المقدمة وفيها ستة فصول

الفصل الأول: في جزيرة كريت


عُرفت هذه الجزيرة بكريت منذ أمد بعيد وسُميت كنديا أيضاً ولم تزل معروفة بهذين الاسمين والمرجّح أنها هي التي سُميت في العهد القديم كفتور (تثنية ٢: ٢٣ وإرميا ٤٧: ٤ وعاموس ٩: ٧). ويسميها الأتراك اليوم كندي وهي من أعظم جزائر البحر المتوسط وموقعها تجاه الخليج اليوناني فهي متوسطة بين أوربا وأسيا وأفريقيا. وطولها نحو مئة وخمسين ميلاً ومعظم عرضها لا يزيد على خسمة وثلاثين ميلاً. تخرقها طولاً سلسلة جبال أعظم قنتها جبل إيدا علوه ٧٦٩٤ قدماً وفي صخور هذه الجبال كهوف كثيرة واسعة كانت قديماً معابد وثنية بين هاتيك الجبال كثير من الأودية المخصبة كان سكانها في أيام هوميروس كثيرين زادوا على ألف ألف. وكان عددهم في أول القرن الثالث عشر يوم استولى عليها البنادقة سبع مئة ألف ولا يزيدون اليوم على ٢١٠٠٠٠ وكان فيها مئة مدينة كبيرة يفتخر أهلها بها. واشتهر أهلها في تأليف كتب التاريخ. واشتهرت الجزيرة بعالمها المشترع مينوس وباللبرنث (Labyrinth) الذي أنشأه الملك ديدالوس. وكان أكثر أهلها يوم كُتبت هذه الرسالة وثنيين اعتبروها مولد إلههم جوبتر وكانت وقفاً لعبادته وعبادة باخوس إله السكر. هاجر إليها كثيرون من اليهودية وما بين عصر اسكندر الكبير سنة ٣٣٠ ق. م وخراب أورشليم سنة ٧٠ ب. م كما يتبين من سفر المكابيين وتاريخ يوسيفوس. استولى عليها الرومانيون سنة ٦٩ ق. م وكان قائد جيشهم ميتلس. واستولى عليها الأتراك في القرن السابع عشر. واشتهر أهلها بالكذب وحب الشهوات والبخل والطمع.

الفصل الثاني: في كنيسة كريت


يحتمل أن الإنجيل دخل كريت بواسطة اليهود الكريتيين الذين آمنوا بالمسيح في أورشليم يوم الخمسين (أعمال ٢: ١١) ولكن لما دخل بولس إحدى فرض تلك الجزيرة وهو مسافر أسيراً إلى رومية لم يذكر لوقا أنه كان في ذلك الموضع مسيحيون يومئذ (أعمال ٢٧: ٨). ولم نسمع أن أحد الرسل بشر بالإنجيل في تلك الجزيرة قبل مجيء بولس إليها وكان قبل تسطير هذه الرسالة بقليل. ونعلم من الرسالة أن الدين المسيحي انتشر فيها كثيراً وأنه صار فيها جماعات كثيرة من المؤمنين لكنهم لم ينتظموا كنائس لكن كان بينهم من هم أهل لأن يكونوا رعاة عليها لكن لم يكن لبولس وقت يشغله برسمهم. وذكر في هذه الرسالة بعض البدع التي انتشرت بينهم فان فيها مثل ما كان في كنيسة أفسس وفنده بولس في رسالتيه إلى تيموثاوس وهي البدع التي شاعت بين المؤمنين والدعارة في الأعمال.

الفصل الثالث: في كاتب هذه الرسالة


إن كاتب هذه الرسالة بولس كما بُيّن في أولها (ص ١: ١) ولا يضاد هذا القول إلا أن لوقا لم يذكر بين ما ذكره من أعمال بولس تبشيره في تلك الجزيرة. والبدع التي ذكرها أنها دخلتها مما شاع في الكنيسة بعد زمن ما ذكره لوقا في سفر الأعمال ويُدفع ذلك بأن بولس زار كريت وترك تيطس فيها مدة تلي مدة كتابة سفر الأعمال وهي بعد إطلاقه من سجنه الأول في رومية سنة ٦٥ أو ٦٦ ب. م فإنه أخذت حينئذ تلك البدع تنتشر في الكنيسة المسيحية.

الفصل الرابع: في من كُتبت هذه الرسالة إليه


الذي كُتبت هذه الرسالة إليه تيطس وكل ما نعلمه من أمره علمناه من هذه الرسالة ومما كتب في (٢كورنثوس ٢: ١٢ و١٣ و٧: ٦ و١٣ و٢٤ و٨: ٦ و١٢: ١٨ وغلاطية ٢: ١ - ٣ و٢تيموثاوس ٤: ١٦). والذي علمناه أنه كان من الأمم ولعله وُلد في أنطاكية واهتدى إلى الإنجيل بواسطة بولس لأن بولس دعاه «الابن الصريح» (تيطس ١: ٤). ولما آمن أخذه بولس معه ومع برنابا إلى أورشليم سنة ٥٠ ب. م باكورة الإنجيل من الأمم وأبى أن يختنه إجابة لطلب مؤمني الكنيسة هنالك تأييداً لحرية الإنجيل. وبعد ذلك حمل رسالة بولس الأولى إلى كنيسة كورنثوس وكان بولس يتوقع رجوعه إليه بجواب الرسالة وهو في ترواس على غاية الرغبة في ذلك وإذ لم يستطع أن يحتمل الانتظار ذهب إلى مكدونية ليلاقيه ثم أرسله من هناك بالرسالة الثانية إلى كورنثوس وأمره بإتمام جميع الإحسان فيها لفقراء أورشليم. ولم يذكر لوقا اسمه في سفر الأعمال لكن يظهر من هذه الرسالة أنه رافق بولس في سفره إلى كريت وأنه تركه هنالك لكي يتمم العمل الذي ابتدأه الرسول فيها. وحين كتب بولس رسالته الثانية إلى تيموثاوس (٢تيموثاوس ٤: ١٠) كان تيطس في دلماسية والمرجح أنه ذهب إلى هنالك للتبشير. ومما قيل فيه نستنتج أنه كان من أحب الرفقاء إلى بولس وممن وثق بهم كثيراً إذ دعاه أخاً ورفيقاً وعاملاً معه واعتقد أنه حكيم ومجتهد وأمين بدليل قوله لأهل كورنثوس «أَمَّا مِنْ جِهَةِ تِيطُسَ فَهُوَ شَرِيكٌ لِي وَعَامِلٌ مَعِي لأَجْلِكُمْ» وهو أحد الأخوين اللذين ذكرهما بولس بقوله «أَمَّا أَخَوَانَا فَهُمَا رَسُولاَ ٱلْكَنَائِسِ، وَمَجْدُ ٱلْمَسِيحِ» (٢كورنثوس ٨: ٢٣).

الفصل الخامس: في زمان كتابة هذه الرسالة ومكانها


مكان كتابة هذه الرسالة وزمانها غير محققين والمرجح أنها كتبت في أفسس أو غيرها من آسيا الصغرى سنة ٦٦ ب. م.

الفصل السادس: في مضمون هذه الرسالة


مضمون هذه الرسالة افتتاح بولس إياها بالتسليم كعادته (ص ١: ١ - ٤). وتذكيره تيطس بالعمل الخاص الذي تركه هو في كريت لأجله وهو تنظيم الكنائس المسيحية في تلك الجزيرة وإقامة خدَم للدين ورسمهم وتعيين مراكزهم وبيان صفاتهم (ع ٥ - ٩). وبيان صفات الكريتيين كما شُهد عليهم والخطر الذي كان المؤمنون عرضة له مما شاع فيها من البدع اليهودية (ع ١٠ - ١٦). وبيان أنه يجب على تيطس أن يحث كل أنواع المؤمنين على الأمانة للحق والغيرة له ومنهم الشيوخ والنساء الطاعنات في السن (ص ٢: ٢). وعلّة حثّه النساء الطاعنات في السن على ما ذُكر هي تأثيرهن في مَن هنّ أصغر منهنّ (ع ٣ - ٥). وذكر ما يجب على الشبان وتوصيته تيطس أن يكون مثالاً لهم في الأعمال الصالحة (ع ٦ - ٨). وما يجب على العبيد المؤمنين (ع ٩ و١٠). ومن الأسباب الموجبة لذلك نعمة الله (ع ١١ و١٢). وانتظارهم مجيء المسيح ثانية (ع ١٣). والكفارة التي اقتنى بها الخلاص لشعبه. ووجوب أن يكون تيطس بلا خوف في المناداة بما أوصاه به (ع ١٥). وأمره بالطاعة للحكام والحكم على كل الكنائس (ص ٣: ١ و٢). وبناء كلامه على بعض الحقائق الإنجيلية ذات الشأن (ص ٣: ٢ - ٧). وتحذيره تيطس من المباحثات الدينية غير النافعة (ع ٨ و٩). ووجوب أن ينفصل كل الانفصال عن بعض المبتدعين (ع ١٠ و١١). ذكر أمور شخصية تتعلق بمجيء أرتيماس وتيخيكس وأن يبادر إليه عند مجيء أحدهما وتوصية في شأن زيناس وأبلوس (ع ١٢ و١٣). وختم كلامه بنصائح وتحيات لمؤمني كريت وحثهم على الاجتهاد في الأعمال الصالحة (ع ١٤ و١٥).
والمرجّح مما نستنتج من هذه الرسالة والرسالتين إلى تيموثاوس أن بولس بعد إطلاقه من سجنه الأول في رومية ذهب إلى أسبانيا حسب ما قصد (رومية ١٥: ٢٨) ومنها إلى كنائس مكدونية وكريت وأسيا الصغرى. وكتب وهو في أفسس هذه الرسالة والرسالة الأولى إلى تيموثاوس ثم ذهب إلى نيكابوليس وكان متوقعاً أن يشتي فيها ولكن قبض عليه هنالك بعض جنود نيرون وذهبوا به إلى السجن في رومية وهنالك كتب الرسالة الثانية إلى تيموثاوس وختم بعد ذلك بقليل شهادته للمسيح بدمه.

اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ


تحية رسولية ع ١ إلى ٤


١ «بُولُسُ، عَبْدُ ٱللّٰهِ، وَرَسُولُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، لأَجْلِ إِيمَانِ مُخْتَارِي ٱللّٰهِ وَمَعْرِفَةِ ٱلْحَقِّ، ٱلَّذِي هُوَ حَسَبُ ٱلتَّقْوَى».
٢تيموثاوس ٢: ٢٥ و١تيموثاوس ٣: ١٦ و٦: ٣
بُولُسُ، عَبْدُ ٱللّٰهِ، وَرَسُولُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ لم يأت بهذه العبارة في غير هذه الرسالة واكتفى في أكثر مقدمات رسائله بذكر أنه عبد الله وهو أعمّ من أنه رسول الله. فقال في رسالتيه إلى تيموثاوس أنه «رسول يسوع المسيح» وقال أنه «عبد يسوع المسيح» في (رومية ١: ١ وغلاطية ١: ١٠ وفيلبي ١: ١).
لأَجْلِ إِيمَانِ هذا بيان غاية اختياره رسولاً وهي أن يثبت الإيمان الحق. ونسب بولس توطيد الحق إلى المناداة بالإنجيل في رسالته إلى رومية (رومية ١٠: ١٤) والله أرسله لينشئ الإيمان الحق في قلوب المختارين ويقوّيه.
مُخْتَارِي ٱللّٰهِ أي الذين انتخبهم الله منذ الأزل للطاعة ورش دم يسوع المسيح (١بطرس ١: ٢) لا لاستحقاقهم بل بمقتضى قضاء الله (أعمال ١٣: ٤٨ ورومية ٨: ٣٠ - ٣٣ و٢تيموثاوس ١: ٩).
مَعْرِفَةِ ٱلْحَقِّ إنّ الله وهب لمختاريه تمام معرفة إنجيله (أفسس ١: ١٣).
ٱلَّذِي هُوَ حَسَبُ ٱلتَّقْوَى أي الذي يؤول إلى التقوى. وتانك الصفتان الإيمان والتقوى ضروريتان للنمو في الحياة الروحية. وأما المعرفة التي ادعاها المبتدعون وافتخروا بها وسموا أنفسهم غنوسين أي ذوي معرفة لم تؤد قط إلى التقوى بل إلى ضدها (ع ١١ و١٦ و١تيموثاوس ٦: ٣) فإن التقوى الحقة ثمر معرفة الإنجيل. وغاية الإنجيل أن ينشئ في المؤمنين التقوى والقداسة ويجعلهم نافعين وسعداء في هذا العالم ومستعدين للسماء وأن يقاوم كل تعليم يؤدي إلى الفجور (ص ٢: ١١ و١٢ و٢تيموثاوس ٢: ١٦) فليس غايته إثبات حقائق علمية دنيوية.
٢ «عَلَى رَجَاءِ ٱلْحَيَاةِ ٱلأَبَدِيَّةِ، ٱلَّتِي وَعَدَ بِهَا ٱللّٰهُ ٱلْمُنَزَّهُ عَنِ ٱلْكَذِبِ، قَبْلَ ٱلأَزْمِنَةِ ٱلأَزَلِيَّةِ».
٢تيموثاوس ١: ١ وص ٣: ٧ وعدد ٢٣: ١٩ و٢تيموثاوس ٢: ١٣ ورومية ١٦: ٢٥ و٢تيموثاوس ١: ٩ و١بطرس ١: ٢٠
عَلَى رَجَاءِ ٱلْحَيَاةِ ٱلأَبَدِيَّة هذا بيان العلّة الغائبة التي حملت بولس على الاجتهاد في توطيد إيمان المختارين ومعرفتهم للحق وهي أن يكون لهم يقين الرجاء لنيل الحياة الأبدية فاعتبر المناداة بالإنجيل أعظم الوسائل إلى تلك الغاية المجيدة «فالحياة الأبدية» هي الأمر المرجو. ومثل هذا قوله في (ص ٣: ٧).
ٱلَّتِي وَعَدَ بِهَا ٱللّٰهُ اعتبر بولس قصد الله الأزلي أن يهب الحياة الأبدية وعداً (رومية ١٦: ٢٥ و٢٦ وكولوسي ١: ٢٦ وأفسس ٣: ١١). وهذا كقوله «بِمُقْتَضَى ٱلْقَصْدِ وَٱلنِّعْمَةِ ٱلَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ ٱلأَزْمِنَةِ ٱلأَزَلِيَّةِ» (٢تيموثاوس ١: ٩).
ٱلْمُنَزَّهُ عَنِ ٱلْكَذِبِ (رومية ٣: ٤ و١١: ٢٩ وعبرانيين ٦: ١٨) تمييزاً عن آلهة كريت المشهورة بالكذب والنفاق.
قَبْلَ ٱلأَزْمِنَةِ ٱلأَزَلِيَّة هذا كقول المسيح «ثُمَّ يَقُولُ ٱلْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا ٱلْمَلَكُوتَ ٱلْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ» (متّى ٢٥: ٣٤).
٣ «وَإِنَّمَا أَظْهَرَ كَلِمَتَهُ فِي أَوْقَاتِهَا ٱلْخَاصَّةِ، بِٱلْكِرَازَةِ ٱلَّتِي ٱؤْتُمِنْتُ أَنَا عَلَيْهَا، بِحَسَبِ أَمْرِ مُخَلِّصِنَا ٱللّٰهِ».
٢تيموثاوس ١: ١٠ و١تسالونيكي ٢: ٤ و١تيموثاوس ١: ١١ و١تيموثاوس ١: ١ و٢: ٣ و٤: ١٠
وَإِنَّمَا أَظْهَرَ كَلِمَتَهُ أي وعده بالحياة الأبدية وهو الإنجيل نفسه وهذا الوعد أساس كل رجاء الخلاص.
فِي أَوْقَاتِهَا ٱلْخَاصَّةِ التي عيّنها الله بقضائه ورآها مناسبة لإظهارها (أعمال ١: ٧ وغلاطية ٤: ٤). وقد أُظهر وعد الله بالحياة الأبدية في العهد القديم بعض الإظهار (تكوين ٣: ١٥ و١٢: ٣ و١٧: ١٥). وأُظهر كل الإظهار بالمسيح (يوحنا ٥: ٢٥ و٦: ٦٣ و١٧: ٣ و١٧).
بِٱلْكِرَازَةِ أي بالتبشير في الإنجيل (رومية ١٠: ١٤ و١٥).
ٱلَّتِي ٱؤْتُمِنْتُ أَنَا عَلَيْهَا كما قال في (أفسس ٣: ٧ و١تيموثاوس ١: ١١) وأماكن أُخر. ولم يؤتمن عليها وحده بل كان من جملة المؤتمنين.
بِحَسَبِ أَمْرِ كما أبان في (١تيموثاوس ١: ١ وغلاطية ١: ١ - ١١) فلم يبشر بالإنجيل من تلقاء نفسه بل بأمر الله.
مُخَلِّصِنَا ٱللّٰهِ وُصف الله أيضاً بأنه «مخلص» في (لوقا ١: ٤٧ و١تيموثاوس ١: ١ ويهوذا ٢٥) لأنه مصدر الفداء ولأنه أرسل يسوع ليخلصنا بطاعته وموته (يوحنا ٣: ١٦).
٤ «إِلَى تِيطُسَ، ٱلابْنِ ٱلصَّرِيحِ حَسَبَ ٱلإِيمَانِ ٱلْمُشْتَرَكِ. نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ ٱللّٰهِ ٱلآبِ وَٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا».
٢كورنثوس ٢: ١٣ و٧: ١٣ و٨: ٦ و١٦ و٢٣ و١٢: ١٨ وغلاطية ٢: ٣ و١تيموثاوس ١: ٢ ورومية ١: ١٢ و٢كورنثوس ٤: ١٣ و٢بطرس ١: ١ وأفسس ١: ٢ وكولوسي ١: ٢ و١تيموثاوس ١: ٢ و٢تيموثاوس ١: ٢
تِيطُسَ انظر المقدمة.
ٱلابْنِ ٱلصَّرِيحِ دعاه بهذا لأنه آمن بالمسيح بواسطة بولس رأساً وهذا مثل قوله في مؤمني كورنثوس (١كورنثوس ٤: ١٥ وفليمون ١٥). وفي هذا إشارة إلى كونه مماثلاً له في الاعتقاد والعمل. ودعاه «أخاً» في (٢كورنثوس ١١: ١٢).
حَسَبَ ٱلإِيمَانِ ٱلْمُشْتَرَكِ هذا بيان أن الرُبط بينه وبين تيطس ليست طبيعية دموية بل روحية مبنية على أن لهما رباً واحداً وإيماناً واحداً. ووصف بطرس ذوي هذه القرابة بقوله «ٱلَّذِينَ نَالُوا مَعَنَا إِيمَاناً ثَمِيناً مُسَاوِياً لَنَا، بِبِرِّ إِلٰهِنَا وَٱلْمُخَلِّصِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ» (٢بطرس ١: ١).
نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ (انظر تفسير رومية ١: ٧).

بيان على ترك بولس لتيطس في كريت ع ٥ إلى ٩


٥ «مِنْ أَجْلِ هٰذَا تَرَكْتُكَ فِي كِرِيتَ لِكَيْ تُكَمِّلَ تَرْتِيبَ ٱلأُمُورِ ٱلنَّاقِصَةِ، وَتُقِيمَ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ شُيُوخاً كَمَا أَوْصَيْتُكَ».
١كورنثوس ١١: ٣٤ وأعمال ١٤: ٢٣ و٢تيموثاوس ٢: ٢
تَرَكْتُكَ فِي كِرِيتَ حين ذهبت من الجزيرة. هذا يدل على أن بولس وتيطس بشرا معاً في تلك الجزيرة وأن بولس لعلة لم تُعلم اضطر أن يذهب منها سريعاً فوكل إلى تيطس الخدمة إلى حين. انظر الكلام على كريت في المقدمة.
لِكَيْ تُكَمِّلَ تَرْتِيبَ ٱلأُمُورِ ٱلنَّاقِصَةِ هذا بيان أن على إبقاء تيطس هنالك إكمال ما قصد بولس إكماله ولم يستطعه قبل سفره. ولا شك في أنه كان قد أبان له شفاهاً ما هي تلك الأمور فذكره بها كتابة.
وَتُقِيمَ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ شُيُوخاً هذا أحد الأمور التي لم يستطع بولس أن يكملها ورآها ضرورية لنجاح الإنجيل ونمو الكنيسة. كان عدد اليهود في تلك الجزيرة كثيراً (ع ١٠) وسمع بعض الكريتيين وعظ بولس في أورشليم يوم الخمسين منذ نحو ٣٣ سنة (أعمال ٢: ١١) ولعل بعض المؤمنين كاوا قد تشتتوا من اليهودية على أثر الاضطهاد الذي نشأ من تبشير استفانوس وبشروا في كريت كما بشروا في جزيرة قبرس (أعمال ١١: ١٩) والمرجح أنه كان كثيرون من المؤمنين بالمسيح في مدن كريت المختلفة ولكن لم يكونوا قد انتظموا كنائس حين زارهم بولس وتيطس بعد السجن الأول في رومية وأن بولس أخذ في ذلك لكنه اضطر أن يتركه قبل إكماله فوكله إلى تيطس فذكره هنا به. والمراد بقوله «نقيم شيوخاً» انتخاب من هم أهل للخدمة وتعيينهم لها (أنظر تفسير أعمال ١٤: ٢٣). إنه حين رُسم تيموثاوس كانت رسامته بوضع أيدي بولس والمشيخة عليه (١تيموثاوس ٤: ١٤). وقوله «في كل مدينة» دليل على أن الإنجيل كان منتشراً في كل الجزيرة. والذين سموا «شيوخاً» هنا سموا «أساقفة» في (ع ٧). وتعيين أسقف في كل مدينة يمنع أن يكون معنى الأسقف المعنى الذي يفهمه بعض الكنائس المسيحية وإلا لزم أن يكون أسقف واحد في كل تلك الجزيرة. ولم يبين بولس عدد الشيوخ الذين يجب أن يُقاوموا في كل مدينة ولعلهم كانوا متعددين كما كانوا في مدينة أفسس ومدينة فيلبي (أعمال ٢٠: ١٧ وفيلبي ١: ١). واشتهرت كريت قديماً بكثرة مدنها وعظمتها وأشار هوميروس في إحدى قصائده إلى مئة مدينة فيها وفي قصيدة أخرى إلى تسعين.
كَمَا أَوْصَيْتُكَ شفاهاً قبل المفارقة.
٦ «إِنْ كَانَ أَحَدٌ بِلاَ لَوْمٍ، بَعْلَ ٱمْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، لَهُ أَوْلاَدٌ مُؤْمِنُونَ لَيْسُوا فِي شِكَايَةِ ٱلْخَلاَعَةِ وَلاَ مُتَمَرِّدِينَ».
١تيموثاوس ٣: ٢ الخ و١تيموثاوس ٣: ١٢ و١تيموثاوس ٣: ٤ و١٣
صرّح بولس هنا بالصفات التي يجب أن تكون للشيوخ الذين أمر بإقامتهم في الآية السابقة.
إِنْ كَانَ أَحَدٌ بِلاَ لَوْمٍ (انظر تفسير ١تيموثاوس ٣: ١٠).
بَعْلَ ٱمْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ (ارجع إلى تفسير ١تيموثاوس ٣: ٢).
لَهُ أَوْلاَدٌ مُؤْمِنُونَ كون أولاده مؤمنين دليل على أنه أمين بالقيام بما يجب عليه لأولاده من تعليم الإنجيل بالقول والعمل.
لَيْسُوا فِي شِكَايَةِ ٱلْخَلاَعَةِ وَلاَ مُتَمَرِّدِينَ الذين أولادهم خليعون ومتمردون لا يمكن أن يعتبرهم الناس ممن «يرتبون بيوتهم حسناً» ولا يثقون بأنهم أهل لأن يُقاموا مدبرين لأهل بيت الإيمان. إن سيرة أولاد الشيخ الملتوية تمنع نفع والدهم إذا كان راعياً للكنيسة كما قيل في تفسير (١تيموثاوس ٢: ٤). رغب بولس في أن يكون بيت الأسقف ممتازاً عن سائر البيوت المشهور أهلها بالترفه وسوء الأدب وذلك بأن يكون حسن الترتيب ومثالاً للجميع.
٧ «لأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ٱلأُسْقُفُ بِلاَ لَوْمٍ كَوَكِيلِ ٱللّٰهِ، غَيْرَ مُعْجِبٍ بِنَفْسِهِ، وَلاَ غَضُوبٍ، وَلاَ مُدْمِنِ ٱلْخَمْرِ، وَلاَ ضَرَّابٍ، وَلاَ طَامِعٍ فِي ٱلرِّبْحِ ٱلْقَبِيحِ».
متّى ٢٤: ٤٥ و١كورنثوس ٤: ١ و٢ وغلاطية ٥: ٢٦ وفيلبي ٢: ٣ ولاويين ١٠: ٩ وأفسس ٥: ١٨ و١تيموثاوس ٣: ٣ و٨
لأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ٱلأُسْقُفُ الأمر الظاهر أن المراد «بالشيخ» في الآية الخامسة هو المراد «بالأسقف» هنا. فسمي شيخاً باعتبار مقامه وأسقفاً باعتبار عمله.
بِلاَ لَوْمٍ كما قيل في (١تيموثاوس ٣: ٢).
كَوَكِيلِ ٱللّٰهِ (انظر تفسير ١كورنثوس ٤: ١ و٢ و١بطرس ٤: ١٠). هذا نص على أن الأسقف أو القسيس وكيل الله فضلاً عن كونه خادم الكنيسة وناظرها وأن سياسة الكنيسة مما عيّنه الله.
غَيْرَ مُعْجِبٍ بِنَفْسِهِ لا ريب في أن الإعجاب بالنفس وسائر الصفات المذكورة في هذا الفصل كانت من الصفات التي اشتهر الكريتيون بها ولذلك رأى بولس وجوب أن يكون الأسقف خالياً منها. والمعجب بنفسه يبذل وسعه في إرضاء نفسه ويهمل ما عليه لغيره.
وَلاَ غَضُوبٍ (يعقوب ١: ١٩).
وَلاَ مُدْمِنِ ٱلْخَمْرِ، وَلاَ ضَرَّابٍ، وَلاَ طَامِعٍ الخ (انظر تفسير ١تيموثاوس ٣: ٣).
٨ «بَلْ مُضِيفاً لِلْغُرَبَاءِ، مُحِبّاً لِلْخَيْرِ، مُتَعَقِّلاً، بَارّاً، وَرِعاً، ضَابِطاً لِنَفْسِهِ».
١تيموثاوس ٣: ٢
بَلْ مُضِيفاً لِلْغُرَبَاءِ (١تيموثاوس ٣: ٢).
مُحِبّاً لِلْخَيْرِ ولذلك يجتهد في إجرائه في الروحيات والزمنيات لأفراد الناس وللكنيسة كلها.
مُتَعَقِّلاً (١تيموثاوس ٢: ٩).
بَارّاً، وَرِعاً (انظر أفسس ٤: ٢٥ و١تسالونيكي ٢: ١٠ وتفسيرهما).
ضَابِطاً لِنَفْسِهِ أي متسلطاً عليه من النظر إلى مهيجات الفجور ولسانه من التكلم بالشر ويديه من فعله وفمه من المسكرات وهلم جراً.
٩ «مُلاَزِماً لِلْكَلِمَةِ ٱلصَّادِقَةِ ٱلَّتِي بِحَسَبِ ٱلتَّعْلِيمِ، لِكَيْ يَكُونَ قَادِراً أَنْ يَعِظَ بِٱلتَّعْلِيمِ ٱلصَّحِيحِ وَيُوَبِّخَ ٱلْمُنَاقِضِينَ».
١تيموثاوس ١: ١٥ و٤: ٩ و٦: ٣ و٢تيموثاوس ٢: ٢ و١تيموثاوس ١: ١٠ و٦: ٩ و٢تيموثاوس ٤: ٣ وص ٢: ١ و٢تسالونيكي ٢: ١٥ و٢تيموثاوس ١: ١٣
ما سبق من الكلام على خدم الدين مختص بصفاتهم وما هنا مختص بتعليمهم.
مُلاَزِماً لِلْكَلِمَةِ ٱلصَّادِقَةِ أي متمسكاً بإنجيل المسيح على وفق قوله «صَادِقَةٌ هِيَ ٱلْكَلِمَةُ... أَنَّ ٱلْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى ٱلْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ ٱلْخُطَاةَ ٱلَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا» (١تيموثاوس ١: ١٥ انظر أيضاً ٢تسالونيكي ٢: ١٥) وهذا خلاف ما أتى به المعلمون الكاذبون.
ٱلَّتِي بِحَسَبِ ٱلتَّعْلِيمِ أي تعليم كتاب الله على وفق قوله لتيموثاوس «أَنَّكَ مُنْذُ ٱلطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ ٱلْكُتُبَ ٱلْمُقَدَّسَةَ، ٱلْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ» (٢تيموثاوس ٣: ١٥ و١تيموثاوس ٤: ٦).
لِكَيْ يَكُونَ قَادِراً أَنْ يَعِظَ بِٱلتَّعْلِيمِ ٱلصَّحِيحِ أي يبشر المؤمنين بما هو حق ونافع وقائد إلى القداسة.
وَيُوَبِّخَ ٱلْمُنَاقِضِينَ أي يحجّجهم ويبكمهم.

