فوائد

  • إنه في كل ضيقة مصدر التعزية الكافية الحقيقية هو الله. إن كل إنسان على وجه الأرض عرضة للمصائب فتقع عليه في وقت ما من حياته فقد تكون كثيرة شديدة وهو يطلب طبعاً التعزية في وقت مثل هذا فيطلبها بعض الناس بالأقوال الفلسفية وغيرهم يطلبها بلذات العالم لينسوا بها أحزانهم وبعضهم يطلبها من أصدقائهم. وكل ذلك عبث فإن الله هو أبو الرأفة وإله كل تعزية لأنه أبو ربنا يسوع المسيح (ع ٣).
  • إنه على الذين عيّنهم الله مبشرين بالإنجيل ورعاة لكنيسته أن يتوقعوا أن تكون مصائبهم أشد من مصائب سائر الناس. كذا كان شأن بولس وسائر الرسل أبغضهم الأشرار واضطهدوهم لأنهم منعوهم من إجراء مقاصدهم الشريرة ولهذا يثير الشيطان عليهم المقاومات. ويسمح الله بأنهم يمتحنون لكي يختبروا الأحزان فيتعلموا أن يشعروا بأحزان المصابين ويعزوهم ولكي يكونوا أمثلة لغيرهم باحتمال الأرزاء بالصبر. وتقتضي خدمتهم للكنيسة أن يعرفوا من أحزان رعيتهم ما لا يعرفه غيرهم فيشاركوهم في جميعها على وفق قوله «مَنْ يَضْعُفُ وَأَنَا لاَ أَضْعُفُ؟ مَنْ يَعْثُرُ وَأَنَا لاَ أَلْتَهِبُ» (ص ١١: ٢٩) (ع ٥).
  • الذين يصابون كثيراً في سبيل الإنجيل لهم أن يتوقعوا عظيم العزاء وعلى قدر اضطهاد الناس لهم يملأ المسيح قلوبهم فرحاً وسلاماً وحين يهينونهم ويطردونهم يتيقنون أن أسماءهم مكتوبة في سفر الحياة. لا أحد يعلم قيمة مواضيع الكتاب وما فيها من التعزية ما لم يكن قد لجأ إليها وقت المصاب.
  • إنه من مقاصد الله بسماحه بنزول النوازل بالمؤمنين أن يؤهلهم لتعزية غيرهم لأنه لا يستطيع أحد أن يفوه بكلمات العزاء للمصابين مثل من أصيب كما أُصيبوا (ع ٤ و٦ و٧).
  • من أفضل التعزيات في الأرزاء أن المسيح يتألم معنا فإنه يعتبر التعييرات والاضطهادات التي تقع علينا من أجل اسمه واقعة عليه (ع ٥).
  • إنه على الذين حصلوا على التعزية في الحزن والمعونة في الضيق أن يفتشوا عن المصابين ويعزوهم كما تعزوا هم وأن يعتبروا ما حصلوا عليه من التعزيات كنزاً ينفقون منه على المحتاجين إليها وعلى هذا قال داود النبي «خير لي أني تذللت» وقال «هذا المسكين صرخ والرب استمعه ومن كل ضيقاته خلصه» وقال بمقتضى اختباره «ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب طوبي لجميع المتكلين عليه» (ع ٦ و٧).
  • لا شيء في قرب موت المؤمن مما يخيفه. إن بولس توقع الموت ولم يجد سبيلاً إلى النجاة منه ولكن لم يؤثر ذلك فيه شيئاً سوى إن زاد ثقته بالله. فلجأ إلى المسيح في وقت الأمن وسلم إليه ومن ثم كان خالياً من كل اضطراب في المستقبل (ع ٩).
  • إن على الذين رجعوا إلى الصحة بعد أن أدناهم المرض من القبر والذين خُطفوا من مخالب المنون أن يروا شفاءهم ونجاتهم من الله كأنها إقامة من الموت ويعلموا أنهم مديونون لله ثانية بحياتهم وأنه واجب عليهم الشكر العظيم والحب الشديد والخدمة الصادقة (ع ٩).
  • إن لنا من الفائدة السابقة أنه إذا شُفي لنا من مرض خطير والد أو ولد أو قريب أو صديق وجب أن نعتبر شفاءه هبة من الله وعلامة رحمته وقدرته كأنه أقامه من الموت وأنه يدعونا بذلك إلى محبة جديدة وشكر جديد وثقة شديدة بفاعلية الصلاة (ع ٩).
  • إن لصلوات المؤمنين المشتركة فاعلية عظيمة لنفع الأفراد والكنيسة (ع ١١).
  • إنه يجب على كل المسيحيين أن يسيروا بمقتضى المبادئ التي أوجبها الرسول على نفسه. وهي أن يقاد بنعمة الله وأن يتصرف ببساطة القلب وإخلاص الله وأن يطلب مجد الله وخلاص الناس بتعليمه مجرد الحق الإنجيلي غير محتال بغية أن يخيف الناس من ارتكاب الشر ويجذبهم إلى فعل الخير. إن الله لم يشأ أن يستعمل عبيده الحيل الدنيوية لإقناع الناس وجذبهم إليه (ع ١٢).
  • ما قيل في هذا الأصحاح يبين لنا نفع الضمير الصالح للمؤمن فإنه يهب لفكره راحة وسعادة أكثر من كنوز الذهب وأكاليل الملوك وبه استطاع بولس أن لا يكترث بتهم الناس الكاذبة وبغضهم له وأن لا يخاف ولو كان على نفسه حكم الموت (ع ١٢).
  • إنه يجب على المسيحيين أن يتكلموا أبداً بالصدق لأن المسيح كان يصدق دائماً على الله والله صدق بإنجاز كل مواعيده. فالذي يدّعي أنه تلميذ «الشاهد الأمين» وجب عليه دائماً أن يتكلم بالحق وبكل الحق وأن لا يتكلم بشيء سوى الحق. والمسيحي الذي يعد ولا ينجز ويبالغ في الخير ويحرف الكلام يشين اسم المسيح ودينه فكان عليه ان يتخذ مجرد قوله بمنزلة القسم الأعظم ومجرد وعده كالصك الموقع المختوم (ع ١٨).
  • إن على المسيحيين أن يعتبروا أنفسهم وقفاً لخدمة الله كما كان قدماء الملوك والكهنة والأنبياء يُمسحون لأعمالهم لأنهم بدعوة الله لهم ونذورهم له أوجبوا على أنفسهم أن يعيشوا له أبداً.
  • إن في هذا الأصحاح بيان عظمة بركات المسيحيين لأنهم مسحاء الله خُتموا للسماء ولهم في قلوبهم عربون ميراثهم الأبدي (ع ٢١ و٢٢).
  • إنه على المسيحيين الحذر من أن يحزنوا الروح القدس الذي به مُسحوا وخُتموا وحصلوا على عربون الخلاص. وأنه لا حق لهم أن يمارسوا عملاً من الأعمال أو يخالطوا أصحاباً أو يقرأوا كتاباً أو يتصوروا تصورات عاقبتها طرد الروح القدس من قلوبهم ومنعه من المكث فيها (ع ٢٢).
  • إنه يحسن أن نأخذ كل هذا الأصحاح بياناً لمقدار ما يوجبه الدين المسيحي على تابعيه من المشاركة بعضهم لبعض في الحزن والفرح ومشاركتهم للمسيح في آلامه وأمجاده وفي كونهم أولاداً لله لأنه صرّح بأن الله لنا أبو الرأفة وإله كل تعزية (ع ٣) وإننا شركاء المسيح (ع ٥). وأن الرسل شركاء آلام المسيحيين وأن المسيحيين شركاء آلامهم لكي يشاركوا بعضهم بعضاً في التعزية والأفراح والشكر لله (ع ٦ - ١١). وفي ذكر الرسول أنه مفتقر إلى صلوات الكنيسة (ع ١١). وأن الرسل جميعاً ليسوا سوى مؤازري سرورها (ع ٢٤) وأنها علة افتخاره الآن وفي يوم الدين (ع ١٤).