تامل فى اية اليوم


.يوحنا17 :3 و هذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك و يسوع المسيح الذي ارسلته


الاعتراض على الاية

يقول المسلمون أن هذه آية [ وهذه هي الحياة الابدية، ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته ] (يوحنا 17: 3) تنفي لاهوت السيد المسيح..




سنوضح هذا الأمر في عدة نقاط

1-سياق النص

2- توضيح ل كلمة “وحدك”.

3- أن الابن إله حقيقي كما الآب إله حقيقي.

4- أن الآب والابن واحد.

سياق النص

لكن متى يتعلمون أن اجتزاء النصوص لن يفيدهم في معرفة الحق فهؤلاء يقرأون نصًا لا نصوص , فلنضع النص في سياقه اولاً..

1 تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ، قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضًا،

2 إِذْ أَعْطَيْتَهُ سُلْطَانًا عَلَى كُلِّ جَسَدٍ لِيُعْطِيَ حَيَاةً أَبَدِيَّةً لِكُلِّ مَنْ أَعْطَيْتَهُ.

3 وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.

4 أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.

5 وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ.

6 «أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. كَانُوا لَكَ وَأَعْطَيْتَهُمْ لِي، وَقَدْ حَفِظُوا كَلاَمَكَ.

7 وَالآنَ عَلِمُوا أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَيْتَنِي هُوَ مِنْ عِنْدِكَ،

8 لأَنَّ الْكَلاَمَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ، وَهُمْ قَبِلُوا وَعَلِمُوا يَقِينًا أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِكَ، وَآمَنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي.

9 مِنْ أَجْلِهِمْ أَنَا أَسْأَلُ. لَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ الْعَالَمِ، بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لأَنَّهُمْ لَكَ.

10 وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ، وَمَا هُوَ لَكَ فَهُوَ لِي، وَأَنَا مُمَجَّدٌ فِيهِمْ.

(يوحنا 17: 1: 10)

ففي ذات الإصحاح يُعلن المسيح عن لاهوته ويقول أن له سلطان على كل ذي جسد, وأن مجده قبل كون العالم, وكل ما هو للآب هو للابن أيضًا..

إذًا عبارة “أنت الإله الحقيقي وحدك” نضع بجانب منها عبارة “أنا والآب واحد” (يوحنا 10: 30). ” وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ، وَمَا هُوَ لَكَ فَهُوَ لِي ” (يوحنا 17 : 10) “اني في الآب والآب فيّ ” ( يوحنا 14: 11 (

اي الابن واحد مع الآب وليس خارج عنه بل هو من وفي ذاته فصفة الألوهة هي للآب والابن معا لهم لاهوت وطبيعة واحدة فالشعاع ليس غريبا عن الشمس ولا منفصل أو منقسم وخارج عن الشمس..

2- توضيح ل كلمة “وحدك”:

أنت الإله الحقيقي وحدك: هنا المسيح يوجه كلامه للآب. وكلمة وحدك عائدة على الله مثلث الأقانيم. ونحن حين نوجه كلامنا للمسيح نقول له أيضاً أنت الإله الحقيقي، لأن صفة الألوهة هي للآب كما للإبن. والله واحد غير منقسم ولا منفصل. الله هو الحق والعالم وما فيه باطل ومن يعرف الحق يختاره فيحيا ومن يختار الباطل يموت ويستعبد فكلمة حقيقي تعني الثابت غير المتغير، أما العالم فسيفنى وهو متغير ومخادع. وقوله ويسوع المسيح الذي أرسلته: هذه إشارة لأن الآب لم يُعْرَفْ إلاّ بتجسد المسيح الذي أعلن الآب. وكما أن الآب يمجد الإبن، والابن يمجد الآب، كذلك الابن يستعلن الآب والآب يستعلن الابن بالروح القدس الذي أرسله. لذلك يستحيل معرفة أحدهما بدون الآخر. ولا يمكن فصل الإرادة (الآب) عن الفعل (الابن). محبة الآب لا يمكن أن تصل إلينا إلاّ بيسوع المسيح. [1]

