اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ

١ «وَحْيٌ عَلَى نِينَوَى. سِفْرُ رُؤْيَا نَاحُومَ ٱلأَلْقُوشِيِّ».
إشعياء ١٣: ١ و١٩: ١ وإرميا ٢٣: ٣٣ و٣٤ وحبقوق ١: ١ وزكريا ٩: ١ وملاخي ١: ١ ص ٢: ٨ و٣: ٧ و٢ملوك ١٩: ٣٦ ويونان ١: ٢ وصفنيا ٢: ١٣
لا نعرف عن ناحوم إلا المذكور بنبوته ولا نعرف وطنه القوش. قال أحد آباء الكنيسة في القرن الرابع بعد المسيح «إن ناحوم كان من القوش وراء بيت جبر من سبط شمعون» وبيت جبر هي بيت جبرين الحالية إلى جهة الجنوب الغربي من أورشليم وعلى بعد نحو ٢٥ ميلاً منها. وتاريخ النبوة هو بين ٦٢٥ و٦١٠ ق م ونبوة ناحوم تشبه نبوة يونان بما أن موضوعها نينوى وتختلف عنها لأن ليس فيها شيء من الرحمة نحو نينوى. وخطايا نينوى المذكورة في نبوة يونان هي الخطايا المذكورة في نبوة ناحوم. وكانت نينوى عاصمة مملكة أشور وهي مدينة عظيمة على ضفة نهر دجلة قبالة الموصل الحالية. وملوك أشور المذكورون في الكتاب هم فول وتغلث فلاسر وشملناسر وسرجون وسنحاريب وأسرحدون واسم الملك الأخير سنشار شكن وباليونانية سراقس وفي أيامه قام عليه الماديون فحاصروا مدينة نينوى ثلاث سنين ولم يقدروا عليها بسبب علو أسوراها ومتانتها وبالآخر فاضت مياه نهر دجلة وطمت وجرفت جانباً من الأسوار وسقطت المدينة وقيل أن الملك سراقس لما أيقن هلاكه جمع نساءه في قصره وشب فيه النار فاحترقن جميعهن وكان ذلك نحو سنة ٦٠٧ ق م وانتقلت السلطة إلى بابل وفي القرن التاسع عشر اكتشف بعض العلماء آثار نينوى فوجدوا تماثيل وصوراً كثيرة وكتابات تاريخية. والبعض من هذه التماثيل تشخص حيوانات مركبة من جسم ثور وجناحي نسر ورأس إنسان فتشير إلى القوة والسرعة والفهم. وتُذكر بهذه الكتابات أمور كثيرة توافق أخبار الكتاب المقدس وتساعد في تفسيره.
كانت مملكة أشور قوية في الحرب وبلا رحمة وحق. في أيام حزقيا ملك يهوذا أرسل سنحاريب جيشه وحلوا في أرض يهوذا كلها وفتحوا ٤٦ مدينة. ولم تخلص مدينة أورشليم إلا بمد يد الرب وإهلاك قسم كبير من جيش الأشوريين. والملك أشور بانيبال دخل مصر وأخذ عاصمتها تو وهي ثيبة. والكتابات الأشورية تذكر الغنيمة العظيمة التي أخذها من الفضة والذهب والجواهر والثياب الثمينة والخيل والعبيد من الرجال والنساء ثم حارب بلاد عيلام. والكتابات تذكر أنه قطع رأس ملكها وذبح عظمائها وأهلها فغطّى الأرض بجثثهم وسالت دماؤهم كنهر وأخذ كل كنوزهم وهدم مدنهم وقال مفتخراً إن البلاد كلها خربت حتى لم يبق فيها لا أناس ولا بهائم كما قال إشعياء (١٠: ١٣ و١٤) «نَقَلْتُ تُخُومَ شُعُوبٍ وَنَهَبْتُ ذَخَائِرَهُمْ، وَحَطَطْتُ ٱلْمُلُوكَ كَبَطَلٍ. فَأَصَابَتْ يَدِي ثَرْوَةَ ٱلشُّعُوبِ كَعُشٍّ، وَكَمَا يُجْمَعُ بَيْضٌ مَهْجُورٌ جَمَعْتُ أَنَا كُلَّ ٱلأَرْضِ، وَلَمْ يَكُنْ مُرَفْرِفُ جَنَاحٍ وَلاَ فَاتِحُ فَمٍ وَلاَ مُصَفْصِفٌ» فكان أشور بين الشعوب كوحش مفترس فلا عجب أن جميع ممالك الأرض خافت منه وأبغضته بغضاً تاماً. ويظهر ذلك من نبوة ناحوم بألفاظ شديدة ومؤثرة.
٢ - ٨ «٢ اَلرَّبُّ إِلٰهٌ غَيُورٌ وَمُنْتَقِمٌ. ٱلّرَبُّ مُنْتَقِمٌ وَذُو سَخَطٍ. ٱلّرَبُّ مُنْتَقِمٌ مِنْ مُبْغِضِيهِ وَحَافِظٌ غَضَبَهُ عَلَى أَعْدَائِهِ. ٣ ٱلرَّبُّ بَطِيءُ ٱلْغَضَبِ وَعَظِيمُ ٱلْقُدْرَةِ، وَلَكِنَّهُ لاَ يُبَرِّئُ ٱلْبَتَّةَ. ٱلرَّبُّ فِي ٱلزَّوْبَعَةِ، وَفِي ٱلْعَاصِفِ طَرِيقُهُ، وَٱلسَّحَابُ غُبَارُ رِجْلَيْهِ. ٤ يَنْتَهِرُ ٱلْبَحْرَ فَيُنَشِّفُهُ وَيُجَفِّفُ جَمِيعَ ٱلأَنْهَارِ. يَذْبُلُ بَاشَانُ وَٱلْكَرْمَلُ، وَزَهْرُ لُبْنَانَ يَذْبُلُ. ٥ اَلْجِبَالُ تَرْجُفُ مِنْهُ وَٱلتِّلاَلُ تَذُوبُ، وَٱلأَرْضُ تُرْفَعُ مِنْ وَجْهِهِ وَٱلْعَالَمُ وَكُلُّ ٱلسَّاكِنِينَ فِيهِ. ٦ مَنْ يَقِفُ أَمَامَ سَخَطِهِ، وَمَنْ يَقُومُ فِي حُمُوِّ غَضَبِهِ؟ غَيْظُهُ يَنْسَكِبُ كَٱلنَّارِ، وَٱلصُّخُورُ تَنْهَدِمُ مِنْهُ. ٧ صَالِحٌ هُوَ ٱلرَّبُّ. حِصْنٌ فِي يَوْمِ ٱلضِّيقِ، وَهُوَ يَعْرِفُ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْهِ. ٨ وَلكِنْ بِطُوفَانٍ عَابِرٍ يَصْنَعُ هَلاَكاً تَامّاً لِمَوْضِعِهَا، وَأَعْدَاؤُهُ يَتْبَعُهُمْ ظَلاَمٌ».
