مقدمة

لا نعرف شيئاً عن هذا النبي إلا المدّون في نبوته. وأبوه فثوئيل ليس معروفاً. والأرجح أن النبي سكن أورشليم لأنه يذكر أورشليم ويهوذا ولا يذكر المملكة الشمالية (٣: ١ و٦ و١٦ و١٧) خاطب الكهنة (٢: ١٧) فنستنتج أنه لم يكن كاهناً. والأرجح أن تاريخ النبوة في القرن الرابع قبل المسيح في زمان بطلميوس والدولة السلوقية فكانت هذه النبوة وقسم من نبوة زكريا ونبوة يونان آخر أسفار العهد القديم. وهذا الرأي مبني على ما يأتي ذكر صور وصيدون ودائرة فلسطين والياوانيين (أي اليونانيين) والسبائيين ومصر وأدوم بلا ذكر الآراميين والأشوريين والكلدانيين وبلا ذكر المملكة الشمالية (وانظر ما في ٢: ١٩) «لاَ أَجْعَلُكُمْ أَيْضاً عَاراً بَيْنَ ٱلأُمَمِ» وفي (٣: ٢) «مِيرَاثِي إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ بَدَّدُوهُمْ بَيْنَ ٱلأُمَمِ وَقَسَمُوا أَرْضِي». والنبوة لا تذكر عبادة الأصنام بل تذكر خدمة العبادة في الهيكل وتذكر كهنة وشيوخاً ولا تذكر ملكاً. فهذه العبارات تدل على زمان بعد الرجوع من السبي. وبجمال التصورات وفصاحة الكلام تشبه هذه النبوة نبوات إشعياء وحبقوق.
اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ


١ - ٤ «١ قَوْلُ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي صَارَ إِلَى يُوئِيلَ بْنِ فَثُوئِيلَ: ٢ اِسْمَعُوا هٰذَا أَيُّهَا ٱلشُّيُوخُ، وَأَصْغُوا يَا جَمِيعَ سُكَّانِ ٱلأَرْضِ. هَلْ حَدَثَ هٰذَا فِي أَيَّامِكُمْ أَوْ فِي أَيَّامِ آبَائِكُمْ؟ ٣ أَخْبِرُوا بَنِيكُمْ عَنْهُ، وَبَنُوكُمْ بَنِيهِمْ، وَبَنُوهُمْ دَوْراً آخَرَ. ٤ فَضْلَةُ ٱلْقَمَصِ أَكَلَهَا ٱلزَّحَّافُ، وَفَضْلَةُ ٱلزَّحَّافِ أَكَلَهَا ٱلْغَوْغَاءُ، وَفَضْلَةُ ٱلْغَوْغَاءِ أَكَلَهَا ٱلطَّيَّارُ».
إرميا ١: ٢ وحزقيال ١: ٣ وهوشع ١: ١ أعمال ٢: ١٦ هوشع ٤: ١ و٥: ١ ع ١٤ وأيوب ٨: ٨ ص ٢: ٢ وإرميا ٣٠: ٧ خروج ١٠: ٢ ومزمور ٧٨: ٤ ص ٢: ٢٥ وعاموس ٤: ٩ ناحوم ٣: ١٥ و١٦ إشعياء ٣٣: ٤
يذكر النبي ضربة الجراد والقيظ. يفهم البعض أن الكلام بخصوص الجراد مجاز أي أن الجراد يشير إلى أعداء من بني البشر. والأرجح أن ضربة الجراد حادثة حقيقية ولا بد من شيء من المبالغة في وصفها كالعادة في الشعر. والضربة عظيمة جداً وما لم يحدث نظيرها في الأجيال الماضية وهي ما يستحق الذكر في الأجيال القادمة.
ٱلْقَمَصِ (ع ٤) هو الدود الصغير أول ما يخرج من البيض وبعدما يكبر ويزحف يكون الزحاف وأول ما تطلع الأجنحة يكون الغوغاء وحينما يطير يكون الطيار. والكلام كله يدل على كثرة الجراد باختلاف أنواعه وعلى ضربات متواصلة وعلى دمار كامل والعدد أربعة (أربعة أنواع من الجراد) يدل على العمومية كما في إرميا ١٥: ٣ «وَأُوَكِّلُ عَلَيْهِمْ أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ يَقُولُ ٱلرَّبُّ» أي هلاك تام وفي زكريا ١: ١٨ «أَرْبَعَةِ قُرُونٍ» و٢٠ «أَرْبَعَةَ صُنَّاعٍ» وفي سفر الرؤيا ٤: ٦ و٧: ١ «أَرْبَعَةُ حَيَوَانَاتٍ... أَرْبَعَةَ مَلاَئِكَةٍ... أَرْبَعِ زَوَايَا ٱلأَرْضِ».
٥ - ٧ «٥ اُصْحُوا أَيُّهَا ٱلسَّكَارَى، وَٱبْكُوا وَوَلْوِلُوا يَا جَمِيعَ شَارِبِي ٱلْخَمْرِ عَلَى ٱلْعَصِيرِ لأَنَّهُ ٱنْقَطَعَ عَنْ أَفْوَاهِكُمْ. ٦ إِذْ قَدْ صَعِدَتْ عَلَى أَرْضِي أُمَّةٌ قَوِيَّةٌ بِلاَ عَدَدٍ، أَسْنَانُهَا أَسْنَانُ ٱلأَسَدِ، وَلَهَا أَضْرَاسُ ٱللَّبْوَةِ. ٧ جَعَلَتْ كَرْمَتِي خَرِبَةً وَتِينَتِي مُتَهَشِّمَةً. قَدْ قَشَرَتْهَا وَطَرَحَتْهَا فَٱبْيَضَّتْ قُضْبَانُهَا».
ص ٣: ٣ ع ٧ و١٢ ص ٢: ٢ و١١ و٢٥ عاموس ٤: ٩
أُمَّةٌ قَوِيَّةٌ (ع ٦) أي الجراد وهو كأمة بكثرته وبنظامه كجيش محارب. ويدعو الرب الأرض «أرضي» والكرمة «كرمتي» والتينة «تينتي» دليلاً على اهتمامه بأمور إسرائيل وهو شعبه الخاص. كانت ضربة الجراد من الرب والأرض المضروبة أرض الرب فكانت الضربة كضربة أب حنون لابنه المحبوب.
٨ - ١٢ «٨ نُوحِي يَا أَرْضِي كَعَرُوسٍ مُؤْتَزِرَةٍ بِمِسْحٍ مِنْ أَجْلِ بَعْلِ صِبَاهَا. ٩ ٱنْقَطَعَتِ ٱلتَّقْدِمَةُ وَٱلسَّكِيبُ عَنْ بَيْتِ ٱلرَّبِّ. نَاحَتِ ٱلْكَهَنَةُ خُدَّامُ ٱلرَّبِّ. ١٠ تَلِفَ ٱلْحَقْلُ، نَاحَتِ ٱلأَرْضُ لأَنَّهُ قَدْ تَلِفَ ٱلْقَمْحُ، جَفَّ ٱلْمِسْطَارُ ذَبُلَ ٱلزَّيْتُ. ١١ خَجِلَ ٱلْفَلاَّحُونَ. وَلْوَلَ ٱلْكَرَّامُونَ عَلَى ٱلْحِنْطَةِ وَعَلَى ٱلشَّعِيرِ لأَنَّهُ قَدْ تَلِفَ حَصِيدُ ٱلْحَقْلِ. ١٢ اَلْجَفْنَةُ يَبِسَتْ وَٱلتِّينَةُ ذَبُلَتْ. اَلرُّمَّانَةُ وَٱلنَّخْلَةُ وَٱلتُّفَّاحَةُ، كُلُّ أَشْجَارِ ٱلْحَقْلِ يَبِسَتْ. إِنَّهُ قَدْ يَبِسَتِ ٱلْبَهْجَةُ مِنْ بَنِي ٱلْبَشَرِ».
