صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 11 إلى 13 من 13

الموضوع: تفسير سفر دانيال للقس انطونيوس فكرى

  1. #11
    الاصحاح العاشر
    الإصحاحات من العاشر حتى الثاني عشر، هي نبوة واحدة، أظهرها الله لمصلحة الكنيسة ليس بالرموز والعلامات كما سبق في رؤيا الحيوانات أو حلم نبوخذ نصر، لكنها تأتي هنا بصورة واضحة وكلمات محددة كمن يَقُّصْ تاريخاً قد حدث، أو يحكى قصة رآها. وقد أُعْطِيت لدانيال هذه الرؤيا بعد سنتين من عودة اليهود من السبي. وسبب إعطاء دانيال هذه النبوة. هذه الرؤيا تبدأ بالأحداث في زمن دانيال وتستمر حتى نهاية الأيام. ولا يستطيع سوى الله أن يخبر عن المستقبل بهذه الدقة البالغة وهو يخبرنا بالمستقبل لنثق فيه كإله فيزداد إيماننا به ونضع ثقتنا فيه خصوصا في أيام الضيقة العظيمة حين يظهر ضد المسيح. بل الله يتحدى أن يفعل ذلك ويخبر بالمستقبل أي أحد سواه (راجع إش21:41-24). والسيد المسيح يقول "قلت لكم الآن قبل أن يكون حتى متى كان تؤمنون" (يو29:14). وليس فقط ليزداد إيماننا بل حينما نعرف أن الله يعرف تفاصيل المستقبل فهو بالتالي قادر على التحكم فيه وهذا يعطينا إطمئناناً. وهذه الإصحاحات تشمل علامات نستدل منها على ضد المسيح فنكتشفه ونكشفه للآخرين ولكنها الآن غامضة وستتضح في حينه.
    (ص10 ظهور المسيح لدانيال وحوار ملائكة معه.
    (ص11): نبوات خاصة بالعلاقة بين البطالسة في مصر (مملكة الجنوب) والسلوكيين في سوريا (مملكة الشمال) . وتنتهي بموت أنطيوخس إبيفانيوس (وفيه نبوات واضحة عن ضد المسيح وعلامات عنه).
    (ص12): تحدثنا عن الضيقة العظيمة ونهاية الأزمنة.
    آية (1): "في السنة الثالثة لكورش ملك فارس كشف أمر لدانيال الذي سمي باسم بلطشاصر. والأمر حق والجهاد عظيم وفهم الأمر وله معرفة الرؤيا." في السنة الثالثة لكورش= بينما في دانيال 21:1 يذكر " كان دانيال إلى السنة الأولىلكورش" فيبدو أن دانيال استمر في مركزه السامي أيام الفرس حتى السنة الأولى لكورش ثم ترك منصبه السامي هذا (ربما لإحالته على المعاش) . ولكنه عاش بعد ذلك لمدة سنتين يتابع عودة شعبه، ولكنه لم يعد معهم إلى أورشليم غالباً لأن الله أراد منه أن يتمم عمل معين في بابل. وبعد أن رأى دانيال هذه الرؤيا إستراح من أتعاب هذا العالم (دا 13:12) . وذكره لإسمه البابلي بلطشاسر = يعني أن تأثير الحكم البابلي استمر فترة وأن الناس كانت تعرفه بهذا الاسم، ولكنه دائماً أصَّر حتى أيام البابليين على استخدام اسمه دانيال. الأمر حق = أي كل كلام الرؤيا الذي سيأتي هو حق وسيحدث. ومن وضوح هذه النبوة صارت كأنها تاريخ مكتوب وليست كلمات نبوية غامضة. وحيث أن مضمون النبوة يشير لآلام كثيرة، مثلاً على يد أنطيوخس وتتكرر في أيام النهاية مع ضد المسيح أيام الضيقة العظيمة فيقول والجهاد عظيم. فأعداء شعب الله كثيرين والله ينبه أن ما سيأتي يحتاج لجهاد عظيم من الشعب. ومن وضوح ما رآه فهم الأمر وعرف معنى الرؤيا. حقاً ما دام الشيطان يحارب ضدنا علينا أن نجاهد.
    الآيات (2، 3): "في تلك الأولى أنا دانيال كنت نائحًا ثلاثة أسابيع أيام. لم آكل طعامًا شهيًّا ولم يدخل في فمي لحم ولا خمر ولم أدهن حتى تمت ثلاثة أسابيع أيام." لاحظ انسحاق دانيال في هذه السن المتقدمة فهو يشارك شعبه آلامهم وهو لم يكن يتوقع أن يظهر الله له رؤيا. بل غالبًا كان حزينًا لتقاعس الشعب عن العودة لأورشليم، فهو يصلي ويصوم كما هي عادته معترفًا بخطاياه وخطايا شعبه. وربما وصلته أخبار مقاومة الأعداء لبناء الهيكل، وتقاعس الشعب عن بنائه، أو أن أورشليم محروقة وسورها منهدم. فالقديسين الحقيقيين يبكون حين يروا أن نمو عمل الله يقاوم. وقوله ثلاثة أسابيع أيام = أي 21 يومًا. لأنه يريد أن يميز بين السبعين أسبوعًا وهم = 490 سنة وبين الأسابيع العادية. ولاحظ أن صوم دانيال هذا لم يكن صومًا عامًا بل صومًا اختياريًا. (آية 4): "اليوم الرابع والعشرين من الشهر الأول إذ كنت على جانب النهر العظيم هو دجلة." النهر العظيم دجلة: قارن مع (تك18:15) فنهر الفرات سُمِّىَ النهر الكبير ونهر دجلة (أو حدّاقل: تك14:2) يسمى المياه العظيمة فدجلة طوله 1146 ميلًا بينما الفرات فإن طوله 2170ميلًا. ولكن نهر دجلة في عمقه وحجمه وسرعته يزداد عن الفرات. ومعنى كلمة دجلة في لغتها الأصلية تعني السريع أما الفرات في لغتها الأصلية فتعني الكبير، وقارن هذا مع نهر أولاي في إصحاح (8) وهو النهر الهادئ أو القناة الهادئة التي تستخدم في التجارة والري. ودانيال رأى رؤياه في (8) للإشارة لمصدر غنى فارس الذي سيثير عليهم حقد وحروب اليونان (دا 2:11). أما في هذه الإصحاحات فالرؤيا تشير لقوى حربية ضخمة وحروب رهيبة، ولهذا كانت الرؤيا بجانب دجلة السريع في حركته واندفاع مياهه (راجع إش 13:17 + 6:8-8) (وحتى يكمل المعني فدانيال نفسه استخدم هذا في 10:11، 40) ونجد في هذه الشواهد إشعياء ودانيال شبهوا حركة الجيوش بالفيضان. يضاف أن دانيال رأى رؤياه على دجلة لأن سلوكس نيكانور الذي أسس كرسي السلوكيين أسسه على ضفاف دجلة وبنى مدينة عظيمة هي سلوكية لتحل محل بابل ولتكون عاصمة لمملكته الممتدة شرقًا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وكان تعداد سكانها 600,000 وكانت مدينة عظيمة وسميت بابل الثانية كما سميت بابل أشور الثانية.
    St-Takla.org Image: Daniel Prophecyصورة في موقع الأنبا تكلا: نبوة رؤية دانيال النبي
    الآيات (5-9): "رفعت ونظرت فإذا برجل لابس كتانًا وحقواه متنطقان بذهب أوفاز. وجسمه كالزبرجد ووجهه كمنظر البرق وعيناه كمصباحي نار وذراعاه ورجلاه كعين النحاس المصقول وصوت كلامه كصوت جمهور. فرأيت أنا دانيال الرؤيا وحدي والرجال الذين كانوا معي لم يروا الرؤيا لكن وقع عليهم ارتعاد عظيم فهربوا ليختبئوا. فبقيت أنا وحدي ورأيت هذه الرؤيا العظيمة ولم تبق فيّ قوة ونضارتي تحولت فيَّ إلى فساد ولم أضبط قوة. وسمعت صوت كلامه ولما سمعت صوت كلامه كنت مسبّخًا على وجهي ووجهي إلى الأرض." هنا نجد إحدى ظهورات السيد المسيح قبل التجسد. ودانيال رآه في نفس الصورة التي رآه بها يوحنا الرائي في سفر الرؤيا. لابس كتان = فهو رئيس كهنة. وحقواه متنطقتان بينما في (رؤ13:1) "كان متمنطقاً عند ثدييه" والسبب أنه حينما رآه دانيال كان يستعد للتجسد فهو منطق حقويه استعداداً لعمل خدمة الفداء، كما تمنطق يوم غسل أرجل تلاميذه. بينما يوحنا رآه متمنطقاً عند ثدييه كما يفعل القضاة فهو هنا يستعد للقضاء أي ليوم الدينونة. ذهب أوفاز = أفخر أنواع الذهب، والذهب يرمز للسماويات. وجسمه كالزبرجد= والزبرجد نوع من الحجارة الكريمة شديدة الصلابة لونه أخضر فاتح. والخضرة علامة الحياة. فالمسيح هو الحياة وسيأتي ليعطينا حياة ووجهه كمنظر البرق= بينما رآه يوحنا "ووجهه يضئ كالشمس في قوتها" والفرق واضح فكل منهما رأى قدر ما يحتمل فدانيال نبي العهد القديم رأى الوجه يلمع كالبرق أي في نبضات يلمع لفترة قصيرة فهو لا يحتمل أكثر. أما يوحنا الذي حل عليه الروح القدس فلقد احتمل أن يرى النور بثبات. ولكن كلاهما لم يحتمل ما رآه والسبب فَسَّرَهُ يوحنا نفسه "إن قلنا أننا بلا خطية نضل أنفسنا". إذاً طالما كنا في الجسد لن نحتمل رؤية المسيح في مجده بسبب الخطية التي فينا. "ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت" (رو24:7) وبولس يشتاق لهذا لكي يرى مجد المسيح وليفرح به كل الفرح (1كو2:13 + 2كو18:3). وعيناه كمصباحي نار= فاحصتان مميزتان تخترقان أستار الظلام ولا يخفي عليه شيء. له نظرة مرعبة للأشرار تملأهم خوفاً. وهذا ما سيجعل الأشرار في اليوم الأخير "يقولون للجبال اسقطي علينا من وجه الجالس على العرش". أما التائب الباكي فيري فيهما نوراً ومحبة، وقلب يعطف عليه مقدراً ضعفه. النحاس المصقول = فيديه ورجليه كانوا هكذا والنحاس يشير للدينونة، فالمسيح سيدين إبليس والخطية بقوة صليبه، هو مقدم على عمل جبار سيدك به معقل الشيطان، وقدميه ليستا من خزف. ولكن يوحنا في الرؤيا رأى "رجلاه شبه النحاس النقي كأنهما محميتان في أتون". والنحاس المتحد بنار الأتون يشير لإتحاد اللاهوت بالناسوت. ولأنه في أيام دانيال ما كان هذا الاتحاد قد تم بعد، رأى دانيال يداه ورجلاه كنحاس فقط. وصوت كلامه كصوت جمهور= صوت قوى مرعب للأشرار. وهو صوت تسبيح الكنيسة من كل الشعوب والألسنة، وربما تعني للأبرار أن الكنيسة كلها تردد صوته فلها فكر المسيح. ودانيال وحده رأى الرؤيا ومن معه لم يراها. فحالتهم لا تسمح، أما هذا المحبوب فلقد رأى بقدر ما يستطيع (أع7:9 + 9:22 + يو22:14) + "لا يراني الإنسان ويعيش" أما خوفهم كان ربما من الصوت أو شيء مرعب أحسوا به من حولهم دون أن يدركوا كنهه. وخوف المرافقين دليل صحة الرؤيا. إذاً هي ليست خيال. وكما قلنا فلا يوجد إنسان بلا خطية، فكما سقط يوحنا وحزقيال وبولس هكذا سقط دانيال أمام هذه الرؤيا ووجهه إلى الأرض. مسبخاً = في الإنجليزية DEEP SLEEP فيبدو أنه غاب عن الوعي ولكن كمن في حلم لذيذ.