خروج ٢٠: ٥ تثنية ٣٣: ٣٥ و٤١ مزمور ٩٤: ١ خروج ٣٤: ٦ و٧ إشعياء ٢٩: ٦ وعاموس ١: ١٤ مزمور ١٠٤: ٣ وإشعياء ١٩: ١ مزمور ١٠٦: ٩ وإشعياء ٥٠: ٢ إشعياء ٣٣: ٩ خروج ١٩: ١٨ ميخا ١: ٤ إشعياء ٢٤: ١ و٢٠ مزمور ٩٨: ٧ إرميا ١٠: ١٠ إشعياء ١٣: ١٣ إشعياء ٦٦: ١٥ و١ملوك ١٩: ١١ مزمور ٢٥: ٨ و٣٧: ٣٩ و٤٠ إشعياء ٢٨: ٢ و١٨ إشعياء ١٣: ٩ و١٠
إِلٰهٌ غَيُورٌ وَمُنْتَقِمٌ غيور لشعبه ومنتقم من نينوى. والنقمة للرب فلا يجوز للإنسان أن ينتقم لنفسه.
بَطِيءُ ٱلْغَضَبِ (ع ٣) في (خروج ٣٤: ٦ و٧ «ٱلرَّبُّ إِلٰهٌ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ ٱلْغَضَبِ وَكَثِيرُ ٱلإِحْسَانِ وَٱلْوَفَاءِ. حَافِظُ ٱلإِحْسَانِ إِلَى أُلُوفٍ. غَافِرُ ٱلإِثْمِ وَٱلْمَعْصِيَةِ وَٱلْخَطِيَّةِ. وَلٰكِنَّهُ لَنْ يُبْرِئَ إِبْرَاءً» كان بطيء الغضب على أهل نينوى فإنه لم يهلكهم إلا بعد مرور مئات من السنين ولكنه قدوس فلا يُبرئ المصرّين على خطاياهم. مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي العظيم القوة الحافظ الغضب.
ٱلسَّحَابُ غُبَارُ رِجْلَيْهِ الرب مشبّه بقائد جيش آتٍ للحرب.
يَنْتَهِرُ ٱلْبَحْرَ (ع ٤) كبحر سوف لما خرجوا من مصر ويجفف الأنهار كنهر الأردن لما عبروه. كانت قوة الأشوريين وجمالهم كباشان والكرمل ولبنان وعساكرهم كأرز لبنان بالقامة والكثرة ولكنهم يذبلون كعشب الأرض.
وَٱلأَرْضُ تُرْفَعُ (ع ٥) تُرفع وتهبط كما من زلزلة وتنهدم الصخور (ع ٦) تشبيهات شعرية تعبّر عن عظمة الرب وغضبه.
صَالِحٌ هُوَ ٱلرَّبُّ (ع ٧) وجّه كلامه إلى شعب الرب المتكلين عليه فلا يخافون ولو ارتجت الطبيعة يكونون مطمئنين «ذُو ٱلرَّأْيِ ٱلْمُمَكَّنِ تَحْفَظُهُ سَالِماً سَالِماً، لأَنَّهُ عَلَيْكَ مُتَوَكِّلٌ» (إشعياء ٢٦: ٣).
لِمَوْضِعِهَا (ع ٨) أي موضع نينوى ولعل الطوفان المذكور هنا فيضان نهر دجلة الذي به تهدمت أسوار المدينة. قال العالم نيبور الذي اكتشف خرائب نينوى إنه عند أول مجيئه مرّ في وسط موضع المدينة ولم ير شيئاً يدل على وجود مدينة بل ظن أنه راكب في البرية لأن آثار المدينة كانت مطمورة تحت الأرض ومنظرها كمنظر تلال طبيعية.
٩ - ١٤ «٩ مَاذَا تَفْتَكِرُونَ عَلَى ٱلرَّبِّ؟ هُوَ صَانِعٌ هَلاَكاً تَامّاً. لاَ يَقُومُ ٱلضِّيقُ مَرَّتَيْنِ. ١٠ فَإِنَّهُمْ وَهُمْ مُشْتَبِكُونَ مِثْلَ ٱلشَّوْكِ وَسَكْرَانُونَ كَمِنْ خَمْرِهِمْ، يُؤْكَلُونَ كَٱلْقَشِّ ٱلْيَابِسِ بِٱلْكَمَالِ. ١١ مِنْكِ خَرَجَ ٱلْمُفْتَكِرُ عَلَى ٱلرَّبِّ شَرّاً، ٱلْمُشِيرُ بِٱلْهَلاَكِ. ١٢ هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: إِنْ كَانُوا سَالِمِينَ وَكَثِيرِينَ هٰكَذَا فَهٰكَذَا يُجَزُّونَ فَيَعْبُرُ. أَذْلَلْتُكِ. لاَ أُذِلُّكِ ثَانِيَةً. ١٣ وَٱلآنَ أَكْسِرُ نِيرَهُ عَنْكِ وَأَقْطَعُ رُبُطَكِ. ١٤ وَلكِنْ قَدْ أَوْصَى عَنْكَ ٱلرَّبُّ: لاَ يُزْرَعُ مِنِ ٱسْمِكَ فِي مَا بَعْدُ. إِنِّي أَقْطَعُ مِنْ بَيْتِ إِلٰهِكَ ٱلتَّمَاثِيلَ ٱلْمَنْحُوتَةَ وَٱلْمَسْبُوكَةَ. أَجْعَلُهُ قَبْرَكَ، لأَنَّكَ صِرْتَ حَقِيراً».
