مقدمة١ - مصادر بدعة شهود يهوه٢ - تعاليم شهود يهوه٣ - كرازتهم المُضلّة ودحضها٤ - تحريفهم لعقائد الكتاب المقدس٥ - أسلوبهم في تفسير أسفار الكتاب المقدّس٦ - طرقهم ووسائلهم في العمل٧ - جمعية أصدقاء الإنسان٨ - مبادئ أصدقاء الإنسان الثلاثة٩ - تجاديف أصدقاء الإنسان١٠ - أسلوب أصدقاء الإنسان١١ - جمعية تلاميذ الفجر الألفي١٢ - اتفاق الشيع الثلاث على مضادة أسس الإيمانمراجع الكتابمسابقة الكتاب «بدعة شهود يهوه ومشايعيهم»مقدمة


منذ القديم وكنيسة المسيح عرضة لغزوات أهل البدع، الذين كانوا ولا يزالون يدسّون بدع الهلاك.
ولعلّ أخطر البدع التي واجهتها الكنيسة في تاريخها الطويل هي بدعة شهود يهوه، التي يتميّز دعاتها بمحاجّة الناس في إيمانهم، والطعن بالعقائد المسيحية التي تسلّمتها الكنيسة من رسل المسيح القديسين.
ومما يجب ملاحظته، هو أنّ شهود يهوه يتمتّعون بجُرأة مدهشة على اقتحام منازل الناس، في وقت مناسب وغير مناسب، لبثّ أفكارهم المضلّلة. ولهم من أساليبهم الناعمة ما يخولهم كسب المحبذين، الذين لا يلبث معظمهم أن ينضم إلى الحركة.
والمؤسف له جداً أنّ عامة المسيحيين ليس لهم إلا معرفة سطحية في حقائق الكتاب المقدس، الذي هو دستور الإيمان ومصدر العقائد. الأمر الذي يسهّل مهمة الغزاة المضلّين، ويتيح لهم أن يبذروا الزوان ليعطلوا الزرع.
في الأعوام الأخيرة شعرت بالخطر المحدق بالبسطاء، من خلال الرسائل العديدة التي تلقيتها من كافة البلاد العربية، والتي حملت إليّ سيلاً من الأسئلة، التي يُشتمُّ منها رائحة الشكوك الدينية. وكان الدافع إليها التأثر من تعليم شهود يهوه.
لذلك، ودحضاً لتعاليم هذه البدعة ونزولاً عند رغبة الكثيرين أقدّم هذا الكتاب، الذي استقيت مواده من كتب شهود يهوه، ومن منشورات أخرى صدرت في لغات الغرب.

١ - مصادر بدعة شهود يهوه


«كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ ٱلْمَسِيحِ فَلَيْسَ لَهُ ٱللّٰهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ ٱلْمَسِيحِ فَهٰذَا لَهُ ٱلآبُ وَٱلٱبْنُ جَمِيعاً. إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ وَلاَ يَجِيءُ بِهٰذَا ٱلتَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي ٱلْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ. لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ ٱلشِّرِّيرَةِ» (٢ يوحنّا ٩-١١).
كلّ من يبحث في نشأة حركة شهود يهوه، لا بد أن يجد خيوطاً توصله إلى بدع ظهرت قديماً وقامت على تفاسير مغلوطة لبعض نصوص الكتاب المقدس.
وكانت هذه البدع تصطدم دائماً بمقاومات عنيفة من المؤمنين المخلصين، ولكنّها ما أن تنهزم أمام قوة الحق، حتى تلمّ فلولها وتنظّم صفوفها لانطلاقة جديدة، تحت اسم آخر تنتحله للتستّر عن أعين المراقبين.
لذلك أرى لزاماً عليَّ أن أبسط في ما يلي كلّ ما تجمّع لديّ من معلومات عن علاقة اليهوية بالمبتدعين عبر الأجيال وعن تطوراتها ونشاطاتها في أيامنا هذه.
أولاً: البدع القديمة


الأبيونية: شيعة نادت بضرورة تمسّك المسيحيين بناموس موسى، وأنكرت ميلاد يسوع المعجزي، ولم تعترف ببولس رسولاً.
أمّا من جهة اعتقاد الأبيونيين بالمسيح، فقد اعتبروه إنساناً عادياً، وإنّما تبرّر بسبب فضيلته السامية. وفي اعتقادهم أنّ الاحتفاظ بطقوس الناموس الموسوي ضروري جداً، على أساس أنهم لا يستطيعون أن يخلصوا بالإيمان بالمسيح (تاريخ أوسابيوس القيصري، فصل ٢٧).
الآريوسية: نسبة إلى العقيدة التي علّم بها آريوس (Arius)، التي ظهرت حوالي العام ٣١٥ ميلادية. إلا أنّ المسيحيين رفضوها في المجمع السكندري (نسبة إلى الإسكندرية) عام ٣١٩م ، ثمّ في المجمع النيقاوي عام ٣٢٥م.
أمّا مذهب آريوس فقد كان محاولة لتخفيض منزلة الابن والروح القدس. فالآب وحده في نظر آريوس يستحق لقب الإله. أمّا الابن فلم يكن سوى إله منخفض في المنزلة، مخلوق من العدم بإرادة الآب.
ولمّا اتسع انتشار الآريوسية اتخذت اتجاهاً متطرّفاً، حتى نفت الألوهية عن المسيح. وبعد ردح من الزمن حملتها المجادلات على الانقسام، فوهنت بالرغم من محاولات سرفس لإحيائها في القرن السادس عشر (تاريخ كنيسة أنطاكية لأسد رستم).
السوسيانية: نسبة إلى فستس سوسينيوس الإيطالي الأصل، وخلاصة تعليم هذه الشيعة عن يسوع المسيح، أنّه كان مجرّد إنسان، وإنّما دُعي ابن الله، لكونه حُبل به من الروح القدس (تاريخ الكنيسة).
نرى ممّا تقدّم أنّ نكران لاهوت المسيح ووضعه في مصاف البشر والذي تنادي به اليهوية، ضلالة تعود في نشأتها إلى الأبيونيين، ثم انتقلت إلى الآريوسيين، فالسوسيانيين ومن ثمّ إلى الرسليين، وأخيراً إلى تلاميذ التوراة، الذين يعرفون في أيّامنا باسم (شهود يهوه) كما سنرى.

ثانياً: البدع الحديثة


حركة منتظري المسيح:


قاد هذه الحركة وليم مللر (William Miller) عام ١٨٢٢م. وهو معمداني أميركي، أوصلته دراسة النبوّات الخاصة بمجيء المسيح ثانية إلى نظرية غريبة مفادها أنَّ المسيح سيأتي في العام ١٨٤٣م. وقد بنى حساباته على الألفين وثلاث مئة صباح ومساءٍ، الواردة في (دانيال ٨: ١٤)، مفترضاً أنّ الأيام هنا تعني أعواماً. وأنّ الحساب ينبغي أن ينطلق من بداية السبعين أسبوعاً التي ذكرت في (دانيال ٩: ٢٤ - ٢٥). أي سنة ٤٥٧ ق.م. وقد أجرى مللر (Miller) حسابه هكذا: ١٨٤٣ + ٤٥٧ = ٢٣٠٠.
ولكن لما مرّ العام ١٨٤٣م، ولم يأتِ المسيح مُنيت الحركة بخيبة مريرة. إلا أنهّا سرعان ما لمّت شعثها تحت اسم المجيئيين، وحدّدت العام ١٨٩٠م لمجيء المسيح، ولكنّها فشلت أيضاً لأنّ المسيح كما هو معلوم لم يأتِ بعد.

حركة الرسليين:


مؤسّسها شارل تاز رسل (Charles Taze Russel) ١٨٥٢-١٩١٦م، وهو تاجر أميركي ميسور الحال، قادته الصدف وهو بعد حدثاً إلى الاتصال بجماعة المجيئيين فانضمّ إليهم، وعنهم أخذ حب دراسة الأسفار المقدسة، وخصوصاً النبوّات المدوّنة فيها.
في أثناء انكبابه على دراسة الكتابات المقدسة استخرج رسل (Russel) عدة نبوّات عن مجيء المسيح ثانية، وابتداء الحكم الألفي، متوهماً أنّ باستطاعته تحديد تاريخ مجيء المسيح بالضبط. وقد حمله الحماس على تكريس وقته للتأليف والنشر، فأصدر عدة كتب، أضخمها كتاب في سبعة مجلدات، ضمنها أبحاثاً مسهبة غامضة، وتآويل مبهمة في غالبية موادها. ومع أنها مسندة بشواهد كثيرة من الكتاب المقدس، إلا أنها جاءت مخيّبة أمل القارئ المدقق، لأنّ تلك الشواهد كُلّفت بإثبات أمور لا علاقة لها بالمواضيع المدرجة. ولعل أسوأ ما في الأمر، هو محاولته تفسير النصوص وفقاً لأهوائه. وبذلك فرض على الكتاب المقدس أن يتكلّم بما ليس فيه.
وزيادة على ذلك أصدر رسل (Russel) عدداً وفيراً من النبذ والجرائد، أطلقها بعد حملة دعائية صاخبة في الصحف، وفي السينما حيث عرض فيلماً بعنوان «مسرح الخليقة».
وبديهي أن يؤخذ رسل بالزهو، وحتى ليحمل على الادّعاء بأنّ مؤلفاته أعظم ما وجد في العالم بعد هذه الحملات الدعائية. ولكنّ هذا الزهو كان أمام الحقيقة كفقاعات الصابون أمام الهواء. ففي العام ١٩١٦م مات مشككاً، لأنّ شيئاً مما تنبّأ به لم يتم. وهكذا ذهبت كل تفسيراته للنبوّات أدراج الرياح، وتبعاً لذلك صار مجلّده السابع في دراسة الكتاب المقدس قبضة من الريح.


نشاطات الرسليين


١٨٧٢م. - في هذا العام وجّه رسل دعوة إلى أصدقائه، فاجتمعوا في مدينة بتسبرغ للاشتراك معه في دراسة شاملة للنبوّات عن مجيء المسيح الثاني، وإقامة ملكوت الله على الأرض. وبعد الدرس الموسّع، حُدّد عام ١٨٧٤م. تاريخاً أكيداً لمجيء المسيح.
١٨٧٤م. - في هذا العام مُني رسل بخيبة أملٍ أخرى كبرى لأنّ نبوّته عن المجيء الثاني لم تتحقق. وبديهي أن يحصد خيبة مؤلمة كهذه، لأنّه في تفسيره النبوات لم يُقِم وزناً لما قاله الرب في إنجيله بحسب (متّى ٢٤: ٣٦). حيث أكّد الرب أكثر من مرة أنّ أحداً لا يعلم اليوم والساعة التي يأتي فيها.
١٨٧٦م. - في هذه السنة، زعم رسل أنّ المسيح جاء فعلاً وإنّما بصورة غير منظورة. وقصده من هذا الزعم أن يغطي الفشل الذي أصابه. ولكن محاولته هذه لم تنجح، لأنها صُدمت بالحقائق الواردة في سفر أعمال الرسل ورسائل بولس، التي تصف الكيفية التي فيها يجيء المسيح.
١٨٧٨م.- في هذه السنة شعر رسل بأنّه بلغ حداً من القوّة بحيث يستطيع العمل في معزل عن المجيئيين، فانفصل عنهم مع محبّذيه من الأصدقاء.
١٨٧٩م. - في هذه السنة أصدر رسل العدد الأول من مجلة «برج المراقبة»، التي ما زالت تصدر بمقالات شتى بأقلام جماعة شهود يهوه.
١٨٨٠م. - في خلال هذه السنة، أصدر رسل منشوراً حدّد فيه نهاية هذا العالم الشرير، وذلك سنة ١٩١٤م. - وهذا التاريخ صار فخّاً لكثيرين، بسبب إندلاع نار الحرب العالمية الأولى. فانجذب العديد من الناس إلى تصديق زعمه. فحدث اضطراب لدى الكثيرين مما حملهم على تصفية أعمالهم، والتصرف بثرواتهم، بحيث لم يبقوا معهم من المال إلا ما ظنّوه كافياً إلى الوقت الذي فيه يُخطَفون لملاقاة الرب في الهواء (١ تسالونيكي ٤: ١٧).
١٨٩٨م. - في هذا العام، تقرّب ألكسندر فرايتاغ من الرسليين، وهو سويسري تأثر بتعاليم الرسليين إلى حد بعيد. إلا أنّه لم يلبث حتى خرج عن طور التابع إلى طور المعلّم الذي يفرض آراءه الشخصية. ومع أنّ أفراد هذه الجماعة أهملوا أفكاره عدّة سنوات إلا أنها أخذت تظهر ابتداءً من العام ١٩١٧م.
١٩٠٤م. - في هذه السنة رفع المعتبرون من هذه الشيعة شارل تاز رسل إلى رتبة القسوسية، وذلك في حفل عظيم.
١٩٠٩م. - نقل الجماعة مقرّ جمعيتهم في هذا العام من بتسبرغ إلى نيويورك (بروكلن) وهنا ارتأوا أنّه من المفيد لتسللهم بين المسيحيين أن يزيلوا عنهم اسم الرسليين، وأن يطلقوا على أنفسهم اسماً جديداً عليه طلاء من الشرعية. وكان الاسم المختار: (جمعية تلاميذ التوراة).
١٩١٤م. - لم تحدث في هذا العام نهاية العالم الشرير واختطاف الكنيسة كما تنبّأ رسل، بل إلى جانب الكارثة التي حلّت بالعالم من جرّاء الحرب، أتى هذا العام بكارثة أشدّ هولاً بالنسبة لتلاميذ التوراة، لأنّ نبوّاتهم لم يتحقق منها شيء، الأمر الذي أثار اليأس في نفوس المشرفين على الجمعية، فانفرط عقدهم إلى حين.
١٩١٦م. - في الربع الأخير من هذا العام توفي شارل تاز رسل، فانقسمت الجمعية على ذاتها، وتوزّعت في فِرَقٍ شتّى يربو عددها على العشرين، ادّعت كل واحدة منها أنها هي الوارثة الشرعية لعقيدة القس المتوفَّى. وبالرغم من اختلاف أوجه التعليم في ما بينها زعمت كل فرقة أنها الحائزة على الحقيقة وحدها.
ومع أنّ الحركة مُنيت بالانقسام، فقد بقي عدد كبير منها موالياً لرسل. وهؤلاء الموالون تجمّعوا حول القاضي روتفورد، وأقاموه رئيساً عليهم. وقد تميّز هذا الرجل بنشاط واسع في عالم الكتابة، فألّف عدة كتب. منها: قيثارة الله، المصالحة، النجاة، الخليقة، حياة، خلاص، الأعداء، يهوه. يُضاف إلى ذلك عدد كبير من النبذ.
في تلك الحقبة من الزمن وجد فرايتاغ أنّ الفرصة قد سنحت له لكي يستغلّ مكانته كمشرف على مكتب الجمعية ليبثّ أفكاره الشخصية التي تجاوزت في ضلالها كل تعاليم رسل.
١٩١٧م. - نشر فرايتاغ في هذا العام بعضاً من أفكاره الشخصية على صفحات مجلته الأسبوعية، فأثار بذلك حفيظة زملائه، فهبّوا لمقاومته بكل عنف.
١٩٢٠م. - في هذه السنة أُثيرت حملة عنيفة ضد أفكار فرايتاغ، فهبّ للدفاع عن نفسه بمجموعة من المنشورات الشديدة اللهجة. ثم لم يلبث أن تحوّل إلى الهجوم، مقرراً أنّ مشايعي روتفورد هم كنيسة لاودكية المرتدة الفاترة التي عزم الرب على أن يتقيأها من فمه. واتهمهم بتحوير تنبؤات رسل عن مجيء المسيح الثاني، من ١٩١٤ إلى ١٩١٨م. فانبرى له القاضي روتفورد، ونشبت بينهما مشادة عنيفة، انتهت أخيراً إلى الانفصال.
عندئذٍ أنشأ فرايتاغ شيعة مضللة جديدة سمّاها «أصدقاء الإنسان». وسنّ لها قوانين جعلتها من أشد الهرطقات ضلالاً. ولكن جمعيته نفسها لم تدم طويلاً حتى انقسمت بعد وفاته، بسرعة لم تكن متوقعة. وقد ذُهل أصحابه فعلاً، لأنّه كان يزعم بأنّ الحياة الأبدية بالنسبة لمن يسمع تعليمه ستكون على الأرض.
١٩٣١م. - بعد أن انفصل فرايتاغ عن جمعية تلاميذ التوراة، عقيْب الضجة التي انطلقت خلال المشادات، وجد القادة أنهم لا يستطيعون بعد الآن البقاء تحت الاسم القديم. لذلك عقدوا مؤتمراً عاماً في هذا العام برئاسة روتفورد قرروا فيه:
أولاً: تغيير اسم شيعتهم، فدعوا أنفسهم «شهود يهوه».
ثانياً: متابعة إصدار منشوراتهم باسم «الجمعية العالمية لتلاميذ التوراة» كتاب (ليكن الله صادقاً، الذي نشر بالفرنسية عام ١٩٤٨م).
١٩٣٩م. - ظهرت خلال هذا العام نشرات ونبذ جديدة تختلف بالشكل عن منشورات شهود يهوه، ولكنّها تتفق بروحها مع تعاليم رسل المضلّة. وتلك النشرات وزّعها أناس ينتمون إلى فرقة جديدة من فِرَق تلاميذ التوراة دعت نفسها «الفجر» أحياناً ورسل الفجر الألفي أحياناً أخرى.
١٩٤٢م. - توفّي القاضي روتفورد في ٨ كانون الثاني (يناير) من هذا العام، فانتقلت زعامة شهود يهوه إلى ناثان كنور، الذي كان قبلاً يشغل رئاسة قسم الدعاية في الجمعية. وهو الذي أسّس مدرسة برج المراقبة، التي يتخرّج منها عدد ضخم من مبشّري شهود يهوه كل سنة.
١٩٤٧م. - في هذا العام توفّي ألكسندر فرايتاغ، الذي زعم أنّه لن يرى الموت. ولذا كان موته المفاجئ خيبة قاسية لأتباعه من «أصدقاء الإنسان» الذين صُدموا، وغزا الشك قلوبهم، وزرعت التفرقة بينهم، بحيث أنهم لم يستطيعوا أن يختاروا خلفاً للمتوفّى ليرعى قطيعهم. ولكن قسماً كبيراً منهم التفّ حول المدعو رافينير، فأجلسوه على كرسي الرئاسة في قصر كارتينيي في جنيف. ومن هناك أصدر العدد الأول من جريدته «معلّم ملكوت البر».
أمّا الآخرون فتبعوا برنارد سايرس، الذي أُطلق عليه اسم «الراعي الأمين» وجعل فرنسا مقراً دائماً له. ومن هناك بدأ بإصدار جريدته «ملكوت العدل والحق».
وفي هذا العام أيضاً أصدر تلاميذ التوراة «رسل الفجر الألفي» أول عدد من جريدتهم «الفجر» وبعد ذلك بسنوات قلائل أخذوا يبثون تعاليمهم من دار إذاعة مونت كارلو، تحت عنوان «بيير توماس».


٢ - تعاليم شهود يهوه


«اِحْتَرِزُوا مِنَ ٱلأَنْبِيَاءِ ٱلْكَذَبَةِ ٱلَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَابِ ٱلْحُمْلاَنِ، وَلَكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِلٍ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ!» (متّى ٧: ١٥).
أولاً: مجيء المسيح


أوردنا في ما تقدّم أنّ شارل رسل حدّد عام ١٨٧٤م. كتاريخ لمجيء المسيح. ولكن كما نعلم جميعاً أنّ المسيح لم يأت بعد. لذلك كان لا بد للنبي الكذاب أن يجد مبرراً للخطأ الذي وقع فيه، فلم يجد خيراً من الادّعاء بأنّ المسيح قد جاء فعلاً، بالروح، وكان من البديهي أن لا يشعر به أحد غير منتظريه. ولكن هذا الادّعاء مع براعة صاحبه في تمويه الأمور، لا يستطيع أن يثبت أمام تعليم الكتاب المقدس الذي شرح الكيفية التي فيها يأتي رب المجد ثانية.
١ - لم يحدّد الوقت:


بل أعلن صراحة: «وَأَمَّا ذٰلِكَ ٱلْيَوْمُ وَتِلْكَ ٱلسَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ ٱلسَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ» (متّى ٢٤: ٣٦). وهذا بعكس ما ادّعاه رسل تماماً.
وحين سأله تلاميذه: «يَا رَبُّ، هَلْ فِي هٰذَا ٱلْوَقْتِ... قَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا ٱلأَزْمِنَةَ وَٱلأَوْقَاتَ ٱلَّتِي جَعَلَهَا ٱلآبُ فِي سُلْطَانِهِ» (أعمال الرسل ١: ٦ و٧).

٢ - سيكون مجيئه منظوراً:


«وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ٱبْنِ ٱلإِنْسَانِ فِي ٱلسَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ ٱلأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ آتِياً عَلَى سَحَابِ ٱلسَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ» (متّى ٢٤: ٣٠).
«هُوَذَا يَأْتِي مَعَ ٱلسَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَٱلَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ ٱلأَرْضِ» (رؤيا يوحنّا ١: ٧).

٣ - مجيئه يقترن بالاختطاف:


«لأَنَّ ٱلرَّبَّ نَفْسَهُ... سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ ٱللّٰهِ، وَٱلأَمْوَاتُ فِي ٱلْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً. ثُمَّ نَحْنُ ٱلأَحْيَاءَ ٱلْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعاً مَعَهُمْ فِي ٱلسُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ ٱلرَّبِّ فِي ٱلْهَوَاءِ» (١ تسالونيكي ٤: ١٦-١٧).

٤ - سيكون مجيئه مع قديسيه:


فقد قال بولس الرسول: «وَٱلرَّبُّ يُنْمِيكُمْ وَيَزِيدُكُمْ فِي ٱلْمَحَبَّةِ بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ، كَمَا نَحْنُ أَيْضاً لَكُمْ، لِكَيْ يُثَبِّتَ قُلُوبَكُمْ بِلاَ لَوْمٍ فِي ٱلْقَدَاسَةِ، أَمَامَ ٱللّٰهِ أَبِينَا فِي مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِ قِدِّيسِيهِ» (١ تسالونيكي ٣: ١٢-١٣).


ثانياً: نهاية العالم


في عام ١٨٨٨م. تنبّأ رسل عن نهاية العالم في سنة ١٩١٤م. حيث يبدأ الحكم الألفي، الذي يسود فيه السلام. ولكن في هذا العام بالضبط نشبت الحرب العالمية الأولى، التي أظهرت وحشية الإنسان بأبشع وجه عرفه العالم. وهكذا جرت رياح الحقيقة بما لم تشته سفينة رسل. ومع ذلك لم يلغ شهود يهوه هذا التاريخ من تقديرهم. وكان عليهم أن يلجأوا إلى طريقة التمويه التي يتقنونها لكي يغطوا هذه الفضيحة الصارخة، فسبكوا هذا التفسير الغريب: «إنَّ الحوادث الجسام التي تعاقبت منذ عام ١٩١٤م. أظهرت أنّ المسيح قد بدأ يملك بين أعدائه. وأنّ في قيام الدولة التيوقراطية «حكومة إلهية (يديرها الكهنة) ويُنظر إلى سلطتها كأنها منبعثة من الله، وإلى ممارسيها كأنهم وكلاء على الأرض»، بكل سلطانها وأمجادها تحت مشيئة الله في السماء قد تأسست. إذاً فباستطاعتنا الآن أن نقول ليأت ملكوتك. لقد توّج الله المسيح ملكاً في خريف ١٩١٤م. وفي ربيع عام ١٩١٨م.، دخل المسيح هيكله، كسفير ليهوه، وابتدأ بالدينونة من بيت الله» (كتاب ليكن الله صادقاً صفحة ١٥٥ و١٥٦).

