تامل فى اية اليوم

لو10: 42 ولكن الحاجة إلى واحد. فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها

الحاجة الى واحد

ٱلْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ يحتمل هذا الكلام معنيين الأول الحرفي وهو أنك تعدّين أشياء كثيرة لخدمتي ضيفاً ولكني لا أحتاج إلا إلى قليل أو صنف واحد من الأطعمة. والثاني المعنى الروحي وهو العناية بالنفس. أو الإصغاء لصوت المسيح الذي هو الوسيلة إلى ذلك. أو قبول المسيح نفسه في القلب بالإيمان بدلاً من قبوله ضيفاً يُخدم «بأمور كثيرة». فمن الخطأ أن نقصر مراد المسيح على الأول لأنه لا بد من أن يكون قد قصد الثاني فتكلم بما يصدق على الاثنين لكي ينبه بالمعنى الحرفي على المعنى الروحي.

ثم إن استماع مريم للمسيح كان نفعاً لها لا له وخدمة مرثا كانت نفعاً له ففضل المسيح العطاء على الأخذ وفقاً لقوله «أَنَّ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ» (متّى ٢٠: ٢٨). فهو يؤثر محبة القلوب على ربوات الذبائح.

ٱلنَّصِيبَ ٱلصَّالِحَ هذا مجاز بُني على تقسيم الميراث على الورثة الذين خُيروا في أخذ النقود أو الحقول أو الآثاث أو البيوت. والمعنى هنا كمعنى قوله «الحاجة إلى واحد» وهو الحياة الأبدية التي هي موهبة الله والميراث السماوي. وهذا النصيب خير من الأنصبة وهو صالح في الصحة وفي المرض وفي الشبيبة وفي الشيخوخة وفي الراحة وفي المشقة وفي الحياة وفي الموت وفي هذا الزمان وفي الأبدية.

لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا لأن الحياة الأبدية نصيب لا يزول وميراث لا يفنى. وسمع مريم لكلام المسيح وإيمانها به هما شربها من ماء الحياة وأكلها من خبز الحياة بدليل قول المسيح «مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَـهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ» (يوحنا ٦: ٥٤). وصرّح المسيح لمرثا أنه لا يفعل شيئاً يصرف أختها عن طلب ذلك الخير الأعظم الذي اختارته نصيباً وأخذت تجتهد في إصابته. والنصيب الذي لا ينزع ممن يقتنيه وهو المشار إليه هنا يختلف عن كل الأنصبة الدنيوية أنها تنزع من أربابها عند موتهم فيفارق الملوك قصورهم والأغنياء أموالهم ويقفون عراة أمام الله.

وفي ما قاله المسيح لمريم ومرثا فوائد جزيلة لكل مسيحي:

الأولى: أنه لا يحسن أن نعتني كل الاعتناء بواجبات الدين الخارجية ولو كانت من أعمال الإحسان إلى المساكين ونهمل الواجبات الروحية من تلاوة كتاب الله والتأمل والصلاة مع أن الواجبات الثانية أصل الواجبات الأولى ومصدرها. فيحب أن نقتدي بالمسيح في أنه اعتنى بعض الاعتناء بأجساد الناس بشفاء أمراضهم وإطعامه لكنه اهتم أكثر بتعليمهم الدين لخلاص نفوسهم.

الثانية: أنه لا يجوز للمسيحيين أن يسمحوا ان يمنعهم الاعتناء بالحاجات الزمنية عن الاهتمام بخلاص نفوسهم.

الثالثة: أن الجلوس عند أقدام المسيح أفضل طريق لشغل الوقت وذلك أن نكون من طلبة كلامه ونصغي إلى صوته القدوس في قلوبنا.

الرابعة: أنه يجب على الوالدين أن يجتهدوا في أن يحببوا إلى أولادهم أن يختاروا النصيب الصالح أكثر مما يحبّبون إليهم تحصيل العلوم والمناصب والثروة وأن يحذروا من تعريضهم للتجربة أن يهملوا خير نفوسهم باهتمامهم بمجرد خير أجسادهم وعقولهم. فإن كان كلام المسيح هنا تنبيهاً لكل المسيحيين فهو أجدر أن يكون كذلك للدنيويين لكي لا يكتفوا بأن يطلبوا لأجسادهم «أموراً كثيرة» من العالميات التي تفنى ونحن نستعملها بل لكي يطلبوا الحياة الأبدية لنفوسهم بالمسيح.

صديقى القارى

الذى يختار يسوع فهو اختار كل شى واذا لايختار يسوع فهو خسر حياتة الابدية

لو10: 42 ولكن الحاجة إلى واحد. فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها