- رجل عجوز يسكن في إحدى القرى الريفية البسيطة . وكان أهل قريته يثقون به وبحكمته وبعلمه . وكان مقصد لهم في جميع مشاكلهم ومشاغلهم ومخاوفهم .

- في آحد الأيام قصده فلاح فظ من القرية . وقال له بصوت عالٍ ومحموم :

- أيها الرجل الحكيم أريد مساعدتك بإسداد الرأي لي لقد حدث معي شيء فظيع . لقد هلك ثوري وليس لدي حيوان آخر يساعدني على حرث الأرض . أليس هذا أسوأ شيء يمكن أن يحدث لفلاح وحدث لي ؟

- أجابه العجوز الحكيم : ربما كان ذلك صحيحاً . وربما كان هذ لخيرك .

- فأسرع الفلاح عائداً إلى القرية . وأخبر الجميع أن الرجل العجوز قد جن . وعندما سألوه لماذا تتكلم عنه هكذا وتتهمه بالجنون . قال قصدته للمشورة وكان جوابه ليس شافياً . ولم يعرف أن أسوأ شيء يمكن أن يحدث لفلاح هو أن يفقد ثوره . فكيف لرجل حكيم مثله أن لا يرى ذلك ؟

- وشاءت الصدف . في اليوم نفسه شاهد هذا الفلاح حصاناً صغيراً وقوياً بالقرب مِن مزرعته . ولأن لم يعد لديه ثور يعينه في عمله . راقت له فكرة مصادرة الحصان ليحل محل الثور .

- وهذا ما قام به فعلاً . كان هذا الحصان نشيط جداً . وكم كانت سعادة الفلاح بالغة عندما حرث الأرض بسرعة كبيرة . لم يحرث الفلاح الأرض بمثل هذا اليسر من قبل . وما كان منه إلا أنه عاد إلى العجوز الحكيم وقدم إليه إعتذاره عن ما بدر منه تجاهه قائلاً له :

- لقد كنت محقاً أيها الحكيم . إن فقداني للثور لم يكن أسوأ شيء يمكن أن يحدثَ لي . لقد كان نعمة لم أستطع فهمها . فلو لم يحدث ذلك لما تسنى لي أبداً أن أصيد حصاناً قوياً . لابد أنك توافقني على أن ذلك هو أفضل شيء يمكن أن يحدث لي .

- أجاب العجوز الحكيم : ربما نعم وربما لا . فقال الفلاح في نفسه ( لا ) مرة ثانية ؟ لابد أن العجوز الحكيم قد فقد صوابه هذه المرة .

- ولم يدرك الفلاح ما قد يحدث . فبعد مرور بضعة أيام سقط إبن الفلاح من فوق صهوة هذا الحصان فكسرت ساقه . ولم يعد بمقدور الولد مساعدته في أعمال الحصاد .

- مرة أخرى ذهب الفلاح إلى الرجل العجوز وقال له :

- كيف عرفت أن إصطيادي للحصان لم يكن أمراً جيداً ؟ لقد كنت أنت على صواب ثانيةً . فلقد كسرت ساق إبني ولن يتمكن مِن مساعدتي في الحصاد . هذه المرة أنا على يقين بأن هذا أسوأ شيء يمكن أن يحدث لي . لابد أنك توافقني هذه المرة .

- ولكن كما حدث من قبل نظر العجوز إلى الفلاح وأجابه بصوت تعلوه الشفقة ربما نعم وربما لا .

- إستشاط الفلاح غضباً من جهل العجوز . وعاد إلى القرية . وهو غير مدرك ما يقصده الرجل العجوز من عبارته تلك .

- في اليوم التالي . قدم الجيش وإقتاد جميع الشباب القادرين على حمل السلاح للمشاركة في الحرب والدفاع عن الوطن . وكان أبن الفلاح الشاب الوحيد الذي لم يصطحبوه معهم لأن ساقه مكسورة . ومن هنا كُتبت له الحياة في حين أن الغالبية من الشباب الذين ذهبوا إلى الحرب لقوا حتفهم .

- العبرة من قصتي أحبائي :

- لا تكرهوا شيئاً لعله خير لكم . لا شيء يحدث عبثاً . داخل كل قدر سر يمهد الطريق لقدر آخر . لا تحزن إذا أجبرت على التعايش مع وضع قد يؤلمك . بل أبتسم وسلم أمرك إلى الله .