ثالثاً: القيامة الأولى


يزعم شهود يهوه أنّ القيامة الأولى قد حدثت خلال عام ١٩١٨م. وبهذا الزعم وقعوا في تناقض مع ما نشره رئيسهم رسل، حين حدّد عام ١٨٧٤م. للقيامة. ويظهر من أقوالهم أنّ العصر الذهبي بدأ منذ عام ١٩٢٥م. ولما كان العصر الذهبي لا يتمّ إلا بوجود المسيح وتقييد الشيطان، فلقد حاولوا تغطية هذه الناحية بقولهم: «إن كنا لا نرى المسيح بأم العين، فليس معنى هذا أننا لا نشعر بوجوده بيننا في الروح. أمّا إبليس فهو سائر إلى الاضمحلال شيئاً فشيئاً».
هذا تمويه غير موفّق لا يستطيع الثبات أمام نور الحق. والمتأمّل في قاعدة عقائدهم يراها مبنية خطأً وعمداً على نبوّات أساءوا فهمها، وبالتالي أساءوا تفسيرها. ولهذا سقطت أمام الأحداث التي سارت في اتجاه يعاكسها. فحرب ١٩٣٩م. تقدّم لنا الدليل الصارخ على كذبهم في ما يختص بالعصر الذهبي، لأنّه لا يستطيع أيّ إنسان مهما بلغت غباوته، أن يصدّق ولو للحظة، أنّ العصر الذهبي قد بدأ، وأنّ الأرض لم تعد تحت سلطان إبليس، بل تحت سلطان المسيح، الموجود عليها حسب زعمهم منذ سنة ١٩١٤م. وهل يسود العالم اليوم السلام، الذي لا بد أن يعقب مجيء المسيح؟ وهل طبع البشر سيوفهم سككاً ورماحهم مناجل؟ كما قال إشعياء النبي (إشعياء ٢: ٤).
هل نحن أمام جماعة أضاعت الصواب، أم أنهم لسبب لم نعرف مرماه، يموّهون الحقائق ويتلاعبون بأفكار الناس البسطاء؟
ولكن شكراً لله لأجل إعلاناته في الكتاب المقدس، التي تظهر بكل وضوح شطط اليهويين:

  • مجيء المسيح يحدث دفعة واحدة، وليس على مراحل: «لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ ٱلْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ ٱلْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى ٱلْمَغَارِبِ، هٰكَذَا يَكُونُ أَيْضاً مَجِيءُ ٱبْنِ ٱلإِنْسَانِ. لأَنَّهُ حَيْثُمَا تَكُنِ ٱلْجُثَّةُ فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ ٱلنُّسُورُ... فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوقٍ عَظِيمِ ٱلصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ ٱلأَرْبَعِ ٱلرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ ٱلسَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا» (متّى ٢٤: ٢٧-٣١).
  • مجيء المسيح يقترن بتقييد الشيطان منذ بداية الحكم الألفي، وليس باضمحلاله شيئاً فشيئاً. ومما ينقض أقوالهم في هذا الموضوع قول الكتاب المقدس في سفر الرؤيا: «وَرَأَيْتُ مَلاَكاً نَازِلاً مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَعَهُ مِفْتَاحُ ٱلْهَاوِيَةِ، وَسِلْسِلَةٌ عَظِيمَةٌ عَلَى يَدِهِ. فَقَبَضَ عَلَى ٱلتِّنِّينِ، ٱلْحَيَّةِ ٱلْقَدِيمَةِ، ٱلَّذِي هُوَ إِبْلِيسُ وَٱلشَّيْطَانُ، وَقَيَّدَهُ أَلْفَ سَنَةٍ، وَطَرَحَهُ فِي ٱلْهَاوِيَةِ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ لِكَيْ لاَ يُضِلَّ ٱلأُمَمَ فِي مَا بَعْدُ حَتَّى تَتِمَّ ٱلأَلْفُ ٱلسَّنَةِ» (رؤيا يوحنّا ٢٠: ١-٣).
    إذاً نحن لسنا في الحكم الألفي، كما قال المضلّون لأنّ السلام لم يسد العالم بعد، وكذلك الشيطان ما زال ناشطاً يضل الألوف، ويسير بهم في طريق الهاوية.
  • لنذكر أنّ المسيح سبق أن أخبرنا بأنّ كثيرين سيشيعون، قائلين: « هُوَذَا ٱلْمَسِيحُ هُنَا أَوْ هُنَاكَ»: وكانت وصيته إزاء هذه الإشاعات: «فَلاَ تُصَدِّقُوا. لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ ٱلْمُخْتَارِينَ أَيْضاً. هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ. فَإِنْ قَالُوا لَكُمْ: هَا هُوَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ فَلاَ تَخْرُجُوا! هَا هُوَ فِي ٱلْمَخَادِعِ فَلاَ تُصَدِّقُوا» (متّى ٢٤: ٢٣-٢٦).
  • عيَّن شهود يهوه تواريخ لرجوع الرب، في حين، لا يعلم أحد لا اليوم ولا الساعة لعودته: وكلّ ما في الأمر هو أنّ السيد الرب أوصى المؤمنين بالسّهر والانتظار قائلاً: «اِسْهَرُوا إِذاً لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ» (متّى ٢٤: ٤٢).
    وقد عقّب الرسول بولس على كلمة الرب بتذكرة قائلاً: «وَأَمَّا ٱلأَزْمِنَةُ وَٱلأَوْقَاتُ فَلاَ حَاجَةَ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنْهَا، لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِٱلتَّحْقِيقِ أَنَّ يَوْمَ ٱلرَّبِّ كَلِصٍّ فِي ٱللَّيْلِ هٰكَذَا يَجِيءُ» (١تسالونيكي ٥: ١-٢).




٣ - كرازتهم المُضلّة ودحضها


«لأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ ٱلتَّعْلِيمَ ٱلصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ ٱلْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ، فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ ٱلْحَقِّ، وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى ٱلْخُرَافَاتِ» (٢ تيموثاوس ٤: ٣-٤).
تصوّر لنا العبارات أعلاه حالة العالم، الذي أخذ يعير سمعه لسفسطات شهود يهوه، الذين يقدمون له تعاليم مبتدعة تتّفق مع الميول الجسدية، وتنسجم مع النزعات المخالفة لنواميس الله. ولكي يبلغوا الغاية التي تطوّعوا من أجلها، عبّأوا كل طاقاتهم الفكرية لجذب الناس إلى فخاخهم. وتحقيقاً لذلك، أخذوا لأبحاثهم عناوين ضخمة من الكتاب المقدس، وحشوها بعبارات اقتطعوها منه، وتصرّفوا بها بحذف بعض ألفاظها، وتحوير معانيها، متنقلين بين ترجمات الكتاب المتعددة.
أمّا طريقتهم في تفسير ما جاء في الكتاب المقدس فغريبة جداً. فأول شيء، يرفضون كل فكرة ترمي إلى التمييز بين العهد القديم والعهد الجديد. إذ يقولون إنّ الناس يرتكبون خطأ فادحاً بإعطائهم اسم العهد القديم للأسفار المكتوبة بالعبرية. الكتاب المقدس، ليس فيه عهدان (الحق يحرّركم صفحة ١٩٢-١٩٣).
وفي تفاسيرهم نجد خلطاً بين المذهبين العقلي والإشراقي، مما يجعل المتتبع تفاسيرهم في حالة بلبلة.
«المذهب العقلي: مذهب فلسفي يعتمد بشكلٍ أساسي وكلّي على العقل دون الحاجة إلى فلسفات أخرى لأنّ العقل هو مصدر كل معرفة».
«المذهب الإشراقي: مذهب فلسفي مرتكز على فلسفة الإشراق، أي أنّ العالم يفيض عن الله (الأفلاطونية الحديثة) وحكمة الفلسفة المشرقية شاملة».
وفي مباحثاتي معهم، تبيّن لي أنهم استولوا على طائفة من النصوص الكتابية التي لها صلة بعقائد المسيحيين بعد تجريدها من قرائنها، حتّى إذا جابههم مسيحي مخلص بآيات تهدم نظرياتهم، لجأوا إلى تلك الآيات، لإقامة أي جدل يسعفهم للتخلّص من المأزق الحرج.
في ما يلي نماذج من زوانهم المبذور، مع الحجج الكتابية، التي تسقط القناع الجذاب الذي ألبسوه لأبحاثهم:
أولا: ملكوت الله (العالم الجديد - التيوقراطية)


«إنّ ذوي الإرادة الحسنة من الناس الذين ينتظرون العيش على أرض العالم الجديد قد تحرروا من كل عاطفة تربطهم بالعالم القديم الشيطاني، وذلك رغبة منهم في الحياة على أرض العالم الجديد، حتى أصبح الملكوت بالنسبة لهم أهم ما في حياتهم على الإطلاق» (ليكن الله صادقاً صفحة ١٣٧).
الواقع أنّ كرازة شهود يهوه تكاد تقتصر على المناداة بالملكوت، ضاربين صفحاً عن كل ما له علاقة بوجوب التوبة والقداسة، التي بدونها لا يقدر أحد أن يرى الرب.
صحيح أنّ الإنجيل أمر بوجوب الكرازة باقتراب ملكوت الله، وأنّ ربنا المبارك أوصانا أن نطلب أولاً ملكوت الله وبرّه. على أنّ دخول هذا الملكوت، متوقّف على الولادة من فوق. فقد قال الرب يسوع للفريسيّ نيقوديموس: «ٱلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ» (يوحنّا ٣: ٣).
لقد سبق لرجل الله يوحنّا المعمدان أن بشّر بملكوت الله أيضاً. ولكنّه استهلّ كرازته بكلمة التوبة: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ ٱقْتَرَبَ مَلَكُوتُ ٱلسَّماوَاتِ» (متّى ٣: ٢).
منذ سنوات اقتحم منزلي أحد فتيان شهود يهوه وبشّرني بالملكوت، دون أن يذكر التوبة. فقلت له: أنت تكلّمني عن شيء اسمه ملكوت الله. وأنا تلقّيت من المسيح هذا التأكيد: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ» (يوحنّا ٣: ٣) فأنت تحمّل نفسك مسؤولية كبرى بدعوة الناس إلى ملكوت لا يستطيع أحد أن يصير من رعاياه إلا إذا تاب عن خطاياه وولد من الله. فهل أنت تائب؟ فأجاب: «أنا لست بتائب، ولا أظن أنّ عدم توبتي يمنعني من أن أكون شاهداً ليهوه ومبشراً بالملكوت». فقلت: وماذا تعمل بالقول الإلهي: «وَلِلشِّرِّيرِ قَالَ ٱللّٰهُ: «مَا لَكَ تُحَدِّثُ بِفَرَائِضِي وَتَحْمِلُ عَهْدِي عَلَى فَمِكَ، وَأَنْتَ قَدْ أَبْغَضْتَ ٱلتَّأْدِيبَ وَأَلْقَيْتَ كَلاَمِي خَلْفَكَ. إِذَا رَأَيْتَ سَارِقاً وَافَقْتَهُ وَمَعَ ٱلزُّنَاةِ نَصِيبُكَ؟» (مزمور ٥٠: ١٦-١٨). سمع هذا فغضب، ثم خرج مسرعاً، ولم يعد.
ولشهود يهوه طريقة فذّة في تحوير ألفاظ الكتاب المقدس حتى يجعلوها تسند آراءهم في موضوع الملكوت. فمثلاً بعد جولة طويلة وبهلوة بارعة بين ترجمات الكتاب المقدس، ومرورهم بكتاب الديكلاط، خرجوا بالآية ٣: ١٦ من إنجيل يوحنّا، وقد ألبسوها ثوباً جديداً تناوله الحذف والتحوير، والإضافة حتى صارت الآية هكذا: «إنّ الخالق العظيم نفسه أحبّ العالم الجديد، إلى هذا الحد، حتى أنه أعطى ابنه الوحيد وعيّنه ملكاً فيه وعليه» (ليكن الله صادقاً صفحة ١٥٨).

ثانيا: نهاية العالم (معركة هرمجدون)


يعلّقون على هذه النبوة الواردة في سفر رؤيا يوحنّا ١٦: ١٦ بعبارات تثير الهلع في القلوب، إذ يتكلّمون في تفسيراتهم عن انقلابات مخيفة ستمر بالعالم. وهذا ما جاء في النشرة «تحذير» التي دبجتها يراعة (حماقة) القاضي رتفورد، خليفة شارل رسل: إنّ ويلات معركة هرمجدون «هرمجدون اسم عبري معناه جبل مجدّو الذي يقع في مرج ابن عامر في فلسطين» ستكون هائلة ومخيفة جداً، حتى ليعجز اللسان عن وصفها. في الواقع أنّ العالم يقف اليوم أمام كارثة لم يسبق لها مثيل في التاريخ، حتى أخذ رجال الفكر يبذلون الجهود الجبارة لكي يكشفوا عن أسبابها، وعن أنجع الطرق للخروج منها، فمن لهم بمخبر؟ (تحذير صفحة ٣و٦).
على هذه الصورة يمهّدون السبيل لتعليم النفوس المضطربة طريقاً للخلاص، موحى بها من أبي الكذابين إبليس، «ذَاكَ كَانَ قَتَّالًا لِلنَّاسِ مِنَ ٱلْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي ٱلْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ» (يوحنّا ٨: ٤٤).

ثالثا: طريق الخلاص


نقرأ أيضاً في هذه النشرة: «لقد وعَد يهوه أن يمنح كل من يفتش عن البرّ ملجأً أميناً يركن إليه في أثناء الانقلابات المخيفة، التي ستحل بالعالم قريباً. وتبعاً لذلك، أوكل الله نشر هذه الرسالة إلى أناس يطيعون الوصايا الإلهية، حتى بواسطتهم يستطيع كل من يرجو نوال البرّ، أن يجد طريق الخلاص» (صفحة ٤ و٥).
«إنّ سيطرة الشيطان وقواه، وصلت إلى نهايتها. بينما سلطة المسيح ملك البر قد ابتدأت، بحيث أنّ الذين يهربون باتجاه الملكوت سيحيون، وسيحصلون على التبرير باسم يهوه».
فيا لها من مزاعم تقف بنا أمام تناقض هائل بين تعليم شهود يهوه المعقّد العسر الفهم، وبين تعليم الكتاب المقدس السهل، الذي يبسط طريق الخلاص بغاية من الوضوح، إذ يقول: «لأَنَّكُمْ بِٱلنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِٱلإِيمَانِ» (أفسس ٢: ٨) فليتنا نحترس لأنفسنا من التفاسير الخادعة، التي تحاول أن تغيّر وجه الحق وتوقع بالبسطاء. ولنذكر قول الرسول بولس: «أَخَافُ أَنَّهُ كَمَا خَدَعَتِ ٱلْحَيَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِهَا، هٰكَذَا تُفْسَدُ أَذْهَانُكُمْ عَنِ ٱلْبَسَاطَةِ ٱلَّتِي فِي ٱلْمَسِيحِ» (٢ كورنثوس ١١: ٣).
ولربّ مستوضح يسأل: إذاً ما هو طريق الخلاص الحقيقي الذي عيّنه الإنجيل؟ إنّه ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي قال: «أَنَا هُوَ ٱلطَّرِيقُ وَٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى ٱلآبِ إِلاَّ بِي» (يوحنّا ١٤: ٦).
والمؤسف في الأمر، أنّه فيما يوجّه الكتاب المقدس الأنظار إلى شخص ربنا يسوع، يطلب شهود يهوه بإلحاح الانتساب إلى منظمتهم، مدّعين بأنها الوسيلة الوحيدة التي تتيح الخلاص (ليكن الله صادقاً ص٤٣)، بينما الكتاب المقدس يشير إلى يسوع، ويقول صراحة: «وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ ٱلْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ ٱسْمٌ آخَرُ تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ» (أعمال الرسل ٤: ١٢).
وهناك نقطة مهمة تجب الإشارة إليها، وهي أنّ شهود يهوه يربطون بين الخلاص بالانتساب إلى شيعتهم وبين الغاية من مجيء المسيح الثاني (ليكن الله صادقاً صفحة ٣٢٩)، وهذا الزعم ليس له نصيب من الحقيقة، لأنّ الخلاص صار للبشر نتيجة مباشرة لمجيء المسيح الأول، ليصنع الفداء بذبيحة نفسه. ولنا في العبارة الأخيرة التي تلفّظ بها المسيح على الصليب «قَدْ أُكْمِلَ» (يوحنّا ١٩: ٣٠) أكبر الأدلّة على أنّ الخلاص أُكمل بمجيء المسيح الأوّل.
ويقيناً أنّه لا توجد عبارة في الكتاب المقدس، تقول إنّ الرب يُرجئ خلاصنا إلى أن تنتهي سلطة إبليس على الأرض. لأنّ برّه وحقّه يأبيان ترك البشر عرضة للحيرة، أو تحت رحمة تفاسير شهود يهوه. يكفي أن نفتح الكتاب المقدس لكي تطل علينا آياته البيّنات التي تؤكد لنا أنّ المسيح بذبيحة نفسه «قَدْ أَكْمَلَ إِلَى ٱلأَبَدِ ٱلْمُقَدَّسِينَ» (عبرانيين ١٠: ١٤).

رابعا: الكنيسة الحقيقية


يقولون: «جاء في سفر الرؤيا بدون أي غموض أنّ عدد المقبولين في الكنيسة السّماوية سيكون بحسب القرار الإلهي ١٤٤٠٠٠. وهذا يعني أنّ الكنيسة الحقيقية مقتصرة على هذا العدد من المختارين، الذين هم (جسد المسيح) أو عروس الحمل. أمّا بقية الخلائق الأخرى ممن يحصلون على الحياة من الله، بفضل الأعمال الحسنة التي يؤدونها للملكوت السماوي، فلن يكونوا من الكنيسة، وإنما سيسكنون هذه الأرض التي ستحكمها السّماء بواسطة المسيح وكنيسته» (ليكن الله صادقاً صفحة ١٢١).
هل هذا ممكن؟ هل نستطيع أن نصدّق هذا عن الله الفائق الحب؟ وهل يليق ببره وحقه أن يقصر عدد المخلَّصين على هذا النحو، الذي لا يقره المنطق السليم؟ حاشا لله أن يقرّر هذا! وإلا فما معنى قوله: «اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَٱخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي ٱلأَرْضِ لأَنِّي أَنَا ٱللّٰهُ وَلَيْسَ آخَرَ» (إشعياء ٤٥: ٢٢).
ومن منّا لم يقرأ قول السيد الرب: «لأَنَّهُ هٰكَذَا أَحَبَّ ٱللّٰهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ» (يوحنّا ٣: ١٦).
هكذا قال رسوله المغبوط بولس: «لأَنَّ هٰذَا حَسَنٌ وَمَقْبُولٌ لَدَى مُخَلِّصِنَا ٱللّٰهِ، ٱلَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ ٱلنَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفَةِ ٱلْحَقِّ يُقْبِلُونَ» (١ تيموثاوس ٢: ٣-٤).
والرب نفسه كان ذبيحة كفارية للجميع، كما هو مكتوب: «وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ ٱلْعَالَمِ أَيْضاً» (١ يوحنّا ٢: ٢).
ونقرأ أيضاً: «وَيَكُونُ كُلُّ مَنْ يَدْعُو بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ يَخْلُصُ» (أعمال الرسل ٢: ٢١) - «فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ ٱلْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ، هٰكَذَا بِبِرٍّ وَاحِدٍ صَارَتِ ٱلْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ، لِتَبْرِيرِ ٱلْحَيَاةِ» (رومية ٥: ١٨).
ليست هذه الأكاذيب وقفاً على شهود يهوه وحدهم، بل هي أيضاً في صلب عقيدة جمعية «أصدقاء الإنسان» وجمعية «رسل الفجر الألفي» وهذا ما يحملنا على الجزم بأنّ الشيع الثلاث هي من عائلة واحدة أبوها شارل تاز رسل.

خامساً: الصف السّماوي (جسد المسيح)


تتناول هذه التسمية القطيع الصغير (١٤٤٠٠٠) إذ يقولون إنّ المقبولين في العهد لأجل الملكوت (الكنيسة السّماوية)، لا يُختطفون حالاً في السّحب ليشتركوا مع رئيس الكنيسة، بل سينامون في القبور إلى حين القيامة الأولى (ليكن الله صادقاً صفحة ١٢٠).
ومما يجب الإشارة إليه في هذا الموضوع، هو أنّ المشايعين حتى سنة ١٩٣٥م.، أملاً في الارتقاء إلى صف الملكوت، كانوا يتخلّون عن شؤونهم الأرضية ويهبون كل ما يملكون للجماعة ثم يتفرّغون لخدمة توزيع المنشورات.
وهؤلاء وحدهم كان لهم الحق بممارسة المعمودية بالتغطيس، والاشتراك في السر المقدس مرة كل سنة في يوم خميس الأسرار.
ويسلّم شهود يهوه بأنهم لن يذهبوا جميعاً إلى السماء، لأنّ هذا الامتياز هو من نصيب عدد محدود من المؤمنين. وهم يزعمون أنّ هذا العدد هو الذي أطلق عليه المسيح اسم «القطيع الصغير» (لوقا ١٢: ٣٢)، الذي سيملك معه في ملكوته السماوي. ويقولون إنّ بقية من هذا القطيع ما زالت هنا على الأرض (ليكن الله صادقاً صفحة ٢٣٧-٢٣٨).
لقد تخبّط شهود يهوه في تفسير ما كتبه يوحنّا في رؤيا ٧. وفي سبيل دعم تعليمهم حوّروا الحقيقة بالحذف كما هو مشهور عنهم. وكل من يقرأ هذا الفصل من سفر الرؤيا، لا بد أن يحكم بعدم أمانتهم في النقل. فالعدد ١٤٤٠٠٠ ليس سوى رقم رمزي للمختارين من أمة اليهود، وذلك على النحو التالي:
«وَسَمِعْتُ عَدَدَ ٱلْمَخْتُومِينَ مِئَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفاً، مَخْتُومِينَ مِنْ كُلِّ سِبْطٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا ٱثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ رَأُوبِينَ ٱثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ جَادَ ٱثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ ٱثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ نَفْتَالِي ٱثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ مَنَسَّى ٱثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ شَمْعُونَ ٱثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ لاَوِي ٱثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ يَسَّاكَرَ ٱثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ زَبُولُونَ ٱثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ يُوسُفَ ٱثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ. مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ ٱثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ» (رؤيا يوحنّا ٧: ٤-٨).
ومما ينقض أكاذيب شهود يهوه في هذا الموضوع من أساسها هو ما ورد في (الأعداد ٩-١٥) من الفصل نفسه، إذ نقرأ:
«بَعْدَ هٰذَا نَظَرْتُ وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُلِّ ٱلأُمَمِ وَٱلْقَبَائِلِ وَٱلشُّعُوبِ وَٱلأَلْسِنَةِ، وَاقِفُونَ أَمَامَ ٱلْعَرْشِ وَأَمَامَ ٱلْحَمَلِ، مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ وَفِي أَيْدِيهِمْ سَعَفُ ٱلنَّخْلِ وَهُمْ يَصْرُخُونَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «ٱلْخَلاَصُ لإِلٰهِنَا ٱلْجَالِسِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَلِلْحَمَلِ». وَجَمِيعُ ٱلْمَلاَئِكَةِ كَانُوا وَاقِفِينَ حَوْلَ ٱلْعَرْشِ وَٱلشُّيُوخِ وَٱلْحَيَوَانَاتِ ٱلأَرْبَعَةِ، وَخَرُّوا أَمَامَ ٱلْعَرْشِ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا لِلّٰهِ قَائِلِينَ: «آمِينَ! ٱلْبَرَكَةُ وَٱلْمَجْدُ وَٱلْحِكْمَةُ وَٱلشُّكْرُ وَٱلْكَرَامَةُ وَٱلْقُدْرَةُ وَٱلْقُوَّةُ لإِلٰهِنَا إِلَى أَبَدِ ٱلآبِدِينَ. آمِينَ» وَسَأَلَنِي وَاحِدٌ مِنَ ٱلشُّيُوخِ: «هٰؤُلاَءِ ٱلْمُتَسَرْبِلُونَ بِٱلثِّيَابِ ٱلْبِيضِ، مَنْ هُمْ وَمِنْ أَيْنَ أَتُوا؟» فَقُلْتُ لَهُ: «يَا سَيِّدُ أَنْتَ تَعْلَمُ». فَقَالَ لِي: «هٰؤُلاَءِ هُمُ ٱلَّذِينَ أَتُوا مِنَ ٱلضِّيقَةِ ٱلْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوهَا فِي دَمِ ٱلْحَمَلِ. مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ هُمْ أَمَامَ عَرْشِ ٱللّٰهِ وَيَخْدِمُونَهُ نَهَاراً وَلَيْلاً فِي هَيْكَلِهِ، وَٱلْجَالِسُ عَلَى ٱلْعَرْشِ يَحِلُّ فَوْقَهُمْ».

سادساً: الصف الأرضي (الجمهور الكبير)


يقصدون بذلك خِرافاً أُخر يطلقون عليهم اسم «خراف يهوناداب» تيمّناً بالرجال الذين أقامهم يهوناداب، رفيق ياهو الملك لإبادة عبدة البعل (٢ ملوك ١٠: ١٥-٢٧) أو خراف الرب الأُخر (يوحنّا ١٠: ١٦) وهم يخدمون الآن على الأرض كشهود يهوه. ولكنهم لا يرجون السماء، لأنّ الوعد الذي أُعطي لهم يقتصر فقط على الحياة على الأرض. وسيكون لهم الامتياز أن يُخضعوا الأرض ويجمّلوها، ويملأوها بالنسل، بشرط وحيد، هو أن يثبتوا عملياً أمانتهم كشهود يهوه، وذلك قبل نشوب معركة هرمجدون (ليكن الله صادقاً صفحة ٢٣٨).
فشهود يهوه كما تقدّم لا يرجون كلهم الذهاب إلى السماء، أي أنّه ليس لهم جميعاً الرجاء الواحد... بخلاف مختاري يسوع، الذين قال الرسول بولس إنهم في «رجاء دعوة واحدة» (أفسس ٤: ٤).
والمسيح نفسه، قال: «وَلِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ هٰذِهِ ٱلْحَظِيرَةِ، يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضاً فَتَسْمَعُ صَوْتِي، وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ» (يوحنّا ١٠: ١٦).
والعجيب في تصرّف شهود يهوه، أنهم يوصون محبذيهم، الذين يريدون الاكتفاء بالميراث الأرضي، أن يخرجوا من المجموعات الدينية التي ينتمون إليها... وهذا نموذج من النصائح التي يقدّمونها لهم:
«لكي تكرّس ذاتك شاهداً ليهوه، لا تحتاج إلى الانتماء لأيّة منظمة بشرية. ففي الوحدة ضمن جدران بيتك يمكنك أن تحيا أميناً ليهوه ولملكوته» (ملك البر صفحة ٢٤).
تعمّق في معرفة الحقيقة، بمطالعة كتب القاضي روتفورد. ابتعد عن التظاهرات لأنّ لا فائدة منها (ملك البر صفحة ٢٧).
إن كنت عضواً في الجسم الأكليركي، أو نزّاعاً للسياسة فانسحب، واقطع كل علاقة لك مع هذه المنظمات الباطلة (ملك البر صفحة ٥٤).
لا تحمّل نفسك عناء الاحتفاظ بمركزك في أية جمعية خيرية كنسية، لأنّ الكنائس هي من العالم وللعالم (ملك البر صفحة ٥٥ و٥٦).

سابعاً: القيامات المختلفة


١ - القيامة السّماوية (القيامة الأولى)


يقولون: «إنّ القيامة الأولى هي الأهم»، كما هو مكتوب: «مُبَارَكٌ وَمُقَدَّسٌ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي ٱلْقِيَامَةِ ٱلأُولَى» (رؤيا يوحنّا ٢٠: ٦) ثمّ يقولون إنّ الكتابات المقدسة تشير إلى أنّ الذين لهم نصيب في القيامة الأولى ليسوا بكثيري العدد، فهم القطيع الصغير المؤلف من ١٤٤٠٠٠ عضواً.
وقد تأكد أنّ أحداً من رسل وتلاميذ المسيح لم يقم من الأموات قبل مجيء المسيح. هذا اليوم المنتظر، هو يوم الرب، الذي بدأ مع دخول السيد إلى الهيكل عام ١٩١٨م. إنّ الذين لهم نصيب في القيامة الأولى سوف لا يُبعثون مطلقاً بالجسد، بل يقومون بالروح. وهذه الكائنات الروحية ستكون مثل المسيح، غير منظورة من الناس.
إنّ أعضاء هذا الصف السّماوي الذين يموتون اليوم في حضور المسيح الغير المنظور لن يرقدوا، بل في لحظة في طرفة عين يتغيرون، ويتحولون إلى أرواح، أي خلائق روحية (ليكن الله صادقاً صفحة ٢٩٠، ٢٩١، ٢٩٢).
وهذا الاعتقاد من أكبر الأخطاء التي يرتكبها شهود يهوه، إذ به يتجنّون على إحدى الحقائق الكبرى.
إنهم يحدّدون عدد الذين لهم نصيب في القيامة الأولى بمائة وأربعة وأربعين ألفاً. ويبدو شططهم الفظيع في الزعم بأنّ هذه القيامة حدثت في عام ١٩١٨م.، وبأنّ أعضاء هذا الصف الذين يموتون، سيتحولون سريعاً إلى خلائق روحية.

٢ - القيامة الأرضية الفضلى


يزعمون أنّ الخراف الأُخر، الذين يموتون الآن، سيُحسَبون من صف فعلة الخير. ويتوقع أن يقوموا بعد معركة هرمجدون، بوقت قريب.

٣ - القيامة الأرضية العامة


يقولون إنّ فعلة الشرّ سينالون نصيباً في القيامة العامة التي ستشمل جميع الأموات، وأنهم سيُدانون، كل واحد بحسب أعماله المقبلة على الأرض، التي أُخضعت لملكوت الله... وأمّا يوم الدينونة هذا فسيكون طويلاً، بمقدار أنّه سيتيح للمقامين أن يقوموا بأعمال سيُدانون بموجبها.
أمّا الذين فعلوا السيّئات بمحض إرادتهم ولم يكن إصلاحهم ممكناً، فسوف يرقدون إلى الأبد. ولكن سيكون خلاص لجميع الذين سيؤمنون (ليكن الله صادقاً صفحة ٢٩٣-٢٩٦).
وخلاصة ما تقدم أنّ شهود يهوه يتكلمون عن ثلاث قيامات بينما الكتاب المقدس يذكر اثنتين فقط: قيامة الحياة وقيامة الدينونة. وستحدث قيامة الحياة عند مجيء المسيح (١ تسالونيكي ٤: ١٦) وستعقبها قيامة الذين قُتلوا من أجل شهادة يسوع ومن أجل كلمة الله (رؤيا يوحنّا ٢٠: ٤).
وقد أخطأ شهود يهوه في ما يختص بزمن هاتين القيامتين، إذ يقولون إنّ كل الأموات سيقومون قبل الحكم الألفي. بينما الكتاب المقدس يؤكد أنّ الأشرار سيقومون بعد الألف سنة، لكي يأتوا إلى الدينونة الأخيرة إذ يقول: «وَأَمَّا بَقِيَّةُ ٱلأَمْوَاتِ فَلَمْ تَعِشْ حَتَّى تَتِمَّ ٱلأَلْفُ ٱلسَّنَةِ» (رؤيا يوحنّا ٢٠: ٤-٦).
وكذلك يزعم شهود يهوه أنّ كل الذين لا يمكن إصلاحهم سيرقدون إلى الأبد. بينما الكتاب المقدس يؤكد بأنّ الأشرار سيقومون وسيحضرهم الله إلى الدينونة، ويرسلهم إلى العذاب الأبدي (رؤيا يوحنّا ٢٠: ١١-١٥).



٤ - تحريفهم لعقائد الكتاب المقدس


«لأَنَّنَا لَسْنَا كَٱلْكَثِيرِينَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ، لٰكِنْ كَمَا مِنْ إِخْلاَصٍ، بَلْ كَمَا مِنَ ٱللّٰهِ نَتَكَلَّمُ أَمَامَ ٱللّٰهِ فِي ٱلْمَسِيحِ» (٢ كورنثوس ٢: ١٧).
لا يكتفي شهود يهوه بمحاولة وضع الظلال على أمجاد ربنا يسوع، ولكنّهم يغشون الكتابات المقدسة أيضاً على نحو يجرد العقائد الكتابية من معناها الحقيقي. لهذا وجب الرد على ضلالاتهم وتفنيدها هكذا:
أولاً: يقولون إنّ عقيدة الثالوث مخالفة للكتاب المقدس


إنّ شهود يهوه أعداء لدودون لعقيدة الثالوث، وقد ركزوا عليها حملات عنيفة، فيها الكثير من الكلام الجارح للمسيحيين، إذ قالوا: إنّ عقيدة الثالوث مصدرها خرافات تعود إلى البابليين والمصريين القدماء. وقد أُدخلت في الديانة التي نظمها أكليركي اسمه تيوفيل. وقد صادق مؤتمر نيقية على هذه العقيدة الحمقاء... ومنذئذ تولّى رجال الدين أمر الدفاع عن هذه النظرية الملبدة بغيوم الغموض، والتي بثّها الشيطان في عقولهم (ليكن الله صادقاً صفحة ٨٨).
يبدو أنّ شهود يهوه لم يأخذوا بعين الاعتبار الطريقة التي استخرج بها المسيحيون تعليمهم من الكتاب المقدس، لإقامة العلاقة، خلال العصور، بين الآب والابن والروح القدس.
أنا أعترف لشهود يهوه بالبراعة في تعويج النصوص الكتابية عن طريق تجريدها من قرائنها، وتفسيرها وفقاً للغاية المتوخاة من البحث، كما فعلوا بالآيات التالية:

  • «اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ» (تثنية ٦: ٤).
  • «أَنَا ٱلرَّبُّ هَذَا ٱسْمِي، وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لآخَرَ» (إشعياء ٤٢: ٨).
  • «وَيَكُونُ ٱلرَّبُّ مَلِكاً عَلَى كُلِّ ٱلأَرْضِ» (زكريا ١٤: ٩).


ولا يوجد مسيحي حقيقي، يخرج على هذا الاعتقاد بإله واحد، موجود منذ الأزل. إلا أنّنا نعتقد بأنّ هذا الإله الواحد، أعلن نفسه في ثلاثة أقانيم: آب وابن وروح قدس، وهذه الأقانيم تتراءى في النصوص التالية:

  • «نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ ٱللّٰهِ، وَشَرِكَةُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ» (٢ كورنثوس ١٣: ١٤).
  • «فَإِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي ٱلسَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: ٱلآبُ، وَٱلْكَلِمَةُ، وَٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ. وَهٰؤُلاَءِ ٱلثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ» (١ يوحنّا ٥: ٧).
  • «لأَنَّ بِهِ (أي المسيح) لَنَا كِلَيْنَا قُدُوماً فِي رُوحٍ وَاحِدٍ إِلَى ٱلآبِ» (أفسس ٢: ١٨).


وطيف الثالوث الأقدس يُطلّ علينا منذ الآية الأولى في الكتاب المقدس، على صعيد العمل في صيغة الجمع «إلوهيم» «فِي ٱلْبَدْءِ خَلَقَ ٱللّٰهُ (إِلوهيم) ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ» (تكوين ١: ١).
وفي تكوين ١: ٢٦، تكلّم الله مستعملاً فعلاً متبعاً بضمير الجماعة، إذ يقول: «نَعْمَلُ ٱلإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا».
وفي تكوين ٣: ٢٢، وردت عبارة تشير إلى الأقانيم بصورة واضحة جداً، إذ يقول الرب: «هُوَذَا ٱلإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا».
إنّ استعمال اسم الإشارة ذا، متصلاً بضمير الشأن، يفرض وجود متكلّم ومخاطَب. وكل من له فهم روحي، لا بدّ أن يدرك من الصيغة أنّ المتكلم هو الآب، موجهاً الخطاب إلى الابن والروح القدس.
الواقع أنّ العبارة «كَوَاحِدٍ مِنَّا» تدل على أنّ الكائن المتكلّم كان يخاطب كائناً أو أكثر من نوعه، وإلا لكان الأصح أن يقول: هوذا الإنسان صار مثلي.
وفي (تكوين ١١: ٧) نقرأ هذه العبارة: «هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ» فلفظة «هَلُمَّ»، تتضمّن نوعاً من الدعوة، يفرض وجود متكلم ومخاطب. ونفهم من القالب الذي صيغت فيه العبارة أنّ الآب دعا الابن والروح القدس لمرافقته إلى الأرض لكي يبلبل الألسن.
وفي أثناء معمودية المسيح يُطلّ علينا الثالوث بصورة واضحة، حيث سُمع صوت الآب يتهلّل فرحاً بالابن، فيما الروح القدس يحل عليه (متّى ٣: ١٦-١٧، لوقا ٣: ٢١-٢٢).
وكذلك يُطلّ علينا في الأمر الذي تلقاه التلاميذ من سيدهم، حين قال: «ٱذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ ٱلأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِٱسْمِ ٱلآبِ وَٱلٱبْنِ وَٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ» (متّى ٢٨: ١٩).
ممّا يجب ملاحظته، هو أنّ معظم المسيحيين يسودهم الجهل في موضوع ألوهية الابن والروح القدس. لذا أرى لزاماً عليّ أن أشير في ما يلي إلى النصوص الكتابية التي تثبت ذلك:
لاهوت الإبن


ورد في العهد القديم ذكر لملاك يهوه، الذي كان يكلم رجال ذلك العهد، مبرزاً شخصية مميزة عن يهوه. ومع ذلك فالكتاب المقدس يساويهما في القدرة والمجد ولنا على ذلك عدة أدلة. منها:

  • في تسميته ملاك يهوه «إيل» أي الله، وقطعه الوعود لمختاري الرب، على صورة لا يقدر أن يتمّمها إلا الله نفسه (تكوين ١٦: ٧-١٣).
  • في تسميته يهوه «الرب» وتكلّمه بسلطان الله (تكوين ١٨: ١-٥، ٩-١١،١٤،١٧).
  • في تسميته «الله» وقسمه بذاته لإبراهيم أن يعطيه نسلاً كثير العدد (تكوين ٢٢: ١، ١١، ١٢، ١٥، ١٨).
  • في تسميته الله بعد صراع يعقوب معه إذ قال له: «جَاهَدْتَ مَعَ ٱللّٰهِ» (تكوين ٣٢: ٢٨) ونقرأ هذا الحادث في هوشع هكذا: «وَبِقُوَّتِهِ جَاهَدَ مَعَ ٱلْمَلاَكِ وَغَلَبَ... وَٱلرَّبُّ إِلٰهُ ٱلْجُنُودِ يَهْوَهُ ٱسْمُهُ» (هوشع ١٢: ٣-٥).
  • في تسميته رئيس جند الرب يهوه (يشوع ٥: ١٤-١٦).
  • في تسميته ملاك الرب والرب الذي وعد جدعون بالنّصرة (قضاة ٦: ١٢، ١٤، ٢٢، ٢٣).


هذه الآيات متى قوبلت مع ملاخي ٣: ١-١٤ و كورنثوس الأولى ١٠: ٤ و٩ ، تُبيّن أنّ الملاك المعني بها هو الابن.

شواهد أخرى



  • نقرأ في المزمور الثاني إشارة إلى إقامة المسيح ملكاً على صهيون، فبالمقابلة مع أعمال الرسل ٤: ٢٧، ١٣: ٣٣، وعبرانيين ١: ٥ و٥: ٥، ورؤيا يوحنّا ٢: ٢٧، يتّضح لنا أنّ الملك المشار إليه هو الله، بدليل أمر الله لجميع شعوب وملوك وقضاة الأرض أن يعبدوه، ويطوّبوا كل المتكلين عليه (مزمور ٢: ١٠، ١١، ١٢).
  • نقرأ في المزمور ٤٥: ٦-٧ هذه العبارات «كُرْسِيُّكَ يَا اَللّٰهُ إِلَى دَهْرِ ٱلدُّهُورِ. قَضِيبُ ٱسْتِقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ. أَحْبَبْتَ ٱلْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ ٱلإِثْمَ». فبمقابلتها مع (عبرانيين ١: ٨) يتجلّى لنا الله في شخص الابن، إذ تقول الآية: «أَمَّا عَنْ ٱلٱبْنِ: «كُرْسِيُّكَ يَا أَللّٰهُ».
  • في المزمور ٧٢، يتراءى لنا الابن متسربلاً صفات الله كلها:
    - ديّان كل الشعوب عدد ٢
    - مخلّص البائسين عدد ٤
    - يسجد له الملوك وتعبده الشعوب عدد ١١
    - يفدي النفوس عدد ١٤
    - تتبارك به قبائل الأرض عدد ١٧
  • المزمور ١١٠ الذي منه اقتبس كتبة العهد الجديد لإثبات لاهوت الابن:
    - رب داود عدد ١
    - جلوسه عن يمين الآب، لكي يشاركه المجد والسلطان. (عدد ٥). قابل مع عبرانيين ١: ١٣.
  • إشعياء ٦، في هذا الأصحاح ظهر الله لإشعياء في الهيكل مُحاطاً بملائكة تسبّح له. فحين نقرأ (يوحنّا ١٢: ٤١) ندرك أنّ ذاك الإله الحقيقي الذي تراءى لإشعياء بمجده في الهيكل، إنّما كان المسيح نفسه، الذي يعبده الآن الملائكة والقدّيسون.
  • إشعياء ٧، في هذا الأصحاح تكلّم روح الله على لسان إشعياء عن مولود من عذراء اسمه عمانوئيل الذي تفسيره «الله معنا» (إشعياء ٧: ١٣-١٦) فبمقابلة هذه الآيات بمتّى ١: ٢٣، يتّضح لنا أنّ هذا المولود هو يسوع المسيح.
  • إشعياء ٩، في هذا الأصحاح وفي العدد السادس تحديداً تكلّم الوحي عن مولود له كل صفات الله إذ يقول: لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ٱبْناً، وَتَكُونُ ٱلرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى ٱسْمُهُ:



  • عَجِيباً - هكذا قيل عن الله نفسه لمنوح في (قضاة ١٣: ١٨).
  • مُشِيراً - هكذا قال لكنيسة اللاودكيّين: «أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي ذَهَباً مُصَفّىً بِٱلنَّارِ» (رؤيا يوحنّا ٣: ١٨).
  • إِلٰهاً قَدِيراً - «أَنَا هُوَ ٱلأَلِفُ وَٱلْيَاءُ، ٱلْبِدَايَةُ وَٱلنِّهَايَةُ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ ٱلْكَائِنُ وَٱلَّذِي كَانَ وَٱلَّذِي يَأْتِي، ٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» (رؤيا يوحنّا ١: ٨).
  • أَباً أَبَدِيّاً - هكذا قال يسوع: «أَنَا وَٱلآبُ وَاحِدٌ... أَنَا فِي ٱلآبِ وَٱلآبَ فِيَّ » (يوحنّا ١٠: ٣٠ و١٤: ١٠).
  • رَئِيسَ ٱلسَّلاَمِ» - «لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا» قال الرسول بولس: «لِكَيْ يَخْلُقَ ٱلٱثْنَيْنِ فِي نَفْسِهِ إِنْسَاناً وَاحِداً جَدِيداً، صَانِعاً سَلاَماً» (أفسس ٢: ١٤-١٥).


وهناك آيات عديدة تشهد بلاهوت المسيح منها: ميخا ٥: ٢، يوحنّا ١: ١-٣، رومية ٩: ٥، كولوسي ٢: ٨-١٠، عبرانيين ١: ١-٣، و٨-٩، ١ يوحنّا ٥: ٢٠، رؤيا يوحنّا ١: ٨.


ثانياً: لاهوت الروح القدس


١ - الروح القدس شخص إلهي


قال يسوع: «وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ ٱلآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى ٱلأَبَدِ، رُوحُ ٱلْحَقِّ» (يوحنّا ١٤: ١٦-١٧). هذا هو عمل الروح القدس، أن يكون معزّياً آخر. فهل كان يسوع ليستعمل تعبيراً كهذا، للكلام عن سلطان أو قوّة ليس لها شخصية إلهية كما يزعم شهود يهوه؟

٢ - الروح القدس هو الله


قال بطرس: «يَا حَنَانِيَّا، لِمَاذَا مَلأَ ٱلشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ؟.. أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى ٱلنَّاسِ بَلْ عَلَى ٱللّٰهِ» (أعمال الرسل ٥: ٣-٤).

٣ - أزلية الروح القدس


«فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍ قَدَّمَ نَفْسَهُ لِلّٰهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَالٍ مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا ٱللّٰهَ ٱلْحَيَّ!» (عبرانيين ٩: ١٤).

٤ - يُكلّم الشعب


«لِذٰلِكَ كَمَا يَقُولُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ: «ٱلْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي ٱلإِسْخَاطِ، يَوْمَ ٱلتَّجْرِبَةِ فِي ٱلْقَفْرِ حَيْثُ جَرَّبَنِي آبَاؤُكُمُ. ٱخْتَبَرُونِي وَأَبْصَرُوا أَعْمَالِي أَرْبَعِينَ سَنَةً» (عبرانيين ٣: ٧-٩، قابل مع مزمور ٩٥: ٧-١٠).

٥ - فاحص كل شيء


«فَأَعْلَنَهُ ٱللّٰهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لأَنَّ ٱلرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ ٱللّٰهِ» (١ كورنثوس ٢: ١٠).