ع ١١ إشعياء ٢٨: ٢٢ ميخا ٧: ٤ إشعياء ٥٦: ١٢ إشعياء ٥: ٢٤ و١٠: ١٧ ع ٩ وإشعياء ١٠: ٧ - ١١ حزقيال ١١: ٢ إشعياء ١٠: ١٦ - ١٩ و٣٣ و٣٤ إشعياء ٥٤: ٧ و٨ ومراثي ٣: ٣١ - ٣٣ إشعياء ٩: ٤ و١٠: ٢٧ وإرميا ٢: ٢٠ أيوب ١٨: ١٧ ومزمور ١٠٩: ١٣ وإشعياء ١٤: ٢١ و٢٢ وإرميا ٢٢: ٣ إشعياء ٤٦: ١ و٢ وميخا ٥: ١٣ و١٤ حزقيال ٣٢: ٢٢ و٢٣
النبي يخاطب الأشوريين. والذي صنع لهم هلاكاً هو الرب فليسو قادرين عليه. ولا يقوم الضيق مرتين لأن هلاكهم هلاك تام.
مُشْتَبِكُونَ مِثْلَ ٱلشَّوْكِ (ع ١٠) أي مجتمعون بكثرة ومنظمون ومتحدون كسياج من الشوك لا يقدر أحد أن يخترقه. ولكنهم في يوم هلاكهم يكونون متحيرين كأنهم سكرانون بالخمر وبلا عقل. ومن التقليدات أنهم كانوا سكرانين سكراً حقيقياً لما دخل الماديون والبابليون مدينتهم. والأسوار التي كانوا متكلين عليها صارت كسياج من الشوك تأكلها النار.
مِنْكِ خَرَجَ أي من نينوى خرج سنحاريب المفتكر على الرب شراً أي على شعب الرب وهو مشير بالهلاك أي قاصد هلاك أورشليم. قال سنحاريب (إشعياء ٣٦: ١٩ و٢٠) «أَيْنَ آلِهَةُ حَمَاةَ وَأَرْفَادَ... مَنْ مِنْ كُلِّ آلِهَةِ هٰذِهِ ٱلأَرَاضِي أَنْقَذَ أَرْضَهُمْ مِنْ يَدِي، حَتَّى يُنْقِذَ ٱلرَّبُّ أُورُشَلِيمَ مِنْ يَدِي» ولكن الرب أهلك منهم بليلة واحدة مئة وخمسة وثمانين ألفاً وهكذا جزهم كصوف.
أَذْلَلْتُكِ (ع ١٢) الرب يكلم أورشليم. كان أدّبهم ولكن انتهى التأديب فيكسر عن شعبه نير أشور.
قَدْ أَوْصَى عَنْكَ (ع ١٤) وهنا يكلم أشور.
لاَ يُزْرَعُ مِنِ ٱسْمِكَ كما في (إشعياء ١٤: ٢٠) «لاَ يُسَمَّى إِلَى ٱلأَبَدِ نَسْلُ فَاعِلِي ٱلشَّرِّ» أي سيسقط أشور ولا يقوم إلى الأبد.
أَقْطَعُ مِنْ بَيْتِ إِلٰهِكَ يظهر من الكتابات الأشورية كثرة آلهتهم وعظمة هياكلهم وأما الرب فيقول إنه يجعل بيت آلهتهم قبرهم أي يموتون هم وآلهتهم معاً وكما كانوا في حياتهم هكذا يكونون في موتهم دليلاً على أن آلهتهم لا يقدرون أن يخلصوا عبدتهم. قال حزقيال (٣٢: ٢٢ و٢٣) «هُنَاكَ أَشُّورُ وَكُلُّ جَمَاعَتِهَا. قُبُورُهُ مِنْ حَوْلِهِ. كُلُّهُمْ قَتْلَى سَاقِطُونَ بِٱلسَّيْفِ... ٱلَّذِينَ جَعَلُوا رُعْباً فِي أَرْضِ ٱلأَحْيَاءِ».
صِرْتَ حَقِيراً كان افتخر بقوته وكان عظيماً في عيني نفسه وأما عند الرب فحقير وأما الرب الإله الحقيقي وحده فهو مصدر الحياة كلها المتكلين عليه. واليوم كثيرون من المسمين مسيحييين يسجدون للمال (انظر متّى ٦: ٢٤) أو لبطونهم (انظر رومية ١٦: ١٨) أو للعالم (انظر يوحنا ٥: ٤٤) وهكذا يفقدون الحياة الحقيقية. والمال يفنى والجسد يفسد والمجد العالمي يزول فتهلك كلها والمتكلون عليها معاً فيكون قبر الإنسان ما كان يسجد له.
١٥ «هُوَذَا عَلَى ٱلْجِبَالِ قَدَمَا مُبَشِّرٍ مُنَادٍ بِٱلسَّلاَمِ: عَيِّدِي يَا يَهُوذَا أَعْيَادَكِ. أَوْفِي نُذُورَكِ، فَإِنَّهُ لاَ يَعُودُ يَعْبُرُ فِيكِ أَيْضاً ٱلْمُهْلِكُ. قَدِ ٱنْقَرَضَ كُلُّهُ».