وصف الذين يجب أن يقاومهم ع ١٠ إلى ١٦


١٠ «فَإِنَّهُ يُوجَدُ كَثِيرُونَ مُتَمَرِّدِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِٱلْبَاطِلِ، وَيَخْدَعُونَ ٱلْعُقُولَ، وَلاَ سِيَّمَا ٱلَّذِينَ مِنَ ٱلْخِتَانِ».
١تيموثاوس ١: ٦ رومية ١٦: ١٨ أعمال ١٥: ١
يُوجَدُ كَثِيرُونَ داخل الكنيسة ما عدا المناقضين خارجها.
مُتَمَرِّدِينَ يأبون الخضوع للسلطة الشرعية ولا سيما السلطة الرسولية (انظر تفسير ١تيموثاوس ١: ٦ و٧).
يَتَكَلَّمُونَ بِٱلْبَاطِلِ كما قيل في (٢تيموثاوس ٣: ١٣) فهم يماحكون في مسائل لا طائل تحتها وفي أنساب وخرافات وتقاليد بشرية.
يَخْدَعُونَ ٱلْعُقُولَ أي يضلونها عن سبيل الإنجيل.
وَلاَ سِيَّمَا ٱلَّذِينَ مِنَ ٱلْخِتَانِ هذا يوافق ما في تواريخ ذلك العصر وهو أنه كان في كريت يومئذ كثيرون من اليهود ولا عجب من أن بعضهم دخل جماعة المسيحيين فسماهم بولس «الذين من الختان» لأنهم علموا أن الختان ضروري للخلاص كما علم متنصرو اليهود في اليهودية (أعمال ١٦: ١).
١١ «ٱلَّذِينَ يَجِبُ سَدُّ أَفْوَاهِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَقْلِبُونَ بُيُوتاً بِجُمْلَتِهَا، مُعَلِّمِينَ مَا لاَ يَجِبُ، مِنْ أَجْلِ ٱلرِّبْحِ ٱلْقَبِيحِ».
متّى ٢٣: ١٤ و٢تيموثاوس ٣: ٦ و١تيموثاوس ٦: ٥
ٱلَّذِينَ يَجِبُ سَدُّ أَفْوَاهِهِمْ لكي لا يستمروا أن يخدعوا الناس ويضروا الكنيسة. وليس المراد بسد أفواههم إجبارهم على السكوت بواسطة الحكام أو الاضطهاد بل بالوسائط التي يجيزها الإنجيل مثل إقامة البراهين من الكتب المقدسة كما أفحم المسيح الصدوقيين وأسكت الفريسيين حتى «لم يجسروا على أن يجادلوه بعد ذلك» (متّى ٢٢: ٣٤ - ٤٠) أو بإقامة الأدلة على فساد تعليمهم وبيان جهلهم أو بالسيرة الصالحة (١بطرس ٢: ١٥).
يَقْلِبُونَ بُيُوتاً بِجُمْلَتِهَا أي يفسدون إيمان كل أهل البيت من الوالدين والأولاد والعبيد. ولعلهم علموا الحرية المطلقة وأنهم أحرار من كل الشرائع الإلهية والبشرية.
مُعَلِّمِينَ مَا لاَ يَجِبُ أي معلمين ما لا يجوز لكونه مخالفاً لشريعة الله ومفسداً لطهارة الكنيسة وآداب الناس وجالباً الإهانة لاسم المسيح.
مِنْ أَجْلِ ٱلرِّبْحِ ٱلْقَبِيحِ أي لكي يحشدوا الأموال من تباعهم. ووصفهم في موضع آخر «بأنهم يظنون التقوى تجارة» (١تيموثاوس ٦: ٥). فيعلّمون الناس ما يرضيهم بغية أن يتخذوهم مرشدين لهم في الأمور الدينية وينفقوا عليهم. وهذا يبين أن علة تعليمهم البدع ليس جهلهم الحق أو توهمهم صحة تعليمهم بل طمعهم.
١٢ «قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ نَبِيٌّ لَهُمْ خَاصٌّ: ٱلْكِرِيتِيُّونَ دَائِماً كَذَّابُونَ. وُحُوشٌ رَدِيَّةٌ. بُطُونٌ بَطَّالَةٌ».
أعمال ١٧: ٢٨
ما في هذه الآية مقتبس من شاعر وثني ذكره دلالة على صحة شهادته على الكريتيين. واستشهد بولس أيضاً بعض شعراء الوثنيين في (أعمال ١٧: ٢٨ و١كورنثوس ١٥: ٣٣).
قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أي من أهل كريت.
وَهُوَ نَبِيٌّ لَهُمْ خَاصٌّ حسب اعتقاد الكريتيين. وهو أبيمينيدس أحد حكماء اليونان السبعة المشهورين. وُلد في كريت سنة ٦٠ ق. م وكان فيلسوفاً وشاعراً واعتبره كذلك شعراء أولئك العصر ومؤرخوه اليونانيون وقد فُقد كل ما نظمه من القصائد. والجملة المقتبسة أُخذت من قصيدة لشاعر آخر اسمه كليماكس أخذ تلك الجملة عن أبيمينيدس وكانت تلك القصيدة تسبحة لزفس إله الآلهة عند قدماء اليونانيين وهو جوبتر عند قدماء الرومانيين.
ٱلْكِرِيتِيُّونَ دَائِماً كَذَّابُونَ هذا موافق لشهادة كثيرين من مؤرخي ذلك العصر حتى صار الكريتي رديف الكذاب كما كان الكورنثي رديف الزاني.
وُحُوشٌ رَدِيَّةٌ إشارة إلى قساوتهم وشراسة أخلاقهم.
بُطُونٌ بَطَّالَةٌ إشارة إلى شراهتهم في الأطعمة والأشربة وإلى فرط كسلهم. ولشهرة الكريتين بتلك الصفات الثلاث حذّر بولس تيطس من أن يرسم أحداً منهم مبشراً ومعلماً في كنيسة المسيح هنالك قبل أن يتحقق أن نعمة الله قد جددت أخلاقه الطبيعية وجعلته مشابهاً للمسيح.
١٣ «هٰذِهِ ٱلشَّهَادَةُ صَادِقَةٌ. فَلِهٰذَا ٱلسَّبَبِ وَبِّخْهُمْ بِصَرَامَةٍ لِكَيْ يَكُونُوا أَصِحَّاءَ فِي ٱلإِيمَانِ».
٢كورنثوس ١٣: ١٠ و٢تيموثاوس ٤: ٢ ولاويين ١٩: ١٧ و٢كورنثوس ٧: ٨ إلى ١٢ وص ٢: ٢
هٰذِهِ ٱلشَّهَادَةُ صَادِقَةٌ أي شهادة شاعرهم قديماً تصدق عليهم في يوم كتب هذه الرسالة. ولم يقل بولس ذلك احتقاراً للكريتيين بل إظهاراً لصفاتهم الحقيقية ليعرفها تيطس فلا يُخدع بل يجتهد في إصلاحهم.
فَلِهٰذَا ٱلسَّبَبِ وَبِّخْهُمْ أي وبخ الضالين من أهل الكنيسة لا المعلمين المفسدين.
بِصَرَامَةٍ لكي لا يشك أحد في مراده ويبين في من هو المقصود بذلك التوبيخ وأن الموبخين في خطر الهلاك فيحتاج إلى شديد التوبيخ لكي ينتبهوا لأنفسهم ويصلحوا قلوبهم فلا يبقوا كذابين ووحوشاً ردية وبطوناً بطالة ويصيروا صديقين قديسين.
لِكَيْ يَكُونُوا أَصِحَّاءَ فِي ٱلإِيمَانِ صحة النفس أهم من صحة الجسد وشرط صحة النفس الثبات في الإيمان بحقائق الإنجيل. إن مؤمني كريت كانوا بمخالطتهم لفاسدي الإيمان والسيرة عرضة لخطر التمثل بهم وخسارة طهارة إيمانهم بالإنجيل الطاهر.
١٤ «لاَ يُصْغُونَ إِلَى خُرَافَاتٍ يَهُودِيَّةٍ وَوَصَايَا أُنَاسٍ مُرْتَدِّينَ عَنِ ٱلْحَقِّ».
١تيموثاوس ١: ٤ و٤: ٧ و٢تيموثاوس ٤: ٤ وإشعياء ٢٩: ١٣ ومتّى ١٥: ٩ وكولوسي ٢: ٢٢
لاَ يُصْغُونَ إِلَى خُرَافَاتٍ يَهُودِيَّةٍ (انظر تفسير ١تيموثاوس ١: ٤ و٦: ٢٠) ومثل هذه الخرافات مجموع في كتاب ديني لليهود يُعرف بالتلمود.
وَوَصَايَا أُنَاسٍ الخ (انظر تفسير متّى ١٥: ٣ - ٥ وكولوسي ١: ١٦ و٢٢). وهذه الخرافات والوصايا البشرية تجور بالناس عن حق الإنجيل فتفسد إيمانهم به وتحملهم على سوء السيرة وتحريم ما صرّح الله بأنه حسن وجعل الامتناع عنه فضيلة وحسبان رسوم الدين الخارجية جوهرية وحفظها ضرورياً للخلاص بدلاً من الإيمان بالمسيح وحسن السيرة مع التواضع وطلب نفع الغير. وتعليم بولس هنا يوافق ما قاله المسيح في (متّى ١٥: ١ - ٢٠) والمرجّح أنه بُني عليه.
١٥ «كُلُّ شَيْءٍ طَاهِرٌ لِلطَّاهِرِينَ، وَأَمَّا لِلنَّجِسِينَ وَغَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ فَلَيْسَ شَيْءٌ طَاهِراً، بَلْ قَدْ تَنَجَّسَ ذِهْنُهُمْ أَيْضاً وَضَمِيرُهُمْ».
لوقا ١١: ٣٩ إلى ٤١ ورومية ١٤: ١٤ و٢٠ و١كورنثوس ٦: ١٢ و١٠: ٢٣ و٢٥ و١تيموثاوس ٤: ٣ و٤ ورومية ١٤: ١٣
هذا جواب الرسول على تعليم المعلمين الفاسدين المفصل في (ع ١٤) وهو يبيّن أن مضمون «وصايا الناس» تحريم ما أجازه الله.
كُلُّ شَيْءٍ طَاهِرٌ لِلطَّاهِرِينَ أي لأطهار القلوب (متّى ٥: ٨) الذي طهر الله قلوبهم بالإيمان (أعمال ١٥: ٩). وأراد بكل شيء هنا كل ما هو مادي خارجي. والمراد «بالطاهر» جائز الاستعمال ولا ريب في أنه أشار بذلك إلى الأطعمة والأشربة. فبعض الأطعمة في شريعة موسى لم يُحسب طاهراً لليهودي فحُرم عليه وحُسب بعضها طاهراً جائزاً أن يُتناول. وهذا يوافق قوله سابقاً «إِنِّي عَالِمٌ وَمُتَيَقِّنٌ فِي ٱلرَّبِّ يَسُوعَ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ نَجِساً بِذَاتِهِ» (رومية ١٤: ١٤ فانظر التفسير في موضعه) وهو موافق لقول الرسول «ليس ما يدخل الفم بنجس الإنسان» (متّى ١٥: ٢ و١١). ولا يستلزم ذلك أن الأمور المحرمة بذاتها جائزة للمؤمنين لأن القرينة تدل أن كلام بولس محصور في ما يؤكل ويشرب وأن القداسة لا بقوم بالامتناع عن بعض أنواع الطعام وأن الخطيئة لا تنشأ عن تناول الأطعمة.
أَمَّا لِلنَّجِسِينَ بالخطيئة.
وَغَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أي رافضي الإنجيل.
فَلَيْسَ شَيْءٌ طَاهِراً لأنه صارت لهؤلاء كل الأشياء وسائل إلى الإثم ومؤديات إليه لنجاسة قلوبهم وأفكارهم وشهواتهم. فإذا توقع الخاطئ أن يتطهر بواسطة استعمال الماديات عبث. نعم إن الله خلق الأشياء حسنة ولكن الإنسان نجسها بسوء استعماله إيّاها. إن المسيح حرّر المسيحي من حفظ ناموس موسى في شأن تمييز الأطعمة وغيره من الرسوم اليهودية لأن الغاية من ذلك التمييز قد انتهت وهي انفصال اليهود عن سائر الأمم والإشارة إلى المسيح وعمله الفدائي.
قَدْ تَنَجَّسَ ذِهْنُهُمْ أَيْضاً وَضَمِيرُهُمْ هذا الحال أردأ من حال الذي كان يتنجس تنجساً خارجياً بمخالفته شريعة موسى الرمزية فهي تجعل باطن الإنسان نجساً مكروهاً أمام الله وتؤدي إلى النمو والتقدم في النجاسة أبداً كما يظهر من قول المسيح «إِنْ كَانَ ٱلنُّورُ ٱلَّذِي فِيكَ ظَلاَماً فَٱلظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ!» (متّى ٦: ٢٣). والمراد «بالذهن والضمير» هنا كل باطن الإنسان من أفكار وأهواء ومقاصد.
١٦ «يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ ٱللّٰهَ، وَلٰكِنَّهُمْ بِٱلأَعْمَالِ يُنْكِرُونَهُ، إِذْ هُمْ رَجِسُونَ غَيْرُ طَائِعِينَ، وَمِنْ جِهَةِ كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ مَرْفُوضُونَ».
٢تيموثاوس ٣: ٥ ويهوذا ٤ ورومية ١: ٢٨ و٢تيموثاوس ٣: ٨
يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ ٱللّٰهَ أي هؤلاء المعلمون المفسدون الذين وصف تعليمهم في (ع ١٤) وكانوا يشبهون الكتبة والفريسيين الذين وبخهم المسيح في متّى (ص ٢٣). والمرجّح أنهم كانوا يدّعون أنهم يعرفون الله معرفة سامية لم يدركها سواهم من الناس.
وَلٰكِنَّهُمْ بِٱلأَعْمَالِ يُنْكِرُونَهُ شهادة أعمالهم تنفي شهادة أفواههم. إن الناس يشبهون معبوداتهم فلو عرفوا الله حق المعرفة وعبدوه لكانوا أشبهوه.
إِذْ هُمْ رَجِسُونَ في نظر الله.
غَيْرُ طَائِعِينَ سيرتهم منافية لما أمر به الرب وتبرهن على أنهم يجهلونه.
وَمِنْ جِهَةِ كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ مَرْفُوضُونَ لأنهم غير نافعين لإجراء عمل صالح وقد تبين بالامتحان أنهم ناقصون فوجب على محبي الصلاح أن لا يتعلموا منهم ولا يتمثلوا بهم. وقد سبق الكلام على المرفوض في (رومية ١: ٢٨ و٢كورنثوس ١٣: ٥).


اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي


وصايا لتيطس في تعليمه لكل أصناف المؤمنين وأن يكون هو مثالاً في الأعمال الصالحة. والأسباب الموجبة لحياة التُقى. وتفصيل ذلك أنه يجب أن يكون تعليمه صحيحاً (ع ١). وما يتعلّق بتعليمه الكبار رجالاً ونساء (ع ٢ و٣). وما يتعلق بتعليمه للأحداث كذلك (ع ٤ - ٦) ووجوب أن يكون مثالاً لغيره في الصلاح (ع ٧ و٨). وما يجب أن يوصي العبيد به (ع ٩ و١٠) وبيان ما بنيت عليه الأوامر بالحياة المقدسة (ع ١١ - ١٥).
وجوب صحة التعليم ع ١


١ «وَأَمَّا أَنْتَ فَتَكَلَّمْ بِمَا يَلِيقُ بِٱلتَّعْلِيمِ ٱلصَّحِيحِ».
١تيموثاوس ١: ١٠ و٦: ٣ و٢تيموثاوس ١: ١٣ وص ١: ٩
أوصى الرسول تيطس في الأصحاح الأول بما يتعلق بالأشخاص الذين يليق أن يعيّنهم للخدمة في الكنيسة وأوصاه هنا بما يتعلق بتعليمه.
فَتَكَلَّمْ بِمَا يَلِيقُ بِٱلتَّعْلِيمِ ٱلصَّحِيحِ ما يأتي في هذا الأصحاح بيان ما عنى بالتعليم الصحيح. وتكلم على «التعليم الصحيح» في (١تيموثاوس ١: ١٠ و٢تيموثاوس ٤: ٣). وظهر من ذلك أنه قصد به التعليم الذي ينشئ صحة النفس كما ينشئ القوت المغذي صحة الجسد واعتبر الضلال مضراً للنفس إضرار السم للجسد. وحثّ بولس تيطس على التكلم بالتعليم الصحيح خصوصاً ليدفع عن مؤمني كريت التعليم الفاسد الذي أتى به المبتدعون.

ما يجب أن يوصي به كبار الرجال والنساء ع ٢ و٣


٢ «أَنْ يَكُونَ ٱلأَشْيَاخُ صَاحِينَ، ذَوِي وَقَارٍ، مُتَعَقِّلِينَ، أَصِحَّاءَ فِي ٱلإِيمَانِ وَٱلْمَحَبَّةِ وَٱلصَّبْرِ».
ص ١: ١٣
أَنْ يَكُونَ ٱلأَشْيَاخُ أي أوص كبار السن بقطع النظر عن مقامهم في الكنيسة.
صَاحِينَ (انظر تفسير ١تيموثاوس ٣: ٢).
ذَوِي وَقَارٍ (انظر تفسير ١تيموثاوس ٣: ٨).
مُتَعَقِّلِينَ (انظر تفسير ص ١: ٨).
أَصِحَّاءَ فِي ٱلإِيمَانِ وَٱلْمَحَبَّةِ وَٱلصَّبْرِ (انظر ص ١: ٣ و١تيموثاوس ١: ١٠ و٦: ١١) وجمع في هذه الفضائل الثلاث كل الفضائل التي طلبها من الأشياخ. وعبّر في موضع آخر عن الفضائل الثلاث الرئيسية بأنها الإيمان والرجاء والمحبة (١كورنثوس ١٣: ١٣) فبدل هنا أحدها وهو «الرجاء» «بالصبر» تنبيهاً على أن الأشياخ لهم احتياج خاص إلى الصبر نظراً لطول المدة التي توقعوا فيها نيل المرجو وطلبهم إياه بالصلاة ويحتاجون إليه أيضاً لكي يحتملوا بدون تذمر النوازل المختصة بالشيخوخة وفقدان أصحابهم وتعديات الأشرار وخيبة رجائهم. وأوصى المسيح تلاميذه بالصبر بقوله «بصبركم اقتنوا أنفسكم» (لوقا ٢١: ١٩).
٣ «كَذٰلِكَ ٱلْعَجَائِزُ فِي سِيرَةٍ تَلِيقُ بِٱلْقَدَاسَةِ، غَيْرَ ثَالِبَاتٍ، غَيْرَ مُسْتَعْبَدَاتٍ لِلْخَمْرِ ٱلْكَثِيرِ، مُعَلِّمَاتٍ ٱلصَّلاَحَ».
١تيموثاوس ٢: ٩ و١٠ و٣: ١١ و١بطرس ٣: ٣ و٤ و٢تيموثاوس ٣: ٣
كَذٰلِكَ ٱلْعَجَائِزُ أي أوص أٰن تكون العجائز كما يأتي. والعجائز تتضمن الشماسات وغيرهن من المؤمنات.
فِي سِيرَةٍ تَلِيقُ بِٱلْقَدَاسَةِ أي السيرة التي يوجبها الإنجيل لأن الإنجيل يقول «بَلْ نَظِيرَ ٱلْقُدُّوسِ ٱلَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ» (١بطرس ١: ١٥). ولا ريب في أن هذا يتضمن اللياقة في السلوك والملبوس والتكلم وممارسة الإحسان.
غَيْرَ ثَالِبَاتٍ (انظر تفسير ١تيموثاوس ٣: ١١).
غَيْرَ مُسْتَعْبَدَاتٍ لِلْخَمْرِ ٱلْكَثِيرِ هذا يشبه ما قيل في الأسقف من أنه يجب أن «لا يكون مدمن الخمر» (١تيموثاوس ٣: ٣). والمرجّح أن نساء كريت كن متجاوزات الحد في شرب الخمر ولذلك أوصى بولس بهذه التوصية.
مُعَلِّمَاتٍ ٱلصَّلاَحَ بالقول والفعل. وهذا يجب على كل المؤمنات سواء كنّ شماسات أم لا لأن كل مؤمن من الرجال والنساء يعرف الحق مكلّف بأن ينادي به في البيت وفي غيره بين أهل بيته وجيرانه وكل من يتلقي به.

ما يجب على الأحداث ع ٤ إلى ٦


٤ «لِكَيْ يَنْصَحْنَ ٱلْحَدَثَاتِ أَنْ يَكُنَّ مُحِبَّاتٍ لِرِجَالِهِنَّ وَيُحْبِبْنَ أَوْلاَدَهُنَّ».
١تيموثاوس ٥: ١٤
لِكَيْ يَنْصَحْنَ ٱلْحَدَثَاتِ أوصى الرسول تلميذه تيطس أن يعلم أحداث النساء بواسطة العجائز دفعاً لسوء الظن.
مُحِبَّاتٍ لِرِجَالِهِنَّ وَيُحْبِبْنَ أَوْلاَدَهُنَّ هذا من الواجبات البيتية التي تعلّمها الطبيعة وأجمع الناس على مدحها ودين المسيح صدّقها وصرّح بأن الله يرضاها.
٥ «مُتَعَقِّلاَتٍ، عَفِيفَاتٍ، مُلاَزِمَاتٍ بُيُوتَهُنَّ، صَالِحَاتٍ، خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِهِنَّ، لِكَيْ لاَ يُجَدَّفَ عَلَى كَلِمَةِ ٱللّٰهِ».
١كورنثوس ١٤: ٣٤ وأفسس ٥: ٢٢ وكولوسي ٣: ١٨ و١تيموثاوس ٢: ١١ و١بطرس ٣: ١ و٥ ورومية ٢: ٢٤ و١تيموثاوس ٦: ١
مُتَعَقِّلاَتٍ أي خاضعة شهواتهنّ الجسدية لعقولهنّ وضمائرهنّ (١تيموثاوس ٢: ٩) ومثل ذلك طُلب من الأشياخ (ع ٢).
عَفِيفَاتٍ في الفكر والكلام والسيرة والأزياء.
مُلاَزِمَاتٍ بُيُوتَهُنَّ خلافاً للنساء اللواتي وصفهنّ الرسول في (١تيموثاوس ٥: ١٣) وبملازمتهنّ بيوتهنّ يجدنَ في مارسة الواجبات البيتية وسائط التمجيد لله ونفع جنسهنّ.
صَالِحَاتٍ محسنات لطيفات.
خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِهِنَّ كما يطلب الإنجيل (أفسس ٥: ٢٢ - ٢٤ وكولوسي ٣: ١٨).
لِكَيْ لاَ يُجَدَّفَ عَلَى كَلِمَةِ ٱللّٰهِ بسوء تصرف اللاواتي يدّعين أنهنّ تلميذات المسيح وحافظات كلمة الله. وهذا علّة القيام بكل ما ذكره من الواجبات على النساء فإن المرأة إن لم تقم بها لم يقع العار عليها وحدها بل على اسم سيدها ودينها أيضاً وهذا موافق لقول المسيح «لْيُضِئْ نُورُكُمْ هٰكَذَا قُدَّامَ ٱلنَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ ٱلْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ» (متى ٥: ١٦).
٦ «كَذٰلِكَ عِظِ ٱلأَحْدَاثَ أَنْ يَكُونُوا مُتَعَقِّلِينَ
كَذٰلِكَ عِظِ ٱلأَحْدَاثَ كما تعظ الأشياخ والعجائز (ع ٢ و٣).
أَنْ يَكُونُوا مُتَعَقِّلِينَ لأن الأحداث عرضة للتجربة أكثر من غيرهم فإن الشهوات تتسلط على عقولهم.