ع ١٣ وعاموس ٨: ١ ع ١٣ وص ٢: ١٤ وهوشع ٩: ٤ ص ٢: ١٧ إشعياء ٢٤: ٤ و٧ هوشع ٩: ٢ إرميا ١٤: ٤ وعاموس ٥: ١٦ إشعياء ١٧: :١١ وإرميا ٩: ١٢ حبقوق ٣: ١٧ و١٨ حجي ٢: ١٩ نشيد الأنشاد ٧: ٨ نشيد الأنشاد ٢: ٣ إشعياء ١٦: ١٠ و٢٤: ١١
الأرض مشبهة بعروس تنوح على بعل صباها. فإن الأرض كانت جميلة ومثمرة وسكانها منتظرين الراحة والسرور ثم أتتها ضربة الجراد فخربت خراباً تاماً.
ٱنْقَطَعَتِ ٱلتَّقْدِمَةُ (ع ٩) التقدمة في بيت الرب علامة اتحادهم مع الرب فهم شعبه وهو إلههم وليس لهم رجاء إلا به وإذا انقطعت التقدمة انقطعت هذه العلاقة وانقطع هذا الرجاء.
١٣، ١٤ «١٣ تَنَطَّقُوا وَنُوحُوا أَيُّهَا ٱلْكَهَنَةُ. وَلْوِلُوا يَا خُدَّامَ ٱلْمَذْبَحِ. ٱدْخُلُوا بِيتُوا بِٱلْمُسُوحِ يَا خُدَّامَ إِلٰهِي، لأَنَّهُ قَدِ ٱمْتَنَعَ عَنْ بَيْتِ إِلٰهِكُمُ ٱلتَّقْدِمَةُ وَٱلسَّكِيبُ. ١٤ قَدِّسُوا صَوْماً. نَادُوا بِٱعْتِكَافٍ. ٱجْمَعُوا ٱلشُّيُوخَ، جَمِيعَ سُكَّانِ ٱلأَرْضِ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ وَٱصْرُخُوا إِلَى ٱلرَّبِّ».
ع ٨ وإرميا ٤: ٨ وحزقيال ٧: ١٨ ع ٩ وص ٢: ١٧ إرميا ٩: ١٠ ١ملوك ٢١: ٢٧ ص ٢: ١٥ و١٦ ع ٢ يونان ٣: ٨
قَدِّسُوا صَوْماً (ع ١٤) عرفوا أن أرضهم هي أرض يعتني بها الرب إلههم وعيناه عليها دائماً من أول السنة إلى آخرها وهو يعطي المطر في حينه وعشباً للبهائم وعرفوا أيضاً أن الرب طالب منهم أن يعبدوه وحده وإذا زاغوا وعبدوا آلهة أخرى يحمى غضبه عليهم فلا يعطيهم المطر ولا غلة الأرض بل يأكل الجراد الغلة (انظر تثينة ١١: ١٢ و٢٨: ٣٨) وإذا تواضع الشعب وصلوا وطلبوا وجه الرب يسمع صلاتهم (انظر ٢أيام ٧: ١٣).
١٥ - ٢٠ «١٥ آهِ عَلَى ٱلْيَوْمِ، لأَنَّ يَوْمَ ٱلرَّبِّ قَرِيبٌ. يَأْتِي كَخَرَابٍ مِنَ ٱلْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. ١٦ أَمَا ٱنْقَطَعَ ٱلطَّعَامُ تُجَاهَ عُيُونِنَا؟ ٱلْفَرَحُ وَٱلٱِبْتِهَاجُ عَنْ بَيْتِ إِلٰهِنَا؟ ١٧ عَفَّنَتِ ٱلْحُبُوبُ تَحْتَ مَدَرِهَا. خَلَتِ ٱلأَهْرَاءُ. ٱنْهَدَمَتِ ٱلْمَخَازِنُ لأَنَّهُ قَدْ يَبِسَ ٱلْقَمْحُ. ١٨ كَمْ تَئِنُّ ٱلْبَهَائِمُ! هَامَتْ قُطْعَانُ ٱلْبَقَرِ لأَنْ لَيْسَ لَهَا مَرْعىً. حَتَّى قُطْعَانُ ٱلْغَنَمِ تَفْنَى. ١٩ إِلَيْكَ يَا رَبُّ أَصْرُخُ، لأَنَّ نَاراً قَدْ أَكَلَتْ مَرَاعِيَ ٱلْبَرِّيَّةِ، وَلَهِيباً أَحْرَقَ جَمِيعَ أَشْجَارِ ٱلْحَقْلِ. ٢٠ حَتَّى بَهَائِمُ ٱلصَّحْرَاءِ تَنْظُرُ إِلَيْكَ، لأَنَّ جَدَاوِلَ ٱلْمِيَاهِ قَدْ جَفَّتْ، وَٱلنَّارَ أَكَلَتْ مَرَاعِيَ ٱلْبَرِّيَّةِ».
إرميا ٣٠: ٧ وعاموس ٥: ١٦ ص ٢: ١ و١١ و٣١ إشعياء ١٣: ٦ وحزقيال ٧: ٢ - ١٢ إشعياء ٣: ٧ وعاموس ٤: ٦ و٧ تثنية ١٢: ٦ و٧ ومزمور ٤٣: ٤ إشعياء ١٧: ١٠ و١١ ١ملوك ١٨: ٥ وإرميا ١٢: ٤ و١٤: ٥ و٦ وهوشع ٤: ٣ مزمور ٥٠: ١٥ وميخا ٧: ٧ إرميا ٩: ١٠ وعاموس ٧: ٤ ع ١٨ ومزمور ١٠٤: ٢١ و١٤٧: ٩ ١ملوك ١٧: ٧ و١٨: ٥
يَوْمَ ٱلرَّبِّ يوم فيه يُظهر عظمته وعدله فيكون يوم انتصار لشعبه كيوم مديان (انظر قضاة ٧: ١٩: ٢٣) ويوم فيه ينتقم من أعدائه ويجازي مقاوميه إن كانوا من الأمم أو من شعبه. وهنا يوم فيه يحمى غضبه على شعبه. وتقدم النبي من وصف ضربة الجراد إلى ذكر يوم الرب لأنه عندما تكثر المصائب وتعظم الخطايا يظن الناس أن يوم الرب قريب. وينظر البعض إلى ذلك اليوم بالفرح والتعزية لأنهم يرجون الخلاص وأما غيرهم فبالخوف لأنهم ينتظرون مجازاة أعمالهم الشريرة.
تُجَاهَ عُيُونِنَا (ع ١٦) كانوا زرعوا حقولهم ونقوا كرومهم وكانت أثمارها أمام عيونهم والفرح والرجاء في قلوبهم ثم انقطع الكل وتحوّل الرجاء إلى اليأس.
عَفَّنَتِ ٱلْحُبُوبُ (ع ١٧) لم تفسد من الرطوبة بل من عدمها فجفت أو التفحت كما يظهر من القرينة فكان مع ضربة الجراد ضربة القيظ أيضاً. والجراد يكثر في زمان القيظ والحر وبعدما كان أكل كل الأعشاب كان منظر الحقول والبرية كأنها محترقة بالنار.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي


١ - ٣ «١ اِضْرِبُوا بِٱلْبُوقِ فِي صِهْيَوْنَ. صَوِّتُوا فِي جَبَلِ قُدْسِي. لِيَرْتَعِدْ جَمِيعُ سُكَّانِ ٱلأَرْضِ لأَنَّ يَوْمَ ٱلرَّبِّ قَادِمٌ، لأَنَّهُ قَرِيبٌ. ٢ يَوْمُ ظَلاَمٍ وَقَتَامٍ. يَوْمُ غَيْمٍ وَضَبَابٍ، مِثْلَ ٱلْفَجْرِ مُمْتَدّاً عَلَى ٱلْجِبَالِ. شَعْبٌ كَثِيرٌ وَقَوِيٌّ لَمْ يَكُنْ نَظِيرُهُ مُنْذُ ٱلأَزَلِ، وَلاَ يَكُونُ أَيْضاً بَعْدَهُ إِلَى سِنِي دَوْرٍ فَدَوْرٍ. ٣ قُدَّامَهُ نَارٌ تَأْكُلُ وَخَلْفَهُ لَهِيبٌ يُحْرِقُ. ٱلأَرْضُ قُدَّامَهُ كَجَنَّةِ عَدَنٍ وَخَلْفَهُ قَفْرٌ خَرِبٌ، وَلاَ تَكُونُ مِنْهُ نَجَاةٌ».