إشعياء ٤٠: ٩ و٥٢: ٧ ورومية ١٠: ١٥ لاويين ٢٣: ٢ و٤ إشعياء ٥٢: ١ ويوئيل ٣: ١٧ ع ١١ إشعياء ٢٩: ٧ و٨
المبشر يبشر يهوذا بسقوط عدوها النهائي ويقول لها عيّدي أعيادك فإنهم لم يقدروا أن يحضروا إلى أورشليم ليعيّدوا حسب الشريعة خوفاً من الأشوريين وبعدما ينقرض المهلك يرجعون ويعيّدون بفرح. قال إشعياء ٣٣: ٢٠ «اُنْظُرْ صِهْيَوْنَ مَدِينَةَ أَعْيَادِنَا. عَيْنَاكَ تَرَيَانِ أُورُشَلِيمَ مَسْكَناً مُطْمَئِنّاً، خَيْمَةً لاَ تَنْتَقِلُ. لاَ تُقْلَعُ أَوْتَادُهَا إِلَى ٱلأَبَدِ» في العشاء الرباني تذكر الكنيسة موت المسيح الذي بموته أبطل الموت وأنار الحياة والخلود. فلا يعبر فيها المهلك فيما بعد ولا الشيطان وهو خصم الإنسان القديم وهو الروح الساكن في جميع المقاومين لملكوت الله. عيّدي يا كنيسة المسيح أعيادك.
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي


١ - ٤ «١ قَدِ ٱرْتَفَعَتِ ٱلْمِقْمَعَةُ عَلَى وَجْهِكِ. ٱحْرُسِ ٱلْحِصْنَ. رَاقِبِ ٱلطَّرِيقَ. شَدِّدِ ٱلْحَقَوَيْنِ. مَكِّنِ ٱلْقُوَّةَ جِدّاً. ٢ فَإِنَّ ٱلرَّبَّ يَرُدُّ عَظَمَةَ يَعْقُوبَ كَعَظَمَةِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّ ٱلسَّالِبِينَ قَدْ سَلَبُوهُمْ وَأَتْلَفُوا قُضْبَانَ كُرُومِهِمْ. ٣ تُرْسُ أَبْطَالِهِ مُحَمَّرٌ. رِجَالُ ٱلْجَيْشِ قِرْمِزِيُّونَ. ٱلْمَرْكَبَاتُ بِنَارِ ٱلْفُولاَذِ فِي يَوْمِ إِعْدَادِهِ. وَٱلسَّرْوُ يَهْتَزُّ. ٤ تَهِيجُ ٱلْمَرْكَبَاتُ فِي ٱلأَزِقَّةِ. تَتَرَاكَضُ فِي ٱلسَّاحَاتِ. مَنْظَرُهَا كَمَصَابِيحَ. تَجْرِي كَٱلْبُرُوقِ».
إرميا ٥١: ٢٠ - ٢٣ ع ٥ وص ٣: ١٢ و١٤ إشعياء ٦: ١٥ حزقيال ٣٧: ٢١ - ٢٣ إرميا ٤٨: ١١ مزمور ٨٠: ١٢ و١٣ حزقيال ٢٣: ١٤ و١٥ أيوب ٣٩: ٢٣ ص ٣: ٢ و٣ وإشعياء ٦٦: ١٥ وحزقيال ٢٦: ٢٠ إرميا ٤: ١٣
النبي يخاطب أشور ويقول أن المقمعة أي مملكة الماديين مع البابليين قد ارتفعت على وجه أشور أي لمقاومة أشور وجهاً لوجه وكلامه نبوة بما سيكون ولكنه يقول «قد ارتفعت» لأن الأمر أكيد ورآه كأنه حاضر. في آخر الأصحاح السابق وعد لليهود وفي أول هذا الأصحاح وعيد لأشور بالحرب والدمار. قال ربشاقي مفتخراً (انظر إشعياء ٣٦: ٩) «كَيْفَ تَرُدُّ وَجْهَ وَالٍ وَاحِدٍ مِنْ عَبِيدِ سَيِّدِي» ولكن الآن انقلبت الأحوال فلا يقدر هو أن يرد القائمين عليه.
ٱحْرُسِ ٱلْحِصْنَ قال لأشور أن يستعد للحصار.
فَإِنَّ ٱلرَّبَّ يَرُدُّ عَظَمَةَ يَعْقُوبَ (ع ٢) رفض الرب شعبه بسبب خطاياهم واستعمل كقضيب بيده ليؤدب شعبه وبعدما ينتهي التأديب يطرح القضيب. ويعقوب وإسرائيل بمعنى واحد لأن المملكة الشمالية سقطت قبل تاريخ هذه النبوة. وكان اسمه يعقوب لما هرب من بيت أبيه وتغرب وتسمى إسرائيل لما رجع وجاهد مع الله وقدر (انظر حزقيال ٣٧: ١٥ - ٢٣).
لأَنَّ ٱلسَّالِبِينَ قَدْ سَلَبُوهُمْ أي الأشوريون سلبوا الإسرائيليين. فول ملك أشور أخذ من منحيم ملك إسرائيل ألف وزنة من الفضة (انظر ٢ملوك ١٥: ١٩) وسنحاريب أخذ من حزقيا ثلاث مئة وزنة من الفضة وثلاثين وزنة من الذهب (انظر ٢ملوك ١٨: ١٤).
قُضْبَانَ كُرُومِهِمْ أي أتلف كل أسباب النجاح والنمو. غير أن الرب يقدر أن يحوّل الشر إلى الخير (انظر يوحنا ١٥: ٢) «يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ».
تُرْسُ أَبْطَالِهِ (ع ٣) أي أبطال الماديين. والترس مدهون باللون الأحمر أو كان أحمر لأنه من نحاس مصقول. وكان الماديون يلبسون أحمر وقرمزاً. وكانوا يزينون مركباتهم بقطع من الفولاذ تلمع بالشمس كالنار. وخشب رماحهم كان من السرو وكانت تهتز كأشجار.