٦ - يرشد الرسل


«وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ ٱلْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ ٱلْحَقِّ» (يوحنّا ١٦: ١٣).

٧ - يحيي


«وَإِنْ كَانَ رُوحُ ٱلَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ سَاكِناً فِيكُمْ، فَٱلَّذِي أَقَامَ ٱلْمَسِيحَ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ ٱلْمَائِتَةَ أَيْضاً بِرُوحِهِ ٱلسَّاكِنِ فِيكُمْ» (رومية ٨: ١١).

٨ - يخلق ويجدّد


«تُرْسِلُ رُوحَكَ فَتُخْلَقُ. وَتُجَدِّدُ وَجْهَ ٱلأَرْضِ» (مزمور ١٠٤: ٣٠). «رُوحُ ٱللّٰهِ صَنَعَنِي وَنَسَمَةُ ٱلْقَدِيرِ أَحْيَتْنِي» (أيوب ٣٣: ٤).

٩ - يعلّم الرسل


«وَأَمَّا ٱلْمُعَزِّي، ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ، ٱلَّذِي سَيُرْسِلُهُ ٱلآبُ بِٱسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ» (يوحنّا ١٤: ٢٦).


ثالثاً: قولهم في خلود المسيح


يقولون: «إنّ عدم الموت قد مُنح للمسيح كمكافأة له لأجل طاعته»، ويبسطون هذا الموضوع هكذا:
كان الإنسان يسوع خاضعاً لناموس الموت، أي أنّ روحه لم يكن لها امتياز عدم الموت، لأنها كانت روحاً بشرية ومات هكذا.
ومن المسلَّم به أنّ الخلود صفة خاصة بيهوه الله وحده. بيد أنّ المسيح يسوع قد أحرز الخلود كجائزة لفوزه بالامتحان وأمانته لأبيه حتى الموت. وهذه الجائزة العظمى، مُعدّة لأفراد الكنيسة الحقة، التي هي جسد المسيح. فأين زعم القائلين بأنّ النفس خالدة وأنّ الخلود يأتيها عفواً وقت الولادة؟ (ليكن الله صادقاً صفحة ٨٢ و٨٣).
هذا أيضاً تجديف آخر على السيّد الرب، الذي قال عنه الكتاب: «مَخَارِجُهُ مُنْذُ ٱلْقَدِيمِ مُنْذُ أَيَّامِ ٱلأَزَلِ» (ميخا ٥: ٢). وتحقير لذاك الذي قيل عنه أنّه لن يرى فساداً (أعمال الرسل ٢: ٢٧). وهو تجاهُل لقول الرب نفسه: «أَنَا هُوَ ٱلْقِيَامَةُ وَٱلْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا» (يوحنّا ١١: ٢٥). وهو جحود لرب الحياة، الذي قال عنه يوحنّا: «وَنَحْنُ فِي ٱلْحَقِّ فِي ٱبْنِهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. هٰذَا هُوَ ٱلإِلٰهُ ٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ» (١ يوحنّا ٥: ٢٠). وهو تجاهُل لإعلان القدوس الحق الذي قال: «أَنَا هُوَ ٱلأَلِفُ وَٱلْيَاءُ، ٱلْبَِدَايَةُ وَٱلنِّهَايَةُ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ ٱلْكَائِنُ وَٱلَّذِي كَانَ وَٱلَّذِي يَأْتِي، ٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» (رؤيا يوحنّا ١: ٨).
في الواقع إنّ هدف شهود يهوه، هو وضع الظلال على أمجاد الرب يسوع وإنزاله إلى مستوى الإنسان، وبالمقابل رفع الإنسان إلى مستوى الله. بمعنى أنّ الشيطان لم يُجرّد من سلاحه. إنه يتتبع هدفه القائل: «تَكُونَانِ كَٱللّٰهِ عَارِفَيْنِ ٱلْخَيْرَ وَٱلشَّرَّ» (تكوين ٣: ٥).

رابعاً: قولهم في خلود الإنسان


يزعمون أنّ الإنسان، ليس فيه شيء لا يموت أو لا يفنى، إذ نقرأ في نشرتهم المكتوبة بعنوان «نار جهنم» والتي صدرت عن جمعيتهم في باريس ٣، فيلا غيبرت رقم ٢٦: «من المسلّم به أنّ الجثة بعد الموت توضع في القبر. ولكن بعض الأشخاص يعتقدون أنّ روح الشرير تذهب إلى مكان العذاب المستعر. فلو كان هذا الأمر صحيحاً، لجاز أن يُقال بأنّ في الإنسان شيئاً غير قابل للموت أو الفناء. وهذا الشيء يُسمّى النفس وهي مميزة ومنفصلة عن الجسم. ولكن هذا شيء لا نؤمن به إطلاقاً... لأنّ الإنسان ذاته نفس، وليس له نفس مميزة ومنفصلة عن الجسم» (صفحة ٣).
هذا الكلام يبيّن مبلغ الشطط الذي تردّى فيه شهود يهوه، فهم يخلطون بين النفس والجسد، ويتجاهلون القسم الثالث من كياننا وهو الروح. ويبدو أنهم تناسوا ما قاله الرسول بولس في هذا الشأن: «وَإِلٰهُ ٱلسَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِٱلتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ» (١ تسالونيكي ٥: ٢٣).
فهم إذن لا يميّزون في ما هو قابل للموت وبين ما هو خالد. وفي رأيهم هذا يظهرون أنهم لا يفرقون بين مصير الإنسان والحيوان بعد الموت. فقد قالوا: «لا يوجد في العالم من بلغت به الحماقة إلى تصديق القول بأنّ دواب الحقول لها روح خالدة، تذهب إلى جهنم عند الموت. فالبهائم مثل الناس على السواء، نفوس حيّة، تنتهي حياتها وتتلاشى عند الموت. وهذا هو مصير الخاطئ أيضاً» (نار جهنم صفحة ٤).
إنهم يستندون في رأيهم على ما جاء في سفر الجامعة ٣: ١٨-١٩، ليدلّلوا على أنّ الإنسان مساوٍ للبهيمة، زاعمين أنّ مصيره كمصيرها من جهة الموت باعتبار أن له نفس نسمة الحياة التي لها.
ولكن الوحي في أيوب يتكلّم بما يدحض تعليمهم إذ يقول: «وَلٰكِنَّ فِي ٱلنَّاسِ رُوحاً وَنَسَمَةُ ٱلْقَدِيرِ تُعَقِّلُهُمْ» (أيوب ٣٢: ٨). وقد أجمع علماء الكتاب المقدس على أنّ كلمة نسمة هنا في لغة الكتاب الأصلية، غير كلمة نسمة التي وردت في (جامعة ٣). إنها نسمة القدير التي وضعها في الإنسان، لأنّهّ خلقه على صورته وجعل فيه نفساً ناطقةً خالدة تقدر أن تعرف الله والأمور الروحية (تكوين ٢: ٧).
في الصفحة ٨٥ من كتاب ليكن الله صادقاً يقول شهود يهوه: «لكي تتألّم نفس الإنسان في العذاب الأبدي بعد الموت، يجب أن تكون تلك النفس غير قابلة للموت، وهذا ليس لها في الواقع».
هذه النظرية خطأ، لأنّ الكتاب المقدس يعلّم بأنّ الإنسان غير قابل للفناء. وهو سيقضي أبديته إمّا في مكان السعادة، وإمّا في مكان العذاب، إذ نقرأ في الكتاب المقدس:

  • «وَبَعْدَ أَنْ يُفْنَى جِلْدِي هٰذَا وَبِدُونِ جَسَدِي أَرَى ٱللّٰهَ. ٱلَّذِي أَرَاهُ أَنَا لِنَفْسِي وَعَيْنَايَ تَنْظُرَانِ وَلَيْسَ آخَرُ» (أيوب ١٩: ٢٦-٢٧).
  • «فَمَاتَ ٱلْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ ٱلْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ ٱلْغَنِيُّ أَيْضاً وَدُفِنَ، فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي ٱلْهَاوِيَةِ وَهُوَ فِي ٱلْعَذَابِ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَازَرَ فِي حِضْنِهِ، فَنَادَى: يَا أَبِي إِبْرَاهِيمُ ٱرْحَمْنِي، وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبَِعِهِ بِمَاءٍ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي، لأَنِّي مُعَذَّبٌ فِي هٰذَا ٱللَّهِيبِ» (لوقا ١٦: ٢٢-٢٤).
  • «فَكَانُوا يَرْجُمُونَ ٱسْتِفَانُوسَ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ: «أَيُّهَا ٱلرَّبُّ يَسُوعُ ٱقْبَلْ رُوحِي». ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَا رَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هٰذِهِ ٱلْخَطِيَّةَ». وَإِذْ قَالَ هٰذَا رَقَدَ» (أعمال الرسل ٧: ٥٩-٦٠).
  • «فَإِنَّنَا نَحْنُ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْخَيْمَةِ نَئِنُّ مُثْقَلِينَ، إِذْ لَسْنَا نُرِيدُ أَنْ نَخْلَعَهَا بَلْ أَنْ نَلْبَسَ فَوْقَهَا، لِكَيْ يُبْتَلَعَ ٱلْمَائِتُ مِنَ ٱلْحَيَاةِ َلٰكِنَّ ٱلَّذِي صَنَعَنَا لِهٰذَا عَيْنِهِ هُوَ ٱللّٰهُ، ٱلَّذِي أَعْطَانَا أَيْضاً عَرْبُونَ ٱلرُّوحِ. فَإِذاً نَحْنُ وَاثِقُونَ كُلَّ حِينٍ وَعَالِمُونَ أَنَّنَا وَنَحْنُ مُسْتَوْطِنُونَ فِي ٱلْجَسَدِ فَنَحْنُ مُتَغَرِّبُونَ عَنِ ٱلرَّبِّ. لأَنَّنَا بِٱلإِيمَانِ نَسْلُكُ لاَ بِٱلْعَيَانِ. فَنَثِقُ وَنُسَرُّ بِٱلأَوْلَى أَنْ نَتَغَرَّبَ عَنِ ٱلْجَسَدِ وَنَسْتَوْطِنَ عِنْدَ ٱلرَّبِّ» (٢ كورنثوس ٥: ٤-٨).
  • «لأَنَّ لِيَ ٱلْحَيَاةَ هِيَ ٱلْمَسِيحُ وَٱلْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ... لِيَ ٱشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ ٱلْمَسِيحِ. ذَاكَ أَفْضَلُ جِدّاً» (فيلبّي ١: ٢١-٢٣).
  • «فَإِنَّ ٱلْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ ٱلْخَطَايَا، ٱلْبَارُّ مِنْ أَجْلِ ٱلأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى ٱللّٰهِ، مُمَاتاً فِي ٱلْجَسَدِ وَلٰكِنْ مُحْيىً فِي ٱلرُّوحِ، ٱلَّذِي فِيهِ أَيْضاً ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ ٱلَّتِي فِي ٱلسِّجْنِ» (١ بطرس ٣: ١٨-١٩).
    «فَإِنَّهُ لأَجْلِ هٰذَا بُشِّرَ ٱلْمَوْتٰى أَيْضاً، لِكَيْ يُدَانُوا حَسَبَ ٱلنَّاسِ بِٱلْجَسَدِ، وَلٰكِنْ لِيَحْيُوا حَسَبَ ٱللّٰهِ بِٱلرُّوحِ» (١ بطرس ٤: ٦).
  • «وَلَمَّا فَتَحَ ٱلْخَتْمَ ٱلْخَامِسَ، رَأَيْتُ تَحْتَ ٱلْمَذْبَحِ نُفُوسَ ٱلَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ وَمِنْ أَجْلِ ٱلشَّهَادَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُمْ، وَصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «حَتَّى مَتَى أَيُّهَا ٱلسَّيِّدُ ٱلْقُدُّوسُ وَٱلْحَقُّ، لاَ تَقْضِي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ ٱلسَّاكِنِينَ عَلَى ٱلأَرْضِ؟» (رؤيا يوحنّا ٦: ٩-١٠).


أبعدَ هذا يريد أيضاً شهود يهوه متابعة اللعب على الكلام، بدلاً من الخضوع لكلمة الحق، التي أُعطيت للناس «لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لَكُمْ حَيَاةً أَبَدِيَّةً» (١ يوحنّا ٥: ١٣).
في الحقيقة إنّ كلمة موت التي يتمسّك بها شهود يهوه لا تعني الفناء أو الملاشاة، وأدلة الكتاب المقدس في هذا الصدد متعدّدة. منها:

  • يمكن أن يموت أحدهم روحياً وفي ذات الوقت يكون حيّاً جسدياً.
    هكذا نقرأ: «لأَنَّ أَخَاكَ هٰذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ» (لوقا ١٥: ٣٢). «أَمَّا ٱلْمُتَنَعِّمَةُ فَقَدْ مَاتَتْ وَهِيَ حَيَّةٌ» (١ تيموثاوس ٥: ٦).
  • يمكن أن يموت أحدهم جسدياً، ويبقى حيّاً روحيّاً. «فَإِنَّهُ لأَجْلِ هٰذَا بُشِّرَ ٱلْمَوْتٰى أَيْضاً، لِكَيْ يُدَانُوا حَسَبَ ٱلنَّاسِ بِٱلْجَسَدِ، وَلٰكِنْ لِيَحْيُوا حَسَبَ ٱللّٰهِ بِٱلرُّوحِ» (١ بطرس ٤: ٦).
  • يمكن أن يموت أحدهم موتاً أبدياً، ويبقى أيضاً: «وَإِبْلِيسُ ٱلَّذِي كَانَ يُضِلُّهُمْ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ ٱلنَّارِ وَٱلْكِبْرِيتِ، حَيْثُ ٱلْوَحْشُ وَٱلنَّبِيُّ ٱلْكَذَّابُ. وَسَيُعَذَّبُونَ نَهَاراً وَلَيْلاً إِلَى أَبَدِ ٱلآبِدِينَ... وَطُرِحَ ٱلْمَوْتُ وَٱلْهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ ٱلنَّارِ. هٰذَا هُوَ ٱلْمَوْتُ ٱلثَّانِي» (رؤيا يوحنّا ٢٠: ١٠-١٤).


وربّ مدّعٍ يقول: إنّ هذا ينطبق على الشيطان، وليس على الناس! فهذا يأتيه الجواب من كلمة الله نفسها: «وَأَمَّا ٱلْخَائِفُونَ وَغَيْرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلرَّجِسُونَ وَٱلْقَاتِلُونَ وَٱلزُّنَاةُ وَٱلسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ ٱلأَوْثَانِ وَجَمِيعُ ٱلْكَذَبَةِ فَنَصِيبُهُمْ فِي ٱلْبُحَيْرَةِ ٱلْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، ٱلَّذِي هُوَ ٱلْمَوْتُ ٱلثَّانِي» (رؤيا يوحنّا ٢١: ٨).

خامساً: الهاوية


قال القاضي روتفورد:
سنبرهن في ما يلي أنّ كلمة الهاوية لا تعني مكان العذاب الأبدي، بل القبر. لأنّ الكلمة «شيول» عُبّر عنها في الكتاب المقدس بلفظة قبر أكثر منها جهنم.
وفي العهد الجديد، ترجمت الكلمة اليونانية «هادس» إلى الفرنسية بكلمة «جهنم» مع أنها ترادف الكلمة العبرية «شيول» وهي في معرض التكلّم عن القبر، تعني حالة الموت ومكوث الأموات (أين هم الأموات؟ صفحة ٢٠-٢٤).
ولا يعارض علماء الكتاب المقدس، في أنّ لفظة «شيول» العبرية، ترادف كلمة «هادس» اليونانية. وقد ترجمت أحياناً بكلمة «جهنم»، التي قد لا تعني العذاب الأبدي. ولكنّها مع ذلك تعني مكان الأموات المنتظرين القيامة. أمّا بالنسبة إلى الأشرار فسيقومون في اليوم الأخير، لكي يقفوا أمام العرش الأبيض، ليُدانوا ويُطرحوا في مكان العذاب (رؤيا يوحنّا ٢٠: ١٤-١٥).

سادساً: جهنّم


قال القاضي روتفورد:
«يوجد في جنوبي أورشليم منخفض اسمه «وادي هنوم» أو وادي جهنم. وكانت هناك نار متّقدة لا تطفأ» (أين هم الأموات؟ صفحة ٢٤).
في هذه العبارات محاولة من المعلم اليهويّ أن يثبت أنّ كلمة جهنم لا تعني العذاب الأبدي، بل بالحري وادياً كانت فيه نار مستعرة باستمرار. بيد أن روتفورد تجاهل حقيقة مهمة، وهي أنّ الكتاب المقدس أراد بالإشارة إلى وادي هنوم أن يقدّم لنا فكرة عمّا سيكون العذاب الأبدي. ففي هذا الوادي كان عبدة الأصنام من اليهود يقدّمون أولادهم محرقات «لمولك» ولهذا وصفه الكتاب المقدس بمكان الرعب، رمزاً إلى مكان العذاب الأبدي (٢ أخبار الأيام ٣٣: ٦ ، إرميا ٧: ٣١-٣٣).
على أية حال فمهما كانت تفاسير روتفورد بارعة، ومهما كانت دوافعه لنفي حقيقة جهنم باللعب على الكلام، فإنّ كلامه في هذا الموضوع يسقط أمام كلام الرب يسوع: «فَإِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ أَوْ رِجْلُكَ فَٱقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ ٱلْحَيَاةَ أَعْرَجَ أَوْ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي ٱلنَّارِ ٱلأَبَدِيَّةِ وَلَكَ يَدَانِ أَوْ رِجْلاَنِ» (متّى ١٨: ٨-٩).
«أَيُّهَا ٱلْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ ٱلأَفَاعِي، كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟» (متّى ٢٣: ٣٣).
وأنتم الذين اضطربت قلوبكم أمام تأكيدات الكتاب المقدس لحقيقة العذاب الأبدي! أنتم الذين تجدون أنّ هذا يغاير محبة الله أنسيتم أنّ هذه المحبة الفائقة، قد أَعدّت لكم سبيلاً للنجاة؟ «لأَنَّهُ هٰكَذَا أَحَبَّ ٱللّٰهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ» (يوحنّا ٣: ١٦). «إِذاً لاَ شَيْءَ مِنَ ٱلدَّيْنُونَةِ ٱلآنَ عَلَى ٱلَّذِينَ هُمْ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ، ٱلسَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ ٱلْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ ٱلرُّوحِ» (رومية ٨: ١).
هكذا، كما لاحظنا، أنّ شهود يهوه، ينكرون النصوص التي تثبت وجود العذاب الأبدي لأنها تزعج أفكارهم. وتبعاً لذلك يغطّون كل شيء بتفاسيرهم المضلّلة، ويحاولون حمل الكتاب المقدس على أن يقول ما ليس فيه. وهم يفعلون ذلك لإسكات الضمائر المحتجة، وإشاعة الطمأنينة في النفوس التي يخيفها قصاص جهنم، الذي أُعدّ لكل من لم يؤمن بابن الله.
ومحاولاتهم لطمس حقائق القصاص العادل، تظهر بوضوح في كتابهم المسمّى «ليكن الله صادقاً» حيث بذلوا محاولة رشيقة، ملأت ما يقرب الإثنتي عشرة صفحة، في موضوع القبر والعذاب الأبدي. وقد حشدوا لذلك عدة عبارات، أو أنصاف عبارات من الكتاب المقدس، حرِّفت عن مواضعها، وطُلب إليها أن تشهد زوراً لنفي جهنم. وقد لخّصوا الموضوع الخطير هكذا: إنّ التعليم بوجود جهنم، حيث يطرح الأشرار ليعذبوا إلى الأبد، هو تعليم خاطئ للأسباب التالية:
(١) لأنّه غير وارد في الكتاب المقدس (٢) لأنّه تجديف على المفهوم العقلي (٣) لأنّه لا يتّفق مع محبة الله (٤) لأنّه مخالف لقواعد البر. (ليكن الله صادقاً صفحة ٨٥).
قال الرسول بولس: «هَادِمِينَ ظُنُوناً وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ ٱللّٰهِ» (٢ كورنثوس ١٠: ٥). من هنا يجب الانطلاق في جولة واسعة في الكتاب المقدس، لجمع الآيات التي تهدم مزاعم هؤلاء الذين خدعوا أنفسهم، ويحاولون خداع البسطاء:

  • «مَنْ مِنَّا يَسْكُنُ فِي نَارٍ آكِلَةٍ؟ مَنْ مِنَّا يَسْكُنُ فِي وَقَائِدَ أَبَدِيَّةٍ؟» (إشعياء ٣٣: ١٤).
  • «وَيَخْرُجُونَ وَيَرُونَ جُثَثَ ٱلنَّاسِ ٱلَّذِينَ عَصُوا عَلَيَّ، لأَنَّ دُودَهُمْ لاَ يَمُوتُ وَنَارَهُمْ لاَ تُطْفَأُ» (إشعياء ٦٦: ٢٤).
  • «وَكَثِيرُونَ مِنَ ٱلرَّاقِدِينَ فِي تُرَابِ ٱلأَرْضِ يَسْتَيْقِظُونَ، هَؤُلاَءِ إِلَى ٱلْحَيَاةِ ٱلأَبَدِيَّةِ وَهَؤُلاَءِ إِلَى ٱلْعَارِ لِلٱِزْدِرَاءِ ٱلأَبَدِيِّ» (دانيال ١٢: ٢).
  • «وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ ٱلْمَشَارِقِ وَٱلْمَغَارِبِ وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا بَنُو ٱلْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى ٱلظُّلْمَةِ ٱلْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ ٱلْبُكَاءُ وَصَرِيرُ ٱلأَسْنَانِ» (متّى ٨: ١١-١٢).
  • «أَيُّهَا ٱلْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ ٱلأَفَاعِي، كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ» (متّى ٢٣: ٣٣).
  • «وَٱلْعَبْدُ ٱلْبَطَّالُ ٱطْرَحُوهُ إِلَى ٱلظُّلْمَةِ ٱلْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ ٱلْبُكَاءُ وَصَرِيرُ ٱلأَسْنَانِ» (متّى ٢٥: ٣٠).
  • «وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَٱقْلَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ عَيْنَانِ وَتُطْرَحَ فِي جَهَنَّمَ ٱلنَّارِ» (مرقس ٩: ٤٧).
  • «فَإِنَّهُ إِنْ أَخْطَأْنَا بِٱخْتِيَارِنَا بَعْدَمَا أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ ٱلْحَقِّ، لاَ تَبْقَى بَعْدُ ذَبِيحَةٌ عَنِ ٱلْخَطَايَا، بَلْ قُبُولُ دَيْنُونَةٍ مُخِيفٌ، وَغَيْرَةُ نَارٍ عَتِيدَةٍ أَنْ تَأْكُلَ ٱلْمُضَادِّينَ» (عبرانيين ١٠: ٢٦-٢٧).
  • «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْجُدُ لِلْوَحْشِ... سَيَشْرَبُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ ٱللّٰهِ ٱلْمَصْبُوبِ صِرْفاً فِي كَأْسِ غَضَبِهِ، وَيُعَذَّبُ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ أَمَامَ ٱلْمَلاَئِكَةِ ٱلْقِدِّيسِينَ وَأَمَامَ ٱلْحَمَلِ» (رؤيا يوحنّا ١٤: ٩-١٠).
  • «فَقُبِضَ عَلَى ٱلْوَحْشِ وَٱلنَّبِيِّ ٱلْكَذَّابِ مَعَهُ، ٱلصَّانِعُ قُدَّامَهُ ٱلآيَاتِ ٱلَّتِي بِهَا أَضَلَّ ٱلَّذِينَ قَبِلُوا سِمَةَ ٱلْوَحْشِ وَٱلَّذِينَ سَجَدُوا لِصُورَتِهِ. وَطُرِحَ ٱلٱثْنَانِ حَيَّيْنِ إِلَى بُحَيْرَةِ ٱلنَّارِ ٱلْمُتَّقِدَةِ بِٱلْكِبْرِيتِ» (رؤيا يوحنّا ١٩: ٢٠).
  • «وَإِبْلِيسُ ٱلَّذِي كَانَ يُضِلُّهُمْ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ ٱلنَّارِ وَٱلْكِبْرِيتِ، حَيْثُ ٱلْوَحْشُ وَٱلنَّبِيُّ ٱلْكَذَّابُ. وَسَيُعَذَّبُونَ نَهَاراً وَلَيْلاً إِلَى أَبَدِ ٱلآبِدِينَ» (رؤيا يوحنّا ٢٠: ١٠).
  • «وَطُرِحَ ٱلْمَوْتُ وَٱلْهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ ٱلنَّارِ. هٰذَا هُوَ ٱلْمَوْتُ ٱلثَّانِي. وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ مَكْتُوباً فِي سِفْرِ ٱلْحَيَاةِ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ ٱلنَّارِ» (رؤيا يوحنّا ٢٠: ١٤-١٥).