ع ١٥ وصفنيا ١: ١٦ ع ١١ و٣١ وص ١: ١٥ و٣: ١٤ ع ١١ و٣١ وص ١: ١٥ و٣: ١٤ ع ١١ و٣١ وصفنيا ١: ١٥ ع ١١ و٢٠ وص ١: ٦ ص ١: ٢ ومراثي ١: ١٢ ودانيال ٩: ١٢ و١٢: ١ مزمور ٣٧: ٢ وإشعياء ٩: ١٨ و١٩ إشعياء ٥١: ٣ وحزقيال ٣١: ٣٥ خروج ١٠: ٥ و١٥ ومزمور ١٠٥: ٣٤ و٣٥
يخاطب النبي الكهنة كما في (١: ١٣) ويكرر ويوضح ما في الأصحاح الأول. ويطلق الاسم صهيون على مدينة أورشليم ولا سيما الجبل الجنوبي الغربي من المدينة. وتُدعى أورشليم «جبل قدسي» لأن فيها الهيكل المخصص لعبادة الرب ويوم الرب (انظر ١: ١٥ وتفسيره) هو يوم القضاء وهذا اليوم أولاً يوم الضربة المذكورة وثانياً اليوم الأخير الذي فيه سيدين الله العالم. وفي كلام النبي في وصف الجراد مبالغة لأنه ناظر أيضاً إلى يوم الرب الأخير.
يَوْمُ ظَلاَمٍ (ع ٢) الجراد من كثرته مثل غيم وضباب. ومثل الفجر لأنه عند الفجر يظهر النور أولاً في رؤوس الجبال ثم ينزل ويمتد حتى يغطي الأرض كلها وهكذا الجراد فإنه يظهر أولاً من بعيد ثم يمتد ويغطي الأرض فالفجر المذكور ليس فجر يوم خير بل فجر يوم شر. والشعب الكثير والقوي هو الجراد وقدامه نار تأكل (١: ١٩ و٢٠) أي الجراد يأكل كل شيء فيكون منظر الكروم والمراعي كأنها محترقة بالنار. وهذه الضربة المخيفة رمز إلى يوم الرب الأخير «عِنْدَ ٱسْتِعْلاَنِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَعَ مَلاَئِكَةِ قُوَّتِهِ فِي نَارِ لَهِيبٍ، مُعْطِياً نَقْمَةً لِلَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ ٱللّٰهَ... ٱلَّذِينَ سَيُعَاقَبُونَ بِهَلاَكٍ أَبَدِيٍّ» (٢تسالونيكي ١: ٧ - ٩) ولا نجاة من الجراد وهكذا في اليوم الأخير لا نجاة من غضب الله «يُرْسِلُ ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ مَلاَئِكَتَهُ فَيَجْمَعُونَ مِنْ مَلَكُوتِهِ جَمِيعَ ٱلْمَعَاثِرِ وَفَاعِلِي ٱلإِثْمِ، وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ ٱلنَّارِ» (متى ١٣: ٤١ و٤٢).
٤ - ١١ «٤ كَمَنْظَرِ ٱلْخَيْلِ مَنْظَرُهُ، وَمِثْلَ ٱلأَفْرَاسِ يَرْكُضُونَ. ٥ كَصَرِيفِ ٱلْمَرْكَبَاتِ عَلَى رُؤُوسِ ٱلْجِبَالِ يَثِبُونَ. كَزَفِيرِ لَهِيبِ نَارٍ تَأْكُلُ قَشّاً. كَقَوْمٍ أَقْوِيَاءَ مُصْطَفِّينَ لِلْقِتَالِ. ٦ مِنْهُ تَرْتَعِدُ ٱلشُّعُوبُ. كُلُّ ٱلْوُجُوهِ تَجْمَعُ حُمْرَةً. ٧ يَجْرُونَ كَأَبْطَالٍ. يَصْعَدُونَ ٱلسُّورَ كَرِجَالِ ٱلْحَرْبِ، وَيَمْشُونَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرِيقِهِ وَلاَ يُغَيِّرُونَ سُبُلَهُمْ. ٨ وَلاَ يُزَاحِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً. يَمْشُونَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي سَبِيلِهِ، وَبَيْنَ ٱلأَسْلِحَةِ يَقَعُونَ وَلاَ يَنْكَسِرُونَ. ٩ يَتَرَاكَضُونَ فِي ٱلْمَدِينَةِ. يَجْرُونَ عَلَى ٱلسُّورِ. يَصْعَدُونَ إِلَى ٱلْبُيُوتِ. يَدْخُلُونَ مِنَ ٱلْكُوَى كَٱللِّصِّ. ١٠ قُدَّامَهُ تَرْتَعِدُ ٱلأَرْضُ وَتَرْجُفُ ٱلسَّمَاءُ. اَلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ يُظْلِمَانِ وَٱلنُّجُومُ تَحْجِزُ لَمَعَانَهَا. ١١ وَٱلرَّبُّ يُعْطِي صَوْتَهُ أَمَامَ جَيْشِهِ. إِنَّ عَسْكَرَهُ كَثِيرٌ جِدّاً. فَإِنَّ صَانِعَ قَوْلِهِ قَوِيٌّ، لأَنَّ يَوْمَ ٱلرَّبِّ عَظِيمٌ وَمَخُوفٌ جِدّاً، فَمَنْ يُطِيقُهُ؟»
رؤيا ٩: ٧ رؤيا ٩: ٩ إشعياء ٥: ٢٤ و٣٠: ٣٠ إشعياء ١٣: ٨ وناحوم ٢: ١٠ إرميا ٣٠: ٦ إشعياء ٥: ٢٦ و٢٧ ع ٩ أمثال ٣: ٢٧ وناحوم ٧ خروج ١٠: ٦ إشعياء ٩: ٢١ ص ٣: ١٦ ومزمور ١٨: ٧ وناحوم ١: ٥ ع ٣١ وص ٣: ١٥ وإشعياء ١٣: ١٠ و٣٤: ٤ وإرميا ٤: ٢٣ وحزقيال ٣٢: ٧ ص ٣: ١٦ ومزمور ٤٦: ٦ وإشعياء ١٣: ٤ ع ٢ و٢٥ إرميا ٥٠: ٣٤ ورؤيا ١٨: ٨ ع ١ و٣١ وص ١: ١٥ و٣: ١٤ حزقيال ٢٢: ١٤
كَمَنْظَرِ ٱلْخَيْلِ يشبّه العرب رأس الجرادة برأس فرس وصدرها بصدر أسد وبدنها ببدن عقرب ورجليها برجلي جمل وجناحيها بجناحي نسر.
كَصَرِيفِ ٱلْمَرْكَبَاتِ (ع ٥) (انظر رؤيا ٩: ٩) وقيل أيضاً إن صوت الجراد بطيرانه كصوت رياح قوية وصوت مياه كثيرة. وكصريف المركبات السائرة في الوعر. وكزفير لهيب نار تأكل القش أي صوت الجراد عند أكله. قال الدكتور تومسون المرسل الأميركاني إنه في سنة ١٨٤٥ أتى الزحاف أي جراد بلا أجنحة إلى قرية عبيه في لبنان وكان منظره كمنظر طوفان من الماء يغطي الأرض. وحفر الأهالي لإبادته الخنادق واضرموا فيها النار وضربوه بالعصي ولكن تعبهم ذهب عبثاً ولما وصل الجراد إلى بيت الحكيم فاندَيك صعد على الحائط ومرّ على السطوح ونزل كأن البيت حصاة في طريقه.
كَقَوْمٍ أَقْوِيَاءَ مشبّه بجيش منظم من العسكر ا(نظر أمثال ٣٠: ٢٧) «ٱلْجَرَادُ لَيْسَ لَهُ مَلِكٌ وَلٰكِنَّهُ يَخْرُجُ كُلُّهُ فِرَقاً فِرَقاً» (انظر ع ٧) «يَمْشُونَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرِيقِهِ وَلاَ يُغَيِّرُونَ سُبُلَهُمْ».