وجوب أن تكون سيرة تيطس مثالاً حسناً لغيره ع ٧ و٨


٧ «مُقَدِّماً نَفْسَكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ قُدْوَةً لِلأَعْمَالِ ٱلْحَسَنَةِ، وَمُقَدِّماً فِي ٱلتَّعْلِيمِ نَقَاوَةً، وَوَقَاراً، وَإِخْلاَصاً»
١تيموثاوس ٤: ١٢ و١بطرس ٥: ٣ وأفسس ٦: ٢٤
مُقَدِّماً نَفْسَكَ... قُدْوَةً أراد أنه يجب على تيطس أن يعلّم غيره بحسن سيرته فضلاً عن تعليمه إيّاه بحسن كلامه وأقوى شهادة للفضائل السير على سننها.
مُقَدِّماً فِي ٱلتَّعْلِيمِ نَقَاوَةً أي ليكن تعليمك إنجيلياً خالصاً من الفلسفة الدنيوية والتقاليد البشرية (٢كورنثوس ١١: ٣).
وَوَقَاراً أي يجب أن تعبّر عن الحقائق الإنجيلية بأسلوب موافق لأهميتها.
وَإِخْلاَصاً قلبياً (أفسس ٦: ٢٤) لا بغية مدح الناس بل رضى الله وخلاص نفوس السامعين.
٨ «وَكَلاَماً صَحِيحاً غَيْرَ مَلُومٍ، لِكَيْ يُخْزَى ٱلْمُضَادُّ، إِذْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ رَدِيءٌ يَقُولُهُ عَنْكُمْ».
١تيموثاوس ٦: ٣ و٢تسالونيكي ٣: ١٤ ونحميا ٥: ٩ و١تيموثاوس ٥: ١٤ و١بطرس ٢: ١٢ و١٥ و٣: ١٦
كَلاَماً صَحِيحاً (ص ١: ٩ و١٣ و٢: ١ و٢ و١تيموثاوس ١: ١٠ و٦: ٣). والكلام الصحيح هو ما ينشئ صحة للنفس ويخلّص من الضلال والكذب والأذى.
غَيْرَ مَلُومٍ أي لا يقدر أحداً أن يلومه عدلاً لعيب في مضمونه أو أسلوب التعبير أو المنافاة بينه وبين سيرة المتكلم به.
لِكَيْ يُخْزَى ٱلْمُضَادُّ إذ لا يجد علة للومه فيخجل من أنه قاوم مَن تعليمه صالح لا ينشأ عنه إلا الثمر الصالح. والمضاد إما يهودي وإما وثني وإما معلم كاذب.
إِذْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ رَدِيءٌ لكي يثبت تهمته وشكايته من جهة التعليم أو السيرة.

ما يجب على العبيد ع ٩ و١٠


٩ «وَٱلْعَبِيدَ أَنْ يَخْضَعُوا لِسَادَتِهِمْ، وَيُرْضُوهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ، غَيْرَ مُنَاقِضِينَ».
أفسس ٦: ٥ وكولوسي ٣: ٢٢ و١تيموثاوس ٦: ١ و٢ و١بطرس ٢: ١٨ وأفسس ٥: ٢٤
استطرد الرسول من الكلام في واجبات تيطس وأن يكون مثالاً حسناً لغيره إلى الكلام في ما يجب على الناس بالنظر إلى أحوالهم المختلفة.
وَٱلْعَبِيدَ (انظر تفسير أفسس ٦: ٥ وكولوسي ٣: ٢٢ و١تيموثاوس ٦: ١ - ٤).
أَنْ يَخْضَعُوا لِسَادَتِهِمْ توصية الرسول للعبيد في عدة من رسائله بالصبر والخضوع تدل على أن المؤمنين منهم وجدوا صعباً عليهم أن يرضوا أن يبقوا في حال العبودية التي هي حال الظلم والشقاء.
وَيُرْضُوهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ لا ينافي أوامر الله ونواهيه. وإرضاؤهم لسادتهم يستلزم أن يطيعوهم بمسرة وسرعة.
غَيْرَ مُنَاقِضِينَ أي غير مخالفين لأوامر سادتهم أو مفضّلين آراء أنفسهم على آراء أولئك السادة.
١٠ «غَيْرَ مُخْتَلِسِينَ، بَلْ مُقَدِّمِينَ كُلَّ أَمَانَةٍ صَالِحَةٍ، لِكَيْ يُزَيِّنُوا تَعْلِيمَ مُخَلِّصِنَا ٱللّٰهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ».
متّى ٥: ١٦ وفيلبي ٢: ١٥
غَيْرَ مُخْتَلِسِينَ كان العبيد في عصر بولس في المملكة الرومانية يخدمون سادتهم بطرق مختلفة غير خدمتهم في البيوت والحقول فوكل إليه البيع والشراء وتعلّم بعضهم الصناعة وبعضهم الطب بغية أن يربحوا لسادتهم فكانت لهم فرص كثيرة للاختلاس مما لسادتهم.
بَلْ مُقَدِّمِينَ كُلَّ أَمَانَةٍ صَالِحَةٍ في العلم والاجتهاد وحفظ ما سُلم إليهم من أموال سادتهم والإنفاق بالاقتصاد دفعاً لخسارتهم.
لِكَيْ يُزَيِّنُوا تَعْلِيمَ مُخَلِّصِنَا ٱللّٰهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ أي ليُظهروا بسيرتهم الحسنة جودة الدين الذي اعتقدوه والسيد السماوي الذي تمثلوا به. فكانت سيرتهم أفضل شهادة لفضل المخلّص الذي ساروا في سننه. اعتُبر العبيد في عصر بولس أنهم يختلفون قليلاً عن البهائم وأنهم كسائر مقتينات السادة من خيل وثيران ولذلك كان من تنازل الله أن يحسبهم قادرين أن «يزينوا تعليم المخلص» فإنه فضلاً عن كونه ممجداً بتسابيح ملائكة النور يسر بتسبيح الأطفال والرضع ويتمجد بخدمة العبيد بأمانة. ومعلوم أن كثيرين من الوثنيين تنصروا بتحققهم جودة الإنجيل وقوته بسيرة عبيدهم التقويّة.