ثم أن كلمة “وحدك” هذه قد تأمل فيها القديس امبروسيوس بطريقة عجيبة جدًا وقال: “ليست في كل مرة تُقال فيها كلمة “وحدك” يُقصَد الآب وحدة منفصلًا عن الابن أبدًا”. فمثلًا إذا قُلنا أن الله هو وحده الخالِق، فهل هو وحده بدون الابن؟! الابن الذي قيل عنه في كولوسي (1:16) “أنه خُلِقَ به الكل، وله قد خُلِقَ”، والذي قيل عنه في (يوحنا أصحاح 1): “كل شيء به كان، وبغيرة لم يكن شيء مما كان”، والذي قيل عنه في (العبرانيين 1): “هذا الذي به عملت العالمين” أو “خلقت العالمين” [2]

القديس أثناسيوس الرسولي قال تشبيهًا جميلًا جدًا لهذا الموضوع، إذ قال: “إذا قالت الشمس أنا مصدر النور الوحيد للأرض أثناء النهار، فهل هي تنفى هذا الأمر عنها أشعاتها؟! أم أن الشمس هي مصدر النور وآشعاتها أيضًا؟! وعن طريق أشعتها توصِّل النور للأرض.. فكأن الشعاع يقول لها أنتِ مصدر النور وحدِك، وأنا الشعاع الذي أرسلتيه للأرض لكي يُنير الأرض، ونحن الاثنين واحد: الشمس والشعاع.. واحد أي شيء واحد”. [3]

أيضًا ما يقوله القديس أمبروسيوس في أعمال (4: 11، 12) عن الابن: “ليس بأحد غيره الخلاص”، أي أن الخلاص له وحده. فهل الخلاص له لوحده والآب ليس له علاقة به؟! يقول الكتاب “هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد”، وفي يوحنا الأولى يقول “الله أحبنا وأرسل ابنه كفّارة عن خطايانا”. فالخلاص داخل فيه الآب بالطبع، الآب هو الذي أرسل الابن لِيُخَلِّص. فلا نقدر أن نقول أن كلمة “وحده” هي خاصة بأقنوم واحد!

ويقول القديس اثناسيوس: وحينما يقول النبي عن الخليقة ” الذي بسط السماء وحده ” (أيوب8:9) وأيضًا حينما يقول الله ” أنا وحدي باسط السماء ” (إش24:44) يصير واضحًا للجميع أن لفظة (وحده) تشير أيضًا إلى الكلمة الخاص بالوحيد، الذي به خُلقت كل الأشياء وبغيره لم يُخلق شيء. لذلك إن كانت كل الأشياء قد خُلقت بالكلمة، ومع ذلك يقول ” أنا وحدي ” فإنه يعني أن الابن الذي به خُلقت السموات، هو مع ذلك الوحيد. [3]

فكلمة وحدك يقصد بها ما هو خارج طبيعة الله والابن هو كلمة الآب الذاتي الذي من وفي الآب فهو ليس غريبًا أو خارجًا عنه.

3- أن الابن إله حقيقي كما الآب إله حقيقي.

وأيضا الابن دُعي الإله الوحيد والحقيقي ففي يوحنا 1: 18، يقرأ النص النقدي ” الإله الوحيد الذي هو في حضن الآب” بدلا من “الإبن الوحيد الذي هو في حضن الآب”، حيث جاء النص اليوناني النقدي μονογενὴς θεὸς، والتي تترجم إلى “الإله الوحيد”، أو “الله الإبن الوحيد” أو “الله المولود الوحيد” حيث قد إعتمدتها ubs4 و ubs5 وna27 و na28، فإن كان الإبن هو الإله الوحيد وذُكر عنه أنه “الله”

فهل هذا يمنع كون الآب الهًا حقيقي ووحيد؟ وهل يعد هذا تفكيرًا مستقيمًا؟!!

يقول القديس أثناسيوس: إذًا فإن كان الآب قد دُعيَ الإله الحقيقي الوحيد فهذا لا يعني إنكار هذا الذي قال ” أنا هو الحق ” (يو6:14) بل يعني إنكار أولئك الذين ليسوا بطبيعتهم حقيقيين، مثل الآب وكلمته، ولهذا فقد أضاف الرب مباشرةً: ” ويسوع المسيح الذي أرسلته ” (يو3:17). وعلى هذا فلو أنه كان مخلوقًا لما كان قد أضاف هذه الكلمة ولما كان قد أحصى نفسه مع الخالق، فأية شركة توجد بين الحقيقي وغير الحقيقي؟!