مِنْهُ تَرْتَعِدُ ٱلشُّعُوبُ (ع ٦) لأنهم يرون أتلاف مواسمهم وخيبة آمالهم وهلاكهم من الجوع ولا يقدرون أن يعملوا شيئاً لأن الجراد وإن كانت كل واحدة منه صغيرة وضعيفة فمن كثرته لا يُقاوم فإنه مهما قتلوا منه يبقى جيش لا يُعدّ. ولا ينكسرون (ع ٨) من كثرتهم وسرعة حركاتهم ووجودهم بالهواء وليس فقط على الأرض وامتدادهم كطوفان يغطي الأرض.
والكلام في ع ١٠ وع ١١ قوي جداً ولا يستقصي في وصف ضربة الجراد وإن كانت عظيمة. واستعمل يسوع ألفاظاً مثل هذه في نبوته في خراب أورشليم وفي يوم الدينونة الأخيرة (انظر متّى ٢٤: ٢٩ - ٣١) ولا يخفى أن في الكلام مبالغة شعرية. «وصَانِعَ قَوْلِهِ» (ع ١١) هو الرب الذي أمر بضربة الجراد وهو الذي سيدين العالم.
١٢ - ١٤ «١٢ وَلَكِنِ ٱلآنَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ: ٱرْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ، وَبِٱلصَّوْمِ وَٱلْبُكَاءِ وَٱلنَّوْحِ. ١٣ وَمَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ، وَٱرْجِعُوا إِلَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ لأَنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، بَطِيءُ ٱلْغَضَبِ وَكَثِيرُ ٱلرَّأْفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى ٱلشَّرِّ. ١٤ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ وَيَنْدَمُ، فَيُبْقِيَ وَرَاءَهُ بَرَكَةَ تَقْدِمَةٍ وَسَكِيباً لِلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ».
تثنية ٤: ٢٩ وحزقيال ٣٣: ١١ دانيال ٩: ٣ مزمور ٥١: ١٧ وإشعياء ٥٧: ١٥ إرميا ٤١: ٥ خروج ٣٤: ٦ إرميا ١٨: ٨ و٤٢: ١٠ وعاموس ٧: ٣ و٦ إرميا ٢٦: ٣ وعاموس ٥: ١٥ ويونان ١: ٦ و٣: ٩ وصفنيا ٢: ٣ حجي ٢: ١٩ ص ١: ٩ و١٣
يدعو الرب شعبه إلى التوبة وإذا سمعوا وتركوا خطاياهم ورجعوا إليه تتحول ضربة الجراد الهائلة إلى بركة فيقول الشعب كما قال المرنم (مزمور ١١٩: ٧١) «خَيْرٌ لِي أَنِّي تَذَلَّلْتُ لِكَيْ أَتَعَلَّمَ فَرَائِضَكَ» «بكل قلوبكم» فلا يتكلون على علامات التوبة كالصوم والبكاء ومزق الثياب (انظر إشعياء ٥٨: ٣ - ٥) انظر قول داود (مزمور ٥١: ١٧) «ٱلْقَلْبُ ٱلْمُنْكَسِرُ وَٱلْمُنْسَحِقُ يَا اَللّٰهُ لاَ تَحْتَقِرُهُ».
لأَنَّهُ رَؤُوفٌ الثقة بأن الله يغفر الخطية هي مما يحمل الخاطئ على التوبة ولولا هذا الرجاء كان يقسي قلبه ويزداد انغماساً بالخطية. وعلى كل واعظ أن يبيّن للسامعين عدل الله وغضبه على الخطاة ولا ينسى رحمته ومحبته للتائبين.
وَيَنْدَمُ (ع ١٤) لا يندم الرب كأنه جهل شيئاً أو غلط في شيء ولكنه يعدل عن إجراء أحكامه إذا رجع الناس عن خطاياهم كما تاب أهل نينوى عند مناداة يونان.
فَيُبْقِيَ وَرَاءَهُ نتيجة رجوعهم إلى الله ورجوعه إليهم هي الخلاص من ضربة الجراد ومنحه مواسم جيدة منها يقدمون له تقدمة وسكيباً.
١٥ - ٢٠ «١٥ اِضْرِبُوا بِٱلْبُوقِ فِي صِهْيَوْنَ. قَدِّسُوا صَوْماً. نَادُوا بِٱعْتِكَافٍ. ١٦ اِجْمَعُوا ٱلشَّعْبَ. قَدِّسُوا ٱلْجَمَاعَةَ. ٱحْشِدُوا ٱلشُّيُوخَ. ٱجْمَعُوا ٱلأَطْفَالَ وَرَاضِعِي ٱلثُّدِيِّ. لِيَخْرُجِ ٱلْعَرِيسُ مِنْ مِخْدَعِهِ وَٱلْعَرُوسُ مِنْ حَجَلَتِهَا. ١٧ لِيَبْكِ ٱلْكَهَنَةُ خُدَّامُ ٱلرَّبِّ بَيْنَ ٱلرِّوَاقِ وَٱلْمَذْبَحِ، وَيَقُولُوا: ٱشْفِقْ يَا رَبُّ عَلَى شَعْبِكَ وَلاَ تُسَلِّمْ مِيرَاثَكَ لِلْعَارِ حَتَّى تَجْعَلَهُمُ ٱلأُمَمُ مَثَلاً. لِمَاذَا يَقُولُونَ بَيْنَ ٱلشُّعُوبِ: أَيْنَ إِلٰهُهُمْ؟. ١٨ فَيَغَارُ ٱلرَّبُّ لأَرْضِهِ وَيَرِقُّ لِشَعْبِهِ. ١٩ وَيُجِيبُ ٱلرَّبُّ وَيَقُولُ لِشَعْبِهِ: هَئَنَذَا مُرْسِلٌ لَكُمْ قَمْحاً وَمِسْطَاراً وَزَيْتاً لِتَشْبَعُوا مِنْهَا، وَلاَ أَجْعَلُكُمْ أَيْضاً عَاراً بَيْنَ ٱلأُمَمِ. ٢٠ وَٱلشِّمَالِيُّ أُبْعِدُهُ عَنْكُمْ وَأَطْرُدُهُ إِلَى أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَمُقْفِرَةٍ. مُقَدَّمَتُهُ إِلَى ٱلْبَحْرِ ٱلشَّرْقِيِّ، وَسَاقَتُهُ إِلَى ٱلْبَحْرِ ٱلْغَرْبِيِّ، فَيَصْعَدُ نَتَنُهُ وَتَطْلُعُ زُهْمَتُهُ، لأَنَّهُ قَدْ تَصَلَّفَ فِي عَمَلِهِ».
ص ١: ١٤ و٢ملوك ١٠: ٢٠ وإرميا ٣٦: ٩ و١صموئيل ١٦: ١٢ وحزقيال ٨: ١٦ و٢أيام ٢٩: ٥ مزمور ١٩: ٥ ص ١: ٩ و٢أيام ٨: ١٢ وحزقيال ٨: ١٦ إشعياء ٣٧: ٢٠ وعاموس ٧: ٢ و٥ مزمور ٤٤: ١٣ و٧٤: ١٠ مزمور ٧٩: ١٠ و١١٥: ٢ زكريا ١: ١٤ و٨: ٢ إشعياء ٦٠: ١٠ و٦٣: ٩ و١٥ إرميا ٣١: ١٢ وهوشع ٢: ٢١ و٢٢ حزقيال ٣٤: ٢٩ و٣٦: ١٥ إرميا ١: ١٤ و١٥ زكريا ١٤: ٨ تثنية ١١: ٢٤ إشعياء ٣٤: ٣ وعاموس ٤: ١٠
اِجْمَعُوا ٱلشَّعْبَ (ع ١٦) الصلاة الجمهورية تؤثر في المجتمعين ولها مواعيد خصوصية ويدعو النبي جميع الرتب من الناس حتى الشيوخ والأطفال والعريس والعروس.