    St-Takla.org Image: Ancient (old) Coptic icon of Archangel Gabriel (El Malak Gobrail)صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة أثرية قديمة تصور الملاك جبرائيل رئيس الملائكة
    الآيات (10-21): "وإذا بيد لمستني وأقامتني مرتجفًا على ركبتيّ وعلى كفيّ يديّ. وقال لي يا دانيال أيها الرجل المحبوب افهم الكلام الذي أكلمك به وقم على مقامك لأني الآن أرسلت إليك.ولما تكلم معي بهذا الكلام قمت مرتعدًا. فقال لي لا تخف يا دانيال لأنه من اليوم الأول الذي فيه جعلت قلبك للفهم ولإذلال نفسك قدام إلهك سمع كلامك وأنا أتيت لأجل كلامك. ورئيس مملكة فارس وقف مقابلي واحدًا وعشرين يومًا وهوذا ميخائيل واحد من الرؤساء الأولين جاء لإعانتي وأنا أبقيت هناك عند ملوك فارس. وجئت لأفهمك ما يصيب شعبك في الأيام الأخيرة لأن الرؤيا إلى أيام بعد. فلما تكلم معي بمثل هذا الكلام جعلت وجهي إلى الأرض وصمت. وهوذا كشبه بني آدم لمس شفتيّ ففتحت فمي وتكلمت وقلت للواقف أمامي يا سيدي بالرؤيا انقلبت عليّ أوجاعي فما ضبطت قوّة. فكيف يستطيع عبد سيدي هذا أن يتكلم مع سيدي هذا وأنا فحالًا لم تثبت فيَّ قوّة ولم تبق فيَّ نسمة. فعاد ولمسني كمنظر إنسان وقوّاني. وقال لا تخف أيها الرجل المحبوب سلام لك.تشدد.تقوّ.ولما كلمني تقويت وقلت ليتكلم سيدي لأنك قوّيتني. فقال هل عرفت لماذا جئت إليك.فالآن أرجع وأحارب رئيس فارس.فأجاب خرجت هوذا رئيس اليونان يأتي. ولكني أخبرك بالمرسوم في كتاب الحق.ولا أحد يتمسك معي على هؤلاء إلا ميخائيل رئيسكم." من منظر المسيح سقط دانيال. وأرسل له المسيح الملاك جبرائيل يقويه ويعيد له هدوءه. وهو بدأ بالوقوف تدريجياً فهو بدأ يقف على يديه ورجليه أولًاً. والله قبل أن يعطي قوة لرجاله يكشف لهم ضعفهم "لنا هذا الكنز في أوان خزفية" (2كو4) فلا ينتفخوا . ولذلك قال بني إسرائيل لموسى "لا يكلمنا الله لئلا نموت" فهم لم يحتملوا. ومرة ثانية يؤكد الملاك أن الله سمع لدانيال من اليوم الأول لصيامه. وفي (13) رئيس مملكة فارس= هو الشيطان الذي يعمل في مملكة فارس ولأنها مملكة عظيمة فيبدو أن الشيطان الذي يعمل فيها شيطان جَبَّار. وهو حاول أن يُعَطِّل خطط الله لخلاص شعبه فدبَّر مؤامرات وخطط ليعطِّل عمل الخلاص. ووقف جبرائيل أمامه هذه الواحد وعشرين يوماً ثم جاء الملاك ميخائيل لمساندته. والله أراد بإعلان قوة الشيطان هذه أن نعلم نحن عظمة الخلاص الذي حصلنا عليه. وبقى جبرائيل عند ملوك فارس ليرشدهم ويحبط مؤامرات الشياطين ضد شعب الله. هذه هي معونة الملائكة لنا ولذلك نتشفع بهم. ولنلاحظ أن الرجل لابس الكتان هو المسيح بينما أن الذي كان يكلم دانيال هو الملاك جبرائيل. ومن لمس شفتى دانيال هو المسيح لأنه قال عنه كشبه بني آدم ، وكان دانيال هو الذي قال عنه سابقا "مثل ابن إنسان" (دا7: 13) . والدليل على ذلك آية (17) وفيها دانيال يُعبِّر عن روعِهِ من منظر المسيح وأنه حينما رآه لم يستطع أن يتكلم. فهو يسأل الملاك كيف يستطيع عبد سيدي هذا أن يتكلم مع سيدي هذا= أي كيف تستطيع أيها الملاك وأنت عبد سيدي هذا الواقف أمامي ومنظره يرعبني أن تتكلم معه ولا تخاف. لكن السبب أن الملائكة بلا خطية. وما أنعش نفس دانيال تسمية الملاك له بأنه محبوب. الملاك هنا يحاول نزع الخوف كما تفعل الأم مع طفلها. بل هو قواه ليثبت (18). والله الذي وَجَدَ في قلب دانيال اهتماماً بشعبه ومستقبلهم أرسل له مع الملاك رؤيا خاصة بالمستقبل إعلاناً منه أنه قبل صلواته وصومه. فهو متألم الآن بسبب من بقى في السبي وبذلك اشترك مع الله في ألمه من أجل الشعب فأشركه الله معه في المستقبل. وأظهر له الملاك هؤلاء الملوك الذين سيحاربون شعب الله. رئيس اليونان = أي الشيطان الذي يعمل مع رئيس اليونان ليضطهد شعب الله، فالشيطان كما أسماه المسيح رئيس هذا العالم. ولكن لا نخاف من هذا فمن معنا أقوى ممن علينا. والملائكة يكلفها الله بالحرب ضد سلاطين الظلمة. ونجد هنا وعد بأن ميخائيل رئيسكم يتمسك معي = هو يحارب مع جبرائيل ضد الشيطان. ولذلك ترسم الأيقونات القبطية صورة الملاك ميخائيل ومعه سيف والشيطان ساقطاً مقهوراً تحت قدميه. هذا هو الملاك ميخائيل نصير وشفيع الكنيسة وحاميها ضد أعدائها. ولكن لماذا تنجح خطط الشيطان إلى حين؟ الله يستخدم الشيطان كعصا تأديب ضد أولاده إذا عصوا (1كو5) بل يستخدمهم الله في بعض الأحيان ليصيبوا الجبابرة مثل بولس شوكة في الجسد حتى لا يستكبروا (2كو12). ويستخدمهم الله كنار تأديب لتطهير أولاده من بعض خطاياهم (أيوب) فتجارب الشياطين تكون علينا كنار ولكن الله يسمح بها ليطهرنا. والله يستخدمهم ليغربل الحنطة من التبن والعصافة. فالنار تحرق العصافة وتنقي الذهب. ويسمح الله للشيطان أن يُضِّلْ ملك شرير مثل أخاب لأنه يستحق هذا (1مل20:22-23) . "إذاً كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله"(رو8: 28). وإن سمح الله بآلام للجسد من جراء مؤامراتهم فلكي تخلص الروح (1كو 5:5).

    ملحوظات على الإصحاح

    1) في آية 6 من الإصحاح رأى دانيال السيد المسيح في أحد ظهوراته قبل التجسد وقال عنه وصوت كلامه كصوت جمهور = فالمسيح بعد التجسد كوَّنَ جسده أي الكنيسة من كل الشعوب والأمم والألسنة، وهذه الكنيسة تسبحه من كل أنحاء العالم على الخلاص الذي تممه لها. 2) في آية 10 وإذا بيدٍ لمستنى وكان هذا معونة من الملاك جبرائيل لدانيال ليقف. ولكن في آية 16 يقول وهوذا كشبه بنى آدم لمس شفتىَّ = وهذا كان عن المسيح، فدانيال هو من أطلق عليه مثل ابن إنسان (7: 13) . ولما لمسه أخذ قوة ليتكلم، ووجه كلامه للملاك جبرائيل قائلا كيف تستطيع أن تتكلم مع سيدى هذا أي المسيح الذي ظهر في هذه الرؤيا بمجد عظيم. وفي آية (18) فَعَادَ وَلَمَسَنِي كَمَنْظَرِ إِنْسَانٍ وَقَوَّانِي = هنا هو الملاك الذي لمس دانيال وليس المسيح، لأن دانيال يقول عنه كمنظر إنسان، أما المسيح فيقول عنه ابن إنسان. وهنا الملاك يأخذ شكل إنسان ولكنه لن يتجسد فيقال عنه ابن إنسان. 3) عرفنا أن الملاك الذي يكلمه هو جبرائيل من (دا8: 16). 4) لاحظنا قوة الشيطان وكيف يدبر المؤامرات ويحرك الملوك والرؤساء لإضطهاد شعب الله. ولذلك يسميه هنا رئيس فارس ورئيس اليونان فهو الذي يحرك الملوك لإضطهاد شعب الله. ولاحظنا كيف يدبر الله ملائكة لإفساد مؤامراته لحماية شعبه في كل مكان. فكان الملاك جبرائيل هو المكلف بهذا في مملكة فارس، ومن قوة الشيطان = رئيس مملكة فارس، كان أن المشاكل التي أثارها لشعب الله في فارس، أن عطلت الملاك جبرائيل 21 يومًا من الذهاب لدانيال، إلى أن أرسل الله الملاك ميخائيل ليساعده، فيتمكن من الذهاب لدانيال. ومن هذه القصة ندرك عظمة عمل المسيح مع كنيسته إذ " أعطانا السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو " (لو10: 19).

  2. #12
    الاصحاح الخادى عشر
    سبق الله وأنبأ في الإصحاحات (2، 7) بالدول العظمى أو الممالك الكبيرة التي تؤثر في شعب الله. وكانت بالترتيب بابل ثم مادي وفارس ثم اليونان ثم الرومان. وركز الإصحاح السابع على الرومان بالذات والهرطقة التي تأتي بعدهم. وفي الإصحاح الثامن تركيز على الفرس والمملكة التي تأتي بعدهم وهي الدولة اليونانية ، التي يخرج منها ملك مضطهد خبيث ماكر دموي يضطهد شعب الله. ونجد هنا في هذا الإصحاح تركيزاً أكثر على كون أن اليونان ستعقب مملكة الفرس، ويخرج منهم هذا المضطهد وهو أنطيوخس إبيفانيوس. والقصة المذكورة هنا حدثت تمامًاً والله قصد أن يخبر بهذه الأحداث قبل حدوثها حتى يتوقع الشعب ظهور هذا المقاوم. وقد تتكرر هذه الأحداث بصورة أو بأخرى قرب نهاية الأيام، وتنتهي بظهور شخصية ماكرة دموية تضطهد شعب الله، ألا وهو ضد المسيح واليهود سيقبلونه على أنه المسيح. والمسيح قد سبق وحذرنا من أن نقبله "لا تصدقوا أن قال لكم أحد هوذا المسيح هنا أو هناك" (مر21:13). وحتى نتأكد من أن هذا الشخص دجال ستسبق هذه الأحداث ظهوره. خصوصاً أن كلمات هذا الإصحاح تشير لشخصية ضد المسيح هذا. وكون أن الله يخبر شعبه بنبوة ستحدث بعد آلاف السنين فهذا بلا شك يقوي إيمانهم خلال هذه الضيقة المنتظرة. ومن يعرف ما سوف يحدث من آلاف السنين فلا شك أنه يستطيع أن يتصرف ويسيطر على الأمور.
    St-Takla.org Image: Ancient (old) Coptic icon of Archangel Gabriel (El Malak Gobrail)صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة أثرية قديمة تصور الملاك جبرائيل رئيس الملائكة
    آية (1): "وأنا في السنة الأولى لداريوس المادي وقفت لأشدّده وأقويه." هنا المتكلم هو الملاك جبرائيل، وهو يعلن كيف كان يحارب الشيطان رئيس فارس، فهو كان يشدد ملكها داريوس ليطلق الشعب من أرض العبودية. وهذه القصة تظهر عمل الملائكة وخدمتهم للبشر. وغالباً كانت هناك ملائكة تشجع داريوس حتى ينتصر على جيش بابل. ونحن نصلي لأي حاكم حتى يكون هناك سلام للكنيسة. إذاً الملائكة تشدد الحكام لصالح شعب الله. (وألم يتشدد دانيال نفسه بلمسة من الملاك جبرائيل مرتين في هذه الرؤيا 10: 10 ، 18).