بيان ما بنيت تلك الوصايا عليه ع ١١ إلى ١٥


١١ «لأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ نِعْمَةُ ٱللّٰهِ ٱلْمُخَلِّصَةُ لِجَمِيعِ ٱلنَّاسِ».
رومية ٥: ١٥ وص ٣: ٤ و١بطرس ٥: ١٢ ولوقا ٣: ٦ ويوحنا ١: ٩ و١تيموثاوس ٢: ٤
لأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ نِعْمَةُ ٱللّٰهِ ٱلْمُخَلِّصَةُ أراد «بالنعمة» هنا رضى الله مجاناً بالناس ومحبته لهم وهي مصدر عمل الفداء وغايتها خلاص الجنس البشري الساقط. وقد أعدت تلك النعمة طريقاً لذلك الجنس إلى الخلاص من جهنم ونيل الحياة الأبدية.
لِجَمِيعِ ٱلنَّاسِ سادة وعبيداً وأمماً ويهوداً. وهذا الكلام لا يستلزم أن جميع الناس يخلصون بل أن وسائط الخلاص أُعدّت للجميع. وكانت تلك «النعمة» مكتومة بعض الكتمان في العصور الخالية لكنها ظهرت في عصور الإنجيل كل الظهور كقول إشعياء «قُومِي ٱسْتَنِيرِي لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ نُورُكِ وَمَجْدُ ٱلرَّبِّ أَشْرَقَ عَلَيْكِ. لأَنَّهُ هَا هِيَ ٱلظُّلْمَةُ تُغَطِّي ٱلأَرْضَ وَٱلظَّلاَمُ ٱلدَّامِسُ ٱلأُمَمَ. أَمَّا عَلَيْكِ فَيُشْرِقُ ٱلرَّبُّ، وَمَجْدُهُ عَلَيْكِ يُرَى. فَتَسِيرُ ٱلأُمَمُ فِي نُورِكِ، وَٱلْمُلُوكُ فِي ضِيَاءِ إِشْرَاقِكِ» (إشعياء ٦٠: ١ - ٣ انظر أيضاً ملاخي ٤: ٢). ولنا من هذه الآية أن أصل الخلاص نعمة الله فيجب أن يكون لها كل مجد في السماء وعلى الأرض.
١٢ «مُعَلِّمَةً إِيَّانَا أَنْ نُنْكِرَ ٱلْفُجُورَ وَٱلشَّهَوَاتِ ٱلْعَالَمِيَّةَ، وَنَعِيشَ بِٱلتَّعَقُّلِ وَٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَى فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْحَاضِرِ».
رومية ١: ١٨ لوقا ١: ٧٥ ورومية ٦: ١٩ وأفسس ١: ٤ وكولوسي ١: ٢٢ و١تسالونيكي ٤: ٧ و١بطرس ٤: ٢ و١يوحنا ٢: ١٦
مُعَلِّمَةً إِيَّانَا الله يعلمنا بالإنجيل الذي هو إعلان نعمته المكتوب فيعلن لنا به المسيح مخلصاً ووجوب الإيمان به والطاعة لأوامره والسير في سننه.
أَنْ نُنْكِرَ هذا أول درس من التعليم الإلهي وهو إنكار النفس على وفق قول المسيح «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ» (لوقا ٩: ٢٣). فيجب أن ننفصل كل الانفصال عن الحياة العتيقة الشريرة لكي نتمسك بالخلاص.
ٱلْفُجُورَ هذا من صفات الخاطئ بالنظر إلى الله وهو العصيان والمخالفة.
وَٱلشَّهَوَاتِ ٱلْعَالَمِيَّةَ هذا من صفات الخاطئ بالنظر إلى العالم الساقط ويؤيد ذلك قول يوحنا «وَٱلْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي ٱلشِّرِّيرِ» (١يوحنا ٥: ١٩). وقوله «لاَ تُحِبُّوا ٱلْعَالَمَ وَلاَ ٱلأَشْيَاءَ ٱلَّتِي فِي ٱلْعَالَمِ... لأَنَّ كُلَّ مَا فِي ٱلْعَالَمِ شَهْوَةَ ٱلْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ ٱلْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ ٱلْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ ٱلآبِ بَلْ مِنَ ٱلْعَالَمِ. وَٱلْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ» (١يوحنا ٢: ٥ - ١٧).
وَنَعِيشَ بِٱلتَّعَقُّلِ ما قيل بطريق السلب قيل هنا بطريق الإيجاب فالمعنى أن نجعل عواطفنا وأميالنا خاضعة لعقولنا. وقد سبق الكلام على «التعقل» في (ع ٢ و٥).
وَٱلْبِرِّ «التعقل» يختص بواجبات المؤمن لنفسه «والبر» بواجباته لإخوته من البشر ومضمونه الاستقامة والأمانة والصلاح.
وَٱلتَّقْوَى هذه تختص بما يجب على المؤمن لله. وخلاصة التقوى محبة المؤمن وإكرامه وطاعته لله كأنه واقف في حضرته.
فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْحَاضِرِ مدة الحياة على الأرض فإنها وقتية واستعدادٌ لحياة أخرى. فيجب علينا ما دمنا أحياء إنكار النفس وممارسة الفضائل المذكورة. وأبان في الآية الآتية أن ذلك يجب بالنظر إلى ما نتوقعه في المستقبل.
١٣ «مُنْتَظِرِينَ ٱلرَّجَاءَ ٱلْمُبَارَكَ وَظُهُورَ مَجْدِ ٱللّٰهِ ٱلْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ».
١كورنثوس ١: ٧ وفيلبي ٣: ٢٠ و٢بطرس ٣: ١٢ وأعمال ٢٤: ١٥ وكولوسي ١: ٥ و٢٣ وص ١: ٢ و٣: ٧ وكولوسي ٣: ٤ و٢تيموثاوس ٤: ١ و٨ وعبرانيين ٩: ٢٨ و١بطرس ١: ٧ و١يوحنا ٣: ٢
مُنْتَظِرِينَ ٱلرَّجَاءَ ٱلْمُبَارَكَ وهو مجيء المسيح ثانية فيجب أن ننتظره دائماً بالإيمان وتشديد الشوق إليه والاستعداد لاستقباله (متّى ٢٤: ٤٢ - ٤٤ وفيلبي ٣: ٢٠ و١تسالونيكي ٥: ٤). والمراد «بالرجاء» هنا الأمر المرجو ونعته «بالمبارك» لأنه يشتمل على أعظم البركات ويؤكد للمؤمن كمال الغبطة. ورجاء المؤمن إتيان المسيح ثانية يعزي في الضيق ويثبت في التجربة ويساعد على الاجتهاد في القيام بالواجبات لأن ذلك الرجاء مقترن برجائه أن يشارك المسيح في مجد مجيئه ويكون مشابهاً له «حين يراه كما هو».
وَظُهُورَ مَجْدِ ٱللّٰهِ ٱلْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ هذا تفسير «للرجاء المبارك» وبيان أنه ظهور المسيح في مجده ومجد أبيه على وفق قوله «فَإِنَّ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ» (متّى ١٦: ٢٧). وقوله لأبيه «ٱلآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا ٱلآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِٱلْمَجْدِ ٱلَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ ٱلْعَالَمِ» (يوحنا ١٧: ٥ انظر أيضاً و١تسالونيكي ٣: ١٣ و٢تسالونيكي ٢: ٨ و١تيموثاوس ٦: ١٤ - ١٦ و٢تيموثاوس ٤: ١ و٨).
ذهب بعضهم أن الرسول هنا تكلم على ظهورين أحدهما ظهور الآب الذي أشار إليه بقوله «الله العظيم» والآخر ظهور المسيح الذي أشار إليه بقوله «مخلصنا يسوع المسيح» ولكن القرينة تدل على أن الظهور واحد وهو ظهور المسيح ثانية لأنه «الله العظيم والمخلص» ولأن ذلك كان رجاء الكنيسة ومنتظرها في كل العصور بناء على مواعيد الإنجيل. ولم يُقل قط في الإنجيل أنه يجب أن يتوقعوا استعلان الله الآب الذي لا يُرى فإنه قيل فيه «سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، ٱلَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ» (١تيموثاوس ٦: ١٦). واتفق أكثر المفسرين على أن المراد «بالإله العظيم والمخلص» المسيح الذي به وحده يُعلن الآب للناس فإن صار جسداً لكي يعلن لنا الآب الذي لا نستطيع أن نراه إلا به وأنه يخلص الذين يصدقون قوله أن الله أرسله لكي يخلص العالم به. وهو على وفق ما قيل في (٢بطرس ١: ١١) وهو من أعظم الأدلة على لاهوت يسوع المسيح. وظهور المسيح ثانية نهاية مظاهر نعمة الله المذكورة في (ع ١١).
١٤ «ٱلَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْباً خَاصّاً غَيُوراً فِي أَعْمَالٍ حَسَنَةٍ».
غلاطية ١: ٤ و٢: ٢٠ وأفسس ٥: ٢ و١تيموثاوس ٢: ٦ وعبرانيين ٩: ١٤ وخروج ١٥: ١٦ و١٩: ٥ وتثنية ٧: ٦ و٢٦: ١٨ و١بطرس ٢: ٩ وأفسس ٢: ١٠ وص ٣: ٨ وتثنية ١٤: ٢
ٱلَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا هذا تفسير لقوله «مخلصنا يسوع المسيح» لأنه بيان الطريق التي خلصنا بها وسبق الكلام على هذا في تفسير (غلاطية ١: ٤ وأفسس ٥: ٢ و٢٥). ولم يكتف المسيح بأن يعلّمنا التعليم الكامل ويقدم لنا المثال التام في القداسة بل علّم نفسه اختياراً للموت شفقة علينا وإطاعتة لإرادة الله لكي يكفر عن خطايانا ويفدينا بدمه من الموت الذي أوجبته خطايانا علينا. وذلك أعظم عطية ممكنة لأنها نفسه بجملتها بذلها عنا عوضاً وفداء لمنفعتنا. فالمسيح ابن الله كان الشاري والثمن.
لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ هذا بيان غاية المسيح من بذل نفسه لأجلنا. فإنه فدانا بدمه لكي ينقذنا من أفساد الإثم وسلطته والعقاب عليه. والخلاصة أن فداء المسيح يحرر المؤمن من كل نتائج خطاياه.
وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْباً خَاصّاً هذا الكلام مبني على أن الإسرائيليين كانوا قديماً شعباً خاصاً لله بدليل قوله تعالى «فَٱلآنَ إِنْ سَمِعْتُمْ لِصَوْتِي وَحَفِظْتُمْ عَهْدِي تَكُونُونَ لِي خَاصَّةً مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ» (خروج ١٩: ٥) وقوله «لأَنَّكَ أَنْتَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ. إِيَّاكَ قَدِ ٱخْتَارَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ لِتَكُونَ لَهُ شَعْباً أَخَصَّ مِنْ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ عَلَى وَجْهِ ٱلأَرْضِ» (تثنية ٧: ٦). وقال «لنفسه» لأنه فداهم ولذلك لا يحق لهم أن يعيشوا لأنفسهم بل أن يخدموا الذي سفك دمه من أجلهم ويطيعوه ويمجدوه على وفق قوله «لأَنَّكُمْ قَدِ ٱشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا ٱللّٰهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ ٱلَّتِي هِيَ لِلّٰهِ» (١كورنثوس ٦: ٢٠). وكون المفديين شعباً خاصاً للمسيح يتضح من قول بطرس الرسول «وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ ٱقْتِنَاءٍ» (١بطرس ٢: ٩). والمسيح اشتراهم ليكونوا كذلك بدليل قول الرسول «ٱلَّذِي هُوَ عَرْبُونُ مِيرَاثِنَا، لِفِدَاءِ ٱلْمُقْتَنَى، لِمَدْحِ مَجْدِهِ» (أفسس ١: ١٤). وفي قوله «يطهر» دليل على أنه لا يتم قصده من جهة شعبه ما لم يقدسه ويخلقه جديداً على صورته كقوله «فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ لِلّٰهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَالٍ مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا ٱللّٰهَ ٱلْحَيَّ» (عبرانيين ٩: ١٤) وهذه الغاية أعظم من إنقاذهم من العقاب على الإثم الذي اقتضاه الناموس.
ٍغَيُوراً فِي أَعْمَالٍ حَسَنَة إن المسيح حرر شعبه من عبودية الإثم لكي يبذلوا جهدهم في القيام بأعمال البر التي هو يطلبها فيظهروا بذلك له المحبة والشكر والطاعة على وفق قوله «لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ ٱللّٰهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا» (أفسس ٢: ١٠). فإتيان المؤمنين بهذه الأثمار برهان على أنهم تمسكوا بالفداء وأنهم شعب المسيح الخاص المشابهون للذي «جال يصنع خيراً» (أعمال ١٠: ٣٨) وأنهم ممتلئون إيماناً وأنهم مساكن للروح القدس.
١٥ «تَكَلَّمْ بِهٰذِهِ وَعِظْ وَوَبِّخْ بِكُلِّ سُلْطَانٍ. لاَ يَسْتَهِنْ بِكَ أَحَدٌ».
٢تيموثاوس ٤: ٢ و١تيموثاوس ٤: ١٢
تَكَلَّمْ بِهٰذِهِ وَعِظْ هذا كقوله لتيموثاوس (١تيموثاوس ٦: ٢).
وَبِّخْ بِكُلِّ سُلْطَانٍ (انظر تفسير ١تيموثاوس ٥: ١ و٢٠ و٢تيموثاوس ٤: ٢). كان عليه أن يفعل ذلك باعتبار كونه نائب الرسول ووكيل المسيح رأس الكنيسة.
لاَ يَسْتَهِنْ بِكَ أَحَدٌ في هذا نهي له عن كل شيء في السيرة والكلام بحمل الناس على الاستخفاف به وأن يفعل كل شيء يرغبهم في إكرامه وطاعته.


اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ


أمر الرسول تيطس في هذا الأصحاح بأن يوصي سامعيه بالخضوع للرؤساء السياسيين الشرعيين وأن يظهروا اللطف والحلم لكل الناس (ع ١ و٢). وذكر علة وجوب ذلك (ع ٣ - ٨). وأن يتجنب المباحثات والخصومات في شأن الناموس الموسوي (ع ٩) وما يجب عليه في معاملة المبتدع (ع ١٠ و١١). وأن يأتي إليه في نيكابوليس ومعه زيناس وأبلوس (ع ١٢ - ١٤). وختم الرسالة بالوداع والبركة (ع ١٥).
وجوب أن يخضع المؤمنون للحكام الشرعيين ع ١ و٢


١ «ذَكِّرْهُمْ أَنْ يَخْضَعُوا لِلرِّيَاسَاتِ وَٱلسَّلاَطِينِ وَيُطِيعُوا، وَيَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ».
رومية ١٣: ١ و١بطرس ٢: ١٣ وكولوسي ١: ١٠ و٢تيموثاوس ٢: ٢١ وعبرانيين ١٣: ٢١
ذَكِّرْهُمْ أي ذكر مؤمني كريت كأنه أمرهم بذلك قبلاً وخاف أن ينسوا. تكلم الرسول قبلاً في ما يجب على بعض المؤمنين لبعض وما يجب عليهم للكنيسة التي هم أعضاؤها وما يجب عليهم لله. وتكلم هنا بالإيجاز في ما يجب عليهم للخارجين عن الكنيسة.
أَنْ يَخْضَعُوا لِلرِّيَاسَاتِ وَٱلسَّلاَطِينِ أي الحكام الرومانيين والوطنيين في كريت. كانت تلك الجزيرة مستقلة وكان حكمها جمهورياً قبل أن استولى عليها الرومانيون بنحو مئتي سنة. ومؤرخو ذلك العصر الذين ذكروا أهل كريت وصفوهم بالقلق والاضطراب من نير الرومانيين. ومن المعلوم أن اليهود كانوا دائماً يستثقلون هذه النصيحة. وسبق الكلام على وجوب الطاعة للحكام في تفسير (رومية ١٣: ١).
وَيُطِيعُوا في كل شيء لا يضاد وصايا الله (أعمال ٤: ١٩ و٢٠ و٥: ٢٩) وعلى هذه السنن جرى المسيح بتعليمه وجرى بولس وسائر الرسل على أثره مع أن الحكام الرومانيين أذاقوهم عذاب العار والسجن والجلد والموت.
وَيَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ القرينة تدل على أن الرسول أراد «بالعمل الصالح» ما أمر به الحكام لنفع المملكة بأسرها أو المدينة التي كانوا فيها. كذلك أمر الله اليهود الذي سُبوا إلى بابل بقول إرميا «ٱطْلُبُوا سَلاَمَ ٱلْمَدِينَةِ ٱلَّتِي سَبَيْتُكُمْ إِلَيْهَا وَصَلُّوا لأَجْلِهَا إِلَى ٱلرَّبِّ، لأَنَّهُ بِسَلاَمِهَا يَكُونُ لَكُمْ سَلاَمٌ» (إرميا ٢٩: ٧).
٢ «وَلاَ يَطْعَنُوا فِي أَحَدٍ، وَيَكُونُوا غَيْرَ مُخَاصِمِينَ، حُلَمَاءَ، مُظْهِرِينَ كُلَّ وَدَاعَةٍ لِجَمِيعِ ٱلنَّاسِ».
أفسس ٤: ٣١ و٢تيموثاوس ٢: ٢٤ و٢٥ وفيلبي ٤: ٥ وأفسس ٤: ٢ وكولوسي ٣: ١٢
لاَ يَطْعَنُوا فِي أَحَدٍ المرجّح أن الذين نهاهم عن الطعن فيهم هم الحكام الظالمون فيجب أن لا يطعنوا فيهم اقتداء بالملائكة لأنهم «لاَ يَفْتَرُون عَلَى ذَوِي ٱلأَمْجَادِ» (٢بطرس ٢: ١٠ ويهوذا ٩). وهذا موافق لقول المسيح «أحبوا أعداءكم» (متّى ٥: ٤٤).
وَيَكُونُوا غَيْرَ مُخَاصِمِينَ لئلا يعرّضوا أنفسهم للتأديب أو التهمة بالخيانة.
حُلَمَاءَ (انظر تفسير ١تيموثاوس ٣: ٣). و «الحلم» هو صبر المؤمن حين يتعدى أحد عليه في حقوقه.