بَيْنَ ٱلرِّوَاقِ وَٱلْمَذْبَحِ (ع ١٧) أمام باب الهيكل وبينه وبين مذبح المحرقة الذي كان في دار الكهنة وكان الاجتماع في هذا المكان علامة اقترابهم إلى الله.
حَتَّى تَجْعَلَهُمُ ٱلأُمَمُ مَثَلاً فلا يستنتجون من مصائب اليهود أن إلههم تركهم أو أنه غير قادر على خلاصهم.
فَيَغَارُ ٱلرَّبُّ (ع ١٨) في الترجمة اليسوعية وغيرها «لقد غار الرب... ورق... وأجاب... وقال» أي الأفعال ماضية. فغار الرب وأجاب لما تاب الشعب وتضرعوا إليه.
مُرْسِلٌ لَكُمْ قَمْحاً (ع ١٩) يرسل لهم المطر ويجعل الأرض أن تأتي بأثمارها.
ٱلشِّمَالِيُّ (ع ٢٠) أي الجراد وكثيراً ما دخل أرض إسرائيل من الشرق والجنوب وأحياناً من الشمال عن طريق حلب وحماه وتسمية الجراد بالاسم «الشمالي» موافقة هنا لأن أعداء إسرائيل كالكلدانيين والأشوريين أتوا على طريق نهر الفرات وحلب والبقاع بين لبنان الشرقي ولبنان الغربي فدخلوا فلسطين من الشمال. والبحر الشرقي هو بحر لوط والغربي هو البحر المتوسط. قال هيرونموس إنه في زمانه (في القرن الرابع) زال الجراد على هذا الطريقة أي سقط البعض في بحر لوط والبعض في البحر المتوسط. فنرى في هذه النبوة ثلاثة مواضيع الأول منها ضربة الجراد والثاني تعديات أعداءهم والثالث يوم الرب. وثلاثة مواعيد أيضاً وهي الخلاص من الجراد والخلاص من أعدائهم وحلول الروح القدس. وهذه المواضيع مرتبكة مع بعضها. فتذكر النبوة الجراد كأنه جيش من الناس وتذكر عظم الضربة كأنها يوم الرب. و«تصلف في عمله». أي الجراد بالمعنى الأول والأعداء من البشر بالمعنى الثاني.
٢١ - ٢٧ «٢١ لاَ تَخَافِي أَيَّتُهَا ٱلأَرْضُ. ٱبْتَهِجِي وَٱفْرَحِي لأَنَّ ٱلرَّبَّ يُعَظِّمُ عَمَلَهُ. ٢٢ لاَ تَخَافِي يَا بَهَائِمَ ٱلصَّحْرَاءِ، فَإِنَّ مَرَاعِيَ ٱلْبَرِّيَّةِ تَنْبُتُ، لأَنَّ ٱلأَشْجَارَ تَحْمِلُ ثَمَرَهَا، ٱلتِّينَةُ وَٱلْكَرْمَةُ تُعْطِيَانِ قُوَّتَهُمَا. ٢٣ وَيَا بَنِي صِهْيَوْنَ ٱبْتَهِجُوا وَٱفْرَحُوا بِٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ، لأَنَّهُ يُعْطِيكُمُ ٱلْمَطَرَ ٱلْمُبَكِّرَ عَلَى حَقِّهِ، وَيُنْزِلُ عَلَيْكُمْ مَطَراً مُبَكِّراً وَمُتَأَخِّراً فِي أَوَّلِ ٱلْوَقْتِ، ٢٤ فَتُمْلأُ ٱلْبَيَادِرُ حِنْطَةً، وَتَفِيضُ حِيَاضُ ٱلْمَعَاصِرِ خَمْراً وَزَيْتاً. ٢٥ وَأُعَوِّضُ لَكُمْ عَنِ ٱلسِّنِينَ ٱلَّتِي أَكَلَهَا ٱلْجَرَادُ، ٱلْغَوْغَاءُ وَٱلطَّيَّارُ وَٱلْقَمَصُ جَيْشِي ٱلْعَظِيمُ ٱلَّذِي أَرْسَلْتُهُ عَلَيْكُمْ. ٢٦ فَتَأْكُلُونَ أَكْلاً وَتَشْبَعُونَ وَتُسَبِّحُونَ ٱسْمَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمُ ٱلَّذِي صَنَعَ مَعَكُمْ عَجَباً، وَلاَ يَخْزَى شَعْبِي إِلَى ٱلأَبَدِ. ٢٧ وَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا فِي وَسَطِ إِسْرَائِيلَ، وَأَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ وَلَيْسَ غَيْرِي. وَلاَ يَخْزَى شَعْبِي إِلَى ٱلأَبَدِ».
إشعياء ٥٤: ٤ إرميا ٣٠: ١٠ وصفنيا ٣: ١٦ و١٧ ع ٢٦ ومزمور ١٢٦: ٣ ص ١: ١٨ - ٢٠ ومزمور ٦٥: ١٢ و١٣ مزمور ١٤٩: ٢ إشعياء ١٢: ٢ - ٦ تثنية ١١: ١٤ وإرميا ٥: ٢٤ هوشع ٦: ٣ وزكريا ١٠: ١ لاويين ٢٦: ١٠ وعاموس ٩: ١٣ وملاخي ٣: ١٠ ع ٢: ١١ وص ١: ٤ - ٧ تثنية ١١: ١٥ وإشعياء ٦٢: ٩ تثنية ١٢: ٧ ومزمور ٦٧: ٥ - ٧ مزمور ١٢٦: ٢ و٣ وإشعياء ٢٥: ١ إشعياء ٤٥: ١٧ (ص ٣: ١ في العبراني) إشعياء ٣: ١٧ و٢١ إشعياء ٤٥: ٥ و٦ إشعياء ٤٩: ٢٣
كما تصلف العدو في عمله هكذا يعظّم الرب عمله. وكما اشتركت الطبيعة في المصائب الناتجة عن خطية الإنسان هكذا تشترك أيضاً في البركات الناتجة عن غفران خطيته.
فِي أَوَّلِ ٱلْوَقْتِ (ع ٢٣) المطر المبكر هو المطر بالخريف في وقت الزرع والمطر المتأخر هو المطر في الربيع الذي يُنمي الزرع والوعد هو أن الأمطار لا تتأخر عن أوقاتها.
لاَ يَخْزَى شَعْبِي إِلَى ٱلأَبَدِ (ع ٢٦) يشير هذا الوعد أولاً إلى زوال ضربة الجراد ورجوع أثمار الأرض وثانياً إلى الخلاص من الخطية والرجوع إلى الله. والمواعيد بالخيرات الزمنية تحت شرط الطاعة (انظر تكوين ١٨: ١٩ وتثنية ٣٠: ١٥ - ٢٠) وكثيراً ما سقطوا بالخطية وخسروا هذه الخيرات لفساد قلوبهم ولكن الرب وعدهم بقلوب جديدة وحلول الروح القدس (انظر حزقيال ٣٦: ٢٥ - ٢٧ ورومية ١١: ٢٦).
٢٨ - ٣٢ «٢٨ وَيَكُونُ بَعْدَ ذٰلِكَ أَنِّي أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ، وَيَحْلَمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَماً، وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤىً. ٢٩ وَعَلَى ٱلْعَبِيدِ أَيْضاً وَعَلَى ٱلإِمَاءِ أَسْكُبُ رُوحِي فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ ٣٠ وَأُعْطِي عَجَائِبَ فِي ٱلسَّمَاءِ وَٱلأَرْضِ، دَماً وَنَاراً وَأَعْمِدَةَ دُخَانٍ. ٣١ تَتَحَوَّلُ ٱلشَّمْسُ إِلَى ظُلْمَةٍ وَٱلْقَمَرُ إِلَى دَمٍ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ يَوْمُ ٱلرَّبِّ ٱلْعَظِيمُ ٱلْمَخُوفُ. ٣٢ وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ يَنْجُو. لأَنَّهُ فِي جَبَلِ صِهْيَوْنَ وَفِي أُورُشَلِيمَ تَكُونُ نَجَاةٌ. كَمَا قَالَ ٱلرَّبُّ. وَبَيْنَ ٱلْبَاقِينَ مَنْ يَدْعُوهُ ٱلرَّبُّ».