أمّا عن القول بأنّ العذاب الأبدي، لا ينسجم مع محبة الله وبرّه، فهو يدل على تعامي شهود يهوه عن مفاهيم المحبة الإلهية، التي عبّر عنها بولس بقوله: «وَلٰكِنَّ ٱللّٰهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ ٱلْمَسِيحُ لأَجْلِنَا» (رومية ٥: ٨).
وكذلك من جهة الزعم بأنّه مخالف لقواعد البر، يتصدّى لهم قول الرسول بولس، لنقض حجتهم إذ يقول: «وَأَمَّا ٱلآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ ٱللّٰهِ بِدُونِ ٱلنَّامُوسِ، مَشْهُوداً لَهُ مِنَ ٱلنَّامُوسِ وَٱلأَنْبِيَاءِ، بِرُّ ٱللّٰهِ بِٱلإِيمَانِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. إِذِ ٱلْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ ٱللّٰهِ، مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِٱلْفِدَاءِ ٱلَّذِي بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي قَدَّمَهُ ٱللّٰهُ كَفَّارَةً بِٱلإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ ٱلصَّفْحِ عَنِ ٱلْخَطَايَا ٱلسَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ ٱللّٰهِ. لإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي ٱلّزَمَانِ ٱلْحَاضِرِ، لِيَكُونَ بَارّاً وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ ٱلإِيمَانِ بِيَسُوعَ» (رومية ٣: ٢١-٢٦).

سابعاً: اعتقادهم بأنّ العذاب الأبدي من اختراع الشيطان


قال القاضي روتفورد في نشرته أين الأموات: «أنت إنسان عاقل، فدعنا الآن نستعمل مواهبنا العقلية، تمشياً مع قول الله للإنسان: «هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ» (إشعياء ١: ١٨) فهل من المعقول أن نسلّم بأنّ كائناً حيّاً يمكن أن يوجد في النار إلى الأبد؟ كلا، لا يمكن لأي مخلوق أن يوجد فيها بدون جسد وأعضاء. وبما أنّ الإنسان عند الموت يموت جسده وينزل إلى القبر، فمن المستحيل أن يمكث في جهنم إلى الأبد (أين هم الأموات؟ صفحة ١٥).
في هذه الفقرة لم يستطع روتفورد تقديم برهان آخر غير تحليله الشخصي. والآية الكتابية الوحيدة التي استشهد بها، لا علاقة لها بموضوع العذاب الأبدي. كما أنّه لم يورد من الآية إلا القسم المحتوي على كلمة استوجبت اهتمامه، «الفعل نَتَحَاجَجْ». وأنا في الرد عليه أفضل استعمال أسلوب ربنا يسوع، وذلك بالقول «مكتوب» وفي هذا أركز على آيتين:

  • «فَقُبِضَ عَلَى ٱلْوَحْشِ وَٱلنَّبِيِّ ٱلْكَذَّابِ مَعَهُ، ٱلصَّانِعُ قُدَّامَهُ ٱلآيَاتِ... وَطُرِحَ ٱلٱثْنَانِ حَيَّيْنِ إِلَى بُحَيْرَةِ ٱلنَّارِ ٱلْمُتَّقِدَةِ بِٱلْكِبْرِيتِ» (رؤيا يوحنّا ١٩: ٢٠).
  • «وَإِبْلِيسُ ٱلَّذِي كَانَ يُضِلُّهُمْ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ ٱلنَّارِ وَٱلْكِبْرِيتِ، حَيْثُ ٱلْوَحْشُ وَٱلنَّبِيُّ ٱلْكَذَّابُ. وَسَيُعَذَّبُونَ نَهَاراً وَلَيْلاً إِلَى أَبَدِ ٱلآبِدِينَ» (رؤيا يوحنّا ٢٠: ١٠).


فيا أيها القارئ الكريم، إنني أسألك برأفة الله، أن تصغي قبل كل شيء إلى كلمة الله، وأن لا تُخدع بأي تحليل عقلي مضلّلٍ، وخصوصاً الأكاذيب التي يُطلقها شهود يهوه. ولا تنسَ أن «اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱلٱبْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَٱلَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِٱلٱبْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ ٱللّٰهِ» (يوحنّا ٣: ٣٦).


٥ - أسلوبهم في تفسير أسفار الكتاب المقدّس


«كَمَا كَتَبَ إِلَيْكُمْ أَخُونَا ٱلْحَبِيبُ بُولُسُ أَيْضاً بِحَسَبِ ٱلْحِكْمَةِ ٱلْمُعْطَاةِ لَهُ، كَمَا فِي ٱلرَّسَائِلِ كُلِّهَا أَيْضاً، مُتَكَلِّماً فِيهَا عَنْ هٰذِهِ ٱلأُمُورِ، ٱلَّتِي فِيهَا أَشْيَاءُ عَسِرَةُ ٱلْفَهْمِ، يُحَرِّفُهَا غَيْرُ ٱلْعُلَمَاءِ وَغَيْرُ ٱلثَّابِتِينَ كَبَاقِي ٱلْكُتُبِ أَيْضاً، لِهَلاَكِ أَنْفُسِهِمْ. فَأَنْتُمْ أَيُّهَا ٱلأَحِبَّاءُ إِذْ قَدْ سَبَقْتُمْ فَعَرَفْتُمُ، ٱحْتَرِسُوا مِنْ أَنْ تَنْقَادُوا بِضَلاَلِ ٱلأَرْدِيَاءِ فَتَسْقُطُوا مِنْ ثَبَاتِكُمْ» (٢ بطرس ٣: ١٥-١٧).
كشفت دراسات مبادئ شهود يهوه أنهم ينتمون إلى تلك الفئات التي دأبت على غش وتحريف نصوص الكتاب المقدس، لهلاك أنفسهم ولتضليل الناس وخدعهم. فهم يتجنون على قوانين التفسير المتبعة، ويتجاهلون كل ما يعلّم به الكتاب المقدس في هذا الخصوص: «قَارِنِينَ ٱلرُّوحِيَّاتِ بِٱلرُّوحِيَّاتِ» (١ كورنثوس ٢: ١٣).
(١) يتبعون البهلوة في استعمال ترجمات الكتاب المقدس، مختارين من بينها العبارات التي يظنون أنها تدعم مبادئهم.
ففي كتابهم «ليكن الله صادقاً» حشدوا طائفة من الآيات التي اختاروها من ٢٥ ترجمة، لتسهيل عمليات التلاعب بالنصوص.
فمثلاً يقولون في موضوع لاهوت المسيح: «إنّ الحجة الأخيرة عند الثالوثيين هي: «في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله» (يوحنّا ترجمة داربي ١: ١)، ولكي نسقط كل اختلاف ظاهر، ينبغي أن نستشهد بالترجمة الحرفية لكتاب الديكلاط، لأنّ الترجمة التي اتبعت لأجله تقول بالحرف هكذا: «في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الإله، وإلهاً كان الكلمة» (ليكن الله صادقاً صفحة ٩٤).
(٢) يستعملون اللعب على اللغتين العبرية واليونانية لأجل التضليل. يقولون مثلاً: «إنّ كلمة إلوهيم»، «إيل» أو «إله» (العبرية) «وثيوس» في اليونانية، تعني «القدير، القوي»، وهي تنطبق على المسيح، وعلى الملائكة والبشر أيضاً. كما أنّ هذه العبارة استعملت أكثر من مائتي مرة في التعبير عن الآلهة الكاذبة (فهرس شهود يهوه).
لقد كلّفوا أنفسهم كل هذا العناء الطويل لكي يقولوا إنّ المسيح إله كاذب. وهم في هذا يناقضون أنفسهم بشدّة، عندما يسندون رأيهم بما جاء في رسالة يوحنّا الأولى ٥: ٢٠ «وَنَحْنُ فِي ٱلْحَقِّ فِي ٱبْنِهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. هٰذَا هُوَ ٱلإِلٰهُ ٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ».
(٣) يعطون الآيات الكتابية معنىً حقيقياً أو مجازياً وفقاً للحاجة، وهمّهم الوحيد أن يدعموا مبادئهم. لقد علمنا من كتاباتهم أنّ عودة المسيح قد تمّت في العام ١٩١٤م.، ولكن بصورة غير منظورة... وفي محاولتهم لإثبات هذا الادّعاء استعملوا اللعب على الكلام هكذا:
أ - آيات يتّخذونها بالمعنى الحقيقي:



  • «لاَ يَأْتِي مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ بِمُرَاقَبَةٍ» (لوقا ١٧: ٢٠).
  • «لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ. بَعْدَ قَلِيلٍ لاَ يَرَانِي ٱلْعَالَمُ أَيْضاً، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَرَوْنَنِي. إِنِّي أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ» (يوحنّا ١٤: ١٨-١٩).
  • «هَا أَنَا آتِي كَلِصٍّ. طُوبَى لِمَنْ يَسْهَرُ وَيَحْفَظُ ثِيَابَهُ لِئَلاَّ يَمْشِيَ عُرْيَاناً فَيَرَوْا عُرْيَتَهُ» (رؤيا يوحنّا ١٦: ١٥).



ب - الآيات التي يفسّرونها مجازاً:



  • «هُوَذَا يَأْتِي مَعَ ٱلسَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَٱلَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ ٱلأَرْضِ» (رؤيا يوحنّا ١: ٧).


أمام هذا التصرّف، يجب على كل من يقرأ كتابات شهود يهوه، الحذر لئلا ينجذب بتعاليمهم. وخير ما يفعل، هو أن يفتح كتابه المقدس، ويراجع نصوصه في كل موضوع.
(٤) يوفقون بين الحقيقة الكتابية وآرائهم الشخصية. يقولون: ليس من ثمة موجب لأن يكون المسيح منظوراً حتى نثبت مجيئه الثاني. لأنّ أباه غير منظور من البشر.
وانسجاماً مع هذه النظرية يفسّرون (أعمال الرسل ١: ١١)، هكذا: «إِنَّ يَسُوعَ هٰذَا ٱلَّذِي ٱرْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى ٱلسَّمَاءِ سَيَأْتِي هٰكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقاً إِلَى ٱلسَّمَاءِ». إنّ هذه الآية لا تعني بأنّه سيأتي منظوراً في الجسد، بل يأتي بالطريقة عينها كما ذهب بلا ضجة ولا مهرجان ولا صوت بوق، بل بهدوء وسكينة مثل اللص. وقبل انطلاقه قال لتلاميذه: «وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً» (أعمال الرسل ١: ٨) فشهوده فقط رأوه يذهب. ولا غرو في أنّ الشهود الأمناء الذين هم شهود يهوه يكون لهم امتياز رؤياه. ولكن رجوعه سيكون منظوراً من عيون القلوب المستنيرة بإعلانات الكلمة الإلهية (ليكن الله صادقاً صفحة ٢٠٠-٢٠٢).
الجواب: لقد قال المسيح لتلاميذه إنّ العالم لن يراه أيضاً ولكن هم سيرونه (يوحنّا ١٤: ١٩). وهذا ما حدث بالضبط بين القيامة والصعود. حيث لم يظهر ذاته إلا لخاصته. ولكن الكتاب الإلهي، لم يتوقف على ذكر هذا فقط، بل ذكر أيضاً حقيقة أخرى، وهي أن العالم الذي رفضه، سيراه ذات يوم، وذلك عند مجيئه الثاني كديان.
«هُوَذَا يَأْتِي مَعَ ٱلسَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَٱلَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ ٱلأَرْضِ» (رؤيا يوحنّا ١: ٧) فالذين طعنوه، ليسوا هم شهوده الحقيقيين، وكذلك حين يقول الكتاب إنّ كل عين ستراه - لا يعني عين القلب.
(٥) يضيفون أفكارهم الخاصة إلى النصوص الكتابية، بحيث يحملون الكتاب المقدس على أن يتكلم بما لم يرد فيه. مثلاً على ذلك قولهم: «إن الذين لهم نصيب في القيامة الأولى، لن يحضروا بالجسد، بل بالروح. وسيكونون مثل يسوع، غير منظورين من الناس» (ليكن الله صادقاً صفحة ٢٠٢).
الجواب: لقد ظهر ربنا يسوع المسيح للتلاميذ في الجسد وأعطاهم البراهين (أعمال الرسل ١: ٣) إذ قال لهم: «أُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ. جُسُّونِي وَٱنْظُرُوا، فَإِنَّ ٱلرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي» (لوقا ٢٤: ٣٩).
ونقرأ أيضاً في كتابات الرسول بولس هذه الآيات:

  • «لٰكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: كَيْفَ يُقَامُ ٱلأَمْوَاتُ، وَبِأَيِّ جِسْمٍ يَأْتُونَ؟ يَا غَبِيُّ! ٱلَّذِي تَزْرَعُهُ لاَ يُحْيَا إِنْ لَمْ يَمُتْ. وَٱلَّذِي تَزْرَعُهُ، لَسْتَ تَزْرَعُ ٱلْجِسْمَ ٱلَّذِي سَوْفَ يَصِيرُ، بَلْ حَبَّةً مُجَرَّدَةً، رُبَّمَا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ أَحَدِ ٱلْبَوَاقِي. وَلٰكِنَّ ٱللّٰهَ يُعْطِيهَا جِسْماً كَمَا أَرَادَ... هٰكَذَا أَيْضاً قِيَامَةُ ٱلأَمْوَاتِ: يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ وَيُقَامُ فِي عَدَمِ فَسَادٍ. يُزْرَعُ فِي هَوَانٍ وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ. يُزْرَعُ فِي ضُعْفٍ وَيُقَامُ فِي قُوَّةٍ» (١ كورنثوس ١٥: ٣٥-٤٢).
  • «فَإِنَّ سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ، ٱلَّتِي مِنْهَا أَيْضاً نَنْتَظِرُ مُخَلِّصاً هُوَ ٱلرَّبُّ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ، ٱلَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ، بِحَسَبِ عَمَلِ ٱسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يُخْضِعَ لِنَفْسِهِ كُلَّ شَيْءٍ» (فيلبّي ٣: ٢٠-٢١).


(٦) يبدّلون ما يقوله الكتاب المقدس. أورد على سبيل المثال مثل لعازر والغني (لوقا ١٦: ١٩-٣١) الذي يزعج شهود يهوه، لهذا كان لا بدّ لهم من إبدال الحقيقة الكتابية بأكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان. قالوا:
«إنّ العبارات الواردة في (لوقا ١٦: ١٩-٣١)، لا تبرهن عن وجود جهنم... إنها في الحق مَثَل يخفي وراءه حقيقة مختلفة تماماً. لأنّه من غير المعقول أن يذهب إنسان إلى العذاب، لا لعلة أخرى، سوى أنّه غني يتنعّم بأفخر الملابس وأطيب المآكل. مع العلم أنّ هذا الغني في المثل لم يرتكب ذنباً غير السكن في قصر ولبس الحرير وأكل الطيّب! وإنّه لمن المضحك الزعم أنّه من مؤهلات الصعود إلى السّماء، أن يكون الإنسان متسوّلاً شحاذاً يلبس رث الثياب، ويضطجع في أسفل سلم أحد الأغنياء ليلتقط الفتات الساقط من مائدته، وأن يكون جسمه مصاباً بالقروح، معصب الرأس والساقين، تحيط به كلاب الشارع لتلحس قيْح قروحه وصديد (الدم المختلط بالقيْح) جروحه... لقد كان هذا المثل صورة نبوية رسم فيه أشياء تتم في نهاية هذا العالم حيث نحن الآن منذ عام ١٩١٨. وهو يمثل صنفين من الأحياء على وجه الأرض اليوم. فالغني يمثّل المسيحيّة الأنانية التي بلغت من البعد عن الله ما حرمها عطفه ورضاه. وصاروا بهذا المعنى أمواتاً لنعمته - أمّا لعازر المسكين فيمثّل الودعاء الذين هم أعضاء جسد المسيح» (ليكن الله صادقاً صفحة ٨٣ و٨٤).
من البديهي أنّ شهود يهوه يضعون أنفسهم في الصنف الثاني. ولكنّهم بهذا يناقضون أقوالهم السابقة، لأنهم بإقرارهم أنّ لعازر يمثّل صف الملكوت، لا يبقى من المضحك في شيء أن يعتقد أحد بوجوب ارتداء الثياب الرثة عند انتسابه إلى صف الملكوت عن طريق انضمامه إلى شيعتهم.
إنّ المسيحي الأصيل لا يحتاج إلى وقت طويل لكي يعلم بأنّه أمام جماعة مُضلّين، لا يؤمنون بوجود سعادة أبدية للمفديين بدم يسوع، ولا يعتقدون بوجود العذاب الأبدي للأشرار الذين لم يؤمنوا بالمسيح، الإله الحق، الذي يستطيع وحده أن يخلّصهم.
المسيح قال، وقوله الحق: «فَمَاتَ ٱلْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ ٱلْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ ٱلْغَنِيُّ أَيْضاً وَدُفِنَ، فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي ٱلْهَاوِيَةِ وَهُوَ فِي ٱلْعَذَابِ... فَنَادَى إَنِّي مُعَذَّبٌ فِي هٰذَا ٱللَّهِيبِ» (لوقا ١٦: ٢٢-٢٤).
(٧) يضلون الناس بتوراتهم الجديدة التي يطلقون عليها اسم «ترجمة العالم الجديد». فحينما يرتبكون أمام بعض نصوص الكتاب المقدس يزعمون أنّ هذا النص لم يترجم حسناً. وذاك النص تقتصر قيمته على الناحية الرمزية. ولكن أسوأ ما عملوا هو تقديمهم للعالم توراة زائفة يسمّونها «ترجمة العالم الجديد» بعد أن بدّلوا الكلمات الكثيرة التي تزعج تعليمهم بكلمات أخرى تختلف بمعانيها عن الأصل.
فمن النشرة المسماة «نار الجحيم» التي يصدرونها، اخترت عبارة طريفة لأقدمها للقارئ نموذجاً على ما يقومون به من ضروب التزوير في النصوص المقدسة:
«ليس الله بفظ ولا بقاس، لذلك لا يمكن أن يحكم على الشرير، الذي لا يمكن إصلاحه بالعذاب. بل بالحري يحكم عليه بالموت، أي الملاشاة الأبدية لحياته، وعدم القيامة» (متّى ٢٥: ٤٦ - ترجمة العالم الجديد).
أمّا نصّ الآية فهو كما يلي: «فَيَمْضِي هٰؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَٱلأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ» (متّى ٢٥: ٤٦).
فشهود يهوه حرّفوا النصّ بإبدال كلمة عذاب أبدي بكلمة ملاشاة. ومن هنا يُرى أنّ سوء أمانتهم لا يقف عند حد.


٦ - طرقهم ووسائلهم في العمل


«لأَنَّ مِثْلَ هٰؤُلاَءِ هُمْ رُسُلٌ كَذَبَةٌ، فَعَلَةٌ مَاكِرُونَ، مُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ إِلَى شِبْهِ رُسُلِ ٱلْمَسِيحِ» (٢ كورنثوس ١١: ١٣).
طرقهم


١ - التجوّل في كلّ مكان


حين ينام المسيحيون يستيقظ عدوّ النفوس ويحرّك عملاءه لتوزيع منشوراتهم المضلّة. إنهم يتجوّلون في المدن والقرى باسم «شهود يهوه» ويطوفون بالبيوت لنشر مبادئهم. وفي معظم الأحيان لا يعرف أعضاء الكنائس الموقف الواجب اتخاذه حيالهم.
إنّ نبذهم وكتبهم، تمتاز بألوانها الزاهية وأغلفتها المزدانة بأجمل الصور. والآيات الكتابية التي يصدّرون بها المواضيع تجذب القارئ وتثير فيه الرغبة لمطالعتها. وكذلك الأسعار الزهيدة التي يتقاضونها ثمناً لمطبوعاتهم تغري الناس باقتنائها.
ويُضفي جواب شهود يهوه على أحاديثهم مع الناس ألواناً من العذوبة، والتهذيب، مما يكسبهم العطف في معظم الأحيان. لا سيما وهم يحسنون الاستفادة مما ورد في (أعمال الرسل ١: ٨) حيث يقول المسيح «وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً» إذ يزعمون أنهم أولئك الشهود الأمناء الذين كرّسوا حياتهم لنشر ملكوت الله.
وينجح شهود يهوه في حملاتهم التبشيرية في غفلة من قادة الكنائس، الذين تُلهيهم الأمور الإدارية والنشاطات الاجتماعية عن نشر البذار الجيد في حقول الرعية.
في الواقع أنّ كثيرين من المسيحيين وقعوا فريسة التعليم المضلل بسبب جهلهم أمور الكتاب المقدس، لأنهم لم يميزوا بينه وبين تفاسير أهل البدع، التي تُوزّع في كل وسط.
قال أحد موزّعي الكتاب المقدس: «خلال تجوالي في إحدى القرى دخلت بيتاً لعرض ما معي من كتب مقدّسة. ولم أكد أوضح الغاية من زيارتي حتى فاجأني رب البيت بالقول: «لا لزوم يا سيدي، فمنذ أيام قريبة اشتريت كتاباً مقدساً من سيدة مرّت بنا». فقلت له: «حسناً يا سيدي، ولكن هل تريد أن تريني هذا الكتاب؟» فقال: «نعم»، ثم تناول من على طاولة كتاباً أنيق التجليد، يحمل هذا العنوان «ليكن الله صادقاً».
إنّه عنوان مدهش حقاً، ولكن من خداع العناوين، لأنّ بين دفّتيه تكمن معظم مغالطات شهود يهوه. من هنا وُضِعت الضرورة على قادة الكنائس أن يبذلوا الجهود حتى يوجدوا في كل بيت الكتاب المقدس، وأن يجرّدوا حملة توعية لتوجيه أفكار أعضاء الكنائس إلى وجوب دراسة الأسفار الإلهية، حتى إذا تعرّضوا لغزوات أهل البدع، عرفوا كيف يصدّونهم بالحق الإلهي.