    آية (2): "والآن أخبرك بالحق.هوذا ثلاثة ملوك أيضًا يقومون في فارس والرابع يستغني بغنى أوفر من جميعهم وحسب قوّته بغناه يهيّج الجميع على مملكة اليونان." راجع المقدمة عن ملوك الفرس، فالثلاثة ملوك هم إما كورش ثم قمبيز ثم داريوس هستاسب أو يكون المقصود هم من أتوا بعد كورش وهم قمبيز ثم المحتال سمردس ثم داريوس هستاسب. وأما الرابع فهو زركسيس الأول أغناهم ثروة والفرس أطلقوا على كورش لقب الأب وعلى قمبيز لقب المعلم وعلى داريوس لقب المؤسس والحامي. أما الرابع وهو زركسيس فقد أثار اليونان بهجومه عليها وكانت حملته ضد اليونان شهيرة في التاريخ، وأيضًا هزيمته النكراء هناك ولاحظ قول الكتاب يُهَيِّج وليس يهزم. وهو حين خرج ليحارب اليونان بجيشه الضخم كان مصدر قلق ورعب لهم وفي رجوعه كان هزءًا وسخرية لليونان. وأسقط الكتاب بقية ملوك الفرس لينتقل لملوك اليونان. آية (3): "ويقوم ملك جبار ويتسلط تسلطًا عظيمًا ويفعل حسب إرادته." هذه تشير للإسكندر الأكبر الذي عبدوه كإله وتسلَّطَ كيفما يريد. آية (4): "وكقيامه تنكسر مملكته وتنقسم إلى رياح السماء الأربع ولا لعقبه ولا حسب سلطانه الذي تسلط به لأن مملكته تنقرض وتكون لآخرين غير أولئك." مات الإسكندر شابًا ولم يكن له من يخلفه على عرشه فأخوه أريديوس (وهو ليس من أمه) الذي تركه في اليونان قتلته أم الإسكندر أوليمباس بل سممت ابناً الإسكندر هيركوليس وإلكسندر لتحكم هي. ولا لعقبه ولا حسب سلطانه = فحينما مات الإسكندر لم يرثه عقبه، بل انتهت عائلته بموته وقام عوضًا عنه قادته الأربعة (ملوك اليونان وتركيا وسوريا ومصر) ولكنهم لم يكونوا في قوته = ولا حسب سلطانه. وكقيامه تنكسر مملكته = أي كما قام وغزا العالم بسرعة سيموت فجأة شابًا وقصة الإسكندر ونهايته ونهاية أسرته هي شاهد على بطلان هذه الدنيا "هو امتلك الدنيا وخسر نفسه". ممالك الجنوب والشمال:

    كانت أقوى مملكتين من الأربع ممالك هما مملكة مصر وتسمى مملكة الجنوب ومملكة سوريا وتسمى مملكة الشمال. وهذين المملكتين ظلا في صراع منذ نشأتهما ودار هذا الصراع حول إسرائيل وأورشليم. ولذلك يخبر الله مسبقًا بما سيصنعه هؤلاء بشعبه. ومن شدة وضوح النبوات وتطابقها مع ما حدث فعلًا ظن نقاد الكتاب المقدس أن كاتب سفر دانيال ليس هو دانيال إنما كاتب آخر من العصر اليوناني. هؤلاء لا يصدقون إمكانية أن ينبئ أحد الأنبياء بالمستقبل، بل هم يريدون الأنبياء مجرد مؤرخين لأحداث وقعت فعلًا. ولكن لاحظ قول الرب في إش21:41-23 فالله هنا يقول أنه ليس غيره من يستطيع أن يخبر بالمستقبل، وهو يفعل هذا قطعًا عن طريق أنبيائه، وذلك ليزداد إيماننا ونتشدد حين يتم ما سبق وأخبرنا به (يو29:14) ومملكة الجنوب كانت تسمى مملكة البطالمة نسبة لمؤسسها بطلميوس ومملكة الشمال كانت تسمى مملكة السلوكيين نسبة لمؤسسها سلوكس.
    وفيما يلي جدول بملوك المملكتين.

    سلوكس نيكاتور (الغالب) من سنة 310 ق.م. بطلميوس لاجوس من سنة 323 ق.م أنطيوخس سوتير (المنقذ) من سنة 280 بطلميوس فيلادلفوس من سنة 284 أنطيوخس ثيوس (الإله) من سنة 260 بطلميوس إيروجيتس من سنة 246 سلوكس كاللينيكوس (الطبيب) من سنة 245 بطلميوس فيلوباتر من سنة 221 سلوكس كيرونوس من سنة 225 بطلميوس أبيفانيوس من سنة 204 أنطيوخس الكبير من سنة 223 بطلميوس فيلوميتر من سنة 180 سلوكس فيلوباتير من سنة 186 هليودوروس- بطلميوس السادس وديمتريوس. وهؤلاء قاومهم أنطيوخس إبيفانيوس وخلفهم بالمكر أنطيوخس إبيفانيوس من سنة 175 ملوك سوريا (الشمال) ملوك مصر (الجنوب) |________________| |________________| والآيات التالية تشير للحروب التي قامت بين هاتين العائلتين. وتسميتها بالشمال والجنوب فهذا قطعًا بالنسبة لأرض إسرائيل حيث يوجد شعب الله. ولذلك لم نسمع عن أخبار مملكة اليونان ولا تراقيا بعد ذلك. فالملاك يعلن لدانيال أنه سيريه ويفهمه ما يصيب شعبه. إذًا النبوات مركزة على ما يصيب شعب الله. (آية 5): "ويتقوى ملك الجنوب.ومن رؤسائه من يقوى عليه ويتسلط.تسلط عظيم تسلطه." ملك الجنوب هو بطلميوس لاجوس وقوله ومن رؤسائه من يقوى عليه تشير لأن سلوكس نيكاتور كان خاضعًا أولًا لبطلميوس لاجوس. ثم تقوى سلوكس على بطلميوس واستولى على أعظم مملكة بين الأربع ممالك وهي مملكة سوريا والتي امتدت من شاطئ البحر المتوسط حتى حدود الهند. وقيل أنه كان يتبع سلوكس هذا 72 ملكًا وهذا يتضح من الجدول السابق فسلوكس نيكاتور بدأ ملكه مستقلًا سنة 310 ق.م. أي بعد تأسيس كرسي البطالمة بـ13 سنة وسلوكس هذا سمى بالغالب أو الفاتح لكثرة فتوحاته، مما قواه ضد بطلميوس وكانت هناك أحقاد بسبب هذا بين العائلتين. آية (6): "وبعد سنين يتعاهدان وبنت ملك الجنوب تأتي إلى ملك الشمال لإجراء الاتفاق ولكن لا تضبط الذراع قوة ولا يقوم هو ولا ذراعه.وتسلّم هي والذين أتوا بها والذي ولدها ومن قوّاها في تلك الأوقات." كانت هناك محاولات لدمج وتوحيد المملكتين ولكنها كانت غير مثمرة. وبعد وفاة الإسكندر بحوالي 70سنة كانت هناك محاولة غير مخلصة لربط المملكتين وكان ذلك بأن زَوَّجَ بطلميوس فيلادلفوس ملك مصر ابنته برنيكي لأنطيوخس ثيوس ملك سوريا، الذي كان له زوجة تدعى لاوديس. فبنت ملك الجنوب برنيكي هذه تأتي لملك الشمال لإجراء الاتفاق = أي الوحدة ولكن لا تضبط الذراع قوة = أي لن تملك هي ولا ذريتها على كرسي الشمال، بل ولا أبوها ولا أنطيوخس زوجها نفسه (اللذين كان التحالف بينهما) وستسلم هي والذين أتوا بها = أي كل من خطط لهذا الزواج. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فقد تسبب هذا الزواج في مصائب كثيرة، فقد تولت لاوديس الزوجة الأولى تأليب أصدقائها على الملك، مما اضطر أنطيوخس أن يطلق برنيكي ويرد زوجته لاوديس الأولى. إلا أنها قتلته بالسم ثم دبرت قتل برنيكي وولدها، وملكت ابنها باسم سلوكس كاللينيكوس. الآيات (7-9): "ويقوم من فرع أصولها قائم مكانه ويأتي إلى الجيش ويدخل حصن ملك الشمال ويعمل بهم ويقوى. ويسبي إلى مصر آلهتهم أيضًا مع مسبوكاتهم وآنيتهم الثمينة من فضة وذهب ويقتصر سنين عن ملك الشمال. فيدخل ملك الجنوب إلى مملكته ويرجع إلى أرضه." ويقوم من فرع أصولها= الفرع هو بطلميوس إيروجيتس فهو ابن بطلميوس فيلادلفوس أي شقيق برنيكي وهذا جمع جيشًا ضخمًا وجاء على سلوكس كاللينيكوس لينتقم لأخته برنيكي، وقتل لاوديس فعلًا، وفي دخوله لأراضي سلوكس ومن بينها يهوذا نشر الخراب أينما حلَّ. ونجح في حربه ضد سلوكس وكان له غنيمة كبيرة من الرجال والمقتنيات = ويسبى إلى مصر آلهتهم.. وهو سمع بأخبار فتنة في مصر فاضطر للعودة ليحفظ السلام فيها = يدخل ملك الجنوب إلى مملكته. ويبدو أنه لانشغاله بالسلام في مصر لم يتحمل البقاء خارجها كثيرًا فأقتصر سنين عن ملك الشمال. وقد مات كاللينيكوس هذا بعد ذلك لسقوطه عن جواده. الآية (10): "وبنوه يتهيجون فيجمعون جمهور جيوش عظيمة ويأتي آت ويغمر ويطمو ويرجع ويحارب حتى إلى حصنه." كان ابنًا كاللينيكوس هما سلوكس كيرونوس وأنطيوخس. وهذين تهيجوا بسبب هزيمة أبيهم وما سلبه منهم البطالمة، فجمعوا جيوشًا ضخمة على مصر ليستردوا ما فقده أبوهم. ولكن سلوكس الابن الأكبر كان ضعيفًا وغير قادر أن يحكم جيشه ومات مقتولًا بالسم بيد أصدقائه وحكم سنتين فقط فأتي بعده أخوه أنطيوخس الذي حكم 37سنة وتسمى باسم أنطيوخس الكبير. ولاحظ إعجاز الوحي، فالملاك يبدأ حديثه بقوله وبنوه يتهيجون فيجمعون.. فهم الآن اثنين.. ثم ينهي كلامه بقوله ويغمر ويطمو.. فقد مات أحدهم وترك الآخر بمفرده وأنطيوخس جاء إلى مصر بجيش كبير. آية (11): "ويغتاظ ملك الجنوب ويخرج ويحاربه أي ملك الشمال ويقيم جمهورًا عظيمًا فيسلّم الجمهور في يده." ولكن ملك الجنوب كان له نجاح عظيم على أنطيوخس، فأنطيوخس أثار بطلميوس فيلوباتر بأفعاله، فاغتاظ منه وحاربه فأتي أنطيوخس بجيش كبير = ويقيم جمهورًا عظيمًا. لكن فيلوباتير أكتسح جيش أنطيوخس وهزمه = فيسلم الجمهور في يده = أي في يد فيلوباتر. آية (12): "فإذا رفع الجمهور يرتفع قلبه ويطرح ربوات ولا يعتزّ." نتيجة انتصار فيلوباتر ارتفع قلبه = أي دخله الكبرياء رُفِعَ الجمهور= رُفِعَ مترجمة TAKEN AWAY أي يزيل. والجمهور هو جيش أنطيوخس المعادي. وفيلوباتر هذا كان أحمق لا يقلع عن ملذاته وحماقاته. وبعد انتصاره زاد انغماسه في الحماقات والإباحية، ويقول عنه المؤرخون أنه بعد انتصاره هذا دخل هيكل الله في أورشليم، بل دخل إلى قدس الأقداس مخالفًا الناموس وهذا أغضب الله عليه، فبالرغم من انتصاره = طرحه ربوات أي كان القتلي بعشرات الألوف من جيش أنطيوخس، إلا أنه لا يعتز = أي لا يتقوى فهو تحدى الله، والله سحب منه القوة لذلك. وتسمى المعركة التي انتصر فيها فيلوباتير على غريمه أنطيوخس معركة رافيا قرب حدود مصر سنة 217 ق.م. وبعد هذا حدثت حركة عصيان في سوريا ضد فيلوباتير هذا فاضطر أن يعقد صلحًا مهينًا مع أنطيوخس، وهذا مما يؤكد قول الله = لا يعتز = فهو لم يقوى على مواصلة انتصاراته أو استثمارها. الآيات (14،13): "فيرجع ملك الشمال ويقيم جمهورًا أكثر من الأول ويأتي بعد حين بعد سنين بجيش عظيم وثروة جزيلة. وفي تلك الأوقات يقوم كثيرون على ملك الجنوب وبنو العتاة من شعبك يقومون لإثبات الرؤيا ويعثرون." صار هناك الآن أعداء كثيرين لمصر = يقوم كثيرون = ملك الجنوب الآن هو ابن فيلوباتير واسمه بطلميوس إبيفانيوس وهذا كان قاصرًا صغير السن جدًا. فانتهز انطيوخس هذه الفرصة وتحالف مع فيليب المقدوني. بل سعى لضم اليهود كما في آية (14). فلم يوافقه اليهود الأمناء ولكن وافقه اليهود العتاة أي الذين يحاولون كسب رضاء أنطيوخس ليحصلوا على أمجاد عالمية. وبذلك قام الكثيرون ضد هذا الملك الصغير السن.