تَهِيجُ ٱلْمَرْكَبَاتُ فِي ٱلأَزِقَّةِ (ع ٤) أزقة خارجة عن المدينة المحصنة. وتهيج من كثرتها وهي كالبرق في سرعتها.
٥ - ١٠ «٥ يَذْكُرُ عُظَمَاءَهُ. يَتَعَثَّرُونَ فِي مَشْيِهِمْ. يُسْرِعُونَ إِلَى سُورِهَا، وَقَدْ أُقِيمَتِ ٱلْمِتْرَسَةُ. ٦ أَبْوَابُ ٱلأَنْهَارِ ٱنْفَتَحَتْ، وَٱلْقَصْرُ قَدْ ذَابَ. ٧ وَهُصَّبُ قَدِ ٱنْكَشَفَتْ. أُطْلِعَتْ. وَجَوَارِيهَا تَئِنُّ كَصَوْتِ ٱلْحَمَامِ ضَارِبَاتٍ عَلَى صُدُورِهِنَّ. ٨ وَنِينَوَى كَبِرْكَةِ مَاءٍ مُنْذُ كَانَتْ، وَلَكِنَّهُمُ ٱلآنَ هَارِبُونَ. قِفُوا قِفُوا! وَلاَ مُلْتَفِتٌ. ٩ اِنْهَبُوا فِضَّةً. اِنْهَبُوا ذَهَباً، فَلاَ نِهَايَةَ لِلتُّحَفِ لِلْكَثْرَةِ مِنْ كُلِّ مَتَاعٍ شَيْءٍ. ١٠ فَرَاغٌ وَخَلاَءٌ وَخَرَابٌ وَقَلْبٌ ذَائِبٌ وَٱرْتِخَاءُ رُكَبٍ وَوَجَعٌ فِي كُلِّ حَقْوٍ. وَأَوْجُهُ جَمِيعِهِمْ تَجْمَعُ حُمْرَةً».
ص ٣: ١٨ إرميا ٤٦: ١٢ ص ١: ٨ و٣: ١٣ وإشعياء ٤٥: ١ إشعياء ٣٨: ١٤ و٥٩: ١١ إشعياء ٣٢: ١٢ ص ١: ١ و٣: ٧ إشعياء ١٤: ٢٣ إرميا ٤٦: ٥ و٤٧: ٣ صفنيا ١: ١٨ ورؤيا ١٨: ١٢ و١٦ ع ٢ وإشعياء ٢٤: ١ و٣٤: ١ - ١٥ مزمور ٢٢: ١٤ وإشعياء ١٣: ٧ و٨ وحزقيال ٢١: ٧ يوئيل ٢: ٦
يَذْكُرُ عُظَمَاءَهُ أي أشور وهم من الخوف يتعثرون في مشيهم وعدما يصلون إلى السور يرون مترسة الماديين قد أقيمت مقابلهم.
أَبْوَابُ ٱلأَنْهَارِ (ع ٦) كانت نينوى على ضفة نهر دجلة الشرقية وحدّها الجنوبي النهر ذاب والنهر حصر كان يدخلها من الشمال ويجري في وسط المدينة ويصب في دجلة. وللمدينة في الشرق سوران عظيمان علوهما نحو خمسين قدماً وطولهما ثلاثة أميال وبينهما خندق عميق عرضه ١٤٥ قدماً. وانفتحت أبواب الأنهار إما من هجوم الأعداء وثغر الأسوار ودخولهم من الأبواب أو من فيضان الأنهر وهبوط الأسوار في جهة الأنهار.
وَٱلْقَصْرُ قَدْ ذَابَ ذابت قلوب أهل القصر أي الملك ومشيريه فصارت المملكة بدون مدبرين في أشد الخطر.
وَنِينَوَى كَبِرْكَةِ مَاءٍ (ع ٨) لأنها مركز الحكومة ومركز التجارة فاجتمع فيها الناس من كل الجهات وتكومت فيها كنوز العالم ولكن سدود هذه البركة ستهبط والماء سيفلت. ويقول أهل نينوى للهاربين قفوا قفوا ولا أحد ينتبه لأن الهاربين يهتم كل واحد منهم بنجاة نفسه.
اِنْهَبُوا (ع ٩) قول النبي للماديين وفي العدد العاشر كلام مختصر يدل على سرعة سقوط المدينة وكمال خرابها.
١١ - ١٣ «١١ أَيْنَ مَأْوَى ٱلأُسُودِ وَمَرْعَى أَشْبَالِ ٱلأُسُودِ؟ حَيْثُ يَمْشِي ٱلأَسَدُ وَٱللَّبْوَةُ وَشِبْلُ ٱلأَسَدِ، وَلَيْسَ مَنْ يُخَوِّفُ. ١٢ ٱلأَسَدُ ٱلْمُفْتَرِسُ لِحَاجةِ جِرَائِهِ، وَٱلْخَانِقُ لأَجْلِ لَبْواتِهِ حَتَّى مَلأَ مَغَارَاتِهِ فَرَائِسَ وَمَآوِيَهُ مُفْتَرَسَاتٍ. ١٣ هَا أَنَا عَلَيْكِ، يَقُولُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ. فَأُحْرِقُ مَرْكَبَاتِكِ دُخَاناً، وَأَشْبَالُكِ يَأْكُلُهَا ٱلسَّيْفُ، وَأَقْطَعُ مِنَ ٱلأَرْضِ فَرَائِسَكِ، وَلاَ يُسْمَعُ أَيْضاً صَوْتُ رُسُلُكِ».
ص ٣: ١ وإشعياء ٥: ٢٩ وإرميا ٤: ٧ إشعياء ١٠: ٦ - ١٤ وإرميا ٥١: ٣٤ ص ٣: ٥ وإرميا ٢١: ١٣ وحزقيال ٥: ٨ يشوع ١١: ٦ و٩ ومزمور ٤٦: ٩ ص ٣: ١ و١٢ وإشعياء ٤٩: ٢٤ و٢٥ و٢ملوك ١٨: ١٧ - ٢٥ و١٩: ٩ - ١٣
أهل نينوى مشبهون بأسود نظراً إلى قوتهم وشراستهم وتسلطهم على العالم وكالأسود لا يخافون من أحدٍ. ولكن أشور وإن كان افتخر بقوته لا يقدر الآن أن يخلص نفسه بل تنقطع الأسود ويتلاشى مأواها.