٢ - حلقات دراسة الكتاب المقدس


يعتمد شهود يهوه طريقة أخرى لبث الدعوة، وهي دراسة الكتاب المقدس في البيوت. وهل من طريقة أفضل من درس الكتاب المقدس لجذب بسطاء الإيمان؟ لذلك نشطوا في عقد حلقات لدراسة الكتاب في البيوت، وذلك وفقاً لطرقهم الخاصة، مما يشكل خطراً مباشراً على العقيدة المسيحية الصحيحة.
قلت على المسيحيين أن ينتبهوا إلى هذا الخطر، برفض هؤلاء المبتدعين، وفقاً لوصية الرسول يوحنا: «ٱنْظُرُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ نُضَيِّعَ مَا عَمِلْنَاهُ، بَلْ نَنَالُ أَجْراً تَامّاً. كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ ٱلْمَسِيحِ فَلَيْسَ لَهُ ٱللّٰهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ ٱلْمَسِيحِ فَهٰذَا لَهُ ٱلآبُ وَٱلٱبْنُ جَمِيعاً. إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ وَلاَ يَجِيءُ بِهٰذَا ٱلتَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي ٱلْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ. لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ ٱلشِّرِّيرَةِ» (٢ يوحنّا ٨-١١).
في يقيني أنّ شهود يهوه لن يحملوا إلى أحد التعليم الصحيح الذي نادى به ربنا المبارك، لأنهم قبل كل شيء يجحدون لاهوته، كما أنهم ينكرون تجسده وموته الكفاري الذي علّم به الكتاب المقدس.

٣ - الاجتماعات العامة


يدعو شهود يهوه إلى اجتماعات عامة، يعلنون فيها أنهم لا يريدون إضاعة الوقت والمال في تأسيس كنائس. وإنما يعطون الفرصة لذوي الإرادة الحسنة، لكي ينشروا البشارة العظيمة في الأمكنة العامة، حتى وفي الشارع (ليكن الله صادقاً صفحة ٢٦٤).
والغاية من إذاعة هذه البشارة، هي بث روح الخوف في الأوساط، حتى يسرع الناس إلى الانضمام إلى شيعتهم هرباً من الشرور كما يدّعون ليدخلوا في الملكوت.



٧ - جمعية أصدقاء الإنسان


«كَيْ لاَ نَكُونَ فِي مَا بَعْدُ أَطْفَالاً مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ ٱلنَّاسِ، بِمَكْرٍ إِلَى مَكِيدَةِ ٱلضَّلاَلِ» (أفسس ٤: ١٤).
وُلد فرايتاغ، مؤسّس جمعية أصدقاء الإنسان، في مدينة «بادن» بسويسرا. وقضى قسماً طويلاً من حداثته في مدينة «مونتري». وفي صغره شهد موت اثنين من رفاقه فتأثر كثيراً. وبعد حين فقد والده فامتلأت نفسه حزناً. وكان حزنه شديداً إلى درجة فقدان التعزية والوقوع في عقدة نفسية. وكذلك حلّت به مصائب عائلية أشدّها فقدان ابن عزيز. ويبدو أنّ الأحداث أثرت في مجرى حياته وأوجدت فيه ميلاً للبحث في أمور الحياة والموت والسعادة، فبذل جهوداً ومحاولات لكشف الأسرار المحيطة بهذه الأمور.
قرأ فرايتاغ كتب شارل رسل فانجذب في الضلالات، ولم يلبث أن اعتنق مبادئ تلاميذ التوراة. ثمّ جمع حوله عدداً من الأشخاص وراح ينشر تلك الضلالات، فاكتسب شعبية واسعة وتجمّع حوله المريدون.
ثمّ كرّس قلمه للكتابة فأصدر نشرته المسمّاة «الحياة الأبدية» وفيها مقاله الشهير بعنوان «أجرة الخطية» (صفحة ٨٦) وفيه يقول: «لم يبيّن الكتاب المقدس، كيف أستطيع التخلص من هذا الكابوس المخيف. وهو يعني بذلك أجرة الخطية، التي هي الموت».
وأنا أتساءل: لماذا لم يشر إلى بقية هذه الآية من رسالة رومية ٦: ٢٣... «وَأَمَّا هِبَةُ ٱللّٰهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا».
ففي هذا القسم من الآية جواب صريح وواضح حريٌّ أن يخرجه من كابوسه المخيف. ولعلّه قرأه، ولكن لم يؤمن به، مثله كالكثيرين من المبتدعين الذين لم يقبلوا على المعرفة لكي يخلصوا، بل ليستخدموها في زرع الشكوك في قلوب البسطاء. هؤلاء يقول الرسول بولس، إنّ الشيطان يعمل فيهم «بِكُلِّ خَدِيعَةِ ٱلإِثْمِ، فِي ٱلْهَالِكِينَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ ٱلْحَقِّ حَتَّى يَخْلُصُوا. وَلأَجْلِ هٰذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ ٱللّٰهُ عَمَلَ ٱلضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا ٱلْكَذِبَ، لِكَيْ يُدَانَ جَمِيعُ ٱلَّذِينَ لَمْ يُصَدِّقُوا ٱلْحَقَّ، بَلْ سُرُّوا بِٱلإِثْمِ» (٢ تسالونيكي ٢: ١٠-١٢).
انفصال فرايتاغ عن الرسليين


في عام ١٩١٩م. أذاع فرايتاغ في نشرته الحياة الأبدية نبأ انفصاله عن الرسليين، بعد أن نعتهم باللاودكيين الفاترين وهذا الإعلان أثار عاصفة من الاحتجاجات من قبل تلاميذ التوراة في أميركا.
وفي عام ١٩٢٠م. كتب في نشرة عنوانها «الإعلان الإلهي» وهو تاريخ القطيع الصغير من بدايته سنة ٣٣ ميلادية إلى سنة ١٩١٨م.
وفي عام ١٩٢٢م. أصدر كتاباً عنوانه «رسالة إلى الإنسانية» وهو أهم كتاباته، إذ ضمّنه القوانين الاجتماعية التي وضعها. ويقول جماعة فرايتاغ إنّ هذه الرسالة أُعطيت في ما بعد اسم «كتاب الذكريات».
ولكن كان على فرايتاغ بعد هذا أن يجتاز اختباراً مؤلماً، لأنه إذ كان في لندن يلقي محاضرة في موضوع «المدخل إلى ملكوت الله، وما يجب على الإنسان أن يعمله لكي لا يموت أبداً» توفي ابنه البكر في سويسرا. وعند عودته تلقى صدمة لا تقلّ سوءاً، وهي انسحاب ولديه الباقيين من الشيعة التي أسسها.
ومع أنّ موت ابنه كان برهاناً واضحاً على كذب تعاليمه في عدم تسرّب الموت إلى شيعته، فهو لم ينثن عن المضي في تعليمه، بل أخذ روح الضلالة يسيطر على حواسه أكثر فأكثر.
ولكي يغطي فشله قال هذا النبي الكاذب: «كان ينبغي قبل كل شيء أن نحتسب لعمل القدير ونلتزم بتدريب رصين، يرتكز على أسس نحياها بإخلاص، ونعطي بها البرهان القاطع على أنّ الإنسان يستطيع أن يحيا على الأرض إلى الأبد، وذلك باتّباعه المنهاج الذي وضعناه.
كان في الواقع علينا أن نقدّم للعالم نماذج وأمثلة بواسطة أناس تغيّرت ذاتيتهم، فصاروا من أهل الحياة الخالدة. أو بعبارة موجزة، كان علينا أن نقدّم أمثلة من أشخاص مسنّين، عاد الشباب إليهم باتّباع نظام «الحياة الأبدية».
إذاً سأخضع نفسي قبل كل شيء لنظام التقنين في الناحية الفكرية، كي لا أعيش في ما بعد إلا على العواطف المشروعة في الحنان والحب، لخاصتي وللناس، دون الاهتمام في ما إذا كانوا لي أم لا، مكرّساً كل اهتمامي لأكون أنا نفسي محباً... لقد حاربت الأنانية في نفسي، وقويت ثقتي في الله، لكي يتعهّد كل شيء فيّ. وبعد ذلك أخذت أراقب جسمي مقدماً له الأطعمة اللازمة والمتفقة مع نظام التعادل...
إنّ تمسّكي بهذه القواعد، أتاح لي بركة تفوق كل وصف. فقد تجدّد شبابي عشرين عاماً، لأنّ إنفاق الطاقة في أثناء عملي وشواغلي، كانت تعوّض عليَّ بوفرة، بالسائل الحي من روح الرب... وعلى هذا المنوال، ضاعفت التجربة الهائلة التي مررت بها رغبتي في الوصول إلى الهدف النهائي، وهو التأكيد أنّ الناس إذا اتّبعوا نظام «رسالة الإنسانية» وعاشوه بأمانة، يمكنهم الحصول على حياة أبدية على الأرض» (الحياة الأبدية صفحة ٩١-٩٢).
إنّ هذه التصورات الأقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة تؤكد لنا أنّ إبليس لم يمت بعد، وأننا ما زلنا نسمع صوت الحية القديمة الذي رنَّ في أذن حواء: «لن تموتا» ومع ذلك فالإحصائيات تخبرنا بأنّ أكثر من مائة ألف يموتون كل يوم. والمؤسف أنّ كاتب نشرة الحياة الأبدية نفسه مات وكذبة الحية القديمة على شفتيه. ومع أنّ موته سبّب الإشكالات والاضطراب ثمّ الانقسام في صفوف بدعته، فإنّ كثيرين من أفرادها لم يفهموا أنهم على ضلال، بل التفّ معظمهم حول «برنارد سايروس» وأولوه زعامتهم في سويسرا.
آه! كم هو مفجع أن يقع الناس في براثن رجال ضلال من هذا الطراز، ألا ليت الناس يكفّون عن مطالعة منشوراتهم المفعمة بسموم الضلال! وبدلاً منها يقرأون الكتاب المقدس، الذي يقول وقوله الحق الصريح: «وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذٰلِكَ ٱلدَّيْنُونَةُ» (عبرانيين ٩: ٢٧)، وأنّه «لاَ شَيْءَ مِنَ ٱلدَّيْنُونَةِ ٱلآنَ عَلَى ٱلَّذِينَ هُمْ فِي ٱلْمَسِيحِ» (رومية ٨: ١).


٨ - مبادئ أصدقاء الإنسان الثلاثة


«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُعَلِّمُ تَعْلِيماً آخَرَ، وَلاَ يُوافِقُ كَلِمَاتِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱلصَّحِيحَةَ، وَٱلتَّعْلِيمَ ٱلَّذِي هُوَ حَسَبَ ٱلتَّقْوَى، فَقَدْ تَصَلَّفَ، وَهُوَ لاَ يَفْهَمُ شَيْئاً» (١ تيموثاوس ٦: ٣ و٤).
أولاً: المبدأ الكوني


يقولون: إنّ المبدأ يريد هكذا «إنّ كل شيء وُجد لخير محيطه» (الحياة الأبدية صفحة ١٠).
«إنّ الإنسان لا يموت، بسبب هذا أو ذاك المرض، وإنّما يموت بسبب أنانيته... لأنّ الأنانية تقود إلى الخيبة وانشغال البال والحقد. وكل هذه متجمّعة معاً تسبّب تشنج الأعصاب. والتشنج يحد من حرية دورة عناصر الحياة، كالدم والماء والغاز والاقتيات، ألخ... ولكنّ الإنسان يستفيد من حاسته السادسة، التي تقدّم له زاداً روحياً، يعطي جسده التجديد الدائم، أي الحياة الأبدية... ولهذا يدعو خادم الله ذوي الإرادة الحسنة، لكي ينبذوا الحكمة الشيطانية، ويعتنقوا المبدأ الشامل لحب القريب.
وبإيجاز نقول: إنّ الكائن البشري، يتمتّع بوجود ثلاثة مصادر زاد مختلفة» (النور في الظلمة صفحة ٢٣-٢٤).

ثانياً: ينابيع الزاد


١ - روح الحياة (السائل الحيّ روح الله)


يتقبّل الإنسان هذا الزاد عن طريق حاسته السادسة التي يستطيع بها دماغه تلقي المؤثرات الخارجية مباشرة.. ولأجل هذا يجب أن يكون قلبه في حالة ملائمة وسليمة. لأنّه إن كان الإنسان أنانياً، أو إن كان يطلب مصالحه الشخصية، فحاسّته السادسة تكون مغلقة في وجه تأثير روح الله المبارك. وبالتالي تصبح مستعدة لقبول المؤثرات المعاكسة، فتصبح أعضاؤه معرّضة للفناء والتخريب. (النور في الظلمة صفحة ٢٥).

٢ - نسمة الحياة (الهواء وبصورة خاصة الأوكسجين)


هذا الزاد يتصل بالدم في الرئتين، فتنقله الكريات الحمراء إلى كافة أجزاء الجسم، لكي تجري بواسطته عملاً عجيباً، هو حرق وملاشاة كل النفايات التي تزعج الحياة (النور في الظلمة صفحة ٢٥).

٣ - قوت الحياة (الاقتيات المادي)


يجب أن تُمضغ الأطعمة جيداً، وأن تُجبل باللعاب وبإفرازات المعدة... والخمرة النقية، المستخرجة من العنب موافقة جداً، شرط أن تحضر بعناية، دون إضافة أية مادة كيمائية إليها. أمّا اللحوم فيجب الابتعاد عنها، لأنّ من يتناولها يخطئ إلى جسمه كمن يأكل جيفة (الحياة الأبدية صفحة ٢٥: ٢٦).
إنّ الفاكهة والخضار التي تؤخذ بعناية مع الحبوب، تعطي تغذية لحفظ حياة الإنسان إلى الأبد، شرط أن يكون هذا الإنسان قد حصل على نسمة الحياة... وخصوصاً روح الحياة، التي هي روح الله. بهذه العناصر الثلاثة يكون الإنسان مزوداً إلى التمام، وبها يستطيع أن يحيا على الأرض إلى الأبد (رسالة الإنسانية صفحة ١٤٦).


ثالثاً: إملاء الأرض بالنسل


قال: «سبق أن كررت مراراً أنّ الناس قلّما يحترزون لأنفسهم. فقد كان آدم متعاوناً مع الرب، ولكنّه أولاً أضاع أحد أعضائه في سبيل خلق حواء رفيقته. ولكنّ الأولاد لن يكونوا لهما بصورة خاصة، إذ كان يجب أن يكونوا أولاداً لله. وكان ينبغي أن ينتشر آدم وحواء على الأرض حتى تمتلئ بالسكان، وعندئذ تنتهي وظيفتهما في الولادة.. لأنّه من أجل إملاء الأرض فقط صار الإنسان معاوناً مع الرب القدير» (خلاصة محاضرة رسول القدير، التي نشرت في جريدة «لأجل الكل» ٢٣ آذار ١٩٤٧م.).
إنّ ما قيل أعلاه عن الزاد والأنسال هو نقطة مهمة جداً تؤكد ضلالة هذا المبدأ، ولعلّه يدخل في نطاق النبوّة القائلة في رسالة بولس إلى تيموثاوس: «وَلٰكِنَّ ٱلرُّوحَ يَقُولُ صَرِيحاً: إِنَّهُ فِي ٱلأَزْمِنَةِ ٱلأَخِيرَةِ يَرْتَدُّ قَوْمٌ عَنِ ٱلإِيمَانِ، تَابِعِينَ أَرْوَاحاً مُضِلَّةً وَتَعَالِيمَ شَيَاطِينَ، فِي رِيَاءِ أَقْوَالٍ كَاذِبَةٍ، مَوْسُومَةً ضَمَائِرُهُمْ، مَانِعِينَ عَنِ ٱلزَّوَاجِ، وَآمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا ٱللّٰهُ لِتُتَنَاوَلَ بِٱلشُّكْرِ» (١ تيموثاوس ٤: ١-٣).
لذلك كان التحذير الإلهي القائل: «لاَ تُسَاقُوا بِتَعَالِيمَ مُتَنَوِّعَةٍ وَغَرِيبَةٍ، لأَنَّهُ حَسَنٌ أَنْ يُثَبَّتَ ٱلْقَلْبُ بِٱلنِّعْمَةِ، لاَ بِأَطْعِمَةٍ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا ٱلَّذِينَ تَعَاطَوْهَا» (عبرانيين ١٣: ٩).


٩ - تجاديف أصدقاء الإنسان


«فَفَتَحَ فَمَهُ بِٱلتَّجْدِيفِ عَلَى ٱللّٰهِ، لِيُجَدِّفَ عَلَى ٱسْمِهِ وَعَلَى مَسْكَنِهِ وَعَلَى ٱلسَّاكِنِينَ فِي ٱلسَّمَاءِ» (رؤيا يوحنّا ١٣: ٦).
نحن في زمن وصفه الكتاب المقدس بعصر ضد المسيح، وهذا يعني أنّنا دخلنا عصر النعمة الأخيرة، حيث أخذ روح الضلال يسيطر على النفس شيئاً فشيئاً. وقد كثُرت في زمننا التجاديف على اسم الرب وكتابه المقدس. والذي يؤلم هو أنّ هذه التجاديف تصادف قبولاً حسناً لدى الكثيرين من الناس، حتى صاروا يصدّقونها أكثر من حقائق الله المعلنة في كتابه الكريم هذا. فعلى الغيارى من المؤمنين أن يشنّوا حرباً لا هوادة فيها ضد أولئك المجدّفين، وذلك بتنوير الرأي العام عن طريق دحض تعليمهم على ضوء كلمة الله.
فأصدقاء الإنسان هم إخوة شهود يهوه في العقيدة، وهم يزعمون بأنهم هم كنيسة المسيح الحقيقية، وأنّ صف الملكوت البالغ عدده ١٤٤٠٠٠ هو أصدقاء الإنسان، وقد أطلقوا عليه اسم «القطيع الصغير». ثم يضيفون إليه الصف الأرضي الكبير العدد، ويدعونه جيش الرب المقدس.
معتقدات أصدقاء الإنسان


١ - الكتاب المقدس:


يقولون إنّ الكتاب المقدس محشو بالمتناقضات. وقد قال نبيّهم الكذاب فرايتاغ: «لقد بحثت في كتب العلماء فلم أجد فيها إلا أجوبة مبهمة. وفتشت في حضن الديانات فلم أجد سوى السخريات. وفتشت في الكتاب المقدس نفسه فألفيته يتردّى في سلسلة من المتناقضات. وفي النهاية لم أجد مساعداً خيراً من جهودي، لكي أعيش نموذج المسيح. في هذه فقط وجدت الطريق، وبها حصلت على المبدأ الشامل العجيب..
لقد وقف الموت في وجهي بكل بشاعته وكل ما ينبع منه. أمّا الآن، فحصلت على التعزية الكاملة، وتأكدت أنّ الحياة الأبدية ممكنة على الأرض» (الحياة الأبدية صفحة ٩٨).
هذه المزاعم الباطلة يفنّدها الكتاب المقدس ويظهر كذب رسول الضلال المفتري على إعلانات الله، إذ يقول:

  • «كَتَبْتُ هٰذَا إِلَيْكُمْ أَنْتُمُ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِٱسْمِ ٱبْنِ ٱللّٰهِ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لَكُمْ حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلِكَيْ تُؤْمِنُوا بِٱسْمِ ٱبْنِ ٱللّٰهِ» (١ يوحنّا ٥: ١٣).
  • «وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هٰذَا ٱلْكِتَابِ. وَأَمَّا هٰذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِٱسْمِهِ» (يوحنّا ٢٠: ٣٠-٣١).
  • «كُلُّ ٱلْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ ٱللّٰهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَٱلتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَٱلتَّأْدِيبِ ٱلَّذِي فِي ٱلْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ ٱللّٰهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّباً لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ» (٢ تيموثاوس ٣: ١٦و١٧).


يكفي هذا، فحاشا لله أن يناقض ذاته. فالكتاب المقدس نفسه يكفي لنقض ادّعاءات شهود الزور من أصدقاء الإنسان وغيرهم.

٢ - الخلاص


يقولون إنّ من الواجب علينا أن نسعى بكل ما أوتينا من قوة وراء الأعمال الحسنة. وحالما نمارسها سنشعر بالراحة والفرح والسعادة وراحة الضمير والرغبة في أن نكون محبين محبوبين. والعمل الصالح يعطي لممارسه، علاوة على الغنى والمعرفة، الحياة الأبدية.. إذاً فالعمل الصالح هو الوسيلة الوحيدة للخلاص وهذه الوسيلة، تسوق صاحبها إلى الاتحاد بالمسيح (نصرة الخير على الشر صفحة ٥، ٦، ١٩).
هذا التعليم يناقض رسالة المسيح الفدائية، لأنّه كما قال بولس الرسول: «لَسْتُ أُبْطِلُ نِعْمَةَ ٱللّٰهِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِٱلنَّامُوسِ بِرٌّ، فَٱلْمَسِيحُ إِذاً مَاتَ بِلاَ سَبَبٍ» (غلاطية ٢: ٢١).
وهناك آيات عديدة من الكتاب تنقض هذا التعليم منها:

  • «ٱلْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعاً. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ» (رومية ٣: ١٢).
  • «لأَنَّكُمْ بِٱلنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِٱلإِيمَانِ، وَذٰلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ ٱللّٰهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ» (أفسس ٢: ٨-٩).
  • «فَإِنْ كَانَ بِٱلنِّعْمَةِ فَلَيْسَ بَعْدُ بِٱلأَعْمَالِ، وَإِلاَّ فَلَيْسَتِ ٱلنِّعْمَةُ بَعْدُ نِعْمَةً. وَإِنْ كَانَ بِٱلأَعْمَالِ فَلَيْسَ بَعْدُ نِعْمَةً، وَإِلاَّ فَٱلْعَمَلُ لاَ يَكُونُ بَعْدُ عَمَلاً» (رومية ١١: ٦).
  • «وَقَدْ صِرْنَا كُلُّنَا كَنَجِسٍ، وَكَثَوْبِ عِدَّةٍ كُلُّ أَعْمَالِ بِرِّنَا، وَقَدْ ذَبُلْنَا كَوَرَقَةٍ، وَآثَامُنَا كَرِيحٍ تَحْمِلُنَا» (إشعياء ٦٤: ٦).