    St-Takla.org Image: Jupiter statue (Roman god), marble head, 1st century, the head was found in Milan near the Castle Sforzesco - Archaeological Museum (Civico Museo Archeologico di Milano), Milan (Milano) Italy. It is located in the ex-convent of the Monastero Maggiore. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 5, 2014.صورة في موقع الأنبا تكلا: تمثال الإله جوبيتر (يوبيتر، جوڤ)، القرن الأول الميلادي، تم اكتشاف الرأس الرخامية بجانب قصر سفورزيكو - صور متحف آثار ميلانو (ميلان)، إيطاليا. وهو موجود في مكان دير سابق باسم الدير الكبير (موناستيرو مادجيوري). - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 5 أكتوبر 2014.
    الآيات (15-20): "فيأتي ملك الشمال ويقيم مترسة ويأخذ المدينة الحصينة فلا تقوم أمامه ذراعًا الجنوب ولا قومه المنتخب ولا تكون له قوة للمقاومة.والآتي عليه يفعل كإرادته وليس من يقف أمامه ويقوم في الأرض البهيّة وهي بالتمام بيده. ويجعل وجهه ليدخل بسلطان كل مملكته ويجعل معه صلحًا ويعطيه بنت النساء ليفسدها فلا تثبت ولا تكون له. ويحوّل وجهه إلى الجزائر ويأخذ كثيرًا منها ويزيل رئيس تعييره فضلا عن رد تعييره عليه. ويحوّل وجهه إلى حصون أرضه ويعثر ويسقط ولا يوجد. فيقوم مكانه من يعبر جابي الجزية في فخر المملكة وفي أيام قليلة ينكسر لا بغضب ولا بحرب." اليهود بنو العتاة = هؤلاء كانوا يعرفون النبوة وأن أنطيوخس سينجح ضد ملك مصر. فهم قاموا وساندوه ليحصلوا على امتيازات لليهود بعد انتصار أنطيوخس بمساعدتهم ولكن يعثرون = فلم يعطهم أنطيوخس الحرية أبدًا بل قيل ويقوم في الأرض البهية وهي بالتمام في يده (16) = أي سلطانه كامل عليها وهذا الجيش العظيم حمل على الحامية المصرية المتبقية في أورشليم فهزموها. وفي موقعة بانياس هزم قائدها اسكوبياس وفر إلى صيدا الحصينة ولكنه قتل هناك. وكذلك أبيدت الجيوش المصرية المرسلة للنجدة. وأصبح أنطيوخس هو السيد المطلق هناك في كل مكان، وعقب عودته من الحروب المصرية دخل الأرض البهية أي فلسطين. وفي (17) حتى يضمن أنطيوخس أن يخضع له بطلميوس إبيفانيس أعطاه ابنته كليوباترا زوجة له (هذه غير كليوباترا الملكة المصرية المشهورة) وقد أوصاها أبوها أنطيوخس أن تعمل لمصلحته بعد زواجها = ليفسدها = أي هو عمل هذا بنية شريرة ليفسد مصر وعرشها ويفسد المخطط الذي قاله بفمه عن الوحدة والتصالح، فنية قلبه كانت غير هذا، فهو كان يتكلم بفمه عن الوحدة ولكنه يعطي ابنته لبطلميوس كشرك لتؤذيه. إلا أنها وقفت بجانب زوجها ضد أبيها = فلا تثبت ولا تكون له = وبذلك فشلت خطته. فحوَّل وجهه نحو اليونان لتوسيع أراضيه وتمت له السيطرة على جزر بحر إيجة أولًا. ثم عبر بجيوشه إلى اليونان إلا أن نجم روما كان قد ظهر في الأفق، وعقد اليونانيين حلفًا دفاعيًا وهجوميًا مع الرومان. وأتي لوكيوس أسكيبيو مفوضًا من مجلس الشيوخ الروماني وكسر أنطيوخس وفرض عليه شروطًا مهينة جدًا. ثم ردَّهُ على أعقابه إلى بلده ويحول وجهه إلى الجزائر = تشير لمحاولة أنطيوخس غزو اليونان. ولاحظ أن اليهود كانوا يسمون المناطق عبر البحر بالجزائر فهم لا خبرة لهم في الشئون البحرية. ويزيل رئيس تعييره= هذا الرئيس هو لوكيوس أسكيبيو الروماني، الذي بانتصاره على أنطيوخس أزال التعيير الذي وقع على اليونان، بل وعلى الرومان، إذ أن أنطيوخس خلال غزوته هزم بعض الجيوش الرومانية في اليونان وسخر منهم وعيَّرهم، بل رده إلى أرضه = يحول وجهه إلى حصون أرضه. فضلًا عن رد تعييره عليه تحولت المهانة إلى أنطيوخس وعاد بشروط صعبة غير عالم كيف يدفع الجزية المقررة عليه للرومان. وفي يأسه دخل هيكل جوبيتر ليسلبه، فثار عليه الشعب بل وجنوده أيضًا. وقتله الشعب الثائر لأن فعلته هذه كانت تعتبر عندهم انتهاكًا لحرمة مكان مقدس بطريقة لا تغتفر. ونتيجة للحالة المزرية التي ترك بلاده عليها، جاء ابنه سلوكس فيلوباتر وأخذ في جمع الجزية فسمى جابي الجزية. لأنه أوقع على شعبه جزية كبيرة. ولما قالوا له "أنت بهذا تخسر أصدقائك" قال لهم "أنا لا أعرف صديقًا لي سوى المال" ومن أعماله أنه حاول سرقة هيكل الرب في أورشليم فأرسل القائد هليودوروس لنهبه وهذا بعد عودته بالغنيمة اغتال سيده بمكر= وفي أيام قليلة ينكسر لا بغضب ولا بحرب = بل في اغتيال، وكان هذا لسرقته هيكل الرب الذي في أورشليم = فخر المملكة = وملك هليودوروس هذا لمدة 12 سنة. الآيات (21-35): "فيقوم مكانه محتقر لم يجعلوا عليه فخر المملكة ويأتي بغتة ويمسك المملكة بالتملقات. وأذرع الجارف تجرف من قدامه وتنكسر وكذلك رئيس العهد. ومن المعاهدة معه يعمل بالمكر ويصعد ويعظم بقوم قليل. يدخل بغتة على أسمن البلاد ويفعله ما لم يفعل آباؤه ولا آباء آبائه.يبذر بينهم نهبًا وغنيمة وغنى ويفكر أفكاره على الحصون وذلك إلى حين. وينهض قوّته وقلبه على ملك الجنوب بجيش عظيم وملك الجنوب يتهيّج إلى الحرب بجيش عظيم وقوي جدًا ولكنه لا يثبت لأنهم يدبرون عليه تدابير. والآكلون أطايبه يكسرونه وجيشه يطمو ويسقط كثيرون قتلى. وهذان الملكان قلبهما لفعل الشر ويتكلمان بالكذب على مائدة واحدة ولا ينجح لأن الانتهاء بعد إلى ميعاد. فيرجع إلى أرضه بغنى جزيل وقلبه على العهد المقدس فيعمل ويرجع إلى أرضه. وفي الميعاد يعود ويدخل الجنوب ولكن لا يكون الآخر كالأول. فتأتي عليه سفن من كتّيم فييئس ويرجع ويغتاظ على العهد المقدس ويعمل ويرجع ويصغي إلى الذين تركوا العهد المقدس. وتقوم منه أذرع وتنجس المقدس الحصين وتنزع المحرقة الدائمة وتجعل الرجس المخرب. والمتعدون على العهد يغويهم بالتملقات أما الشعب الذين يعرفون إلههم فيقوون ويعملون. والفاهمون من الشعب يعلّمون كثيرين.ويعثرون بالسيف وباللهيب وبالسبي وبالنهب أيامًا. فإذا عثروا يعانون عونًا قليلًا ويتصل بهم كثيرون بالتملقات. وبعض الفاهمين يعثرون امتحانًا لهم للتطهير وللتبييض إلى وقت النهاية.لأنه بعد إلى الميعاد." هذه النبوة بخصوص أنطيوخس إبيفانيوس آخر ملوك أسرة السلوكيين ومعنى كلمة أنطيوخس باليونانية ανθεκτικός "مقاوم" لذلك فهو رمز لضد المسيح من ناحية اسمه ومن ناحية أعماله ويبدأ الكلام عنه هنا. ويمكن تسميته بوحش الأيام الأولى، وهو طلع من مملكة الشمال. وهو شخص ماكر كذاب واشتهر باختلاق الأكاذيب. هو أطلق على نفسه اسم إبيفانيوس أي البهي. وأطلق اليهود عليه اسم إبيمانس أي المجنون. ولقد احتقره الجميع = فيقوم مكانه محتقر وهو كان يقطع العهود على نفسه ويخونها بسهولة جدًا. حدث هذا مع الشعب اليهودي ومع ملك مصر عدة مرات. هذا هو القرن الصغير في (دا 9:8) وكان عدوًا لدودًا لشعب الله، يضطهدهم بعنف. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وكثير من الآيات هنا عن أنطيوخس هذا تشير لضد المسيح وحش الأيام الأخيرة. ويمكن تطبيقها على كليهما. وكما حدث في (أش14) حين كان يتكلم عن ملك بابل وكما حدث في حزقيال (28) حين كان يتكلم عن ملك صور، وكانت الكلمات في كلا الإصحاحين تحتمل التطبيق على هؤلاء الملوك أو الشيطان، لكن في كلا الإصحاحين نجد الوحي ينتقل صراحة للكلام عن الشيطان (أنظر اش12:14 + حز11:28) هكذا هنا نجد الكلام قد انتقل فجأة ابتداء من آية (36) ليتكلم صراحة عن ضد المسيح. وكما تعودنا من الأنبياء أنهم حين يتكلمون عن ازدهار الدولة اليهودية يكون المقصود كنيسة المسيح. هكذا حينما يتكلم الأنبياء عن الضيقات التي تصيب شعب الرب يصلح تطبيقها على الكنيسة. وهنا نجد أن مملكة أنطيوخس إبيفانيوس تشير لمملكة ضد المسيح في قيامها وسقوطها. وسقوط دولة ضد المسيح يكون إيذانًا بنهاية العالم ومجيء يوم الدينونة، ولذلك نجد أن إصحاح (12) يكلمنا عن القيامة.
