الخيمة يا معلم

كان عم أمين من أمهر الخياطين في البلدة، بل وأفضلهم. وكان يشتهر بفنه وإتقانه لحرفته، وذلك لخبرته التي دامت لعشرات الأعوام. ولكنه للأسف كان لا يستطيع أن يسيطر على عادة سيئة كانت قد تملكته منذ بداية عمله في هذه الحرفة، فقد اعتاد عم أمين أن يسرق من القماش الذي كان يعمل منه مشغولاته، فكان يطلب من زبائنه كمية من القماش أكثر مما يحتاج عمله، وذلك لكي يقصه وياخذه.
ظَلَ عم أمين “غير الأمين” على هذا الحال لسنين كثيرة، حتى جاء ذلك اليوم، الذي حلم فيه أنه يقف في وسط خيمة كبيرة جدًا مصنوعة من القماش، وعندما دقق بصره في القماش اكتشف هذا الأمر الذي صدمه: أن الخيمة مصنوعة من كل قطع القماش الذى سرقه من زبائنه. وبينما هو يدقِّق في قطع القماش سمع صوتًا قويًا صارمًا يقول: “ولّعوا في الخيمة (اشعلوا النار في الخيمة)”. وابتدأت النيران تشتعل في الخيمة، وعم أمين يرى نفسه يحترق. ظل عم أمين يتقلب على سريره وهو يحلم بهذا الكابوس، ثم استيقظ وهو خائف ومرتعب مما قد رآه في الكابوس.
عاد عم أمين إلى عمله في اليوم التالي وهو مرتعب من كابوس الأمس، فقرر ألاّ يعود إلى سرقة القماش. فنادى على غلامه الذي يعمل معه قائلاً: “إذا رأيتني أقُصّ الجزء الذي اعتدت سرقته فقل لي : الخيمة يا معلم”.
فهم الصبي هذا الأمر، وعرف أن هذه الجملة تحمل معنى ما في قلب الخياط؛ فكان كلما يرى عم أمين يبدأ بقص القماش يقول له تلك الجملة التي أوصاه أن يقولها له.
ظَل عم أمين أمينًا في تلك الفترة، حتى جاء ذلك اليوم الذي أتى إليه “زبون” يحمل قماشًا غاليًا باهرًا، جعل قلب عم أمين يقفز من مكانه. ظَلَ عم أمين منتظرًا لفترة طويلة حتى يذهب غلامه من أمامه حتى لا يُذكِّره بتلك الجملة، لكن الغلام ظل أمامه ولم يتحرك من مكانه.
وبعد طول انتظار، خرج الغلام خارج المحل، وهنا ابتدأ عم أمين يقصّ القماش ليأخذ منه قطعة لنفسه. ولكن الغلام عاد سريعًا، فوجد عم أمين يقصّ تلك القطعة، فصرخ قائلاً: “الخيمة يا معلم”. فلم يتوقف عم أمين، فعاد الغلام مرة أخرى يصرخ: “الخيمة يا معلم”. ولم يتوقف عم أمين، فصرخ الغلام بأعلى صوته: “الخيمة يا معلم”، فقال له عم أمين: “الخيمة يا ابني لم يكن فيها ذلك القماش الجميل”.
هذه القصة الفكاهية ما هي إلا قصة حياتي وحياتك، فكلما أردت أن تتوقف عن خطيه ما وحاولت أن تستعين بأي شخص أو أي شيء ليساعدك، الحقيقة أنك ربما تستطيع أن تتركها لفترة قصيرة، ثم تعود مرة أخرى لنفس الأمر، والسبب الحقيقي أنك لم تشبع بالرب.
قال الرب يسوع للسامرية: «كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا. ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد» (يوحنا4: 13). وتذكَّر أن «النفس الشبعانة تدوس العسل، وللنفس الجائعة كل مُر حلو» (أمثال27: 7).
صديقى القارى
أدعوك أن ترجع للرب وتطلب منه أن يُشبع قلبك. لقد قال المسيح: «أنا هو خُبز الحياة. من يُقبل إلي فلا يجوع، ومن يؤمن بي فلا يعطش أبدًا» (يوحنا6: 35)، فيملأ قلبك بالشبع الحقيقي والذي به تستطيع أن ترفض أي خطية تُقدَّم لك.