٣ - الولادة الثانية


يقولون إنّ الولادة الثانية عمل أدبي يمكن الحصول عليه بالإخلاص. كما هو واضح في الكلمة المكتوبة عن الولادة الثانية (الحياة الأبدية صفحة ٢٤٨) والولادة الثانية تُعطى نتيجة للحياة بإخلاص لكل أعضاء العائلة البشرية المرممة (الحياة الأبدية صفحة ٢٨٢).
كل المؤمنين يعلمون ويقرون بأنّ الكتاب المقدس لم يعلّم بأنّ الولادة الثانية تحصل نتيجة للأعمال الأدبية، أو بسبب الأعمال الصالحة، أو المجهودات الشخصية، إذ نقرأ في الكتاب المقدّس:

  • أَجَابَ يَسُوعُ: «ٱلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ ٱلْمَاءِ وَٱلرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ. اَلْمَوْلُودُ مِنَ ٱلْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَٱلْمَوْلُودُ مِنَ ٱلرُّوحِ هُوَ رُوحٌ. لاَ تَتَعَجَّبْ أَنِّي قُلْتُ لَكَ: يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ» (يوحنّا ٣: ٥-٧).
  • «إِذاً إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي ٱلْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. ٱلأَشْيَاءُ ٱلْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا ٱلْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيداً» (٢ كورنثوس ٥: ١٧).
  • «فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ ٱللّٰهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ ٱللّٰهِ، عِبَادَتَكُمُ ٱلْعَقْلِيَّةَ. وَلاَ تُشَاكِلُوا هٰذَا ٱلدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ ٱللّٰهِ ٱلصَّالِحَةُ ٱلْمَرْضِيَّةُ ٱلْكَامِلَةُ» (رومية ١٢: ١-٢).
  • «وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَمْ تَتَعَلَّمُوا ٱلْمَسِيحَ هٰكَذَا - إِنْ كُنْتُمْ قَدْ سَمِعْتُمُوهُ وَعُلِّمْتُمْ فِيهِ كَمَا هُوَ حَقٌّ فِي يَسُوعَ، أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ ٱلتَّصَرُّفِ ٱلسَّابِقِ ٱلإِنْسَانَ ٱلْعَتِيقَ ٱلْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ ٱلْغُرُورِ، وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ، وَتَلْبَسُوا ٱلإِنْسَانَ ٱلْجَدِيدَ ٱلْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ ٱللّٰهِ فِي ٱلْبِرِّ وَقَدَاسَةِ ٱلْحَقِّ» (أفسس ٤: ٢٠-٢٤).



٤ - الوساطة


يقولون إنّ يسوع المسيح كرسول يفتح باب إعفاء... وإنّ رسولاً أخيراً يختم هذا الإعفاء. وكوسيط عن عهد جديد يدخل أعضاء أُخر (الحياة الأبدية ٢٢٣: ٢٢٤). ويُفهم من كلامهم في هذا الموضوع أنّ الرسول الأخير، هو فرايتاغ نفسه.
بيد أنّ الكتاب المقدس، يردّ هذه البدعة جملة وتفصيلاً، لأنّه يقول: «لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلٰهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ ٱللّٰهِ وَٱلنَّاسِ: ٱلإِنْسَانُ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ، ٱلَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً لأَجْلِ ٱلْجَمِيعِ، ٱلشَّهَادَةُ فِي أَوْقَاتِهَا ٱلْخَاصَّةِ» (١ تيموثاوس ٢: ٥-٦).
وقالوا: «إنّ رسول القدير يأتي ليختم وساطة السماء، ولكي يدشّن عهد وساطة جديدة، لإصلاح كل الأشياء» (الحياة الأبدية صفحة ٢٣٤). قال الرسول بطرس في سفر الأعمال، متكلّماً عن يسوع: «لأَنْ لَيْسَ ٱسْمٌ آخَرُ تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ». فهذا الواقع يتكرر بلا شك بالنسبة لرسول الرب الأخير (الحياة الأبدية صفحة ٢٣٣).
هذه التجاديف، يتصدّى لها الرسول يوحنّا إذ يقول: «أَيُّهَا ٱلأَوْلاَدُ هِيَ ٱلسَّاعَةُ ٱلأَخِيرَةُ. وَكَمَا سَمِعْتُمْ أَنَّ ضِدَّ ٱلْمَسِيحِ يَأْتِي، قَدْ صَارَ ٱلآنَ أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ. مِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا ٱلسَّاعَةُ ٱلأَخِيرَةُ» (١ يوحنّا ٢: ١٨).

٥ - الروح القدس


يقولون: نسمي روح الحياة، روح الله القدوس. ونسمي قديساً كل ما يؤول إلى حب القريب. وبالعكس نسمي دنساً كل ضروب الأنانية. وروح الله القدس هو السائل الحي الذي يعمل بطرق شتّى (الحياة الأبدية صفحة ١٥٢).
هذه ضلالة فظيعة! وافتئات صارخ على تعليم الكتاب المقدس فيما يختص بشخص الروح القدس!
لا يحتاج المؤمن الأصيل إلى بذل أي مجهود لتفنيد هذا القول الغريب، إذ يكفي أن يفتح الكتاب المقدس ويتلو ما قاله الرب يسوع عن الروح القدس: «وَأَمَّا ٱلْمُعَزِّي، ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ، ٱلَّذِي سَيُرْسِلُهُ ٱلآبُ بِٱسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ» (يوحنّا ١٤: ٢٦).
فهل في كلام المسيح ما يشير إلى قوّة، أو تأثير، أو سائل؟ كلا بالتأكيد.
إقرأ أيضاً: «وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ ٱلآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى ٱلأَبَدِ، رُوحُ ٱلْحَقِّ ٱلَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ ٱلْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ» (يوحنّا ١٤: ١٦-١٧).

٦ - العذاب


قالوا: حين نفكر بتعليم العذاب في جهنم، لا بدّ أن نقشعر... لأنّ هذا الاعتقاد يخالف منطق العقل... ويدّعي البعض أنّ مثل هذا الاعتقاد موجود في الكتاب المقدس (رسالة الإنسانية صفحة ٦٩).
ما هو الموقف الواجب اتخاذه، حيال هذا الأمر؟ أنحكِّم منطق الجدل، كما يفعل أصدقاء الإنسان، مدّعين أنه منطق العقل، أم نسلّم ببساطة الإيمان بكل ما جاء في الكتب المقدسة عن هذا الموضوع؟ المسيحي الحقيقي لا يجادل كلمة الله، بل يؤمن بها. هذا التجديف سبق أن فُنِّدَ في ضوء كلمة الله، في أثناء الرد على تعاليم شهود يهوه، بحيث يمكن الرجوع إليه في الفصل الرابع من هذا الكتاب.



١٠ - أسلوب أصدقاء الإنسان


«لأَنَّ مِثْلَ هٰؤُلاَءِ لاَ يَخْدِمُونَ رَبَّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ بَلْ بُطُونَهُمْ، وَبِٱلْكَلاَمِ ٱلطَّيِّبِ وَٱلأَقْوَالِ ٱلْحَسَنَةِ يَخْدَعُونَ قُلُوبَ ٱلسُّلَمَاءِ» (رومية ١٦: ١٨).
إنّ الهدف الرئيسي من وجود أصدقاء الإنسان، هو أن يدخّلوا هم أنفسهم الناس إلى ملكوت الله على الأرض. لهذا يبادرون الأشخاص بكل لطف، وبأقوال مفعمة بالرقة والإطراء، يكلّمونهم عن الأرض الجديدة، حيث يوجد مكان وبيت لكل إنسان.
وفي شرح هذا الأمر، يقولون: لقد جاء الوقت الذي فيه يُشيَّد ملكوت الله على الأرض ليرثه الودعاء مع بركاته، بقبولهم الشروط المحبوبة لملكوت الله (النور في الظلمة صفحة ٣٢).
وفي «رسالة الإنسانية» نرى نص الدستور المقدس لإقامة ملكوت الله على الأرض مع «شرعة العهد» المعطاة للناس الذين يتعهدون بإقامة الدستور المقدس الذي أُعِدّ فيه كل شيء من جهة التنظيم والتكوين لأجل كل عائلة أو مستعمرة ألخ..
من الملاحظ هنا أنّ فرايتاغ استلهم تعاليمه من الفكرة القائلة بأنّ حكم البرّ سيُقام على الأرض، وإن إقامته ستجعل كل البشر سعداء عن طريق ممارسة الفضيلة. وقد ارتبط بهذا المنهاج لتشكيل جماعات تستمد نظامها من كتاباته، بمعزل عن الكتاب المقدس. وكتاباته في هذا الموضوع انتشرت كثيراً في العالم بواسطة التوزيع.
في فصل سابق ذكرت أنّ أصدقاء الإنسان، انقسموا على ذواتهم. فالذين تبعوا سايرس، الملقب بالراعي الأمين، تجمعوا في قصر الأمراء بباريس، حيث عقدوا مؤتمراً لفت أنظار الألوف من الناس. ولكي يجذبوا هذا العدد العديد نصبوا على واجهات القصر أعلاماً حمراء وزرقاء وخضراء، لأنّ هذه الألوان في عرفهم ترمز إلى حب القريب.
ويذهب أصدقاء الإنسان في محاولاتهم إلى أبعد من هذا لكسب ودّ الناس وبالتالي لضمّهم إلى شيعتهم، وذلك بإقامة مجمّعات يعيشون فيها بحسب المبدأ الشامل، كمجمّعات زراعية ومصحّات ومعاهد للتدريب المهني. وكل هذا لكي يبرهنوا للناس أنهم يستطيعون تطبيق قواعد «رسالة الإنسانية» ويثبّتون القول الذي أذاعوه «إعمل تستطع». وهذا ما عنوه بالأرض الجديدة. ومنعاً لأية ردة عند أصدقاء الإنسان قال فرايتاغ: «عندما يرى الإنسانيون نموذجاً من الذين تجدد شبابهم، بهذه الطرق يتأكدون أنّ الحياة الأبدية على الأرض شيء ممكن».
لا شيء أسهل من انتظار هذه النماذج المتجدّدة الشباب. ولكن في الانتظار يجب القول إنّ إبليس يعرف كيف يقيم المعلّمين الكذبة وفقاً لأذواق البشر. وإنّه لمن المؤسف جداً أن تجد هذه الأكاذيب قبولاً عند كثيرين، وخصوصاً لدى الشباب. بيد أنّ المتأمّل في الموضوع يدرك سريعاً أنّ السر في ذلك هو أنّ الأحداث، يفضّلون حياة أبدية على أرض لها هذا النظام. وخصوصاً لأنها تبعد عنهم كل فكرة عن العذاب الأبدي. هذا في الواقع هو سبب نجاح شيعة الضلال هذه في إبعاد الناس عن حقائق الكتاب المقدس، وجذبهم إلى الخرافات المصنعة التي يبثونها.
أسأل الله أن ينبّه أفكار أبناء أوطاننا، إلى خطر هذه البدع، وخصوصاً رعاة الكنائس، حتى تتضافر القوى لصد غزوات أهل البدع وحفظ الخراف منهم.
وليذكر الجميع قول الرسول بولس: «لأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ ٱلتَّعْلِيمَ ٱلصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ ٱلْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ، فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ ٱلْحَقِّ، وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى ٱلْخُرَافَاتِ» (٢ تيموثاوس ٤: ٣-٤).

١١ - جمعية تلاميذ الفجر الألفي


«يَغَارُونَ لَكُمْ لَيْسَ حَسَناً، بَلْ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّوكُمْ لِكَيْ تَغَارُوا لَهُمْ» (غلاطية ٤: ١٧).
أولاً: كتاباتهم المضلّلة


في النصف الأول من شهر حزيران ١٩٣٩م. صدرت في باريس نشرة بحجم ٣٢ صفحة، عنوانها «إلى أين نحن ذاهبون؟» وأنّه لعنوان مثير حقاً! ولعله يضع في فكر القارئ بأنّه أمام منشور آخر من تأليف شيعة من شيع الضلال المنتشرة في زمننا.
لكن ولأجل إشاعة الاطمئنان في نفس القارئ أضافوا إلى العنوان إحدى هذه العبارات: تأليف جماعة من المسيحيين المستقلين - جمعية تلامذة الكتاب المقدس - بيت الكتاب المقدس في باريس - إذاعة الحقائق الكتابية، إلى غير ذلك من العناوين المطمئنة.
ولكنّ كل هذه العناوين الخادعة ليست إلا لتمويه الحقيقة، فنحن أمام شيعة مضلّة، مستقلة في نشاطها عن شهود يهوه وأصدقاء الإنسان. ولكن استقلالها لا يغيّر شيئاً من أنها أحد فروع تلاميذ التوراة الرسليين. وأعضاء هذه الشيعة يطلقون على أنفسهم اسم «رُسُل الفجر الألفي»، وهم متشبّثون جداً بتعاليم رَسْل، وينشرون الكثير منها ضمن تعليقاتهم، معتبرين هذا الزعيم كمؤسس جمعية تلاميذ التوراة الأم، ويحرصون على التأكيد بأنّ مصدر تعاليمهم يعود إلى زمن أبعد من تاريخ تأسيس جمعيتهم، إلى ما قبل بداية شهرة رسل نفسه.
ولإنجاح الدعوة لمنظمتهم يدّعون بأنهم من باعة الكتاب المقدس، والحقيقة أنهم يبيعون مؤلفاتهم تحت شعار الكتاب المقدس. وزيادة على ذلك فهم ينفون انتسابهم إلى أيّة منظمة، ولكن في الحقيقة هم من مشايعي شهود يهوه الأشد تطرّفاً.

ثانياً: معتقداتهم المخالفة لكلمة الله


يدَّعي رُسُل الفجر الألفي بأنهم مؤسّسون على الكتاب المقدس. ولكن من يفحص تعاليمهم، يتبيّن أنهم يحرفون هذا السفر الإلهي. هذا مع العلم أنهم يحذّرون الناس من غش كلمة الله، إذ يقولون: «ويل لأولئك الذين يبثون النبوات الملفقة، التي في ظاهرها مستندة على كتاب الله، ولكنها في الحقيقة تقلل من فضله وبالتالي من رواجه» (إلى أين نذهب؟ صفحة ٧).
هذه المفارقات، تُظهر قلة أمانة خلفاء رَسْل، إنهم يذهبون في الضلال إلى هذا المدى، الذي يحكم عليه أنّه أب مضل لأولاد مضلين! وهذا أمر كان في الحسبان. أوليس هو الذي حوّر نصوص الكتاب المقدس بتفسيراته المغلوطة؟ أفنعجب بعد هذا أن ينسج خلفاؤه على منواله؟ فيدخلون التعليقات التعسة على نصوص الكتاب المقدس؟ في ما يلي بعض معتقداتهم التي ظهرت في كتبهم.
١ - الخطية


«إنّ الخطايا التي تُغفر هي التي تنشأ عن الضعف الموروث من آدم الساقط.. وأمّا الخطايا التي لا تُغفر فهي التي اقترفت عمداً» (جحيم الكتاب المقدس صفحة ٦٣).
هنا لا بد من التساؤل: لماذا التفريق بين خطية وخطية أخرى؟ طالما الكتاب المقدس يقول: «مَنْ يَفْعَلُ ٱلْخَطِيَّةَ يَفْعَلُ ٱلتَّعَدِّيَ أَيْضاً. وَٱلْخَطِيَّةُ هِيَ ٱلتَّعَدِّي» (١ يوحنّا ٣: ٤) - بقطع النظر عن نوعها وحجمها. وقال بولس: «كُلُّ مَا لَيْسَ مِنَ ٱلإِيمَانِ فَهُوَ خَطِيَّةٌ» (رومية ١٤: ٢٣) وقال يعقوب: «مَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَناً وَلاَ يَعْمَلُ، فَذٰلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ» (يعقوب ٤: ١٧).
ونقرأ في رسالة رومية هذه العبارات: «وَأَمَّا ٱلآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ ٱللّٰهِ بِدُونِ ٱلنَّامُوسِ، مَشْهُوداً لَهُ مِنَ ٱلنَّامُوسِ وَٱلأَنْبِيَاءِ، بِرُّ ٱللّٰهِ بِٱلإِيمَانِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. إِذِ ٱلْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ ٱللّٰهِ» (رومية ٣: ٢١-٢٣).
في الحقيقة إنّه لا يوجد فرق، لأنّ الجميع أمام الله مذنبون، أيّاً كان نوع خطيتهم. ولكن أمام النعمة لهم جميعاً نفس الرجاء، ونفس الوسيلة للخلاص. وطوبى للذي يقبل الوسيلة الممنوحة!

٢ - الولادة الثانية


يقولون: «ليس من المنطق في شيء، أن يتكلم أحد عن الإيمان بالمسيح كولادة من الروح» (جريدة الفجر لشهر كانون الثاني ١٩٥٢م. الصفحة ١٧٢).
هنا أيضاً يُنصح للمؤمن أن يأخذ الجواب من فم الرب يسوع، الجواب الذي أعطاه للفريسيّ نيقوديموس، واحد من رؤساء اليهود، حين جاء إليه ليلاً: «ٱلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ ٱلْمَاءِ وَٱلرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ. اَلْمَوْلُودُ مِنَ ٱلْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَٱلْمَوْلُودُ مِنَ ٱلرُّوحِ هُوَ رُوحٌ. لاَ تَتَعَجَّبْ أَنِّي قُلْتُ لَكَ: يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ» (يوحنّا ٣: ٥-٧).

٣ - يسوع المسيح


قالوا: يميّز الكتاب المقدس بوضوح بين «لوغوس» الذي كان إلهاً، وبين «الله الأزلي القادر على كل شيء» (الفجر عدد ٤٤ صفحة ١٦٧).
هذا تحريف آخر لنصوص الكتاب المقدس يقوم به معلّقون تُعساء، أعمتهم الضلالة عن الحق الساطع الذي جاء في الكتاب المقدس، فالرسول الكريم يوحنّا يقول: «وَنَعْلَمُ أَنَّ ٱبْنَ ٱللّٰهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ ٱلْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي ٱلْحَقِّ فِي ٱبْنِهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. هٰذَا هُوَ ٱلإِلٰهُ ٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ» (١ يوحنّا ٥: ٢٠).

٤ - الروح القدس


قالوا: «يتخيل عدد كبير من الناس أنّ الروح القدس شخص، وأنّه الأقنوم الثالث في الثالوث الإلهي وهذا خطأ...» (الفجر عدد ٤٤، صفحة ١٧٠).
لتفنيد هذه الضلالة يكفي أن تقرأ ما جاء في الكتاب المقدس عن كون الروح القدس شخصاً وليس نسمة هواء كما يدّعي أهل البدع:

  • يتكلّم: «إِنَّهُ حَسَناً كَلَّمَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ آبَاءَنَا بِإِشَعْيَاءَ ٱلنَّبِيِّ قَائِلاً: ٱذْهَبْ إِلَى هٰذَا ٱلشَّعْبِ وَقُلْ: سَتَسْمَعُونَ سَمْعاً وَلاَ تَفْهَمُونَ، وَسَتَنْظُرُونَ نَظَراً وَلاَ تُبْصِرُونَ» (أعمال الرسل ٢٨: ٢٥-٢٦).
  • يسمع: «وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ ٱلْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ ٱلْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَة» (يوحنّا ١٦: ١٣).
  • يشاء: «وَلٰكِنَّ هٰذِهِ كُلَّهَا يَعْمَلُهَا ٱلرُّوحُ ٱلْوَاحِدُ بِعَيْنِهِ، قَاسِماً لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ، كَمَا يَشَاءُ» (١ كورنثوس ١٢: ١١).
  • يحزن: «لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحاً لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ ٱلْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ. وَلاَ تُحْزِنُوا رُوحَ ٱللّٰهِ ٱلْقُدُّوسَ ٱلَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ ٱلْفِدَاءِ» (أفسس ٤: ٢٩-٣٠).
  • يفرز للخدمة: «وَبَيْنَمَا هُمْ يَخْدِمُونَ ٱلرَّبَّ وَيَصُومُونَ قَالَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ: «أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِلْعَمَلِ ٱلَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ» (أعمال الرسل ١٣: ٢).



٥ - النفس


جاء في كتابهم رسالة الفجر الألفي: «ما أكثر الذين ساروا في الطريق الخاطئة، بالزعم أنّ للإنسان نفساً خالدة» (رسالة الفجر الألفي صفحة ٧).
هذه النقطة وُضّحت في معرض الرد على ضلالات شهود يهوه، فلا لزوم للتكرار.

٦ - قيامة الأموات


جاء في نشرتهم أين الأموات: «إنّ الخروج من القبر هو شيء، والقيامة شيء آخر... لأنّ الميزة التي سَتُعطى لهؤلاء المستيقظين، هي ارتفاعهم شيئاً فشيئاً عن الدرك الموجودون فيه حالياً، معنوياً وجسدياً، إلى أن يبلغوا الكمال المجيد، الذي كان يتمتّع به أبوهم آدم» (النشرة «أين الأموات» عدد ١) وجاء في رسالة الفجر الألفي الأكبر صفحة ٧: «هوذا باب يوم اليقظة العظمى للأموات. اليوم الذي فيه، سيتغير شكل الأحياء».
هذا اعتقاد غريب، لا نجد له سنداً في الكتابات المقدسة، ومن فضل الله أنّه ألهم الرسول بولس أن يوضح أمر القيامة، إذ يقول:

  • «ثُمَّ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ ٱلرَّاقِدِينَ... لأَنَّ ٱلرَّبَّ نَفْسَهُ سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ ٱللّٰهِ، وَٱلأَمْوَاتُ فِي ٱلْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً. ثُمَّ نَحْنُ ٱلأَحْيَاءَ ٱلْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعاً مَعَهُمْ فِي ٱلسُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ ٱلرَّبِّ فِي ٱلْهَوَاءِ، وَهٰكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ ٱلرَّبِّ» (١تسالونيكي ٤: ١٣-١٨).
  • «هُوَذَا سِرٌّ أَقُولُهُ لَكُمْ: لاَ نَرْقُدُ كُلُّنَا، وَلٰكِنَّنَا كُلَّنَا نَتَغَيَّرُ، فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، عِنْدَ ٱلْبُوقِ ٱلأَخِيرِ. فَإِنَّهُ سَيُبَوَّقُ، فَيُقَامُ ٱلأَمْوَاتُ عَدِيمِي فَسَادٍ، وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ. لأَنَّ هٰذَا ٱلْفَاسِدَ لاَ بُدَّ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ، وَهٰذَا ٱلْمَائِتَ يَلْبَسُ عَدَمَ مَوْتٍ» (١ كورنثوس ١٥: ٥١-٥٣).



٧ - العذاب الأبدي


جاء في نشرتهم (جحيم الكتاب المقدس صفحة ٣٧): «إنّ الكتاب المقدس، لا يعلّم بهذا التجديف، الذي يطلقون عليه اسم العذاب الأبدي».
في الكتاب المقدس آيات عديدة تفنّد هذا الزعم، وقد أوردت عدداً منها في الرد على افتراءات شهود يهوه، فالرجاء الرجوع إليها.