الأسباب الموجبة لما ذكر ع ٣ إلى ٨


٣ «لأَنَّنَا كُنَّا نَحْنُ أَيْضاً قَبْلاً أَغْبِيَاءَ، غَيْرَ طَائِعِينَ، ضَالِّينَ، مُسْتَعْبَدِينَ لِشَهَوَاتٍ وَلَذَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، عَائِشِينَ فِي ٱلْخُبْثِ وَٱلْحَسَدِ، مَمْقُوتِينَ، مُبْغِضِينَ بَعْضُنَا بَعْضاً».
١كورنثوس ٦: ١١ وأفسس ٢: ١ وكولوسي ١: ٢١ و٣: ٧ و١بطرس ٤: ٣
نَحْنُ أَيْضاً الذين نؤمن الآن.
قَبْلاً أَغْبِيَاءَ قصده بهذا أن يبيّن أن ليس للمؤمنين عذر في رفض الطاعة للحكام لكونهم ليسوا بمؤمنين وفي عدم اللطف بالجيران والإحسان إليهم كأنهم خارجون عن دائرة النعمة الإلهية ومحبتنا واعتبارنا لأننا كنا غير مؤمنين مثلهم منذ زمن قريب وعرضة لأن نرتكب ما يرتكبونه من الآثام فعلينا أن نرحمهم كما رُحمنا. والمراد «بالأغبياء» مَن يجهلون الحق.
غَيْرَ طَائِعِينَ لله كما في (ص ١: ١٦).
ضَالِّينَ بتضليل القلوب الفاسدة والشيطان والمعلمين الكاذبين.
مُسْتَعْبَدِينَ لِشَهَوَاتٍ وَلَذَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ هذا كان يصدق على أكثر الرومانيين واليونانيين في عصر بولس فإنهم كانوا متوغلين في أودية الشهوات بدليل قوله في (رومية ٦: ١٦ و١٧).
عَائِشِينَ فِي ٱلْخُبْثِ وَٱلْحَسَدِ هذا وصف الحال التي استمر عليها أولئك الناس عبيد الشهوات فإنهم أرادوا أن يمتازوا على غيرهم باللذات الجسدية وحسدوا من فاقوهم وأبغضوهم.
مَمْقُوتِينَ، مُبْغِضِينَ بَعْضُنَا بَعْضاً غير مستحقين أن نحب وليس فينا المحبة الأخوية فنشأ عن ذلك خصومات وحروب وقتل. وصف الرسول هنا حال الناس بدون المسيح والإنجيل وأدخل نفسه بينهم باعتبار كونه أحد أفراد الجنس الساقط ولهذا أوجب أن يكون المؤمنون الذين نجوا من تلك الحال لطفاء مسامحين صابرين على من لم يزالوا في الجهل والخطيئة.
٤ «وَلٰكِنْ حِينَ ظَهَرَ لُطْفُ مُخَلِّصِنَا ٱللّٰهِ وَإِحْسَانُهُ».
١تيموثاوس ٢: ٣ وص ٢: ١١
أبان الرسول في هذه الآية والثلاث التي تليها التغيير العظيم الذي حصل عليه المؤمنون في الصفات والأعمال على أثر إيمانهم وأن ذلك التغيير حصل بنعمة الله ومحبته لهم فلم يحق لهم الاختيار لغيرهم. والمراد بقوله «مخلصنا الله» الآب ووصف بأنه «مخلص» في (١تيموثاوس ١: ١) بناء على كون محبته مصدر عمل الفداء كما قيل في (يوحنا ٣: ١٦). وظهر لطفه للناس بإرساله ابنه يسوع المسيح إلى الناس ليموت بغية خلاصهم فأراد بولس أن يتمثل مؤمنو كريت بالله في عظيم محبته لكل الناس فيحبوا جيرانهم الوثنيين ويطيعوا الحكام غير المؤمنين.
٥ «لاَ بِأَعْمَالٍ فِي بِرٍّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ خَلَّصَنَا بِغَسْلِ ٱلْمِيلاَدِ ٱلثَّانِي وَتَجْدِيدِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ».
رومية ٣: ٢٠ و٩: ١١ و١١: ٦ وغلاطية ٢: ١٦ وأفسس ٢: ٤ و٨ و٩ و٢تيموثاوس ١: ٩ ويوحنا ٣: ٣ و٥ وأفسس ٥: ٢٦ و١بطرس ٣: ٢١
لاَ بِأَعْمَالٍ فِي بِرٍّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ فنحن لم نعملها ولو عملناها لم تكن علة لخلاصنا لأنه لا أحد من الناس عمل أعمالاً صالحة يجد الله أنه يستحق التبرير بواسطتها. ولو أمكن الناس أن يخلصوا بأعمالهم الصالحة لما كان من حاجة إلى أن يموت المسيح عنهم.
بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ خَلَّصَنَا على وفق قول بطرس الرسول «مُبَارَكٌ ٱللّٰهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ ٱلْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ» (١بطرس ١: ٣). فمحبة الله حملته تعالى على أن يشفق علينا في شقائنا وكوننا عرضة للهلاك وأن يمنحنا مجاناً هبة الحياة الأبدية بابنه (رومية ٣: ٢٠ - ٢٤ وأفسس ٢: ٣ - ١٠). واعتبر الرسول عمل الفداء قد كمل بقوله «خلصنا» لأن ذلك قصد الله بدليل قوله «ٱلَّذِينَ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ فَهٰؤُلاَءِ دَعَاهُمْ أَيْضاً. وَٱلَّذِينَ دَعَاهُمْ فَهٰؤُلاَءِ بَرَّرَهُمْ أَيْضاً. وَٱلَّذِينَ بَرَّرَهُمْ فَهٰؤُلاَءِ مَجَّدَهُمْ أَيْضاً» (رومية ٨: ٣٠). وعلى هذا قال «خلصنا» مع أن خلاصنا لا يتم قبل أن نبلغ السماء.
إن الذين خلّصهم الله ويخلّصهم ليسوا كل البشر بل كل المؤمنين الذي عدّ منهم نفسه وتيطس ومؤمني كريت.
بِغَسْلِ ٱلْمِيلاَدِ ٱلثَّانِي أشار بهذا إلى الوسائط التي يُجري الله بها خلاصه. فلذلك «الغسل» هو تجديد القلب بفعل الروح القدس الذي المعمودية بالماء إشارة إليه وهو «الولادة من فوق» التي أبانها المسيح لنيقوديموس بقول «ٱلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ» (يوحنا ٣: ٣ و٧) فالمراد «بغسل الميلاد الثاني» هو النعمة الروحية الباطنة التي تشير إليها المعمودية بالماء لكن المعمودية عجزت عن إنشائها. وهذا موافق لقول بطرس «ٱلَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ ٱلْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ» وقوله «مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى» (١بطرس ١: ٣ و٢٣). والرسول لا يعتبر معمودية الجسد شيئاً إذا لم تقترن بتجديد النفس بالروح القدس.
وَتَجْدِيدِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ أي التجديد الذي ينشئه الروح القدس في نفس المؤمن. والظاهر أن الرسول أضاف هذه العبارة إلى ما قبلها تفسيراً له وبياناً لأن الله لم يخلصنا بمجرد غسل الماء في المعمودية. وهذا التجديد ينشئ في المؤمن جديد الآراء والانفعالات والأشواق والآمال والمقاصد حتى يصح أن تُنسب إليه حياة جديدة (انظر رومية ٦: ٤ و٢كورنثوس ٥: ١٢ وأفسس ٤: ٢٣ و٢٤) وتفسير ذلك كله.
ولعله يحق لنا أن نتخذ الجملة التي هي «غسل الميلاد الثاني» إشارة إلى ما ينشأ دفعة في المؤمن حين ينتقل من الموت إلى الحياة. والجملة الثانية إشارة إلى التقديس التدريجي التابع للولادة الثانية الذي به يتجدد المؤمن يوماً فيوماً حتى يصير على صورة المسيح بدليل قوله «إِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا ٱلْخَارِجُ يَفْنَى، فَٱلدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْماً فَيَوْماً» (٢كورنثوس ٤: ١٦).
٦ «ٱلَّذِي سَكَبَهُ بِغِنىً عَلَيْنَا بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا».
حزقيال ٣٦: ٢٥ ويوئيل ٢: ٢٨ ويوحنا ١: ١٦ وأعمال ٢: ٣٣ و١٠: ٤٥ ورومية ٥: ٥
ٱلَّذِي سَكَبَهُ بِغِنىً عَلَيْنَا حسب وعده بأفواه أنبياء العهد القديم بأن ذلك السكب يكون بفعل الروح القدس (يوئيل ٢: ٢٨ - ٣٨ وإشعياء ٤٤: ٣ وزكريا ١٢: ١٥) وانجزه في أزمنة العهد الجديد (يوحنا ٧: ٣٧ - ٣٩ واعمال ٢: ٣٣).
بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا (انظر تفسير يوحنا ١: ٣٣ وأعمال ٢: ١٨ و٣٣ و٢كورنثوس ١: ٢٢) فإن المسيح حين تمجد أرسل الروح القدس ليجدد قلوب الناس الذين بدون تجديد يستحيل أن يخلصوا. فحلول الروح القدس متوقف على موت المسيح كفارة وعلى شفاعته. وهذا الروح لا يقتصر على تجديد المؤمنين بل يبنيهم في القداسة ويعدهم لأمجاد السماء.
نُسب الخلاص في الآية السابقة إلى الآب ونُسب في هذه الآية إلى المسيح فكلاهما عملا في إنقاذ الخاطئ بالنظر إلى كون الآب مصدر عمل الفداء وإلى كون الابن حصّله بموته. وما قيل هنا برهان على صحة التثليث فقد رأينا فيه أن الآب مصدر الخلاص وأنه يُجريه بفعل الروح القدس بناء على فعله واحتمله الابن باعتبار كونه وسيطاً وشفيعاً.
٧ «حَتَّى إِذَا تَبَرَّرْنَا بِنِعْمَتِهِ نَصِيرُ وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ ٱلْحَيَاةِ ٱلأَبَدِيَّةِ».
رومية ٣: ٢٤ وغلاطية ٢: ١٦ وص ٢: ١١ ورومية ٨: ٢٣ و٢٤ ص ١: ٢
في هذه الآية بيان غاية الخلاص العظيمة التي لأجلها رحم الله الخطاة (ع ٥) وجدّدهم بروحه (ع ٦) إن الرسول يذكر أحياناً تقديس المؤمنين وقيامهم بواجباتهم غاية الخلاص (ص ٢: ١٤). وذكر هنا أن غايته تبريرهم أمام منبر الله وسعادتهم الأبدية.
إِذَا تَبَرَّرْنَا بِنِعْمَتِهِ أي حُسبنا أبراراً لنفسه بر المسيح إلينا وبذلك تصالحنا مع الله ونجونا من العقاب الذي نستحقه لخطايانا (رومية ١: ١٧ و٣: ٢٤ و٤: ٥). والمقصود «بنعمته» نعمة الله الآب التي قيل في (ع ٤) أنها علة عمل الفداء.
وَرَثَةً كما قيل في (رومية ٨: ١٧ انظر التفسير).
حَسَبَ رَجَاءِ ٱلْحَيَاةِ ٱلأَبَدِيَّةِ «فالرجاء» هنا بمعنى المرجو «والحياة الأبدية» هي الميراث. والمؤمنون صاروا أولاد الله بالتبني ولذلك صاروا ورثته فتبرروا وصالحوا الله وهم على الأرض ولم يحصلوا على ذلك الميراث هنا بل توقعوه بالإيمان والرجاء الحي بيقين (رومية ٨: ٢٤ و١تسالونيكي ٤: ١٧).
٨ «صَادِقَةٌ هِيَ ٱلْكَلِمَةُ. وَأُرِيدُ أَنْ تُقَرِّرَ هٰذِهِ ٱلأُمُورَ، لِكَيْ يَهْتَمَّ ٱلَّذِينَ آمَنُوا بِٱللّٰهِ أَنْ يُمَارِسُوا أَعْمَالاً حَسَنَةً. فَإِنَّ هٰذِهِ ٱلأُمُورَ هِيَ ٱلْحَسَنَةُ وَٱلنَّافِعَةُ لِلنَّاسِ».
١تيموثاوس ١: ١٥ وص ١: ٩ وص ٢: ١٤ وع ١ و١٤
صَادِقَةٌ هِيَ ٱلْكَلِمَةُ (انظر تفسير ١تيموثاوس ١: ١٥). «والكلمة» هنا تشتمل على كل ما قاله من (ع ٤ - ع ٧).
أُرِيدُ أَنْ تُقَرِّرَ هٰذِهِ ٱلأُمُورَ اعتبر الرسول كلامه هنا مهماً جداً في شأن طريق الخلاص نظراً إلى الرحمة الفائقة التي أظهرها الله في تلك الطريق. وأراد أن يكررها تيطس على مسامع مؤمني كريت وأن يؤكد لهم صحتها وأن يجعلها موضوع تأملاتهم ومحادثاتهم في اجتماعاتهم العامة واعترافاتهم وترنماتهم.
لِكَيْ يَهْتَمَّ ٱلَّذِينَ آمَنُوا بِٱللّٰهِ أَنْ يُمَارِسُوا أَعْمَالاً حَسَنَةً أراد بولس أن ينادي تيطس بالنعمة المجانية المذكورة آنفاً وأن يعتقدها المؤمنون ويذكروها ويكرروها لعلمه أن تأثيرها يقود الناس إلى القداسة شكراً لله على رحمته العظيمة. و «الأعمال الحسنة» المذكورة هنا تشتمل فضلاً عن الإحسان إلى المحتاجين على كل ما يوجبه الإنجيل على محبي الله وإخوتهم البشر وطالبين نفعهم. فمعناها هنا كمعناها في (ص ٢: ٧ و١تيموثاوس ٢: ٣).
فَإِنَّ هٰذِهِ ٱلأُمُورَ هِيَ ٱلْحَسَنَةُ وَٱلنَّافِعَةُ لِلنَّاسِ أي «التعاليم» التي ذكرها آنفاً هي «الحسنة الخ» بخلاف التي حذّرهم منها في الآية الآتية فصرّح بأن تلك التعاليم هي التي تحقق للناس مصالحهم وخيرهم وسعادتهم في هذا العالم والعالم الآتي.