لاَ يُسْمَعُ أَيْضاً صَوْتُ رُسُلُكِ (ع ١٣) إشارة إلى ربشاقي ورفقاءه الذين أرسلهم سنحاريب ليعيروا اليهود (انظر إشعياء ٣٦: ٢).

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ


١ - ٣ «١ وَيْلٌ لِمَدِينَةِ ٱلدِّمَاءِ. كُلُّهَا مَلآنَةٌ كَذِباً وَخَطْفاً. لاَ يَزُولُ ٱلٱفْتِرَاسُ. ٢ صَوْتُ ٱلسَّوطِ وَصَوْتُ رَعْشَةِ ٱلْبَكَرِ، وَخَيْلٌ تَخُبُّ وَمَرْكَبَاتٌ تَقْفِزُ، ٣ وَفُرْسَانٌ تَنْهَضُ، وَلَهِيبُ ٱلسَّيْفِ وَبَرِيقُ ٱلرُّمْحِ، وَكَثْرَةُ جَرْحَى وَوَفْرَةُ قَتْلَى، وَلاَ نِهَايَةَ لِلْجُثَثِ. يَعْثُرُونَ بِجُثَثِهِمْ».
حزقيال ٢٤: ٦ و٩ ص ٢: ٣ و٤ وأيوب ٣٩: ٢٣ - ٢٥ وإرميا ٤٧: ٣ حبقوق ٣: ١١ إشعياء ٣٤: ٣ و٦٦: ١٦ إشعياء ٣٧: ٣٦ وحزقيال ٣٩: ٤
سمّى النبي نينوى مدينة الدماء (١) لكثرة الخطف والظلم فيها فإن الغني إذا ظلم الفقير وأخذ منه معاشه كأنه قتله (٢) لكثرة حروبها التي فيها قتلوا ألوف وربوات. امتاز الأشوريون بعدم الشفقة والقساوة كما يظهر من الكتابات والصور. فإنهم كانوا يسلخون بعض أسراهم وهم لا يزالون أحياء وكانوا يقطعون رؤوس البعض ويعلقونها بعنق الأحياء وكانوا يضعون أسرى من الأمراء في أقفاص ليتفرج الناس عليهم ويسخروا بهم.
لاَ يَزُولُ ٱلٱفْتِرَاسُ الخ لا يشبع الطماع ومهما أخذ لا يزال يطلب. وأحياناً الشبعان أكثر طمعاً من الفقير.
صَوْتُ ٱلسَّوطِ الخ (ع ٢) يشير إلى مركبات الماديين والنبي يصف القتال بعبارات مختصرة ومؤثرة تشخص أمامنا تماماً ذلك القتال الهائل.
٤ - ٧ «٤ مِنْ أَجْلِ زِنَى ٱلزَّانِيَةِ ٱلْحَسَنَةِ ٱلْجَمَالِ صَاحِبَةِ ٱلسِّحْرِ ٱلْبَائِعَةِ أُمَماً بِزِنَاهَا وَقَبَائِلَ بِسِحْرِهَا. ٥ هَئَنَذَا عَلَيْكِ، يَقُولُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ، فَأَكْشِفُ أَذْيَالَكِ إِلَى فَوْقِ وَجْهِكِ، وَأُرِي ٱلأُمَمَ عَوْرَتَكِ وَٱلْمَمَالِكَ خِزْيَكِ. ٦ وَأَطْرَحُ عَلَيْكِ أَوْسَاخاً، وَأُهِينُكِ وَأَجْعَلُكِ عِبْرَةً. ٧ وَيَكُونُ كُلُّ مَنْ يَرَاكِ يَهْرُبُ مِنْكِ وَيَقُولُ: خَرِبَتْ نِينَوَى، مَنْ يَرْثِي لَهَا: مِنْ أَيْنَ أَطْلُبُ لَكِ مُعَزِّينَ؟»
إشعياء ٢٣: ١٧ وحزقيال ١٦: ٢٥ - ٢٩ ورؤيا ١٧: ١ و ٢ إشعياء ٤٧: ٩ و١٢ و١٣ رؤيا ١٨: ٣ ص ٢: ١٣ وإرميا ٥٠: ٣١ وحزقيال ٢٦: ٣ إرميا ١٣: ٢٦ حزقيال ١٦: ٣٧ أيوب ٩: ٣١ أيوب ٣٠: ٨ وملاخي ٢: ٩ إشعياء ١٤: ١٦ وإرميا ٥١: ٣٧ ص ٢: ٨ وإرميا ٥١: ٩ ص ١: ١ و٢: ٨ وصفنيا ٢: ١٣ إشعياء ٥١: ١٩ وإرميا ١٥: ٥
ٱلزَّانِيَةِ ٱلْحَسَنَةِ أشبهت زانية (١) لأنهم سجدوا للأصنام وعملوا بحسب شهواتهم مع أن معرفة الله ظاهرة فيهم (رومية ١: ١٩) (٢) لأنهم غشوا الشعوب بمعاهدات كاذبة وتظاهروا بالمحبة لأجل غايات نفسانية كمحبة زانية. انظر كلام سنحاريب ملك أشور عن يد القائد ربشاقي (إشعياء ٣٦: ١٦ و١٧) «ٱعْقِدُوا مَعِي صُلْحاً، وَٱخْرُجُوا إِلَيَّ وَكُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَفْنَتِهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ تِينَتِهِ... حَتَّى آتِيَ وَآخُذَكُمْ إِلَى أَرْضٍ مِثْلِ أَرْضِكُمْ، أَرْضِ حِنْطَةٍ الخ» (انظر ٢ملوك ١٨: ١٤) قال حزقيا لملك أشور «ٱرْجِعْ عَنِّي، وَمَهْمَا جَعَلْتَ عَلَيَّ حَمَلْتُهُ» فدفع له فضة وذهباً. و(انظر إشعياء ٣٣: ٨) «نَكَثَ ٱلْعَهْدَ. رَذَلَ ٱلْمُدُنَ. لَمْ يَعْتَدَّ بِإِنْسَانٍ» (٣) وأشبهت زانية حسنة نظراً إلى غناها وعظمتها وموقعها. وربما السحر المذكور يشير إلى الحيل والغش.