١٢ - اتفاق الشيع الثلاث على مضادة أسس الإيمان


«أَيُّهَا ٱلأَحِبَّاءُ، إِذْ كُنْتُ أَصْنَعُ كُلَّ ٱلْجَهْدِ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنِ ٱلْخَلاَصِ ٱلْمُشْتَرَكِ، ٱضْطُرِرْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ وَاعِظاً أَنْ تَجْتَهِدُوا لأَجْلِ ٱلإِيمَانِ ٱلْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ. لأَنَّهُ دَخَلَ خُلْسَةً أُنَاسٌ قَدْ كُتِبُوا مُنْذُ ٱلْقَدِيمِ لِهٰذِهِ ٱلدَّيْنُونَةِ، فُجَّارٌ، يُحَوِّلُونَ نِعْمَةَ إِلٰهِنَا إِلَى ٱلدَّعَارَةِ، وَيُنْكِرُونَ ٱلسَّيِّدَ ٱلْوَحِيدَ: ٱللّٰهَ وَرَبَّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ» (يهوذا ٣-٤).
سبق أن عرفنا أنّ هذه الشيع الثلاث في أصولها وفروعها تنتسب إلى شارل رسل، وهي تتفق على الأقل في الأمور التالية:
أولاً: إنكار لاهوت الرب يسوع


جاء في بيان القس رسل: «كان المسيح خلال وجوده في الجسد يحيا بنفس حية. أي أنّه مخلوق روحي، يشغل أقرب درجة للاهوت... لقد أخلى نفسه من كيانه السماوي، لكي يصير بكل بساطة كائناً بشرياً» (كتاب «والكلمة صار جسداً» صفحة ٢-٣).
لقد حذّرنا الكتاب المقدس من نظريات كهذه، إذ يقول: «اُنْظُرُوا أَنْ لاَ يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِٱلْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ بَاطِلٍ، حَسَبَ تَقْلِيدِ ٱلنَّاسِ، حَسَبَ أَرْكَانِ ٱلْعَالَمِ، وَلَيْسَ حَسَبَ ٱلْمَسِيحِ. فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ ٱللاَّهُوتِ جَسَدِيّاً. وَأَنْتُمْ مَمْلُوؤُونَ فِيهِ، ٱلَّذِي هُوَ رَأْسُ كُلِّ رِيَاسَةٍ وَسُلْطَانٍ» (كولوسي ٢: ٨-١٠).
وجاء في كتاب ليكن الله صادقاً: «من المعلوم أنّ يهوه أزلي وأبدي. فلو كان الله والكلمة يسوع شخصاً واحداً أو بتعبير آخر، لو كان الكلمة هو الله، كيف يصح أن تكون له بداية» (ليكن الله صادقاً صفحة ٩٥).
هذا تحريف للكلمة المكتوبة، لأنّ الكتاب المقدس، لم يقل أنّ للكلمة بداية. بل قال: «فِي ٱلْبَدْءِ كَانَ ٱلْكَلِمَةُ»، وهذا يعني أنّ يسوع كان موجوداً عند البدء، فهو كائن، لا مكوَّن. «فِي ٱلْبَدْءِ كَانَ ٱلْكَلِمَةُ، وَٱلْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ ٱللّٰهِ، وَكَانَ ٱلْكَلِمَةُ ٱللّٰهَ. هٰذَا كَانَ فِي ٱلْبَدْءِ عِنْدَ ٱللّٰهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَان» (يوحنّا ١: ١-٣).
وهذا السرّ الإلهي أُعلن لإشعياء فقال: «لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ٱبْناً، وَتَكُونُ ٱلرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى ٱسْمُهُ عَجِيباً، مُشِيراً، إِلَهاً قَدِيراً، أَباً أَبَدِيّاً، رَئِيسَ ٱلسَّلاَمِ» (إشعياء ٩: ٦).
أمّا تلاميذ الفجر الألفي، فقالوا: «إنّ المسيح قادر جداً، ولكن ليس كيهوه قادراً على كل شيء».
بيد أنّ نفي القدرة على كل شيء عن رب المجد، لا يمكن أن يثبت أمام تصريح الرب نفسه، إذ يقول: «أَنَا هُوَ ٱلأَلِفُ وَٱلْيَاءُ، ٱلْبَِدَايَةُ وَٱلنِّهَايَةُ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ ٱلْكَائِنُ وَٱلَّذِي كَانَ وَٱلَّذِي يَأْتِي، ٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» (رؤيا يوحنّا ١: ٨).
ونقرأ في رسالة يوحنّا هذه الآيات: «مَنْ هُوَ ٱلْكَذَّابُ، إِلاَّ ٱلَّذِي يُنْكِرُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ؟ هٰذَا هُوَ ضِدُّ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي يُنْكِرُ ٱلآبَ وَٱلٱبْنَ. كُلُّ مَنْ يُنْكِرُ ٱلٱبْنَ لَيْسَ لَهُ ٱلآبُ أَيْضاً، وَمَنْ يَعْتَرِفُ بِٱلٱبْنِ فَلَهُ ٱلآبُ أَيْضاً...أَيُّهَا ٱلأَحِبَّاءُ، لاَ تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ ٱمْتَحِنُوا ٱلأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ ٱللّٰهِ؟ لأَنَّ أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى ٱلْعَالَمِ. بِهٰذَا تَعْرِفُونَ رُوحَ ٱللّٰهِ: كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي ٱلْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ ٱللّٰهِ، وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي ٱلْجَسَدِ فَلَيْسَ مِنَ ٱللّٰهِ. وَهٰذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ ٱلْمَسِيحِ ٱلَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَٱلآنَ هُوَ فِي ٱلْعَالَمِ» (١يوحنّا ٢: ٢٢-٢٣، ٤: ١-٣).

ثانياً: إنكار حقيقة تجسّد الكلمة


هكذا جاء في كتابهم «والكلمة صار جسداً» صفحة ٣، ٤، ٧، ٨: «لا يوجد في الكتاب المقدس كلمة واحدة عن التجسّد، فهو لم يشرح كيف تحولت جذوة الحياة الخاصة بالكائن الروحي المشار إليها بكلمة «لوغوس» (الكلمة) (يوحنّا ١: ١) إلى الدرجة البشرية... فيسوع لم يكن قد ولد بعد من الروح القدس... إنّنا نظن أنه عند تكريسه في نهر الأردن حصل ليس فقط على الشعور باختباراته السابقة عند الآب في الماضي الأبعد، بل أيضاً حين تكرّس غمره نور معرفة الكتب المقدسة، بصورة أتاحت له أن يتذكر كل ما سبق أن علمه».
يؤكد رسل هنا بأنّ الكتاب المقدس لم يذكر شيئاً عن التجسّد، بينما الكتاب المقدس يذكر هذا الأمر كأعظم الأحداث الإلهية التي أعلنت للبشر. وقد وردت في أمكنة عديدة منها:

  • «وَلَكِنْ يُعْطِيكُمُ ٱلسَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا ٱلْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ٱبْناً وَتَدْعُو ٱسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ» (إشعياء ٧: ١٤). إقرأ أيضاً إشعياء ٩: ٦.
  • «أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمَِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي ٱلَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطاً عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ ٱلْقَدِيمِ مُنْذُ أَيَّامِ ٱلأَزَلِ» (ميخا ٥: ٢).
  • «أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فَكَانَتْ هٰكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ، قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارّاً، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا، أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرّاً. وَلٰكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هٰذِهِ ٱلأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ ٱلرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ٱبْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ ٱمْرَأَتَكَ، لأَنَّ ٱلَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. فَسَتَلِدُ ٱبْناً وَتَدْعُو ٱسْمَهُ يَسُوعَ، لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ». وَهٰذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ ٱلرَّبِّ بِٱلنَّبِيِّ: «هُوَذَا ٱلْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ٱبْناً، وَيَدْعُونَ ٱسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» (ٱلَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللّٰهُ مَعَنَا)» (متّى ١: ١٨-٢٣).
  • «فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: كَيْفَ يَكُونُ هٰذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟» فَأَجَابَ ٱلْمَلاَكُ: «اَلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ ٱلْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذٰلِكَ أَيْضاً ٱلْقُدُّوسُ ٱلْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ٱبْنَ ٱللّٰهِ» (لوقا ١: ٣٤-٣٥).
  • «وَٱلْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ ٱلآبِ، مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً» (يوحنّا ١: ١٤).



ثالثاً: إنكار صفة موت المسيح الكفارية


جاء في إحدى نشرات تلاميذ الفجر: «إنّ موت يسوع لا يجلب، أو لا يضمن لأي إنسان الحياة، أو البركة الأبدية. وكذلك موته لا ينقل الخطاة إلى السعادة الأبدية.. وعندما تتم ذبيحة يوم الكفارة العظيم (الذي هو العصر الإنجيلي)، أي حين يتمم رئيس الكهنة العظيم ذبيحته الكفارية عن جسده الذي هو الكنيسة، ومن أجل جميع الشعب أيضاً حينئذ يأتي ليبارك كل الشعب» (موطئ قدمي يهوه الذي صار مجيداً صفحة ١٣).
يا جماعة المسيح، أعرضوا عن كتابات رسل وخلفائه! إنها كتابات سامة. واقرأوا الكتاب المقدس الذي يحكّم للخلاص الذي في البر. إنّه يعلّمكم، بأنّ لكم مخلّص من الخطايا، هو المسيح الرب. بهذا صرّح: «لأَنَّ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» (متّى ١٨: ١١).
نعم إنّ يسوع القدوس الحق والشاهد الأمين، أكّد أنّ موته كان للتكفير عن الخطايا: «اَلآنَ نَفْسِي قَدِ ٱضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا أَقُولُ؟ أَيُّهَا ٱلآبُ نَجِّنِي مِنْ هٰذِهِ ٱلسَّاعَةِ. وَلٰكِنْ لأَجْلِ هٰذَا أَتَيْتُ إِلَى هٰذِهِ ٱلسَّاعَةِ» (يوحنّا ١٢: ٢٧) وقبل أن يسلم الروح على الصليب، قال «قَدْ أُكْمِلَ» (يوحنّا ١٩: ٣٠).
هذه ذروة إعلانات الكتاب المقدس عن الكفارة والكتاب الذي لا يأتيه الباطل، يشدّد على موت يسوع الكفاري كوسيلة وحيدة للخلاص.
قال الرسول بولس: «إِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي ٱلأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضاً: أَنَّ ٱلْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ ٱلْكُتُبِ» (١كورنثوس ١٥: ٣) - «لأَنَّ ٱلْمَسِيحَ، إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ، مَاتَ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُعَيَّنِ لأَجْلِ ٱلْفُجَّارِ. فَإِنَّهُ بِٱلْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لأَجْلِ بَارٍّ. رُبَّمَا لأَجْلِ ٱلصَّالِحِ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَيْضاً أَنْ يَمُوتَ. وَلٰكِنَّ ٱللّٰهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ ٱلْمَسِيحُ لأَجْلِنَا. فَبِٱلأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ ٱلآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ ٱلْغَضَبِ» (رومية ٥: ٦-٩).
ورد في نشرة أصدقاء الإنسان «النور في الظلمة: «إنّ القطيع الصغير (١٤٤٠٠٠) يتبعون سيدهم، ويبذلون حياتهم. وجميعهم يعلمون بأنهم دُعوا لكي يموتوا مع المسيح رأسهم، لكي يضيفوا ذبيحتهم الصغرى إلى ذبيحته. وهكذا تتألّف من المسيح يسوع، الرأس المجيد وأعضائه الكنيسة الذبيحة، التي تضمن للإنسانية كلها القيامة العظيمة من القبر» (النور في الظلمة صفحة ٢١). كل عضو في هذه الكنيسة، مدعو لاتّباع سيده، لكي يقدّم حياته معه ذبيحة، لكي لا يموت في ما بعد، محكوماً عليه» (صفحة ١٠).
هذا بهتان عظيم! وإقلال من قيمة ذبيحة مخلصنا الرب. إنه تجديف على الحق الذي أعلنه الله. وماذا يعمل أولئك الكذّابون بقول الكتاب؟: «فَمِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضاً إِلَى ٱلتَّمَامِ ٱلَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى ٱللّٰهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ. لأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هٰذَا، قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ ٱنْفَصَلَ عَنِ ٱلْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ ٱلسَّمَاوَاتِ ٱلَّذِي لَيْسَ لَهُ ٱضْطِرَارٌ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلُ رُؤَسَاءِ ٱلْكَهَنَةِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَبَائِحَ أَوَّلاً عَنْ خَطَايَا نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ خَطَايَا ٱلشَّعْبِ، لأَنَّهُ فَعَلَ هٰذَا مَرَّةً وَاحِدَةً، إِذْ قَدَّمَ نَفْسَهُ» (عبرانيين ٧: ٢٥-٢٧).
«وَأَمَّا هٰذَا فَبَعْدَمَا قَدَّمَ عَنِ ٱلْخَطَايَا ذَبِيحَةً وَاحِدَةً، جَلَسَ إِلَى ٱلأَبَدِ عَنْ يَمِينِ ٱللّٰهِ، مُنْتَظِراً بَعْدَ ذٰلِكَ حَتَّى تُوضَعَ أَعْدَاؤُهُ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْهِ. لأَنَّهُ بِقُرْبَانٍ وَاحِدٍ قَدْ أَكْمَلَ إِلَى ٱلأَبَدِ ٱلْمُقَدَّسِينَ» (عبرانيين ١٠: ١٢-١٤).

رابعاً: إنكار قيامة يسوع المسيح في الجسد


في أيام رسل، قبل تلاميذ التوراة تعليمه القائل: «إنّ جسد ربنا يسوع خرج من القبر بصورة خارقة للطبيعة.. هل انحلّ جسده وتحوّل إلى غاز؟ أم أُخفي في مكان ما؟ لا أحد يدري» (دراسة الكتب المقدسة مجلد ٢ صفحة ١٧).
وجاء في نشرتهم «الملكوت رجاء الإنسانية» صفحة ١٧: «إنّ الله لم يُقم يسوع مع جسده.. وإنّما يهوه أقام الفادي في قالب خليقة روحية، فأصبح أقوى وأمجد مما كان حين كان على الأرض إنساناً بسيطاً».
وقالوا أيضاً: «وفقاً لمعموديته، قبل يسوع أن يموت كإنسان وهذا بدون رجاء العودة. لأنّ قيامته بعيدة جداً عن المفهوم الجسدي، فقد كانت روحية فقط. وإن كان أحد يتشبّث بتصريحه، أنّه لم يكن روحاً، وأنّه كان له لحم وعظام، فإنّ شهود يهوه يقررون أنّ الجسد الذي ظهر فيه كان مؤقتاً، وكان القصد من ظهوره أن يؤكد أنّه قام وأنّه حي، وكان له القدرة أن يخلق جسداً من لحم وعظام، ويظهر فيه، ثم يحلّه.. وإن كان هناك اعتراض بسبب القبر الفارغ، فالمعنى أنّ الجسد الذي قيل بأنّه لن يرى فساداً، كان قد أُخرج، ولا يعلم أحد أين وُضع. ولعلّ الله حفظه في مكان ما، لكي يظهره للشعب في الحكم الألفي. لأنّه لو بقي هذا الجسد في القبر لصار عثرة بالنسبة لإيمان التلاميذ» (قيثارة الله صفحة ١٥٠-١٥١).
لو صحّ زعم شهود يهوه، لما بقي شيء من ابن الإنسان، ولكن الكتاب المقدس يضع حداً لهذه النظرية الغريبة إذ نقرأ فيه:
«لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ ٱلآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذٰلِكَ أَعْطَى ٱلٱبْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، وَأَعْطَاهُ سُلْطَاناً أَنْ يَدِينَ أَيْضاً، لأَنَّهُ ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ» (يوحنّا ٥: ٢٦-٢٧).
كذلك وقع أصدقاء الإنسان في خطأ جسيم في هذا الموضوع، حين قالوا «لم يكن لهذا المولود الوحيد من الله طبيعة إلهية، وميزة عدم الموت. والبرهان على ذلك أنّه جاء لكي يموت عن الخطاة. وبالمقابل، أقيم روحياً، ورُفع فوق الرتبة التي كان يشغلها قبل اتّضاعه» (رسالة الإنسانية صفحة ٢٤٠).
هذه التّرهات (الأباطيل) تُظهر ضلالتها جلياً في ضوء كلمة الحق التي ذكرت بوضوح كل خاصيات الجسد الذي قام فيه يسوع، إذ تقول:

  • «وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِهٰذَا وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسَطِهِمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!» فَجَزِعُوا وَخَافُوا، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ نَظَرُوا رُوحاً. فَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ مُضْطَرِبِينَ، وَلِمَاذَا تَخْطُرُ أَفْكَارٌ فِي قُلُوبِكُمْ؟ اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ. جُسُّونِي وَٱنْظُرُوا، فَإِنَّ ٱلرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي». وَحِينَ قَالَ هٰذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. وَبَيْنَمَا هُمْ غَيْرُ مُصَدِّقِين مِنَ ٱلْفَرَحِ، وَمُتَعَجِّبُونَ، قَالَ لَهُمْ: «أَعِنْدَكُمْ هٰهُنَا طَعَامٌ؟» فَنَاوَلُوهُ جُزْءاً مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيٍّ، وَشَيْئاً مِنْ شَهْدِ عَسَلٍ. فَأَخَذَ وَأَكَلَ قُدَّامَهُمْ» (لوقا ٢٤: ٣٦-٤٣).
  • «أَمَّا تُومَا، أَحَدُ ٱلٱثْنَيْ عَشَرَ، ٱلَّذِي يُقَالُ لَهُ ٱلتَّوْأَمُ، فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ حِينَ جَاءَ يَسُوعُ. فَقَالَ لَهُ ٱلتَّلاَمِيذُ ٱلآخَرُونَ: «قَدْ رَأَيْنَا ٱلرَّبَّ». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ ٱلْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ ٱلْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ». وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تَلاَمِيذُهُ أَيْضاً دَاخِلاً وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَٱلأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَوَقَفَ فِي ٱلْوَسَطِ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمْ». ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِناً». أَجَابَ تُومَا: «رَبِّي وَإِلٰهِي». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا» (يوحنّا ٢٠: ٢٤-٢٩).



خامساً: إنكار صعود المسيح ورسالته الصحيحة


متكلّماً عن المسيح، قال رسل: «لقد ترك المسيح طبيعته البشرية، لكي يرتفع إلى أعلى درجات الطبيعة الروحية... لأنّه تحرّر كلياً من كل ما له علاقة بدرجة الكائن البشري» (دراسة الكتب المقدسة، مجلد ٢ صفحة ١٠٧).
وفي نشرة حديثة «أكد شهود يهوه، أنّ المسيح عاد إلى الحياة كروح. وبعد أربعين يوماً صعد إلى السّماء، وأعطى المجد لله، في ذبيحته البشرية» (ملكوت الله صفحة ١٠).
وقال أصدقاء الإنسان: في الوقت الذي فيه تنتظر الكنائس مجيء الرب في صورة إنسان منظور، يعرف القطيع الصغير - الكنيسة الحقيقية - كل شيء وبكل وضوح عن هذا المجيء. والرب كان دائماً موجوداً في كل الزمن الإنجيلي، ومعروفاً من القطيع الصغير الذي شعر بعودته بالروح وبالعكس فإنّ الفاترين، وغير المؤمنين لا يستطيعون أن يشعروا بوجوده، لأنهم ينتظرون مجيئاً منظوراً.
إنّ المسيحي الحقيقي المؤسّس على كلمة الله، يعلم أنّ مخلّصه، قد صعد بالمجد، وجلس عن يمين العظمة في الأعالي (مرقس ١٦: ١٩، أعمال الرسل ٧: ٥٥، عبرانيين ٢: ٩-١٠) وهو يعرفه في رسالته الحاضرة، كرئيس كهنة، قد اجتاز السّموات، وهو قادر أن يرثي لضعفاته (عبرانيين ٤: ١٤-١٥).
وهو ينتظر مجيئه ثانية (أعمال الرسل ١: ١١) وهو يخدمه بكل طاعة وتكريس. ويصح فيه ذلك القول: «طُوبَى لِذٰلِكَ ٱلْعَبْدِ ٱلَّذِي إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفْعَلُ هٰكَذَا» (متّى ٢٤: ٤٦).
وهو متأكد من أنّه سيراه رؤية العين، كما هو مكتوب: «هُوَذَا يَأْتِي مَعَ ٱلسَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَٱلَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ ٱلأَرْضِ. نَعَمْ آمِينَ» (رؤيا يوحنّا ١: ٧).
إنّ شهود يهوه، وأصدقاء الإنسان وتلاميذ الفجر الألفي، يجعلون أنفسهم تحت دينونة الله، لأنهم يحوّلون نعمة إلهنا إلى جدال مليء بالمغالطات. وهم في هذا يبعدون البسطاء عن الإيمان المسلّم مرّة للقديسين.


مراجع الكتاب



  • ليكن الله صادقاً لشهود يهوه
  • قيثارة الله لشهود يهوه
  • أين هم الأموات؟ لشهود يهوه
  • الحق يحرّركم لشهود يهوه
  • المعركة النهائية لشهود يهوه
  • جهنّم لشهود يهوه
  • القيامة لشهود يهوه
  • رسالة إلى الإنسانية لأصدقاء الإنسان
  • النور في الظلمة لأصدقاء الإنسان
  • الحياة الأبدية لأصدقاء الإنسان
  • ملكوت البر لرسل الفجر الألفي
  • جحيم الكتاب المقدس لرسل الفجر الألفي
  • فجرية أم مسيحية؟ تأليف هنري روث
  • هل شهود يهوه على حق؟ تأليف ج. م. ينكول



مسابقة الكتاب «بدعة شهود يهوه ومشايعيهم»


أيها القارئ العزيز،
إن تعمّقت في قراءة هذا الكتاب تستطيع أن تجاوب على الأسئلة بسهولة. ونحن مستعدون أن نرسل لك أحد كتبنا الروحية جائزة على اجتهادك. لا تنسَ أن تكتب اسمك وعنوانك كاملين عند إرسال إجابتك إلينا.

  • ما هي المصادر الثلاثة القديمة لبدعة شهود يهوه؟
  • ما هما المصدران الحديثان لبدعة شهود يهوه؟
  • ذكر المؤلف أربع عقائد صحيحة في مجيء المسيح ثانية - اذكرها؟
  • كيف تبرهن خطأ تعليم شهود يهوه في أنّ «القيامة الأولى» حدثت سنة ١٩١٨م.؟
  • لماذا يستحيل أن نعرف موعد مجيء المسيح ثانية؟
  • اذكر ثلاث آيات كتابية تنصّ على ضرورة التوبة.
  • ما هو الطريق الوحيد للنجاة من ويلات معركة هرمجدّون؟
  • اشرح ما يقوله الإنجيل عن العدد ١٤٤ ألفاً.
  • كيف تبرهن لاهوت المسيح؟
  • كيف تبرهن لاهوت الروح القدس؟
  • ماذا يقول شهود يهوه عن جهنم، وكيف تردّ عليهم؟
  • ماذا يقول شهود يهوه عن العذاب الأبدي؟ أورد ثلاث آيات كتابية تبرهن وجود العذاب الأبدي.
  • يستعمل شهود يهوه سبع طرق مُضلّلة في تفسير الكتاب المقدس. اذكرها.
  • «أصدقاء الإنسان» فرع من شهود يهوه - ما رأيهم في ينابيع الزاد الثلاثة؟
  • ما هو تعليم أصدقاء الإنسان عن الخلاص، وكيف تردّ عليه؟
  • ما هو تعليم «جمعية تلاميذ الفجر الألفي» عن الخطية؟ وماذا يقول الكتاب المقدس؟


عنواننا:

Call of Hope
P.O.Box 10 08 27
D-70007
Stuttgart
Germany