ع ٢٨ - ٣٢ وأعمال ٢: ١٧ - ٢١ إشعياء ٣٢: ١٥ و٤٤: ٣ وحزقيال ٣٩: ٢٩ إشعياء ٤٠: ٥ و٤٩: ٦ و١كورنثوس ١٢: ١٣ لوقا ٢١: ١١ و٢٥ و٢٦ وأعمال ٢: ١٩ ع ١٠ وص ٣: ١٥ وإشعياء ١٣: ٩ و١٠ و٣٤: ٤ ومتّى ٢٤: ٢٩ ومرقس ١٣: ٢٤ وأعمال ٢: ٢٠ (ص ٤: ١ في العبراني) صفنيا ١: ١٤ - ١٦ وملاخي ٤: ١ و٥ إرميا ٣٣: ٣ وأعمال ٢: ٢١ ورومية ١٠: ١٣ إشعياء ٤: ٢ وعوبديا ١٧
بَعْدَ ذٰلِكَ (انظر زكريا ١٣: ١ و٢) أي بعد الأمور المذكورة بهذه النبوة بعد نهاية العهد القديم تمت هذه النبوة يوم الخمسين كما قال بطرس الرسول (انظر أعمال ٢: ١٧) في العهد القديم سكب الله روحه على بعض الناس المدعوين لخدمة خصوصية كالأنبياء والقضاة والملوك وأما الوعد الجديد فهو أن الروح يحل على كل بشر الشيوخ والشباب حتى وعلى العبيد والإماء أيضاً فيمتلئون جميعاً من الروح القدس ويفهمون ما لم يقدر أن يفهمه شعب الله القديم ويعملون من الأعمال الصالحة ما لم يعمله القدماء. ولا حد للمواهب الروحية إلا الحدود التي نجعلها لأنفسنا بضعف إيماننا (انظر ١يوحنا ٢: ٢٧) ونرى في أيامنا أن بعض العظماء في الأعمال الروحية كانوا من أصل دني في الأمور العالمية.
وَأُعْطِي عَجَائِبَ (ع ٣٠) كتجسد المسيح وظهور النجم للمجوس وتسبيحة الملائكة في آذان الرعاة والعجائب الكثيرة التي عملها يسوع ورسله والظلمة وانشقاق حجاب الهيكل والزلزلة وقيامة بعض الأموات عند موت يسوع على الصليب وقيامة المسيح وتجديد القلوب وقيامة ملايين من موت الخطايا إلى الحياة الروحية (انظر ١كورنثوس ٦: ١١ وأفسس ٢: ١ - ١٠) والدم والنار وأعمدة الدخان وتحويل القمر إلى دم هي ألفاظ شعرية تشير إلى حروب ومصائب عظيمة كخراب أورشليم وسقوط المملكة الرومانية.
قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ يَوْمُ ٱلرَّبِّ (ع ٣١) يوم الدينونة الأخيرة. والنبوة ليست بحلول الروح القدس يوم الخمسين فقط بل بأعمال الروح في قلوب المؤمنين وفي العالم كل الأيام وكل الآجال. وكذلك العجائب المذكورة ليست فقط ما حدث في زمان المسيح ورسله بل أيضاً أعمال الله العجيبة كلها. وكان يوم الخمسين بداية أعمال الروح العظيمة في كل بشر. وظن القدماء حتى الأنبياء والرسل أيضاً أن يوم الرب قريب.
فِي أُورُشَلِيمَ تَكُونُ نَجَاةٌ (ع ٣٢) ليس حرفياً لأن مدينة أورشليم سقطت مرات كثيرة بل أورشليم كناية عن الكنيسة الجامعة وأورشليم كمركز التبشير الأول والمكان الذي فيه كمل عمل الفداء بصلب يسوع. وليس الوعد من النبي بل «كما قال الرب».
وَبَيْنَ ٱلْبَاقِينَ أولاً الذين رجعوا من السبي وهم قليلون بالنسبة إلى جميع الشعب. وثانياً المختارون من اليهود والأمم وهم كثيرون وسيكثرون عند انتشار الإنجيل في كل ممالك العالم في الأجيال القادمة (انظر رؤيا ٧: ٩) ويوئيل وغيره من القدماء نظروا إلى الناجين من السبي أو إلى الأتقياء من اليهود دون اليهود غير المؤمنين.
مَنْ يَدْعُوهُ ٱلرَّبُّ اختار الله أناساً للحياة وجميع المختارين سيخلصون. وقيل سابقاً «إن كل من يدعو باسم الرب ينجو». أي الاختيار هو للرب وأما الإيمان فهو لنا. وعلى كل منا أن يؤمن ولا يرتاب في أمر الاختيار. ويجوز لنا أن نعظ كل إنسان ونبشره بالخلاص بالإيمان والمسيح يقبل كل من يُقبل إليه «مَنْ يَسْمَعْ فَلْيَقُلْ: تَعَالَ. وَمَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْتِ. وَمَنْ يُرِدْ فَلْيَأْخُذْ مَاءَ حَيَاةٍ مَجَّاناً» (رؤيا ٢٢: ١٧).

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ


كان النبي نظر إلى أيام المسيح وانسكاب الروح القدس على كل بشر ونجاة كل من يدعو باسم الرب (انظر ٢: ٢٨ - ٣٢) وأما هنا فينظر إلى شعب اليهود ورد سبيهم ومحاكمة أعدائهم ومجازاتهم الهائلة فيسكن الإسرائيليون مطمئنين وتخصب أرضهم وأما أرض أعداءهم فللخراب وهذه النبوة لم تتم ولن تتم حرفياً ومن تعليم العهد الجديد أن الله يحب العالم أجمع وليس شعب اليهود وحدهم ومات المسيح ليخلص العالم وحينما يقف جميع الشعوب أمام عرش ابن الإنسان في اليوم الأخير (انظر متّى ٢٥: ٣١ - ٤٦) يكون عن يمينه خرافه إن كانوا من اليهود أو من الأمم وعن يساره الجداء إن كانوا من اليهود أو من الأمم وأمام العرش في السماء (انظر رؤيا ٧: ٩ و١٠) سيقف جمع كثير من الأمم والقبائل والشعوب يهوداً وغير يهود متسربلين بثياب بيض يسبّحون إله خلاصهم. وأما يوئيل وغيره من الأتقياء فقد آمنوا بانتصار شعب الله ولكنهم لم يفهموا أن شعب الله هم جميع المؤمنين وانتصارهم هو انتصار روحي.
١ - ٨ «١ لأَنَّهُ هُوَذَا فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ وَفِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ، عِنْدَمَا أَرُدُّ سَبْيَ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ، ٢ أَجْمَعُ كُلَّ ٱلأُمَمِ وَأُنَزِّلُهُمْ إِلَى وَادِي يَهُوشَافَاطَ وَأُحَاكِمُهُمْ هُنَاكَ عَلَى شَعْبِي وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ بَدَّدُوهُمْ بَيْنَ ٱلأُمَمِ وَقَسَمُوا أَرْضِي، ٣ وَأَلْقَوْا قُرْعَةً عَلَى شَعْبِي، وَأَعْطَوُا ٱلصَّبِيَّ لِزَانِيَةٍ، وَبَاعُوا ٱلْبِنْتَ بِخَمْرٍ لِيَشْرَبُوا. ٤ وَمَاذَا أَنْتُنَّ لِي يَا صُورُ وَصَيْدُونُ وَجَمِيعَ دَائِرَةِ فِلِسْطِينَ؟ هَلْ تُكَافِئُونَنِي عَنِ ٱلْعَمَلِ، أَمْ هَلْ تَصْنَعُونَ بِي شَيْئاً؟ سَرِيعاً بِٱلْعَجَلِ أَرُدُّ عَمَلَكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ. ٥ لأَنَّكُمْ أَخَذْتُمْ فِضَّتِي وَذَهَبِي وَأَدْخَلْتُمْ نَفَائِسِي ٱلْجَيِّدَةَ إِلَى هَيَاكِلِكُمْ. ٦ وَبِعْتُمْ بَنِي يَهُوذَا وَبَنِي أُورُشَلِيمَ لِبَنِي ٱلْيَاوَانِيِّينَ لِتُبْعِدُوهُمْ عَنْ تُخُومِهِمْ. ٧ هَئَنَذَا أُنْهِضُهُمْ مِنَ ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي بِعْتُمُوهُمْ إِلَيْهِ، وَأَرُدُّ عَمَلَكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ. ٨ وَأَبِيعُ بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ بِيَدِ بَنِي يَهُوذَا لِيَبِيعُوهُمْ لِلسَّبَائِيِّينَ، لأُمَّةٍ بَعِيدَةٍ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمَ».
إرميا ١٦: ١٥ إشعياء ٦٦: ١٨ وميخا ٤: ١٢ ع ١٢ و١٤ إشعياء ٦٦: ١٦ وإرميا ٢٥: ٣١ إرميا ٥: ١٧ وحزقيال ٣٤: ٦ حزقيال ٣٥: ١٠ و٣٦: ١ - ٥ عوبديا ١١ وناحوم ٣: ١٠ عاموس ٢: ٦ عاموس ١: ٩ و١٠ وزكريا ٩: ٢ - ٤ عاموس ١: ٦ - ٨ وزكريا ٩: ٥ - ٧ حزقيال ٢٥: ١٢ - ١٧ إشعياء ٣٤: ٨ و٥٩: ١٨ و٢ملوك ١٢: ١٨ و٢أيام ٢١: ١٦ و١٧ ع ٣ وحزقيال ٢٧: ١٣ زكريا ٩: ١٣ و١صموئيل ١٥: ٣٣ إشعياء ١٤: ٢ و٦٠: ١٤ أيوب ١: ١٥ ومزمور ٧٢: ١٠ وحزقيال ٣٨: ١٣
هُوَذَا كلمة تشير إلى أهمية الكلام الآتي «وتلك الأيام» هي الأيام المشار إليها في (٢٠: ٢٨).
وَادِي يَهُوشَافَاطَ (ع ٢) (انظر زكريا ١٤: ٤) معنى لفظة يهوشافاط «يهوه يقضي» (انظر ع ١٤) ولعله إشارة إلى انتصار يهوشافاط العظيم على بني عمون والموآبيين والأدوميين (انظر ٢أيام ص ٢٠) ولكن الكلام مجاز لا ذكر مكان حقيقي وبه يعبر النبي عن محاكمة الله أعداء شعبه. وبين أورشليم وجبل الزيتون وادٍ باسم «وادي قدرون» (انظر ٢صموئيل ١٥: ٢٣ و١ملوك ١٥: ١٣ ويونان ١٨: ١) وفي القرن الرابع المسيحي تسمى هذا الوادي «وادي يهوشافاط» ويزعم البعض أن الدينونة الأخيرة تكون في هذا المكان.
بَدَّدُوهُمْ بَيْنَ ٱلأُمَمِ وَقَسَمُوا أَرْضِي يقول الرب شعبي وميراثي وأرضي. أي كل ما أصاب شعبه أصابه هو.
وَأَلْقَوْا قُرْعَةً (ع ٣) (انظر ناحوم ٣: ١٠) اعتبروا الإسرائيليين لا كرجال ونساء بل كأملاك تُشترى وتباع وتُلقى عليها قرعة. كان الذين يلعبون بالقمار يراهنون على أسرى من اليهود كما يراهنون على نقود وكانوا يبيعون ويشترون بالمبادلة أي صبي بزانية وبنت بقدح خمر الخ دليلاً على احتقارهم لليهود. وأهل صور وصيدون ودائرة فلسطين هم الذين كانوا بددوا شعب الله وقسموا أرضه (ع ٢).
وَمَاذَا أَنْتُنَّ لِي (ع ٤) أي هل ظلمهم الله أو شعبه حتى يكافئوه وإذا ادعوا بذلك وتعدوا على شعب الله قائلين نكافئهم عما عملوا معنا سريعاً يرد عملهم على رؤوسهم. ويقول الرب (ع ٥) «فضتي» «ذهبي» «نفائسي» فيصرّح باتحاده مع شعبه.
إِلَى هَيَاكِلِكُمْ أي فضة الرب وذهبه صارت في هياكل الأصنام. والفضة والذهب المذكورة هي أموال إسرائيل المسلوبة وليس فقط آنية الهيكل. نسب الوثنيون نجاحهم إلى أصنامهم كما نسبوا نجاح إسرائيل إلى إلههم (انظر ١صموئيل ٤: ٧ - ٩) فكانت الحروب كأنها بين آلهتهم وبين الرب.
ٱلْيَاوَانِيِّينَ (ع ٦) هم اليونانيون. قيل إنه كان في مدينة أثينا نحو ٤٠٠٠٠٠ من العبيد وفي مدينة كورنثوس نحو ٤٦٠٠٠٠ وفي مدينة ديلوس كانوا يبيعون نحو ١٠٠٠٠ عبد يومياً. وكان أهل صور وصيدون تجاراً بالعبيد وإذا حدث حرب في مكان كانوا يتبعون الجيوش وفضتهم بأيديهم ليشتروا الأسرى ثم يرسلوهم إلى بلاد اليونان ويعرضوهم للبيع.
أَرُدُّ عَمَلَكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ (ع ٧) للرب النقمة فهو يجازي وليس الإنسان. لما أخذ اسكندر مدينة صور باع من أهل صور ١٣٠٠٠ أسير.
لِلسَّبَائِيِّينَ (ع ٨) سكنوا في بلاد العرب في الشرق الأقصى.
٩ - ١٣ «٩ نَادُوا بِهٰذَا بَيْنَ ٱلأُمَمِ. قَدِّسُوا حَرْباً. أَنْهِضُوا ٱلأَبْطَالَ. لِيَتَقَدَّمْ وَيَصْعَدْ كُلُّ رِجَالِ ٱلْحَرْبِ. ١٠ اِطْبَعُوا سِكَّاتِكُمْ سُيُوفاً وَمَنَاجِلَكُمْ رِمَاحاً. لِيَقُلِ ٱلضَّعِيفُ: بَطَلٌ أَنَا! ١١ أَسْرِعُوا وَهَلُمُّوا يَا جَمِيعَ ٱلأُمَمِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ وَٱجْتَمِعُوا. إِلَى هُنَاكَ أَنْزِلْ يَا رَبُّ أَبْطَالَكَ. ١٢ تَنْهَضُ وَتَصْعَدُ ٱلأُمَمُ إِلَى وَادِي يَهُوشَافَاطَ، لأَنِّي هُنَاكَ أَجْلِسُ لأُحَاكِمَ جَمِيعَ ٱلأُمَمِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. ١٣ أَرْسِلُوا ٱلْمِنْجَلَ لأَنَّ ٱلْحَصِيدَ قَدْ نَضَجَ. هَلُمُّوا دُوسُوا لأَنَّهُ قَدِ ٱمْتَلأَتِ ٱلْمِعْصَرَةُ. فَاضَتِ ٱلْحِيَاضُ لأَنَّ شَرَّهُمْ كَثِيرٌ».
إرميا ٥١: ٢٧ و٢٨ إرميا ٦: ٤ وميخا ٣: ٥ إشعياء ٨: ٩ و١٠ وإرميا ٤٦: ٣ و٤ وزكريا ١٤: ٢ و٣ إشعياء ٢: ٤ وميخا ٤: ٣ حزقيال ٣٨: ١٥ و١٦ وصفنيا ٣: ٨ إشعياء ١٣: ٣ ع ٢ مزمور ٧: ٦ و٩٨: ٩ وإشعياء ٣: ١٣ إرميا ٥١: ٣٣ وهوشع ٦: ١١ إشعياء ٦٣: ٣ ومراثي ١: ١٥ تكوين ١٨: ٢٠
يقول النبي لليهود أن ينادوا للأمم أن يجتمعوا ويستعدوا لمحاربة الرب (انظر إشعياء ٨: ٩ و١٠ ورؤيا ٢٠: ٧ - ١٠) يجتمعون وينكسرون فيتمجد الله فيهم.