وجوب اعتزال المباحثات والمنازعات في شأن الناموس ع ٩


٩ «وَأَمَّا ٱلْمُبَاحَثَاتُ ٱلْغَبِيَّةُ وَٱلأَنْسَابُ وَٱلْخُصُومَاتُ وَٱلْمُنَازَعَاتُ ٱلنَّامُوسِيَّةُ فَٱجْتَنِبْهَا، لأَنَّهَا غَيْرُ نَافِعَةٍ، وَبَاطِلَةٌ».
١تيموثاوس ١: ٤ و٢تيموثاوس ٢: ٢٣ وص ١: ١٤ و٢تيموثاوس ٢: ١٤
وَأَمَّا ٱلْمُبَاحَثَاتُ ٱلْغَبِيَّةُ وَٱلأَنْسَابُ (انظر تفسير ص ١: ١٤ و١تيموثاوس ١: ٤ و٢تيموثاوس ٢: ١٤).
وَٱلْمُنَازَعَاتُ ٱلنَّامُوسِيَّةُ (انظر تفسير ١تيموثاوس ١: ٧) المرجّح أن المتنازعين بعض متنصري اليهود ذوي الغيرة على حفظ شريعة موسى وأن موضوع بحثهم نسبة الناموس إلى الإنجيل.
فَٱجْتَنِبْهَا، لأَنَّهَا غَيْرُ نَافِعَةٍ، وَبَاطِلَةٌ بخلاف تعاليم الرسول التي أشار إليها في (ع ٨). إن الأمور الدينية التي يختلف المسيحيون فيها تكون في الغالب ليست من جوهريات الدين التي يتوقف عليها خلاص النفس بل من العرضيات المتعلقة بالرسوم. وهي تحول الأنظار عن النافعات وتنشئ منازعات وبغضاً وانقساماً.

معاملة المبتدع ع ١٠ و١١


١٠ «اَلرَّجُلُ ٱلْمُبْتَدِعُ بَعْدَ ٱلإِنْذَارِ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ أَعْرِضْ عَنْهُ».
٢كورنثوس ١٣: ٢ متّى ١٨: ١٧ ورومية ١٦: ١٧ و٢تسالونيكي ٣: ٦ و١٤ و٢تيموثاوس ٣: ٥ و٢يوحنا ١٠
أوصى الرسول تيطس في (ع ٩) بالتصرف الواجب من جهة التعاليم الباطلة وأخذ هنا يبين ما يجب عليه من جهة المضِلين والمضَلين.
اَلرَّجُلُ ٱلْمُبْتَدِعُ هو الذي ينادي بتعليم منافٍ لتعليم الإنجيل وما يفسد وحدة الكنيسة. وسمي التعليم الفاسد بدعاً في (١كورنثوس ١١: ١٩ وغلاطية ٥: ٢٠). ووصف بطرس المبتدعين بأنهم «مُعَلِّمُونَ كَذَبَةٌ، ٱلَّذِينَ يَدُسُّونَ بِدَعَ هَلاَكٍ... يُنْكِرُونَ ٱلرَّبَّ ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُمْ» (٢بطرس ٢: ١). وغلب أن يقترن بتعليمهم الفاسد سوء الأدب وبذلك تشهد أعمالهم بفساد تعليمهم.
بَعْدَ ٱلإِنْذَارِ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ أي بعد الاستمرار على بذلك الجهد في تبيينه له ضلاله وما ينتج من الضرر منه لنفسه وللكنيسة وهو مصر على غيّه.
أَعْرِضْ عَنْهُ أي دع إنذاره لكونه عبثاً ودعه لنفسه ولا تخالطه باعتبار أنه صديق أو أخ في المسيح (١تيموثاوس ٤: ٧).
١١ «عَالِماً أَنَّ مِثْلَ هٰذَا قَدِ ٱنْحَرَفَ، وَهُوَ يُخْطِئُ مَحْكُوماً عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ».
متّى ٢٥: ٢٦ إلى ٢٨ ولوقا ٧: ٣٠ وأعمال ١٣: ٤٦ ورومية ٣: ١٩
في هذه الآية بيان علة الإعراض عن المبتدع.
عَالِماً من عدم التفاته إلى نصائحك وإنذارك.
ٱنْحَرَفَ أي عدل كل العدول عن الحق.
مَحْكُوماً عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ لاستمراره في طريق الضلال والإثم بعد اتخاذ الوسائل الكافية لإرشاده وبيان خطيئته وخطره. فالذي يخطئ وهو يعلم أنه يخطئ يحارب ضميره، وضميره يحكم عليه بدليل قول الكتاب «وَهٰذِهِ هِيَ ٱلدَّيْنُونَةُ: إِنَّ ٱلنُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى ٱلْعَالَمِ، وَأَحَبَّ ٱلنَّاسُ ٱلظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ ٱلنُّورِ» (يوحنا ٣: ١٩).

وصايا خاصة وختم الرسالة ع ١٢ إلى ١٥


١٢ حِينَمَا أُرْسِلُ إِلَيْكَ أَرْتِيمَاسَ أَوْ تِيخِيكُسَ بَادِرْ أَنْ تَأْتِيَ إِلَيَّ إِلَى نِيكُوبُولِيسَ، لأَنِّي عَزَمْتُ أَنْ أُشَتِّيَ هُنَاكَ».
أعمال ٢٠: ٤ و٢تيموثاوس ٤: ١٢
حِينَمَا أُرْسِلُ إِلَيْكَ أَرْتِيمَاسَ أَوْ تِيخِيكُسَ أبان الرسول بهذا أن بقاء تيطس في كريت كان وقتياً وأنه عليه أن يتوقع من يقوم مقامه بعد قليل حتى يترك تلك الجزيرة ويذهب منها إليه. ولم يذكر أرتيماس غير هنا وأما تيخيكس فكان من أسيا الصغرى (أعمال ٢٠: ٤) وكان مع بولس في رومية زمن سجنه الأول وحمل من هنالك رسالته إلى كولوسي (كولوسي ٤: ٧ و٨) ورسالته إلى أفسس (أفسس ٦: ٢١ و٢٢) وأرسله بولس مدة سجنه الثاني في رومية إلى أفسس (٢تيموثاوس ٤: ١٢).
بَادِرْ أَنْ تَأْتِيَ إِلَيَّ إِلَى نِيكُوبُولِيسَ هذا المحل المعين لاجتماعهما وكان هذا اسم عدة مدن في عصر بولس والمرجّح أن المقصود به هنا مدينة في أبيروس وهي قسم في شمالي بلاد اليونان في تخوم مكدونيا على خليج أكتيوم بنى الأمبراطور أوغسطس قيصر مدينة هنالك سماها نيكوبوليس أي مدينة النصر تذكاراً لانتصاره على أنطونيوس وهذه المدينة قريبة من الليريكون حيث بلغ بولس في جولانه للتبشير بالإنجيل (رومية ١٥: ١٩) ومن دلماطية (٢تيموثاوس ٤: ١٠) وهي اليوم خربة.
لأَنِّي عَزَمْتُ أَنْ أُشَتِّيَ هُنَاكَ نستنتج من هذا أن بولس لم يكتب هذه الرسالة من نيكوبوليس وإلا قال «عزمت أن أشتي» هنا وأن الشتاء كان قريباً لأنه طلب منه أن «يبادر إليه» والمرجّح أنه قُبض عليه هناك وسيق إلى رومية أسيراً بدعوى أنه ممن لهم يد في إحراق رومية وأنه هرب منها خوفاً من القصاص فإن نيرون ادعى أن المسيحيين هم الذين أحرقوا رومية فنشأ عن ذلك أن اضطُهدوا شديداً.
١٣ «جَهِّزْ زِينَاسَ ٱلنَّامُوسِيَّ وَأَبُلُّوسَ بِٱجْتِهَادٍ لِلسَّفَرِ حَتَّى لاَ يُعْوِزَهُمَا شَيْءٌ».
أعمال ١٨: ٢٤
جَهِّزْ زِينَاسَ ٱلنَّامُوسِيَّ لم يُذكر في غير هذا الوضع ولعله صديق بولس. وسماه «الناموسي» لمعرفته الشريعة الرومانية أو لأنه كان في أول أمره من كتبة الناموس. وسموا «ناموسيين» في (متّى ٢٢: ٣٥) لأنهم كانوا يكتبون الناموس ويفسرّونه ويعلّمونه.
أَبُلُّوسَ (انظر تفسير أعمال ١٨: ٢٤ و٢٥ وانظر أيضاً ١كورنثوس ١٢: ١ و١٦: ١٢). أرسله بولس إلى أفسس مدة سجنه الثاني في رومية (٢تيموثاوس ٤: ١٢). والمرجّح أنه كان حين كتب بولس هذه الرسالة يجول للتبشير بالإنجيل وأن بولس توقع وصوله إلى كريت بعد قليل وطلب مجيئه ومجيء زيناس لتوقعه أن يساعداه على التبشير هناك فوكل إلى تيطس أن يعد لهم كل مقتضيات السفر بقوله «جهز» رأى بعض المفسرين أن أسماء أصدقاء بولس من إخوته المسيحيين المذكورين هنا أسماء آلهة وثنية فإن اسم زيناس مشتق من زفس الذي هو جوبتر وأرتيماس من أرطاميس إلاهة الأفسسيين وأبلوس من أبلون إله الموسيقى عند اليونانيين.
١٤ « وَلْيَتَعَلَّمْ مَنْ لَنَا أَيْضاً أَنْ يُمَارِسُوا أَعْمَالاً حَسَنَةً لِلْحَاجَاتِ ٱلضَّرُورِيَّةِ، حَتَّى لاَ يَكُونُوا بِلاَ ثَمَرٍ».
أفسس ٤: ٢٨ وع ٨ ورومية ١٥: ٢٨ وفيلبي ١: ١١ و٤: ١٧ وكولوسي ١: ١٠ و٢بطرس ١: ٨
لْيَتَعَلَّمْ مَنْ لَنَا قصد بهذا الذين شاركوا بولس وتيطس في المحبة والخدمة للمسيح.
أَنْ يُمَارِسُوا أَعْمَالاً حَسَنَةً كالإحسان إلى الإخوة كتقديم أهبة السفر للإخوة المسافرين وبذلك النفقة على المحتاجين. فيجب على المسيحيين أن يحسبوا أنفسهم تلاميذ مدرسة المسيح على الأرض وأنهم بممارسة الفضيلة المطلوبة هنا يتعلمون الإحسان ويكون تعلمهم استعداداً للخدمة السماوية.
حَتَّى لاَ يَكُونُوا بِلاَ ثَمَرٍ أي حتى يثمروا فيدل إثمارهم على صحة إيمانهم بالمسيح على وفق قوله «لأَنَّهُ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ ٱلْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ ٱلْغُرْلَةُ، بَلِ ٱلإِيمَانُ ٱلْعَامِلُ بِٱلْمَحَبَّةِ» (غلاطية ٥: ٦) وقول يعقوب «هٰكَذَا ٱلإِيمَانُ أَيْضاً، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ» (يعقوب ٢: ١٧). ومما يستحق الاعتبار هو أن بولس في رسائله التي كتبها أوجب على المؤمنين ممارسة الأعمال الصالحة باجتهاد. وفي هذه الرسائل ليس سوى ثلاثة عشر أصحاحاً وفيها ثمانية أوامر بالأعمال الصالحة (ص ١: ١٦ و٢: ٧ و١٤ و٣: ١٤ و١تيموثاوس ٢: ١٠ و٥: ١٠ و٦: ١٨ و٢تيموثاوس ٢: ٢١).
١٥ «يُسَلِّمُ عَلَيْكَ ٱلَّذِينَ مَعِي جَمِيعاً. سَلِّمْ عَلَى ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَنَا فِي ٱلإِيمَانِ. اَلنِّعْمَةُ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ».
يُسَلِّمُ عَلَيْكَ ٱلَّذِينَ مَعِي لم يذكر من هؤلاء الرفقاء يومئذ لمعرفة تيطس إياهم.
سَلِّمْ عَلَى ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَنَا فِي ٱلإِيمَانِ أي كل أعضاء كنيسة كريت الذين أحبوا بولس باعتبار كونه أخاً في المسيح ومبشراً غيوراً في الإيمان المشترك.
اَلنِّعْمَةُ مَعَ جَمِيعِكُمْ (انظر تفسير رومية ١: ٧ و١٦: ٢٠). انتظر بولس أن تيطس يبلغهم هذا الدعاء.

Call of Hope
P.O.Box 10 08 27
D - 70007
Stuttgart
Germany