هَئَنَذَا عَلَيْكِ (ع ١٥) فماذا يعمل الإنسان مهما كان عظيماً وغنياً إذا كان الله عليه. ولو خلصوا من الماديين الرب يقدر أن يقيم عليهم غيرهم وليس لهم قوة للحرب إلا بما كانوا أخذوه من الرب.
فَأَكْشِفُ أَذْيَالَكِ المدينة مشبّهة بسيدة أصابها أعظم إهانة. وأعظم عار للإنسان كشف خطاياه السرّية. كان أشور مفتخراً بقوته ولكن لما سقط انكشف ضعفه.
٨ - ١١ «٨ هَلْ أَنْتِ أَفْضَلُ مِنْ نُوَ أَمُونَ ٱلْجَالِسَةِ بَيْنَ ٱلأَنْهَارِ، حَوْلَهَا ٱلْمِيَاهُ ٱلَّتِي هِيَ حِصْنُ ٱلْبَحْرِ، وَمِنَ ٱلْبَحْرِ سُورُهَا؟ ٩ كُوشٌ قُوَّتُهَا مَعَ مِصْرَ وَلَيْسَتْ نِهَايَةٌ. فُوطٌ وَلُوبِيمُ كَانُوا مَعُونَتَكِ. ١٠ هِيَ أَيْضاً قَدْ مَضَتْ إِلَى ٱلْمَنْفَى بِٱلسَّبْيِ، وَأَطْفَالُهَا حُطِّمَتْ فِي رَأْسِ جَمِيعِ ٱلأَزِقَّةِ، وَعَلَى أَشْرَافِهَا أَلْقُوا قُرْعَةً، وَجَمِيعُ عُظَمَائِهَا تَقَيَّدُوا بِٱلْقُيُودِ. ١١ أَنْتِ أَيْضاً تَسْكَرِينَ. تَكُونِينَ خَافِيَةً. أَنْتِ أَيْضاً تَطْلُبِينَ حِصْناً بِسَبَبِ ٱلْعَدُوِّ».
إرميا ٤٦: ٢٥ وحزقيال ٣٠: ١٤ - ١٦ إشعياء ١٩: ٦ - ٨ إشعياء ٢٠: ٥ تكوين ١٠: ٦ وإرميا ٤٦: ٩ وحزقيال ٢٧: ١٠ و٣٠: ٥ و٣٨: ٥ و٢أيام ١٢: ٣ و١٦: ٨ إشعياء ١٩: ٤ و٢٠: ٤ هوشع ١٣: ١٦ يوئيل ٣: ٣ وعوبديا ١١ إشعياء ٤٩: ٢٦ وإرميا ٢٥: ٢٧ ص ١: ٨ وإشعياء ٢: ١٠ و١٩ وهوشع ١: ٨
نُوَ أَمُونَ أي مدينة ثيبة في جنوبي مصر وعلى بعد نحو ٤٠٠ ميل من القاهرة.
ٱلأَنْهَارِ في مصر نهر واحد فقط أي النيل والأنهار هي السواقي الكثيرة الخارجة من النيل وتسمى النيل «بحراً» نظراً إلى عظمته. وكان النيل كحصن وسور لثيبة كما كان نهر دجلة وفروعه لنينوى. وقول النبي هو أن نينوى ليست أفضل من ثيبة وكما سقطت تلك هكذا ستسقط نينوى. كان سقوط ثيبة عن يد أشور. وأما الذي خرب سيخرب وأمون اسم الإله الذي سجدوا له ونو اسم المدينة. وكانت ثيبة عاصمة مملكة عظيمة امتدت إلى ما بين النهرين وكانت نينوى خاضعة لها. وكوش هي ما كان جنوبي مصر وفوط ولوبيم شعوب في شمالي أفريقيا. قيل أنه كان لثيبة مئة باب ولها عشرون ألف مركبة مع خيلها وعساكرها. وعرض وادي النيل عند ثيبة نحو عشرة أميال أي أعرض من معدله وعرض النيل هنا نحو سبع مئة ذراع. وأسماء القرى الموجودة اليوم في موضع ثيبة لقصر والكرنك وقرنو ومدينة أبو الآثار الموجودة اليوم عظيمة جداً. كان ١٨ تمثالاً للملوك ومنها تمثالان قائمان وعرضه بين الكتفين ٨ أذرع والتمثال من حجر واحد وزنه نحو ٣٥٠٠ قنطار والحجر صلب جداً وأصله من مكان بعيد واندهش المهندسون في أيامنا من حذاقة المهندسين في القديم الذين نقلوا الحجارة ونقشوها. ويوجد في الكرنك هيكل طوله ١٥٠ ذراعاً وعرضه ٨٠ ذراعاً وفيه مكتوبة أسماء الملوك على مدة ألفي سنة ويوجد فيه ١٢ عموداً على علو ٣٠ ذراعاً و٦٦ عموداً على علو ٢٠ ذراعاً.
هِيَ أَيْضاً قَدْ مَضَتْ إِلَى ٱلْمَنْفَى (ع ١٠) الأرجح أن هذا صار عن يد أشور بانيبال ملك أشور.
أَنْتِ أَيْضاً تَسْكَرِينَ (ع ١١) النبي يكلم أشور فتسكر هي من كأس غضب الله.
