- أسرعت فتاة إلى والدها وهو جالس في الحديقة وقالت له :

- كل يوم أتعرض لضيقة أكبر . هل تركني الله ولم يعد يحبني ؟؟؟

- صمت الأب قليلاً وفكر . ثم نظر إلى رقبة أبنته . وبسرعة خاطفة قطع لها العقد التي كانت ترتديه . فأنفرطت حبيباته في التراب وأختلط بالاتربة .

- أندهشت الفتاة من تصرف والدها . ولكنه عاجلها بالقول :

- إجمعي حبات العقد سريعاً . لأن الضوء سيغيب بعد لحظات قد إقترب موعد الظلام . فبدأت الفتاة تجمع الفصوص بسرعة . وكانت الفصوص متسخة لأنها إختلطت بالأتربة . ووضعتها كلها في حقيبتها ودخلت مع والداها إلى المنزل .

- عندما دخلا إلى المنزل . طلب والدها ان تحضر له مصافيه لتنقية حبات العقد من الأتربة . فقاموا بغربلة الفصوص . فسقطت الأتربة وبقيت الفصوص لامعة . هنا إبتسم الأب وقال لها :

- هكذا يعاملنا الله فهو لن يتركنا كما ظننتي . ولكن عندما يجدنا ضعفنا وإنخرطنا بهموم وملذات الحياة . وأختلطنا بالخطيئة وبالأخطاء . يتركنا لنمر ببعض الضيقات . لنتعلم من دروس الحياة . ثم يغربلنا من خلالها . لتنقيتنا لأنه أب . والأب هو المعلم الأول لأولاده . فنحن مع كل تجربة نصلي ونتوب ونرفع صوتنا إليه . وهو لايريد منا أكثر من ذلك . يريدنا الإتصال به . بالصلاة . وبالتوبة . وبالرجاء . لذلك كاتب المزامير رنم قائلاً :

- إغسلني فأبيض أكثر من الثلج . قلباً نقياً أُخلق فيّ يا الله . وروحاً مستقيماً جدد في أحشائي .

- العبرة من قصتي أحبائي :

- أنا كأنسانة مدينة لوالدي لأنه سبب وجودي في هذه الحياة . ومدينة له أيضاً لأنه معلمي الأول الأمين المحب . تقديري له كمعلم هو أغلى جائزة يطمح هو إليها . لأن المعلم المتواضع يخبرنا . والجيد يشرح لنا . والمتميز يبرهن لنا . أما المعلم العظيم كوالدي فهو الذي يلهمنا ويرعانا ويرافق مسيرة حياتنا . من أبي تعلمت الكثير . ومن الحياة تعلمت أكثر . ومن أولادي تعلمت أكثر وأكثر . لأنهم هم المستقبل . وفي أيديهم أستمرارية الحياة .