    صفات وتاريخ أنطيوخس إبيفانوس:

    هو ابن أنطيوخس الكبير، وهو قال عنه المؤرخون أنه كان شاذًا غريب التصرفات، فظ، هائج، وضيع وخسيس. كان ينسل في بعض الأحيان خارج القصر ويضع نفسه ضمن جماعة من الدهماء متنكرًا. وكان يصنع هذا مع أوضع الناس في المدينة حتى مع الغرباء. وكانت له نزوات غريبة، ولقد تصور البعض أنه أحمق، والبعض تصور أنه مجنون. وهو أُرسِل إلى روما فترة كرهينة ليضمن الرومان ولاء مملكة سوريا لهم حينما هزموا والده أنطيوخيس. وكانت الاتفاقية أنه حينما يتم تبادل الأسرى يظل هو في روما، لكنه كان مطلق السراح. وقد تمكن من الهرب من روما بعد موت أبيه، وأرسل ابن أخيه الأكبر ديمتريوس بخديعة ليبقى كرهينة في روما. وكان هليودوروس قد قتل أخيه الأكبر. والولايات السورية لم تعطه الملك لأنهم يعرفون أنه لابن أخيه. وهو لم يأخذ المُلك بالسيف بل بالتملقات (21) فهو ادّعى أنه آتٍ بسلام ليحكم بدلًا من ابن أخيه الذي هو في روما. ثم بمساعدة بعض الأمراء الجيران له (أومينيس وأتالوس) بدأ الشعب يتقبله. فسحق هليودوروس وحصل على المملكة. وهو صنع هذا ضد أذرع الجارف = فما هو الجارف هذا [1] هليودوروس نفسه وجيشه [2] الشعب الذي اكتشف خداعه فقاموا ضده [3] مقاومة مصر له إذ كانت مصر في معاهدة مع من سبقه وكانت كل هذه المقاومات كالسيل الجارف ولكنه هزم الجميع وكان ذلك بسماح من الله، لأن الله كان يريد تأديب شعبه بواسطة هذا الأنطيوخس وهو سحق الجميع حتى رئيس العهد = ربما يكون ملك مصر الذي كان في عهد مع من سبق أنطيوخس هذا، وربما هو ابن أخيه الذي كانت المملكة من حقه وربما كان رئيس الكهنة اليهودي. ولاحظ أنه كان قد ادعَّي أنه سيتنحى حين يعود الأمير الحقيقي. ومن المعاهدة معه يعمل بالمكر= أي بعد أن عاهدوه خدع الكل. وهو بدأ بقوم قليل لذلك استخدمت في كلمة قرن صغير في إصحاح (8) كلمة تشير أنه "من القلة". هؤلاء التفوا حوله في البداية حتى تعظم ودخل إلى أسمن البلاد = وهي سوريا وذلك لكي ينهبها. وهو استغلها كما لم يفعل آباؤه. ويحاول السيطرة على الحصون = وهذا تفسيره كالتالي: فهو أظهر كرمًا وسماحة إلى أن سلَّمت له الحاميات فغدر بهم وحكمهم بالقوة. وبالنسبة إلى مصر، فهو جاء أولًا كصديق، ومعه بعض رجاله القلائل ووضعهم في حصون مصر وذلك ليكونوا عيونًا له، هو أتي كصديق وحارس لملك مصر بطلميوس فيلوميتر (لاحظ أن أنطيوخس هذا كان خال ملك مصر. فأنطيوخس هو أخو كليوباترا أمه. وكان بطلميوس فيلوميتر صغيرًا سنًا فاطمئن لخاله) وكان أن انخدع فيلوميتر من خاله، الذي عاد فخانه ونكث عهوده معه بمساعدة رجاله الذين تركهم في مصر. وفي (25) في هذه الآية تتضح خيانته وخداعه لملك مصر. وحين حاول ملك مصر فيلوميتر الحرب إنهزم أمامه بسبب خيانة رجال فيلوميتر الذين رشاهم أنطيوخس إبيفانيوس (26) = الأكلون أطايبه يكسرونه. ومات من جيش مصر كثيرين لأنهم دبروا عليه تدابير (25). ونأتي لخديعة أخرى في (27) فبعد المعركة ستكون هناك محاولة للسلام وسيجتمع الملكان على مائدة واحدة للمفاوضات. ولوضع نصوص معاهدة سلام، ولكن كلاهما كان غير مخلصًا في إدعائه. وكل منهما كان يريد إلحاق الأذى بالآخر. لذلك لن تنجح محاولة السلام هذه، ولن يكون السلام نهائيًا. لأن الانتهاء بعد إلى ميعاد = أي أن السلام لم يكن نهائيًا لأن الله كان له مخطط آخر، ويجب أن تقوم حرب أخرى في النهاية. فالسلام يحدده الله. وفي (28) هو عاد لأرضه بعد هذه الحملة بغني جزيل. وقلبه على العهد المقدس = كان اليهود قد سمعوا إشاعة بمقتل أنطيوخس فابتهجوا، وسمع هذا أنطيوخس فزحف بجيشه على أورشليم وقتل منهم 8000 وباع 40000 عبيدًا في مصر. وهو كان له سخط طبيعي ضد دين اليهود وعهدهم مع الله. فكره ناموسهم وشرائعهم وأنبيائهم. وهكذا كل غريب على العهد يكرهه. وفي (29) في الميعاد = بعد سنتين من الحملة الأولى ولأنه لم يكن ينوي سلامًا. أتى مرة أخرى على مصر = يدخل الجنوب = ولكن حملته هذه لن تنجح كالأولى = لكن لا يكون الآخر كالأول. لأنه ستأتي عليه سفن من كتيم = أي سفن الرومان. وكان هذا لأن بطلميوس فيلوميتر كان قد دخل في معاهدات مع الرومان ضد أنطيوخس وطلب مساعدتهم ضده حين حاصره أنطيوخس هو وأمه كليوباترا في الإسكندرية. وقام الرومان بإرسال بعثة عسكرية لمساعدة بطلميوس. وطلب القائد الروماني من أنطيوخس فك الحصار والانسحاب، فطلب أنطيوخس وقتًا ليتشاور مع زملائه فقام القائد الروماني بوبليوس برسم دائرة حوله وطلب منه أن يتخذ قراره قبل الخروج من الدائرة. ولأنه خاف من القوة الرومانية آثر الانسحاب بجيشه من مصر. لكنه رجع مغتاظًا لأنه أُجْبِرَ على ذلك. وفي (30) عاد في غيظه ثائرًا على اليهود، وصبَّ غضبه عليهم مع أنهم لم يستفزوه (لكنهم بالتأكيد كانوا بخطاياهم قد استفزوا الله نفسه فسمح الله بهذا) ويغتاظ على العهد المقدس = هذه المرة دنس الهيكل بدماء خنزيرة قدمها ذبيحة على مذبح المحرقة. وكان أن تعاون معه بعض من الذين تركوا العهد المقدس = أي اليهود المرتدين، وهؤلاء أدخلوا العادات الوثنية لليهودية وهو تشاور معهم واستخدمهم ضد الهيكل (1مك11:1-15) وفي هذه الفقرة نجد تحقيق النبوة. وفي (2مك9:4) نجد ياسون شقيق أونيا الكاهن العظيم قد أقام مدرسة بالاتفاق مع أنطيوخس لتعليم الشباب عادات الأمم. وفي (2مك23:4) وما بعده ساعد مينيلاوس أنطيوخس. هو دعمهم في تعليمهم اليهود العادات الوثنية، وهم ساعدوه في مخططاته. وفي (31) هذا ما فعله بتقديم الخنزيرة ذبيحة وهدم أجزاء من الهيكل وأبطل العبادة في الهيكل. وتقوم منه أذرع لتنجس = الأذرع هي جيشه وخونة اليهود المرتدين. وقصة هذا نجدها في (1مك21:1 وما بعده) وهو دخل الهيكل في كبرياء وأخذ المذبح الذهبي والمنارة الذهبية وغيرهم وكانت مناحة في إسرائيل بسبب ذلك. وفي (2مك15:5) وما بعده، نجد أنه دخل لقدس الأقداس، وكان مرشده منيلاوس الخائن. وهو أوقف المحرقة الدائمة حتى يجبرهم أن يتبعوا دينه الوثني. ولاحظ البعض أن التعبير المستخدم هنا للإشارة للمحرقة الدائمة استعمل هنا فقط ويمكن تفسيره المحرقة اليومية وقالوا ربما هذا إشارة لأن ضد المسيح قد يُعطِّل الخدمة في الكنائس أيضًا. وتجعل الرجس المخرب= هذا تم بوضعه تمثال إلهه جوبيتر في الهيكل. ولكن بالنسبة لضد المسيح فسيكون هذا بوجوده هو شخصيًا في الهيكل مظهرًا نفسه أنه إله (2مك2:6 + 1مك54:1، 59 + 2تس4:2) وهو اضطهد من حافظ على إيمانه، ولكن كثيرين احتملوا الاضطهاد مما أخجل هذا الطاغية. وكمثل على هذا العازار الذي قذف لحم الخنزير من فمه حينما ألقوه داخله، وكان يعلم أن هذا سيكون سببًا في موته وقد كان (2مك19:6 + 2مك7) وقارن مع (عب35:11) وفي (32) يقومون ويعملون= هم المكابيين وهؤلاء سيعلمون الآخرين أن يفرقوا بين الحق والباطل لأنهم يعلمون (33). وقد تحقق هذا في مدرسة الغيورين الأتقياء الذين كانوا يعلمون الحق الإلهي. ولكن هذا لم يحمِهم من السيف = يعثرون بالسيف. وهذا الاضطهاد سيستمر أيامًا حددها الوحي سابقًا بـ2300 يوم. وهذه تناظر في العهد الجديد يكون لكم ضيق 10 أيام (رؤ10:2) ونقرأ في سفر المكاببين عن المعاملات البربرية لأنطيوخس ضد كل من يمارس العادات والطقوس والشعائر اليهودية. فكان مثلًا يشنق من يختن ابنه، كان يشنق الأب والأم والطفل (1مك60:1-61). وهذه الآلام سمح بها الله لكي يطهر ويبيض شعبه (35). والاضطهاد والآلام لصالح الكنيسة عمومًا (1بط7:1) ودماء الشهداء هي بذرة الكنيسة. وفي (34) فإذا عثروا = أي وقع عليهم اضطهاد بالسيف أو النار يعانون عونًا قليلًا = أي لن يكون العون بأن يوقف الله الضيقات بل هو سيعين ويقوى ويشدد ويعزي أولاده الأمناء والمتألمين (مثال الثلاثة فتية في أتون النار) وكان هذا العون القليل عن طريق يهوذا المكابي والمكابيين الذين هبوا لنصرة الشعب (1مك45:2 وما بعده) ولكن كثيرون من الخونة حين رأوا نجاح المكابيين اتصلوا بهم بالتملقات حتى يخونوهم بعد هذا، أو يصعدوا على حسابهم ولكن الشدة هي التي تفصل بين المتدين الحقيقي والمتظاهر. الآيات (36-45): "ويفعل الملك كإرادته ويرتفع ويتعظم على كل إله ويتكلم بأمور عجيبة على إله الآلهة وينجح إلى إتمام الغضب لأن المقضي به يجرى. ولا يبالي بآلهة آبائه ولا بشهوة النساء وبكل إله لا يبالي لأنه يتعظم على الكل. ويكرم إله الحصون في مكانه وإلهًا لم تعرفه آباؤه يكرمه بالذهب والفضة وبالحجارة الكريمة والنفائس. ويفعل في الحصون الحصينة بإله غريب.من يعرفه يزيده مجدًا ويسلطهم على كثيرين ويقسم الأرض أجرة. ففي وقت النهاية يحاربه ملك الجنوب فيثور عليه ملك الشمال بمركبات وبفرسان وبسفن كثيرة ويدخل الأراضي ويجرف ويطمو. ويدخل إلى الأرض البهيّة فيعثر كثيرون وهؤلاء يفلتون من يده أدوم وموآب ورؤساء بني عمون. ويمد يده على الأراضي وأرض مصر لا تنجو. ويتسلط على كنوز الذهب والفضة وعلى كل نفائس مصر.واللوبيون والكوشيون عند خطواته. وتفزعه أخبار من الشرق ومن الشمال فيخرج بغضب عظيم ليخرب وليحرم كثيرين. ينصب فسطاطه بين البحور وجبل بهاء القدس ويبلغ نهايته ولا معين له." هنا ينتقل الكلام صراحة إلى ضد المسيح ودليل هذا آية (36) فلم يحدث أن أنطيوخس قد نصب نفسه إلهًا، بل هو كان يعبد إلهه جوبيتر، ووضع تمثاله في هيكل الله. لكن هذا الشخص يتعظم على كل إله= وهذا يتطابق مع (2تس4:2) بل أن الكلمات متشابهة إلى حد بعيد. ربما نأخذ الكلام جزئيًا على أنطيوخس فهو سيفعل كإرادته ولا أحد يوقفه لكن حتى تنطبق كل الآيات يجب تطبيقها على ضد المسيح. وهذا أو ذاك احتقر كلاهما الله وسينجح كلاهما لفترة. فالله أمهل أنطيوخس 2300 يومًا ثم صب قضاؤه عليه. والله تركه هكذا ليؤدِّب الشعب العاصي الذي ارتد عنه. فالله يعطي الإنسان حسب قلبه. هم اشتهوا الخطية واحتقروا الله فجاء لهم هذا الوحش. وفي الأيام الأخيرة سيحتقر الناس الله ويحبون العالم والخطية فسيعطيهم الله حسب قلبهم ويطلق لهم الشيطان [يقول المزمور "يعطيك الرب حسب قلبك" (مز4:20)] ويجئ هذا الوحش، ضد المسيح، بكل قوة الشيطان. وبمكره وخديعته (وكان أنطيوخس هذا مثالًا ورمزًا له) يجذب إليه كثيرين ويسقطهم. ومن يسير وراءه ستنسكب عليه جامات غضب الله (رؤ1:16، 2) وتكون نهاية هذا الوحش ومن معه في البحيرة المتقدة بالنار = وينجح إلى إتمام الغضب لأن المقضى به يجري وهذا هو نفسه ما ذكر في (دا 27:9) فضد المسيح هو المخرب وسيصب الله عليه وعلى من يتبعه جامات غضبه وأخيرًا هلاكًا أبديًا.