ولكن الابن إذ أحصى نفسه مع الآب، فقد أظهر أنه من طبيعة الآب نفسها، وأعطانا أن نعرف أنه المولود الحقيقي من الآب الحقيقي. وهكذا أيضًا تعلّم يوحنا وعلّم هذا كاتبًا في رسالته “ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية ” (1يو20:5) [3]

ويشرح ذلك القديس كيرلس فيقول: لكن قل لى: لماذا يتعبون أنفسهم في محاولة إقناعنا بما يقولون؟ فنحن لا نحتاج إلى مجهود على الاطلاق ـ أيها الحبيب ـ لكي نوافق مباشرةً على ما يقولونه ونؤمن بالآب الإله الحقيقي حسب الطبيعة وذلك وفق نص قانون الإيمان[1]. وهل يمكن للمرء أن يعترض على هذا، وماذا تكون حجته؟ أما إذا قالوا: إنه لا يوجد إله غيره إطلاقًا (في كل الوجود) فإن هذا لا ينطبق على طبيعة الابن في شيء، لأنه بطبيعته مختلف عن كل (الآلهة المخلوقة) ولا يُحسب ضمن المخلوقات إذ هو كائن دائمًا مع أبيه مُشرقًا دائمًا معه وهو يُدرَك دائمًا مع الذي وَلَده في طبيعة إلهية واحدة. واحد إذًا هو الله وهو الإله الحقيقي لأننا قد عُتقنا من تعدّد الآلهة وطالما قد تنقينا أخيرًا من لطخة تعدد الآلهة وعرفنا الرب الحقيقي الواحد.

الإله الحقيقي وحدك“، يقول ذلك بطريقة ما لتمييزه عن الذين ليسوا بآلهة، إذ كان على وشك أن يرسلهم إلى الأمم…أما إذا لم يقبل (الهراطقة) هذا، بل بسبب كلمة “وحده” يرفضون أن يكون الابن هو الله الحقيقي، فهم بهذا يرفضون كونه الله نهائيًا… لكن إن كان الابن هو الله، وهو ابن الله الذي يدعى “الإله وحده“، فمن الواضح أنه هو أيضًا الإله الحقيقي وأن “وحده” توضع للتمييز عن الآخرين. والابن هو أيضًا الإله الحقيقي

: إذًا سنرى أمامنا يوحنا الحكيم يصرخ قائلاً ” ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية”[2][4] [5].

4- أن الآب والابن واحد.

فعندما يقول وحدك الاله الحقيقي لا ينفي الألوهة عن الذي هو واحد معه وله نفس طبيعته وجوهرة الذي هو كلمته الذاتي.

لأنه بمجرد أن يعلن الكتاب المقدس أن الآب هو الله، فقد أعلن تلقائياً أن الإبن والروح القدس هو الله أيضاً، فالإبن والروح القدس لا ينفصلان عن الآب، فهو آب للإبن وباثق للروح القدس على الدوام، كما أن الإبن في الآب والآب في الإبن، ليس هذا فحسب، بل أن إعلان ألوهية أي أقنوم من الثلاثة، هو إعلان لألوهية الثلاثة أقانيم، لأن الأقانيم من ذات الجوهر الإلهي الواحد، فليس الغرض تأليه أقنوم دون الآخر، بل الغرض إعلان ألوهية طبيعة أقنوم، والتي هي نفسها طبيعة الأقنومين الآخرين، فالآب دائماً وأزلاً وأبداً والد للإبن بلا فارق زمني، والآب دائماً وأزلاً وأبداً باثق للروح القدس، فالإبن والروح القدس ليسا خارجين عن ذات الإله الواحد، بل في وحدة معه في الطبيعة الإلهية.

