الحـداد الذي مـات لأجـل أحبـائـه

حدث في إحدى قرى ألمانيا أن كان جمهور كبير من الناس في غرفة من غرف أحد الفنادق. ولم يكن للغرفة إلا باب واحد مفتوح، وكان يجلس بجانبه حدّاد القرية، وكان رجلاً تقيًا شجاعًا. وبغتة أبصروا كلبًا ضخمًا يقف في مدخل الباب. كان كبيرًا جدًا، وله نظرات مخيفة، وكانت عيناه حمراوين كالدم. وحالما رآه بوّاب الفندق صاح بهم: ارجعوا إلى الوراء فالكلب مسعور. فحدث اضطراب ليس بالقليل. وفي ابّان اضطرابهم تقدم الحداد وقال: اهدأوا وعودوا إلى الخلف، إلى أن أقبض على الكلب، ومن ثم اخرجوا بعجلة. خير لنا أن يموت واحد عنّا من أن يهلك الجميع. وهجم على الكلب، وقبض عليه قبضة حديدية فزحزحه من مكانه. ولكنه لم يتزحزح بسهولة بل ظلّ يرسل أنيابه المسمومة تمزّق جسم الحداد المسكين، وهو لا يأبه له، ولا يهتم بألمه، ولم تكن حياته ثمينة عنده. حتى إذا ما تأكد أن الجميع قد نجوا دفع الكلب بقوة إلى الداخل، ثم خرج وأغلق الباب!!
واجتمع الأصدقاء الذين أنقذ الرجل حياتهم يبكون، فجعل يعزيهم وهو يقول: لا تبكوا إني لم أعمل إلا الواجب، وعندما أموت أرجو أن تذكروني ذكرى المحبة. أما الآن فتعالوا صلّوا معي كي لا يطيل الله ألمي! أنا أعلم أنني سأصاب بالمرض المخيف، ولكني سأحاول ألا أوذي أحدًا!
انطلق الحداد إلى دكانه، وربط نفسه بسلسلة، لفّ أحد طرفيها حوله ثم أحكم ربط طرفها الآخر في السندان، بحيث لا تستطيع قوة أن تفكها. وإذ فعل هذا التفت إلى أصدقائه وقال: الآن أنتم في أمان. هاتوا لي طعامًا طالما كنت في حالة جيدة، وابتعدوا عني إذا ما ظهرت أعراض المرض. أما عائلتي فإنني أتركها في حماية الله!!
وظهرت عليه أعراض المرض، وبقي تسعة أيام يتألم ألامًا مبرّحة ثم مات!! مات موتًا مجيدًا من أجل أحبائه!
صديقى العزيز
أما المسيح فمات من أجل أعدائه!! ضحى من اجل الجميع
"ليس لأحد حبٌ أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يوحنا 13:15).









Co