    ضد المسيح:

    السيد المسيح سبق ونبه أنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا ولو أمكن المختارين أيضاً (مت24:24) ثم يضيف "ها أنا قد سبقت وأخبرتكم" ولكن يبدو أن هناك شخصاً تشير له النبوات سيظهر في نهاية الأيام، وستكون له كل قوة الشيطان الذي يُحَّلْ لفترة يسيرة (رؤ3:20 + 2:13). وغالباً فهو إنسان، لأن سفر الرؤيا نَبَّهَ بأنه من الممكن حساب "عدد الوحش فإنه عدد إنسان وعدده 666" (رؤ18:13) . وعدد إنسان هذا يعني الآتي: في اللغة اليونانية القديمة وهكذا في القبطية لم يكن هناك أرقام (1،2،3،....) فكانوا يستخدمون الحروف للترقيم بعد وضع شرطة فوق الحرف ليتم تمييزه عن الحروف العادية:
    a=1 β=2 γ=3 δ=4 ε=5.. λ=30 ونفرض أن شخصا اسمه عادل فهكذا يكتب باليونانية αδελ ويصبح عدد اسمه 1+4+5+30=40 وجاء في التاريخ كثيرين قاوموا المسيح والكنيسة ، وبحساب أرقام أسمائهم وجدوها 666 مثل دقلديانوس. ولكن هناك شخص محدد سيظهر في آخر الأيام، وسيكون مختلفاً عن كل المسحاء الكذبة وأضداد المسيح الآخرين، وسيكون رقمه أيضاً 666. وراجع قول القديس يوحنا الرسول "أيها الأولاد هي الساعة الأخيرة وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتي. قد صار الآن أضداد للمسيح كثيرون. من هنا نعلم أنها الساعة الأخيرة".(1يو18:2) ومعنى هذا الكلام أن الرسول يوضح أن من علامات الساعة الأخيرة ظهور ضد المسيح هذا. والسيد المسيح نبهنا أن لا نقبله وأعطانا علامات كثيرة لنستدل منها أنه هو ضد المسيح المقصود، ومن هذه العلامات أنه يمكننا أن نحسب عدد اسمه عند كتابته باللغة اليونانية. وأنه سيصنع آيات عظيمة فهو فيه كل حكمة وقوة وذكاء ودهاء ودموية وكذب الشيطان. فهو تجسيد للذكاء الخارق والقدرة الفكرية الهائلة. وهو سيذهل الأمم بقدراته الفائقة للبشر إلى أبعد حد. وقطعاً لن يصدقه إلا من هو في فراغ روحي . أما من هو مملوء من الروح القدس، فالروح القدس قادر أن يعلمه ويذكره بكل شيء (يو26:14). وهذا الشخص سيظهر وسط اليهود (وقد يكون هذا معنى من القلة التي سيظهر منها القرن الصغير في إصحاح 8) وهم سيقبلونه. فهم أي اليهود مازالوا ينتظرون مجيء المسيح. وقال أحد قادة اليهود الصهاينة "نحن مستعدون للاعتراف بأي إنسان أنه مسيحنا إذا استطاع أن يوطد أقدامنا ثانية في أرض آبائنا". وقد سبق السيد المسيح أن نبه اليهود لهذه السقطة فقال لهم "أنا قد أتيت لكم باسم أبي ولستم تقبلوني، إن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه" (يو43:5). ولا يوجد في العالم كله الآن من ينتظر أن يأتي المسيح سوى اليهود. وهذا الشخص سيعظم نفسه بشكل غير عادي وغير مسبوق فهو سيدعى أنه إله (2تس4:2). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ومع أنه يهودي إلا أنه لن يبالي بآلهة أبائه = أي لن يبالي بالله، فهو في نظر نفسه إله. سيكون هو محور نفسه معجباً بذاته وبقدراته الخارقة، ربما غير عالم أنها قدرة شيطانية وستدفعه للهلاك ولكن إلتفاف الناس حوله وإعجابهم بقدراته ومعجزاته تجعله يتمركز حول نفسه ولا يبالي بشيء (آلهة هنا هي إلوهيم كما قيل في (تك1:1) في البدء خلق إلوهيم السماء والأرض). وهناك علامة أخرى عن هذا الشخص نجدها هنا ألا وهي شذوذه عن الطبيعة لا يبالي بشهوة النساء فالإنسان الطبيعي بطبيعته يشتاق للجنس الآخر، فالرجل يشتاق للنساء. حقاً هناك من أجبروا ذواتهم على الحياة في بتولية مثل الرهبان، ولكن هؤلاء كان محورهم هو الله وليس ذواتهم وقال عنه السيد المسيح "يوجد خصيان خصوا أنفسهم من أجل ملكوت الله". أما هذا الوحش فهو لن يهتم بهذه المشاعر الطبيعية فمحور حياته هو ذاته وليس أي إله أو مشاعر طبيعية. ولكن هذه العلامة تشير أيضاً لأنه ربما كان هذا الشخص شاذاً جنسياً. فمن (رؤ8:11) نعلم أن خطية المدينة العظيمة (أورشليم) حيث يكون مقر هذا الوحش هي خطية سدوم (الشذوذ الجنسي) ومصر (العناد مع شدة الضربات) . فقول سفر الرؤيا عن مملكة ضد المسيح أنها تُدعي روحياً مصر = أي الخطية السائدة فيها.
    وفي (38) هذا الضد للمسيح لا إله له، فهو أَلَّه نفسه. ومن له إله يحتمى به. فلمن يلجأ هذا الشخص ليحتمى. لذلك نجدهيكرم إله الحصون.. بالذهب والفضة = إله الحصون في الإنجليزية God of forces أو Fortresses والمعنى أنه يكرم القوة ويتحصن بها. وقد تكون هذه القوة هي المال ويكون هذا هو المقصود بالذهب والفضة. أو قوة عسكرية وهذا ما يبدو واضحاً في (رؤ13:17، 14) فالعشرة ملوك يعطون قدرتهم للوحش ويعطونه سلطانهم وهو يتحصن بهذه القوة. ولكن ضد من؟! لبؤسه هو يحارب الله "هؤلاء يحاربون الخروف ولكن الخروف يغلبهم" (رؤ17: 14). المال والقوة هما الوثن الجديد الذي يعبده العالم، والإنسان الجسداني يشعر أنه محصن لو إمتلكهما. وفي هذا قال السيد المسيح أنه لا يمكن لأحد أن يعبد سيدين الله والمال. وكان هذا من فجر التاريخ، ولكن في أيام النهاية ومع الارتداد العام والإلحاد (2تس2) صارت هذه هي لغة العالم.
    آية (39): الحصون الحصينة = هي مقادس الله راجع آية (31) فالهيكل أسماه المقدس الحصين. ويبدو أن الحصون الحصينة هي كنيسة المسيح، فهو سيهاجمها علناً ولا نجد ما يفسر هذا تفسيراً واضحاً سوى (2تس4:2) ، فهو سيجلس نفسه في هيكل الله كإله. ومن يعرفه يزيده مجداً ويسلطهم على كثيرين ويقسم الأرض أجرة= فالأرض هي كل ما يملكه، وما يستطيع أن يعطيه لمن يتبعه، وهكذا قال الشيطان للمسيح "أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي" والمجد المقصود الذي سيزيده لتابعيه هو مجد هذا العالم وهذا متطابق مع سفر الرؤيا "هو صنع سمة لمن يتبعه، ولا يقدر أحد أن يشترى أو يبيع إلا من له السمة أو اسم الوحش أو عدد اسمه" (رؤ16:13-18).
    لنرى الآن العلامات التي أعطاها لنا الله لضد المسيح الذي يظهر في آخر الأيام:-
    دموى متوحش ولاحظ مواصفاته (رؤ13: 2) ومن لا يتبعه هكذا لا بد أن يُقتل (رؤ 13). "ولو لم يقصر الله تلك الأيام لم يخلص جسد" (مت 24).
    يصنع علامة لمن يتبعه بها يشترى ويبيع، أي من ليس له العلامة لن يستطيع أن يعيش (رؤ 13).
    إما شاذ جنسيا أو هو سينشر الشذوذ الجنسى = لا يبالى بشهوة النساء ولذلك تسمى مملكته روحيا سدوم (رؤ 11).
    لا يعترف بإله بل يجلس في هيكل الله مظهرا نفسه أنه إله (2تس2) + لن يبالي بآلهة أبائه .
    يعيد تقسيم الأرض كمكافأة لمن يتبعه = يقسم الأرض أجرة.
    رقم اسمه باليونانية هو 666 (رؤ 13).
    هما وحشين، أحدهما زعيم أو قائد يخرج من العالم ، وهذا هو وحش البحر وهو الوحش الدموى، والآخر غالبا سيكون رئيس دينى يهودي يكون مركزه في أورشليم ويسميه سفر الرؤيا وحش الأرض، وله سلطان شيطاني على عمل خوارق وأعاجيب تبهر الناس فتتبعه. وهذا يُنزل نارا من السماء وهذه قد تكون لقبول ذبيحة يقدمها فيظن الناس أن الله قد قبلها وينخدعوا وراءه (رؤ13).
