تامل فى اية


تك 1 :3 و قال الله ليكن نور فكان نور 4- و راى الله النور انه حسن و فصل الله بين النور و الظلمة


ليكن نور فيكون

لايمكن ان يعيش الانسان او الحيوانات او النباتات بدون النور لان النور هو مصدر الحياة

فى تاملنا وَقَالَ ٱللهُ ليس المقصود إنه تكلم بصوت مسموع ولا إنه كان من يسمع ذلك من الأحياء سوى الأقانيم الثلاثة الذين هم إله واحد ولهم عمل في الخلق بل المقصود إن الله تعالى سن شريعة للكون حينئذ. وكُررت هذه العبارة عشر مرات. فهنا أمر ذي ذات حي لا الاتفاق الخبطي ولا الضرورة غير العاقلة بل أمر ذي يد قادرة على كل شيء وعين بصيرة وقلب محب رحيم. والكلام هنا في أسمى الطبقات وأعلى درجات البلاغة التي هي فوق قدرة البشر. إن الله غني عن الاستعداد وشغل الزمان بإعداد الوسائل وعن كل وسيلة «لأَنَّهُ قَالَ فَكَانَ. هُوَ أَمَرَ فَصَارَ» (مزمور ٣٣: ٩). فقوله تعالى هو كل ما هو ضروري ليكون ما أراد. و «قال» في العبرانية كأمر في العربية أي طلب أن يكون ما أراد فالله بقوله صنع ما شاء وأجرى العالمين على شرعه العالم في مصنوعاته. وأوامر الله دائمة أبدية. والعلل التي أبدعها لم تزل كما كانت منذ قال «ليكن نور» وبها يكون النور. فلنا هنا أول شرائع الكون وهو قوله الآتي.

لِيَكُنْ نُورٌ فَكَانَ نُورٌ لم يقل خلق النور بل قال «ليكن فكان». من المحقق الذي لا يختلف فيه اثنان من العلماء إن النور مستقل عن الشمس وينشأ بتموج الأثير فهو ليس بمادة بل حال من أحوال المادة. وكان في الأصل إما من الكهربائية أو من تكاثف العناصر وانضغاطها لما أخذت في أن تترتب. وذلك نتيجة قوة الجذب العامة. وأكثر النور اليوم من الشمس لكنه كثيراً ما ينشأ عن غيرها. وقد ثبت وجود نور غير ضوء الشمس وإن له كل الخواص التي يتوقف عليها نمو النبات وإن هذا النور وُجد في بدء العالمين.

قال العلامة دانا الأميركي «ثبت أن كل ظواهر النور المعروفة نتيجة اهتزاز ذرات المواد على ما تقتضيه خواص المادة باعتبار تركيبها الحاضر وإٰن نواميس الحرارة والفعل الكهربائي والكيمي متعلقة كل التعلق بناموس النور وهما من أصل واحد». وقال «جمع ناموس الجاذبية ذرات المواد فظهرت بحكّ بعضها بعضاً وضغط بعضها بعضاً الكهربائية والمغنطسية وبذا كان وتمّ ناموس الجاذبية العظيم الذي نشأ عنه النور». فكون النور قبل الشمس من مقتضيات النواميس الطبيعية. على أن فرض أن هذا النور من الشمس عينها لا ينافي النبأ بعمل اليوم الرابع. لأن قوله «لتكن أنوار» أي الشمس والقمر لا يستلزم إبداعهما إذ لا مانع من أن يكون المقصود به قشع الأبخرة والسحب عنهما وتعيينهما نورين لفصل الأيام والشهور والأوقات.

صديقى القارى

. وَرَأَى ٱللهُ ٱلنُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ أي إنه موافق للغاية منه وإنه ضروري لكل حي من النبات والحيوان وإنه نتيجة ناموس الجاذبية العامة وشرط كل حياة مستقبلة. ونحن نرى كل قوى الطبيعة كالحرارة والكهربائية والنسب الكيمية وأشعة رنتجن والهواء والبخار في غاية الحسن وكل ما صنعه الله كذلك لأنه حلق الحسن البديع.

والعبارة الإلهية هنا تؤذن بمرور وقت وتُعلن أن الحكم صدر عن حكمة إلهية ولنا من ذلك ثلاث فوائد:

الأولى: رؤيتنا في الخليقة الأدبية «ٱلنُّورُ ٱلْحَقِيقِيُّ ٱلَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِياً إِلَى ٱلْعَالَمِ» (يوحنا ١: ٩).

الثانية: إنه كما أن ضوء الشمس لم ينفذ أولاً الظلام الكثيف المحيط بالأرض كذلك النور الروحي «يُضِيءُ فِي ٱلظُّلْمَةِ، وَٱلظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ» (يوحنا ١: ٥).

الثالثة: إنه كما رُفعت في اليوم الرابع كل الموانع وأضاءت الشمس بلمعانها المجيد هكذا يرفع الله الظلام عن النفس لأنه «ٱللهَ ٱلَّذِي قَالَ أَنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ، هُوَ ٱلَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ ٱللهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ» (٢كورنثوس ٤: ٦).

تك 1 :3 و قال الله ليكن نور فكان نور 4- و راى الله النور انه حسن و فصل الله بين النور و الظلمة