قَدِّسُوا حَرْباً كان الوثنيون يقدمون لأصنامهم ذبائح وتقدمات استعداداً للحرب.
اِطْبَعُوا سِكَّاتِكُمْ سُيُوفاً (ع ١٠) عكس ما قال إشعياء (٢: ٤) وميخا (٤: ٣) «يَطْبَعُونَ سُيُوفَهُمْ سِكَكاً». ليجتمع الجميع حتى الضعيف فينضم هو أيضاً إلى الأبطال. في مقاومة الله البطل ضعيف وفي خدمة الله الضعيف بطل.
أَنْزِلْ يَا رَبُّ أَبْطَالَكَ (ع ١١) الملائكة.
أَرْسِلُوا ٱلْمِنْجَلَ (ع ١٣) قال المسيح إن الملائكة هم الحصادون (انظر متّى ١٣: ٣٠ و٣٩) والحصيد قد نضج لأن شرور الناس قد كملت ووصلت إلى درجة لا تُحتمل كما في أيام الطوفان وانقلاب سدوم وعمورة واستئصال الكنعانيين في زمان يشوع.
١٤ - ٢١ «١٤ جَمَاهِيرُ جَمَاهِيرُ فِي وَادِي ٱلْقَضَاءِ، لأَنَّ يَوْمَ ٱلرَّبِّ قَرِيبٌ فِي وَادِي ٱلْقَضَاءِ. ١٥ اَلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ يَظْلُمَانِ، وَٱلنُّجُومُ تَحْجِزُ لَمَعَانَهَا. ١٦ وَٱلرَّبُّ مِنْ صِهْيَوْنَ يُزَمْجِرُ. وَمِنْ أُورُشَلِيمَ يُعْطِي صَوْتَهُ، فَتَرْجُفُ ٱلسَّمَاءُ وَٱلأَرْضُ. وَلَكِنَّ ٱلرَّبَّ مَلْجَأٌ لِشَعْبِهِ وَحِصْنٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. ١٧ فَتَعْرِفُونَ أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ، سَاكِناً فِي صِهْيَوْنَ جَبَلِ قُدْسِي. وَتَكُونُ أُورُشَلِيمُ مُقَدَّسَةً وَلاَ يَجْتَازُ فِيهَا ٱلأَعَاجِمُ فِي مَا بَعْدُ. ١٨ وَيَكُونُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أَنَّ ٱلْجِبَالَ تَقْطُرُ عَصِيراً، وَٱلتِّلاَلَ تَفِيضُ لَبَناً، وَجَمِيعَ يَنَابِيعِ يَهُوذَا تَفِيضُ مَاءً، وَمِنْ بَيْتِ ٱلرَّبِّ يَخْرُجُ يَنْبُوعٌ وَيَسْقِي وَادِي ٱلسَّنْطِ. ١٩ مِصْرُ تَصِيرُ خَرَاباً، وَأَدُومُ تَصِيرُ قَفْراً خَرِباً مِنْ أَجْلِ ظُلْمِهِمْ لِبَنِي يَهُوذَا ٱلَّذِينَ سَفَكُوا دَماً بَرِيئاً فِي أَرْضِهِمْ. ٢٠ وَلَكِنَّ يَهُوذَا تُسْكَنُ إِلَى ٱلأَبَدِ، وَأُورُشَلِيمَ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. ٢١ وَأُبَرِّئُ دَمَهُمُ ٱلَّذِي لَمْ أُبَرِّئْهُ، وَٱلرَّبُّ يَسْكُنُ فِي صِهْيَوْنَ».
إشعياء ٣٤: ٢ - ٨ ع ٢ و١٢ ص ١: ١٥ و٢: ١ و١١ و٣١ ص ٢: ١٠ و٣١ هوشع ١١: ١٠ وعاموس ١: ٢ ص ٢: ١١ ص ٢: ١٠ وحزقيال ٣٨: ١٩ وحجي ٢: ٦ مزمور ٦١: ٣ وإشعياء ٣٣: ١٦ وإرميا ١٧: ١٧ إرميا ١٦: ١٩ وناحوم ١: ٧ ع ٢١ وص ٢: ٢٧ إشعياء ١١: ٩ و٥٦: ٧ وحزقيال ٢٠: ٤٠ إشعياء ٤: ٣ وعوبديا ١٧ إشعياء ٥٢: ١ وناحوم ١: ١٥ عاموس ٩: ١٣ خروج ٣: ٨ إشعياء ٣: ٢٥ و٣٥: ٦ حزقيال ٤٧: ١ - ١٢ عدد ٢٥: ١ وحزقيال ٤٧: ٨ عوبديا ١٠ حزقيال ٣٧: ٢٥ وعاموس ٩: ١٥ إشعياء ٤: ٤ وحزقيال ٣٦: ٢٥ ع ١٧
ما أكثر الجماهير من جميع الأمم ومن كل الأجيال الذين سيقفون أمام كرسي المسيح في اليوم الأخير ووادي القضاء هو وادي يهوشافاط المذكور في (ع ٢). ويوم الرب قريب ليس كما نحن نحسب الوقت بل قريب للنبي في الرؤيا وقريب أيضاً بما أن مجيئه أكيد وعلى الناس أن يستعدوا له الآن.
اَلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ الخ (ع ١٥) هي العجائب المقترنة بمجيء اليوم الأخير. وبوصفها مبالغة شعرية (انظر ٢بطرس ٣: ١٠ و١تسالونيكي ٤: ١٦).
تَكُونُ أُورُشَلِيمُ مُقَدَّسَةً (ع ١٧) لن يدخلها شيء دنس. والأعاجم هم الظالمون والمجدفون وهم غرباء عن أهل بيت الله (انظر رؤيا ٢٢: ١٥).
في ع ١٨ - ٢١ وصف بركات ملكوت المسيح بألفاظ وتشبيهات مفهومة عند اليهود (انظر حزقيال ٤٧: ١ - ١٢ وزكريا ١٤: ٨) ومصدر هذه الخيرات هو الكنيسة التي يسوع المسيح رأسها. ووادي السنط هو وادي شطيم (انظر عدد ٢٥: ١) شرقي بحر لوط وهو كناية عن أماكن بعيدة ومحتاجة فإن بركات الإنجيل ستصل إليها ومصر وأدوم كناية عن كل أعداء الله. فيُنصف الله شعبه ولو تمهّل عليهم.
وكلام هذا الأصحاح مجاز وشعر وهو فصيح ومؤثر. وإذا أضفنا إليه تعليم العهد الجديد نقول:

  • يوجد في كل جيل الذين يقاومون الحق والمقاومة تارة مقاومة جسدية كالحروب الدينية وأعمال ديوان التفتيش والاضطهاد على اختلاف أنواعه وتارة مقاومة بوسائط عقلية شفاهاً وكتابة وتارة مقاومة بواسطة تجارب للخطية كترك الإيمان ومحبة المال وطلب المجد العالمي والشهوات الجسدية. وأنواع المقاومة تختلف في كل جيل وفي كل مكان.
  • إن المؤمنين بالله لا يخافون من المقاومين بل يقولون لهم تعالوا قدموا ما عندكم من الحجج فإن المقاومة الجسدية ليست قادرة على النفس. والكفر ليس قادراً على الحق وكل تجارب العالم لا تؤثر في المؤمنين ما داموا متحدين مع الرب وهو لا يتركهم.
  • إننا نطلب ملاشاة الكفر وكل أنواع الخطية ولكننا لا نطلب ملاشاة الناس بل خلاصهم والانتصار المطلوب هو انضمام المقاومين إلى شعب الله وتحويل بغضهم إلى المحبة كما انتصر بطرس وسائر الرسل يوم الخمسين لما انضم إلى الكنيسة ألوف من من مقاومي يسوع.
  • كان ليوئيل وأتقياء يومه إيمان ثابت بهذا الانتصار مع أنهم لم يفهموا كيفيته.