    وحش البحر سيكون أداة الدعاية لوحش الأرض (رؤ13: 12).
    يعطل الكنائس وغالبا يأخذها لحسابه = يجلس في هيكل الله كإله مظهرا نفسه أنه إله (2تس2: 4).
    السمة الواضحة له أنه يدّعى أنه المسيح ويهاجم مسيحنا ومخلصنا الحقيقي بشدة.
    له ذكاء خارق ويبهر الناس بقوته وإمكانياته ربما العسكرية أو المالية = بالذهب والفضة .
    إله هذه الفترة هو المال والأسلحة والقوة المالية أو العسكرية يتحصن بها = يُكرم إله الحصون .
    الضربات تصيبه بطريقة عجيبة ولكنه يعاند، لذلك تدعى مملكته روحيا مصر (رؤ 11) ففرعون كان يعاند موسى ويرفض إطلاق الشعب مع كل الضربات التي ضربه بها الله. وضربات مملكة الوحش تجدها في (رؤ 16).
    في نفس مدة وجوده يرسل الله النبيين إيليا وأخنوخ لمقاومته (رؤ 11).
    ولنتساءل الآن... أما نحن قريبين من هذا اليوم. فالفراغ الروحي انتشر في العالم/اليهود موجودون في أورشليم وهم في انتظار مسيحا يخلصهم وهم يمتلكون الميديا من صحف وتليفزيون وقادرين على عمل الدعاية لهذا الشخص عند ظهوره/انتشار الشذوذ الجنسى بقوانين تشرعها الحكومات/أليس من السهل وضع علامة على كروت البنوك التي يتعامل بها كل العالم الآن بدلا من النقود وهذه العلامة تميز من هو تابع لضد المسيح/العالم الآن لا يحترم سوى القوى المالية أو العسكرية/انتشار الإلحاد. وليرحمنا الله.
    الآيات (40-45): هذه لها تطبيقان، فهنا عاد النبي ليتنبأ عن الحروب بين ملك الجنوب وملك الشمال وهذه قد حدثت مع أنطيوخس إبيفانيوس، لكنها ستتكرر حدوثها مع اقتراب أيام النهاية. إذًا هذه النبوة ستتكرر مرتين. بالنسبة لأنطيوخس إبيفانيوس: فقد قيده الرومان ومنعوه أن يغزو مصر. ولكن قام ملك مصر بشن حرب ضده = في وقت النهاية يحاربه ملك الجنوب هو هاجم حدوده فثار عليه أنطيوخس = يثور عليه ملك الشمال = وأتى عليه بقوة عظيمة ويجرف ويطمو = وهو ضرب بلاداً كثيرة في مصر. وفي حملته ضد مصر سيضرب اليهود = يدخل إلى الأرض البهية (9:8) أسماها فخر الأراضي فبها أورشليم، وسيصنع بهم أموراً مرعبة = فيعثر كثيرون لكنه لم يضرب أدوم وبني عمون (41) فهم كانوا يؤيدونه ويشجعونه ضد اليهود. وهو في حملته هذه ضد مصر ضرب بلاداً كثيرة ومنها مصر (42) ما عدا من سبق وأيَّده وكانت هذه حملته الرابعة والأخيرة ضد مصر في سنته العاشرة والحادية عشرة لحكمه. وهو جاء ضد مصر مدعياً أنه يساعد أخو بطلميوس فيلوميتر الصغير ضد أخيه. وفي هذه الحملة لم يسقط قتلي ولكنه استولى على كنوز مصر(43). فهو جاء من أجل هذا. وهذا سجله بوليبيوس الأثيني، أن أنطيوخس غنم كثيراً من مصر بعد أن كسر المعاهدة مع فيلوميتر. ويسجل هذا المؤرخ كيف أنه بَذَّرَ كل ما حصل عليه، وقد ساعده الليبيين والكوشيين بخيانتهم لمصر وكانوا رهن إشارته = عند خطواته (43) . وفي آية (44) بينما هو مشغول في حربه مع مصر مزهواً بإنتصاراته فيها سمع بأخبار من الشرق والشمال فهو سمع بأن ملك بارثيا هاجم مملكته وأن الفرس تمردوا عليه. وهذا إضطره أن يؤجل خططه ضد اليهود لإفنائهم وذهب ليحارب في فارس. ومات هناك كما ذُكِرَ قبلاً خلال حملته ضد البارثيين وهذا شرحه تاسيتوس الوثني الذي كان يمتدح أنطيوخس على محاولاته استئصال ديانة اليهود بخرافاتها وتطبيعهم بالطبع اليوناني. وهذا الوثني رثى موته في هذه الحرب (هو مات بمرض كما ذكر قبلاً لكنه مات وجيوشه تحارب) قبل أن يتم مهمته ضد اليهود (راجع تفسير إصحاح 8) وكانت هذه المهمة في تحطيم اليهود هي ما قيل عنها ليُخْرِبْ ويُحَرِّم كثيرين. فهو حين وجد نفسه مضطرباً ومحرجاً في أعماله وحربه ضد البارثيين خرج بغضب عظيم ليخرب اليهود ويبيدهم = يُحَرِّم، فيحرمتعنى إبادة. وقصة هذا تجدها في (1مك27:3) وما بعده.
    آية (45): سمع أنطيوخس بنجاح يهوذا المكابي فأعطى أوامره إلى أحد قادته واسمه ليسياس ليُدَمِّر أورشليم. فجاء ليسياس ونشر خيامه وبينها خيمة الملك بين البحر الأبيض والبحر الميت. وهذا معنى ينصب فسطاطه بين البحور = والفسطاط هو الخيام الملكية الفخمة. وأراد أنطيوخس بوضع خيمته بينها أن يكون كأنه وسط جيشه. وكان نشر الخيام هذه في منطقة عمواس بالقرب من أورشليم. وكان قد أعطى تفويضاً كاملاً إلى ليسياس بأن يضرب بكل عنف وأعطاه سلطاناً مطلقاً. وهو وضع خيمته هناك كأنه إمتلك جبل قدس الرب. ولكن يهوذا المكابي هزم جيش ليسياس، وكانت نهاية أنطيوخس بشعة كما سبق وشرحناه (إصحاح 8). فالله هو الذي قطعه ولا نجد نبوات عن أي ملك يأتي بعده فهو كان أسوأهم ، وهو رمز لضد المسيح الذي به ينتهي العالم ولا يأتي شيئاً بعده، بعد أن يتحول التمثال إلى عصافة وتذريه الريح (دا 2).
    بالنسبة لتفسير الآيات في الأيام الأخيرة: هذه تشير لحروب قرب الأيام الأخيرة وتبدأ بزحف ملك الجنوب على الشمال ولكن من الصعب تصور طبيعة هذه الحروب. إلا أنه من الواضح أن ضد المسيح سيخوض حروباً تدور رحاها بين الشمال والجنوب.
    إلا أن ما يستوقفنا هو الآية (45) فهناك من يحاول أن ينشر فسطاطه بين البحور وجبل بهاء القدس = فللأسف فهذا ما يحدث الآن من بدع وهرطقات لها مظهر عالمى جذاب يشير له الفسطاط أي الخيام الملكية ، وهذه الأفكار لها مظهر براق يدور حول الذات، ولكنها من داخل فارغة فلا يوجد ملك داخلها بل هذا الملك هناك ينازع الموت بعيدا في أقصى الشرق . وهذه الأفكار المنتشرة الآن هي إلحاد وشذوذ ولكنهم يطلقون عليها الحرية الشخصية المقدسة والعلم الحديث بينما الكتاب المقدس به أساطير، وأفكارهم وصلت لعبادة الشيطان، بل حتى رجال دين كثيرين يبشرون بعلم لاهوت حديث يدَّعي أن الكتاب المقدس به أساطير، وهذه البدع تحجز البشر (المعبر عنهم بالبحور) عن رؤية جبل بهاء القدس أي مجد الله. وسيكون هذا في أبشع صوره مع ظهور ضد المسيح.
    عموماً فالله إذا سمح بضيقات وآلام تجتازها الكنيسة خلال هذه الحروب وخلال إضطهاد ضد المسيح لها، فسيكون هذا للتأديب والتبييض إعداداً للمجد السماوي، وملك الله الكامل على كنيسته وخلال الآلام يعين الله كنيسته ولا يتركها وحيدة (دا 34:11، 35). ويقول في سفر الرؤيا أن الله أعد مكانا لتهرب فيه الكنيسة وهناك يعولونها (رؤ12)، وللمؤمنين المسيحيين في أورشليم يُعِّد لهم الله مكانا للهرب من الضربات الآتية على مملكة ضد المسيح (زك 14). فالله لن يتخلى عن شعبه وسط هذه الضيقة العظيمة.


