الوحش إنساناً يدّعي الألوهة أو يتظاهر بها أو يحول أن يكون مسيحاً آخر كي يضل كثيرين. هذا الوحش – الإنسان سيحاول أن يبدو مثل الله أو مثل المسيح(13) (كما ينقص العدد 666 عن عدد الألوهة الحقيقية 777).

لو ذكر يوحنا اسماً معيناً لهذا الوحش، لكانت هويته محصورة في هذا الشخص المذكور. أما إن كان هذا “الوحش – الإنسان” يحمل عدداً معيناً لا اسماً خاصاً به، فإن أكثر من شخص في التاريخ البشري قد ينطبق عليه هذا العدد. يوحنا كان عالماً أن القارئ سيصل إلى أكثر من استنتاج متعلق بهوية هذا الوحش. لهذا قال: “هنا الحكمة: مَن له فهمٌ فليحسب عدد الوحش، فإنه عدد إنسان، وعدده ستمئة وستة وستون” (رؤ 17: 18). أي أن المقصود إنسانٌ ما (“عدد إنسان”)، هذا الإنسان يحمل عدداً معيناً (666) مما يعني أن هذا الإنسان سيضلّ ويضطهد الكثيرين، وسيكون عظيماً في القوة والشر، وسيصنع آيات ليضلّ المؤمنين. بما أن هذا الوصف ينطبق على أكثر من شخصية تاريخية لعبت هذا الدور وكانت لها هذه المواصفات، فإن العدد 666 ينطبق ويعني أكثر من إنسان معين. لأن المهم بنظر يوحنا أن يكون المسيحي يقظاً تجاه أعدائه جميعاً لا تجاه عدو واحد معين. من هنا نفهم تحذير يوحنا عندما قال: “هنا الحكمة: مَن له فهمٌ فليحسب عدد الوحش”. أي: لا أريد أن أحصر هوية الوحش بشخصية واحدة معينة. المهم ليس الشخصية بل الدور الذي يلعبه هذا الوحش. لنتذكر أن الوحش هو أداة للشيطان. فالأهم هو الشيطان الذي يقف خلفه. أي إنسان يلعب دور هذا الوحش يكون هو الوحش، كما أن أي إنسان يلعب دور “ضد المسيح” يكون هو “ضد المسيح”. وبقوله “فليحسب عدد الوحش” يريد يوحنا من هذا أن يكون للقارئ دور المسيحي اليقظ الذي يميّز الخير من الشر بصورة فاعلة لا منفعلة.

يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هنا: على مَن ينطبق هذا العدد 666؟ بالطبع حساب اسم من رقم معين أمر شائع أيام يوحنا. من هنا نفهم المحاولات العديدة لاستنتاج اسم هذا الوحش. لكنها كلها لم تُفضِ إلى نتيجة مُقنعة. فالتنين والوحش هما رمز الإمبرطورية الرومانية، فمن البديهي أن يفترض الناس أن العدد 666 هو رمز لشخصية رومانية مهمّة اضطهدت المسيحين. اسم نيرون قيصر المترجم حرفياً من اليونانية إلى العبرية هو بالضبط 666. ربما لم يقصد يوحنا نيرون لكن ليس من المستبعد أن يكون المقصود من هذا العدد إمبرطوراً رومانياً(14).