ويقول القديس اثناسيوس الرسولي

[لأنه حيثما ذُكر الآب ذُكر ضمناً كلمته والروح القدس الذي هو في الابن، وإذا ذُكر الابن فإن الآب في الابن والروح القدس ليس خارج الكلمة، لأن من الآب نعمة واحدة تتم بالابن في الروح القدس. وهناك طبيعة واحدة وإله واحد ” على الكل وبالكل وفي الكل ” (أف 4: 6) [6]

يقول القديس كيرلس: إن ما يساعدنا في فهم هذا الأمر هو أن نأخذ في اعتبارنا حقيقة وحدة الجوهر، تلك الوحدة التي بها يكون للأقنومين جوهر واحد، مع حفظ ما يخص كل منهما كأقنوم وألاّ تُنسَب الإزدواجية إلى الطبيعة البسيطة ولا حتى بسبب الخوف أننا ربما نخدش بساطة الطبيعة عندما نتحدث عن أقنومين. ونستطيع أن نبيّن أن الكلام عن وحدة الجوهر هو كلام حق من كل الشهادات التي وردت عن الابن في الكتاب المقدس. بمعنى أنه لأن الآب بطبيعته هو الله بالحقيقة فإنه سيقبل أن يكون الابن بطبيعته هو الله بالحقيقة، بسبب أن لكل منهما أقنومه الخاص ولهما نفس الجوهر. وليست هناك طريقة أخرى لذلك عدا أن يكون الابن من ذات الآب وأن الابن له في ذاته نفس طبيعة الذي وَلَده، وبهذه الطريقة يمكن أن يُفهم ما يقال بأن الابن والآب هما واحد. وهكذا، فعلى سبيل المثال نجد أن فيلبس قد وُبِخَ لأنه لم يعبّر عن عطشه للمعرفة بكلمات واضحة. وإذ كان من الممكن أن يرى وبكل وضوح طبيعة الله الآب في شخص الابن فإنه قال ” يا سيد أرنا الآب وكفانا “. والرب قد أجابه قائلاً: ” أنا معكم زمانًا هذه مدته ولم تعرفنى يا فيلبس الذي رآني فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب، ألست تؤمن أنى أنا في الآب والآب فيّ “(يوحنا 14: 8: 10).

” أنا والآب واحد ” (يوحنا 10: 30). وقول الرب هو حق لأنه بما أن الابن مولود من جوهر الله الآب، فإنه بالقطع كائن في الآب، وهو (الابن) يستطيع من خلال طبيعته أن يُظهر طبيعة الذي وَلَدَه. وطالما أن الآب لا يُدْرَك إلاّ بالابن وفي الابن، وبما أن الابن هو رسم جوهر الآب، فإن طبيعة مَن وَلَده تكون فيه هو أيضًا. وأعتقد أيضًا وبحسب ما نؤمن، أنه يجب أن نقول إن ما يقال عن أى منهما يسرى على كل منهما لأن لكليهما نفس المجد. [7]

[1] تفسير إنجيل يوحنا للقمص انطونيوس فكري الاصحاح

[2] عظة عن هذه الآية في سلسلة محاضرات البابا شنوده عن الآيات التي يُسيء الآريوسيون فهمها (عظة 5).

[3] القديس أثناسيوس الرسولي، ضد الآريوسيين، المقالة الثالثة، ترجمة د. مجدي وهبة و د. نصحي عبد الشهيد، مراجعة د. جوزيف موريس و د. نصحي عبد الشهيد، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة ثانية، إبريل 2007م، ص21ـ26.

[4] (1 يوحنا 5: 20)

[5] كيرلس عمود الدين, حوار حول الثالوث. الحوار الثالث , ترجمة د. جوزيف موريس , ص 6, 7 ,




[7] كيرلس عمود الدين, حوار حول الثالوث. الحوار الثالث , ترجمة د. جوزيف موريس , ص 14 , 15.

[1] حيث يُذكر ” نؤمن بإله واحد الله الآب ضابط الكل…”. والجدير بالذكر أن ق. كيرلس قد قام بشرح قانون الإيمان الذي أقره مجمع نيقية ـ القسطنطينية، في رسالة له موجهة إلى الرهبان (رقم 55). انظر هامش 1 ص1.




[2] 1يو20:5.

منقول