١٢ - ١٩ «١٢ جَمِيعُ قِلاَعِكِ أَشْجَارُ تِينٍ بِٱلْبَوَاكِيرِ، إِذَا ٱنْهَزَّتْ تَسْقُطُ فِي فَمِ ٱلآكِلِ. ١٣ هُوَذَا شَعْبُكِ نِسَاءٌ فِي وَسَطِكِ. تَنْفَتِحُ لأَعْدَائِكِ أَبْوَابُ أَرْضِكِ. تَأْكُلُ ٱلنَّارُ مَغَالِيقَكِ. ١٤ اِسْتَقِي لِنَفْسِكِ مَاءً لِلْحِصَارِ. أَصْلِحِي قِلاَعَكِ. ٱدْخُلِي فِي ٱلطِّينِ وَدُوسِي فِي ٱلْمِلاَطِ. أَصْلِحِي ٱلْمِلْبَنَ. ١٥ هُنَاكَ تَأْكُلُكِ نَارٌ. يَقْطَعُكِ سَيْفٌ. يَأْكُلُكِ كَٱلْغَوْغَاءِ. تَكَاثَرِي كَٱلْغَوْغَاءِ. تَعَاظَمِي كَٱلْجَرَادِ. ١٦ أَكْثَرْتِ تُجَّارَكِ أَكْثَرَ مِنْ نُجُومِ ٱلسَّمَاءِ. ٱلْغَوْغَاءُ جَنَّحَتْ وَطَارَتْ. ١٧ رُؤَسَاؤُكِ كَٱلْجَرَادِ، وَوُلاَتُكِ كَحَرْجَلَةِ ٱلْجَرَادِ ٱلْحَالَّةِ عَلَى ٱلْجُدْرَانِ فِي يَوْمِ ٱلْبَرْدِ. تُشْرِقُ ٱلشَّمْسُ فَتَطِيرُ وَلاَ يُعْرَفُ مَكَانُهَا أَيْنَ هُوَ. ١٨ نَعِسَتْ رُعَاتُكَ يَا مَلِكَ أَشُّورَ. ٱضْطَجَعَتْ عُظَمَاؤُكَ. تَشَتَّتَ شَعْبُكَ عَلَى ٱلْجِبَالِ وَلاَ مَنْ يَجْمَعُ. ١٩ لَيْسَ جَبْرٌ لٱنْكِسَارِكَ. جُرْحُكَ عَدِيمُ ٱلشِّفَاءِ. كُلُّ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ خَبَرَكَ يُصَفِّقُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَيْكَ، لأَنَّهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَمُرَّ شَرُّكَ عَلَى ٱلدَّوَامِ؟».
إشعياء ٢٨: ٤ وحبقوق ١: ١٠ إشعياء ١٩: ١٦ وإرميا ٥١: ٣٠ ص ٢: ٦ وإشعياء ٤٥: ١ و٢ و٢أيام ٣٢: ٣ و٤ و١١ ص ٢: ١ ع ١٣ وص ٢: ١٣ وإشعياء ٦٦: ١٥ و١٦ يوئيل ١: ٤ إشعياء ٢٣: ٨ إرميا ٥١: ٢٧ مزمور ٧٦: ٥ و٦ وإشعياء ٥٦: ١٠ وإرميا ٥١: ٥٧ ص ٢: ٥ و١ملوك ٢٢: ١٧ وإشعياء ١٣: ١٤ إرميا ٤٦: ١١ وميخا ١: ٩ إرميا ٣٠: ١٢ إيوب ٢٧: ٢٣ ومراثي ٢: ١٥ ع ٤ وإشعياء ٣٧: ١٨
قِلاَعِكِ أَشْجَارُ تِينٍ كما يهزُّ الإنسان شجرة تين فيسقط التين حالاً هكذا تنهز قلاع أشور فيسقط غناها وقوتها.
أَبْوَابُ أَرْضِكِ (ع ١٣) الطرقات التي تؤدي إلى نينوى من كل الجهات والحصون التي كانت حول المدينة لحفظها. وجبابرة البأس كالنساء في الضعف والخوف.
تَأْكُلُ ٱلنَّارُ مَغَالِيقَكِ العاديات تدل على احتراق الأبنية وربما كانت المغاليق من خشب كما هي الحالة في بعض جهات سورية إلى اليوم.
اِسْتَقِي لِنَفْسِكِ (ع ١٤) النبي يخاطب نينوى وهي كسيدة كانت تستخدم الناس ولكنها تكون كعبدة تستقي ماء وتدخل في الطين وتدوس في الملاط استعداداً للحصار.
كَٱلْغَوْغَاءِ (ع ١٥) كانت نينوى كالغوغاء نظراً إلى عظمة جيوشها وشراستهم فإن جيشها سلب العالم وتجارها استغنوا من السلب. ولكن أعداء نينوى كالغوغاء أيضاً وكما سلبوا يُسلبون وكما خربوا يُخربون.
نَعِسَتْ رُعَاتُكَ (ع ١٨) أي ماتوا ومات عظماؤه وتشتت شعبه (انظر ٢أيام ١٨: ١٦) لأن ليس لهم رعاة.
لَيْسَ جَبْرٌ لٱنْكِسَارِكَ (ع ١٩) مدينة نينوى بعدما سقطت لم تقم أيضاً بل بقيت هكذا خربة من أيام الماديين إلى أيامنا هذه بلا سكان والشعوب صفقوا بأيديهم عليها ولم يكن من يحبها محبة حقيقية أو يحزن عليها. وهكذا سقوط كل من يعيش لنفسه.
ومن فوائد هذه النبوة بطل الاتكال على عظمة الجيوش والحصون والتجارة والمال. والقوة الحقيقية هي في الاتكال على الرب وحفظ وصاياه «طُوبَى لِلأُمَّةِ ٱلَّتِي ٱلرَّبُّ إِلٰهُهَا، ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي ٱخْتَارَهُ مِيرَاثاً لِنَفْسِهِ» (مزمور ٣٣: ١٢).