  3. #13
    الاصحاح الثانى عشر
    يسمى هذا الإصحاح إصحاح القيامة العامة. فبعد أن انتهى الإصحاح السابق بأخبار ضد المسيح الذي يأتي في نهاية الأيام. ينبؤنا هذا الإصحاح بأحداث نهاية الأيام والقيامة. ولأن هذا السفر يحدثنا عن ملكوت الله، فنجد ختام السفر يكلمنا عن القيامة التي فيها سيظهر ملكوت الله بصورته الكاملة. الآية (1): "وفي ذلك الوقت يقوم ميخائيل الرئيس العظيم القائم لبني شعبك ويكون زمان ضيق لم يكن منذ كانت أمة إلى ذلك الوقت وفي ذلك الوقت ينجى شعبك كل من يوجد مكتوبًا في السفر." هذه الأيام الأخيرة مع ظهور الوحش (ضد المسيح) ستكون أيام ضيق لم يكن منذ كانت أمة = هذا هو نفس ما قاله السيد المسيح في (مت21:24) وبنفس الكلمات. وسيكون ذلك نتيجة تسلط الشيطان. حتى أن السيد المسيح قال "لو لم تقصر تلك الأيام لم يخلص جسد" (مت22:24) ولكن نشكر الله فهم لهم سلطان على الجسد فقط. والضيق سيكون ناشئًا من أن شعب المسيح لن يقبل سمة الوحش وبذلك لن يستطيع أن يبيع أو يشتري. وأيضًا الضيق سيكون في صورة اضطهاد جسدي يصل للاستشهاد ولكن الله لن يتخلى عن شعبه. وفي ذلك الوقت يقوم ميخائيل الرئيس العظيم القائم لبني شعبك (رؤ7:12-11) وسيرسل الله شاهدين (إيليا وأخنوخ) ضد هذا الوحش ليحاربوه ويفسدوا أعماله ضد شعب الله (رؤ3:11) وهذه هي الأيام التي ينجي فيها شعبك كل من يوجد مكتوبًا في السفر قارن مع (رؤ5:3) فهناك سفر للحياة مكتوب فيه أسماء الذين يرثون الحياة. ولكن من هم هؤلاء الذين ينجوا؟ هم المؤمنين بالمسيح الذين يغلبون، وهذا واضح من نفس الآية "مَنْ يغلب لن أمحو اسمه من سفر الحياة" وأيضًا قد تشير هذه الآية لليهود الذين سيؤمنون بالمسيح في نهاية الأيام فينجوا. وما أجمل أن نشعر بأن الله يرسل لنا قوى غير مرئية مثل الملاك ميخائيل مع قوى مرئية مثل إيليا وأخنوخ ليدافعوا عن الكنيسة وعن شعب الله، حقًا "إن نسيت الأم رضيعها أنا لا أنساكم" وقد سبق الملاك أن أخبر دانيال عن ميخائيل في (دا 21:10) أنه صديق وشفيع ومحارب عن الكنيسة وينجي شعبك = لا يجب أن نفهمها أن الله سينجي شعبه من الاستشهاد فهذا ليس في فكر الله. ولو كان هذا في فكر الله فلماذا سمح بعصور استشهاد طويلة في الماضي ولكن ما تقصده الآية هو النجاة من الهلاك الأبدي (رؤ15:20). آية (2): "وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون هؤلاء إلى الحياة الأبدية وهؤلاء إلى العار للازدراء الأبدي." هذه هي القيامة العامة. وهذا هو نفس المعنى الذي قاله السيد المسيح في (يو28:5، 29) وقوله كثيرين تعني أن هؤلاء الكثيرين الراقدين سيقومون أو أن هؤلاء الراقدين سيقوم منهم كثيرين للحياة وسيقوم كثيرين للعار (أع15:24) ولاحظ أنه يسمى الأموات راقدين، وهذه تسمية العهد الجديد كما قال المسيح "حبيبنا لعازر قد نام" ونلاحظ أن هناك مكانين فقط بعد الموت، إذًا أين الملك الألفي وأين المطهر؟!! وهذه الآية مناسبة هنا جدًا، فمع هذه الضيقات الشديدة سنجد كثيرين يخورون مدَّعين أنه لا أحد يستطيع احتمال هذا العذاب. ولكن ترد عليهم هذه الآية بأن كثيرين يخلصون ويثبتون محتملين هذه الآلام. وهذه الآية تشجع كل من يصبر على ضيقات هذا العالم. آية (3): "والفاهمون يضيئون كضياء الجلد والذين ردوا كثيرين إلى البر كالكواكب إلى أبد الدهور" من عرف المسيح وامتلأ من الروح القدس يعطي له الروح فهمًا. فحين تأتي هذه الخدع سيكتشفها هؤلاء الفاهمين ويشرحوا لمن ليس له فهم وخَدَعَتْهُ حيل هذا المضل. ولكن من يشهد للمسيح في هذه الأيام سيعرض نفسه للاستشهاد والضيق ولكن "إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضًا معه" (رؤ17:8). وهؤلاء مجد الرب الإله ينير عليهم (رؤ5:22) والقديسين سيكونون في السماء كالكواكب لأن المسيح سيكون هو شمس البر التي تضئ لهم. آية (4): "أما أنت يا دانيال فأخف الكلام وأختم السفر إلى وقت النهاية.كثيرون يتصفحونه والمعرفة تزداد." معنى الكلام أن كلمات هذا السفر ستكون غامضة إلى وقت النهاية. وقرب النهاية ستتضح معاني الكلمات حتى تكون شاهدًا، ومؤيدة بعلامات تكشف هذا الوحش. وفي وقت النهاية كثيرون يتصفحونه والمعرفة تزداد بخصوص علامات هذه الأيام. ويتأكدون من صدق مواعيد الله، فهو قد سبق وأخبرهم بكل شيء. آية (5): "فنظرت أنا دانيال وإذ باثنين آخرين قد وقفا واحد من هنا على شاطئ النهر وآخر من هناك على شاطئ النهر." هنا دانيال يري ملاكين كل منهما على ضفة من ضفاف النهر. فالله يحيط شعبه دائما بملائكته ليقووا ويساندوا شعبه في كل مكان = ملاك على كل شاطئ. آية (6): "وقال للرجل اللابس الكتان الذي من فوق مياه النهر إلى متى انتهاء العجائب." أما الرجل اللابس الكِتّان فهو المسيح. وواضح اهتمام الملاك بالبشر وهو الذي يسأل إلى متى انتهاء العجائب = أي متى ستكون هذه النهاية. أو متى تأتي وتنتهي هذه الأحداث. وقد سمع دانيال سؤال الملاك للمسيح ورد المسيح عليه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولاحظ أن المسيح مكانه هنا فوق مياه النهر= والنهر هو نهر دجلة الذي قيل عنه في (دا 4:10) وعرفنا سابقًا أن جريانه السريع واندفاعه وعمقه تشير للأحداث الرهيبة الأخيرة أو المعارك الحربية الأخيرة التي كانت رمزًا لها حروب الماضي بين اليونان والفرس. وفي الأيام الأخيرة تشير لأحداث صاخبة مثل اندفاع مياه دجلة. ولكن أليس من المعزي جدًا والمبهج لنا جدًا أن المسيح فوق هذه الأحداث أي يسيطر عليها ويتحكم فيها لصالح شعبه. والمسيح عمل نفس الشيء وسار فوق البحر الهائج بل جعل بطرس يعمل نفس الشيء. وهذه العبارة تتكرر ثانية في آية (7) كتأكيد لهذا، أن الله هو ضابط الكل. وكيف يستغل الله هذه الأحداث لصالح شعبه. راجع الآية (10) من هذا الإصحاح كثيرون يتطهرون ويبيضون ويمحصون = هذه هي فوائد الضيقات. وكان سير المسيح على مياه البحر بنفس المعني "حتى البحر يطيعه" ويبدو أن الملاك سأل هذا السؤال نيابة عن دانيال الذي خشى أن يسأله وذلك لأن المسيح أراد هذا. فهو كان يرد على أسئلة التلاميذ التي يريدون أن يسألوها (يو19:16) ولاحظ قوله يتطهرون ويبيضون.. وقارن مع قصة الثلاثة فتية في أتون النار فالله يسمح بالضيقات حتى نتطهر ونتحرر من قيودنا ويكون هو معنا في وسط الضيقة يعزينا. آية (7): "فسمعت الرجل اللابس الكتان الذي من فوق مياه النهر إذ رفع يمناه ويسراه نحو السموات وحلف بالحي إلى الأبد أنه إلى زمان وزمانين ونصف.فإذا تم تفريق أيدي الشعب المقدس تتم كل هذه." الإجابة كانت زمانًا وزمانين ونصف زمان = هذه الإجابة الرمزية تتكرر كثيرًا. وهي تعني [1]ملء الزمان أي حينما تنضج الأحداث وتكتمل ويرى الله هذا مناسبًا [2] هي فترة ضيقات تنتهي بمجد لله [3]قد تعني نصف الأسبوع الأخير من نبوة السبعين أسبوعًا (دا 9) أي 1/2 3 سنة [4] ولها تفسير آخر، كتأمل:- فزمان = تعني أنه ملء الزمان أي أفضل توقيت لحدوث هذا في علم الله الكامل. وزمانين= بالنسبة للبشر فهم متسرعين، لكن عليهم أن يتعلموا الصبر فهم يريدون تنفيذ الأحداث الآن أو نهاية الضيقات الآن لكن الله يقول لا.. فعليكم أن تعتبروا مدة تنفيذ هذه الأحداث ضعف ما تتصورون، أي لا داعي للعجلة. ونصف زمان= هذه بالنسبة للمتهاونين، هؤلاء عليهم أن يعلموا أن المسيح سيأتي بأسرع مما يتصورون فالوقت منذ الآن مقصر "ويوم الرب يأتي كلص". وحين تتم الأحداث سيجد الإنسان أن الوقت كان أسرع مما يتصور. بل أن الله نفسه مشتاق أن يعود الإنسان إلى صورة المجد والبهاء التي خلقه عليها أولًا بل ستكون أفضل (رو5: 15). وهذا الوقت تم التعبير عنه في سفر الرؤيا بنفس الأسلوب. وهذا الوقت تم بقسم فقد رفع لابس الكتان كلتا يديه، وهكذا صنع في سفر الرؤيا (5:10، 6). أي تأكيد أكثر من هذا؟! فحين يأتي أحد وينكر المجيء الثاني فأي دينونة تنتظره (2بط4:3). فإذا تم تفريق أيدي الشعب المقدس. ويعود في (11) ويحدد بدءها إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رجس المخرب. فقد يعني هذا سيطرة كاملة للوحش أو ضد المسيح مما يتسبب في تعطيل العبادة في الكنائس. وإقامة رجس المخرب. من المحتمل أن يكون هذا بجلوس ضد المسيح في الهيكل مظهرًا نفسه أنه إله. ويمكن بعدها حساب مدة الآلام بالأيام كما في آية (11). الآية (8): "وأنا سمعت وما فهمت.فقلت يا سيدي ما هي آخر هذه." هذا سؤال كل محب للكنيسة هنا دانيال هو الذي يسأل، وما آخر كل هذا الشر الذي في العالم. ودانيال يعبر هنا عن عدم فهمه فلنتضع ونقول ونحن أيضًا لا نفهم. وبنفس المعنى صرخت النفوس التي تحت المذبح في السماء قائلة (رؤ6: 10). الآية (9): "فقال اذهب يا دانيال لأن الكلمات مخفية ومختومة إلى وقت النهاية." ولكن هذه الكلمات ستظل مختومة وغير مفهومة حتى وقت النهاية "حين تزداد المعرفة" ويكون لهذه الآيات فائدة وربما لو عُرف معناها الآن تمامًاً لتعطلت خطة الله، وهذه هي طبيعة النبوات فهي تفُهم بعد تنفيذها أو بالقرب من موعد تنفيذها ليكون لها فائدة.
    آية (10): "كثيرون يتطهرون ويبيّضون ويمحّصون.أما الأشرار فيفعلون شرًا ولا يفهم أحد الأشرار لكن الفاهمون يفهمون." هذه الآلام يكون لها عمل النار المطهرة للمؤمنين وأما الأشرار فيزدادون تجديفاً على الله، ولن يقدموا توبة. (راجع رؤ20:9) "فلم يتوبوا بعد.." بالرغم من الضربات التي بيضت وطهرت غيرهم + (رؤ9:16) فهم "لم يتوبوا بل هم جدفوا أيضاً" + (رؤ10:16) "يعضون ألسنتهم من الوجع".... وهذا ما يسمى روحيا " خطية مصر ".
    وأما الذين أعطاهم الروح القدس فهماً فسيفهمون ويقدمون توبة والآن نجد كلا القمح والزوان في الحقل وكلاهما ينميان معاً حتى يوم النهاية. وهذه الآية هي نفسها (رؤ11:22) من هو نجس فليتنجس بعد.
    وهؤلاء الأشرار ستعمى عيونهم ولن يفهموا أن النهاية قد اقتربت (2بط4:3). فالخطية تعمى العيون (يو19:3 + مت14:13، 15).
    آية (11): "ومن وقت إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رجس المخرب ألف ومئتان وتسعون يومًا." 1290 يومًا هي المدة التي تبطل فيها الشعائر الدينية، حين يبطل الوحش العبادة. مع ملاحظة أنه في خلال هذه المدة ولمدة 1260 يومًا سيشهد للمسيح شاهديه إيليا وأخنوخ (رؤ3:11) بينما سيدوس الأمم المدينة المقدسة 42 شهرًا أي 1278 أو 1279 يومًا وهنا مجرد تصور لتقسيم هذه المدة وهي محاولة للفهم مجرد محاولة لكن الأمر سيظل غامضًا إلى أن يتضح في حينه.
    وطوبى لمن ينهي فترة الـ1335 يومًا ومازال على الإيمان = طوبى لمن ينتظر ويبلغ إلى (12) أي يحتمل الآلام التي سيثيرها هذا الوحش ضد المؤمنين وهذه تساوي قوله من يغلب في سفر الرؤيا. آية (13): "أما أنت فأذهب إلى النهاية فتستريح وتقوم لقرعتك في نهاية الأيام." لاحظ أن الموت راحة. (وهذه هي الكلمة التي تستخدمها كنيستنا مع المنتقلين، ونستعملها بالنطق السرياني تنيح أي استراح ونياح أي راحة). ولاحظ أن الآية تتكلم أيضًا عن القيامة = وتقوم لقرعتك في نهاية الأيام = وكان دانيال في هذا الوقت قد وصل لشيخوخة كبيرة، لم يستطع بسببها غالبًا أن يعود إلى وطنه، رغم أن كورش كان قد سمح بعودة اليهود سنة 536 ق.م. وغالبًا فقد مات دانيال سنة 534 ق.م. أي بعد هذه الرؤيا مباشرة. وقد دفن في برج كبير في عاصمة مادي كان مثوى لملوك مادي وفارس

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •