مقدمة

إن سفري صموئيل الأول والثاني كانا أصلاً سفراً واحداً قسما هكذا أولاً في الترجمة السبعينية ثم في الترجمة اللاتينية والترجمة الإنكليزية. وفي التوراة العبرانية لم ينقسما حتى السنة ١٥١٨ بعد المسيح.
الكاتب مجهول والأرجح أن السفر مجموع من مصادر شتى وكان جمعه بعد انقسام المملكة وقبل سبي بابل.
موضوع السفر الأول صموئيل وعمله وتأسيس المملكة وعصيان شاول الملك الأول ورفض الرب له ومسح داود وتأخر شاول وتقدم داود وموت شاول. وموضوع السفر الثاني تبوُّء داود العرش وحروبه وإصعاده التابوت إلى أورشليم وسقوطه في بعض الخطايا وأتعابه بسببها. ومعرفة سفر صموئيل الثاني ضرورية لكل من يريد أن يفهم مزامير داود.
ولا نتعجب من تخصيص جزء كبير من الكتاب المقدس لترجمة شخص واحد لأن داود وإن كان هو الملك الثاني فله عمل في تأسيس المملكة أكثر من شاول. وأعدّ داود لابنه سليمان المواد لأجل بناء الهيكل ورتب أيضاً خدمة العبادة وألف أكثر المزامير وكان أكبر الملوك وأكبر أسلاف المسيح حتى تسمّى المسيح ابن داود.
والغاية من الكتاب المقدس ليست سرد تاريخ العالم ولا تاريخ إسرائيل بل ذكر الأمور المختصة بالفدى بواسطة المسيح.
اَلأَصْحَاحُ ٱلأَوَّلُ


١ - ١٠ «١ وَكَانَ بَعْدَ مَوْتِ شَاوُلَ وَرُجُوعِ دَاوُدَ مِنْ مُضَارَبَةِ ٱلْعَمَالِقَةِ أَنَّ دَاوُدَ أَقَامَ فِي صِقْلَغَ يَوْمَيْنِ. ٢ وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ إِذَا بِرَجُلٍ أَتَى مِنَ ٱلْمَحَلَّةِ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ وَثِيَابُهُ مُمَزَّقَةٌ وَعَلَى رَأْسِهِ تُرَابٌ. فَلَمَّا جَاءَ إِلَى دَاوُدَ خَرَّ إِلَى ٱلأَرْضِ وَسَجَدَ. ٣ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ؟ فَقَالَ لَهُ: مِنْ مَحَلَّةِ إِسْرَائِيلَ نَجَوْتُ. ٤ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: كَيْفَ كَانَ ٱلأَمْرُ؟ أَخْبِرْنِي. فَقَالَ: إِنَّ ٱلشَّعْبَ قَدْ هَرَبَ مِنَ ٱلْقِتَالِ، وَسَقَطَ أَيْضاً كَثِيرُونَ مِنَ ٱلشَّعْبِ وَمَاتُوا، وَمَاتَ شَاوُلُ وَيُونَاثَانُ ٱبْنُهُ أَيْضاً. ٥ فَقَالَ دَاوُدُ لِلْغُلاَمِ ٱلَّذِي أَخْبَرَهُ: كَيْفَ عَرَفْتَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ شَاوُلُ وَيُونَاثَانُ ٱبْنُهُ؟ ٦ فَقَالَ ٱلْغُلاَمُ ٱلَّذِي أَخْبَرَهُ: ٱتَّفَقَ أَنِّي كُنْتُ فِي جَبَلِ جِلْبُوعَ وَإِذَا شَاوُلُ يَتَوَكَّأُ عَلَى رُمْحِهِ، وَإِذَا بِٱلْمَرْكَبَاتِ وَٱلْفُرْسَانِ يَشُدُّونَ وَرَاءَهُ. ٧ فَٱلْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ فَرَآنِي وَدَعَانِي فَقُلْتُ: هَئَنَذَا. ٨ فَقَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: عَمَالِيقِيٌّ أَنَا. ٩ فَقَالَ لِي: قِفْ عَلَيَّ وَٱقْتُلْنِي لأَنَّهُ قَدِ ٱعْتَرَانِيَ ٱلدُّوَارُ لأَنَّ كُلَّ نَفْسِي بَعْدُ فِيَّ. ١٠ فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ وَقَتَلْتُهُ لأَنِّي عَلِمْتُ أَنَّهُ لاَ يَعِيشُ بَعْدَ سُقُوطِهِ، وَأَخَذْتُ ٱلإِكْلِيلَ ٱلَّذِي عَلَى رَأْسِهِ وَٱلسِّوارَ ٱلَّذِي عَلَى ذِرَاعِهِ وَأَتَيْتُ بِهِمَا إِلَى سَيِّدِي هٰهُنَا».
١صموئيل ٣١: ٦ و١صموئيل ٣٠: ١ و١٧: ٢٦ ص ٤: ١٠ و١صموئيل ٤: ١٢ و١صموئيل ٢٥: ٢٣ و١صموئيل ٤: ١٦ و١صموئيل٢٨: ٤ و٣١: ٦ و١صموئيل ٣١: ٢ - ٤ و١صموئيل ١٥: ٣ و٣٠: ١ و١٣ و١٧ قضاة ٩: ٥٤ و٢ملوك ١١: ١٢
بَعْدَ مَوْتِ شَاوُلَ (١صموئيل ص ٣١).
وَرُجُوعِ دَاوُدَ (١صموئيل ص ٣٠).
أَقَامَ فِي صِقْلَغَ يَوْمَيْنِ جددوا مساكنهم ورتبوا أمورهم بعدما كانت احترقت مدينتهم وأرسل داود الهدايا إلى الأماكن التي كان يتردد إليها. وعرف أن الفلسطينيين قد ذهبوا لمحاربة إسرائيل وعرف عظمة جيشهم واستعدادهم وضعف إسرائيل بسبب رفض الرب لملكهم. ولم يقدر داود أن يذهب لينجد شاول فبقي في صقلغ يتوقع الخبر عن نتيجة الحرب وأمر الرب (٢: ١).
وَثِيَابُهُ مُمَزَّقَةٌ وَعَلَى رَأْسِهِ تُرَابٌ هو عماليقي ولكنه اعتبر نفسه واحداً من شعب إسرائيل ولعله كان يخدم أحد الإسرائيليين أو الجيش.
وَقَفْتُ عَلَيْهِ وَقَتَلْتُهُ لعله كذب على داود لأنه عرف أن داود سيكون ملكاً بعد شاول وكان شاول يطارد داود فظن العماليقي أن خبر موت شاول يكون بشارة عند داود فيمنحه حلواناً. ولعلَّ الحقيقة أنه أتى ليسلب القتلى أشياءهم فصادف جثة شاول وعرفه من إكليله الذي هو عصابة ضيقة من الذهب حول خوذته فأخذ الإكليل والسوارين اللذين كانا في يديه وأتى بهما إلى داود راجياً أن ينال منه شيئاً.
١١ - ١٣ «١١ فَأَمْسَكَ دَاوُدُ ثِيَابَهُ وَمَزَّقَهَا وَكَذَا جَمِيعُ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ. ١٢ وَنَدَبُوا وَبَكَوْا وَصَامُوا إِلَى ٱلْمَسَاءِ عَلَى شَاوُلَ وَعَلَى يُونَاثَانَ ٱبْنِهِ وَعَلَى شَعْبِ ٱلرَّبِّ وَعَلَى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُمْ سَقَطُوا بِٱلسَّيْفِ. ١٣ ثُمَّ قَالَ دَاوُدُ لِلْغُلاَمِ ٱلَّذِي أَخْبَرَهُ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا ٱبْنُ رَجُلٍ غَرِيبٍ عَمَالِيقِيٍّ».
تكوين ٣٧: ٢٩ و٣٤ ص ٣: ٣٥ ع ٨
نَدَبُوا وَبَكَوْا لأنهم لم يفتكروا بما ينتفعون أفراداً من موت شاول بل بمصيبة إسرائيل العظيمة بموت ملكهم وموت كثيرين من الشعب وانكسار المملكة.
ٱبْنُ رَجُلٍ غَرِيبٍ عَمَالِيقِيٍّ يظهر من قوله أنه كان في الأصل عماليقياً ثم سكن أرض إسرائيل فصار كإسرائيلي حتى سمّى أباه رجلاً غريباً.
١٤ - ١٦ «١٤ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: كَيْفَ لَمْ تَخَفْ أَنْ تَمُدَّ يَدَكَ لِتُهْلِكَ مَسِيحَ ٱلرَّبِّ؟ ١٥ ثُمَّ دَعَا دَاوُدُ وَاحِداً مِنَ ٱلْغِلْمَانِ وَقَالَ: تَقَدَّمْ. أَوْقِعْ بِهِ. فَضَرَبَهُ فَمَاتَ. ١٦ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: دَمُكَ عَلَى رَأْسِكَ لأَنَّ فَمَكَ شَهِدَ عَلَيْكَ قَائِلاً: أَنَا قَتَلْتُ مَسِيحَ ٱلرَّبِّ».
١صموئيل ٢٤: ٦ و٢٦: ٩ و١١ و١٦ ص ٤: ١٠ و١٢ ص ٣: ٢٨ و٢٩ ع ١٠ ولوقا ١٩: ٢٢
لم يتوقع هذا السؤال من داود ولم يكن مستعداً للجواب فسكت لأنه شهد على نفسه.
١٧، ١٨ «وَرَثَا دَاوُدُ بِهٰذِهِ ٱلْمَرْثَاةِ شَاوُلَ وَيُونَاثَانَ ٱبْنَهُ، ١٨ وَقَالَ أَنْ يَتَعَلَّمَ بَنُو يَهُوذَا «نَشِيدَ ٱلْقَوْسِ». هُوَذَا ذٰلِكَ مَكْتُوبٌ فِي «سِفْرِ يَاشَرَ».
٢أيام ٣٥: ٢٥ يشوع ١٠: ١٣
نَشِيدَ ٱلْقَوْسِ ربما تسمى هذا النشيد بهذا الاسم من ذكر قوس يوناثان في (ع ٢٢). وأمر داود أن يتعلم بنو يهوذا هذا النشيد ليكون ليوناثان وشاول ذكر دائم.
سِفْرِ يَاشَرَ سفر مفقود وليس من الأسفار القانونية يرجح أنه كان مجموع إنشاد ويفهم مما ذُكر أن داود نظم هذا النشيد وأمر بني يهوذا أن يتعلموه فأُضيف إلى سفر ياشر المعروف وقتئذ (يشوع ١٠: ١٣).
١٩، ٢٠ «١٩ اَلظَّبْيُ يَا إِسْرَائِيلُ مَقْتُولٌ عَلَى شَوَامِخِكَ. كَيْفَ سَقَطَ ٱلْجَبَابِرَةُ! ٢٠ لاَ تُخْبِرُوا فِي جَتَّ. لاَ تُبَشِّرُوا فِي أَسْوَاقِ أَشْقَلُونَ، لِئَلاَّ تَفْرَحَ بَنَاتُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ، لِئَلاَّ تَشْمَتَ بَنَاتُ ٱلْغُلْفِ».
ع ٢٥ و٢٧ و١صموئيل ٣١: ٨ - ١٣ وميخا ١: ١٠ خروج ١٥: ٢٠ و٢١ و١صموئيل ١٨: ٦ و١صموئيل ١٤: ٦
اَلظَّبْيُ أي يوناثان وهو مثل الظبي بالجمال والسرعة. وفي القديم كانت السرعة في الركض من أعظم فضائل المحارب (٢٣).
شَوَامِخِكَ شوامخ إسرائيل أي جبال جلبوع (ع ٢١) حيث قُتل يوناثان.
كَيْفَ سَقَطَ ٱلْجَبَابِرَةُ (ع ٢٥ و٢٧) هذا القول مثل قرار في نشيد أو ترنيمة. والجبابرة هم الذين لم يُنتظر سقوطهم والذين كان الاتكال عليهم فبسقوطهم سقط الجميع وبعد سقوطهم ليس رجاء.
لاَ تُخْبِرُوا فِي جَتَّ لئلا يفتخر الفلسطينيون أعداء الرب. وأشقلون مدنية أخرى للفلسطينيين كان فيها أعظم هياكل عشتاروث وربما أُرسل إليها سلاح شاول ويوناثان (١صموئيل ٣١: ١٠).
بَنَاتُ ٱلْغُلْفِ كان الختان علامة شعب الله والغُلف أي غير المختونين هم الخارجون عن العهود والمواعيد التي لشعب الله وهذه التسمية تدل على الاحتقار. وقال «بنات الغلف» لأن النساء كنّ يغنين ويمدحن جبابرتهنّ (١صموئيل ١٨: ٦ و٧).
٢١، ٢٢ «٢١ يَا جِبَالَ جِلْبُوعَ لاَ يَكُنْ طَلٌّ وَلاَ مَطَرٌ عَلَيْكُنَّ وَلاَ حُقُولُ تَقْدِمَاتٍ، لأَنَّهُ هُنَاكَ طُرِحَ مِجَنُّ ٱلْجَبَابِرَةِ، مِجَنُّ شَاوُلَ بِلاَ مَسْحٍ بِٱلدُّهْنِ. ٢٢ مِنْ دَمِ ٱلْقَتْلَى مِنْ شَحْمِ ٱلْجَبَابِرَةِ لَمْ تَرْجِعْ قَوْسُ يُونَاثَانَ إِلَى ٱلْوَرَاءِ، وَسَيْفُ شَاوُلَ لَمْ يَرْجِعْ خَائِباً».
١صموئيل ٣١: ١ حزقيال ٣١: ١٥ إشعياء ٢١: ٥ تثنية ٣١: ٤٢ وإشعياء ٣٤: ٦ و١صموئيل ١٨: ٤
لاَ يَكُنْ طَلٌّ (أيوب ٣: ٣ - ١٠ إرميا ٢٠: ١٤ - ١٧) لا يجوز أن نفهم هذه الأقوال حرفياً لأنها اصطلاحات شعرية والقصد منها تصوير عظمة الداهية التي وقعت على إسرائيل بموت شاول ويوناثان.
وَلاَ حُقُولُ تَقْدِمَاتٍ أي لا يكن في الحقول ما يكفي لتقدمات الرب أو ما يستحق التعشير.
بِلاَ مَسْحٍ بِٱلدُّهْنِ (انظر إشعياء ٢١: ٥) قوموا أيها الرؤساء امسحوا المجنّ. أي كان مسح المجن بالدهن من الاستعداد للقتال وأما مجن شاول فطُرح بلا مسح لأنه قُتل فانتهت كل أعماله بالبأس في ساحة الحرب وعوضاً عن المسح بالدهن تلوّث بالدم ليس بدم أعدائه بل بدم نفسه.
٢٣ «شَاوُلُ وَيُونَاثَانُ ٱلْمَحْبُوبَانِ وَٱلْحُلْوَانِ فِي حَيَاتِهِمَا لَمْ يَفْتَرِقَا فِي مَوْتِهِمَا. أَخَفُّ مِنَ ٱلنُّسُورِ وَأَشَدُّ مِنَ ٱلأُسُودِ».
إرميا ٤: ١٣ قضاة ١٤: ١٨
ٱلْمَحْبُوبَانِ وَٱلْحُلْوَانِ ليس يوناثان فقط بل أيضاً شاول. فأظهر داود سموّ مبادئه لأنه لم يذكر شيئاً من أعمال شاول السيئة ولم يرِد أن يتكلم عن الموتى إلا الحسن.
لَمْ يَفْتَرِقَا فِي مَوْتِهِمَا كان يوناثان أميناً لأبيه كل حياته حتى الموت وإن كان أبوه لم يحب حبيبه داود.
أَخَفُّ مِنَ ٱلنُّسُورِ وَأَشَدُّ مِنَ ٱلأُسُودِ مدحهما على سرعتهما في المشي وشجاعتهما في القتال.
٢٤ «يَا بَنَاتِ إِسْرَائِيلَ، ٱبْكِينَ شَاوُلَ ٱلَّذِي أَلْبَسَكُنَّ قِرْمِزاً بِٱلتَّنَعُّمِ، وَجَعَلَ حُلِيَّ ٱلذَّهَبِ عَلَى مَلاَبِسِكُنَّ».
خاطب النساء لأنهن يتضايقن من الحروب والظلم وينتفعن من الراحة والسلام. والملابس الفاخرة والتحلي بالذهب لم يكونا إلا نتيجة سني الراحة وحينما نتذكر خطايا شاول وعصيانه وعناده وجنونه وموته بلا رجاء يجب أن لا ننسى خدمته النافعة لشعبه وأعماله الصالحة التي ليس لها ذكر في الكتاب فإن التواريخ تذكر الحروب والمصائب والفواحش بالتفصيل وأما أعوام السلام والأعمال الحسنة فتذكرها بالاختصار.
٢٥ «كَيْفَ سَقَطَ ٱلْجَبَابِرَةُ فِي وَسَطِ ٱلْحَرْبِ! يُونَاثَانُ عَلَى شَوَامِخِكَ مَقْتُولٌ».
ع ١٩ و٢٧
(انظر ١٩ و٢٧).
٢٦، ٢٧ «٢٦ قَدْ تَضَايَقْتُ عَلَيْكَ يَا أَخِي يُونَاثَانُ. كُنْتَ حُلْواً لِي جِدّاً. مَحَبَّتُكَ لِي أَعْجَبُ مِنْ مَحَبَّةِ ٱلنِّسَاءِ. ٢٧ كَيْفَ سَقَطَ ٱلْجَبَابِرَةُ وَبَادَتْ آلاَتُ ٱلْحَرْبِ».
١صموئيل ١٨: ١ - ٤ ع ١٩ و٢٥ إشعياء ١٣: ٥
أَعْجَبُ مِنْ مَحَبَّةِ ٱلنِّسَاءِ محبة المرأة لرجلها عجيبة لأنها تترك بيت أبيها وأهلها لأجله وتحامي عنه إذا أُهين وتخدمه إذا مرض وتلتصق به إذا افتقر وتثبت في محبتها إلى الموت. ولكن محبة يوناثان لداود أعجب لأنه بقي في بيت أبيه واحتمل التعييرات لأجله وأحبه لما كان مطروداً وأحبه أيضاً عندما رأى نفسه خاسراً وداود رابحاً.
فوائد



  • إذا نجح الكذب يكون الكاذب قد باع نفسه بدراهم قليلة أو راحة وقتية. ولا ينجح الكذب على الغالب فيكون الكاذب قد بحث عن حتفه بظلفه (ع ١٦).
  • يجب أن لا نتكلم عن الموتى إلا الحسن (أ) لأن الميت لا يقدر أن يحامي عن نفسه (ب) لأنه يقف أمام عرش الله الديان العادل (ج) لأن ذكر الأعمال الصالحة مفيد لنا وللعالم أكثر من ذكر السيئات. غير أن ذكر خطايا الموتى أحياناً يكون ضرورياً ليتجنبها الأحياء.
  • إن الله يعمل كل شيء حسناً فإذا توفى الأفاضل في أفخر أيامهم كيوناثان يكون ذلك من محبته لهم ليستريحوا من أتعاب الحياة وتجاربها.




اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي


١ - ٤ «١ وَكَانَ بَعْدَ ذٰلِكَ أَنَّ دَاوُدَ سَأَلَ ٱلرَّبَّ: أَأَصْعَدُ إِلَى إِحْدَى مَدَائِنِ يَهُوذَا؟ فَقَالَ لَهُ ٱلرَّبُّ: ٱصْعَدْ. فَقَالَ دَاوُدُ: إِلَى أَيْنَ أَصْعَدُ؟ فَقَالَ: إِلَى حَبْرُونَ. ٢ فَصَعِدَ دَاوُدُ إِلَى هُنَاكَ هُوَ وَٱمْرَأَتَاهُ أَخِينُوعَمُ ٱلْيَزْرَعِيلِيَّةُ وَأَبِيجَايِلُ ٱمْرَأَةُ نَابَالَ ٱلْكَرْمَلِيِّ. ٣ وَأَصْعَدَ دَاوُدُ رِجَالَهُ ٱلَّذِينَ مَعَهُ كُلَّ وَاحِدٍ وَبَيْتَهُ وَسَكَنُوا فِي مُدُنِ حَبْرُونَ. ٤ وَأَتَى رِجَالُ يَهُوذَا وَمَسَحُوا هُنَاكَ دَاوُدَ مَلِكاً عَلَى بَيْتِ يَهُوذَا. وَأَخْبَرُوا دَاوُدَ: إِنَّ رِجَالَ يَابِيشَ جِلْعَادَ هُمُ ٱلَّذِينَ دَفَنُوا شَاوُلَ».
١صموئيل ٢٣: ٢ و٤ و٩ - ١٢ يشوع ١٤: ١٣ و١صموئيل ٣٠: ٣١ و١صموئيل ٢٥: ٤٢ و٤٣ و١صموئيل ٣٠: ٩ و١أيام ١٢: ١ ص ٥: ٣ و٥ و١صموئيل ١٦: ١٣ و١صموئيل ٣١: ١١ - ١٣
عند موت شاول أصبحت المملكة بلا ملك فاقتضى تعيين ملك جديد وكانت الخلافة لإيشبوشث بن شاول حسب عادة الممالك. وكان داود قد ترك أرضه وسكن في أرض الفلسطينيين وحسب الظاهر كان قد فقد حقه في الملك. ولكن بعد موت شاول لم يبق داع لبقائه عند الفلسطينيين وكان الإسرائيليون محتاجين إليه غاية الاحتياج في يوم ذلهم وخوفهم. ولم يعرف داود أفكار الشعب من جهته. فسأل الرب. وكانت حبرون أحسن مكان لداود في ذلك الوقت لأنها أعظم مدينة في يهوذا ويهوذا سبطه وميلهم إليه أكثر من ميلهم إلى ابن شاول البنياميني. وحبرون بين الجبال فكانت في مأمن أكثر من غيرها من هجوم الفلسطينيين. (اطلب حبرون في قاموس الكتاب وتفسير ١صموئيل ٣٠: ٣١).
ٱلْيَزْرَعِيلِيَّةُ من يزرعيل في يهوذا وليست يزرعيل في الشمال.
أَبِيجَايِلُ (انظر ١صموئيل ٢٥).
مُدُنِ حَبْرُونَ وليس في حبرون فقط لأنهم جيش كبير ولهم نساء وأولاد. ولا شك أن ذلك كله كان باتفاق مع أهل حبرون.
مَسَحُوا دَاوُدَ كان مسحه الأول (١صموئيل ص ١٦) سراً في بيت أبيه وهنا مسحه رجال يهوذا كلهم مسحاً قانونياً.
٥ - ٧ «٥ فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً إِلَى أَهْلِ يَابِيشَ جِلْعَادَ يَقُولُ لَهُمْ: مُبَارَكُونَ أَنْتُمْ مِنَ ٱلرَّبِّ إِذْ قَدْ فَعَلْتُمْ هٰذَا ٱلْمَعْرُوفَ بِسَيِّدِكُمْ شَاوُلَ فَدَفَنْتُمُوهُ. ٦ وَٱلآنَ لِيَصْنَعِ ٱلرَّبُّ مَعَكُمْ إِحْسَاناً وَحَقّاً، وَأَنَا أَيْضاً أَفْعَلُ مَعَكُمْ هٰذَا ٱلْخَيْرَ لأَنَّكُمْ فَعَلْتُمْ هٰذَا ٱلأَمْرَ. ٧ وَٱلآنَ فَلْتَتَشَدَّدْ أَيْدِيكُمْ وَكُونُوا ذَوِي بَأْسٍ، لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ سَيِّدُكُمْ شَاوُلُ، وَإِيَّايَ مَسَحَ بَيْتُ يَهُوذَا مَلِكاً عَلَيْهِمْ».
١صموئيل ٢٣: ٢١ خروج ٣٤: ٦
لعل داود سأل عن الذين دفنوا شاول وأبناءه ليجازيهم على عملهم الحسن. ولا شك أن الذين أخبروه فهموا قصده. وبكلامه لأهل يابيش جلعاد أظهر (١) إنه استحسن عملهم وهو أيضاً أكرم شاول في حياته وبعد موته (٢) إنه صار ملكاً عوضاً عن شاول وإنه يحامي عنهم كشاول (١صموئيل ص ١١) فعليهم أن يتشددوا ويكونوا ذوي بأس في خدمته كما كانوا في خدمة شاول.
٨ - ١١ «٨ وَأَمَّا أَبْنَيْرُ بْنُ نَيْرٍ، رَئِيسُ جَيْشِ شَاوُلَ، فَأَخَذَ إِيشْبُوشَثَ بْنَ شَاوُلَ وَعَبَرَ بِهِ إِلَى مَحَنَايِمَ ٩ وَجَعَلَهُ مَلِكاً عَلَى جِلْعَادَ وَعَلَى ٱلأَشُّورِيِّينَ وَعَلَى يَزْرَعِيلَ وَعَلَى أَفْرَايِمَ وَعَلَى بِنْيَامِينَ وَعَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. ١٠ وَكَانَ إِيشْبُوشَثُ بْنُ شَاوُلَ ٱبْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَلَكَ سَنَتَيْنِ. وَأَمَّا بَيْتُ يَهُوذَا فَإِنَّمَا ٱتَّبَعُوا دَاوُدَ. ١١ وَكَانَتِ ٱلْمُدَّةُ ٱلَّتِي مَلَكَ فِيهَا دَاوُدُ فِي حَبْرُونَ عَلَى بَيْتِ يَهُوذَا سَبْعَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ».
١صموئيل ١٤: ٥٠ ص ١٧: ٢٤ وتكوين ٣٢: ٢ و١٠ يشوع ٢٢: ٩ قضاة ١: ٣٢ و١صموئيل ٢٩: ١ ص ٥: ٥
أَبْنَيْرُ ابن عم شاول (١صموئيل ١٤: ٥١).
إِيشْبُوشَثَ أو أشبعل (١أيام ٨: ٣٣) ولعل الاسم الأصلي أشبعل ومعناه رجل السيد أو رجل ذو سيادة ولكن لفظة بعل تخصصت لإله الفينيقيين الذي أدخل آخاب عبادته فالذين كرهوا عبادة البعل حوّلوا اشبعل إلى إيشبوشث ومعناه رجل الخزي. وهكذا يربعل صار يربوشث مع أبناء شاول الذين كانوا في حرب الفلسطينيين (١صموئيل ٣١: ٢) ولعله لم يكن في الحرب أو كان في الحرب ونجا منها.
مَحَنَايِمَ شرقي الأردن سماها يعقوب بهذا الاسم (تكوين ٣٢: ١ و٢) وكانت مدينة ملجإ موقعها شمالي نهر يبوق والتجأ إليها داود حينما هرب من أبشالوم ويُظن أنها سليخات الحالية على بُعد ٦ أميال شمالي الزرقاء على التخم بين جاد ومنسى (قاموس الكتاب). والظاهر أن أبنير وقّف هجوم الفلسطينيين بعد موت شاول واسترجع منهم بعض أماكن كانوا أخذوها عنوة.
جِلْعَادَ كورة كبيرة شرقي الأردن كانت لمنسى وجاد.
ٱلأَشُّورِيِّينَ ليسوا معروفين. يُظن أن الكلمة الأصلية الأشيرون أي سبط أشير الذين كانت أرضهم شمالي سهل يزرعيل.
يَزْرَعِيلَ كان أبنير استرجع هذه المدينة المهمة التي كانت مقراً للفلسطينيين في حربهم (١صموئيل ٢٩: ١١).
أَفْرَايِمَ وَعَلَى بِنْيَامِينَ أي كل إسرائيل ما عدا يهوذا.
ملك داود في حبرون سبع سنين وستة أشهر وملك إيشبوشث سنتين. والأرجح أن هاتين السنتين كانتا في آخر ملك داود في حبرون فيكون لإيشبوشث خمس سنين وستة أشهر بين موت أبيه وتبوئه كرسي الملك ولعل أبنير في هذه المدة حارب الفلسطينيين واسترجع الأماكن التي كانوا افتتحوها.
١٢، ١٣ «١٢ وَخَرَجَ أَبْنَيْرُ بْنُ نَيْرٍ وَعَبِيدُ إِيشْبُوشَثَ بْنِ شَاوُلَ مِنْ مَحَنَايِمَ إِلَى جِبْعُونَ. ١٣ وَخَرَجَ يُوآبُ بْنُ صَرُويَةَ وَعَبِيدُ دَاوُدَ، فَٱلْتَقَوْا جَمِيعاً عَلَى بِرْكَةِ جِبْعُونَ. وَجَلَسُوا هٰؤُلاَءِ عَلَى ٱلْبِرْكَةِ مِنْ هُنَا وَهٰؤُلاَءِ عَلَى ٱلْبِرْكَةِ مِنْ هُنَاكَ».
يشوع ١٠: ١٢ و١٨: ٢٥ ص ٨: ١٦ و١أيام ٢: ١٦ و١١: ٦
خَرَجَ أَبْنَيْرُ قصد أن يضم يهوذا أيضاً إلى مملكة إيشبوشث وكان هو المعتدي لا داود.
جِبْعُونَ شمالي أورشليم وعلى بُعد ٦ أميال عنها و٢٦ ميلاً عن حبرون وهي الجيب الحالية.
وَخَرَجَ يُوآبُ بْنُ صَرُويَةَ (١صموئيل ٢٦: ٦) كانت صروية أخت داود من أمه ولا نعرف من كان أبو يوآب وأخويه (١٧: ٢٥) وكان يوآب رئيس الجيش حتى موت داود وكان شجاعاً وأميناً غير أنه كان قاسياً يعمل أحياناً حسب رأيه دون رأي الملك. وخرج يوآب وعبيده داود للقاء أبنير لأنهم فهموا أن قصده إخضاع يهوذا لإيشبوشث.
بِرْكَةِ جِبْعُونَ ترى اليوم بكرة طولها نحو ١٢٠ قدماً وعرضها ١٠٠ قدم حولها أشجار زيتون وفوقها مغارة صناعية تجمع الماء الخارج من الينبوع وتصبه في البركة.
وَجَلَسُوا لأنهم لم يريدوا أن يسفكوا دماء بعضهم البعض وهم إسرائيليون.
١٤ - ١٦ «١٤ فَقَالَ أَبْنَيْرُ لِيُوآبَ: لِيَقُمِ ٱلْغِلْمَانُ وَيَتَكَافَحُوا أَمَامَنَا. فَقَالَ يُوآبُ: لِيَقُومُوا. ١٥ فَقَامُوا وَعَبَرُوا بِٱلْعَدَدِ، ٱثْنَا عَشَرَ لأَجْلِ بِنْيَامِينَ وَإِيشْبُوشَثَ بْنِ شَاوُلَ، وَٱثْنَا عَشَرَ مِنْ عَبِيدِ دَاوُدَ. ١٦ وَأَمْسَكَ كُلُّ وَاحِدٍ بِرَأْسِ صَاحِبِهِ وَضَرَبَ سَيْفَهُ فِي جَنْبِ صَاحِبِهِ وَسَقَطُوا جَمِيعاً. فَدُعِيَ ذٰلِكَ ٱلْمَوْضِعُ «حِلْقَثَ هَصُّورِيمَ» ٱلَّتِي هِيَ فِي جِبْعُونَ».
ع ١٦ و١٧
يَتَكَافَحُوا ليستقبلوا في الحرب بعضهم بعضاً بوجوههم ليس دونها ترس ولا غيره ولا نفهم أن قصد أبنير بهذا أن ينوب هؤلاء الغلمان عن الجيشين فتكون غلبة الطرف الواحد غلبة الجيش الذي نابوا عنه. وربما كره الرجال القتال وظن أبنير أنه إذا سُفك شيء من الدم في الأول يهبّون أجمعين للقتال. وكان طبع يوآب كطبع أبنير لم يتأخر عن سفك الدم فلبى طلب أبنير.
وَسَقَطُوا جَمِيعاً لم يحام أحد عن نفسه بل ضرب صاحبه وكشف جنبه ليضرب لأنهم فهموا من الأول أنهم كلهم سيُقتلون.
حِلْقَثَ هَصُّورِيمَ صقل السيوف. والكلمة هصوريم تُرجمت بصوان في (يشوع ٥: ٢) حيث قيل أن يشوع صنع سكاكين من صوان وختن بني إسرائيل.
١٧ - ٢٣ «١٧ وَكَانَ ٱلْقِتَالُ شَدِيداً جِدّاً فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، وَٱنْكَسَرَ أَبْنَيْرُ وَرِجَالُ إِسْرَائِيلَ أَمَامَ عَبِيدِ دَاوُدَ. ١٨ وَكَانَ هُنَاكَ بَنُو صَرُويَةَ ٱلثَّلاَثَةُ: يُوآبُ، وَأَبِيشَايُ، وَعَسَائِيلُ. وَكَانَ عَسَائِيلُ خَفِيفَ ٱلرِّجْلَيْنِ كَظَبْيِ ٱلْبَرِّ. ١٩ فَسَعَى عَسَائِيلُ وَرَاءَ أَبْنَيْرَ، وَلَمْ يَمِلْ فِي ٱلسَّيْرِ يَمْنَةً وَلاَ يَسْرَةً مِنْ وَرَاءِ أَبْنَيْرَ. ٢٠ فَٱلْتَفَتَ أَبْنَيْرُ إِلَى وَرَائِهِ وَقَالَ: أَأَنْتَ عَسَائِيلُ؟ فَقَالَ: أَنَا هُوَ. ٢١ فَقَالَ لَهُ أَبْنَيْرُ: مِلْ إِلَى يَمِينِكَ أَوْ إِلَى يَسَارِكَ وَٱقْبِضْ عَلَى أَحَدِ ٱلْغِلْمَانِ وَخُذْ لِنَفْسِكَ سَلَبَهُ. فَلَمْ يَشَأْ عَسَائِيلُ أَنْ يَمِيلَ مِنْ وَرَائِهِ. ٢٢ ثُمَّ عَادَ أَبْنَيْرُ وَقَالَ لِعَسَائِيلَ: مِلْ مِنْ وَرَائِي. لِمَاذَا أَضْرِبُكَ إِلَى ٱلأَرْضِ؟ فَكَيْفَ أَرْفَعُ وَجْهِي لَدَى يُوآبَ أَخِيكَ؟ ٢٣ فَأَبَى أَنْ يَمِيلَ، فَضَرَبَهُ أَبْنَيْرُ بِطَرَفِ ٱلرُّمْحِ فِي بَطْنِهِ، فَخَرَجَ ٱلرُّمْحُ مِنْ خَلْفِهِ فَسَقَطَ هُنَاكَ وَمَاتَ فِي مَكَانِهِ. وَكَانَ كُلُّ مَنْ يَأْتِي إِلَى ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي سَقَطَ فِيهِ عَسَائِيلُ وَمَاتَ يَقِفُ».
ص ٣: ١ و١أيام ٢: ١٦ و١أيام ١٢: ٨ وحبقوق ٣: ١٩ ص ٣: ٢٧ و١صموئيل ٢٦: ٧ ص ٢٠: ١٢
بَنُو صَرُويَةَ (ع ١٣).
سَعَى عَسَائِيلُ وَرَاءَ أَبْنَيْرَ قاصداً قتله وبما أن عسائيل خفيف الرجلين لم يقدر أبنير أن يخلص منه ولكنه لم يرد قتله لأنه لا يليق بالقوي أن يقتل من كان أضعف منه. ولعله فهم من نتيجة هذه المعركة أن بيت داود سيتقوى وبيت شاول سيضعف (٣: ١) فخاف أبنير من يوآب رئيس جيش داود وأخي عسائيل. وضرب عسائيل بزُج رمحه وليس بسنانه لأنه قصد أن يضربة ضربة خفيفة فقتله بلا قصد وقيل إن عسائيل لم يتوقع ضربة كهذه فبغته أبنير.
يَقِفُ من شدة تأثرهم لأن الجميع كانوا يحبون عسائيل وهو أخو رئيسهم يوآب.
٢٤ - ٢٨ «٢٤ وَسَعَى يُوآبُ وَأَبِيشَايُ وَرَاءَ أَبْنَيْرَ، وَغَابَتِ ٱلشَّمْسُ عِنْدَمَا أَتَيَا إِلَى تَلِّ أَمَّةَ ٱلَّذِي تُجَاهَ جِيحَ فِي طَرِيقِ بَرِّيَّةِ جِبْعُونَ. ٢٥ فَٱجْتَمَعَ بَنُو بِنْيَامِينَ وَرَاءَ أَبْنَيْرَ وَصَارُوا جَمَاعَةً وَاحِدَةً، وَوَقَفُوا عَلَى رَأْسِ تَلٍّ وَاحِدٍ. ٢٦ فَنَادَى أَبْنَيْرُ يُوآبَ: هَلْ إِلَى ٱلأَبَدِ يَأْكُلُ ٱلسَّيْفُ؟ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهَا تَكُونُ مَرَارَةً فِي ٱلأَخِيرِ؟ فَحَتَّى مَتَى لاَ تَقُولُ لِلشَّعْبِ أَنْ يَرْجِعُوا مِنْ وَرَاءِ إِخْوَتِهِمْ؟ ٢٧ فَقَالَ يُوآبُ: حَيٌّ هُوَ ٱللّٰهُ إِنَّهُ لَوْ لَمْ تَتَكَلَّمْ لَكَانَ ٱلشَّعْبُ فِي ٱلصَّبَاحِ قَدْ صَعِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَاءِ أَخِيهِ. ٢٨ وَضَرَبَ يُوآبُ بِٱلْبُوقِ فَوَقَفَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ وَلَمْ يَسْعَوْا بَعْدُ وَرَاءَ إِسْرَائِيلَ وَلاَ عَادُوا إِلَى ٱلْمُحَارَبَةِ».
ع ١٤ ص ٣: ١ ع ٨
تَلِّ أَمَّةَ... جِيحَ موقعها مجهول.
فَٱجْتَمَعَ بَنُو بِنْيَامِينَ كانوا يرومون نجاح ابن شاول لأنه من سبطهم ويكون لهم فوائد خاصة منه إذا ملك (١صموئيل ٢٢: ٧) وجمع أبنير رجاله وأخذ محلاً منيعاً على قمة تل واستعد لمقاومة يوآب ثم ناداه قائلاً هل إلى الأبد سيكون سفك دم وانتقام ومرارة لا تنتهي. ونصح له أن يتوقف الجيشان عن القتال.
فَقَالَ يُوآبُ... لَوْ لَمْ تَتَكَلَّمْ لو لم يتكلم أبنير في الصباح قائلاً «ليقم الغلمان ويتكافحوا» (ع ١٤) لكان الشعب رجعوا إلى أماكنهم ولم يقع قتال من الأول. وبقوله هذا جعل مسؤولية القتال على أبنير. ويوآب أيضاً لم يستحسن دوام المحاربة.
وَلاَ عَادُوا إِلَى ٱلْمُحَارَبَةِ أي في ذلك الوقت ولكن تجددت المحاربة بعد ذلك (٣: ١).
٢٩ - ٣٢ «٢٩ فَسَارَ أَبْنَيْرُ وَرِجَالُهُ فِي ٱلْعَرَبَةِ ذٰلِكَ ٱللَّيْلَ كُلَّهُ وَعَبَرُوا ٱلأُرْدُنَّ، وَسَارُوا فِي كُلِّ ٱلشُّعَبِ وَجَاءُوا إِلَى مَحَنَايِمَ. ٣٠ وَرَجَعَ يُوآبُ مِنْ وَرَاءِ أَبْنَيْرَ وَجَمَعَ كُلَّ ٱلشَّعْبِ. وَفُقِدَ مِنْ عَبِيدِ دَاوُدَ تِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً وَعَسَائِيلُ. ٣١ وَضَرَبَ عَبِيدُ دَاوُدَ مِنْ بِنْيَامِينَ وَمِنْ رِجَالِ أَبْنَيْرَ، فَمَاتَ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَسِتُّونَ رَجُلاً. ٣٢ وَرَفَعُوا عَسَائِيلَ وَدَفَنُوهُ فِي قَبْرِ أَبِيهِ ٱلَّذِي فِي بَيْتِ لَحْمٍ. وَسَارَ يُوآبُ وَرِجَالُهُ ٱللَّيْلَ كُلَّهُ وَأَصْبَحُوا فِي حَبْرُونَ».
ع ٨
فِي ٱلْعَرَبَةِ وادي الأردن أو الغور وساروا فيها حتى وصلوا إلى المخاضة فعبروا وصعدوا إلى محنايم.
ٱلشُّعَبِ جمع شُعبة وهي صدع في الجبل يأوي إليه الطير أو ما عظُم من سواقي الأودية. وكانت هذه الشُعب في طريق أبنير ورجاله عندما نزلوا من برية جبعون إلى وادي الأردن وساروا فيها وصعدوا إلى محنايم. ويظن أن الكلمة الأصلية المترجمة شُعب وهي بثرون اسم علم ولا نعرف موقع بثرون إذا فرضنا أنها اسم مكان.
تِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً أي الاثنا عشر الذين تكافحوا (ع ١٤) وسبعة غيرهم. والعدد قليل بالنسبة إلى ٣٦٠ الذين قُتلوا من رجال أبنير وذلك لأن رجال أبنير كانوا مغلوبين.
فِي قَبْرِ أَبِيهِ الظاهر أن أباه كان رجلاً معتبراً غير أن اسمه مجهول.
وَأَصْبَحُوا فِي حَبْرُونَ الأرجح أنهم سروا تلك الليلة إلى بيت لحم وفي النهار التالي دفنوا عسائيل وناحوا عليه وفي الليلة الثانية سروا إلى حبرون فوصلوا إليها صباحاً. أو أنهم باتوا في محلهم أول ليلة وساروا صباحاً إلى بيت لحم ودفنوا عسائيل وفي الليلة الثانية سروا إلى حبرون.
فوائد



  • السؤال من الرب واجب في كل حين لا سيما في وقت الراحة والنجاح (ع ١).
  • من واجبات كل من يرأس الناس إن كان ملكاً أو والداً أو معلماً أن ينظر إلى أعمالهم الحسنة وفضائلهم لا إلى العيوب والنقائص فقط (٥ - ٧).
  • الجنود يطيعون أمر قائدهم حتى الموت بلا اعتراض فكم بالحري جنود المسيح الذي لا يغلط في أوامره ولا يقصد هلاك الناس بل خلاصهم (ع ١٥ و١٦).
  • على الأتقياء أن يصلّوا دائماً لكي تنتهي الحروب ويؤسس ملكوت المسيح فيتعلم الناس أن يفضوا كل اختلاف بوسائل حبية بلا حرب (ع ٢٦).




اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ


١ «وَكَانَتِ ٱلْحَرْبُ طَوِيلَةً بَيْنَ بَيْتِ شَاوُلَ وَبَيْتِ دَاوُدَ، وَكَانَ دَاوُدُ يَذْهَبُ يَتَقَوَّى وَبَيْتُ شَاوُلَ يَذْهَبُ يَضْعُفُ».
١ملوك ١٤: ٣٠
ٱلْحَرْبُ طَوِيلَةً مدة سبع سنين ونصف ولعلها كانت أولاً بين داود وبين أبنير نسيب شاول وبعد خمس سنين ونصف ملك إيشبوشث فحارب سنتين حتى مات.
يَذْهَبُ يَتَقَوَّى انتصر في الحروب وانحاز إليه الشعب بالتدريج.
٢ - ٤ «٢ وَوُلِدَ لِدَاوُدَ بَنُونَ فِي حَبْرُونَ. وَكَانَ بِكْرُهُ أَمْنُونَ مِنْ أَخِينُوعَمَ ٱلْيَزْرَعِيلِيَّةِ، ٣ وَثَانِيهِ كِيلآبَ مِنْ أَبِيجَايِلَ ٱمْرَأَةِ نَابَالَ ٱلْكَرْمَلِيِّ. وَٱلثَّالِثُ أَبْشَالُومَ ٱبْنَ مَعْكَةَ بِنْتِ تَلْمَايَ مَلِكِ جَشُورَ، ٤ وَٱلرَّابِعُ أَدُونِيَّا ٱبْنَ حَجِّيثَ، وَٱلْخَامِسُ شَفَطْيَا ٱبْنَ أَبِيطَالَ، ٥ وَٱلسَّادِسُ يَثْرَعَامَ مِنْ عَجْلَةَ ٱمْرَأَةِ دَاوُدَ. هٰؤُلاَءِ وُلِدُوا لِدَاوُدَ فِي حَبْرُونَ».
١أيام ٣: ١ - ٣ و١صموئيل ٢٥: ٤٢ و٤٣ و١صموئيل ٢٧: ٨ ص ١٤: ٣٢ و١٥: ٨ و١ملوك ١: ٥
كانت كثرة النساء عند الملوك القدماء علامة السلطة والمجد وهذا يخالف الطبيعة وتعليم الكتاب. انظر ما وقع من التعب على إبراهيم وغيره من الأتقياء من تعدُّد الزوجات. ولكن الله كان يغض النظر وقتياً عن هذه الشرور كما في أمر الاسترقاق والطلاق (متّى ١٩: ٨).
أَمْنُونَ مذكور في (ص ١٣).
أَخِينُوعَمَ (٢: ٢).
كِيلآبَ وهو في (١أيام ٣: ١) دانيئيل ولعل هذا هو الاسم وكيلآب هو اللقب. ومات أمنون وأبشالوم في حياة أبهيما وربما مات دانيئيل أيضاً لأنه في آخر حياة داود طلب أدونيا الخلافة كأنه أكبر أبناء الملك الأحياء (١ملوك ١: ٥) ونبأ إبيجايل في (١صموئيل ص ٢٥).
٦ - ١١ «٦ وَكَانَ فِي وُقُوعِ ٱلْحَرْبِ بَيْنَ بَيْتِ شَاوُلَ وَبَيْتِ دَاوُدَ أَنَّ أَبْنَيْرَ تَشَدَّدَ لأَجْلِ بَيْتِ شَاوُلَ. ٧ وَكَانَتْ لِشَاوُلَ سُرِّيَّةٌ ٱسْمُهَا رِصْفَةُ بِنْتُ أَيَّةَ. فَقَالَ إِيشْبُوشَثُ لأَبْنَيْرَ: لِمَاذَا دَخَلْتَ إِلَى سُرِّيَّةِ أَبِي؟ ٨ فَٱغْتَاظَ أَبْنَيْرُ جِدّاً مِنْ كَلاَمِ إِيشْبُوشَثَ وَقَالَ: أَلَعَلِّي رَأْسُ كَلْبٍ لِيَهُوذَا؟ ٱلْيَوْمَ أَصْنَعُ مَعْرُوفاً مَعَ بَيْتِ شَاوُلَ أَبِيكَ، مَعَ إِخْوَتِهِ وَمَعَ أَصْحَابِهِ، وَلَمْ أُسَلِّمْكَ لِيَدِ دَاوُدَ، وَتُطَالِبُنِي ٱلْيَوْمَ بِإِثْمِ ٱلْمَرْأَةِ! ٩ هٰكَذَا يَصْنَعُ ٱللّٰهُ بِأَبْنَيْرَ وَهٰكَذَا يَزِيدُهُ إِنَّهُ كَمَا حَلَفَ ٱلرَّبُّ لِدَاوُدَ كَذٰلِكَ أَصْنَعُ لَهُ ١٠ لِنَقْلِ ٱلْمَمْلَكَةِ مِنْ بَيْتِ شَاوُلَ وَإِقَامَةِ كُرْسِيِّ دَاوُدَ عَلَى إِسْرَائِيلَ وَعَلَى يَهُوذَا مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ. ١١ وَلَمْ يَقْدِرْ بَعْدُ أَنْ يُجَاوِبَ أَبْنَيْرَ بِكَلِمَةٍ لأَجْلِ خَوْفِهِ مِنْهُ».
ص ٢١: ٨ - ١١ ص ٩: ٨ و١صموئيل ٢٤: ١٤ و١ملوك ١٩: ٢ و١صموئيل ١٥: ٢٨ و٢٥: ٢٨ - ٣١ و١صموئيل ٣: ٢٠
لِمَاذَا دَخَلْتَ إِلَى سُرِّيَّةِ أَبِي لم يعاتبه على أخذه سرّية لأن ذلك من العادات القديمة وهو نتيجة استرقاق النساء بل عاتبه لأنه أخذ سرية الملك السابق فبعمله هذا ادّعى بالملك لنفسه. وكان إيشبوشث ضعيفاً وإن كان ملكاً وأبنير قوياً وإن كان خادماً للملك. فلم يرض أبنير عن عتاب ملك هو ملّكه. وربما كان ينوي إيشبوشث أن يعزل أبنير ويقيم قائداً غيره.
أَلَعَلِّي رَأْسُ كَلْبٍ لِيَهُوذَا لم ينكر أمر السرّية ولكنه اغتاظ من الملك لأنه عاتبه وهو يزعم أنه أعظم من الملك. وفي جوابه إشارة إلى أن إيشبوشث اتهمه بالخيانة كأنه متفق مع يهوذا سراً. ولعل أبنير رأى داود يتقوى وإيشبوشث يضعف ورأى أيضاً أن خدمة داود أوفق من خدمة إيشبوشث ولكنه لم يظهر هذه الأفكار حتى أهانه إيشبوشث وفتح باباً للكلام. والظاهر أن إيشبوشث قال لأبنير أنا رأس كلب ليهوذا. ورأس كلب هو جزء كلب ميت. وقال أبنير أنا صنعت معروفاً معك وعملت كذا وكذا وأنت تطالبني بإثم المرأة وتدعوني رأس كلب وتتهمني بأني أميل ليهوذا فليكن حسب كلامك وأنا من اليوم وصاعداً لدواد.
كَمَا حَلَفَ ٱلرَّبُّ لِدَاوُدَ ولا شك أنه عرف ذلك من الأول وعرف أنه بمقاومته لداود كان يقاوم الرب وضميره لأجل غايات سياسية نفسية وندم الآن إذ لم ينل غايته.
مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ كانت دان في أقصى الشمال وبئر سبع في أقصى الجنوب فالقول شمل الأرض كلها.
لَمْ يَقْدِرْ بَعْدُ أَنْ يُجَاوِبَه لأنه رأى أن أبنير أقوى منه.
١٢ - ١٦ «١٢ فَأَرْسَلَ أَبْنَيْرُ مِنْ فَوْرِهِ رُسُلاً إِلَى دَاوُدَ قَائِلاً: لِمَنْ هِيَ ٱلأَرْضُ؟ يَقُولُونَ: ٱقْطَعْ عَهْدَكَ مَعِي، وَهُوَذَا يَدِي مَعَكَ لِرَدِّ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ إِلَيْكَ. ١٣ فَقَالَ: حَسَناً. أَنَا أَقْطَعُ مَعَكَ عَهْداً، إِلاَّ إِنِّي أَطْلُبُ مِنْكَ أَمْراً وَاحِداً، وَهُوَ أَنْ لاَ تَرَى وَجْهِي مَا لَمْ تَأْتِ أَوَّلاً بِمِيكَالَ بِنْتِ شَاوُلَ حِينَ تَأْتِي لِتَرَى وَجْهِي. ١٤ وَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً إِلَى إِيشْبُوشَثَ بْنِ شَاوُلَ يَقُولُ: أَعْطِنِي ٱمْرَأَتِي مِيكَالَ ٱلَّتِي خَطَبْتُهَا لِنَفْسِي بِمِئَةِ غُلْفَةٍ مِنَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. ١٥ فَأَرْسَلَ إِيشْبُوشَثُ وَأَخَذَهَا مِنْ عِنْدِ رَجُلِهَا، مِنْ فَلْطِيئِيلَ بْنِ لاَيِشَ. ١٦ وَكَانَ رَجُلُهَا يَسِيرُ مَعَهَا وَيَبْكِي وَرَاءَهَا إِلَى بَحُورِيمَ. فَقَالَ لَهُ أَبْنَيْرُ: ٱذْهَبِ ٱرْجِعْ. فَرَجَعَ».
تكوين ٤٣: ٣ و١صموئيل ١٨: ٢٠ و١٩: ١١ و١صموئيل ١٨: ٢٥ و٢٧ ص ١٦: ٥
مِنْ فَوْرِهِ أي حالاً بلا تأمل أو مفاوضة.
لِمَنْ هِيَ ٱلأَرْضُ يعني أن الأرض رهينة أمره فيقدر أن يعطيها لداود.
يَقُولُونَ القائلون هم رسل أبنير.
ٱقْطَعْ عَهْدَكَ مَعِي على أبنير أن يرد جميع إسرائيل إلى داود وعلى داود أن يقبله في خدمته ويعفو عن كل ما أتاه من العصيان والمقاومة.
مِيكَالَ بِنْتِ شَاوُلَ طلبها داود ليس حباً لها فقط وهي امرأته الاولى بل لغاية سياسية أيضاً لأنها بنت شاول ورجوعها إلى داود يساعد على رجوع جميع بيت أبيها وشعبها.
رُسُلاً إِلَى إِيشْبُوشَثَ لأنه الملك وهو أخوها وكان ذلك بعلم أبنير وتدبيره ولم يقدر أيشبوشث أن يقاومه. فذهبت مع أبنير.
مِئَةِ غُلْفَةٍ مِنَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ (١صموئيل ١٨: ٢٥) ذكر نوع المهر وإنه خاطر بنفسه ليأخذها زوجة ولم يذكر أنه أعطى أكثر من المطلوب.
بَحُورِيمَ موقعها مجهول غير أنها على الطريق من أورشليم إلى الأردن وقريبة من جبل الزيتون (١٦: ٥ و١٧: ١٨).
فَلْطِيئِيلَ وفي (١صموئيل ٢٥: ٤٤) فلطي. وأمر أبنير فلطيئيل بالرجوع عندما اقتربوا إلى تخم يهوذا شفقة على ذلك المسكين وشفقة أيضاً على ميكال الذاهبة لتنضم إلى حريم الملك ولا تكون كما كانت أولاً امرأته الوحيدة بل إحدى نسائه الكثيرات.
١٧ - ٢١ «١٧ وَكَانَ كَلاَمُ أَبْنَيْرَ إِلَى شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ: قَدْ كُنْتُمْ مُنْذُ أَمْسٍ وَمَا قَبْلَهُ تَطْلُبُونَ دَاوُدَ لِيَكُونَ مَلِكاً عَلَيْكُمْ. ١٨ فَٱلآنَ ٱفْعَلُوا. لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَالَ لِدَاوُدَ: إِنِّي بِيَدِ دَاوُدَ عَبْدِي أُخَلِّصُ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَمِنْ أَيْدِي جَمِيعِ أَعْدَائِهِمْ. ١٩ وَتَكَلَّمَ أَبْنَيْرُ أَيْضاً فِي مَسَامِعِ بِنْيَامِينَ، وَذَهَبَ أَبْنَيْرُ لِيَتَكَلَّمَ فِي مَسَامِعِ دَاوُدَ أَيْضاً فِي حَبْرُونَ بِكُلِّ مَا حَسُنَ فِي أَعْيُنِ إِسْرَائِيلَ وَفِي أَعْيُنِ جَمِيعِ بَيْتِ بِنْيَامِينَ. ٢٠ فَجَاءَ أَبْنَيْرُ إِلَى دَاوُدَ إِلَى حَبْرُونَ وَمَعَهُ عِشْرُونَ رَجُلاً. فَصَنَعَ دَاوُدُ لأَبْنَيْرَ وَلِلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ وَلِيمَةً. ٢١ وَقَالَ أَبْنَيْرُ لِدَاوُدَ: أَقُومُ وَأَذْهَبُ وَأَجْمَعُ إِلَى سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ، فَيَقْطَعُونَ مَعَكَ عَهْداً، وَتَمْلِكُ حَسَبَ كُلِّ مَا تَشْتَهِي نَفْسُكَ. فَأَرْسَلَ دَاوُدُ أَبْنَيْرَ فَذَهَبَ بِسَلاَمٍ».
١صموئيل ٨: ٤ و١صموئيل ٩: ١٦ و١٥: ٢٨ و١صموئيل ١٠: ٢٠ و٢١ ع ١٠ و١٢ و١ملوك ١١: ٣٧
بادر أبنير إلى وفاء المطلوب منه بموجب عهده مع داود وربما كان ذلك قبلما ذهب إلى داود مع ميكال (ع ١٦).
كُنْتُمْ... تَطْلُبُونَ دَاوُدَ (١أيام ١١: ١ و٢ و١صموئيل ١٨: ٥). لعل جميع الشعب كانوا طلبوا داود من الأول لولا أبنير.
لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَالَ لِدَاوُدَ لا يذكر الكتاب هذا القول وذاك الكلام ولكن الشعب فهموا هذا من شجاعة داود في حروبه (١صموئيل ١٩: ٨) ولا شك أن أبنير يئس من إثبات مملكة إيشبوشث.
فِي مَسَامِعِ بِنْيَامِينَ سمعوا كلامه وقبلوا رأيه لأنه واحد منهم.
وَمَعَهُ عِشْرُونَ رَجُلاً من شيوخ إسرائيل وبنيامين.
صَنَعَ دَاوُدُ وَلِيمَةً علامة الاتحاد والعهود بينه وبينهم.
ذَهَبَ بِسَلاَمٍ ليدبر الأمور اللازمة لإقامة داود ملكاً على جميع إسرائيل رسمياً (١أيام ١١: ١ - ٣).
٢٢ - ٣٠ «٢٢ وَإِذَا بِعَبِيدِ دَاوُدَ وَيُوآبُ قَدْ جَاءُوا مِنَ ٱلْغَزْوِ وَأَتَوْا بِغَنِيمَةٍ كَثِيرَةٍ مَعَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ أَبْنَيْرُ مَعَ دَاوُدَ فِي حَبْرُونَ، لأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَرْسَلَهُ فَذَهَبَ بِسَلاَمٍ. ٢٣ وَجَاءَ يُوآبُ وَكُلُّ ٱلْجَيْشِ ٱلَّذِي مَعَهُ. فَأَخْبَرُوا يُوآبَ: قَدْ جَاءَ أَبْنَيْرُ بْنُ نَيْرٍ إِلَى ٱلْمَلِكِ فَأَرْسَلَهُ فَذَهَبَ بِسَلاَمٍ. ٢٤ فَدَخَلَ يُوآبُ إِلَى ٱلْمَلِكِ وَقَالَ: مَاذَا فَعَلْتَ؟ هُوَذَا قَدْ جَاءَ أَبْنَيْرُ إِلَيْكَ. لِمَاذَا أَرْسَلْتَهُ فَذَهَبَ؟ ٢٥ أَنْتَ تَعْلَمُ أَبْنَيْرَ بْنَ نَيْرٍ أَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ لِيُمَلِّقَكَ وَلِيَعْلَمَ خُرُوجَكَ وَدُخُولَكَ وَلِيَعْلَمَ كُلَّ مَا تَصْنَعُ. ٢٦ ثُمَّ خَرَجَ يُوآبُ مِنْ عِنْدِ دَاوُدَ وَأَرْسَلَ رُسُلاً وَرَاءَ أَبْنَيْرَ، فَرَدُّوهُ مِنْ بِئْرِ ٱلسِّيرَةِ وَدَاوُدُ لاَ يَعْلَمُ. ٢٧ وَلَمَّا رَجَعَ أَبْنَيْرُ إِلَى حَبْرُونَ مَالَ بِهِ يُوآبُ إِلَى وَسَطِ ٱلْبَابِ لِيُكَلِّمَهُ سِرّاً، وَضَرَبَهُ هُنَاكَ فِي بَطْنِهِ فَمَاتَ بِدَمِ عَسَائِيلَ أَخِيهِ. ٢٨ فَسَمِعَ دَاوُدُ بَعْدَ ذٰلِكَ فَقَالَ: إِنِّي بَرِيءٌ أَنَا وَمَمْلَكَتِي لَدَى ٱلرَّبِّ إِلَى ٱلأَبَدِ مِنْ دَمِ أَبْنَيْرَ بْنِ نَيْرٍ. ٢٩ فَلْيَحِلَّ عَلَى رَأْسِ يُوآبَ وَعَلَى كُلِّ بَيْتِ أَبِيهِ، وَلاَ يَنْقَطِعُ مِنْ بَيْتِ يُوآبَ ذُو سَيْلٍ وَأَبْرَصُ وَعَاكِزٌ عَلَى ٱلْعُكَّازَةِ وَسَاقِطٌ بِٱلسَّيْفِ وَمُحْتَاجُ ٱلْخُبْزِ. ٣٠ فَقَتَلَ يُوآبُ وَأَبِيشَايُ أَخُوهُ أَبْنَيْرَ لأَنَّهُ قَتَلَ عَسَائِيلَ أَخَاهُمَا فِي جِبْعُونَ فِي ٱلْحَرْبِ».
١صموئيل ٢٧: ٨ تثنية ٢٨: ٦ و١صموئيل ٢٩: ٦ ص ٢: ٢٣ و٢٠: ٩ و١٠ ١وملوك ٢: ٥ تثنية ٢١: ٦ - ٩ و١ملوك ٢: ٣١ - ٣٣ لاويين ١٣: ٤٦ ص ٢: ٢٣
جَاءُوا مِنَ ٱلْغَزْوِ ربما كان داود أرسل يوآب ليغزو العمالقة أو غيرهم فيكون يوآب غائباً لما أتى أبنير إلى حبرون. وقد خاف داود من يوآب لعلمه أنه لا يستحسن الاتفاق مع أبنير. والقول أنهم أتوا بغنيمة كثيرة يدل على غيبة طويلة أتى في أثنائها أبنير وذهب قبل رجوع يوآب.
فَدَخَلَ يُوآبُ إِلَى ٱلْمَلِكِ اغتاظ يوآب لأن الملك كتم الأمر عنه وهو من أنسبائه وقائد جيشه. وأبغض أبنير لأنه كان قد قتل أخاه عسائيل. ولا شك أنه حسده وخاف أنه يصير رئيس جيش داود فتكلم مع الملك بجسارة وشدة.
جَاءَ لِيُمَلِّقَكَ لم يصدق أبنير ولم يخف على نفسه فقط بل أيضاً على الملك والمملكة.
فَرَدُّوهُ مِنْ بِئْرِ ٱلسِّيرَةِ موقعها مجهول إلا أنها قريبة من حبرون على طريق محنايم. قال يوسيفوس أنها تبعد عن حبرون ميلين ونصف ميل. وظن أبنير أن القصد من إرجاعه المفاوضة الحبية.
إِلَى وَسَطِ ٱلْبَابِ (١٨: ٢٤) ربما كان هذا المكان مسقوفاً يُدخل إليه من الباب الخارجي ويُخرج منه من باب داخلي إلى المدينة وكان مكان قعود. فاستقبل يوآب أبنير في هذا المكان ومال به إليه يداعي الكلام السرّي.
بِدَمِ عَسَائِيلَ (٢: ١٨ - ٢٣) كان لأبنير بعض العذر في قتل عسائيل الذي كان يتبعه لأنه قال له أن يميل إلى يمينه أو إلى شماله فلم يشأ فصار أبنير بين شرّين إما أن يَقتُل أو يُقتَل.
إِنِّي بَرِيءٌ أَنَا وَمَمْلَكَتِي كان داود قد استقبل أبنير وصنع له وليمة وعاهده وأطلقه بسلام. وكان أبنير ائتمنه على نفسه فقتله أعظم خيانة وغلط سياسي يُبعد عن داود كل إسرائيل. ولكن داود لم يكن بريئاً كل البراءة لأنه لو كان أخبر يوآب عن مقاصده في الأول لربما كان أقنعه ولم يقع هذا الحادث.
لْيَحِلَّ عَلَى رَأْسِ يُوآبَ أراد داود بهذه اللعنة المخيفة التصريح للجميع بأنه لم يوافق يوآب في قتله أبنير. وطلب الملك مجازاة المذنبين لا نستنتج منه أنه يليق بغيره أن يتكلم مثل هذا الكلام.
ذُو سَيْلٍ (لاويين ١٥: ١ - ١٣).
أَبْرَصُ (لاويين ١٣: ٤٥ و٤٦).
أَبِيشَايُ نستنتج أن أبيشاي كان متفقاً مع أخيه على قتل أبنير.
٣١، ٣٢ «٣١ فَقَالَ دَاوُدُ لِيُوآبَ وَلِجَمِيعِ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي مَعَهُ: مَزِّقُوا ثِيَابَكُمْ وَتَنَطَّقُوا بِٱلْمُسُوحِ وَٱلْطِمُوا أَمَامَ أَبْنَيْرَ. وَكَانَ دَاوُدُ ٱلْمَلِكُ يَمْشِي وَرَاءَ ٱلنَّعْشِ. ٣٢ وَدَفَنُوا أَبْنَيْرَ فِي حَبْرُونَ. وَرَفَعَ ٱلْمَلِكُ صَوْتَهُ وَبَكَى عَلَى قَبْرِ أَبْنَيْرَ، وَبَكَى جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ».
تكوين ٣٧: ٣٤ وقضاة ١١: ٣٥
قَالَ دَاوُدُ لِيُوآبَ ألزمه أن يشترك مع الشعب في ندب أبنير الذي كان قتله فكان عمله كاعتراف بأنه أخطأ وندم على خطيئته. فلا شك أنه خجل أمام الشعب.
ٱلْمُسُوحِ جمع مسح وهو نسيج من شعر يُلبس على البدن قهراً للجسد أو علامة على الحزن.
وَكَانَ دَاوُدُ ٱلْمَلِكُ يَمْشِي الملك صفة لداود وُصف بها لأن مشيه كان رسمياً وبالنيابة عن المملكة كلها.
دَفَنُوا أَبْنَيْرَ فِي حَبْرُونَ وليس في أرض بنيامين التي كانت خارجة عن حدود ملك داود في ذلك الوقت. وفي حبرون دُفن إبراهيم وإسحاق ويعقوب وكانت وقتئذ مدينة الملك.
٣٣ - ٣٩ «٣٣ وَرَثَا ٱلْمَلِكُ أَبْنَيْرَ وَقَالَ: هَلْ كَمَوْتِ أَحْمَقَ يَمُوتُ أَبْنَيْرُ؟ ٣٤ يَدَاكَ لَمْ تَكُونَا مَرْبُوطَتَيْنِ، وَرِجْلاَكَ لَمْ تُوضَعَا فِي سَلاَسِلِ نُحَاسٍ. كَٱلسُّقُوطِ أَمَامَ بَنِي ٱلإِثْمِ سَقَطْتَ. وَعَادَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ يَبْكُونَ عَلَيْهِ. ٣٥ وَجَاءَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ لِيُطْعِمُوا دَاوُدَ خُبْزاً، وَكَانَ بَعْدُ نَهَارٌ. فَحَلَفَ دَاوُدُ: هٰكَذَا يَفْعَلُ لِيَ ٱللّٰهُ وَهٰكَذَا يَزِيدُ إِنْ كُنْتُ أَذُوقُ خُبْزاً أَوْ شَيْئاً آخَرَ قَبْلَ غُرُوبِ ٱلشَّمْسِ. ٣٦ فَعَرَفَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ وَحَسُنَ فِي أَعْيُنِهِمْ، كَمَا أَنَّ كُلَّ مَا صَنَعَ ٱلْمَلِكُ كَانَ حَسَناً فِي أَعْيُنِ جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ. ٣٧ وَعَلِمَ كُلُّ ٱلشَّعْبِ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنَ ٱلْمَلِكِ قَتْلُ أَبْنَيْرَ بْنِ نَيْرٍ. ٣٨ وَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِعَبِيدِهِ: أَلاَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَئِيساً وَعَظِيماً سَقَطَ ٱلْيَوْمَ فِي إِسْرَائِيلَ؟ ٣٩ وَأَنَا ٱلْيَوْمَ ضَعِيفٌ وَمَمْسُوحٌ مَلِكاً، وَهٰؤُلاَءِ ٱلرِّجَالُ بَنُو صَرُويَةَ أَقْوَى مِنِّي. يُجَازِي ٱلرَّبُّ فَاعِلَ ٱلشَّرِّ كَشَرِّهِ».
ص ١: ١٧ و٢أيام ٣٥: ٢٥ ص ١٢: ١٧ و١صموئيل ٣: ١٧ ص ١: ١٢ و١أيام ٢٩: ١ و٢أيام ١٣: ٧ ص ١٩: ٥ - ٧ و١ملوك ٢: ٣٢ - ٣٤
هَلْ كَمَوْتِ أَحْمَقَ سؤال إيجابي أي أنه مات كأحمق ولم يمت في الحرب كجبار بأس.
لَمْ تَكُونَا مَرْبُوطَتَيْنِ كان قادراً على القتال أو على المطاردة ولكنه قتل كأنه رجل ضعيف وسقط «أمام بني الإثم» أي بالخيانة وليس أمام المحاربين. وربما كانت المرثاة طويلة والمذكور هنا القرار فقط.
وَعَادَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ يَبْكُونَ حينما سمعوا مرثاة داود المؤثرة.
وَجَاءَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ لِيُطْعِمُوا دَاوُدَ كثيرون ألحوا عليه ليأكل حينما أكلوا هم فرفض وكان امتناعه عن الأكل معروفاً عند الجميع.
وَأَنَا ٱلْيَوْمَ ضَعِيفٌ تعب من يوآب في كل مدة ملكه لأنه لم يقدر أن يحتمله ولا أن يستغني عنه لأنه كان قائداً مقتدراً وخادماً أميناً ولكنه كان أحياناً يعمل ما يظن أنه يوافق الملك لا ما يأمره به (١٨: ٥ و١٤ و١٩: ١ - ٨). ومع أن الملك وبخه توبيخاً شديداً أمام جميع الشعب لم يتغير عن أمانته للملك ولا عن استبداده. ولعله توقف وقتياً عن رئاسة الجيش ثم رجع إليه (١أيام ١١: ٦ - ٨).
فوائد



  • كثرة البنين من أعظم بركات الرب وأما الوالدون فعليهم أن يتزوجوا زيجة طاهرة ثم يربوا أولادهم بمخافة الرب وإلا كان البنون للحزن لا للفرح (ع ٢ - ٥ انظر ص ١٣ و١٨: ٣٣ و١ملوك ١: ٥ و٦).
  • الذين يأخذون بالسيف بالسيف يهلكون (ع ٢٧ انظر ٢: ٣٢).
  • من يشتهي الاعتبار الحقيقي فعليه بالصدق والأمانة (ع ٣٦).
  • لا بد من استخدام غير الكاملين في خدمة الرب ولكن الخدمة لا تلام بسببهم (ع ٣٧).
  • من صفات الفاضل أن يرى فضائل في غيره (ع ٣٨).
  • على كل رئيس أن يحترس من استخدام أقربائه (ع ٣٩).




اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ


١ «وَلَمَّا سَمِعَ ٱبْنُ شَاوُلَ أَنَّ أَبْنَيْرَ قَدْ مَاتَ فِي حَبْرُونَ ٱرْتَخَتْ يَدَاهُ، وَٱرْتَاعَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ».
ص ٣: ٢٧ عزرا ٤: ٤
ٱبْنُ شَاوُلَ وهو إيشبوشث وعدم ذكر اسمه نوع من الاحتقار.
ٱرْتَخَتْ يَدَاهُ لأن أبنير كان رئيس جيشه وقائداً مقتدراً. وارتخت يداه أيضاً لظهور خيانة أبنير فصار يخاف من كل قواد جيشه وشعبه.
وَٱرْتَاعَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ لأن قائدهم تركهم وانحاز إلى داود ثم قُتل ولم يعرفوا بعد ماذا يعمل داود.
٢، ٣ «٢ وَكَانَ لابْنِ شَاوُلَ رَجُلاَنِ رَئِيسَا غُزَاةٍ، ٱسْمُ ٱلْوَاحِدِ بَعْنَةُ وَٱسْمُ ٱلآخَرِ رَكَابُ، ٱبْنَا رِمُّونَ ٱلْبَئِيرُوتِيِّ مِنْ بَنِي بِنْيَامِينَ (لأَنَّ بَئِيرُوتَ حُسِبَتْ لِبِنْيَامِينَ. ٣ وَهَرَبَ ٱلْبَئِيرُوتِيُّونَ إِلَى جَتَّايِمَ وَتَغَرَّبُوا هُنَاكَ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ)».
يشوع ٩: ١٧ يشوع ١٨: ٢٥ نحميا ١١: ٣٣
كانت بئيروت للجبعونيين الذين غشوا يشوع فقطع لهم عهداً (يشوع ص ٩) وأُعطيت مدنهم لبنيامين (يشوع ١٨: ٢٥) والمظنون أن البئيروتيين هربوا إلى جتّايم لما قتل شاول أناساً من الجبعونيين (٢صموئيل ٢١: ١). والمظنون أيضاً أن غايته في قتلهم أن يعطي أملاكهم للبنياميين (١صموئيل ٢٢: ٧) وبعنة وركاب وإن كانا في خدمة إيشبوشث ربما أرادا قتله لينتقموا من بيت شاول. ولا نعرف موقع جتّايم.
والخلاصة أن بعنة وأخاه ركاب كانا من نسل الكنعانيين وأصلهما من بئيروت إحدى مدن الجبعونيين ومسكنهما في جتّايم.
٤ «وَكَانَ لِيُونَاثَانَ بْنِ شَاوُلَ ٱبْنٌ مَضْرُوبُ ٱلرِّجْلَيْنِ، كَانَ ٱبْنَ خَمْسِ سِنِينٍ عِنْدَ مَجِيءِ خَبَرِ شَاوُلَ وَيُونَاثَانَ مِنْ يَزْرَعِيلَ، فَحَمَلَتْهُ مُرَبِّيَتُهُ وَهَرَبَتْ. وَلَمَّا كَانَتْ مُسْرِعَةً لِتَهْرُبَ وَقَعَ وَصَارَ أَعْرَجَ. وَٱسْمُهُ مَفِيبُوشَثُ».
ص ٩: ٣ و٦ و١صموئيل ٣: ١ - ٤
ذكر مفيبوشث هنا لبيان أنه لم يبق من نسل شاول إلا إيشبوشث الذي سيأتي نبأ قتله ومفيبوشث الذي كان أعرج فلم يقدر أن يكون ملكاً.
خَبَرِ شَاوُلَ وَيُونَاثَانَ مِنْ يَزْرَعِيلَ (١صموئيل ص ٣١).
وَصَارَ أَعْرَجَ صارت مصيبته رحمة لأنه لولاها لعُدّ وارثاً للملك وقُتل.
مَفِيبُوشَثُ في (١أيام ٨: ٣٤) مريبعل.
٥ - ٨ «٥ وَسَارَ ٱبْنَا رِمُّونَ ٱلْبَئِيرُوتِيِّ، رَكَابُ وَبَعْنَةُ، وَدَخَلاَ عِنْدَ حَرِّ ٱلنَّهَارِ إِلَى بَيْتِ إِيشْبُوشَثَ وَهُوَ نَائِمٌ نَوْمَةَ ٱلظَّهِيرَةِ. ٦ فَدَخَلاَ إِلَى وَسَطِ ٱلْبَيْتِ لِيَأْخُذَا حِنْطَةً، وَضَرَبَاهُ فِي بَطْنِهِ. ثُمَّ أَفْلَتَ رَكَابُ وَبَعْنَةُ أَخُوهُ. ٧ فَعِنْدَ دُخُولِهِمَا ٱلْبَيْتَ كَانَ هُوَ مُضْطَجِعاً عَلَى سَرِيرِهِ فِي مِخْدَعِ نَوْمِهِ فَضَرَبَاهُ وَقَتَلاَهُ وَقَطَعَا رَأْسَهُ، وَأَخَذَا رَأْسَهُ وَسَارَا فِي طَرِيقِ ٱلْعَرَبَةِ ٱللَّيْلَ كُلَّهُ. ٨ وَأَتَيَا بِرَأْسِ إِيشْبُوشَثَ إِلَى دَاوُدَ إِلَى حَبْرُونَ، وَقَالاَ لِلْمَلِكِ: هُوَذَا رَأْسُ إِيشْبُوشَثَ بْنِ شَاوُلَ عَدُوِّكَ ٱلَّذِي كَانَ يَطْلُبُ نَفْسَكَ. وَقَدْ أَعْطَى ٱلرَّبُّ لِسَيِّدِي ٱلْمَلِكِ ٱنْتِقَاماً فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ مِنْ شَاوُلَ وَمِنْ نَسْلِهِ».
ص ٢: ٨ ص ٢: ٢٣ ص ٢: ٢٩ و١صموئيل ٢٤: ٤ و٢٥: ٢٩
وَهُوَ نَائِمٌ نَوْمَةَ ٱلظَّهِيرَةِ استغنما الفرصة إذ كان إيشبوشث نائماً وليس عنده أحد ولا شك أنه كان لمسكن إيشبوشث بوّاب وحارس ولكن بعنة وركاب كانا معروفين وحينما زعما أنهما بحاجة إلى الحنطة من البيت لم يتعرّض لهما أحد.
ٱلْعَرَبَةِ (٢: ٢٩).
إِلَى حَبْرُونَ والمسافة كلها نحو ٧٥ ميلاً.
كَانَ يَطْلُبُ نَفْسَكَ كان أبوه شاول يطلب نفس داود ولو انتصر إيشبوشث في حروبه ربما كان قتل داود.
قَدْ أَعْطَى ٱلرَّبُّ كثيراً ما يلفظ الأشرار ألفاظ التقوى.
٩ - ١٢ «٩ فَأَجَابَ دَاوُدُ رَكَابَ وَبَعْنَةَ أَخَاهُ، ٱبْنَيْ رِمُّونَ ٱلْبَئِيرُوتِيِّ: حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي فَدَى نَفْسِي مِنْ كُلِّ ضِيقٍ ١٠ إِنَّ ٱلَّذِي أَخْبَرَنِي قَائِلاً: هُوَذَا قَدْ مَاتَ شَاوُلُ وَكَانَ فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ كَمُبَشِّرٍ قَبَضْتُ عَلَيْهِ وَقَتَلْتُهُ فِي صِقْلَغَ. ذٰلِكَ أَعْطَيْتُهُ بِشَارَةً. ١١ فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ إِذَا كَانَ رَجُلاَنِ بَاغِيَانِ يَقْتُلاَنِ رَجُلاً صِدِّيقاً فِي بَيْتِهِ عَلَى سَرِيرِهِ! فَٱلآنَ أَمَا أَطْلُبُ دَمَهُ مِنْ أَيْدِيكُمَا وَأَنْزِعُكُمَا مِنَ ٱلأَرْضِ؟ ١٢ وَأَمَرَ دَاوُدُ ٱلْغِلْمَانَ فَقَتَلُوهُمَا، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمَا وَأَرْجُلَهُمَا وَعَلَّقُوهُمَا عَلَى ٱلْبِرْكَةِ فِي حَبْرُونَ. وَأَمَّا رَأْسُ إِيشْبُوشَثَ فَأَخَذُوهُ وَدَفَنُوهُ فِي قَبْرِ أَبْنَيْرَ فِي حَبْرُونَ».
١ملوك ١: ٢٩ ص ١: ٢ و٤ و١٥ تكوين ٩: ٥ ومزمور ٩: ١٢ ص ١: ١٥ ص ٣: ٣٢
ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي فَدَى نَفْسِي كان اتكال داود على الرب فلا يلزمه مساعدة أشرار كبعنة وأخيه. فلم يستحسن قتل شاول ولا قتل أبنير ولا قتل إيشبوشث بل صدق أن الرب يقدر أن يجعله ملكاً حسب وعده بلا وسائل كهذه.
قَتَلْتُهُ فِي صِقْلَغَ (١: ١٥).
رَجُلاً صِدِّيقاً أي إيشبوشث وهو رجل صدّيق بمعنى أنه لم يعمل شيئاً مع بعنة وأخيه يستوجب قتله بل ائتمنهما وهما تظاهرا بالأمانة له.
قَطَعُوا أَيْدِيَهُمَا وَأَرْجُلَهُمَا الأيدي التي بها قتلا إيشبوشث والأرجل التي بها هربا وأتيا إلى حبرون.
وَعَلَّقُوهُمَا في الأصل «علقوا» من غير مفعول به فمن المحتمل أنهم علقوا أيديهما وأرجلهما أو أنهم علقوا الجثتين.
عَلَى ٱلْبِرْكَةِ فِي حَبْرُونَ المكان الذي كان كل أهل المدينة يأتونه ليستقوا ماء لكي يرى هؤلاء ويعرفوا أن داود لم يُسر بما فعله بعنة وأخوه.
وَدَفَنُوهُ فِي قَبْرِ أَبْنَيْرَ أي عملوا له كل ما يقدرون أن يعملوه من الإكرام.
فوائد



  • كثيرون يحبون السلطة والملك وقليلون يعرفون أتعاب الملوك وأحزانهم (ع١).
  • لا اتكال على أصحاب الغايات النفسية ولا صداقة حقيقية إلا في الذين يخافون الله (ع ٢).
  • بعض الأولاد تصيبهم مصائب عظيمة ولا ذنب لهم (ع ٤) وأحياناً تتحول هذه المصائب إلى الخير (ص ٩).
  • لا يجوز لمن يعمل مشيئة نفسه أن يدّعي التقوى ويقول أنه عمل مشيئة الله (ع ٨).




اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ


١ - ٥ «١ وَجَاءَ جَمِيعُ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ إِلَى دَاوُدَ إِلَى حَبْرُونَ قَائِلِينَ: هُوَذَا عَظْمُكَ وَلَحْمُكَ نَحْنُ. ٢ وَمُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ، حِينَ كَانَ شَاوُلُ مَلِكاً عَلَيْنَا، قَدْ كُنْتَ أَنْتَ تُخْرِجُ وَتُدْخِلُ إِسْرَائِيلَ. وَقَدْ قَالَ لَكَ ٱلرَّبُّ: أَنْتَ تَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ، وَأَنْتَ تَكُونُ رَئِيساً عَلَى إِسْرَائِيلَ. ٣ وَجَاءَ جَمِيعُ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ إِلَى ٱلْمَلِكِ إِلَى حَبْرُونَ، فَقَطَعَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ مَعَهُمْ عَهْداً فِي حَبْرُونَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. وَمَسَحُوا دَاوُدَ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ. ٤ كَانَ دَاوُدُ ٱبْنَ ثَلاَثِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. ٥ فِي حَبْرُونَ مَلَكَ عَلَى يَهُوذَا سَبْعَ سِنِينٍ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ. وَفِي أُورُشَلِيمَ مَلَكَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً عَلَى جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا».
١أيام ١١: ١ - ٣ ص ١٩: ١٣ و١صموئيل ١٨: ٥ و١٣ و١٦ ص ٧: ٧ وتكوين ٤٩: ٢٤ و١صموئيل ٢٥: ٣٠ ص ٣: ٢١ ص ٢: ٤ و١صموئيل ١٦: ١٣ تكوين ٤١: ٤٦ وعدد ٤: ٣ ولوقا ٣: ٢٣ و١ملوك ٢: ١١ و١أيام ٢٦: ٣١ ص ٢: ١١
قُتل إيشبوشث بن شاول فلم يبق أحدٌ من نسل شاول إلا مفيبوشث وهو ولد عمره نحو ١٢ سنة وأعرج. فالتفت جميع إسرائيل إلى داود واتفقوا على إقامته ملكاً عليهم. وما حملهم على ذلك أولاً أنه أحدهم وليس غريباً. ثانياً أنه كان قائدهم في الحرب ونجح. ثالثاً أن الرب كان عيّنه وانتخبه الشيوخ نواب إسرائيل. وحضر كثيرون من الشعب (١أيام ١٢: ٢٣ - ٤٠) عددهم نحو ٣٥٠٠٠٠ ومن فوائد هذ الاجتماع العظيم. أولاً زيادة المحبة الأخوية فإنهم أكلوا وشربوا معاً وأضافوا بعضهم بعضاً. ثانياً زيادة الثقة بالرب وبالملك وبنفوسهم لأنهم رأوا أنهم كثيرون ولهم سلاح ونشاط واستعداد للحرب. وأما في القديم فكان سبط أو بعض الأسباط يحاربون وبقية الأسباط يتقاعدون ولكن في اجتماعهم في حبرون صاروا شعباً واحداً ومملكة واحدة. ثالثاً تعيين داود ملكاً بطريقة رسمية فصار ملكاً بتعيين الرب وبالانتخاب من جميع الشعب أيضاً.
ٱبْنَ ثَلاَثِينَ سَنَةً وهو عمر يوسف عندما تسلّط على أرض مصر (تكوين ٤١: ٤٦) وعمر اللاوي حين كان يشرع في الخدمة وعمر يسوع حين اعتمد وابتدأ في التبشير.
٦ - ١٠ «٦ وَذَهَبَ ٱلْمَلِكُ وَرِجَالُهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ إِلَى ٱلْيَبُوسِيِّينَ سُكَّانِ ٱلأَرْضِ. فَقَالُوا لِدَاوُدَ: لاَ تَدْخُلْ إِلَى هُنَا مَا لَمْ تَنْزِعِ ٱلْعُمْيَانَ وَٱلْعُرْجَ. (أَيْ لاَ يَدْخُلُ دَاوُدُ إِلَى هُنَا). ٧ وَأَخَذَ دَاوُدُ حِصْنَ صِهْيَوْنَ (هِيَ مَدِينَةُ دَاوُدَ). ٨ وَقَالَ دَاوُدُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ: إِنَّ ٱلَّذِي يَضْرِبُ ٱلْيَبُوسِيِّينَ وَيَبْلُغُ إِلَى ٱلْقَنَاةِ (وَٱلْعُرْجِ وَٱلْعُمْيِ ٱلْمُبْغَضِينَ مِنْ نَفْسِ دَاوُدَ) لِذٰلِكَ يَقُولُونَ: لاَ يَدْخُلِ ٱلْبَيْتَ أَعْمَى أَوْ أَعْرَجُ. ٩ وَأَقَامَ دَاوُدُ فِي ٱلْحِصْنِ وَسَمَّاهُ «مَدِينَةَ دَاوُدَ». وَبَنَى دَاوُدُ مُسْتَدِيراً مِنَ ٱلْقَلْعَةِ فَدَاخِلاً. ١٠ وَكَانَ دَاوُدُ يَتَزَايَدُ مُتَعَظِّماً وَٱلرَّبُّ إِلٰهُ ٱلْجُنُودِ مَعَهُ» .
١أيام ١١: ١٤ - ٩ يشوع ١٥: ٦٣ و١٨: ٢٨ وقضاة ١: ٢١ ص ٦: ١٢ و١٦ و١ملوك ٢: ١٠ و٩: ٢٤ ع ٧ و١ملوك ٩: ١٥ و٢٤ ص ٣: ١
أُورُشَلِيمَ لأن حبرون وإن كانت قاعدة موافقة ليهوذا ليست موافقة لتكون قصبة مملكة إسرائيل ويهوذا معاً. وأما أورشليم فكانت موافقة من كل الوجوه لأنها على تخم يهوذا وبنيامين وكان موقعها منيعاً جداً وهي مرتفعة (مزمور ٤٨: ٢) وحولها جبال (مزمور ١٢٥: ٢) (اطلب أورشليم في قاموس الكتاب).
ٱلْيَبُوسِيِّينَ قبيلة من الكنعانيين قُتل ملكهم أدوني صادق في زمان يشوع ولكنهم لم يُطردوا من أورشليم بل سكنوا مع بني يهوذا والبنيامينيين (يشوع ١٥: ٦٣ وقضاة ١: ٢١) وبقوا في أورشليم حتى بعدما أخذ داود حصنهم (٢٤: ١٦ - ١٨ و٢أيام ٣: ١).
مَا لَمْ تَنْزِعِ ٱلْعُمْيَانَ وَٱلْعُرْجَ كان الحصن منيعاً جداً وحوله أودية عمق بعضها ٨٠٠ قدم وصخورها شامخة فاتكل اليبوسيون على حصنهم وازدروا بداود ورجاله قائلين ولو كان المدافعون عميان وعرج لا يقدر داود أن يدخل.
وَيَبْلُغُ إِلَى ٱلْقَنَاةِ ربما كان نفق تحت الأرض من الوادي إلى فوق فعرف داود هذا ورأى أنه إذا سار أناس في النفق يمكنهم أن يصلوا إلى داخل الحصن. وقال الذي يضرب اليبوسيين ويبلغ إلى القناة. وهنا لم تكمل الجملة ولم يذكر جزاء المنتصر ولكننا نرى تكملة الجملة في (١أيام ١١: ٦) «يَكُونُ رَأْساً وَقَائِداً. فَصَعِدَ أَوَّلاً يُوآبُ ٱبْنُ صَرُويَةَ، فَصَارَ رَأْساً».
لاَ يَدْخُلِ ٱلْبَيْتَ أَعْمَى أَوْ أَعْرَجُ يُظن أنه لم يكن عميان وعرج في حصن اليبوسيين ومعنى قولهم ولو كان المدافعون عمياناً وعرجاً الخ. ولعل داود عرف أنه ليس في الحصن عمي وعرج وهو لم يُبغض العمي والعرج بل قال المبغضين من نفس داود وبناء على قول اليبوسيين السابق. والمثل المذكور هنا يفسر على هذا النمط. كان الشعب يحبون داود وأحبوا أن يضربوا الأمثال في أقواله وأعماله فأخذوا يقولون كل ما رأوا أعمى أو أعرج يدخل بيتاً لا يدخل البيت أعمى أو أعرج تذكاراً لقول داود أنهم المبغضون من نفسه. ولا نستنتج من هذا وضع قانون يمنع الأعمى أو الأعرج عن الدخول إلى بيت الرب أو غيره.
ٱلْقَلْعَةِ وهي قلعة أو سور أو حصون مبنية قبل زمان داود غايتها حفظ الحصن (٢أيام ٣٢: ٥). وداود بنى مساكن داخل القلعة وعند الحصن وسكن هو ورجاله فيها. وقيل في (١أيام ١١: ٨) أن يوآب جدّد سائر المدينة وقد صالح داود بعد قتله أبنير.
وَٱلرَّبُّ إِلٰهُ ٱلْجُنُودِ مَعَهُ إله الجنود في السماء وعلى الأرض والقادر على كل شيء والضابط الكل فكل من معه إله الجنود ينجح أعظم نجاح ملكاً كان أو صعلوكاً. وعلى كل من يريد أن يكون الرب معه أن يكون هو مع الرب ويعرف إرادته ويطيع أوامره ويطلب مجده فوق كل شيء.
١١ «وَأَرْسَلَ حِيرَامُ مَلِكُ صُورَ رُسُلاً إِلَى دَاوُدَ وَخَشَبَ أَرْزٍ وَنَجَّارِينَ وَبَنَّائِينَ فَبَنُوا لِدَاوُدَ بَيْتاً».
١أيام ١٤: ١ و١ملوك ٥: ٢ و١٠ و١٩ عنوان مزمور ٣
حِيرَامُ كان معاصراً لداود وسليمان وصديقاً لهما وفي زمانه بلغت صور أوج الفخر والفلاح وبلغ غناها غايته. وما أرسله حيرام يدل على ما حصل داود عليه من الاعتبار من الممالك المجاورة. وكان بين المملكتين علاقة طبيعية لأن كلا منهما كانت بحاجة إلى الأخرى لأن صور وموقعها على شط البحر تحتاج إلى الحنطة والزيت وما أشبه من غلال الأرض وتحتاج أيضاً طريقاً لتجارتها إلى الشرق البعيد ومملكة إسرائيل احتاجت إلى واردات البحر والمصنوعات. وفي زمان النبي عاموس كانت قد زالت هذه الصداقة (عاموس ١: ٩) (اطلب صور في قاموس الكتاب).
خَشَبَ أَرْزٍ أرز لبنان الشهير وهو أصفر اللون وإذا مرّت عليه الأيام احمرّ وهو مرّ المذاق لا يأكله السوس فيبقى مدة طويلة دون أن تعتريه آفة. يوافق للبنايات الفخمة. والظاهر أنه كان لصور جزء من جبل لبنان الذي فيه الأرز. ولا شك أنه كان في القديم أرز بكثرة في أماكن مختلفة في لبنان (اطلب أرز في قاموس الكتاب) والأرجح أن بعثة حيرام كانت بعد محاربة الفلسطينيين المذكورة في (١٧ - ٢٠).
١٢ «وَعَلِمَ دَاوُدُ أَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ أَثْبَتَهُ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَأَنَّهُ قَدْ رَفَّعَ مُلْكَهُ مِنْ أَجْلِ شَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ».
عَلِمَ دَاوُدُ كان قد مضى عليه نحو من عشرين سنة بعد مسحه في بيت لحم ونحو عشر سنين بعد مسحه في حبرون وفي هذه المدة الطويلة انتظر بصبر وإيمان نيل وعد الرب.
مِنْ أَجْلِ شَعْبِهِ علم داود أن الرب رفعه ليس لأجل نفسه بل لأجل الشعب لأن الملك الحقيقي هو خادم أولاً للرب ثم لشعبه.
١٣ - ١٦ «١٣ وَأَخَذَ دَاوُدُ أَيْضاً سَرَارِيَ وَنِسَاءً مِنْ أُورُشَلِيمَ بَعْدَ مَجِيئِهِ مِنْ حَبْرُونَ، فَوُلِدَ أَيْضاً لِدَاوُدَ بَنُونَ وَبَنَاتٌ. ١٤ وَهٰذِهِ أَسْمَاءُ ٱلَّذِينَ وُلِدُوا لَهُ فِي أُورُشَلِيمَ: شَمُّوعُ وَشُوبَابُ وَنَاثَانُ وَسُلَيْمَانُ ١٥ وَيِبْحَارُ وَأَلِيشُوعُ وَنَافَجُ وَيَافِيعُ ١٦ وَأَلِيشَمَعُ وَأَلِيدَاعُ وَأَلِيفَلَطُ».
تثنية ١٧: ١٧ و١أيام ٣: ٩ و١أيام ٣: ٥ - ٨
البنون المذكورن هنا هم ما عدا بني السراري (١أيام ٣: ٩) كان شموع وشوباب وناثان وسليمان أولاد بثشبع (١أيام ٣: ٥) وناثان مذكور بين أسلاف يسوع في (لوقا ٣: ٣١) وسليمان في (متّى ١: ٦) والأسماء في (١أيام ٣: ١ - ٩) بعض حروفها متغيرة وذلك من عدم الضبط في كتابة الأسماء قديماً.
١٧ - ٢١ «١٧ وَسَمِعَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ أَنَّهُمْ قَدْ مَسَحُوا دَاوُدَ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ، فَصَعِدَ جَمِيعُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ لِيُفَتِّشُوا عَلَى دَاوُدَ. وَلَمَّا سَمِعَ دَاوُدُ نَزَلَ إِلَى ٱلْحِصْنِ. ١٨ وَجَاءَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ وَٱنْتَشَرُوا فِي وَادِي ٱلرَّفَائِيِّينَ. ١٩ وَسَأَلَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ: أَأَصْعَدُ إِلَى ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ؟ أَتَدْفَعُهُمْ لِيَدِي؟ فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِدَاوُدَ: ٱصْعَدْ لأَنِّي دَفْعاً أَدْفَعُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ لِيَدِكَ. ٢٠ فَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى بَعْلِ فَرَاصِيمَ وَضَرَبَهُمْ دَاوُدُ هُنَاكَ، وَقَالَ: قَدِ ٱقْتَحَمَ ٱلرَّبُّ أَعْدَائِي أَمَامِي كَٱقْتِحَامِ ٱلْمِيَاهِ. لِذٰلِكَ دَعَا ٱسْمَ ذٰلِكَ ٱلْمَوْضِعِ «بَعْلَ فَرَاصِيمَ». ٢١ وَتَرَكُوا هُنَاكَ أَصْنَامَهُمْ فَنَزَعَهَا دَاوُدُ وَرِجَالُهُ».
١صموئيل ٢٩: ١ ص ٢٣: ١٤ و١أيام ١١: ١٦ تكوين ١٤: ٥ ويشوع ١٥: ٨ و١٧: ١٥ و١٨: ١٦ و١صموئيل ٢٣: ٢ ص ٢: ١ إشعياء ٢٨: ٢١ و١أيام ١٤: ١٢
صَعِدَ جَمِيعُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ رأوا في مسح داود ملكاً على جميع إسرائيل خطراً جديداً عليهم لأن جميع إسرائيل اتحدوا به واقتداره في الحرب معروف عندهم. وربما أن داود حينما كان في حبرون كان خاضعاً للفلسطينيين وعندما صار ملكاً في أورشليم عصاهم.
لِيُفَتِّشُوا عَلَى دَاوُدَ... نَزَلَ إِلَى ٱلْحِصْنِ نستنتج أن الجماعة العظيمة من بني إسرائيل الذين مسحوه ملكاً في حبرون (١أيام ١٢: ٢٣ - ٤٠) رجعوا إلى أماكنهم إلا أن بعضهم صعدوا معه حين هجم على أورشليم وأخذ حصن اليبوسيين. ولما سمع خبر قدوم الفلسطينيين لم يكن مع داود إلا حرسه الخاص فإذ لم يقدر أن يقاوم الفلسطينيين نزل إلى عدلام حصنه القديم. وفتش الفلسطينيون عن داود لأنه لم يكن في عاصمته الجديدة أورشليم.
وَادِي ٱلرَّفَائِيِّينَ موقعه مجهول إلا أنه كان بين بيت لحم وأورشليم (يشوع ١٥: ٨) وكان مشهوراً بالخصب (إشعياء ١٧: ٥) وحل الفلسطينيون بين داود وبين أورشليم. وبينما كان داود في حصن عدلام انحاز إليه الجاديون (١أيام ١٢: ٨ - ١٥) ومن عدلام خرج الثلاثة إلى حفظة الفلسطينيين في بيت لحم وشقوا محلتهم واستقوا ماء لداود من بئر بيت لحم (١أيام ١١: ١٥ الخ). وكان رجاله قليلين جداً بالنسبة إلى جيش الفلسطينيين وهو كان هارباً من عاصمته. وذلك كله بعد مسحه باحتفاء في حبرون وأخذه حصن اليبوسيين وعلمه أن الرب قد ثبّته ملكاً على إسرائيل.
وَسَأَلَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ كعادته في زمان الضيق وربما كان أبياثار الكاهن الأمين معه (١صموئيل ٢٣: ١١ و٣٠: ٧ و٨).
بَعْلِ فَرَاصِيمَ أي إله الهزيمات وهو مكان مرتفع شمالي وادي الرفائيين وهو جبل فراصيم المذكور في (إشعياء ٢٨: ٢١).
وَضَرَبَهُمْ دَاوُدُ أظهر إيمانه بالرب لأنه هجم على جيش أعظم جداً من جيشه إطاعة لأمر الرب واقتحمهم كاقتحام المياه والرب جعل الخوف في قلوبهم.
تَرَكُوا هُنَاكَ أَصْنَامَهُمْ كانوا يأخذون أصنامهم معهم إلى الحرب كما كان الإسرائيليون يأخذون التابوت في أيام عالي (١صموئيل ٤: ٤) وتركوها لأنهم هربوا بالعجل. فنزعها داود ورجاله أي أخذوها علامة الظفر كما أخذ الفلسطينيون التابوت في زمان عالي ولكنهم بعدئذ أحرقوها (١أيام ١٤: ١٢).
٢٢ - ٢٥ «٢٢ ثُمَّ عَادَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ فَصَعِدُوا أَيْضاً وَٱنْتَشَرُوا فِي وَادِي ٱلرَّفَائِيِّينَ. ٢٣ فَسَأَلَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ فَقَالَ: لاَ تَصْعَدْ، بَلْ دُرْ مِنْ وَرَائِهِمْ وَهَلُمَّ عَلَيْهِمْ مُقَابِلَ أَشْجَارِ ٱلْبُكَا ٢٤ وَعِنْدَمَا تَسْمَعُ صَوْتَ خُطُوَاتٍ فِي رُؤُوسِ أَشْجَارِ ٱلْبُكَا حِينَئِذٍ ٱحْتَرِصْ، لأَنَّهُ إِذْ ذَاكَ يَخْرُجُ ٱلرَّبُّ أَمَامَكَ لِضَرْبِ مَحَلَّةِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. ٢٥ فَفَعَلَ دَاوُدُ كَذٰلِكَ كَمَا أَمَرَهُ ٱلرَّبُّ، وَضَرَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ مِنْ جَبْعَ إِلَى مَدْخَلِ جَازَرَ».
ع ١٨ ع ١٩ و٢ملوك ٧: ٦ قضاة ٤: ١٤ إشعياء ٢٨: ٢١ يشوع ١٢: ١٢ و٢١: ٢١
ثُمَّ عَادَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ والظاهر أنهم هربوا من أمام داود وابتعدوا قليلاً ثم جمعوا جيوشهم المشتتة وعادوا إلى المحاربة في نفس المكان.
فَسَأَلَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ كما في الأول إذ لم يتكل على نفسه وإن كان قد غلبهم سابقاً. واعترف بأن الرب هو الذي علم يديه القتال (٢٢: ٣٥).
أَشْجَارِ ٱلْبُكَا يُظن أنها أشجار الحور أو البلسان أو التوت. والكلمة العبرانية تفيد نوعاً من الأشجار اسمه البكاء وتفيد أيضاً البكاء أي سيل الدموع (مزمور ٨٤: ٦).
صَوْتَ خُطُوَاتٍ أي صوت كصوت ريح في رؤوس الأشجار ليعلم داود أن الرب قد حضر فيخرج أمامه لضرب أعدائه.
حِينَئِذٍ ٱحْتَرِصْ عليه أن يكون منتبهاً فيعمل بكل وقته عندما يسمع الصوت ولا يعمل قبلما يسمعه ولا يتأخر ولا يخاف. فأطاعه داود وانتصر.
مِنْ جَبْعَ (١صموئيل ١٣: ٣) في بنيامين مقابل مخماس شمالي أورشليم وعلى بُعد نحو عشرة أميال منها والفلسطينيون هربوا إلى جهة الشمال وليس إلى جهة أرضهم التي كانت إلى الغرب. ولعله كان لهم محرس منيع في جبع (١صموئيل ١٣: ٣). وكان لهم أمل بأنهم يقدرون أن يقفوا عنده ويوقفوا مطارديهم.
إِلَى مَدْخَلِ جَازَرَ وإذ لم يقدروا أن يوقفوا الإسرائيليين في جبع ساروا إلى أرضهم فوصلوا إلى جبعون (١أيام ١٤: ١٦) ومنها ساروا في طريق عقبة بيت حورون (يشوع ١٠: ١٠) إلى مدخل جازر أي طريق جازر وهي على تخم أرضهم على بعد ١٨ ميلاً عن أورشليم و٦ أميال عن عقرون واسمها اليوم تل جازر.
فوائد



  • يجب أن لا نشك في مواعيد الله وإن طال زمن إيفائها (ع ١ - ٥).
  • من أراد أن يكون رئيساً فعليه أن يكون خادماً وأن يبقى خادماً بعد نيل الرئاسة كالراعي لغنمه. وأحسن مثال لهذا الرب يسوع المسيح الراعي الصالح (ع ٢).
  • من صفات الراعي الحقيقي (١) الاتحاد برعيته لأنه خاطئ وطالب الخلاص بالمسيح ومجرب مثلهم (ب) الاختبار في الحرب الروحية فإذا غلب التجارب يقدر أن يعلمهم أن يغلبوا (ج) أن يكون مدعواً من الله (ع ٢).
  • إن صهيون رمز للكنيسة وداود رمز للمسيح (١) أخرج داود من صهيون الوثنيين النجسين (ب) سكن فيها (ج) بناها (ع ٦ - ٩).
  • ما نزعم أنه لمجدنا قد يكون للضعف والخجل (ع ١٣ و١٤).
  • كل من يرتفع عرضة للمقاومة. والشيطان يهجم على المؤمنين عندما يراهم متقدمين وناجحين في حياتهم وخدمتهم (ع ١٧).
  • لا ينجو المؤمن من مقاومة إبليس ما دام في هذا العالم وإذا انتصر اليوم فليستعد لهجومه غداً (ع ٢٢).
  • علينا أن ننتظر إعلان مشيئة الرب قبل العمل ومتى أُعلنت لنا فلنعمل بكل قوتنا. إننا ننال قوة متى حل الروح القدس علينا (ع ٢٤).




اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ


١ - ٥ «١ وَجَمَعَ دَاوُدُ أَيْضاً جَمِيعَ ٱلْمُنْتَخَبِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، ثَلاَثِينَ أَلْفاً. ٢ وَقَامَ دَاوُدُ وَذَهَبَ هُوَ وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي مَعَهُ مِنْ بَعَلَةِ يَهُوذَا لِيُصْعِدُوا مِنْ هُنَاكَ تَابُوتَ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يُدْعَى عَلَيْهِ بِٱسْمِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ ٱلْجَالِسِ عَلَى ٱلْكَرُوبِيمِ. ٣ فَأَرْكَبُوا تَابُوتَ ٱللّٰهِ عَلَى عَجَلَةٍ جَدِيدَةٍ، وَحَمَلُوهُ مِنْ بَيْتِ أَبِينَادَابَ ٱلَّذِي فِي ٱلأَكَمَةِ. وَكَانَ عُزَّةُ وَأَخِيُو ٱبْنَا أَبِينَادَابَ يَسُوقَانِ ٱلْعَجَلَةَ ٱلْجَدِيدَةَ. ٤ فَأَخَذُوهَا مِنْ بَيْتِ أَبِينَادَابَ ٱلَّذِي فِي ٱلأَكَمَةِ مَعَ تَابُوتِ ٱللّٰهِ. وَكَانَ أَخِيُو يَسِيرُ أَمَامَ ٱلتَّابُوتِ ٥ وَدَاوُدُ وَكُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ يَلْعَبُونَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ بِكُلِّ أَنْوَاعِ ٱلآلاَتِ مِنْ خَشَبِ ٱلسَّرْوِ بِٱلْعِيدَانِ وَبِالرَّبَابِ وَبِالدُّفُوفِ وَبِالْجُنُوكِ وَبِالصُّنُوجِ».
١أيام ١٣: ٥ - ١٤ يشوع ١٥: ٩ و١٠ و١صموئيل ٧: ١ لاويين ١٤: ١٦ خروج ٢٥: ٢٢ و٢صموئيل ٦: ٧ و١صموئيل ٧: ١ و١صموئيل ١٨: ٦ و٧ و١أيام ١٣: ٨
وَجَمَعَ دَاوُدُ أَيْضاً أولاً جاء جميع أسباط إسرائيل إلى حبرون ومسحوا داود ملكاً على إسرائيل (٥: ١ - ٣) ثم صعد داود إلى أورشليم وجعلها قصبة مملكته (٥: ٦ - ١٠) فانصرف الجماعة إلى أماكنهم وبعد هذا صعد الفلسطينيون لمحاربة داود (٥: ١٧ - ٢٥) فترك أورشليم ونزل إلى حصن عدلام ومنه صعد بأمر الرب وضرب الفلسطينيين إلى أرضهم. ثم أرسل حيرام خشباً وبنائين ليبنوا بيتاً لداود في أورشليم (٥: ١١) ثم جمع داود أيضاً منتخبين لإصعاد التابوت كما ذُكر في هذا الأصحاح.
ٱلْمُنْتَخَبِينَ ليس لأجل الحرب بل لأجل احتفال ديني.
ثَلاَثِينَ أَلْفاً والمقصود بهذا العدد الكبير أولاً احترام الرب واحترام عبادته. وثانياً اتحاد جميع إسرائيل لتعيين محل واحد لعبادتهم باحتفال ديني عظيم.
بَعَلَةِ يَهُوذَا وتسمّت أيضاً بعلة وقرية بعل وقرية يعاريم وهي مدينة من مدن الجبعونيين (يشوع ٩: ١٧) على تخم يهوذا وبنيامين ووضع التابوت فيها بعد إرجاعه من أرض الفلسطينيين (١صموئيل ٦: ١٩ - ٧: ٢) ولعلها قرية العنب الحالية.
تَابُوتَ ٱللّٰهِ (خروج ٢٥: ٣ - ٢٢) أخذ الإسرائيليون التابوت من شيلوه إلى ساحة الحرب في أيام عالي (١صموئيل ٤: ٤) ثم اغتصبه الفلسطينيون وهؤلاء بعدما احتملوا ضربات شديدة بسببه أرسلوه إلى بيت شمس بعجلة جديدة وأهل بيت شمس أرسلوه إلى قرية يعاريم إلى بيت أبيناداب (١صموئيل ٦: ٧ - ٧: ٢) فبقي في قرية يعاريم نحو ٧٠ سنة. وربما أخذه الإسرائيليون إلى محلة العسكر في زمان شاول (١صموئيل ١٤: ١٨) ثم ردوه إلى قرية يعاريم أي بعلة يهوذا.
بِٱسْمِ أي الله الذي اسمه فوق كل اسم (فيلبي ٢: ٩) وتكرار الألفاظ يدل على عظمة الاحترام.
ٱلْكَرُوبِيمِ (خروج ٢٥: ١٨ - ٢٢).
عَجَلَةٍ جَدِيدَةٍ كما عمل الفلسطينيون (١صموئيل ٦: ٧) ولكنهم خالفوا الناموس الآمر أن بني قهات من بني لاوي يحملونه (عدد ١: ٥١ و٤: ١٥) على أكتاف اللاويين وليس على عجلة. وداود ورجاله أهملوا هذا الأمر في الأول فضرب الرب عُزة ولكنهم انتبهوا إليه أخيراً (١أيام ١٥: ٢) وكان يجب على داود وأبياثار وغيرهما أن يعرفوا هذا الأمر. ولكننا لا نتعجب من غفلتهم لأن نسخ الكتاب المقدس كانت قليلة في القديم والأمر بشأن نقل التابوت هو من الأمور المختصة بمدة الجولان في القفر.
أَبِينَادَابَ لم يكن حياً وقتئذ ولكن بيته كان يُدعى باسمه بعد موته. والأرجح أن عزّة وأخيو كانا من أحفاده لأن العازار ابنه تقدس لأجل حراسة التابوت أول ما أتى إلى بيته وكان عمر العازار في ذلك الوقت ثلاثين سنة على الأقل (عدد ٤: ٣) ثم مضى مدة نحو ٧٠ سنة.
وَكَانَ أَخِيُو يَسِيرُ أَمَامَ ٱلتَّابُوتِ أي أمام الثيران ليقودها.
يَلْعَبُونَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ أي يفرحون ويرقصون ويعزفون بآلات الطرب علامة للشكر والفرح بالرب. كان داود يحب الرب من كل قلبه ويفرح به كما نفرح بحضور أحبّ الناس إلينا.
بِكُلِّ أَنْوَاعِ ٱلآلاَتِ (اطلب سرو وعود ورباب ودف وصنوج وغناء في قاموس الكتاب).
الْجُنُوكِ جمع جُنك. والكلمة الأصلية تعني آلة موسيقية لها طوق من نحاس فيه ثقب وبالثقب أسلاك معدنية تمتد من جانب إلى جانب وللطوق مقبض يُمسك باليد فتتحرك الأسلاك صائتة حيث الثقب واسع وكانت الآلة مستعملة في مصر.
٦، ٧ «٦ وَلَمَّا ٱنْتَهُوا إِلَى بَيْدَرِ نَاخُونَ مَدَّ عُزَّةُ يَدَهُ إِلَى تَابُوتِ ٱللّٰهِ وَأَمْسَكَهُ، لأَنَّ ٱلثِّيرَانَ تَعَثَّرَتْ. ٧ فَحَمِيَ غَضَبُ ٱلرَّبِّ عَلَى عُزَّةَ وَضَرَبَهُ ٱللّٰهُ هُنَاكَ لأَجْلِ غَفَلِهِ، فَمَاتَ هُنَاكَ لَدَى تَابُوتِ ٱللّٰهِ».
١أيام ١٣: ٩ عدد ٤: ١٥ و١٩ و٢٠ و١صموئيل ٦: ١٩
بَيْدَرِ نَاخُونَ وفي (١أيام ١٣: ٩) كيدون وموقع البيدر مجهول.
انشمصت ٱلثِّيرَانَ تَعَثَّرَتْ أي ذُعرت وأخذت تركض وترفس.
ضَرَبَهُ فَمَاتَ يظهر لأول وهلة أنه مدّ يده ومسك التابوت لئلا يقع فلم تكن خطيئته عظيمة. ولكننا نرى عند التأمل (١) أنه كان يجب أن يُحمل التابوت على أكتاف اللاويين وليس على عجلة (انظر تفسير ع ٣) (٢) إنه كان يجب على عزّة أن يعرف الناموس لأنه إسرائيلي وكان التابوت في بيت أبيه وبيت جده ٧٠ سنة وكان أبوه مقدساً لخدمته. وعدم معرفة عزّة لهذا خطيئة (٣) لكل خطيئة استعداد سابق. ولا شك أن عزّة كان اعتاد الدنو من التابوت بلا احترام وربما افتخر بجسارته حينما مدّ يده إلى التابوت أمام الجماعة (٤) إن الرب قصد أن يعلّم داود وجميع الشعب الاحترام المقدس لكل ما يتعلق بعبادة الرب. فعلينا أن نحترم كل الاحترام الكتاب المقدس ويوم الرب والصلاة والكنيسة والعماد والعشاء الرباني وكل ما يتعلق بالدين ومن يستخف بهذه الأمور المقدسة يُهين الرب فيحمى غضب الله عليه وإن لم يضربه حالاً كما ضرب عزّة.
٨ - ١١ «٨ فَٱغْتَاظَ دَاوُدُ لأَنَّ ٱلرَّبَّ ٱقْتَحَمَ عُزَّةَ ٱقْتِحَاماً، وَسَمَّى ذٰلِكَ ٱلْمَوْضِعَ «فَارَصَ عُزَّةَ» إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ. ٩ وَخَافَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ وَقَالَ: كَيْفَ يَأْتِي إِلَيَّ تَابُوتُ ٱلرَّبِّ؟ ١٠ وَلَمْ يَشَأْ دَاوُدُ أَنْ يَنْقُلَ تَابُوتَ ٱلرَّبِّ إِلَيْهِ إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ، فَمَالَ بِهِ دَاوُدُ إِلَى بَيْتِ عُوبِيدَ أَدُومَ ٱلْجَتِّيِّ. ١١ وَبَقِيَ تَابُوتُ ٱلرَّبِّ فِي بَيْتِ عُوبِيدَ أَدُومَ ٱلْجَتِّيِّ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ. وَبَارَكَ ٱلرَّبُّ عُوبِيدَ أَدُومَ وَكُلَّ بَيْتِهِ».
١أيام ٢٦: ٤ - ٨
فَٱغْتَاظَ دَاوُدُ لأنه جمع جميع المنتخبين في إسرائيل ثلاثين ألفاً لأجل احتفال مقدس وذهبوا إلى قرية يعاريم واركبوا التابوت على عجلة ولعبوا أمام الرب علامة الفرح ثم توقف هذ الاحتفال وتحوّل الفرح إلى حزن وخوف ولم يكمّلوا مقصودهم بل انصرفوا إلى أماكنهم خائبين مخجولين.
فَارَصَ عُزَّةَ أي اقتحام عزّة وموقع المكان مجهول.
وَخَافَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ وعلى كل مؤمن الخوف من الرب وليس الفرح فقط به والتأمل في قداسته وليس في محبته فقط. مخوف أنت يا الله من مقادسك (مزمور ٦٨: ٣٥).
وَلَمْ يَشَأْ دَاوُدُ الخ لعله لم يفهم بادئ بدء لأي سبب حمي غضب الرب على عزّة فطلب فرصة للتأمل والفحص والصلاة. والخوف من الرب يجب أن لا يبعدنا عنه بل أن يحملنا على التوبة والالتجاء إلى المسيح لنتطهر من كل خطيئة فنقترب إلى الله باسمه.
عُوبِيدَ أَدُومَ ٱلْجَتِّيِّ الأرجح أنه كان من جتّ رمون في سبط دان في الجنوب (يشوع ١٩: ٤٥) التي أُعطيت لبني قهات (يشوع ٢١: ٢٤) وكان عوبيد أدوم من الذين ساروا أمام التابوت (١أيام ١٥: ٢٤) وكان من القورحيين ومن نسل قهات (عدد ١٦: ١).
وَبَارَكَ ٱلرَّبُّ عُوبِيدَ أَدُومَ أي لم يضربه ولا أحداً من أهل بيته كما ضرب عزة لأنه حفظ التابوت وخدمه خدمة أمينة بكل احترام ووقار.
١٢ - ١٥ «١٢ فَأُخْبِرَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ: قَدْ بَارَكَ ٱلرَّبُّ بَيْتَ عُوبِيدَ أَدُومَ وَكُلَّ مَا لَهُ بِسَبَبِ تَابُوتِ ٱللّٰهِ. فَذَهَبَ دَاوُدُ وَأَصْعَدَ تَابُوتَ ٱللّٰهِ مِنْ بَيْتِ عُوبِيدَ أَدُومَ إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ بِفَرَحٍ. ١٣ وَكَانَ كُلَّمَا خَطَا حَامِلُو تَابُوتِ ٱلرَّبِّ سِتَّ خُطُوَاتٍ يَذْبَحُ ثَوْراً وَعِجْلاً مَعْلُوفاً. ١٤ وَكَانَ دَاوُدُ يَرْقُصُ بِكُلِّ قُوَّتِهِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. وَكَانَ دَاوُدُ مُتَنَطِّقاً بِأَفُودٍ مِنْ كَتَّانٍ. ١٥ فَأَصْعَدَ دَاوُدُ وَجَمِيعُ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ تَابُوتَ ٱلرَّبِّ بِٱلْهُتَافِ وَبِصَوْتِ ٱلْبُوقِ».
١أيام ١٥: ٢٥ - ١٦: ٣ و١ملوك ٨: ١ خروج ١٥: ٢٠ و٢١ وقضاة ١١: ٣٤ خروج ١٩: ٦ و١صموئيل ٢: ١٨ و٢٨
فَأُخْبِرَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ رأى في غضب الرب على عزّة غضبه على إسرائيل ورأى في بركة الرب على عوبيد أدوم رضاءه عنهم.
أَصْعَدَ تَابُوتَ ٱللّٰهِ في (١أيام ص ١٥) خبر بالتفصيل باحتفال إصعاد التابوت وأسماء الذين أصعدوه وأسماء المغنين. وحمله اللاويون حسب الشريعة.
سِتَّ خُطُوَاتٍ في (١أيام ١٥: ٢٦) لما أعان الله اللاويين حاملي تابوت عهد الرب ذبحوا سبعة عجول وسبعة كباش. وإذا قابلنا الآية الواحدة بالأخرى فهمنا أنهم خافوا أول ما حملوا التابوت وفي بالهم ما أصاب عزّة وبعدما تقدموا ست خطوات قالوا إن الرب أعانهم وذبحوا ثوراً وعجلاً الخ حتى ذبحوا سبعة ثيران وسبعة عجول والكلمة الأصلية المترجمة هنا عجلاً معلوفاً تفيد حيواناً معلوفاً فيجوز أن يكون عجلاً أو كبشاً.
أَفُودٍ مِنْ كَتَّانٍ كان رئيس الكهنة يلبس أفوداً أو رداء من ذهب وأسمانجوني وأرجوان وقرمز وبوص مبروم وعلى الكتفين حجارة كريمة والأوريم والتميم. ولكن الأفود الذي لبسه داود كان أفوداً بسيطاً من كتان. والظاهر أنه لبس هذه الأفود تحت الجبة فخلع الجبة أي تكشّف (ع ٢١) لأنها لم توافق الرقص.
١٦ - ١٩ «١٦ وَلَمَّا دَخَلَ تَابُوتُ ٱلرَّبِّ مَدِينَةَ دَاوُدَ، أَشْرَفَتْ مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ مِنَ ٱلْكُوَّةِ وَرَأَتِ ٱلْمَلِكَ دَاوُدَ يَطْفُرُ وَيَرْقُصُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، فَٱحْتَقَرَتْهُ فِي قَلْبِهَا. ١٧ فَأَدْخَلُوا تَابُوتَ ٱلرَّبِّ وَأَوْقَفُوهُ فِي مَكَانِهِ فِي وَسَطِ ٱلْخَيْمَةِ ٱلَّتِي نَصَبَهَا لَهُ دَاوُدُ، وَأَصْعَدَ دَاوُدُ مُحْرَقَاتٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ، ١٨ وَلَمَّا ٱنْتَهَى دَاوُدُ مِنْ إِصْعَادِ ٱلْمُحْرَقَاتِ وَذَبَائِحِ ٱلسَّلاَمَةِ بَارَكَ ٱلشَّعْبَ بِٱسْمِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ. ١٩ وَقَسَمَ عَلَى جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ، عَلَى كُلِّ جُمْهُورِ إِسْرَائِيلَ رِجَالاً وَنِسَاءً، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ رَغِيفَ خُبْزٍ وَكَأْسَ خَمْرٍ وَقُرْصَ زَبِيبٍ. ثُمَّ ذَهَبَ كُلُّ ٱلشَّعْبِ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى بَيْتِهِ».
ص ٣: ١٤ ١أيام ١٥: ١ و٢أيام ١: ٤ و١ملوك ٨: ٦٢ - ٦٥ و١ملوك ٨: ١٤ و١٥
مَدِينَةَ دَاوُد القسم الأعلى من أورشليم في الجنوب الغربي منها وسميت مدينة داود لأن فيها الحصن الذي أخذه من اليبوسيين وبيته ومسكن التابوت حتى انتقل إلى الهيكل الذي بناه سليمان.
أَشْرَفَتْ مِيكَالُ كانت تحب داود في الأول (١صموئيل ١٨: ٢٠) ثم أُخذت منه وأُعطيت لفلطي وأخذ داود نساء غيرها وبعد ذلك استرجعها داود. والظاهر أنهما لم يحبا بعضهما كما في الأول لأنها صارت واحدة من نساء كثيرات. ونعت البيان بنت شاول يوافق طبعها وميلها أكثر من امرأة داود. ولم تكن متحدة معه في غيرته لعبادة الرب.
فَٱحْتَقَرَتْهُ فِي قَلْبِهَا وهذه الأفكار السرية ظهرت لنا لما صار لها فرصة للتكلم (ع ٢٠) وكلامها غير لائق أولاً لأن داود رجلها وثانياً لأنه الملك وثالثاً لأنه عمل ما عمله للرب فباحتقارها لداود احتقرت الرب أيضاً.
فِي وَسَطِ ٱلْخَيْمَةِ ٱلَّتِي نَصَبَهَا لَهُ قيل في (١أيام ٢١: ٢٩) إن مسكن الرب الذي عمله موسى في البرية ومذبح المحرقة كانا في ذلك الوقت في المرتفعة في جبعون. فكان للرب مسكنان الواحد في جبعون والآخر في مدينة داود في أورشليم وكاهنان صادوق وأبياثار في جبعون والثاني في أورشليم وكانا معاً في الخدمة (١٥: ٢٩) حتى تملك سليمان إذ صار صادوق رئيساً للكهنة (١ملوك ٢: ٢٦ و٢٧).
مُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ (لاويين ص ١ و٣) كانت الأولى التي تُوقد كلها تشير إلى التطهير بدم المسيح والتكريس. والثانية التي يأكلون منها تشير إلى الاتحاد بالله وإلى الاتحاد بعضهم ببعض.
وَقَسَمَ عَلَى جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ الخ كان الخبز مما يقدمونه للرب (لاويين ٨: ٢٦) وأكلهم منه علامة اتحادهم بالرب وعلامة الحب المتبادل بينهم وبينه. وأكلهم معاً علامة محبتهم الأخوية المبنية على اتحادهم بالرب.
كَأْسَ خَمْرٍ الكلمة الأصلية المترجمة بكأس خمر لم ترد إلا هنا وفي (١أيام ١٦: ٣) ومعناها مجهول واليهود يقولون أن معنى الكلمة جزء من اللحم وهكذا الترجمة الإنكليزية وغيرها. وإذا قبلنا هذا التفسير كان اللحم حصة الشعب من ذبائح السلامة. وفي ذلك اليوم أولاً جعل داود يحمد الرب بيد آساف وإخوته وترنيمتهم مذكورة في (١أيام ١٦: ٧ - ٣٦). ونص بعض المزامير يوافق إصعاد التابوت (مزمور ١٥ و٢٤ و٣٠ و٤٦ و٦٨ و٩٦ و١٠١ و١٠٦ و١٣٢).
٢٠ - ٢٣ «٢٠ وَرَجَعَ دَاوُدُ لِيُبَارِكَ بَيْتَهُ. فَخَرَجَتْ مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ لاسْتِقْبَالِ دَاوُدَ، وَقَالَتْ: مَا كَانَ أَكْرَمَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ ٱلْيَوْمَ حَيْثُ تَكَشَّفَ ٱلْيَوْمَ فِي أَعْيُنِ إِمَاءِ عَبِيدِهِ كَمَا يَتَكَشَّفُ أَحَدُ ٱلسُّفَهَاءِ! ٢١ فَقَالَ دَاوُدُ لِمِيكَالَ: إِنَّمَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي ٱخْتَارَنِي دُونَ أَبِيكِ وَدُونَ كُلَّ بَيْتِهِ لِيُقِيمَنِي رَئِيساً عَلَى شَعْبِ ٱلرَّبِّ إِسْرَائِيلَ، فَلَعِبْتُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. ٢٢ وَإِنِّي أَتَصَاغَرُ دُونَ ذٰلِكَ وَأَكُونُ وَضِيعاً فِي عَيْنَيْ نَفْسِي. وَأَمَّا عِنْدَ ٱلإِمَاءِ ٱلَّتِي ذَكَرْتِ فَأَتَمَجَّدُ. ٢٣ وَلَمْ يَكُنْ لِمِيكَالَ بِنْتِ شَاوُلَ وَلَدٌ إِلَى يَوْمِ مَوْتِهَا».
ع ١٤ و١٦ و١صموئيل ١٣: ١٤ و١٥: ٢٨
لِيُبَارِكَ بَيْتَهُ تمم واجباته للمملكة وللرب بالعبادة الجمهورية ولم ينس أنه رب بيت أيضاً فأراد أن نساءه وأولاده وأهل بيته أجمعين يشتركون معه في العبادة والفرح المقدس.
مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ (ع ١٦).
مَا كَانَ أَكْرَمَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ هذا كلام تهكُّم معناه ما أرذل ملك إسرائيل. وفي التهكم إهانة أعظم مما في الكلام الصريح.
تَكَشَّفَ كان قد خلع رداءه الملكي ورقص وهو متمنطق بأفود من كتان (ع ١٤). ومعنى ميكال أن ذلك لا يليق بالملك ومعنى جواب داود أنه في عبادة الرب لا ملك ولا عبد بل الكل بنو البشر وخطأة وعليهم الفرح بالخلاص. والاتضاع في خدمة الرب وعبادته أفضل من مجد الملوك. وأشار بجوابه إلى ما أصاب أباها شاول بسبب تمرده على الرب وأنه لم يستلم منصبه من شاول ولا من غيره بل من الرب فهو خادم للرب وبه فرحه ومجده.
وَلَمْ يَكُنْ لِمِيكَالَ بِنْتِ شَاوُلَ وَلَدٌ وذلك من أعظم مصائب النساء. كانت عاقر من الأول ولعل ذلك كان من تمرّدها على الرب وكبريائها وعدم اتفاقها مع داود من الأول فثبتت على هذه الحال. قيل في (٢١: ٨) إن ميكال ولدت لعدرئيل خمسة بنين والأمر واضح أنه وقع غلط من الناسخ فيجب أن يقال ميرب وليس ميكال (١صموئيل ١٨: ١٩).
فوائد



  • لا تكمل مملكة ولا تثبت إلا بوجود الدين الحق فيها (ع ١ و٢).
  • يجب على من اعتاد الخدمة الروحية أن يحترس من التهاون والاستخفاف في ممارستها (ع ٦).
  • الحكم على الفور ليس كالحكم بعد الفحص والتأمل (قابل ع ٨ ب ع ١٢).
  • التابوت في بيت عوبيد أدوم مثال للصلاة البيتية التي يجب أن تكون بترتيب واحترام وسرور فتنتج منها بركات عديدة (ع ١١).
  • الكل متساوون في العبادة فالملك كالعبد والعالِم كالجاهل والغني كالفقير أمام الرب (ع ١٤).
  • من أعظم المصائب الاختلاف في الدين بين الرجل وامرأته فيجب على المؤمنين أن يتزوجوا في الرب.
  • الدين يدعو الناس للفرح وليس للحزن والخوف (ع ١٦).




اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ


١ - ٥ «١ وَكَانَ لَمَّا سَكَنَ ٱلْمَلِكُ فِي بَيْتِهِ وَأَرَاحَهُ ٱلرَّبُّ مِنْ كُلِّ ٱلْجِهَاتِ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِهِ ٢ أَنَّ ٱلْمَلِكَ قَالَ لِنَاثَانَ ٱلنَّبِيِّ: ٱنْظُرْ. إِنِّي سَاكِنٌ فِي بَيْتٍ مِنْ أَرْزٍ، وَتَابُوتُ ٱللّٰهِ سَاكِنٌ دَاخِلَ ٱلشُّقَقِ. ٣ فَقَالَ نَاثَانُ لِلْمَلِكِ: ٱذْهَبِ ٱفْعَلْ كُلَّ مَا بِقَلْبِكَ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ مَعَكَ. ٤ وَفِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ كَانَ كَلاَمُ ٱلرَّبِّ إِلَى نَاثَانَ: ٥ اِذْهَبْ وَقُلْ لِعَبْدِي دَاوُدَ: هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: أَأَنْتَ تَبْنِي لِي بَيْتاً لِسُكْنَايَ؟».
١أيام ١٧: ١ - ٢٧ ع ١٧ وص ١٢: ١ و١ملوك ١: ٢٢ و١أيام ٢٩: ٢٩ و٢أيام ٩: ٢٩ ص ٥: ١١ خروج ٢٦: ١ و١ملوك ٨: ١٧ و ١٨ و١ملوك ٥: ٣ و٤ و٨: ١٩
نجد مضمون هذا الأصحاح أيضاً في (١أيام ص ١٨). والأرجح أن المذكور في هذا الأصحاح حدث بعد الحرب المذكورة في (ص ٨) بدليل القول «وأراحه الرب من كل الجهات من جميع أعدائه» ولكن لموضوع هذا الأصحاح علاقة بموضوع الأصحاح السابق لأن داود أصعد التابوت ووضعه في مسكن وقتي قاصداً أن يبني له بيتاً ثابتاً.
نَاثَانَ ٱلنَّبِيِّ هذه هي المرة الأولى التي ذُكر فيها وكان نبياً أميناً للرب وللملك ومعتبراً. وهو وبّخ داود على خطيئته في أمر أوريا (١٢: ١ - ١٥) وقام هو وجاد رائي الملك بترتيب خدمة بيت الرب (٢أيام ٢٩: ٢٥) وعمل هو وبثشبع على إقامة سليمان ملكاً (١ملوك ١: ٨ و٤٥) وألّف سفر أخبار ناثان النبي (١أيام ٢٩: ٢٩) غير أن هذا السفر ليس من الأسفار القانونية وهو مفقود.
إِنِّي سَاكِنٌ فِي بَيْتٍ مِنْ أَرْزٍ البيت الذي بناه له حيرام ملك صور (٥: ١١) ورأى أنه لا يليق أن يكون بيته أحسن من بيت الرب. وكان داود يحب الرب من كل قلبه فأراد أن يقدم له أفضل تقدمة وأعظم خدمة.
دَاخِلَ ٱلشُّقَقِ (خروج ٢٦: ١) كانت الخيمة الأصلية في جبعون. والظاهر أن داود عمل خيمة وقتية على مثالها.
فَقَالَ نَاثَانُ لِلْمَلِكِ ٱذْهَبِ ٱفْعَلْ لم يشك في أن هذا المسعى صالح ومقبول فأجاب من نفسه قبلما استشار الرب.
كَانَ كَلاَمُ ٱلرَّبِّ إِلَى نَاثَانَ برؤيا في الليل (ع ١٧). ولم يكلم الرب داود رأساً مع أن داود كان نبياً أيضاً (أعمال ٢: ٣٠) لأن لكل واحد موهبة خاصة ولم يستحسن الله أن يعطي كل المواهب لواحد حتى أن الواحد يحتاج إلى خدمة الآخر كأعضاء الجسد (١كورنثوس ص ١٢). ومن صفات داود الحميدة أنه قبل التعليم والإنذار وإن كان مخالفاً لرأيه.
٦ - ١٧ «٦ لأَنِّي لَمْ أَسْكُنْ فِي بَيْتٍ مُنْذُ يَوْمَ أَصْعَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ، بَلْ كُنْتُ أَسِيرُ فِي خَيْمَةٍ وَفِي مَسْكَنٍ. ٧ فِي كُلِّ مَا سِرْتُ مَعَ جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، هَلْ قُلْتُ لأَحَدِ قُضَاةِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ أَمَرْتُهُمْ أَنْ يَرْعَوْا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ: لِمَاذَا لَمْ تَبْنُوا لِي بَيْتاً مِنَ ٱلأَرْزِ؟ ٨ وَٱلآنَ فَهٰكَذَا تَقُولُ لِعَبْدِي دَاوُدَ: هٰكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ: أَنَا أَخَذْتُكَ مِنَ ٱلْمَرْبَضِ مِنْ وَرَاءِ ٱلْغَنَمِ لِتَكُونَ رَئِيساً عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. ٩ وَكُنْتُ مَعَكَ حَيْثُمَا تَوَجَّهْتَ، وَقَرَضْتُ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ مِنْ أَمَامِكَ، وَعَمِلْتُ لَكَ ٱسْماً عَظِيماً كَٱسْمِ ٱلْعُظَمَاءِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلأَرْضِ. ١٠ وَعَيَّنْتُ مَكَاناً لِشَعْبِي إِسْرَائِيلَ وَغَرَسْتُهُ، فَسَكَنَ فِي مَكَانِهِ، وَلاَ يَضْطَرِبُ بَعْدُ وَلاَ يَعُودُ بَنُو ٱلإِثْمِ يُذَلِّلُونَهُ كَمَا فِي ٱلأَوَّلِ ١١ وَمُنْذُ يَوْمَ أَقَمْتُ فِيهِ قُضَاةً عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. وَقَدْ أَرَحْتُكَ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِكَ. وَٱلرَّبُّ يُخْبِرُكَ أَنَّ ٱلرَّبَّ يَصْنَعُ لَكَ بَيْتاً. ١٢ مَتَى كَمَلَتْ أَيَّامُكَ وَٱضْطَجَعْتَ مَعَ آبَائِكَ أُقِيمُ بَعْدَكَ نَسْلَكَ ٱلَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَحْشَائِكَ وَأُثَبِّتُ مَمْلَكَتَهُ. ١٣ هُوَ يَبْنِي بَيْتاً لاسْمِي، وَأَنَا أُثَبِّتُ كُرْسِيَّ مَمْلَكَتِهِ إِلَى ٱلأَبَدِ. ١٤ أَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ٱبْناً. إِنْ تَعَوَّجَ أُؤَدِّبْهُ بِقَضِيبِ ٱلنَّاسِ وَبِضَرَبَاتِ بَنِي آدَمَ. ١٥ وَلٰكِنَّ رَحْمَتِي لاَ تُنْزَعُ مِنْهُ كَمَا نَزَعْتُهَا مِنْ شَاوُلَ ٱلَّذِي أَزَلْتُهُ مِنْ أَمَامِكَ. ١٦ وَيَأْمَنُ بَيْتُكَ وَمَمْلَكَتُكَ إِلَى ٱلأَبَدِ أَمَامَكَ. كُرْسِيُّكَ يَكُونُ ثَابِتاً إِلَى ٱلأَبَدِ. ١٧ فَحَسَبَ جَمِيعِ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ وَحَسَبَ كُلِّ هٰذِهِ ٱلرُّؤْيَا كَذٰلِكَ كَلَّمَ نَاثَانُ دَاوُدَ».
خروج ٤٠: ١٨ و٣٤ ويشوع ١٨: ١ و١ملوك ٨: ١٦ لاويين ٢٦: ١١ و١٢ ص ٥: ٢ و١صموئيل ١٦: ١١ و ١٢ ومزمور ٧٨: ٧٠ و٧١ ص ٦: ٢١ ص ٥: ١٠ مزمور ١٨: ٣٧ - ٤٢ خروج ١٥: ١٧ وإشعياء ٥: ٢ و٧ مزمور ٨٩: ٢٢ و٢٣ وإشعياء ٦٠: ١٨ قضاة ٢: ١٤ - ١٦ و١صموئيل ١٢: ٩ - ١١ ع ١ ع ٢٧ و١صموئيل ٢٥: ٢٨
أوضح له الرب أسباب عدم سماحه له بأن يبني له بيتاً. منها أنه لم يسكن في بيت أي بيت من خشب أو حجر بل في خيمة. ولم يأمر أحد القضاة أن يبني له بيتاً لأنه ليس إنساناً فيحتاج إلى بيت (إشعياء ٦٦: ١) وأخبره أن سليمان ابنه سيبني له بيتاً. وقيل أيضاً في (١أيام ٢٢: ٨) أن داود سفك دماً كثيراً وعمل حروباً عظيمة. لذلك لا يليق أن يبني بيتاً للرب. ولم يخطئ داود في حروبه لأن الرب كان معه فيها ولكنه ارتبك بها وتلوّث بدمها فصار لا يليق لبناء الهيكل. والرب أكرمه إذ قال له أن سليمان ابنك يبني الهيكل لأنه يكون في أيامه سلام.
أَمَرْتُهُمْ أَنْ يَرْعَوْا شَعْبِي كان إسرائيل شعب الله وكان هو ملك إسرائيل وأما القضاة فكانوا تحت أمره. وعليهم أن يرعوا شعب الله أي أن يسيروا أمامهم ويحاموا عنهم ويعتنوا بهم اعتناء الراعي بغنمه.
عَبْدِي دَاوُدَ ليس لقب أعظم من هذا وأكرم وكان لقب موسى الخاص ولقب إسرائيل (إشعياء ٤١: ٨) ولقب المسيح (إشعياء ٤٢: ١).
أَنَا أَخَذْتُكَ مِنَ ٱلْمَرْبَضِ قيل زمان داود لم تكن الأسباط متحدة اتحاداً ثابتاً. وكان القاضي يقضي لسبط واحد أو لبعض الأسباط فقط لا لإسرائيل كله ولما اختار الرب داود ثبت الملك فيه وفي سبط يهوذا. وذلك كله حسب اختيار الرب. لذلك لا يقدر داود أن يفتخر بما فيه ولا بما عمل.
قَرَضْتُ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ دليل على أن حروب داود لم تكن لمجد نفسه ولا بإرادته بل أن الرب أمره وأرسله ونصره.
ٱسْماً عَظِيماً كان داود أعظم ملوك إسرائيل والذي أكسبه هذه العظمة الخاصة أن المسيح نسله وكان هو رمزاً إلى المسيح بمعنى لا يصح في غيره فلم يقل الكتاب إن المسيح ابن سليمان أو ابن حزقيا أو ابن يوشيا بل ابن داود. ويظهر هذا ظهوراً خاصاً في المزامير حيث نرى عظمة داود الحقيقية وهي عظمة روحية. اسمه بين عظماء الأرض بل هو أعظم منهم جداً.
وَعَيَّنْتُ مَكَاناً لِشَعْبِي أي أرض كنعان بالوعد أولاً ثم أعطاهم إياها على التدريج وتأخر امتلاكهم للأرض كان بسبب خطاياهم فلم يتم سكنهم إياها وغرسهم وراحتهم حتى تعين داود ملكاً عليهم.
نَسْلَكَ ٱلَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَحْشَائِكَ أي سليمان الذي وُلد بعد هذا الكلام.
أُثَبِّتُ كُرْسِيَّ مَمْلَكَتِهِ إِلَى ٱلأَبَدِ (مزمور ٨٩: ٢٧ و٣٦ و٣٧) تم هذا القول أولاً بسليمان الذي ملك بالسلم ٤٠ سنة. وثانياً بنسله الذين ملكوا إلى نهاية المملكة. وثالثاً بالمسيح الذي ليس لمملكته نهاية. ومسكن الله على الأرض بالحقيقة ليس هيكل سليمان الذي هدمه نبوخذ نصر بل جسد المسيح (يوحنا ١: ١٤ و٢: ١٩ و٢١) الذي به سكن في هذا العالم زماناً يسيراً وبه قام من الأموات وصعد إلى السماء والمسيح لم يزل إلهاً وإنساناً إلى الأبد وبه صار المؤمنون شركاء الطبيعة الإلهية (انظر رؤيا ٢١: ٣).
أَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً يحبه كما يحب الأب ابنه ويكون بينهما اتحاد كاتحاد الأب والابن فكل ما للآب هو للابن أيضاً (انظر مزمور ٢ ومزمور ٧٢ ومزمور ٨٩: ١٩ - ٣٧). ولم ينل سليمان هذه المواعيد كلها ولا يمكن أحداً من بني البشر أن ينالها لأنها أكثرها للمسيح (انظر متّى ٢٨: ١٨) «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى ٱلأَرْضِ» و(يوحنا ١٠: ٣٠) «أَنَا وَٱلآبُ وَاحِدٌ» و (فيلبي ٢: ١٠) «لِكَيْ تَجْثُوَ بِٱسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي ٱلسَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى ٱلأَرْضِ» و(رؤيا ١١: ١٥) «قَدْ صَارَتْ مَمَالِكُ ٱلْعَالَمِ لِرَبِّنَا وَمَسِيحِهِ، فَسَيَمْلِكُ إِلَى أَبَدِ ٱلآبِدِينَ».
أُؤَدِّبْهُ بِقَضِيبِ ٱلنَّاسِ أي التأديب الذي يستوجبه الناس بسبب خطاياهم وهذا القول في سليمان وفي نسله. وسقط سليمان ونسله في خطايا عظيمة فأدبهم الرب وأخيراً سقطت مظلة داود (عاموس ٩: ١١) أي انتهت المملكة الأرضية ولكن من أنقاضها أقام الرب مملكة المسيح التي ستمتد في كل الأرض وتدوم إلى الأبد.
كَمَا نَزَعْتُهَا مِنْ شَاوُلَ لم يملك احدٌ من نسله وأما نسل داود فثبت لهم الملك ودام دوام المملكة من أجل داود عبد الرب ليكون سراج لداود كل الأيام أمام الرب (١ملوك ١١: ٣١ - ٣٦).
ٱلَّذِي أَزَلْتُهُ مِنْ أَمَامِكَ لتتخلص منه وجرى ذلك كله في حياة داود وبعلمه.
هٰذِهِ ٱلرُّؤْيَا لم يرَ هذه الأمور بعينه الجسدية بل بعين ذهنه فعرفها وفهمها بإعلان خاص من الله.
١٨ - ٢٩ «١٨ فَدَخَلَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ وَجَلَسَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَقَالَ: مَنْ أَنَا يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ، وَمَا هُوَ بَيْتِي حَتَّى أَوْصَلْتَنِي إِلَى هٰهُنَا؟ ١٩ وَقَلَّ هٰذَا أَيْضاً فِي عَيْنَيْكَ يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ فَتَكَلَّمْتَ أَيْضاً مِنْ جِهَةِ بَيْتِ عَبْدِكَ إِلَى زَمَانٍ طَوِيلٍ. وَهٰذِهِ عَادَةُ ٱلإِنْسَانِ يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ. ٢٠ وَبِمَاذَا يَعُودُ دَاوُدُ يُكَلِّمُكَ وَأَنْتَ قَدْ عَرَفْتَ عَبْدَكَ يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ؟ ٢١ فَمِنْ أَجْلِ كَلِمَتِكَ وَحَسَبَ قَلْبِكَ فَعَلْتَ هٰذِهِ ٱلْعَظَائِمَ كُلَّهَا لِتُعَرِّفَ عَبْدَكَ. ٢٢ لِذٰلِكَ قَدْ عَظُمْتَ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ ٱلإِلٰهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُكَ وَلَيْسَ إِلٰهٌ غَيْرَكَ حَسَبَ كُلِّ مَا سَمِعْنَاهُ بِآذَانِنَا. ٢٣ وَأَيَّةُ أُمَّةٍ عَلَى ٱلأَرْضِ مِثْلُ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي سَارَ ٱللّٰهُ لِيَفْتَدِيَهُ لِنَفْسِهِ شَعْباً، وَيَجْعَلَ لَهُ ٱسْماً، وَيَعْمَلَ لَكُمُ ٱلْعَظَائِمَ وَٱلتَّخَاوِيفَ لأَرْضِكَ أَمَامَ شَعْبِكَ ٱلَّذِي ٱفْتَدَيْتَهُ لِنَفْسِكَ مِنْ مِصْرَ مِنَ ٱلشُّعُوبِ وَآلِهَتِهِمْ. ٢٤ وَثَبَّتَّ شَعْبَكَ إِسْرَائِيلَ شَعْباً لِنَفْسِكَ إِلَى ٱلأَبَدِ، وَأَنْتَ يَا رَبُّ صِرْتَ لَهُمْ إِلٰهاً. ٢٥ وَٱلآنَ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ ٱلإِلٰهُ أَقِمْ إِلَى ٱلأَبَدِ ٱلْكَلاَمَ ٱلَّذِي تَكَلَّمْتَ بِهِ عَنْ عَبْدِكَ وَعَنْ بَيْتِهِ، وَٱفْعَلْ كَمَا نَطَقْتَ. ٢٦ وَلْيَتَعَظَّمِ ٱسْمُكَ إِلَى ٱلأَبَدِ، فَيُقَالَ: رَبُّ ٱلْجُنُودِ إِلٰهٌ عَلَى إِسْرَائِيلَ. وَلْيَكُنْ بَيْتُ عَبْدِكَ دَاوُدَ ثَابِتاً أَمَامَكَ. ٢٧ لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبَّ ٱلْجُنُودِ إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ أَعْلَنْتَ لِعَبْدِكَ قَائِلاً إِنِّي أَبْنِي لَكَ بَيْتاً. لِذٰلِكَ وَجَدَ عَبْدُكَ فِي قَلْبِهِ أَنْ يُصَلِّيَ لَكَ هٰذِهِ ٱلصَّلاَةَ. ٢٨ وَٱلآنَ يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ أَنْتَ هُوَ ٱللّٰهُ وَكَلاَمُكَ هُوَ حَقٌّ، وَقَدْ كَلَّمْتَ عَبْدَكَ بِهٰذَا ٱلْخَيْرِ. ٢٩ فَٱلآنَ ٱرْتَضِ وَبَارِكْ بَيْتَ عَبْدِكَ لِيَكُونَ إِلَى ٱلأَبَدِ أَمَامَكَ، لأَنَّكَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي ٱلرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمْتَ. فَلْيُبَارَكْ بَيْتُ عَبْدِكَ بِبَرَكَتِكَ إِلَى ٱلأَبَدِ».
خروج ٣: ١١ و١صموئيل ١٨: ١٨ ع ١١: ١٦ و١ايام ١٧: ١٧ إشعياء ٥٥: ٨ و٩ و١صموئيل ١٦: ٧ ويوحنا ٢١: ١٧ و١أيام ١٧: ١٩ تثنية ٣: ٢٤ ومزمور ٤٨: ١ و٨٦: ١٠ خروج ١٥: ١١ و١صموئيل ٢: ٢ خروج ١٠: ٢ ومزمور ٤٤: ١ تثنية ٤: ٣٢ - ٣٨ تثنية ١٠: ٢١ تثنية ١٥: ١٥ تثنية ٩: ٢٦ تثنية ٣٢: ٦ تكوين ١٧: ٧ و٨ وخروج ٦: ٧ مزمور ٧٢: ١٨ و١٩ ع ١٣ خروج ٣٤: ٦ ويوحنا ١٧: ١٧ عدد ٦: ٢٤ - ٢٦
جَلَسَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ زعم الربانيون أنه للملوك أن يصلّوا وهم قعود وعلى غيرهم أن يصلّوا وهم وقوف أو جاثون وزعمهم فاسد. وربما جلس داود على كرسي أو قعد على الأرض وحنى رأسه وتأمل في كلام الرب ثم اعترف بعدم استحقاقه وأقر بأن كل ما وصل إليه من الخير والعظمة هو من عند الرب وشكر لله مواعيده التي صدّقها وقبلها بالإيمان.
إِلَى زَمَانٍ طَوِيلٍ (ع ١٩) لعله لم يفهم أولاً معنى وعد الرب الكامل كما فهم بالآخر وأظهر هذا في المزامير.
وَهٰذِهِ عَادَةُ ٱلإِنْسَانِ وفي (١أيام ١٧: ١٧) نظرت إليّ من العلاء كعادة الإنسان أي تنازل الرب وتكلّم كما يتكلّم إنسان إلى إنسان وأظهر محبته لداود كمحبة إنسان إلى إنسان فتجاسر داود وكلّم الرب كعادة الإنسان.
أَنْتَ قَدْ عَرَفْتَ عَبْدَكَ (ع ٢٠) عرف خطاياه وضعفه وعرف أيضاً محبته وغيرته في خدمته وعرف تجاربه وضيقاته فلم يخف داود من إظهار خطاياه السرّية لأن الرب عرفها كلها وهي مغفورة.
مِنْ أَجْلِ كَلِمَتِكَ (ع ٢٠) وفي (١أيام ١٧: ١٩) من أجل عبدك أي كلمة الرب لعبده داود والكلمة هي التي كان الرب تكلم بها بواسطة ناثان (ع ١٢ - ١٦).
وَحَسَبَ قَلْبِكَ عمل الرب كل شيء لمجرد مسرّته وليس لاستحقاق سابق في داود.
هٰذِهِ ٱلْعَظَائِمَ المواعيد العظمى لداود المذكورة سابقاً.
قَدْ عَظُمْتَ (ع ٢٢) لم يذكر من الأعمال التي فيها عظم الرب أعماله في الخلق ولا أعماله في إهلاك أعدائه بل أعمال المحبة والرحمة لشعبه.
وَيَعْمَلَ لَكُمُ هنا كلّم داود شعب إسرائيل كأنهم أمامه.
مِنَ ٱلشُّعُوبِ وَآلِهَتِهِمْ (٢٣) الشعوب الكنعانيون. وليس لآلهتهم قدرة لأنها ليست إلا تماثيل بلا عقل وبلا حياة. وظهر عدم قدرتها بانهزام الساجدين لها.
وَثَبَّتَّ لِنَفْسِكَ (ع ٢٤) ثبّت شعبه في أرض كنعان حينما أقام داود ملكاً عليهم لأنهم قبل ذلك كانوا متضايقين من أعدائهم وأحياناً مستعبدين لهم.
وَأَنْتَ صِرْتَ لَهُمْ إِلٰهاً افتدى الرب شعبه إسرائيل من مصر ونصرهم على الكنعانيين ليس ليتعظموا ويتمجدوا هم بل ليتعظم ويتمجد هو بهم واختارهم لكي يأتمنهم على الدين الحق وحفظ الأسفار المقدسة ويولد منهم المسيح حسب الجسد ومنهم تنتشر بشرى الخلاص في كل المسكونة. ولم يتمّ قصد الرب هذا في شعبه إسرائيل حسب الجسد بل في الكنيسة المسيحية وهي شعب الله الحقيقي الثابت إلى الأبد وفي الكنيسة لا يهودي ولا أممي بل الجميع واحد في المسيح.
فَٱلآنَ ٱرْتَضِ وَبَارِكْ بَيْتَ عَبْدِكَ (ع ٢٩) الصلاة الحقيقية مبنية على مواعيد الله لأنه لولا الوعد لما كان لنا رجاء في الصلاة. وأما الوعد فلا يكفينا الاتكال عليه بل مع اتكالنا تُطلب منا الصلاة لإنجاز الوعد والعمل بموحبه فتتحول المواعيد إلى الصلاة والصلاة إلى العمل.
فوائد



  • لا يليق بالمؤمن أن ينفق الكثير على بيته والقليل على بيت الرب وانتشار إنجيله (ع ٢).
  • كل إنسان يقدر أن يبني بيتاً للرب بوقفه نفسه له وبتربيته في باطنه كل ما يرضي الله ويمجده.
  • قد يغلط الأفاضل. لم يكن الأنبياء معصومين عن الغلط إلا حينما كانوا يعلنون أوامر الرب ومناهيه (ع ٣).
  • إننا نقصد مقاصد كثيرة وهي وإن كانت صالحة بذاتها لا يسمح الله بإجرائها لأن له مقاصد أفضل ويستخدمنا لإتمامها بطريقة لم نحلم بها (ع ٥).
  • يجب أن لا نطلب لأنفسنا اسماً عظيماً بل اسماً صالحاً والله يعظم اسمنا إذا أراد (ع ٩).
  • يجب أن مواعيد الله تنشطنا في الخدمة ولا تحملنا على الكسل والكبرياء (ع ١٨).
  • إثمار التأمل (١) الاتضاع أمام الله (٢) الشكر على مراحمه الكثيرة (٣) الشعور بما يُطلب منا من الخدمة وطهارة السيرة (٤) اتساع قلوبنا والغيرة لامتداد ملكوت الله في العالم (ع ١٨).




اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ


١، ٢ «١ وَبَعْدَ ذٰلِكَ ضَرَبَ دَاوُدُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَذَلَّلَهُمْ، وَأَخَذَ دَاوُدُ «زِمَامَ ٱلْقَصَبَةِ» مِنْ يَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. ٢ وَضَرَبَ ٱلْمُوآبِيِّينَ وَقَاسَهُمْ بِٱلْحَبْلِ. أَضْجَعَهُمْ عَلَى ٱلأَرْضِ، فَقَاسَ بِحَبْلَيْنِ لِلْقَتْلِ وَبِحَبْلٍ لِلاِسْتِحْيَاءِ. وَصَارَ ٱلْمُوآبِيُّونَ عَبِيداً لِدَاوُدَ يُقَدِّمُونَ هَدَايَا».
١أيام ١٨ عدد ٢٤: ١٧ و١صموئيل ٢٢: ٣ و٤ ع ٦ و١ملوك ٤: ٢١ و٢ملوك ٣: ٤ و٢ملوك ١٧: ٣
بَعْدَ ذٰلِكَ الأرجح أنه بعد الحرب مع الفلسطينيين المذكورة في (ص ٥) وبعد إصعاد التابوت وقبل الكلام في بناء بيت الرب (انظر تفسير ٧: ١).
زِمَامَ ٱلْقَصَبَةِ في (١أيام ١٨: ١) أخذ جتّ وقراها. وكانت جتّ قصبة الفلسطينيين وزمامها أي المتسلطة عليها كما يتسلط الزمام على رأس المطية وداود بأخذها ذلّل الفلسطينيين كلهم. ويُظن أن جتّ بما أنها على تخم يهوذا وقريبة من تخم دان كانت متسلطة عليهما تسلط الزمام على الدابة وبأخذها خلّص داود الإسرائيلين من تسلطها.
وَضَرَبَ ٱلْمُوآبِيِّينَ آخر ذكر الموآبيين كان في (١صموئيل ٢٢: ٣ و٤) حيث قيل أن داود ودع والديه عند ملك موآب. ولا نعرف كيف تحولت تلك المحبة إلى حرب. ومن هذا الوقت فصاعداً صار موآب عدواً لإسرائيل.
وَقَاسَهُمْ بِٱلْحَبْلِ أي قتل ثلثي الأسرى واستحيا ثلثهم. وبالعبرانية ملء ثلث أي ثلث بلا نقص وربما كان المقصود زيادة عن ثلث وهنا شيء من الرحمة لأن المنتصرين في الحروب القديمة كانوا أحياناً يقتلون الأسرى كلهم.
عَبِيداً لِدَاوُدَ يؤدون الجزية ولكن بقي ملكهم واستقلالهم في أمورهم الداخلية (٢ملوك ٣: ٤).
٣ - ٨ «٣ وَضَرَبَ دَاوُدُ هَدَدَ عَزَرَ بْنَ رَحُوبَ مَلِكَ صُوبَةَ حِينَ ذَهَبَ لِيَرُدَّ سُلْطَتَهُ عِنْدَ نَهْرِ ٱلْفُرَاتِ. ٤ فَأَخَذَ دَاوُدُ مِنْهُ أَلْفاً وَسَبْعَ مِئَةِ فَارِسٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ رَاجِلٍ. وَعَرْقَبَ دَاوُدُ جَمِيعَ خَيْلِ ٱلْمَرْكَبَاتِ وَأَبْقَى مِنْهَا مِئَةَ مَرْكَبَةٍ. ٥ فَجَاءَ أَرَامُ دِمَشْقَ لِنَجْدَةِ هَدَدَ عَزَرَ مَلِكِ صُوبَةَ، فَضَرَبَ دَاوُدُ مِنْ أَرَامَ ٱثْنَيْنَ وَعِشْرِينَ أَلْفَ رَجُلٍ. ٦ وَجَعَلَ دَاوُدُ مُحَافِظِينَ فِي أَرَامِ دِمَشْقَ وَصَارَ ٱلأَرَامِيُّونَ لِدَاوُدَ عَبِيداً يُقَدِّمُونَ هَدَايَا. وَكَانَ ٱلرَّبُّ يُخَلِّصُ دَاوُدَ حَيْثُمَا تَوَجَّهَ. ٧ وَأَخَذَ دَاوُدُ أَتْرَاسَ ٱلذَّهَبِ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَى عَبِيدِ هَدَدَ عَزَرَ وَأَتَى بِهَا إِلَى أُورُشَلِيمَ. ٨ وَمِنْ بَاطِحَ وَمِنْ بِيرَوَثَايَ مَدِينَتَيْ هَدَدَ عَزَرَ أَخَذَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ نُحَاساً كَثِيراً جِدّاً».
ص ١٠: ١٦ و١٩ و١صموئيل ١٤: ٤٧ ص ١٠: ١٥ - ١٩ يشوع ١١: ٦ و٩ و١ملوك ١١: ٢٣ - ٢٥ و١٥: ١٨ ع ٢ ص ٣: ١٨ حزقيال ٤٧: ١٦
هَدَدَ عَزَرَ أو هدر عزر (١٠: ١٦) وحرف الدال في العبرانية يشبه حرف الزاي فأحياناً يُبدل الواحد بالآخر سهواً. وكانت صوبة إلى الشمال الشرقي من دمشق وجنوبي حماه وامتدت إلى نهر الفرات. وكان في الأول ملوك في صوبة (١صموئيل ١٤: ٤٧) فغلبهم هدد عزر وملك وحده.
لِيَرُدَّ سُلْطَتَهُ أي ذهب هدد عزر ليردّ سلطته أو يقيمها (١أيام ١٨: ٣) فإنه كان تحت سلطته ملوك (١٠: ١٩) وكان بعضهم في عبر النهر أي شرقي الفرات فذهب ليقيم سلطته عليهم. وربما أن داود إذ رأى هدد عزر ذاهباً إلى جهة الفرات انتهز الفرصة ليضربه من الوراء أي من الغرب. وقيل في (١أيام ١٨: ٣) إنه ضربه في حماه.
أَلْفاً وَسَبْعَ مِئَةِ فَارِسٍ (ع ٤) الأرجح تُقدر كلمة مركبة بعد ألف وإبدال مئة بآلاف فيكون ما أخذه داود ألف مركبة وسبعة آلاف فارس كما ترى في (١أيام ١٨: ٤). والأرجح أن ما حصل من الغلط كان من الناسخ.
وَعَرْقَبَ دَاوُدُ جَمِيعَ خَيْلِ ٱلْمَرْكَبَاتِ أي قطع العصب الغليظ فوق الحافر فعطّل الخيل (يشوع ١١: ٦ و٩). إن في هذا العمل قساوة وقتل الخيل بطريقة أخرى أرحم. ولكن للرب قصداً في أمره هذا ليشوع. وربما أن ما قصده (١) أن يبين للإسرائيليين شر الخطيئة لأن عواقبها لحقت حتى الخيل أيضاً (٢) أن يبيّن لهم ضعف هذه الخيل والمركبات التي اتكل أعداؤهم عليها والتي كان الإسرائيليون يخافونها. ومنظر فرس معطل يؤثر أكثر منه وهو مقتول. وداود لم يأخذ الخيل لنفسه لأن الشريعة لم تسمح للملك أن يكثر الخيل (تثنية ١٧: ١٦) لأن الخيل كانت للحرب ولم يرد الرب أن الإسرائيليين يشتهون لنفوسهم القوة الحربية.
وَأَبْقَى مِنْهَا مِئَةَ مَرْكَبَةٍ وربما كان المعنى أنه أبقى منها خيل مئة مركبة لأجل الركوب وليس لأجل المركبات وليس في هذا العدد القليل ما يخالف الوصية. وانتصار داود على هذا الجيش العظيم الذي كان فيه خيل ومركبات دليل على اقتداره في الحرب وإيمانه بالرب كما قال في (مزمور ٢٠: ٧ و٨) «هٰؤُلاَءِ بِٱلْمَرْكَبَاتِ وَهٰؤُلاَءِ بِٱلْخَيْلِ أَمَّا نَحْنُ فَٱسْمَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِنَا نَذْكُرُ. هُمْ جَثَوْا وَسَقَطُوا، أَمَّا نَحْنُ فَقُمْنَا وَٱنْتَصَبْنَا».
أَرَامُ دِمَشْقَ (ع ٥) كان أرام من نسل سام (تكوين ١٠: ٢٢) وسكن بعضهم في دمشق التي للآراميين. وسكن بعضهم في صوبة وبعضهم ما بين النهرين أو في عبر نهر الفرات (١٠: ١٦) وبعضهم في بيت رحوب (١٠: ٦) فكانت أرض الآراميين بالإجمال إلى جهة الشمال الشرقي من أرض إسرائيل.
مُحَافِظِينَ فِي أَرَامِ دِمَشْقَ (ع ٦) لئلا يجمعوا جيشهم ويستعدوا لتجديد الحرب مع داود.
عَبِيداً يُقَدِّمُونَ هَدَايَا أي يؤدون الجزية غير أنه كان لهم نوع من الاستقلال في أمورهم الداخلية.
وَكَانَ ٱلرَّبُّ يُخَلِّصُ دَاوُدَ ظهر ذلك في ما سبق ذكره لأنه لو لم يكن الرب معه لما وقف أمام الفرسان والمركبات والجيوش العظيمة والملوك المتحدين فقال في (مزمور ٢٧: ٣) «إِنْ نَزَلَ عَلَيَّ جَيْشٌ لاَ يَخَافُ قَلْبِي. إِنْ قَامَتْ عَلَيَّ حَرْبٌ فَفِي ذٰلِكَ أَنَا مُطْمَئِنٌّ».
أَتْرَاسَ ٱلذَّهَبِ (ع ٧) ربما كانت مطلية بالذهب وكانت أتراس حرّاس الملك.
بَاطِحَ وَمِنْ بِيرَوَثَايَ (ع ٨) في (١أيام ١٨: ٨) طبحة وخُون وموقعهما مجهول.
نُحَاساً كَثِيراً جِدّاً وفي (١أيام ١٨: ٨) صنع منه سليمان بحر النحاس والأعمدة وآنية النحاس.
٩ - ١٢ «٩ وَسَمِعَ تُوعِي مَلِكُ حَمَاةَ أَنَّ دَاوُدَ قَدْ ضَرَبَ كُلَّ جَيْشِ هَدَدَ عَزَرَ، ١٠ فَأَرْسَلَ تُوعِي يُورَامَ ٱبْنَهُ إِلَى ٱلْمَلِكِ دَاوُدَ لِيَسْأَلَ عَنْ سَلاَمَتِهِ وَيُبَارِكَهُ لأَنَّهُ حَارَبَ هَدَدَ عَزَرَ وَضَرَبَهُ، لأَنَّ هَدَدَ عَزَرَ كَانَتْ لَهُ حُرُوبٌ مَعَ تُوعِي. وَكَانَ بِيَدِهِ آنِيَةُ فِضَّةٍ وَآنِيَةُ ذَهَبٍ وَآنِيَةُ نُحَاسٍ. ١١ وَهٰذِهِ أَيْضاً قَدَّسَهَا ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ لِلرَّبِّ مَعَ ٱلْفِضَّةِ وَٱلذَّهَبِ ٱلَّذِي قَدَّسَهُ مِنْ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ أَخْضَعَهُمْ. ١٢ مِنْ أَرَامَ وَمِنْ مُوآبَ وَمِنْ بَنِي عَمُّونَ وَمِنَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَمِنْ عَمَالِيقَ وَمِنْ غَنِيمَةِ هَدَدَ عَزَرَ بْنِ رَحُوبَ مَلِكِ صُوبَةَ».
١ملوك ٨: ٦٥ و٢أيام ٨: ٤ و١ملوك ٧: ٥١ ع ٢ ص ١٠: ١٤ ص ٥: ١٧ - ٢٥ و١صموئيل ٢٧: ٨ و٣٠: ١٧ - ٢٠
تُوعِي أو توعو ولا نعرف عنه إلا المذكور هنا. وحماه هي الشهيرة اليوم على نهر العاصي في شمالي سوريا. أخذها سليمان وبنى في جوارها مدن المخازن (٢أيام ٨: ٣ و٤) وكانت من مدن الحثيين الذين كان قسم منهم في الجنوب في جوار حبرون وقسم آخر في الشمال (اطلب حماه والحثيين في قاموس الكتاب).
يُورَامَ (ع ١٠) أو هدورام وربما أشار داود إلى هذه الرسالة والهدايا مع غيرها في (مزمور ١٨: ٤٣ و٤٤).
وقَدَّسَهَا ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ لِلرَّبِّ (ع ١١) اعترف بأن الرب نصره فله كل ما أخذه في حروبه. وفي (١أيام ص ٢٢) ذكر استعداد داود لبناء الهيكل ومنه مئة ألف وزنة من الذهب وألف ألف وزنة من الفضة ونحاس وحديد بلا وزن الخ وهذه كلها أعدّها لابنه سليمان لأجل الهيكل.
مِنْ أَرَامَ (ع ١٢) في (١أيام ١٨: ١١) أدوم والفرق بينهما طفيف لأن حرفي الراء والدال متشابهان في الأصل. وكلمة أدوم أصح كما يظهر من القرينة لأن أدوم قريبة من موآب وعمون.
١٣، ١٤ «١٣ وَنَصَبَ دَاوُدُ تِذْكَاراً عِنْدَ رُجُوعِهِ مِنْ ضَرْبِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفاً مِنْ أَرَامَ فِي وَادِي ٱلْمِلْحِ. ١٤ وَجَعَلَ فِي أَدُومَ مُحَافِظِينَ. وَضَعَ مُحَافِظِينَ فِي أَدُومَ كُلِّهَا. وَكَانَ جَمِيعُ ٱلأَدُومِيِّينَ عَبِيداً لِدَاوُدَ. وَكَانَ ٱلرَّبُّ يُخَلِّصُ دَاوُدَ حَيْثُمَا تَوَجَّهَ».
ص ٧: ٩ و٢ملوك ١٤: ٧ تكوين ٢٧: ٣٧ - ٤٠ وعدد ٢٤: ١٧ و١٨ ع ٦
وَادِي ٱلْمِلْحِ يُظن أنه السبخة جنوبي بحر لوط في أرض أدوم. ولا شك أن كلمة أرام هنا كما في ع ١٢ قد كُتبت بالغلط فيجب أن تكون أدوم. وفي هذا الوادي ضرب أمصيا الأدوميين وقتل منهم عشرة آلاف (٢ملوك ١٤: ٧) وفيه ضرب يوآب اثني عشر ألفاً (عنوان مزمور ٦٠) والإسرائيليون أفنوا كل ذكر من أدوم (١ملوك ١١: ١٦) وربما الأدوميون لما سمعوا خبر حرب داود مع الأراميين انتهزوا الفرصة فهجموا على إسرائيل من الجنوب. ولكن انتصر داود في حرب أرام فأرسل جيشاً بقيادة أبيشاي فضربهم أبيشاي (١أيام ١٨: ١٢) وقيل هنا أن داود ضربهم لأنه الملك. ومن مزمور ٦٠ يظهر أن داود انتصر عليهم بصعوبة وخسارة.
وَجَعَلَ فِي أَدُومَ مُحَافِظِينَ (ع ١٤) لا شك أن كثيرين من الأدوميين هربوا أو تخبأوا فنجوا من القتل (١ملوك ١١: ١٦) فجعل داود المحافطين لئلا يستعدوا لتجديد الحرب (ع ٦).
١٥ - ١٨ «١٥ وَمَلَكَ دَاوُدُ عَلَى جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ. وَكَانَ دَاوُدُ يُجْرِي قَضَاءً وَعَدْلاً لِكُلِّ شَعْبِهِ. ١٦ وَكَانَ يُوآبُ ٱبْنُ صَرُويَةَ عَلَى ٱلْجَيْشِ، وَيَهُوشَافَاطُ بْنُ أَخِيلُودَ مُسَجِّلاً، ١٧ وَصَادُوقُ بْنُ أَخِيطُوبَ وَأَخِيمَالِكُ بْنُ أَبِيَاثَارَ كَاهِنَيْنِ، وَسَرَايَا كَاتِباً، ١٨ وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ عَلَى ٱلْجَلاَّدِينَ وَٱلسُّعَاةِ، وَبَنُو دَاوُدَ كَانُوا كَهَنَةً».
١ملوك ٤: ٣ و٢ملوك ١٨: ١٨ و ٣٧ و١أيام ٦: ٤ - ٨ و١أيام ١٦: ٣٩ و٤٠ و٢ملوك ١٨: ١٨ و١ملوك ٤: ٤ ص ١٥: ١٨ و٢٠: ٧ و٢٣ و١صموئيل ٣٠: ١٤ و١ملوك ١: ٣٨ و٤٤ و١أيام ١٨: ١٧
يُجْرِي قَضَاءً وَعَدْلاً لِكُلِّ شَعْبِهِ (مزمور ٧٢: ٢) كان داود مقتدراً في هذا الأمر أيضاً وليس في الحروب فقط فامتاز عن شاول الذي كان قوياً في الحرب وضعيفاً في سياسة شعبه.
مُسَجِّلاً (ع ١٦) كان يكتب أحكام الملك ويحفظها.
صَادُوقُ من نسل أليعازار. كان هذا في حبرون. وأخيمالك من نسل أثامار أقام في أورشليم ولكن لم يكن انشقاق في الخدمة وذُكر في (١أيام ١٥: ١١) أن صادوق وأبياثار كانا كاهنين. والمظنون أن أبياثار وابنه أخيمالك مارسا الخدمة معاً ولما عُزل الأب عُزل الابن أيضاً فبقي في أيام سليمان كاهن واحد فقط صادوق ومن خلفه من نسله وسُمي أخيمالك على اسم جدّه.
سَرَايَا كَاتِباً (ع ١٧) أي وزيراً ومفتش الدولة.
ٱلْجَلاَّدِينَ (ع ١٨) الذين يجلدون المذنبين أو حرّاس الملك (٢ملوك ١١: ٤). ولكن الكلمة الأصلية هي نفس الاسم كريتيون الواردة في (١صموئيل ٣٠: ١٤). وربما أن المشار إليهم هنا هم كريتيون وهم قبيلة سكنت في أرض الفلسطينيين أصلهم من جزيرة كريت فجعل داود حرّاسه من هؤلاء الأجانب الذين كان يقدر أن يتكل عليهم أكثر من الإسرائيليين إذا حدث فتنة أو شغب (١٥: ١٨).
ٱلسُّعَاةِ أي الرسل الذين يُرسلون من مكان إلى آخر لحمل أوامر الملك. والكلمة العبرانية هنا فليثي يُظن أنها اسم قبيلة كانت ساكنة في أرض الفلسطينيين. وكان حرّاس الملك من الكريتيين كما سبق الكلام ومن الفليثيين أي من الأجانب.
وَبَنُو دَاوُدَ كَانُوا كَهَنَةً كان الكهنة من نسل هارون من سبط لاوي. وأما داود فكان من سبط يهوذا الذي لم يلازم أحد منه المذبح (عبرانيين ٧: ١٣) وجاء في (١أيام ١٨: ١٧) أن بني داود كانوا الأولين بين يدي الملك. وفي (١ملوك ٤ - ٥) أن زابود كان كاهناً وصديق الملك سليمان فالظاهر أن معنى كلمة كاهن الأصلية هو نديم أو صديق أقرب من غيره ثم تخصصت الكلمة لمن يتوسط بين الله والناس في خدمة العبادة. والكلمة هنا بمعناها الأصلي أي كان بنو داود ندماءه القريبين منه.
فوائد



  • من يقدّم نفسه للرب بالطاعة الكاملة ينتصر في كل أموره (ع ٦ و١٤).
  • تقديم المال للرب من أعظم الفضائل لا سيما من العظماء والأغنياء لأن محبة المال تزداد غالباً حينما يزداد المال (ع ٧ و١١).
  • أعظم مجد للإنسان هو إجراء الحق والعدل ومجده هذا أعظم من المجد الناتج من الحروب. وهذا المجد يمكن لكل إنسان نيله لا الملوك فقط (ع ١٥).




اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ


١ «وَقَالَ دَاوُدُ: هَلْ يُوجَدُ بَعْدُ أَحَدٌ قَدْ بَقِيَ مِنْ بَيْتِ شَاوُلَ فَأَصْنَعَ مَعَهُ مَعْرُوفاً مِنْ أَجْلِ يُونَاثَانَ؟».
١صموئيل ٢٠: ١٤ - ١٧ و٤٢
وَقَالَ دَاوُدُ بعدما أراحه الرب من جميع أعدائه وبعد موت شاول ويوناثان بخمس عشرة سنة. ولم ينس داود معاهدته ليوناثان (١صموئيل ٢٠: ١٤ - ١٧) فقال هل بقي أحد من بيت شاول فأصنع معه معروفاً من أجل يوناثان. مع أنه من العادات القديمة أن الملك الجديد يقتل كل نسل الملك السابق لئلا يقاوموه ويطلبوا المُلك لأنفسهم (٢ملوك ١١: ١) ولم يبق من بيت شاول إلا مفيبوشث المذكور هنا وأبناء شاول من سرّيته رصفة وبني ميرب ابنته الذين ولدتهم لعدريئيل (١صموئيل ١٨: ١٩ و٢صموئيل ٢١: ٨).
٢ «وَكَانَ لِبَيْتِ شَاوُلَ عَبْدٌ ٱسْمُهُ صِيبَا، فَٱسْتَدْعَوْهُ إِلَى دَاوُدَ، وَقَالَ لَهُ ٱلْمَلِكُ: أَأَنْتَ صِيبَا؟ فَقَالَ: عَبْدُكَ».
ص ١٦: ١ - ٤ و١٩: ١٧ و٢٩
صِيبَا كان عبداً ووكيلاً لشاول قبل موته وبعد موته صار لحفيده مفيبوشث. وكان صبياً رجلاً عظيماً غنياً معتبراً لأن عبيد الملوك قد يكونون رؤساء ومتسلطين على الشعب.
٣ «فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: أَلاَ يُوجَدُ بَعْدُ أَحَدٌ لِبَيْتِ شَاوُلَ فَأَصْنَعَ مَعَهُ إِحْسَانَ ٱللّٰهِ؟ فَقَالَ صِيبَا لِلْمَلِكِ: بَعْدُ ٱبْنٌ لِيُونَاثَانَ أَعْرَجُ ٱلرِّجْلَيْنِ».
١صموئيل ٢٠: ١٤ ص ٤: ٤
إِحْسَانَ ٱللّٰهِ أي إحساناً عظيماً كإحسانات الله للناس. أو الإحسان الذي كان يجب عليه ليوفي بالعهد الذي عاهد يوناثان به أمام الرب.
أَعْرَجُ ٱلرِّجْلَيْنِ (انظر ٤: ٤).
٤ - ٦ «٤ فَقَالَ لَهُ ٱلْمَلِكُ: أَيْنَ هُوَ؟ فَقَالَ صِيبَا لِلْمَلِكِ: هُوَذَا هُوَ فِي بَيْتِ مَاكِيرَ بْنِ عَمِّيئِيلَ فِي لُودَبَارَ. ٥ فَأَرْسَلَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ وَأَخَذَهُ مِنْ بَيْتِ مَاكِيرَ بْنِ عَمِّيئِيلَ مِنْ لُودَبَارَ. ٦ فَجَاءَ مَفِيبُوشَثُ بْنُ يُونَاثَانَ بْنِ شَاوُلَ إِلَى دَاوُدَ وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَسَجَدَ. فَقَالَ دَاوُدُ: يَا مَفِيبُوشَثُ. فَقَالَ: هَئَنَذَا عَبْدُكَ».
ص ١٧: ٢٧ - ٢٩ ص ١٦: ٤ و١٩: ٢٤ - ٣٠ و١صموئيل ٢٥: ٢٣
مَاكِيرَ من لودبار في جلعاد شرقي الأردن وكان رئيساً غنياً. وكان أولاً من أتباع بيت شاول فحامى عن مفيبوشث حتى عرف قصد داود فيه وقدّم لداود ما يلزم لراحته حينما هرب من ابنه أبيشالوم (١٧: ٢٧ - ٢٩).
مَفِيبُوشَثُ أو مريببعل (٤: ٤ وتفسيره).
٧، ٨ «٧ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: لاَ تَخَفْ. فَإِنِّي لَأَعْمَلَنَّ مَعَكَ مَعْرُوفاً مِنْ أَجْلِ يُونَاثَانَ أَبِيكَ، وَأَرُدُّ لَكَ كُلَّ حُقُولِ شَاوُلَ أَبِيكَ، وَأَنْتَ تَأْكُلُ خُبْزاً عَلَى مَائِدَتِي دَائِماً. ٨ فَسَجَدَ وَقَالَ: مَنْ هُوَ عَبْدُكَ حَتَّى تَلْتَفِتَ إِلَى كَلْبٍ مَيِّتٍ مِثْلِي؟».
ع ١ و٣ ص ١٢: ٨ ص ١٩: ٢٨ و١ملوك ٢: ٧ و٢ملوك ٢٥: ٢٩ ص ١٦: ٩
لاَ تَخَفْ لعله ظن أن الملك قصد قتله. صارت حقول شاول لداود فردها لمفيبوشث فصار مفيبوشث رجلاً غنياً. وأما أكله على مائدة الملك فكان مما يدل على سموّ مقامه عنده وليس مما يدل على فقره (١ملوك ٢: ٧ و٢ملوك ٢٥: ٢٩). وقوله إني كلب ميّت مبالغة تدل على اعتباره للملك وخضوعه له.
٩ - ١٢ «٩ وَدَعَا ٱلْمَلِكُ صِيبَا غُلاَمَ شَاوُلَ وَقَالَ لَهُ: كُلُّ مَا كَانَ لِشَاوُلَ وَلِكُلِّ بَيْتِهِ قَدْ دَفَعْتُهُ لابْنِ سَيِّدِكَ. ١٠ فَتَشْتَغِلُ لَهُ فِي ٱلأَرْضِ أَنْتَ وَبَنُوكَ وَعَبِيدُكَ، وَتَسْتَغِلُّ لِيَكُونَ لابْنِ سَيِّدِكَ خُبْزٌ لِيَأْكُلَ. وَمَفِيبُوشَثُ ٱبْنُ سَيِّدِكَ يَأْكُلُ دَائِماً خُبْزاً عَلَى مَائِدَتِي. وَكَانَ لِصِيبَا خَمْسَةَ عَشَرَ ٱبْناً وَعِشْرُونَ عَبْداً. ١١ فَقَالَ صِيبَا لِلْمَلِكِ: حَسَبَ كُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ عَبْدَهُ كَذٰلِكَ يَصْنَعُ عَبْدُكَ. فَيَأْكُلُ مَفِيبُوشَثُ عَلَى مَائِدَتِي كَوَاحِدٍ مِنْ بَنِي ٱلْمَلِكِ. ١٢ وَكَانَ لِمَفِيبُوشَثَ ٱبْنٌ صَغِيرٌ ٱسْمُهُ مِيخَا. وَكَانَ جَمِيعُ سَاكِنِي بَيْتِ صِيبَا عَبِيداً لِمَفِيبُوشَثَ. ١٣ فَسَكَنَ مَفِيبُوشَثُ فِي أُورُشَلِيمَ لأَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ دَائِماً عَلَى مَائِدَةِ ٱلْمَلِكِ. وَكَانَ أَعْرَجَ مِنْ رِجْلَيْهِ كِلْتَيْهِمَا».
ص ١٦: ٤ و١٩: ٢٩ ع ٧ و١١ و١٣ ص ١٩: ٢٨ و١ملوك ٢: ٧ و١أيام ٨: ٣٤ ع ٧ و١١ ع ٣ وص ١٠
لِيَكُونَ لابْنِ سَيِّدِكَ خُبْزٌ لِيَأْكُلَ وإن أكل مفيبوشث من مائدة الملك كان أهل بيته وعبيده محتاجين إلى غلال تلك الأملاك وكانوا كثيرين كما نستدل من القول أنه كان لصيبا خمسة عشر ابناً وعشرون عبداً. والسيد المشار إليه هو شاول ودُعي مفيبوشث ابن شاول لأنه كان حفيده.
مِيخَا صار رئيساً لبيت شاول وأباً لنسل كثير (١أيام ٨: ٣٥ - ٤٠ و٩: ٤٠ - ٤٤).
فوائد



  • من صفات كل فاضل الوفاء بالعهود وإن طال الزمن وتغيرت الأحوال (ع ١).
  • يجب أن لا نكتفي بإتمام واجباتنا التي لا نقدر أن نهرب منها بل علينا أيضاً أن يكون فينا الفكر الذي في المسيح فإنه جاء ليطلب ويخلّص ما قد هلك. والذين نطلبهم كثيراً ما يستحقون المساعدة أكثر من الذين يطلبوننا (ع ٥).
  • يجوز لنا أن نشبّه أنفسنا بمفيوبشث فإنه كان أعرج الرجلين كلتيهما ونحن كذلك لا نقدر ان نعمل شيئاً من الأعمال الصالحة بقوتنا. وكان من نسل فاسد أي من نسل شاول ونحن من نسل آدم. وكان ككلب ميت ونحن غير مستحقين أدنى شيء من بركات الله ومع ذلك كله دُعي ليأكل على مائدة الملك ونحن كذلك بنعمة ربنا يسوع المسيح مدعوون للجلوس معه في السماويات (أفسس ٢: ٦).




اَلأَصْحَاحُ ٱلْعَاشِرُ


١، ٢ «١ وَكَانَ بَعْدَ ذٰلِكَ أَنَّ مَلِكَ بَنِي عَمُّونَ مَاتَ، وَمَلَكَ حَانُونُ ٱبْنُهُ عِوَضاً عَنْهُ. ٢ فَقَالَ دَاوُدُ: أَصْنَعُ مَعْرُوفاً مَعَ حَانُونَ بْنِ نَاحَاشَ كَمَا صَنَعَ أَبُوهُ مَعِي مَعْرُوفاً. فَأَرْسَلَ دَاوُدُ بِيَدِ عَبِيدِهِ يُعَزِّيهِ عَنْ أَبِيهِ. فَجَاءَ عَبِيدُ دَاوُدَ إِلَى أَرْضِ بَنِي عَمُّونَ».
١أيام ١٩: ١ - ١٩ و٢صموئيل ١١: ١
مَلِكَ بَنِي عَمُّونَ اسمه ناحاش (١ايام ١٩: ١) ويُظن أنه المذكور في (١صموئيل ١١: ١ - ١١) أو أنه ابنه لأنّ بين الحادثة المذكورة في ١صموئيل ١١ والمذكورة هنا مدة أربعين سنة ونيّف.
٣ «فَقَالَ رُؤَسَاءُ بَنِي عَمُّونَ لِحَانُونَ سَيِّدِهِمْ: هَلْ يُكْرِمُ دَاوُدُ أَبَاكَ فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيْكَ مُعَزِّينَ؟ أَلَيْسَ لأَجْلِ فَحْصِ ٱلْمَدِينَةِ وَتَجَسُّسِهَا وَقَلْبِهَا أَرْسَلَ دَاوُدُ عَبِيدَهُ إِلَيْكَ؟».
تكوين ٤٢: ٩ و١٦
ظنوا أن داود قصد حربهم وإذلالهم كما أذل الموآبيين والأراميين وغيرهم. ظنوا السوء فأنتج ظنهم حرباً هائلة وهلاكاً عظيماً. والمدينة هي ربّة (ص ١١: ١) وهي عمان الحالية.
٤، ٥ «٤ فَأَخَذَ حَانُونُ عَبِيدَ دَاوُدَ وَحَلَقَ أَنْصَافَ لِحَاهُمْ، وَقَصَّ ثِيَابَهُمْ مِنَ ٱلْوَسَطِ إِلَى أَسْتَاهِهِمْ، ثُمَّ أَطْلَقَهُمْ. ٥ وَلَمَّا أَخْبَرُوا دَاوُدَ أَرْسَلَ لِلِقَائِهِمْ لأَنَّ ٱلرِّجَالَ كَانُوا خَجِلِينَ جِدّاً. وَقَالَ ٱلْمَلِكُ: أَقِيمُوا فِي أَرِيحَا حَتَّى تَنْبُتَ لِحَاكُمْ ثُمَّ ٱرْجِعُوا».
إشعياء ١٥: ٢ وإرميا ٤١: ٥ إشعياء ٢٠: ٤
حَلَقَ أَنْصَافَ لِحَاهُمْ عند العبرانيين للّحى اعتبار خاص وكان حلق اللحى علامة الحزن (إشعياء ١٥: ٢ وإرميا ٤: ٥) وهو هنا أعظم إهانة. وكذلك قص الثياب (إشعياء ٢٠: ٤). وعمل حانون هذا نتج عن كبريائه وجهله. ولا شك أن رسل داود كانوا من العظماء وكانوا عبيد داود بمعنى سفرائه ووزرائه.
أَقِيمُوا فِي أَرِيحَا أشفق عليهم وشعر بخجلهم وأعمال داود هذه وأشباهها كانت تجذب إليه قلوب عبيده وشعبه.
٦ «وَلَمَّا رَأَى بَنُو عَمُّونَ أَنَّهُمْ قَدْ أَنْتَنُوا عِنْدَ دَاوُدَ أَرْسَلَ بَنُو عَمُّونَ وَٱسْتَأْجَرُوا أَرَامَ بَيْتِ رَحُوبَ وَأَرَامَ صُوبَا، عِشْرِينَ أَلْفَ رَاجِلٍ، وَمِنْ مَلِكِ مَعْكَةَ أَلْفَ رَجُلٍ، وَرِجَالَ طُوبَ ٱثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ».
تكوين ٣٤: ٣٠ و١صموئيل ٢٧: ١٢ ص ٨: ٣ و٥ و٢ملوك ٧: ٦ تكوين ٣٦: ٣٧ وقضاة ١٨: ٢٨ ص ٨: ٣ تثنية ٣: ١٤
قَدْ أَنْتَنُوا اي صاروا مكروهين. الإهانة للسفراء كانت إهانة لملكهم ولجميع شعب إسرائيل.
أَرَامَ بَيْتِ رَحُوبَ كانت رحوب في الشمال ويظن أنها بانياس. ولعلها تسمّت باسم رحوب أبي هدد عزر (٨: ٣). والأراميون سكنوا القسم الشمالي من بلاد ما بين النهرين وسكن بعضهم في صوبة بقرب حماه إلى جهة الشرق وبعضهم في دمشق وبعضهم في رحوب وبعضهم في معكة وهي شرقي الحولة وبحر طبرية. وطوب (قضاة ١١: ٣) شرقي بحر طبرية وقيل في (١أيام ١٩: ٦) إن بني عمون استأجروا الآراميين بألف وزنة من الفضة وقيمتها ما بين ٢٥٠٠٠٠ و٥٠٠٠٠٠ ليرة إنكليزية. وقيل أيضاً إنهم استأجروا مركبات وفرساناً. وأما عدد المركبات المذكورة في (١أيام ١٩: ٧ أي ٣٢٠٠٠ فلا بد من وقوع غلط فيه. ونزلوا مقابل ميدبا وهي شرقي بحر لوط وإلى الجنوب الشرقي من حشبون أي حسبان وعلى بعد أربعة أميال منها.
٧، ٨ «٧ فَلَمَّا سَمِعَ دَاوُدُ أَرْسَلَ يُوآبَ وَكُلَّ جَيْشِ ٱلْجَبَابِرَةِ. ٨ وَخَرَجَ بَنُو عَمُّونَ وَٱصْطَفُّوا لِلْحَرْبِ عِنْدَ مَدْخَلِ ٱلْبَابِ، وَكَانَ أَرَامُ صُوبَا وَرَحُوبُ وَرِجَالُ طُوبَ وَمَعْكَةَ وَحْدَهُمْ فِي ٱلْحَقْلِ».
١أيام ١٩: ٩ قضاة ١١: ٣ و٥ يشوع ١٣: ٩ و١٦
عِنْدَ مَدْخَلِ ٱلْبَابِ الأرجح أنه باب مدينة ربة وكان الأراميون في الحقل أي في السهل مقابل ميدبا أي إلى جهة ميدبا وكان هذا السهل موافقاً لحركات مركباتهم.
٩ - ١٤ «٩ فَلَمَّا رَأَى يُوآبُ أَنَّ مُقَدَّمَةَ ٱلْحَرْبِ كَانَتْ نَحْوَهُ مِنْ قُدَّامٍ وَمِنْ وَرَاءٍ، ٱخْتَارَ مِنْ جَمِيعِ مُنْتَخَبِي إِسْرَائِيلَ وَصَفَّهُمْ لِلِقَاءِ أَرَامَ ١٠ وَسَلَّمَ بَقِيَّةَ ٱلشَّعْبِ لِيَدِ أَخِيهِ أَبِيشَايَ فَصَفَّهُمْ لِلِقَاءِ بَنِي عَمُّونَ. ١١ وَقَالَ: إِنْ قَوِيَ أَرَامُ عَلَيَّ تَكُونُ لِي مُنْجِداً. وَإِنْ قَوِيَ عَلَيْكَ بَنُو عَمُّونَ أَذْهَبُ لِنَجْدَتِكَ. ١٢ تَجَلَّدْ وَلْنَتَشَدَّدْ مِنْ أَجْلِ شَعْبِنَا وَمِنْ أَجْلِ مُدُنِ إِلٰهِنَا، وَٱلرَّبُّ يَفْعَلُ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ. ١٣ فَتَقَدَّمَ يُوآبُ وَٱلشَّعْبُ ٱلَّذِينَ مَعَهُ لِمُحَارَبَةِ أَرَامَ فَهَرَبُوا مِنْ أَمَامِهِ. ١٤ وَلَمَّا رَأَى بَنُو عَمُّونَ أَنَّهُ قَدْ هَرَبَ أَرَامُ هَرَبُوا مِنْ أَمَامِ أَبِيشَايَ وَدَخَلُوا ٱلْمَدِينَةَ. فَرَجَعَ يُوآبُ عَنْ بَنِي عَمُّونَ وَأَتَى إِلَى أُورُشَلِيمَ».
تثنية ٣١: ٦ ويشوع ١: ٦ و١كورنثوس ١٦: ١٣ و١صموئيل ٣: ١٨ و١ملوك ٢٠: ١٣ - ٢١ ص ١١: ١
مِنْ قُدَّامٍ وَمِنْ وَرَاءٍ كان بنو عمون في الشمال إلى جهة مدينتهم ربة. والأراميون في الجنوب إلى جهة مدينة ميدبا فلم يقدر يوآب أن يتقدم لمحاربة بين عمون في الشمال خوفاً من الأراميين الذين كانوا وراءه في الجنوب. فلما رأى أن الأراميين أقوى من بني عمون صف منتخبي إسرائيل للقائهم وسلم بقية الشعب لأخيه أبيشاي ليحارب بني عمون.
فَهَرَبُوا لأنهم مستأجرون.
وَدَخَلُوا ٱلْمَدِينَةَ الأرجح أنها مدينة ربة.
فَرَجَعَ يُوآبُ لأنه رأى أمامه حرباً طويلة إذا لحقهم إلى مدينتهم المحصنة فاستحسن أن يؤخرها إلى الصيف القادم (١١: ١).
١٥ - ١٩ «١٥ وَلَمَّا رَأَى أَرَامُ أَنَّهُمْ قَدِ ٱنْكَسَرُوا أَمَامَ إِسْرَائِيلَ ٱجْتَمَعُوا مَعاً. ١٦ وَأَرْسَلَ هَدَدُ عَزَرُ فَأَبْرَزَ أَرَامَ ٱلَّذِي فِي عَبْرِ ٱلنَّهْرِ، فَأَتَوْا إِلَى حِيلاَمَ وَأَمَامَهُمْ شُوبَكُ رَئِيسُ جَيْشِ هَدَدَ عَزَرَ. ١٧ وَلَمَّا أُخْبِرَ دَاوُدُ جَمَعَ كُلَّ إِسْرَائِيلَ وَعَبَرَ ٱلأُرْدُنَّ وَجَاءَ إِلَى حِيلاَمَ، فَٱصْطَفَّ أَرَامُ لِلِقَاءِ دَاوُدَ وَحَارَبُوهُ. ١٨ وَهَرَبَ أَرَامُ مِنْ أَمَامِ إِسْرَائِيلَ، وَقَتَلَ دَاوُدُ مِنْ أَرَامَ سَبْعَ مِئَةِ مَرْكَبَةٍ وَأَرْبَعِينَ أَلْفَ فَارِسٍ، وَضَرَبَ شُوبَكَ رَئِيسَ جَيْشِهِ فَمَاتَ هُنَاكَ. ١٩ وَلَمَّا رَأَى جَمِيعُ ٱلْمُلُوكِ، عَبِيدُ هَدَدَ عَزَرَ أَنَّهُمُ ٱنْكَسَرُوا أَمَامَ إِسْرَائِيلَ صَالَحُوا إِسْرَائِيلَ وَٱسْتُعْبِدُوا لَهُمْ، وَخَافَ أَرَامُ أَنْ يُنْجِدُوا بَنِي عَمُّونَ بَعْدُ».
ص ٨: ٣ - ٨ و١أيام ١٩: ١٦ و١أيام ١٩: ١٨ ص ٨: ٦
هدر عزر مذكور في (٨: ٣) وأرام في (ع ٦) وحيلام شرقي الأردن ولعل شوبك ترأس بعد الحرب المذكورة في (ع ٦ - ٨) وقتل سبع مئة مركبة أي رجالها وأربعين ألف فارس (أو راجل ١أيام ١٩: ٨) دليل على عظمة جيش الأراميين وانتصار داود. وصالحوا إسرائيل لأنه لم يبق لهم من ينجدهم.

اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي عَشَرَ


كان داود قد وصل إلى أوج نجاحه ومجده. ومن هذا الأصحاح يبتدي خبر سقوطه والمصائب والخجل والأحزان التي أصابته هو ومملكته بسب خطيئته مع أنه تاب عنها فغُفرت له.
في الكتاب المقدس تاريخ حقيقي يصور لنا رجال الله كما هم بذكر إيمانهم وفضائلهم ويذكر خطاياهم أيضاً. وليس لنا قدوة كاملة إلا قدوة يسوع المسيح. ويعلمنا هذا التاريخ أننا نحن أيضاً ضعفاء وعرضة للسقوط في أعظم الخطايا فنحتاج إلى السهر والصلاة ونعمة الله كل ساعة. ولا مهرب من عواقب الخطيئة. والشهوة إذا حبلت تلد خطيئة والخطيئة إذا كملت تنتج موتاً.
١ «وَكَانَ عِنْدَ تَمَامِ ٱلسَّنَةِ فِي وَقْتِ خُرُوجِ ٱلْمُلُوكِ أَنَّ دَاوُدَ أَرْسَلَ يُوآبَ وَعَبِيدَهُ مَعَهُ وَجَمِيعَ إِسْرَائِيلَ، فَأَخْرَبُوا بَنِي عَمُّونَ وَحَاصَرُوا رَبَّةَ. وَأَمَّا دَاوُدُ فَأَقَامَ فِي أُورُشَلِيمَ».
١أيام ٢٠: ١ ص ١٠: ١٤ و١ملوك ٢٠: ٢٢ و٢٦ ص ١٢: ٢٦ - ٢٨ وإرميا ٤٩: ٢ و٣ وعاموس ١: ١٤
عِنْدَ تَمَامِ ٱلسَّنَةِ قيل في ١٠: ١٤ أن يوآب رجع عن بني عمون وأتى إلى أورشليم. وفي الصيف التالي حارب داود الأراميين (١٠: ١٥ - ١٩) والحرب المذكورة في هذا الأصحاح كانت بعد المذكورة في (١٠: ١ - ١٤) بسنتين.
فِي وَقْتِ خُرُوجِ ٱلْمُلُوكِ أي في فصل الصيف.
فَأَخْرَبُوا بَنِي عَمُّونَ أي بلادهم كلها فالتجأوا إلى ربة مدينتهم المحصنة.
وَأَمَّا دَاوُدُ فَأَقَامَ فِي أُورُشَلِيمَ وهكذا كان مستعداً للسقوط في الخطيئة لأن لا شيء يهيء الإنسان للسقوط كالبطالة.
٢ «وَكَانَ فِي وَقْتِ ٱلْمَسَاءِ أَنَّ دَاوُدَ قَامَ عَنْ سَرِيرِهِ وَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ بَيْتِ ٱلْمَلِكِ، فَرَأَى مِنْ عَلَى ٱلسَّطْحِ ٱمْرَأَةً تَسْتَحِمُّ. وَكَانَتِ ٱلْمَرْأَةُ جَمِيلَةَ ٱلْمَنْظَرِ جِدّاً».
تثنية ٢٢: ٨ و١صموئيل ٩: ٢٥ ومتّى ٢٤: ١٧ وأعمال ١٠: ٩
فَرَأَى مِنْ عَلَى ٱلسَّطْحِ كان ذلك أول خطوة في الخطيئة. من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه.
٣، ٤ «٣ فَأَرْسَلَ دَاوُدُ وَسَأَلَ عَنِ ٱلْمَرْأَةِ، فَقَالَ وَاحِدٌ: أَلَيْسَتْ هٰذِهِ بَثْشَبَعَ بِنْتَ أَلِيعَامَ ٱمْرَأَةَ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيِّ؟ ٤ فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً وَأَخَذَهَا، فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ فَٱضْطَجَعَ مَعَهَا وَهِيَ مُطَهَّرَةٌ مِنْ طَمْثِهَا. ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا».
١أيام ٣: ٥ ص ٢٣: ٣٩ عنوان مزمور ٥١ ويعقوب ١: ١٤ و١٥ لاويين ١٢: ٢ - ٥ و١٥: ١٩ - ٢٨ و١٨: ١٩
كان لداود نساء كثيرات ولو زاد عليهن لما حسب الرب ذلك خطيئة له (١٢: ٨) لأنه في القديم كان يغض النظر عن تعدد الزوجات. ولكن خطيئة داود كانت في أخذه امرأة غيره وقتله رجلها. وكان ذلك خطيئة عظيمة في القديم كما هو اليوم فالشريعة أمرت بقتل الزاني والزانية (لاويين ٢٠: ١٠). غير أن الملوك والعظماء في القديم كانوا يفعلون هذه الخطيئة ذاتها بلا حياء. لم يعمل داود أكثر من غيره ولكن عظمة خطيئته ناتجة عن كونه مسيح الرب ورجل الله يعرف الحق فجعل أعداء الرب يشمتون.
بَثْشَبَعَ بِنْتَ أَلِيعَامَ وفي (١أيام ٣: ٥) بثشوع بنت عميئيل. ولا نقدر أن نثبت أن أليعام بن أخيتوفل أحد أبطال داود (٢٣: ٣٤) هو أليعام أبو بثشبع غير أن هذا من المحتمل. وأوريّا الحثي كان أحد أبطال داود (٢٣: ٣٩). ومما يزيد خطيئة داود فظاعة أنه أخذ امرأة خادمه الأمين المطيع الذي خاطر بنفسه من أجله وكان غريب الجنس ولعله كان متهوداً.
فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ الظاهر أنها كانت راضية وربما افتخرت بأنها طِلبة الملك.
٥ - ١٣ «٥ وَحَبِلَتِ ٱلْمَرْأَةُ، فَأَرْسَلَتْ وَأَخْبَرَتْ دَاوُدَ وَقَالَتْ: إِنِّي حُبْلَى. ٦ فَأَرْسَلَ دَاوُدُ إِلَى يُوآبَ يَقُولُ: أَرْسِلْ إِلَيَّ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيَّ. فَأَرْسَلَ يُوآبُ أُورِيَّا إِلَى دَاوُدَ. ٧ فَأَتَى أُورِيَّا إِلَيْهِ، فَسَأَلَ دَاوُدُ عَنْ سَلاَمَةِ يُوآبَ وَسَلاَمَةِ ٱلشَّعْبِ وَنَجَاحِ ٱلْحَرْبِ. ٨ وَقَالَ دَاوُدُ لِأُورِيَّا: ٱنْزِلْ إِلَى بَيْتِكَ وَٱغْسِلْ رِجْلَيْكَ. فَخَرَجَ أُورِيَّا مِنْ بَيْتِ ٱلْمَلِكِ، وَخَرَجَتْ وَرَاءَهُ حِصَّةٌ مِنْ عِنْدِ ٱلْمَلِكِ. ٩ وَنَامَ أُورِيَّا عَلَى بَابِ بَيْتِ ٱلْمَلِكِ مَعَ جَمِيعِ عَبِيدِ سَيِّدِهِ وَلَمْ يَنْزِلْ إِلَى بَيْتِهِ. ١٠ فَقَالُوا لِدَاوُدَ: لَمْ يَنْزِلْ أُورِيَّا إِلَى بَيْتِهِ. فَقَالَ دَاوُدُ لِأُورِيَّا: أَمَا جِئْتَ مِنَ ٱلسَّفَرِ؟ فَلِمَاذَا لَمْ تَنْزِلْ إِلَى بَيْتِكَ؟ ١١ فَقَالَ أُورِيَّا لِدَاوُدَ: إِنَّ ٱلتَّابُوتَ وَإِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا سَاكِنُونَ فِي ٱلْخِيَامِ، وَسَيِّدِي يُوآبُ وَعَبِيدُ سَيِّدِي نَازِلُونَ عَلَى وَجْهِ ٱلصَّحْرَاءِ، وَأَنَا آتِي إِلَى بَيْتِي لِآكُلَ وَأَشْرَبَ وَأَضْطَجِعَ مَعَ ٱمْرَأَتِي! وَحَيَاتِكَ وَحَيَاةِ نَفْسِكَ لاَ أَفْعَلُ هٰذَا ٱلأَمْرَ. ١٢ فَقَالَ دَاوُدُ لِأُورِيَّا: أَقِمْ هُنَا ٱلْيَوْمَ أَيْضاً، وَغَداً أُطْلِقُكَ. فَأَقَامَ أُورِيَّا فِي أُورُشَلِيمَ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ وَغَدَهُ. ١٣ وَدَعَاهُ دَاوُدُ فَأَكَلَ أَمَامَهُ وَشَرِبَ وَأَسْكَرَهُ. وَخَرَجَ عِنْدَ ٱلْمَسَاءِ لِيَضْطَجِعَ فِي مَضْجَعِهِ مَعَ عَبِيدِ سَيِّدِهِ، وَإِلَى بَيْتِهِ لَمْ يَنْزِلْ».
لاويين ٢٠: ١٠ وتثنية ٢٢: ٢٢ تكوين ٣٧: ١٤ و١صموئيل ١٧: ٢٢ تكوين ٤٣: ٢٤ ولوقا ٧: ٤٤ تكوين ٤٣: ٣٤ و١ملوك ١٤: ٢٧ و٢٨ ص ٧: ٢ و٦ ص ٢٠: ٦ ص ٤: ٩ و١٤: ١٩ ع ٩
فَأَرْسَلَتْ وَأَخْبَرَتْ دَاوُدَ بحسب الشريعة كانت مستوجبة القتل (لاويين ٢٠: ١٠) فأرسلت إلى الملك ليدبر لها طريقة للخلاص. وقصد داود أولاً أن يُحضر أوريا فينزل إلى بيته لكي يظهر أن امرأته حبلى منه وأما أوريا فلم يرض أن ينام في بيته ما دام رفقاؤه في الحرب نازلين على وجه الصحراء. وربما أنه سمع خبر ما فعله داود بامرأته فلم يرض أن ينزل إلى بيته.
ٱلتَّابُوتَ وَإِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا سَاكِنُونَ فِي ٱلْخِيَامِ (ع ١١). كانوا قد أخذوا التابوت إلى دار الحرب علامة على وجود الرب معهم ليكون التابوت واسطة لزيادة إيمان المحاربين وشجاعتهم وواسطة أيضاً للسؤال من الرب. غير أن الرب كان علّم شعبه في أيام عالي أن وجود التابوت لا ينفع الذين تركوا الرب وأغضبوه بخطاياهم (١صموئيل ص ٤). وإسرائيل ويهوذا شعب واحد تسمى غالباً باسم إسرائيل ولكن أوريا كان في خدمة داود حينما كان داود ملكاً على يهوذا ثم خدمه بعدما صار ملكاً على إسرائيل ويهوذا معاً.
١٤ - ١٧ «١٤ وَفِي ٱلصَّبَاحِ كَتَبَ دَاوُدُ مَكْتُوباً إِلَى يُوآبَ وَأَرْسَلَهُ بِيَدِ أُورِيَّا. ١٥ وَكَتَبَ فِي ٱلْمَكْتُوبِ يَقُولُ: ٱجْعَلُوا أُورِيَّا فِي وَجْهِ ٱلْحَرْبِ ٱلشَّدِيدَةِ، وَٱرْجِعُوا مِنْ وَرَائِهِ فَيُضْرَبَ وَيَمُوتَ. ١٦ وَكَانَ فِي مُحَاصَرَةِ يُوآبَ ٱلْمَدِينَةَ أَنَّهُ جَعَلَ أُورِيَّا فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي عَلِمَ أَنَّ رِجَالَ ٱلْبَأْسِ فِيهِ. ١٧ فَخَرَجَ رِجَالُ ٱلْمَدِينَةِ وَحَارَبُوا يُوآبَ، فَسَقَطَ بَعْضُ ٱلشَّعْبِ مِنْ عَبِيدِ دَاوُدَ، وَمَاتَ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيُّ أَيْضاً».
١ملوك ٢١: ٨ - ١٠ ص ١٢: ٩ ع ٢١
بِيَدِ أُورِيَّا وهذا ظلم ودناءة. ظلم لأنه أمر بقتله ولم يُشر إلى العلة أو الذنب. وكان قتله بحيلة وخدعة ودناءة لأنه أرسل المكتوب بيده. ولما كان يوآب خادم الملك أطاع الأمر بلا اعتراض أو سؤال. ولا شك أنه فهم الأمر كله بعد رجوعه إلى أورشليم. وربما بمعرفته هذا السر تسلط على الملك بعض التسلط فنرى أنه بعد ذلك كان يتكلم مع الملك بحرية حتى أراد الملك أن يعزله من منصبه ولكنه لم يقدر فأوصى ابنه سليمان بقتله (١٩: ٢٢ و٢٠: ٩ و١٠ و٢٤: ٣ و١ملوك ٢: ٥ و٦).
فَسَقَطَ بَعْضُ ٱلشَّعْبِ (ع ١٧) ماتوا بلا ضرورة وليس أوريّا وحده. القساوة أخت القباحة والقتل نتيجة الزنى.
١٨ - ٢٥ «١٨ فَأَرْسَلَ يُوآبُ وَأَخْبَرَ دَاوُدَ بِجَمِيعِ أُمُورِ ٱلْحَرْبِ. ١٩ وَأَوْصَى ٱلرَّسُولَ: عِنْدَمَا تَفْرَغُ مِنَ ٱلْكَلاَمِ مَعَ ٱلْمَلِكِ عَنْ جَمِيعِ أُمُورِ ٱلْحَرْبِ، ٢٠ فَإِنِ ٱشْتَعَلَ غَضَبُ ٱلْمَلِكِ، وَقَالَ لَكَ: لِمَاذَا دَنَوْتُمْ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ لِلْقِتَالِ؟ أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُمْ يَرْمُونَ مِنْ عَلَى ٱلسُّورِ؟ ٢١ مَنْ قَتَلَ أَبِيمَالِكَ بْنَ يَرُبُّوشَثَ؟ أَلَمْ تَرْمِهِ ٱمْرَأَةٌ بِقِطْعَةِ رَحىً مِنْ عَلَى ٱلسُّورِ فَمَاتَ فِي تَابَاصَ؟ لِمَاذَا دَنَوْتُمْ مِنَ ٱلسُّورِ؟ فَقُلْ: قَدْ مَاتَ عَبْدُكَ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيُّ أَيْضاً. ٢٢ فَذَهَبَ ٱلرَّسُولُ وَدَخَلَ وَأَخْبَرَ دَاوُدَ بِكُلِّ مَا أَرْسَلَهُ فِيهِ يُوآبُ. ٢٣ وَقَالَ ٱلرَّسُولُ لِدَاوُدَ: قَدْ تَجَبَّرَ عَلَيْنَا ٱلْقَوْمُ وَخَرَجُوا إِلَيْنَا إِلَى ٱلْحَقْلِ فَكُنَّا عَلَيْهِمْ إِلَى مَدْخَلِ ٱلْبَابِ. ٢٤ فَرَمَى ٱلرُّمَاةُ عَبِيدَكَ مِنْ عَلَى ٱلسُّورِ، فَمَاتَ ٱلْبَعْضُ مِنْ عَبِيدِ ٱلْمَلِكِ، وَمَاتَ عَبْدُكَ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيُّ أَيْضاً. ٢٥ فَقَالَ دَاوُدُ لِلرَّسُولِ: هٰكَذَا تَقُولُ لِيُوآبَ: لاَ يَسُؤْ فِي عَيْنَيْكَ هٰذَا ٱلأَمْرُ، لأَنَّ ٱلسَّيْفَ يَأْكُلُ هٰذَا وَذَاكَ. شَدِّدْ قِتَالَكَ عَلَى ٱلْمَدِينَةِ وَأَخْرِبْهَا. وَشَدِّدْهُ».
قضاة ٩: ٥٠ - ٥٤
وَأَخْبَرَ دَاوُدَ (ع ١٨) شفهاً لأن الكتابة وقراءة المكاتيب لم تكونا أمراً هيناً كما هما اليوم. كان كلام داود ليوآب بواسطة رقيم أرسله بيد أوريّا لأن الكلام سرّي.
أَبِيمَالِكَ بْنَ يَرُبُّوشَثَ (ع ٢١) أي ابن يربّعل (انظر ٢: ٨ وتفسيره) والحادثة المشار إليها مذكورة في (قضاة ٩: ٥٠ - ٥٤) ونستنتج من ذكره أن حوادث سفر القضاة كانت معروفة والأرجح أن السفر كان عندهم كما هو عندنا اليوم.
قَدْ مَاتَ عَبْدُكَ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيُّ إن يوآب علّم الرسول أن يقول هذا القول بعد أن يشتعل غضب الملك. والرسول لاحظ أن داود سكن غضبه عندما بلغه نعي أوريا. ولعل يوآب اغتاظ من الملك ولم يستحسن خداعه وقتله أحد أبطاله مع غيره من الشعب ولكنه لم يقدر أن يقول شيئاً علانية وربما بقوله للرسول ما قال قصد إباحة السر للرسول ولغيره على طريقة مستترة.
وَشَدِّدْهُ (ع ٢٥) هذا قول داود للرسول. طلب منه أن يشدد يوآب بواسطة الكلام الذي جعله في فمه.
٢٦، ٢٧ «٢٦ فَلَمَّا سَمِعَتِ ٱمْرَأَةُ أُورِيَّا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ أُورِيَّا رَجُلُهَا نَدَبَتْ بَعْلَهَا. ٢٧ وَلَمَّا مَضَتِ ٱلْمَنَاحَةُ أَرْسَلَ دَاوُدُ وَضَمَّهَا إِلَى بَيْتِهِ، وَصَارَتْ لَهُ ٱمْرَأَةً وَوَلَدَتْ لَهُ ٱبْناً. وَأَمَّا ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي فَعَلَهُ دَاوُدُ فَقَبُحَ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ».
تكوين ٥٠: ١٠ وتثنية ٣٤: ٨ و١صموئيل ٣١: ١٣ ص ١٢: ٩ مزامير ٥١: ٤ و٥
نَدَبَتْ بَعْلَهَا مدة سبعة أيام حسب العادة القديمة (تكوين ٥٠: ١٠ و١صموئيل ٣١: ١٣).
فَقَبُحَ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ (ع ٢٧) الرب رأى كل شيء وعرف كل شيء فقبح في عينيه الزنى والخداع وسفك الدم البريء والرياء في المناحة وضمير داود الميّت الذي لم يستيقظ إلا بعد سنة
قال الشاعر:
ولذّة ساعة ذهبت وولّت وأبقت بعدها حسراتِ دهر



فوائد



  • جميع الناس يشتهون الغنى والراحة والرئاسة وقليلون هم الذين يقدرون أن يقاوموا التجارب المقترنة بها.
  • الخطيئة الفكرية تسبق الخطيئة الفعلية فعلى كل إنسان أن يحفظ قلبه فوق كل تحفُّظ.
  • الخطيئة الواحدة تقود إلى خطايا أُخرى كثيرة كالشهوة إلى الزنى والزنى إلى الخداع والخداع إلى القتل.
  • من يخطئ تعمداً يُميت ضميره. وتوبته إذا تاب من عجائب الله.
  • خطيئة الزنى تخرب بيتين على الأقل بيت الزاني وبيت الزانية وليس لهذا الخراب ترميم.
  • ليس عند الله محاباة فإنه أحبّ داود ولكن عندما أخطأ داود قبحت خطيئته في عيني الله ولم يخلصه من عواقبها وإن غفرها له عند توبته.
  • من يخطئ ويعتذر بقوله أنه فعل كما فعل داود فعليه أن ينظر إلى غضب الله على تلك الخطيئة وإلى أن توبة داود نادرة المثال.




اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي عَشَرَ


١ - ٦ «١ فَأَرْسَلَ ٱلرَّبُّ نَاثَانَ إِلَى دَاوُدَ. فَجَاءَ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: كَانَ رَجُلاَنِ فِي مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ، وَاحِدٌ مِنْهُمَا غَنِيٌّ وَٱلآخَرُ فَقِيرٌ. ٢ وَكَانَ لِلْغَنِيِّ غَنَمٌ وَبَقَرٌ كَثِيرَةٌ جِدّاً. ٣ وَأَمَّا ٱلْفَقِيرُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ إِلاَّ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ صَغِيرَةٌ قَدِ ٱقْتَنَاهَا وَرَبَّاهَا وَكَبِرَتْ مَعَهُ وَمَعَ بَنِيهِ جَمِيعاً. تَأْكُلُ مِنْ لُقْمَتِهِ وَتَشْرَبُ مِنْ كَأْسِهِ وَتَنَامُ فِي حِضْنِهِ، وَكَانَتْ لَهُ كَٱبْنَةٍ. ٤ فَجَاءَ ضَيْفٌ إِلَى ٱلرَّجُلِ ٱلْغَنِيِّ فَعَفَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَنَمِهِ وَمِنْ بَقَرِهِ لِيُهَيِّئَ لِلضَّيْفِ ٱلَّذِي جَاءَ إِلَيْهِ، فَأَخَذَ نَعْجَةَ ٱلرَّجُلِ ٱلْفَقِيرِ وَهَيَّأَ لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي جَاءَ إِلَيْهِ. ٥ فَحَمِيَ غَضَبُ دَاوُدَ عَلَى ٱلرَّجُلِ جِدّاً، وَقَالَ لِنَاثَانَ: حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ إِنَّهُ يُقْتَلُ ٱلرَّجُلُ ٱلْفَاعِلُ ذٰلِكَ، ٦ وَيَرُدُّ ٱلنَّعْجَةَ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ لأَنَّهُ فَعَلَ هٰذَا ٱلأَمْرَ وَلأَنَّهُ لَمْ يُشْفِقْ».
ص ٧: ٢ و٤ و١٧ عنوان مزمور ٥١ ص ١٤: ٤ - ٧ و١ملوك ٢٠: ٣٥ - ٤١ ص ١١: ٣ و١ملوك ٢٠: ٣٩ و٤٠ و١صموئيل ٢٦: ١٦ خروج ٢٢: ١
فَجَاءَ إِلَيْهِ بعد قتل أوريا بنحو سنة وفي هذه المدة الطويلة لم ينتبه داود كما يجب إلى عظمة خطيئته ومن فوائد الأمثال أن السامع يسمعها ولا يعرف أن المثل عليه حتى نهاية الكلام (متّى ٢١: ٤٥) وليس من الضرورة أن تكون الحادثة المذكورة حقيقية. وملك مطلق كداود هو بمقام قاضٍ كان يسمع بعض الدعاوي إذا أراد ويحكم فيها.
نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ (ع ٣) أشار إلى بثشبع امرأة أوريا الوحيدة المحبوبة ولعلها كانت صغيرة السن وعروساً.
فَجَاءَ ضَيْفٌ (ع ٤) أشار إلى حاجة وقتية. فكانت شهوة داود وقتية بخلاف المحبة الحقيقية محبة الرجل لإمرأته الشرعية الوحيدة. فلإشباع شهوة وقتية أخرب داود بيت قريبه وقتله. كان داود يحب العدل والإنصاف فلما سمع المثل غضب.
يُقْتَلُ ٱلرَّجُلُ (ع ٥) بالعبراني ابن موت والمعنى أنه مستحق الموت (١صموئيل ٢٠: ٣١ و٢٦: ١٦) وبحسب الشريعة على السارق أن يرد أربعة أضعاف لا أن يُقتل (خروج ٢: ١ لوقا ١٩: ٨).
٧ - ٩ «٧ فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ: أَنْتَ هُوَ ٱلرَّجُلُ! هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ: أَنَا مَسَحْتُكَ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ وَأَنْقَذْتُكَ مِنْ يَدِ شَاوُلَ ٨ وَأَعْطَيْتُكَ بَيْتَ سَيِّدِكَ وَنِسَاءَ سَيِّدِكَ فِي حِضْنِكَ، وَأَعْطَيْتُكَ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا. وَإِنْ كَانَ ذٰلِكَ قَلِيلاً كُنْتُ أَزِيدُ لَكَ كَذَا وَكَذَا. ٩ لِمَاذَا ٱحْتَقَرْتَ كَلاَمَ ٱلرَّبِّ لِتَعْمَلَ ٱلشَّرَّ فِي عَيْنَيْهِ؟ قَدْ قَتَلْتَ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيَّ بِٱلسَّيْفِ، وَأَخَذْتَ ٱمْرَأَتَهُ لَكَ ٱمْرَأَةً، وَإِيَّاهُ قَتَلْتَ بِسَيْفِ بَنِي عَمُّونَ».
١ملوك ٢٠: ٤٢ و١صموئيل ١٦: ١٣ ص ٩: ٧ و١صموئيل ١٥: ٢٣ و٢٦ ص ١١: ١٤ - ١٧ و٢٧ ص ١١: ٢٧
أَنْتَ هُوَ ٱلرَّجُلُ خاطر ناثان بنفسه بهذا القول. بعد أيامه طلب آخاب قتل إيليا الذي كان قد وبّخه (١ملوك ١٩: ١٠) وقتل يوآش زكريا النبي (٢أيام ٢٤: ٢٠ - ٢٢) وقتل هيرودس يوحنا المعمدان (متى ١٤: ١ - ١٢) وأما داود فقال قد أخطأت إلى الرب.
مَسَحْتُكَ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ أخذه الرب من وراء الغنم ليكون رئيساً على إسرائيل وأنقذه من شاول ونصره على أعدائه وأعطاه الغنى والكرامة وكلّمه وأحبّه ووعده مواعيد عظيمة ثمينة. وداود عندما أخطأ كان عديم الشكر إذ عمل ما يغيظ الرب الذي أحسن إليه.
بِسَيْفِ بَنِي عَمُّونَ (ع ٩) وداود هو الفاعل لأنه هو الآمر. وهنا الدناءة أنه استخدم أولئك الوثنيين ليقتلوا عبده الأمين.
١٠ - ١٢ «١٠ وَٱلآنَ لاَ يُفَارِقُ ٱلسَّيْفُ بَيْتَكَ إِلَى ٱلأَبَدِ، لأَنَّكَ ٱحْتَقَرْتَنِي وَأَخَذْتَ ٱمْرَأَةَ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيِّ لِتَكُونَ لَكَ ٱمْرَأَةً. ١١ هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: هَئَنَذَا أُقِيمُ عَلَيْكَ ٱلشَّرَّ مِنْ بَيْتِكَ، وَآخُذُ نِسَاءَكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبِكَ، فَيَضْطَجِعُ مَعَ نِسَائِكَ فِي عَيْنِ هٰذِهِ ٱلشَّمْسِ. ١٢ لأَنَّكَ أَنْتَ فَعَلْتَ بِٱلسِّرِّ وَأَنَا أَفْعَلُ هٰذَا ٱلأَمْرَ قُدَّامَ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَقُدَّامَ ٱلشَّمْسِ».
ص ١٣: ٢٨ و١٨: ١٤ و١ملوك ٢: ٢٥ ص ١٦: ٢١ و٢٢ ص ١١: ٤ - ١٥ ص ١٦: ٢٢
تم هذا الوعيد إذ مات ابنه الذي ولدته بثشبع وتم أيضاً إذ قهر أمنون أخته ثامار (١٣: ١ - ٢٢) فقتله أخوه أبشالوم (١٣: ٢٣ - ٣٨) وإذ قام أبشالوم على أبيه واضطجع مع نسائه أمام جميع إسرائيل (١٦: ٢٢) وطلب قتله (١٧: ٢) فقُتل هو (١٨: ١٤ و١٥) وقُتل أدونيا بأمر أخيه سليمان (١ملوك ٢: ٢٥) وهذه المصائب هي عمل الرب للتأديب وهي نتيجة طبيعية أيضاً لأن الأبناء عملوا ما كانوا قد رأوه في أبيهم وزادوا.
١٣، ١٤ «١٣ فَقَالَ دَاوُدُ لِنَاثَانَ: قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى ٱلرَّبِّ. فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ: ٱلرَّبُّ أَيْضاً قَدْ نَقَلَ عَنْكَ خَطِيَّتَكَ. لاَ تَمُوتُ. ١٤ غَيْرَ أَنَّهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ بِهٰذَا ٱلأَمْرِ أَعْدَاءَ ٱلرَّبِّ يَشْمَتُونَ فَٱلابْنُ ٱلْمَوْلُودُ لَكَ يَمُوتُ».
ص ٢٤: ١٠ و١صموئيل ١٥: ٢٤ و٣٠ ولوقا ١٨: ١٣ أمثال ٢٨: ١٣ ولاويين ٢٠: ١٠ و٢٤: ١٧ وميخا ٧: ١٨ إشعياء ٥٢: ٥ ورومية ٢: ٢٤
قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى ٱلرَّبِّ كان داود ملكاً عظيماً ورئيساً دينياً ألف مزامير ونظم أمور العبادة ومع ذلك اتّضع وقال أخطأت. وقوله المختصر كقول العشار (لوقا ١٨: ١٣) أفاد أكثر من الكلام المطول لأنه به اعترف بأنه بلا عذر مطلقاً. ولم يقل أخطأت إلى بثشبع وإلى أوريا بل إلى الرب لأنه أخطأ إلى الرب أولاً. ومن المزمور الحادي والخمسين نعرف توبة داود القلبية.
قَدْ نَقَلَ عَنْكَ خَطِيَّتَكَ. لاَ تَمُوتُ بحسب الشريعة يُقتل الزاني (لاويين ٢٠: ١٠) وقول الرب إنه لا يموت داود بل يموت المولود له لأنه قد نقل عن داود خطيئته. وبمعنى آخر لا يموت داود الموت الثاني أي العذاب الأبدي لأن خطيئته غُفرت له. ولكنه لم يخلص من عواقب خطيئته الجسدية الزمنية.
أَعْدَاءَ ٱلرَّبِّ (ع ١٤) الوثنيين الذين قالوا إن دِين إسرائيل ليس بأفضل من دينهم والأردياء في إسرائيل الذين قالوا لا نفع من الإيمان بالرب و الاتكال عليه. فعلموا عندما رأوا تأديب الرب لداود إن عمله لم يرضِ الرب ولم يكن نتيجة إيمانه بل نتيجة ضعف إيمانه وتركه الرب. فلم تكن خطيئة داود كخطايا الوثنيين الذين لم يعرفوا الرب ولا كخطيئة أحد أفراد الشعب التي لا ينتبه إليها إلا القليلون بل كانت عظمة خطيئته كعظمة مقامه لأن من أُعطي كثيراً يُطلب منه كثير.
١٥ - ١٩ «١٥ وَذَهَبَ نَاثَانُ إِلَى بَيْتِهِ. وَضَرَبَ ٱلرَّبُّ ٱلْوَلَدَ ٱلَّذِي وَلَدَتْهُ ٱمْرَأَةُ أُورِيَّا لِدَاوُدَ فَثَقِلَ. ١٦ فَسَأَلَ دَاوُدُ ٱللّٰهَ مِنْ أَجْلِ ٱلصَّبِيِّ، وَصَامَ دَاوُدُ صَوْماً، وَدَخَلَ وَبَاتَ مُضْطَجِعاً عَلَى ٱلأَرْضِ. ١٧ فَقَامَ شُيُوخُ بَيْتِهِ عَلَيْهِ لِيُقِيمُوهُ عَنِ ٱلأَرْضِ فَلَمْ يَشَأْ، وَلَمْ يَأْكُلْ مَعَهُمْ خُبْزاً. ١٨ وَكَانَ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ أَنَّ ٱلْوَلَدَ مَاتَ، فَخَافَ عَبِيدُ دَاوُدَ أَنْ يُخْبِرُوهُ بِأَنَّ ٱلْوَلَدَ قَدْ مَاتَ لأَنَّهُمْ قَالُوا: هُوَذَا لَمَّا كَانَ ٱلْوَلَدُ حَيّاً كَلَّمْنَاهُ فَلَمْ يَسْمَعْ لِصَوْتِنَا. فَكَيْفَ نَقُولُ لَهُ قَدْ مَاتَ ٱلْوَلَدُ؟ يَعْمَلُ أَشَرَّ!. ١٩ وَرَأَى دَاوُدُ عَبِيدَهُ يَتَنَاجَوْنَ، فَفَطِنَ دَاوُدُ أَنَّ ٱلْوَلَدَ قَدْ مَاتَ. فَقَالَ دَاوُدُ لِعَبِيدِهِ: هَلْ مَاتَ ٱلْوَلَدُ؟ فَقَالُوا: مَاتَ».
١صموئيل ٢٥: ٣٨ ص ١٣: ٣١ ونحميا ١: ٤ تكوين ٢٤: ٢
تذلّل داود أولاً حباً للولد وثانياً لأن موت المولود علامة غضب الله على والديه. قال له ناثان بالأول إن الولد سيموت ولكن وعيد الله كوعده له شروط (إشعياء ٣٨: ١) فكان له رجاء بأن الله ينظر إلى تذلّله ويسمع صلاته فيُشفق على الولد ووالديه فتكون حياة الولد علامة رضاء الله.
فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ (ع ١٨) من ولادة الولد أو من مرضه.
٢٠ - ٢٣ «٢٠ فَقَامَ دَاوُدُ عَنِ ٱلأَرْضِ وَٱغْتَسَلَ وَٱدَّهَنَ وَبَدَّلَ ثِيَابَهُ وَدَخَلَ بَيْتَ ٱلرَّبِّ وَسَجَدَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى بَيْتِهِ وَطَلَبَ فَوَضَعُوا لَهُ خُبْزاً فَأَكَلَ. ٢١ فَقَالَ لَهُ عَبِيدُهُ: مَا هٰذَا ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي فَعَلْتَ؟ لَمَّا كَانَ ٱلْوَلَدُ حَيّاً صُمْتَ وَبَكَيْتَ، وَلَمَّا مَاتَ ٱلْوَلَدُ قُمْتَ وَأَكَلْتَ خُبْزاً. ٢٢ فَقَالَ: لَمَّا كَانَ ٱلْوَلَدُ حَيّاً صُمْتُ وَبَكَيْتُ لأَنِّي قُلْتُ: مَنْ يَعْلَمُ؟ رُبَّمَا يَرْحَمُنِي ٱلرَّبُّ وَيَحْيَا ٱلْوَلَدُ. ٢٣ وَٱلآنَ قَدْ مَاتَ، فَلِمَاذَا أَصُومُ؟ هَلْ أَقْدِرُ أَنْ أَرُدَّهُ بَعْدُ؟ أَنَا ذَاهِبٌ إِلَيْهِ وَأَمَّا هُوَ فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيَّ».
متّى ٦: ١٧ إشعياء ٣٨: ١ - ٣ يونان ٣: ٩ تكوين ٣٧: ٣٥ أيوب ٧: ٨ - ١٠
وَٱغْتَسَلَ وَٱدَّهَنَ وَبَدَّلَ ثِيَابَهُ كأن سبب الحزن قد زال وهكذا كان عمل لو صح الولد. فتعجب عبيده من الأمر لأنه كان خلاف العادة. وداود بجوابه أظهر تسليمه لإرادة الله. لأن الحزن المفرط على موت الأحباء نوع من التمرد والعصيان على الله. وأظهر داود أيضاً إيمانه بالآخرة وقيامة الأموات ووجود الطفل في مكان المفديين وإنه هو أيضاً سيكون في ذلك المكان لأن الله قد غفر له خطيئته وإن أدبه في الحاضر.
٢٤، ٢٥ «٢٤ وَعَزَّى دَاوُدُ بَثْشَبَعَ ٱمْرَأَتَهُ وَدَخَلَ إِلَيْهَا وَٱضْطَجَعَ مَعَهَا فَوَلَدَتِ ٱبْناً، فَدَعَا ٱسْمَهُ سُلَيْمَانَ، وَٱلرَّبُّ أَحَبَّهُ، ٢٥ وَأَرْسَلَ بِيَدِ نَاثَانَ ٱلنَّبِيِّ وَدَعَا ٱسْمَهُ «يَدِيدِيَّا» مِنْ أَجْلِ ٱلرَّبِّ» .
أيوب ٢٠: ١ - ٣
وَعَزَّى دَاوُدُ بَثْشَبَعَ لم يطردها ولم يغضب عليها كأنها سبب سقوطه وخطيئته وجميع الأحزان التي ألمت به.
سُلَيْمَانَ ومعنى الاسم سليم لأنه في أيامه استراحت المملكة من الحروب (١أيام ٢٢: ٩) وربما أشار أبوه أيضاً إلى السلام مع الله بمغفرة خطيئته.
وَأَرْسَلَ بِيَدِ نَاثَانَ أي الرب أرسل النبي ناثان إلى داود.
يَدِيدِيَّا محبوب الله. كان الرب ضرب الولد الأول ولكنه سمى الولد الثاني بهذا الاسم ليعرف والداه أن خطيئتهما مغفورة وابنهما هذا محبوب. ولم يُذكر الاسم إلا هنا. في (١أيام ٣: ٥) سليمان هو رابع أولاد بثشبع ولكننا نفهم مما قيل هنا أنه أول الأربعة وخلف سليمان أباه في الملك وتسلسل منه المسيح رئيس السلام.
٢٦ - ٣١ «٢٦ وَحَارَبَ يُوآبُ رَبَّةَ بَنِي عَمُّونَ وَأَخَذَ مَدِينَةَ ٱلْمَمْلَكَةِ. ٢٧ وَأَرْسَلَ يُوآبُ رُسُلاً إِلَى دَاوُدَ يَقُولُ: قَدْ حَارَبْتُ رَبَّةَ وَأَخَذْتُ أَيْضاً مَدِينَةَ ٱلْمِيَاهِ. ٢٨ فَٱلآنَ ٱجْمَعْ بَقِيَّةَ ٱلشَّعْبِ وَٱنْزِلْ عَلَى ٱلْمَدِينَةِ وَخُذْهَا لِئَلاَّ آخُذَ أَنَا ٱلْمَدِينَةَ فَيُدْعَى بِٱسْمِي عَلَيْهَا. ٢٩ فَجَمَعَ دَاوُدُ كُلَّ ٱلشَّعْبِ وَذَهَبَ إِلَى رَبَّةَ وَحَارَبَهَا وَأَخَذَهَا. ٣٠ وَأَخَذَ تَاجَ مَلِكِهِمْ عَنْ رَأْسِهِ وَوَزْنُهُ وَزْنَةٌ مِنَ ٱلذَّهَبِ مَعَ حَجَرٍ كَرِيمٍ، وَكَانَ عَلَى رَأْسِ دَاوُدَ. وَأَخْرَجَ غَنِيمَةَ ٱلْمَدِينَةِ كَثِيرَةً جِدّاً. ٣١ وَأَخْرَجَ ٱلشَّعْبَ ٱلَّذِي فِيهَا وَوَضَعَهُمْ تَحْتَ مَنَاشِيرَ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسِ حَدِيدٍ وَأَمَرَّهُمْ فِي أَتُونِ ٱلآجُرِّ، وَهٰكَذَا صَنَعَ بِجَمِيعِ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ».
١أيام ٢٠: ١ - ٣ عبرانيين ١١: ٣٧
في هذه الآيات رجع المؤرخ إلى نبإ الحرب مع بني عمون الذي ابتدأ في إيضاحه في (ص ١١: ١) وتركه لكي يكمل قصة داود وبثشبع. وكانت تلك الحروب قبل ولادة سليمان بسنتين وبضعة أشهر.
مَدِينَةَ ٱلْمَمْلَكَةِ المدينة هي ربّة وهي عمان الحالية. ومدينة المملكة هي القلعة العالية المحصنة.
مَدِينَةَ ٱلْمِيَاهِ (ع ٢٧) أي المدينة السفلى التي كانت بجانب المياه فمن الضروري أن مدينة المملكة تسقط بعد انقطاع الماء عنها.
لِئَلاَّ آخُذَ أَنَا ٱلْمَدِينَةَ كان يوآب أميناً لسيده الملك. وربما في قوله معنى مستتر أي على من يريد أن يتتوّج أن يتقلد السيف أولاً.
وَزْنُهُ وَزْنَةٌ مِنَ ٱلذَّهَبِ (ع ٣٠) أي نحو ١٨ رطلاً أو ٤٨ كليو فلم يقدر داود ولا غيره أن يحمله على رأسه. والمظنون أن اثنين من العظماء مسكا التاج ورفعاه فوق رأسه هنيهة من الزمان للدلالة على تسلطه على مملكة بني عمون. والكلمة العبرانية المترجمة هنا بملكهم هي ملكوم أو ملكام ومن المحتمل أنها اسم علم. وملكوم هو إله العمونيين (١ملوك ١١: ٥) فيُظن أن التاج المذكور هنا هو التاج الموضوع على رأس الصنم ووضعه على رأس داود إشارة إلى سقوط عبدة ملكوم وانتصار عبدة الرب.
وَضَعَهُمْ تَحْتَ مَنَاشِيرَ الخ (ع ٣١) قال بعضهم إن الإشارة هنا إلى أعمال شاقة وضعها داود على العمونيين أي استخدم بعضهم بنشر الأخشاب وبعضهم بالدراس وبعضهم بتشقيق الحطب وبعضهم بعمل الكلس. ولكن المعنى البسيط الواضح أنه عذبهم وأماتهم. ونرى في ذلك قساوة مفرطة. الكتاب يخبر بأعمال داود كلها الصالحة والسيئة فلا نقدر أن نستحسن كل ما عمله داود ولا غيره من الأفاضل في القديم. وما أعظم الشرور والمصائب والآلام الناتجة عن الحروب.
فوائد



  • إن ظلم الفقراء والضعفاء خطيئة عظيمة عند الرب (ع ١ - ٤).
  • على المدعو لتوبيخ الملوك والعظماء أن يتذكر أنه عبد لملك الملوك فيتكلم بأمانة بلا خوف (ع ١).
  • على الواعظ أن يكلم الخطأة بأسلوب حسن حتى يحكموا على نفوسهم (ع ٥).
  • إننا نرى في غيرنا خطايا لا نقدر أن نراها في أنفسنا مع أنها فينا (ع ٥).
  • من صفات كل تقي حقيقي أن يسمع ويقبل التوبيخ.
  • لا ننجو من العواقب الطبيعية لخطايانا وإن غُفرت.
  • للذين يحزنون على موت أطفالهم أعظم تعزية في تعليم الكتاب المقدس (ع ٢٠ - ٢٢).
  • أمر العهد الجديد بتبشير الوثنيين وهو أفضل من قتلهم.




اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ عَشَرَ


١ «وَجَرَى بَعْدَ ذٰلِكَ أَنَّهُ كَانَ لأَبْشَالُومَ بْنِ دَاوُدَ أُخْتٌ جَمِيلَةٌ ٱسْمُهَا ثَامَارُ، فَأَحَبَّهَا أَمْنُونُ بْنُ دَاوُدَ».
ص ٣: ٢ و٣ و١أيام ٣: ٩ ص ٣: ٢
بَعْدَ ذٰلِكَ بعدما ذُكر في الأصحاحين السابقين. والظاهر أنه كان بعده بمدة قصيرة. والمذكور في هذا الأصحاح هو من عواقب خطيئة داود (١٢: ١٠). كان أبشالوم وأخته ثامار ولدي داود من معكة بنت تلماي ملك جشور. ومعنى ثامار نخلة. وكان أمنون بن داود من أخينوعم اليزرعيلية وكان بكر أولاد داود فكان حسب الظاهر ولي العهد (٣: ٢) ومن شرور تعدد النساء الانشقاق فإن كل واحدة منهن حسبت الباقيات من نساء رجلها (أي ضرائرها) عدوات لها. وتربى الأولاد كل واحد عند أمه فصارت محبته لأبيه قليلة وقد تتولد عداوة بين الولد وبين إخوته لأبيه دون أمه.
٢ «وَأُحْصِرَ أَمْنُونُ لِلسُّقْمِ مِنْ أَجْلِ ثَامَارَ أُخْتِهِ لأَنَّهَا كَانَتْ عَذْرَاءَ، وَعَسُرَ فِي عَيْنَيْ أَمْنُونَ أَنْ يَفْعَلَ لَهَا شَيْئاً».
وَأُحْصِرَ أَمْنُونُ لِلسُّقْمِ دليل على قلة عقله وفساد أخلاقه.
وَعَسُرَ فِي عَيْنَيْ أَمْنُونَ لا يقدر أن يتزوجها لأنها أخته لأبيه (لاويين ١٨: ٩) غير أننا نفهم من أمر إبراهيم (تكوين ٢٠: ١٢) وقول ثامار (ع ١٣) إن الشريعة لم تُحفظ دائماً. وكانت ثامار عذراء تقيم في حجرة النساء.
٣، ٤ «٣ وَكَانَ لأَمْنُونَ صَاحِبٌ ٱسْمُهُ يُونَادَابُ بْنُ شَمْعَى أَخِي دَاوُدَ. وَكَانَ يُونَادَابُ رَجُلاً حَكِيماً جِدّاً. ٤ فَقَالَ لَهُ: لِمَاذَا يَا ٱبْنَ ٱلْمَلِكِ أَنْتَ ضَعِيفٌ هٰكَذَا مِنْ صَبَاحٍ إِلَى صَبَاحٍ؟ أَمَا تُخْبِرُنِي؟ فَقَالَ لَهُ أَمْنُونُ: إِنِّي أُحِبُّ ثَامَارَ أُخْتَ أَبْشَالُومَ أَخِي».
١صموئيل ١٦: ٩
يُونَادَابُ هو ابن شمعي أو شمة (١صموئيل ١٦: ٩) وابن يسى الثالث فيكون ابن عم أمنون.
حَكِيماً جِدّاً إشارة إلى جودة عقله التي قد تكون للخير وقد تكون للشر. والصديق يساعد في عمل الصالح أو في عمل السوء.
مِنْ صَبَاحٍ إِلَى صَبَاحٍ (ع ٤) كان الصديقان يجتمعان كل يوم ومن الصداقة أن يهتم كل واحد من الصديقين بأحوال الآخر.
٥ - ٧ «٥ فَقَالَ يُونَادَابُ: ٱضْطَجِعْ عَلَى سَرِيرِكَ وَتَمَارَضْ. وَإِذَا جَاءَ أَبُوكَ لِيَرَاكَ فَقُلْ لَهُ: دَعْ ثَامَارَ أُخْتِي فَتَأْتِيَ وَتُطْعِمَنِي خُبْزاً وَتَعْمَلَ أَمَامِي ٱلطَّعَامَ لأَرَى فَآكُلَ مِنْ يَدِهَا. ٦ فَٱضْطَجَعَ أَمْنُونُ وَتَمَارَضَ، فَجَاءَ ٱلْمَلِكُ لِيَرَاهُ. فَقَالَ أَمْنُونُ لِلْمَلِكِ: دَعْ ثَامَارَ أُخْتِي فَتَأْتِيَ وَتَصْنَعَ أَمَامِي كَعْكَتَيْنِ فَآكُلَ مِنْ يَدِهَا. ٧ فَأَرْسَلَ دَاوُدُ إِلَى ثَامَارَ إِلَى ٱلْبَيْتِ قَائِلاً: ٱذْهَبِي إِلَى بَيْتِ أَمْنُونَ أَخِيكِ وَٱعْمَلِي لَهُ طَعَاماً».
٢ملوك ٨: ٢٩ تكوين ١٨: ٦
نرى من هذا محبة الملك لابنه لأنه عاده إذ سمع خبر مرضه. وتدليله له لأنه وافقه على طلبته الغير الموافقة وسمح أن تأتي أخته إليه. ونعلم أن ابنة الملك كانت ماهرة في عمل الطعام.
٨ - ١١ «٨ فَذَهَبَتْ ثَامَارُ إِلَى بَيْتِ أَمْنُونَ أَخِيهَا وَهُوَ مُضْطَجِعٌ. وَأَخَذَتِ ٱلْعَجِينَ وَعَجَنَتْ وَعَمِلَتْ كَعْكاً أَمَامَهُ وَخَبَزَتِ ٱلْكَعْكَ ٩ وَأَخَذَتِ ٱلْمِقْلاَةَ وَسَكَبَتْ أَمَامَهُ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ. وَقَالَ أَمْنُونُ: أَخْرِجُوا كُلَّ إِنْسَانٍ عَنِّي. فَخَرَجَ كُلُّ إِنْسَانٍ عَنْهُ. ١٠ ثُمَّ قَالَ أَمْنُونُ لِثَامَارَ: اِيتِي بِٱلطَّعَامِ إِلَى ٱلْمَخْدَعِ فَآكُلَ مِنْ يَدِكِ. فَأَخَذَتْ ثَامَارُ ٱلْكَعْكَ ٱلَّذِي عَمِلَتْهُ وَأَتَتْ بِهِ أَمْنُونَ أَخَاهَا إِلَى ٱلْمَخْدَعِ. ١١ وَقَدَّمَتْ لَهُ لِيَأْكُلَ، فَأَمْسَكَهَا وَقَالَ لَهَا: تَعَالَيِ ٱضْطَجِعِي مَعِي يَا أُخْتِي».
تكوين ٤٥: ١ لاويين ٢٠: ١٧
إِلَى ٱلْمَخْدَعِ مكان السرير ولعل ثامار عملت الكعك في مكان آخر بينه وبين المخدع باب مفتوح.
١٢ - ١٩ «١٢ فَقَالَتْ لَهُ: لاَ يَا أَخِي، لاَ تُذِلَّنِي لأَنَّهُ لاَ يُفْعَلُ هٰكَذَا فِي إِسْرَائِيلَ. لاَ تَعْمَلْ هٰذِهِ ٱلْقَبَاحَةَ. ١٣ أَمَّا أَنَا فَأَيْنَ أَذْهَبُ بِعَارِي، وَأَمَّا أَنْتَ فَتَكُونُ كَوَاحِدٍ مِنَ ٱلسُّفَهَاءِ فِي إِسْرَائِيلَ! وَٱلآنَ كَلِّمِ ٱلْمَلِكَ لأَنَّهُ لاَ يَمْنَعُنِي مِنْكَ. ١٤ فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَسْمَعَ لِصَوْتِهَا، بَلْ تَمَكَّنَ مِنْهَا وَقَهَرَهَا وَٱضْطَجَعَ مَعَهَا. ١٥ ثُمَّ أَبْغَضَهَا أَمْنُونُ بُغْضَةً شَدِيدَةً جِدّاً حَتَّى إِنَّ ٱلْبُغْضَةَ ٱلَّتِي أَبْغَضَهَا إِيَّاهَا كَانَتْ أَشَدَّ مِنَ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلَّتِي أَحَبَّهَا إِيَّاهَا. وَقَالَ لَهَا أَمْنُونُ: قُومِي ٱنْطَلِقِي! ١٦ فَقَالَتْ لَهُ: لاَ سَبَبَ! هٰذَا ٱلشَّرُّ بِطَرْدِكَ إِيَّايَ هُوَ أَعْظَمُ مِنَ ٱلآخَرِ ٱلَّذِي عَمِلْتَهُ بِي. فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَسْمَعَ لَهَا، ١٧ بَلْ دَعَا غُلاَمَهُ ٱلَّذِي كَانَ يَخْدِمُهُ وَقَالَ: ٱطْرُدْ هٰذِهِ عَنِّي خَارِجاً وَأَقْفِلِ ٱلْبَابَ وَرَاءَهَا. ١٨ وَكَانَ عَلَيْهَا ثَوْبٌ مُلوَّنٌ، لأَنَّ بَنَاتِ ٱلْمَلِكِ ٱلْعَذَارَى كُنَّ يَلْبِسْنَ جُبَّاتٍ مِثْلَ هٰذِهِ. فَأَخْرَجَهَا خَادِمُهُ إِلَى ٱلْخَارِجِ وَأَقْفَلَ ٱلْبَابَ وَرَاءَهَا. ١٩ فَجَعَلَتْ ثَامَارُ رَمَاداً عَلَى رَأْسِهَا، وَمَزَّقَتِ ٱلثَّوْبَ ٱلْمُلَوَّنَ ٱلَّذِي عَلَيْهَا، وَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا وَكَانَتْ تَذْهَبُ صَارِخَةً».
قضاة ١٩: ٢٣ و٢٠: ٦ تكوين ٢٠: ١٢ تكوين ٣٧: ٣ و٢٣ وقضاة ٥: ٣٠ و١صموئيل ٤: ١٢ وأستير ٤: ١ وإرميا ٢: ٣٧ ص ١: ١١ وتكوين ٣٧: ٢٩ إرميا ٢: ٣٧
لاَ يُفْعَلُ هٰكَذَا فِي إِسْرَائِيلَ كان إسرائيل أمة مقدسة وكان الرب بينهم فلا يليق أن يُفعل في إسرائيل النجاسات التي تُعمل بين الوثنيين. كانت هذه الابنة الطاهرة إسرائيلية حقاً.
وَاحِدٍ مِنَ ٱلسُّفَهَاءِ (ع ١٣) كل خطيئة سفاهة لا سيما خطيئة أمنون لأنه لم يفتكر في نتيجة عمله لها وله. لأنه لا بد من ظهور الأمر وغضب الملك وخسارة مقامه كوليّ العهد وغضب أبشالوم.
كَلِّمِ ٱلْمَلِكَ لعلها قصدت بقوله هذا الخلاص منه في ذلك الوقت أو إنها دلته على طريقة مقبولة بها يتزوجها بإذن الملك.
ثُمَّ أَبْغَضَهَا لأنه لم يحبها محبة حقيقية بل اشتهاها شهوة حيوانية فقط.
فَقَالَتْ لَهُ لاَ سَبَبَ (ع ١٦) وهذا أمر طبيعي فإنه أخطأ إليها أولاً خطيئة عظيمة باغتصابه إياها وبعد ذلك العمل القبيح إذا تركها يكون قد زاد خطيئة على خطيئته فكان يجب عليه حينئذ أن يتزوجها زيجة شريعة ويستر عارها بقدر الإمكان.
ثَوْبٌ مُلوَّنٌ (ع ١٨) جبة خاصة لبنات الملك العذارى منها كان يعرف الخادم وجميع الناس أنها بنت الملك.
رَمَاداً عَلَى رَأْسِهَا (ع ١٩) علامة الحزن الشديد (١صموئيل ٤: ١٢ أستير ٤: ١) وكذلك وضع اليد على الرأس (إرميا ٢: ٣٧).
٢٠ - ٢٢ «٢٠ فَقَالَ لَهَا أَبْشَالُومُ أَخُوهَا: هَلْ كَانَ أَمْنُونُ أَخُوكِ مَعَكِ؟ فَٱلآنَ يَا أُخْتِي ٱسْكُتِي. أَخُوكِ هُوَ. لاَ تَضَعِي قَلْبَكِ عَلَى هٰذَا ٱلأَمْرِ. فَأَقَامَتْ ثَامَارُ مُسْتَوْحِشَةً فِي بَيْتِ أَبْشَالُومَ أَخِيهَا. ٢١ وَلَمَّا سَمِعَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ بِجَمِيعِ هٰذِهِ ٱلأُمُورِ ٱغْتَاظَ جِدّاً. ٢٢ وَلَمْ يُكَلِّمْ أَبْشَالُومُ أَمْنُونَ بِشَرٍّ وَلاَ بِخَيْرٍ، لأَنَّ أَبْشَالُومَ أَبْغَضَ أَمْنُونَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَلَّ ثَامَارَ أُخْتَهُ».
ص ١٤: ٢٤ تكوين ٣١: ٢٤
ٱسْكُتِي قصده أن ينتقم لها بقتله أمنون ولكنه لم يستحسن إظهار قصده لها فطلب منها أن تسلّم الأمر له وتتكل عليه.
أَخُوكِ هُوَ ظنّ أبشالوم أنه لا يليق به أن يُشهر الأمر لئلا يعاتبه الملك.
مُسْتَوْحِشَةً هُتِك عرضها وخابت آمالها وسقط اسمها ولا يمكنها أن تتزوج بعد ولا ذنب عليها. وأقامت في بيت أبشالوم لأنه أخوها لأبيها وأمها.
ٱغْتَاظَ ٱلْمَلِكُ (ع ٢١) ولكنه لم يستحسن أن يعمل شيئاً لأنه كان من صفاته أن يدلل أولاده.
٢٣ - ٢٧ «٢٣ وَكَانَ بَعْدَ سَنَتَيْنِ مِنَ ٱلزَّمَانِ أَنَّهُ كَانَ لأَبْشَالُومَ جَزَّازُونَ فِي بَعْلَ حَاصُورَ ٱلَّتِي عِنْدَ أَفْرَايِمَ. فَدَعَا أَبْشَالُومُ جَمِيعَ بَنِي ٱلْمَلِكِ. ٢٤ وَجَاءَ أَبْشَالُومُ إِلَى ٱلْمَلِكِ وَقَالَ: هُوَذَا لِعَبْدِكَ جَزَّازُونَ. فَلْيَذْهَبِ ٱلْمَلِكُ وَعَبِيدُهُ مَعَ عَبْدِكَ. ٢٥ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لأَبْشَالُومَ: لاَ يَا ٱبْنِي. لاَ نَذْهَبْ كُلُّنَا لِئَلاَّ نُثَقِّلَ عَلَيْكَ. فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَذْهَبَ بَلْ بَارَكَهُ. ٢٦ فَقَالَ أَبْشَالُومُ: إِذاً دَعْ أَخِي أَمْنُونَ يَذْهَبْ مَعَنَا. فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: لِمَاذَا يَذْهَبُ مَعَكَ؟ ٢٧ فَأَلَحَّ عَلَيْهِ أَبْشَالُومُ، فَأَرْسَلَ مَعَهُ أَمْنُونَ وَجَمِيعَ بَنِي ٱلْمَلِكِ».
١صموئيل ٢٥: ٧ ص ٣: ٢٧ و١١: ١٣ - ١٥
بَعْدَ سَنَتَيْنِ لم ينس أبشالوم قصده ولكنه كتمه زماناً حتى يظن أمنون والملك أنه نسيه.
فِي بَعْلَ حَاصُورَ ٱلَّتِي عِنْدَ أَفْرَايِمَ أفرايم هنا اسم قرية يُظن أنها المذكورة في (يوحنا ١: ٥٤) والأرجح أنها الطيبة الحديثة شرقي بيت إيل على بعد أربعة أميال منها. وبعل حاصور قربها وربما هي الجبل المسمى اليوم تل عصور. ودعا أبشالوم الملك وجميع بنيه لئلا تُعرف غايته السرية. وبعدما استعفى الملك طلب إليه إرسال أمنون لأنه ولي العهد فينوب عن الملك. ولم يأذن له الملك بالذهاب إلا بعد ما ألحّ أبشالوم عليه ولعله شك في خلوص نيّة أبشالوم.
٢٨ - ٣٣ «٢٨ فَأَوْصَى أَبْشَالُومُ غِلْمَانَهُ: ٱنْظُرُوا. مَتَى طَابَ قَلْبُ أَمْنُونَ بِٱلْخَمْرِ وَقُلْتُ لَكُمُ ٱضْرِبُوا أَمْنُونَ فَٱقْتُلُوهُ. لاَ تَخَافُوا. أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا أَمَرْتُكُمْ؟ فَتَشَدَّدُوا وَكُونُوا ذَوِي بَأْسٍ. ٢٩ فَفَعَلَ غِلْمَانُ أَبْشَالُومَ بِأَمْنُونَ كَمَا أَمَرَ أَبْشَالُومُ. فَقَامَ جَمِيعُ بَنِي ٱلْمَلِكِ وَرَكِبُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى بَغْلِهِ وَهَرَبُوا. ٣٠ وَفِيمَا هُمْ فِي ٱلطَّرِيقِ وَصَلَ ٱلْخَبَرُ إِلَى دَاوُدَ: قَدْ قَتَلَ أَبْشَالُومُ جَمِيعَ بَنِي ٱلْمَلِكِ، وَلَمْ يَتَبَقَّ مِنْهُمْ أَحَدٌ. ٣١ فَقَامَ ٱلْمَلِكُ وَمَزَّقَ ثِيَابَهُ وَٱضْطَجَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ وَجَمِيعُ عَبِيدِهِ وَاقِفُونَ وَثِيَابُهُمْ مُمَزَّقَةٌ. ٣٢ فَقَالَ يُونَادَابُ بْنُ شَمْعَى أَخِي دَاوُدَ: لاَ يَظُنَّ سَيِّدِي أَنَّهُمْ قَتَلُوا جَمِيعَ ٱلْفِتْيَانِ بَنِي ٱلْمَلِكِ. إِنَّمَا أَمْنُونُ وَحْدَهُ مَاتَ، لأَنَّ ذٰلِكَ قَدْ وُضِعَ عِنْدَ أَبْشَالُومَ مُنْذُ يَوْمَ أَذَلَّ ثَامَارَ أُخْتَهُ. ٣٣ وَٱلآنَ لاَ يَضَعَنَّ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ فِي قَلْبِهِ شَيْئاً قَائِلاً إِنَّ جَمِيعَ بَنِي ٱلْمَلِكِ قَدْ مَاتُوا. إِنَّمَا أَمْنُونُ وَحْدَهُ مَاتَ».
قضاة ١٩: ٦ و٩ و٢٢ و١صموئيل ٢٥: ٣٦ - ٣٨ ص ١٨: ٩ و١ملوك ١: ٣٣ و٣٨ ص ١: ١١ ص ١٢: ١٦ ع ٣ - ٥ ص ٩: ١٩
فَأَوْصَى أعد كل شيء سابقاً. ما أعظم غباوة أمنون فإنه لم يحترز من أخيه بل سلم نفسه له في ذلك المكان البعيد عن أورشليم وشرب خمراً حتى فقد رشده.
كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى بَغْلِهِ (ع ٢٩) هنا أول ذكر للبغال في الكتاب المقدس وكانت مراكيب الملوك (١٨: ٩ و١ملوك ١: ٣٣ و٣٨).
وَصَلَ ٱلْخَبَرُ (ع ٣٠) وحسب العادة ازداد كثيراً فظن الملك وعبيده أن جميع بني الملك قد قُتلوا وذلك لو صح لكان اعظم مصيبة على الملك والمملكة.
فَقَالَ يُونَادَابُ (ع ٣٢) كان رجلاً حكيماً. وتذكر أمر ثامار الذي كان له يد فيه وكان منتظراً وقوع شيء من أبشالوم.
٣٤ - ٣٩ «٣٤ وَهَرَبَ أَبْشَالُومُ. وَرَفَعَ ٱلرَّقِيبُ طَرْفَهُ وَنَظَرَ وَإِذَا بِشَعْبٍ كَثِيرٍ يَسِيرُونَ عَلَى ٱلطَّرِيقِ وَرَاءَهُ بِجَانِبِ ٱلْجَبَلِ. ٣٥ فَقَالَ يُونَادَابُ لِلْمَلِكِ: هُوَذَا بَنُو ٱلْمَلِكِ قَدْ جَاءُوا. كَمَا قَالَ عَبْدُكَ كَذٰلِكَ صَارَ. ٣٦ وَلَمَّا فَرَغَ مِنَ ٱلْكَلاَمِ إِذَا بِبَنِي ٱلْمَلِكِ قَدْ جَاءُوا، وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَبَكَوْا وَكَذٰلِكَ بَكَى ٱلْمَلِكُ وَعَبِيدُهُ بُكَاءً عَظِيماً جِدّاً. ٣٧ فَهَرَبَ أَبْشَالُومُ وَذَهَبَ إِلَى تَلْمَايَ بْنِ عَمِّيهُودَ مَلِكِ جَشُورَ. وَنَاحَ دَاوُدُ عَلَى ٱبْنِهِ ٱلأَيَّامَ كُلَّهَا. ٣٨ وَهَرَبَ أَبْشَالُومُ وَذَهَبَ إِلَى جَشُورَ وَكَانَ هُنَاكَ ثَلاَثَ سِنِينَ. ٣٩ وَكَانَ دَاوُدُ يَتُوقُ إِلَى ٱلْخُرُوجِ إِلَى أَبْشَالُومَ لأَنَّهُ تَعَزَّى عَنْ أَمْنُونَ حَيْثُ إِنَّهُ مَاتَ».
ع ٣٧ و٣٨ ص ١٨: ٢٤ ع ٣٤ ص ٣: ٣ ص ١٤: ٢٣ و٣٢ ع ٣٤ ص ١٢: ١٩ - ٢٣
وَهَرَبَ أَبْشَالُومُ إلى جدة تلماي ملك جشور. وكانت جشور شرقي الأردن قرب جبل حرمون وربما هي الجولان الشمالي واللجاه.
وَكَانَ دَاوُدُ يَتُوقُ إِلَى ٱلْخُرُوجِ إِلَى أَبْشَالُومَ (ع ٣٩) أي أحبه محبة شديدة (١٨: ٥ و٣٣) واشتاق إليه وأراد أن يذهب إليه ويرجع به إلى بيته ولكنه لم يقدر على ذلك لأن أبشالوم قتل أخاه أمنون بكر أولاد داود وولي عهده وصار هذا معروفاً مشهوراً فخاف الملك من قيل الشعب وقالهم أن رجع أبشالوم وعُفي عنه.
فوائد



  • كل امرء يطلب لنفسه الجمال وقليلون هم الذين ينتبهون إلى التجارب والأخطار المقترنة به.
  • من لا يقدر أن يضبط شهواته الجسدية سيهلك بها.
  • الصديق الصادق هو الذي يوبخنا على خطايانا ويحرّضنا على واجباتنا.
  • الوالد الذي يدلّل أولاده يطلب هلاكهم.
  • خطايا الوالدين تلجم ألسنتهم عن إنذار أولادهم وتربط أيديهم عن التأديب.
  • العشق والقتل شقيقان.




اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ عَشَرَ


١ - ٣ «١ وَعَلِمَ يُوآبُ ٱبْنُ صَرُويَةَ أَنَّ قَلْبَ ٱلْمَلِكِ عَلَى أَبْشَالُومَ. ٢ فَأَرْسَلَ يُوآبُ إِلَى تَقُوعَ وَأَخَذَ مِنْ هُنَاكَ ٱمْرَأَةً حَكِيمَةً وَقَالَ لَهَا: تَظَاهَرِي بِٱلْحُزْنِ وَٱلْبَسِي ثِيَابَ ٱلْحُزْنِ، وَلاَ تَدَّهِنِي بِزَيْتٍ بَلْ كُونِي كَٱمْرَأَةٍ لَهَا أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ وَهِيَ تَنُوحُ عَلَى مَيِّتٍ. ٣ وَٱدْخُلِي إِلَى ٱلْمَلِكِ وَكَلِّمِيهِ بِهٰذَا ٱلْكَلاَمِ. وَجَعَلَ يُوآبُ ٱلْكَلاَمَ فِي فَمِهَا».
ص ١٣: ٣٩ ص ٢٣: ٢٦ و٢أيام ١١: ٦ وعاموس ١: ١ و١ملوك ٢٠: ٣٥ - ٣٤ ص ١٢: ٢٠ ع ١٩
قَلْبَ ٱلْمَلِكِ عَلَى أَبْشَالُومَ (انظر ١٣: ٣٩) وتفسيره.
تَقُوعَ (ع ٢) مدينة ليهوذا قرب بيت لحم وإلى الجنوب الشرقي من أورشليم وتدعى الآن تقوعة وهي قرية عاموس النبي. كان يوآب من بيت لحم ولا شك أن الامرأة كانت معروفة عنده لأنها حكيمة شهيرة. جعل يوآب الكلام في فمها ولكنها احتاجت إلى حكمتها في إتمام الأمر بطريقة بسيطة حتى لا يدرك الملك الحيلة.
وَلاَ تَدَّهِنِي بِزَيْتٍ الدهن بالزيت من الأمور اللازمة للاعتناء بالجسد حسب العادات القديمة وتركه علامة الحزن (١٢: ٢٠). كان في كل مدينة شيوخ يسمعون الدعاوي ويحكمون بها (خروج ١٨: ٢٤ - ٢٦). كان الملك يسمع بعضها ويحكم فيها حسب استحسانه (١٢: ١ - ٦ و١٥: ١ - ٦). إن قصة المرأة الحكيمة طابقت قصة أبشالوم في الجوهر واختلفت عنها في الأحوال. والغاية أن الملك يحكم فيها قبلما يدرك المقصود منها ويربط نفسه فيلتزم أن يحكم في أمر أبشالوم كما حكم في أمر ابنها لأن للدعويين جوهراً واحداً.
٤ - ٧ «٤ وَكَلَّمَتِ ٱلْمَرْأَةُ ٱلتَّقُوعِيَّةُ ٱلْمَلِكَ وَخَرَّتْ عَلَى وَجْهِهَا إِلَى ٱلأَرْضِ وَسَجَدَتْ وَقَالَتْ: أَعِنْ أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ!. ٥ فَقَالَ لَهَا ٱلْمَلِكُ: مَا بَالُكِ؟ فَقَالَتْ: إِنِّي أَرْمَلَةٌ قَدْ مَاتَ رَجُلِي. ٦ وَلِجَارِيَتِكَ ٱبْنَانِ، فَتَخَاصَمَا فِي ٱلْحَقْلِ وَلَيْسَ مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا، فَضَرَبَ أَحَدُهُمَا ٱلآخَرَ وَقَتَلَهُ. ٧ وَهُوَذَا ٱلْعَشِيرَةُ كُلُّهَا قَدْ قَامَتْ عَلَى جَارِيَتِكَ وَقَالُوا: سَلِّمِي ضَارِبَ أَخِيهِ لِنَقْتُلَهُ بِنَفْسِ أَخِيهِ ٱلَّذِي قَتَلَهُ، فَنُهْلِكَ ٱلْوَارِثَ أَيْضاً. فَيُطْفِئُونَ جَمْرَتِي ٱلَّتِي بَقِيَتْ، وَلاَ يَتْرُكُونَ لِرَجُلِي ٱسْماً وَلاَ بَقِيَّةً عَلَى وَجْهِ ٱلأَرْضِ».
١صموئيل ٢٥: ٢٣ و٢ملوك ٦: ٢٦ - ٢٨ ع ٥ - ٢١ مع ص ١٢: ١ - ٧ عدد ٣٥: ١٩ وتثنية ١٩: ١٢ و١٣ متّى ٢١: ٣٨
ٱلْعَشِيرَةُ كُلُّهَا قَدْ قَامَتْ (ع ٧) (عدد ٣٥: ١٩ تثنية ١٩: ١٢ و١٣).
فَنُهْلِكَ ٱلْوَارِثَ إشارة إلى أن غايتهم في قتل الوارث أن يكون الميراث لهم (متّى ٢١: ٣٨).
فَيُطْفِئُونَ جَمْرَتِي شبهت الابن الباقي الوحيد بجمرة تضطرم منها النار وقالت أنهم يودون لغاية في النفس إطفاءها (١ملوك ١١: ٣٦ و٢ملوك ٨: ١٩).
٨ - ١١ «٨ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِلْمَرْأَةِ: ٱذْهَبِي إِلَى بَيْتِكِ وَأَنَا أُوصِي فِيكِ. ٩ فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ ٱلتَّقُوعِيَّةُ لِلْمَلِكِ: عَلَيَّ ٱلإِثْمُ يَا سَيِّدِي ٱلْمَلِكَ وَعَلَى بَيْتِ أَبِي، وَٱلْمَلِكُ وَكُرْسِيُّهُ نَقِيَّانِ. ١٠ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: إِذَا كَلَّمَكِ أَحَدٌ فَأْتِي بِهِ إِلَيَّ فَلاَ يَعُودَ يَمَسُّكِ بَعْدُ. ١١ فَقَالَتِ: ٱذْكُرْ أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ حَتَّى لاَ يُكَثِّرَ وَلِيُّ ٱلدَّمِ ٱلْقَتْلَ لِئَلاَّ يُهْلِكُوا ٱبْنِي. فَقَالَ: حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ إِنَّهُ لاَ تَسْقُطُ شَعْرَةٌ مِنْ شَعْرِ ٱبْنِكِ إِلَى ٱلأَرْضِ».
تكوين ٤٣: ٩ و١صموئيل ٢٥: ٢٤ و١ملوك ٢: ٣٣ عدد ٣٥: ١٩ و٢١ وتثنية ١٩: ٤ - ١٠ و١صموئيل ١٤: ٤٥ و١ملوك ١: ٥٢ ومتّى ١٠: ٣٠
وَأَنَا أُوصِي فِيكِ (ع ٨) أي وعدها بأنه يعمل لها حسب مطلوبها. ولم ينتبه إلى أنه بهذا الحكم حكم أيضاً في مسئلة أبشالوم.
عَلَيَّ ٱلإِثْمُ الإثم هو إلغاء الشريعة الموسوية غير أن ذلك جائزاً أحياناً لأجل الرحمة (تثنية ٩: ١٣ و١٢: ٧) وألحت على الملك حتى حلف لها فالتزم أن يحكم في أمر أبشالوم كما حكم في أمر ابنها.
١٢ - ١٧ «١٢ فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ: لِتَتَكَلَّمْ جَارِيَتُكَ كَلِمَةً إِلَى سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ. فَقَالَ: تَكَلَّمِي ١٣ فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ: وَلِمَاذَا ٱفْتَكَرْتَ بِمِثْلِ هٰذَا ٱلأَمْرِ عَلَى شَعْبِ ٱللّٰهِ؟ وَيَتَكَلَّمُ ٱلْمَلِكُ بِهٰذَا ٱلْكَلاَمِ كَمُذْنِبٍ بِمَا أَنَّ ٱلْمَلِكَ لاَ يَرُدُّ مَنْفِيَّهُ. ١٤ لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ نَمُوتَ وَنَكُونَ كَٱلْمَاءِ ٱلْمُهْرَاقِ عَلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّذِي لاَ يُجْمَعُ أَيْضاً. وَلاَ يَنْزِعُ ٱللّٰهُ نَفْساً بَلْ يُفَكِّرُ أَفْكَاراً حَتَّى لاَ يُطْرَدَ عَنْهُ مَنْفِيُّهُ. ١٥ وَٱلآنَ حَيْثُ إِنِّي جِئْتُ لأُكَلِّمَ ٱلْمَلِكَ سَيِّدِي بِهٰذَا ٱلأَمْرِ، لأَنَّ ٱلشَّعْبَ أَخَافَنِي، فَقَالَتْ جَارِيَتُكَ أُكَلِّمُ ٱلْمَلِكَ لَعَلَّ ٱلْمَلِكَ يَفْعَلُ كَقَوْلِ أَمَتِهِ. ١٦ لأَنَّ ٱلْمَلِكَ يَسْمَعُ لِيُنْقِذَ أَمَتَهُ مِنْ يَدِ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُهْلِكَنِي أَنَا وَٱبْنِي مَعاً مِنْ نَصِيبِ ٱللّٰهِ. ١٧ فَقَالَتْ جَارِيَتُكَ لِيَكُنْ كَلاَمُ سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ عَزَاءً، لأَنَّهُ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ إِنَّمَا هُوَ كَمَلاَكِ ٱللّٰهِ لِفَهْمِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ، وَٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ يَكُونُ مَعَكَ».
ص ١٢: ٧ و١ملوك ٢٠: ٤ - ٤٢ ص ١٣: ٣٧ و٣٨ أيوب ٣٠: ٢٣ و٣٤: ١٥ وعبرانيين ٩: ٢٧ مزمور ٥٨: ٧ عدد ٣٥: ١٥ و٢٥ و٢٨ تثنية ٣٢: ٩ و١صموئيل ٢٦: ١٩ ع ٢٠ وص ١٩: ٢٧ و١صموئيل ٢٩: ٩
لم يغتظ الملك منها إذ وجهت الكلام إلى أمر أبشالوم وظهرت غايتها لأنه كان يحب أن يرد منفيه أبشالوم إلا أنه لم ير لذلك طريقة وبكلامها شبهت شعب الله بالأم وأبشالوم بابنها والملك بولي الدم. ولا شك أن أبشالوم كان محبوباً عند الشعب (ع ٢٥ و١٥: ١ - ٦) الذين برأوه في قتله أمنون لأنه اغتضب ثامار وأرادوا الآن رجوع أبشالوم.
كَمُذْنِبٍ (ع ١٣) كان داود قد عفا عن ابن التقوعية فإن لم يعف نفس العفو عن أبشالوم يكون مذنباً.
لاَ بُدَّ أَنْ نَمُوتَ (ع ١٤) معناها أنه يجب أن نحتمل بعضنا بعضاً ونسامح بعضنا بعضاً ما دمنا معاً في هذا العالم وليس لنا وقت للغضب والقساوة لأن أيامنا قليلة فالأولى بنا أن نستخدمها كلها بما يفيد ويفرّح.
لاَ يَنْزِعُ ٱللّٰهُ نَفْساً لا بد من الموت الطبيعي في وقته المجهول ولكن الموت على سبيل القصاص قبل الأجل الطبيعي ليس مما يرضي الله أو يوافق مقاصده الحبية لأن الرحمة من صفات الله فيجب على الإنسان أن يرحم. وربما أشارت المرأة إلى رحمة الله لداود إذ لم يطرده حينما أخطأ. إن التقوعية تكلمت بما وافق غايتها وأما أبشالوم فلم يستحق الرجوع إلى أبيه كما ظهر جلياً بعد ذلك والله لا يُبرئ المذنب بل يجازي كل إنسان حسب أعماله إن لم يتب عنها.
لأَنَّ ٱلشَّعْبَ أَخَافَنِي (ع ١٥) أشارت إلى ولي الدم الطالب حياة ابنها وأشارت أيضاً إلى شعب إسرائيل الطالبين رجوع أبشالوم الذين يغتاظون منها إذا لم تنجح في مسعاها مع الملك.
كَلاَمُ سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ عَزَاءً (ع ١٧) حكمه في هذه المسألة يجعل نهاية للخصام.
مَلاَكِ ٱللّٰهِ اي مرسل من الله وله نعمة خاصة منه ليميز الخير من الشر ويحكم بالعدل.
١٨ - ٢٠ «١٨ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِلْمَرْأَةِ: لاَ تَكْتُمِي عَنِّي أَمْراً أَسْأَلُكِ عَنْهُ. فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ: لِيَتَكَلَّمْ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ. ١٩ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: هَلْ يَدُ يُوآبَ مَعَكِ فِي هٰذَا كُلِّهِ؟ فَأَجَابَتِ ٱلْمَرْأَةُ: حَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ يَا سَيِّدِي ٱلْمَلِكَ، لاَ يُحَادُ يَمِيناً أَوْ يَسَاراً عَنْ كُلِّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ، لأَنَّ عَبْدَكَ يُوآبَ هُوَ أَوْصَانِي وَهُوَ وَضَعَ فِي فَمِ جَارِيَتِكَ كُلَّ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ. ٢٠ لأَجْلِ تَحْوِيلِ وَجْهِ ٱلْكَلاَمِ فَعَلَ عَبْدُكَ يُوآبُ هٰذَا ٱلأَمْرَ، وَسَيِّدِي حَكِيمٌ كَحِكْمَةِ مَلاَكِ ٱللّٰهِ لِيَعْلَمَ كُلَّ مَا فِي ٱلأَرْضِ».
ع ٣ ع ١٧ وص ١٩: ٢٧
لِيَعْلَمَ كُلَّ مَا فِي ٱلأَرْضِ (ع ٢٠) في كلامها مدح ومبالغة كالعادة في مخاطبة العظماء.
٢١ - ٢٤ «٢١ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِيُوآبَ: هَئَنَذَا قَدْ فَعَلْتُ هٰذَا ٱلأَمْرَ، فَٱذْهَبْ رُدَّ ٱلْفَتَى أَبْشَالُومَ. ٢٢ فَسَقَطَ يُوآبُ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ وَسَجَدَ وَبَارَكَ ٱلْمَلِكَ، وَقَالَ يُوآبُ: ٱلْيَوْمَ عَلِمَ عَبْدُكَ أَنِّي قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ يَا سَيِّدِي ٱلْمَلِكَ إِذْ فَعَلَ ٱلْمَلِكُ قَوْلَ عَبْدِهِ. ٢٣ ثُمَّ قَامَ يُوآبُ وَذَهَبَ إِلَى جَشُورَ وَأَتَى بِأَبْشَالُومَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. ٢٤ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: لِيَنْصَرِفْ إِلَى بَيْتِهِ وَلاَ يَرَ وَجْهِي. فَٱنْصَرَفَ أَبْشَالُومُ إِلَى بَيْتِهِ وَلَمْ يَرَ وَجْهَ ٱلْمَلِكِ».
ع ١١ ص ١٣: ٣٧ و٣٨ ص ١٣: ٢٠
فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِيُوآبَ أجاب الملك يوآب لأن كلام المرأة هو كلامه.
وَسَجَدَ وَبَارَكَ ٱلْمَلِكَ (ع ٢٢) شكر يوآب للملك لأنه أناله سؤله. لا نستنتج من هذا أن يوآب أحب أبشالوم بل ربما كان الأمر بالعكس لأن يوآب هو الذي قتله (١٨: ١٤) ووبخ الملك على حزنه المفرط على أبشالوم (١٩: ٥ - ٧) ولكنه طلب الآن رجوعه لأنه رأى أن الانشقاق بين الملك وابنه ونفي مَنْ كان الشعب يحبونه لا يوافقان سياسة المملكة.
وَلاَ يَرَ وَجْهِي (ع ٢٤) (انظر ١٣: ٣٩) لعل الملك لم يستحسن رؤية وجهه لئلا يظهر للشعب أنه اجاز عمله في قتله أمنون ولكن في هذه السياسة خطراً لأن وجود أبشالوم في أورشليم والاتفاق غير تام بينه وبين أبيه كان من أسباب فتنته (ص ١٥) وربما كان أبشالوم محبوساً في بيته لا يؤذن له بالخروج منه. ويظن أن بثشبع لم ترد صلحاً بين الملك وأبشالوم لأنها كانت تطلب المُلك لابنها سليمان.
٢٥ - ٢٧ «٢٥ وَلَمْ يَكُنْ فِي كُلِّ إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ جَمِيلٌ وَمَمْدُوحٌ جِدّاً كَأَبْشَالُومَ، مِنْ بَاطِنِ قَدَمِهِ حَتَّى هَامَتِهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَيْبٌ. ٢٦ وَعِنْدَ حَلْقِهِ رَأْسَهُ، إِذْ كَانَ يَحْلِقُهُ فِي آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ، لأَنَّهُ كَانَ يَثْقُلُ عَلَيْهِ فَيَحْلِقُهُ، كَانَ يَزِنُ شَعْرَ رَأْسِهِ مِئَتَيْ شَاقِلٍ بِوَزْنِ ٱلْمَلِكِ. ٢٧ وَوُلِدَ لأَبْشَالُومَ ثَلاَثَةُ بَنِينَ وَبِنْتٌ وَاحِدَةٌ ٱسْمُهَا ثَامَارُ، وَكَانَتِ ٱمْرَأَةً جَمِيلَةَ ٱلْمَنْظَرِ».
تثنية ٢٨: ٢٥ وأيوب ٢: ٧ وإشعياء ١: ٦ حزقيال ٤٤: ٢٩ ص ١٨: ١٨ ص ١٣: ١
هذا مقدمة لما سيأتي في موضوع فتنة أبشالوم. السواد الأعظم من الناس ينظرون إلى الجمال الخارجي ولا يهتمون كثيراً بالصفات الأدبية والروحية.
مِئَتَيْ شَاقِلٍ (ع ٢٦) لا يُعرف تماماً ما هو الشاقل المذكور هنا. يقول بعضهم أن وزن الشعر كان نصف رطل ويقول غيرهم أنه رطل (اطلب أبشالوم في قاموس الكتاب). والخلاصة أن شعره كان غزيراً جداً وجميلاً وكان يدهنه بالأدهان ويضمخه بالروائح الطيبة كالعادة القديمة. وربما كان يزينه ببرادة الذهب مما زاد ثقله. وبما أن هذا الجمال جمال خارجي فقط بلا جمال قلبي فكان من أسباب هلاكه (١٨: ٩).
ثَلاَثَةُ بَنِينَ (ع ٢٧) ماتوا قبلما قُتل أبوهم (١٨: ١٨).
ثَامَارُ على اسم عمتها وكانت مثلها بارعة في الجمال (١٣: ١) والظاهر أنها تزوجت أوريئيل وابنتها معكة تزوجت رحبعام الملك (١ملوك ١٥: ٢ و٢أيام ١٣: ٢ و٢أيام ١١: ٢٠ - ٢٢).
٢٨ - ٣٣ «٢٨ وَأَقَامَ أَبْشَالُومُ فِي أُورُشَلِيمَ سَنَتَيْنِ وَلَمْ يَرَ وَجْهَ ٱلْمَلِكِ. ٢٩ فَأَرْسَلَ أَبْشَالُومُ إِلَى يُوآبَ لِيُرْسِلَهُ إِلَى ٱلْمَلِكِ فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ. ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضاً ثَانِيَةً فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَأْتِيَ. ٣٠ فَقَالَ لِعَبِيدِهِ: ٱنْظُرُوا. حَقْلَةَ يُوآبَ بِجَانِبِي، وَلَهُ هُنَاكَ شَعِيرٌ. ٱذْهَبُوا وَأَحْرِقُوهُ بِٱلنَّارِ. فَأَحْرَقَ عَبِيدُ أَبْشَالُومَ ٱلْحَقْلَةَ بِٱلنَّارِ. ٣١ فَقَامَ يُوآبُ وَجَاءَ إِلَى أَبْشَالُومَ إِلَى ٱلْبَيْتِ وَقَالَ لَهُ: لِمَاذَا أَحْرَقَ عَبِيدُكَ حَقْلَتِي بِٱلنَّارِ؟ ٣٢ فَقَالَ أَبْشَالُومُ لِيُوآبَ: هَئَنَذَا قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ قَائِلاً: تَعَالَ إِلَى هُنَا فَأُرْسِلَكَ إِلَى ٱلْمَلِكِ لِتَسْأَلَهُ: لِمَاذَا جِئْتُ مِنْ جَشُورَ؟ خَيْرٌ لِي لَوْ كُنْتُ بَاقِياً هُنَاكَ. فَٱلآنَ إِنِّي أَرَى وَجْهَ ٱلْمَلِكِ، وَإِنْ وُجِدَ فِيَّ إِثْمٌ فَلْيَقْتُلْنِي. ٣٣ فَجَاءَ يُوآبُ إِلَى ٱلْمَلِكِ وَأَخْبَرَهُ. وَدَعَا أَبْشَالُومَ فَأَتَى إِلَى ٱلْمَلِكِ وَسَجَدَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ قُدَّامَ ٱلْمَلِكِ، فَقَبَّلَ ٱلْمَلِكُ أَبْشَالُومَ».
ع ٢٤ قضاة ١٥: ٣ - ٥ و١صموئيل ٢٠: ٨ تكوين ٣٣: ٤ ولوقا ١٥: ٢٠
وَلَمْ يَرَ وَجْهَ ٱلْمَلِكِ (انظر ع ٢٤ وتفسيره).
فَأَرْسَلَ أَبْشَالُومُ إِلَى يُوآبَ (ع ٢٩) لعل أبشالوم لم يقدر أن يخرج من بيته.
فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَأْتِيَ لأنه خاف من غضب الملك ولم يستحسن المداخلة في أمر أبشالوم.
فَأَحْرَقَ عَبِيدُ أَبْشَالُومَ ٱلْحَقْلَةَ (ع ٣٠) ليحملوا يوآب على تلبية طلب أبشالوم. فعندما علم يوآب بالحريق غضب وذهب إلى بيت أبشالوم وبهذه الطريقة نال أبشالوم مطلوبه.
وَإِنْ وُجِدَ فِيَّ إِثْمٌ (ع ٣٢) لم يعتقد أبشالوم إن قتله أمنون كان إثماً والملك لم يحكم عليه ولم يبرئه وهذا لم يرض أبشالوم فطلب إما الحكم عليه أو تبرئته.
فَقَبَّلَه (ع ٣٣) علامة المصالحة (تكوين ٣٣: ٤ و٤٥: ١٥ ولوقا ١٥: ٢٠) ولكن ظهر من تصرُّف أبشالوم بعد ذلك أنه لم يصالح أباه من قلبه.
فوائد



  • إذا أردنا أن نحكم حكماً على عمل من أعمالنا فعلينا أن ننظر إلى ذات العمل في غيرنا.
  • كثيراً ما تكون المرأة أحكم من الرجل.
  • من لا يربي ابنه في الصغر يتعب منه في الكبر.
  • من لا يغفر لغيره من كل قلبه كمن لا يغفر مطلقاً.
  • بعض الناس يفتخرون بجمالهم الجسدي لأن ليس لهم شيء آخر يفتخرون به.




اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ عَشَرَ


١ «وَكَانَ بَعْدَ ذٰلِكَ أَنَّ أَبْشَالُومَ اتَّخَذَ مَرْكَبَةً وَخَيْلاً وَخَمْسِينَ رَجُلاً يَجْرُونَ قُدَّامَهُ».
١ملوك ١: ٥
بَعْدَ ذٰلِكَ الأرجح أنه بعد قليل من الزمان.
مَرْكَبَةً وَخَيْلاً كان استعمال الخيل قليلاً عند اليهود وأكثر استعمالها في الممالك الأخرى كان في الحرب.
خَمْسِينَ رَجُلاً قصد أبشالوم أن يظهر أمام الشعب كرجل عظيم ليعد الطريق ويصير ملكاً (١ملوك ١: ٥).
٢ - ٦ «٢ وَكَانَ أَبْشَالُومُ يُبَكِّرُ وَيَقِفُ بِجَانِبِ طَرِيقِ ٱلْبَابِ، وَكُلُّ صَاحِبِ دَعْوَى آتٍ إِلَى ٱلْمَلِكِ لأَجْلِ ٱلْحُكْمِ كَانَ أَبْشَالُومُ يَدْعُوهُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: مِنْ أَيَّةِ مَدِينَةٍ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: مِنْ أَحَدِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ عَبْدُكَ. ٣ فَيَقُولُ أَبْشَالُومُ لَهُ: ٱنْظُرْ. أُمُورُكَ صَالِحَةٌ وَمُسْتَقِيمَةٌ، وَلٰكِنْ لَيْسَ مَنْ يَسْمَعُ لَكَ مِنْ قِبَلِ ٱلْمَلِكِ. ٤ ثُمَّ يَقُولُ أَبْشَالُومُ: مَنْ يَجْعَلُنِي قَاضِياً فِي ٱلأَرْضِ فَيَأْتِيَ إِلَيَّ كُلُّ إِنْسَانٍ لَهُ خُصُومَةٌ وَدَعْوَى فَأُنْصِفَهُ؟ ٥ وَكَانَ إِذَا تَقَدَّمَ أَحَدٌ لِيَسْجُدَ لَهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيُمْسِكُهُ وَيُقَبِّلُهُ. ٦ وَكَانَ أَبْشَالُومُ يَفْعَلُ مِثْلَ هٰذَا ٱلأَمْرِ لِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ كَانُوا يَأْتُونَ لأَجْلِ ٱلْحُكْمِ إِلَى ٱلْمَلِكِ، فَٱسْتَرَقَ أَبْشَالُومُ قُلُوبَ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ».
ص ١٩: ٨ وراعوث ٤: ١ قضاة ٩: ١ - ٥ و٢٩ ص ١٤: ٣٣ و٢٠: ٩
يُبَكِّرُ حتى يمنع المتقاضين من الوصول إلى الملك.
طَرِيقِ ٱلْبَابِ باب المدينة وهو محل الاجتماع والمحاكم (١٩: ٨ وتكوين ١٩: ١ و٢٣: ١٠ و٣٤: ٢٠).
مِنْ أَحَدِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ عَبْدُكَ كان المدعي أو المدعى عليه يذكر من أي سبط هو ومن أية مدينة.
أُمُورُكَ صَالِحَةٌ (ع ٣) الخداع في هذا القول ظاهر لأنه حكم بلا فحص. ومن المستحيل أن أمور كل إنسان تكون صالحة ولو أتى خصم ذلك الرجل كان يقول له أبشالوم ذات القول.
لَيْسَ مَنْ يَسْمَعُ لَكَ مِنْ قِبَلِ ٱلْمَلِكِ لا يمكن أن الملك نفسه يسمع كل الدعاوي ويفحصها كما يجب ولعل داود لم يكن قد نظم أمور المحاكم ورتبها كما ينبغي لأن مملكته كانت اتسعت جداً في قليل من الزمان. والمحاكمة يلزمها وقت مهما كان اجتهاد الحاكم ولكن أبشالوم كان يعد كل واحد بالحكم له بلا عاقة مطلقاً.
يُمْسِكُهُ وَيُقَبِّلُهُ (ع ٥) تظاهر بالتواضع والمحبة ليظن كل إنسان أنه صديق أبشالوم الخاص حتى إذا ملك أبشالوم لا يرد ذلك الإنسان له طلباً.
فَٱسْتَرَقَ أَبْشَالُومُ قُلُوبَ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ (ع ٦) أي استمال قلوبهم وأخذ لنفسه المحبة والاحترام والطاعة التي كانت لأبيه الملك وجماله الجسدي ساعده في ذلك.
٧ - ٩ «٧ وَفِي نِهَايَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ أَبْشَالُومُ لِلْمَلِكِ: دَعْنِي فَأَذْهَبَ وَأُوفِيَ نَذْرِي ٱلَّذِي نَذَرْتُهُ لِلرَّبِّ فِي حَبْرُونَ، ٨ لأَنَّ عَبْدَكَ نَذَرَ نَذْراً عِنْدَ سُكْنَايَ فِي جَشُورَ فِي أَرَامَ قَائِلاً: إِنْ أَرْجَعَنِي ٱلرَّبُّ إِلَى أُورُشَلِيمَ فَإِنِّي أَعْبُدُ ٱلرَّبَّ. ٩ فَقَالَ لَهُ ٱلْمَلِكُ: ٱذْهَبْ بِسَلاَمٍ. فَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى حَبْرُونَ».
ص ٣: ٢ و٣ ص ١٣: ٣٧ و٣٨ تكوين ٢٨: ٢٠ و٢١
وَفِي نِهَايَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً كان عمر أبشالوم كله أقل من أربعين سنة. ذهب أحد المفسرين أن هذه الأربعين سنة تبتدئ بعد مسح داود الأول (١صموئيل ١٦: ١). ولكننا لا نرى علاقة بين مسح داود في بيت لحم وذهاب أبشالوم إلى حبرون، لذلك قال أكثر المفسرين بوقوع غلط في الكتابة والصواب أربع سنين وهذا رأي يوسيفوس أيضاً وبعض الترجمات القديمة. وبداءة هذه السنين الأربع وقت مصالحته أباه وهي المدة التي فيها استمال قلوب إسرائيل وأعد الطريق لفتنته.
نَذْرِي لم يظهر أبشالوم كثيراً من التقوى لا قبل ذهابه إلى جشور ولا بعد رجوعه إلى أورشليم والأرجح أن كلامه لأبيه خداع ورياء. وقال أبشالوم لأبيه أنه نذر أنه إذا أرجعه الرب إلى أورشليم فإنه يعبده. لذلك يود أن تكون بداءة هذه العبادة تقديم ذبيحة للرب في حبرون علامة شكره له كذبيحة يعقوب بعد رجوعه إلى أرض كنعان (تكوين ٢٨: ٢٠ - ٢٢ و٣٥: ٣).
حَبْرُونَ كانت حبرون إحدى مدن يهوذا ومولد أبشالوم فظن أنه يجد فيها أعظم مساعدة في فتنته. وكان سبط يهوذا تحسده بقية الأسباط بعض الحسد وربما ازداد هذا الحسد عند انتقال داود من حبرون إلى أورشليم لأن يهوذا كان يطلب الرئاسة لنفسه.
١٠ - ١٢ «١٠ وَأَرْسَلَ أَبْشَالُومُ جَوَاسِيسَ فِي جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: إِذَا سَمِعْتُمْ صَوْتَ ٱلْبُوقِ فَقُولُوا: قَدْ مَلَكَ أَبْشَالُومُ فِي حَبْرُونَ! ١١ وَٱنْطَلَقَ مَعَ أَبْشَالُومَ مِئَتَا رَجُلٍ مِنْ أُورُشَلِيمَ قَدْ دُعُوا وَذَهَبُوا بِبَسَاطَةٍ، وَلَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ شَيْئاً. ١٢ وَأَرْسَلَ أَبْشَالُومُ إِلَى أَخِيتُوفَلَ ٱلْجِيلُونِيِّ مُشِيرِ دَاوُدَ مِنْ مَدِينَتِهِ جِيلُوهَ إِذْ كَانَ يَذْبَحُ ذَبَائِحَ. وَكَانَتِ ٱلْفِتْنَةُ شَدِيدَةً وَكَانَ ٱلشَّعْبُ لاَ يَزَالُ يَتَزَايَدُ مَعَ أَبْشَالُومَ».
١ملوك ١: ٣٤ و٢ملوك ٩: ١٣ و١صموئيل ٩: ١٣ و١صموئيل ٢٢: ١٥ ع ٣١ يشوع ١٥: ٥١ مزمور ٣: ١
جَوَاسِيسَ سُمي المرسلون جواسيس لأن عملهم كان سرياً. والغاية أن ينادى بتملك أبشالوم في جميع أسباط إسرائيل في وقت واحد (٢٠: ١ و١ملوك ١: ٣٤ و٢ملوك ٩: ١٣).
مِئَتَا رَجُلٍ (ع ١١) ربما كانوا من العظماء. ذهبوا إلى حبرون مدعوين لأجل الذبيحة غير عارفين قصد أبشالوم السري. وظن أبشالوم أن وجودهم في حبرون في وقت الفتنة يحمل الشعب على الظن أنهم من الفاتنين. ولعله ظن أنه يقدر أن يقنعهم بعد وصولهم إلى حبرون ويبيّن لهم صعوبة رجوعهم إلى أورشليم. وإذا لم يقتنعوا يسجنهم.
أَخِيتُوفَلَ ٱلْجِيلُونِيِّ (ع ١٢) جيلوه إحدى مدن يهوذا إلى جهة الجنوب الغربي من حبرون. كان أليعام بن أخيتوفل أحد أبطال داود (٢٣: ٣٤). وكانت بثشبع ابنة أليعام (١١: ٣) وربما كان أبوها أليعام ابن أخيتوفل فرأى بعضهم في ذلك سبباً لانحيازه إلى أبشالوم لأن داود أخطأ إلى حفيدته. ولعل السبب الحقيقي أن أخيتوفل من سبط يهوذا وكان يهوذا طالباً الرئاسة بواسطة أبشالوم وتوقع أخيتوفل نجاح أبشالوم إذا عمل حسب مشورته وأراد أن يكون مع الناجحين. وربما كان أخيتوفل هو المشار إليه في (مزمور ٤١: ٩ ويوحنا ١٣: ١٨) وهو أشبه بيهوذا الاسخريوطي في خيانته وكيفية موته.
١٣ - ١٧ «١٣ فَأَتَى مُخَبِّرٌ إِلَى دَاوُدَ قَائِلاً: إِنَّ قُلُوبَ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ صَارَتْ وَرَاءَ أَبْشَالُومَ. ١٤ فَقَالَ دَاوُدُ لِجَمِيعِ عَبِيدِهِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ فِي أُورُشَلِيمَ: قُومُوا بِنَا نَهْرُبُ، لأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا نَجَاةٌ مِنْ وَجْهِ أَبْشَالُومَ. أَسْرِعُوا لِلذَّهَابِ لِئَلاَّ يُبَادِرَ وَيُدْرِكَنَا وَيُنْزِلَ بِنَا ٱلشَّرَّ وَيَضْرِبَ ٱلْمَدِينَةَ بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ. ١٥ فَقَالَ عَبِيدُ ٱلْمَلِكِ لِلْمَلِكِ: حَسَبَ كُلِّ مَا يَخْتَارُهُ سَيِّدُنَا ٱلْمَلِكُ نَحْنُ عَبِيدُهُ. ١٦ فَخَرَجَ ٱلْمَلِكُ وَجَمِيعُ بَيْتِهِ وَرَاءَهُ. وَتَرَكَ ٱلْمَلِكُ عَشَرَ نِسَاءٍ سَرَارِيَّ لِحِفْظِ ٱلْبَيْتِ. ١٧ وَخَرَجَ ٱلْمَلِكُ وَكُلُّ ٱلشَّعْبِ فِي أَثَرِهِ وَوَقَفُوا عِنْدَ ٱلْبَيْتِ ٱلأَبْعَدِ».
ع ٦ وقضاة ٩: ٣ ص ١٢: ١١ وعنوان مزمور ٣ ص ١٦: ٢١ و٢٢
نَهْرُبُ، لأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا نَجَاةٌ (ع ١٤) لعله تذكر خطيئته وقول الرب له هأنذا أقيم عليك الشر من بيتك (١٢: ١١) وظن أن الرب قد فارقه. أو أشفق على مدينة أورشليم ولم يرد أنها تُخرب ويُقتل أهلها بسببه. وظهر أخيراً أن داود أصاب في رأيه لأنه صار له وقت كاف ليجمع شعبه ويستعد لمحاربة أبشالوم.
وَقَفُوا عِنْدَ ٱلْبَيْتِ ٱلأَبْعَدِ (ع ١٧) أي آخر بيت من بيوت المدينة إلى جهة الشرق على طريق وادي قدرون. إذا راجعنا المزامير التي ألّفها داود في تلك الأيام أيام الضيق والخوف نتبين أفكار قلبه واتكاله على الله. وإيمانه هذا مثل لشعب الله في كل القرون (مزمور ٣ و٤ و٢٧ و٤١ و٥٥ و٦٠ و٦٢ و٦٣).
١٨ - ٢٣ «١٨ وَجَمِيعُ عَبِيدِهِ كَانُوا يَعْبُرُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَعَ جَمِيعِ ٱلْجَلاَّدِينَ وَٱلسُّعَاةِ وَجَمِيعُ ٱلْجَتِّيِّينَ، سِتُّ مِئَةِ رَجُلٍ أَتَوْا وَرَاءَهُ مِنْ جَتَّ، وَكَانُوا يَعْبُرُونَ بَيْنَ يَدَيِ ٱلْمَلِكِ. ١٩ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لإِتَّايَ ٱلْجَتِّيِّ: لِمَاذَا تَذْهَبُ أَنْتَ أَيْضاً مَعَنَا؟ اِرْجِعْ وَأَقِمْ مَعَ ٱلْمَلِكِ لأَنَّكَ غَرِيبٌ وَمَنْفِيٌّ أَيْضاً مِنْ وَطَنِكَ. ٢٠ أَمْساً جِئْتَ وَٱلْيَوْمَ أُتِيهُكَ بِٱلذَّهَابِ مَعَنَا وَأَنَا أَنْطَلِقُ إِلَى حَيْثُ أَنْطَلِقُ؟ اِرْجِعْ وَرَجِّعْ إِخْوَتَكَ. ٱلرَّحْمَةُ وَٱلْحَقُّ مَعَكَ. ٢١ فَأَجَابَ إِتَّايُ ٱلْمَلِكَ: حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ وَحَيٌّ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ، إِنَّهُ حَيْثُمَا كَانَ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ إِنْ كَانَ لِلْمَوْتِ أَوْ لِلْحَيَاةِ فَهُنَاكَ يَكُونُ عَبْدُكَ أَيْضاً. ٢٢ فَقَالَ دَاوُدُ لإِتَّايَ: ٱذْهَبْ وَٱعْبُرْ. فَعَبَرَ إِتَّايُ ٱلْجَتِّيُّ وَجَمِيعُ رِجَالِهِ وَجَمِيعُ ٱلأَطْفَالِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ. ٢٣ وَكَانَتْ جَمِيعُ ٱلأَرْضِ تَبْكِي بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ يَعْبُرُونَ. وَعَبَرَ ٱلْمَلِكُ فِي وَادِي قَدْرُونَ وَعَبَرَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ نَحْوَ طَرِيقِ ٱلْبَرِّيَّةِ».
ص ٨: ١٨ و١صموئيل ٢٣: ١٣ و٢٥: ١٣ و٣٠: ١ و٩ ص ١٨: ٢ و١صموئيل ٢٣: ١٣ ص ٢: ٦ راعوث ١: ١٦ و١٧ و١ملوك ١٥: ١٣ و٢أيام ٢٩: ١٦ ع ٢٨ وص ١٦: ٢
بَيْنَ يَدَيْهِ كان داود قائداً محنكاً فنظم الجيش ورتب سيرهم كأنهم في ساحة الحرب.
ٱلْجَلاَّدِينَ وَٱلسُّعَاةِ (انظر ٨: ١٨ وتفسيره).
ٱلْجَتِّيِّينَ إن داود عند هربه من شاول سكن في جت ونظم جيشاً من ست مئة جندي وأقام إتاي قائداً لهم ودام مع داود جيش من الجتيين حتى صار ملكاً في أورشليم. ويُظن أن هذا الجيش هو نفس الجيش الذي كان معه أولاً وعدده ست مئة (١صموئيل ٢٣: ١٣ و٢٥: ١٣ و٢٧: ٢ و٢صموئيل ٢: ٣ و٥: ٦). كانوا أولاً من الإسرائيليين (١صموئيل ٢٢: ٢) ثم دخل بينهم بعض الجتيين وأخيراً صاروا كلهم جتيين. وهذا ما فسره يوسيفوس وبعض العلماء في أيامنا وهو من المحتمل ولكننا لا نقدر أن نثبته.
فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لإِتَّايَ الخ (ع ١٩) هذا كلام وجيه يليق بملك كداود. فإنه في ضيقه لم يفتكر بنفسه ولم يرد أن يجبر أحداً على نصره أو يسخر أحداً لمساعدته.
أَقِمْ مَعَ ٱلْمَلِكِ أي أبشالوم وداود سماه ملكاً لكي يمتحن إتاي ويخيره بين الاثنين الملك القديم والملك الجديد.
أَمْساً جِئْتَ وَٱلْيَوْمَ أُتِيهُكَ (ع ٢٠) استفهام إنكاري ومعناه أنه لا يليق به أن يكلف إتاي أن يخرج معه إلى الحرب أو يطلب منه أن يحتمل الأتعاب والمخاطر التي تُطلب من بني إسرائيل.
فَأَجَابَ إِتَّايُ كانت أمانة إتاي معادلة لكرم داود. خدم إتاي الملك نفسه في الرخاء وفي الضيق خدمة قلبية بلا غاية نفسية حتى الموت وكان خلاً وفياً لداود. وخطابه لداود أشبه بخطاب راعوث لنعمي (راعوث ١: ١٦ و١٧) وإتاي هذا هو غير إتاي المذكور في (٢٣: ٢٩ و١أيام ١١: ٣١) الذي كان من جبعة بني بنيامين وكان أحد أبطال داود.
جَمِيعُ ٱلأَرْضِ (ع ٢٣) أي سكان الأرض تمييزاً لهم عن الشعب الذين أتوا مع داود من أورشليم وبكوا لأن داود ملكهم منذ نحو ثلاثين سنة وهو الذي خلّصهم من أعدائهم وكان رئيسهم في عبادة الرب.
وَادِي قَدْرُونَ بين أورشليم وجبل الزيتون وليس فيه ماء إلا في فصل الشتاء. ويسوع عبر هذا الوادي عندما ذهب إلى جثسيماني (يوحنا ١٨: ١) (اطلب قدرون في قاموس الكتاب).
٢٤ - ٢٩ «٢٤ وَإِذَا بِصَادُوقَ أَيْضاً وَجَمِيعُ ٱللاَّوِيِّينَ مَعَهُ يَحْمِلُونَ تَابُوتَ عَهْدِ ٱللّٰهِ. فَوَضَعُوا تَابُوتَ ٱللّٰهِ، وَصَعِدَ أَبِيَاثَارُ حَتَّى ٱنْتَهَى جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ مِنَ ٱلْعُبُورِ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ. ٢٥ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِصَادُوقَ: أَرْجِعْ تَابُوتَ ٱللّٰهِ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ، فَإِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ فَإِنَّهُ يُرْجِعُنِي وَيُرِينِي إِيَّاهُ وَمَسْكَنَهُ. ٢٦ وَإِنْ قَالَ: إِنِّي لَمْ أُسَرَّ بِكَ، فَهٰئَنَذَا. فَلْيَفْعَلْ بِي حَسْبَمَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ. ٢٧ ثُمَّ قَالَ ٱلْمَلِكُ لِصَادُوقَ ٱلْكَاهِنِ: أَأَنْتَ رَاءٍ؟ فَٱرْجِعْ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ بِسَلاَمٍ أَنْتَ وَأَخِيمَعَصُ ٱبْنُكَ وَيُونَاثَانُ بْنُ أَبِيَاثَارَ. ٱبْنَاكُمَا كِلاَهُمَا مَعَكُمَا. ٢٨ ٱنْظُرُوا. أَنِّي أَتَوَانَى فِي سُهُولِ ٱلْبَرِّيَّةِ حَتَّى تَأْتِيَ كَلِمَةٌ مِنْكُمْ لِتَخْبِيرِي. ٢٩ فَأَرْجَعَ صَادُوقُ وَأَبِيَاثَارُ تَابُوتَ ٱللّٰهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَقَامَا هُنَاكَ».
ص ٨: ١٧ و٢٠: ٢٥ عدد ٤: ١٥ و١صموئيل ٤: ٤ و٥ و١صموئيل ٢٢: ٢٠ مزمور ٤٣: ٣ خروج ١٥: ١٣ وإرميا ٢٥: ٣٠ ص ٢٢: ٢٠ وعدد ١٤: ٨ و١صموئيل ٣: ١٨ و١صموئيل ٩: ٦ - ٩ ص ١٧: ١٧ ص ١٧: ١٧ ويشوع ٥: ١٠
صَادُوقَ - أبياثار (انظر ٨: ١٧ وتفسيره). لا نعلم أين وضعوا التابوت قبل عبورهم الوادي. وصعد أبياثار ولا يُقال إلى أين صعد ولعله صعد إلى جبل الزيتون ليرى الشعب القادمين من المدينة العابرين الوادي ثم نزل إلى مكان التابوت وأرجعه هو وصادوق واللاويون إلى المدينة حسب أمر داود لأنه لم يستحسن حمل التابوت معه لئلا يصيبه مكروه ولم يستصعب رجوعه إلى أورشليم لأن إيمانه بالله واتكاله عليه لا على التابوت.
إِيَّاهُ وَمَسْكَنَهُ (ع ٢٥) رجا داود أن الرب يرجعه إلى أورشليم ويريه التابوت ومسكنه أي مسكن الرب مدينة أورشليم لا سيما خيمة الاجتماع (خروج ١٥: ١٣ و١ملوك ٨: ٢٧ ومزمور ٤٣: ٣).
فَلْيَفْعَلْ بِي حَسْبَمَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ (ع ٢٦) قوله يدل على التسليم الحقيقي لإرادة الرب مع الشعور بخطاياه وعدم استحقاقه.
أَأَنْتَ رَاءٍ (ع ٢٧) في (إرميا ١: ١١) «ماذا أنت راء يا إرميا» وفي (عاموس ٧: ٨) «ما أنت راء يا عاموس». ومعنى سؤال داود أأنت راء الأمور الحادثة؟ أنعم النظر فيها وإذا رأيت شيئاً يهمني أخبرني بواسطة أخيمعص ويوناثان. كان صادوق كاهناً ولم يسم نبياً أو رائياً.
سُهُولِ ٱلْبَرِّيَّةِ (ع ٢٨) أي وادي الأردن بقرب اريحا وسُمّيت عربات أريحا في (يشوع ٥: ١٠) والكلمة المترجمة سهول (عربوث) مثبتة في الحاشية وأما كلمة المتن في التوراة العبرانية فهي عبروث أي مخاوض. والأرجح أن مخاوض الأردن هي المكان الذي توانى داود فيه لأن عبور الأردن صعب ومخطر جداً فقصد أن يجمع شعبه ويستعد استعداداً كافياً ليعبر بسرعة عندما يأتيه نبأ من أورشليم. ولم يرد أن جيش أبشالوم يلحقهم قبل عبورهم لئلا يكونوا بين خطرين أبشالوم من ورائهم والأردن من أمامهم.
٣٠ - ٣٧ «٣٠ وَأَمَّا دَاوُدُ فَصَعِدَ فِي مَصْعَدِ جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ. كَانَ يَصْعَدُ بَاكِياً وَرَأْسُهُ مُغَطَّى وَيَمْشِي حَافِياً، وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ غَطَّوْا كُلُّ وَاحِدٍ رَأْسَهُ، وَكَانُوا يَصْعَدُونَ وَهُمْ يَبْكُونَ. ٣١ وَأُخْبِرَ دَاوُدُ إِنَّ أَخِيتُوفَلَ بَيْنَ ٱلْفَاتِنِينَ مَعَ أَبْشَالُومَ، فَقَالَ دَاوُدُ: حَمِّقْ يَا رَبُّ مَشُورَةَ أَخِيتُوفَلَ. ٣٢ وَلَمَّا وَصَلَ دَاوُدُ إِلَى ٱلْقِمَّةِ حَيْثُ سَجَدَ لِلّٰهِ، إِذَا بِحُوشَايَ ٱلأَرْكِيِّ قَدْ لَقِيَهُ مُمَزَّقَ ٱلثَّوْبِ وَٱلتُّرَابُ عَلَى رَأْسِهِ. ٣٣ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: إِذَا عَبَرْتَ مَعِي تَكُونُ عَلَيَّ حِمْلاً. ٣٤ وَلٰكِنْ إِذَا رَجَعْتَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ وَقُلْتَ لأَبْشَالُومَ: أَنَا أَكُونُ عَبْدَكَ أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ. أَنَا عَبْدُ أَبِيكَ مُنْذُ زَمَانٍ وَٱلآنَ أَنَا عَبْدُكَ. فَإِنَّكَ تُبْطِلُ لِي مَشُورَةَ أَخِيتُوفَلَ. ٣٥ أَلَيْسَ مَعَكَ هُنَاكَ صَادُوقُ وَأَبِيَاثَارُ ٱلْكَاهِنَانِ. فَكُلُّ مَا تَسْمَعُهُ مِنْ بَيْتِ ٱلْمَلِكِ فَأَخْبِرْ بِهِ صَادُوقَ وَأَبِيَاثَارَ ٱلْكَاهِنَيْنِ. ٣٦ هُوَذَا هُنَاكَ مَعَهُمَا ٱبْنَاهُمَا أَخِيمَعَصُ لِصَادُوقَ وَيُونَاثَانُ لأَبِيَاثَارَ. فَتُرْسِلُونَ عَلَى أَيْدِيهِمَا إِلَيَّ كُلَّ كَلِمَةٍ تَسْمَعُونَهَا. ٣٧ فَأَتَى حُوشَايُ صَاحِبُ دَاوُدَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ وَأَبْشَالُومُ يَدْخُلُ أُورُشَلِيمَ».
أستير ٦: ١٢ وإشعياء ٢: ٢ - ٤ وحزقيال ٢٤: ١٧ و٢٣ ع ١٢ ص ١٦: ٢٣ و١٧: ١٤ و٢٣ يشوع ١٦: ٢ ص ١٩: ٣٥ ص ١٦: ١٩ ص ١٧: ١٥ و١٦ ع ٢٧ ص ١٧: ١٧ ص ١٦: ١٦ و١أيام ٢٧: ٣٣ ص ١٦: ١٥
جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ بالأصل مصعد الزيتون فقط والكلمة جبل تفسيرية. وفي (زكريا ١٤: ٤) جبل الزيتون. وهذا الجبل شرقي أورشليم وقمته على بعد نحو ميل منها. وفي العهد الجديد كان جبل الزيتون موضعاً مألوفاً عند يسوع كان فيه بيت عنيا ومنه أشرف يسوع على أورشليم وبكى وفي بستان عند سفحه صلى قبلما أُسلم ومن قمته صعد إلى السماء (قاموس الكتاب). وتغطية الرأس علامة الحزن. ستر الملك وجهه حينما بكى على أبشالوم (١٩: ٤) وهامان غطى رأسه من خجله عندما ارتفع مردخاي (أستير ٦: ١٢) والحفا علامة الاتضاع فتأثر جميع الشعب عندما رأوا ذلك كله من ملكهم المحبوب.
أَخِيتُوفَلَ بَيْنَ ٱلْفَاتِنِينَ (ع ٣١) تأثر من هذا النبإ لأن أخيتوفل كان من أفضل أصدقائه ولعله المشار إليه في (مزمور ٤١: ٩) «رَجُلُ سَلاَمَتِي، ٱلَّذِي وَثَقْتُ بِهِ، آكِلُ خُبْزِي، رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ». واشتهر أخيتوفل بحكمته والحكمة في الحرب أعظم قوة وصار أبشالوم مخيفاً وإن كان جاهلاً لأنه اتخذ أخيتوفل مشيراً له. والله استجاب لصلاة داود كما سنرى إذ رُفضت مشورته الحسنة (١٧: ١٤).
ٱلْقِمَّةِ حَيْثُ سَجَدَ لِلّٰهِ (ع ٣٢) الظاهر أنه كان في قمة الجبل معبد للسجود لله قبل إقامة العبادة في أورشليم.
حُوشَايَ ٱلأَرْكِيِّ كان تخم الأركيين جنوبي أفرايم (يشوع ١٦: ٢) ولعل أرك الحديثة الواقعة على هذا التخم هي مسقط رأس حوشاي الذي يُظن أنه كان غائباً عن أورشليم لما هجرها داود فتبعه حالما وصل الخبر إليه.
مُمَزَّقَ ٱلثَّوْبِ بالعبراني كتنه أي الثوب الداخلي أو القميص وتمزيقه يدل على حزن أعظم من تمزيق الثوب الخارجي.
إِذَا عَبَرْتَ مَعِي تَكُونُ عَلَيَّ حِمْلاً (ع ٣٣) كان حوشاي صديقه ومشيره منذ زمان ولعله كان شيخاً لا يقدر أن يحتمل مشقات السفر مع داود.
فَإِنَّكَ تُبْطِلُ لِي مَشُورَةَ أَخِيتُوفَلَ (ع ٣٤) أظهر داود حكمته بهذا الرأي لأنه عرف أن أبشالوم لا يقدر أن يعمل شيئاً بلا مشورة ولا يقدر أن يميز بين الحسن وما يظهر أنه حسن فيسمع إلى كلام كل من يملقه ويعظمه. وكان لداود ثقة بحوشاي أنه يكون أميناً له وقادراً على تنفيذ هذا الرأي. بعضهم يبررون داود وحوشاي ويقولون أن الكذب ضروري في وقت الحرب والقتل والنهب. ويقول غيرهم استناداً على آيات الكتاب الصريحة أن الكذب لا يجوز مطلقاً.
فوائد



  • قبل الكسر الكبرياء (ع ١).
  • الوعد هيّن على الكذاب (ع ٢).
  • الجاهل يطلب الرئاسة ولا يعرف ما يقترن بها من الواجبات (ع ٤).
  • مما يجذب الناس الإصغاء إلى كلامهم والاهتمام بأمورهم (ع ٣).
  • قد تكون السرقة سرقة مقام غيرنا وصيته لا أمواله فقط (ع ٦).
  • من يتظاهر بالتقوى ليستر خبثه يخطئ إلى الله والناس (ع ٧).
  • الكثرة لا تثبت الحق (ع ١٢).
  • من الحكمة أحياناً التسليم للظلم (ع ١٤).
  • كل صالح يهتم بنفع غيره (ع ١٤ و١٩ و٢٥ و٣٢).
  • الصديق يحب في كل وقت (ع ٢١).
  • يُسجد لله في كل مكان ولو لم يكن من معبد (ع ٢٥ و٣٢).




اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ عَشَرَ


١ - ٤ «١ وَلَمَّا عَبَرَ دَاوُدُ قَلِيلاً عَنِ ٱلْقِمَّةِ إِذَا بِصِيبَا غُلاَمِ مَفِيبُوشَثَ قَدْ لَقِيَهُ بِحِمَارَيْنِ مَشْدُودَيْنِ، عَلَيْهِمَا مِئَتَا رَغِيفِ خُبْزٍ وَمِئَةُ عُنْقُودِ زَبِيبٍ وَمِئَةُ قُرْصِ تِينٍ وَزِقُّ خَمْرٍ. ٢ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِصِيبَا: مَا لَكَ وَهٰذِهِ؟ فَقَالَ صِيبَا: ٱلْحِمَارَانِ لِبَيْتِ ٱلْمَلِكِ لِلرُّكُوبِ، وَٱلْخُبْزُ وَٱلتِّينُ لِلْغِلْمَانِ لِيَأْكُلُوا، وَٱلْخَمْرُ لِيَشْرَبَهُ مَنْ أَعْيَا فِي ٱلْبَرِّيَّةِ. ٣ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: وَأَيْنَ ٱبْنُ سَيِّدِكَ؟ فَقَالَ صِيبَا لِلْمَلِكِ: هُوَذَا هُوَ مُقِيمٌ فِي أُورُشَلِيمَ، لأَنَّهُ قَالَ: ٱلْيَوْمَ يَرُدُّ لِي بَيْتُ إِسْرَائِيلَ مَمْلَكَةَ أَبِي. ٤ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِصِيبَا: هُوَذَا لَكَ كُلُّ مَا لِمَفِيبُوشَثَ. فَقَالَ صِيبَا: سَجَدْتُ! لَيْتَنِي أَجِدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ يَا سَيِّدِي ٱلْمَلِكَ».
ص ١٥: ٣٢ ص ٩: ٢ - ١٣ و١صموئيل ٢٥: ١٨ قضاة ١٠: ٤ ص ١٧: ٢٩ ص ٩: ٩ و١٠ ص ١٩: ٢٦ و٢٧
عَنِ ٱلْقِمَّةِ قمة جبل الزيتون (١٥: ٣٢).
صِيبَا (انظر ٩: ٢ - ١٣). كان حكيماً ورأى أن الانتصار سيكون لداود وقصد أن يأخذ لنفسه أملاك مفيبوشث.
مِئَتَا رَغِيفِ خُبْزٍ انظر مقدمة أبيجائيل (١صموئيل ٢٥: ١٨).
ٱبْنُ سَيِّدِكَ (ع ٣) كان شاول سيد صيبا وكان مفيبوشث حفيد شاول.
يَرُدُّ لِي بَيْتُ إِسْرَائِيلَ مَمْلَكَةَ أَبِي قول صيبا لا يُصدق لأن مفيبوشث كان أعرج ولم يظهر شيئاً من الطمع في المُلك ولم يكن له أمل بالنجاح لو طلب المُلك. وأما داود فكان في ذلك الوقت مهتماً بأمور كثيرة فحكم بالعجلة. واغتاظ لأنه كان قد عمل معروفاً مع مفيبوشث وأعطاه أملاكاً وأجلسه إلى مائدته فوجده حسب قول صيبا خائناً ومنكراً للجميل.
٥ - ١٤ «٥ وَلَمَّا جَاءَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ إِلَى بَحُورِيمَ إِذَا بِرَجُلٍ خَارِجٍ مِنْ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَةِ بَيْتِ شَاوُلَ ٱسْمُهُ شَمْعِي بْنُ جِيرَا، يَسُبُّ وَهُوَ يَخْرُجُ، ٦ وَيَرْشُقُ بِٱلْحِجَارَةِ دَاوُدَ وَجَمِيعَ عَبِيدِ ٱلْمَلِكِ دَاوُدَ وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ وَجَمِيعُ ٱلْجَبَابِرَةِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. ٧ وَهٰكَذَا كَانَ شَمْعِي يَقُولُ فِي سَبِّهِ: ٱخْرُجِ ٱخْرُجْ يَا رَجُلَ ٱلدِّمَاءِ وَرَجُلَ بَلِيَّعَالَ! ٨ قَدْ رَدَّ ٱلرَّبُّ عَلَيْكَ كُلَّ دِمَاءِ بَيْتِ شَاوُلَ ٱلَّذِي مَلَكْتَ عِوَضاً عَنْهُ، وَقَدْ دَفَعَ ٱلرَّبُّ ٱلْمَمْلَكَةَ لِيَدِ أَبْشَالُومَ ٱبْنِكَ، وَهَا أَنْتَ وَاقِعٌ بِشَرِّكَ لأَنَّكَ رَجُلُ دِمَاءٍ! ٩ فَقَالَ أَبِيشَايُ ٱبْنُ صَرُويَةَ لِلْمَلِكِ: لِمَاذَا يَسُبُّ هٰذَا ٱلْكَلْبُ ٱلْمَيِّتُ سَيِّدِي ٱلْمَلِكَ؟ دَعْنِي أَعْبُرْ فَأَقْطَعَ رَأْسَهُ. ١٠ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: مَا لِي وَلَكُمْ يَا بَنِي صَرُويَةَ؟ دَعُوهُ يَسُبَّ لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَالَ لَهُ: سُبَّ دَاوُدَ. وَمَنْ يَقُولُ: لِمَاذَا تَفْعَلُ هٰكَذَا؟ ١١ وَقَالَ دَاوُدُ لأَبِيشَايَ وَلِجَمِيعِ عَبِيدِهِ: هُوَذَا ٱبْنِي ٱلَّذِي خَرَجَ مِنْ أَحْشَائِي يَطْلُبُ نَفْسِي، فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ ٱلآنَ بِنْيَامِينِيٌّ؟ دَعُوهُ يَسُبَّ لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَالَ لَهُ. ١٢ لَعَلَّ ٱلرَّبَّ يَنْظُرُ إِلَى مَذَلَّتِي وَيُكَافِئَنِي ٱلرَّبُّ خَيْراً عِوَضَ مَسَبَّتِهِ بِهٰذَا ٱلْيَوْمِ. ١٣ وَإِذْ كَانَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ يَسِيرُونَ فِي ٱلطَّرِيقِ كَانَ شَمْعِي يَسِيرُ فِي جَانِبِ ٱلْجَبَلِ مُقَابِلَهُ وَيَسُبُّ وَهُوَ سَائِرٌ وَيَرْشُقُ بِٱلْحِجَارَةِ مُقَابِلَهُ وَيَذْرِي ٱلتُّرَابَ. ١٤ وَجَاءَ ٱلْمَلِكُ وَكُلُّ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ وَقَدْ أَعْيَوْا فَٱسْتَرَاحُوا هُنَاكَ».
ص ٣: ١٦ و١٧: ١٨ ص ١٩: ١٦ - ٢٣ و١ملوك ٢: ٨ و٩ و٤٤ خروج ٢٢: ٢٨ و١صموئيل ١٧: ٤٣ ص ١٢: ٩ ص ٢١: ١ - ٩ ص ١٩: ٢١ و١صموئيل ٢٦: ٨ ولوقا ٩: ٥٤ ص ٩: ٨ خروج ٢: ٢٨ ص ٣: ٢٩ و١٩: ٢٢ يوحنا ١٨: ١١ رومية ٩: ٢٠ ص ١٢: ١١ تكوين ٤٥: ٥ و١صموئيل ٢٦: ١٩
بَحُورِيمَ (انظر ٣: ١٦ وتفسيره).
شَمْعِي (١٩: ١٦ - ٢٣ و١ملوك ٢: ٨ و٩) أعداء الإنسان يظهرون في وقت ضيقه. واغتاظ شمعي هذا الغيظ المفرط لأنه أحد أفراد أسرة شاول. ولم يتكلم عن نفسه فقط بل بالنيابة عن كثيرين من بيت شاول (٢٠: ١ و٢ ومزمور ٧).
وَيَرْشُقُ بِٱلْحِجَارَةِ (ع ٦) كان بينه وبين داود والشعب وادٍ فكلامه كان مسموعاً وأما الحجارة فربما لم تصل إلى داود وما رشقها إلا علامة الغيظ والاحتقار. ومن حمقه لم يبال بالخطر الذي كان معرضاً له من جبابرة داود السائرين معه عن اليمين وعن اليسار.
يَا رَجُلَ ٱلدِّمَاءِ (ع ٧) أشار إلى حروب داود ولا سيما حروبه مع بيت شاول (٣: ١) وقتل أبنير الذي قتله يوآب قائد داود وقتل إيشبوشث غير أن هذين لم يُقتلا بإرادة داود.
رَجُلَ بَلِيَّعَالَ (١صموئيل ١: ١٦) المعنى الأصلي عديم الفائدة وهو لقب يدل على أعظم الأشرار.
أَنْتَ وَاقِعٌ بِشَرِّكَ (ع ٨) يُظن أن قتل أبناء شاول المذكور في (٢١: ١ - ١٤) كان قبل فتنة أبشالوم وهو المشار إليه في كلام شمعي. هيّن الحكم على الإنسان بعد سقوطه.
فَقَالَ أَبِيشَايُ (ع ٩) كان غيوراً على داود. أراد قتل شاول (١صموئيل ٢٦: ٨).
كَلْبُ مَيِّتُ (راجع ٣: ٨ و٩: ٨).
يَا بَنِي صَرُويَة (ع ١٠) كان يوآب متفقاً مع أخيه أبيشاي في هذا الطلب من داود.
فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ ٱلآنَ بِنْيَامِينِيٌّ (ع ١١) قبل الحكم على إنسان يجب النظر إلى دعواه وما حرّكه على عمله. نظر داود إلى أفكار بيت شاول واعتبرها.
دَعُوهُ يَسُبَّ لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَالَ لَهُ أظهر داود تواضعه وشعوره بخطاياه فقبل التعييرات كأنها ليست من شمعي بل من الرب كتأديب يستحقه. وأما شمعي فلم يتبرر وإن كان الرب قد أدب داود بواسطته.
يُكَافِئَنِي خَيْراً (ع ١٢) إن شتائم شمعي أو غيره لا تقدر أن تؤذي داود أدنى أذية إن لم يسمح الرب بذلك.
أَعْيَوْا (ع ١٤) من التعب الجسدي والعقلي ويظن أن الكلمة الأصلية «عيفيم» المترجمة «أعيوا» اسم علم فيكون المعنى أن داود وشعبه أتوا إلى عيفيم واستراحوا والمكان مجهول والأرجح أنه بقرب الأردن إلى الغرب.
١٥ - ١٩ «١٥ وَأَمَّا أَبْشَالُومُ وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ فَأَتَوْا إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَخِيتُوفَلُ مَعَهُمْ. ١٦ وَلَمَّا جَاءَ حُوشَايُ ٱلأَرْكِيُّ صَاحِبُ دَاوُدَ إِلَى أَبْشَالُومَ، قَالَ: لِيَحْيَ ٱلْمَلِكُ! لِيَحْيَ ٱلْمَلِكُ! ١٧ فَقَالَ أَبْشَالُومُ لِحُوشَايَ: أَهٰذَا مَعْرُوفُكَ مَعَ صَاحِبِكَ؟ لِمَاذَا لَمْ تَذْهَبْ مَعَ صَاحِبِكَ؟ ١٨ فَقَالَ حُوشَايُ لأَبْشَالُومَ: كَلاَّ، وَلٰكِنِ ٱلَّذِي ٱخْتَارَهُ ٱلرَّبُّ وَهٰذَا ٱلشَّعْبُ وَكُلُّ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ فَلَهُ أَكُونُ وَمَعَهُ أُقِيمُ. ١٩ وَثَانِياً: مَنْ أَخْدِمُ؟ أَلَيْسَ بَيْنَ يَدَيِ ٱبْنِهِ؟ كَمَا خَدَمْتُ بَيْنَ يَدَيْ أَبِيكَ كَذٰلِكَ أَكُونُ بَيْنَ يَدَيْكَ».
ص ١٥: ١٢ و٣٧ ص ١٥: ٣٧ ص ١٥: ٣٤ و١صموئيل ١٠: ٢٤ و٢ملوك ١١: ١٢ ص ١٩: ٢٥ ص ١٥: ٣٤
فَأَتَوْا إِلَى أُورُشَلِيمَ في ذات النهار الذي فيه زايلها داود. فما أعظم حوادث ذلك النهار.
رِجَالُ إِسْرَائِيلَ تسمى الذين كانوا مع أبشالوم إسرائيل أو شعب إسرائيل والذين كانوا مع داود الشعب وليس تمييز هنا بين الأسباط الشمالية والأسباط الجنوبية لأن أكثر تابعي أبشالوم كانوا من يهوذا (١٥: ١٠).
لِيَحْيَ ٱلْمَلِكُ (ع ١٦) (١صموئيل ١٠: ٢٤) كان انحياز حوشاي إلى أبشالوم أمراً غير منتظر عند أبشالوم لأن صداقته القديمة لداود كانت معروفة. ولكنه جاوب أبشالوم بالحكمة وأقنعه فقبله ليكون مشيراً له. ومضمون جوابه أولاً أن أبشالوم هو مختار الرب والشعب. وثانياً أن أبشالوم هو ابن الملك ووارثه. ولمعرفة خداع حوشاي (انظر ١٥: ٣٤).
٢٠ - ٢٣ «٢٠ وَقَالَ أَبْشَالُومُ لأَخِيتُوفَلَ: أَعْطُوا مَشُورَةً مَاذَا نَفْعَلُ. ٢١ فَقَالَ أَخِيتُوفَلُ لأَبْشَالُومَ: ٱدْخُلْ إِلَى سَرَارِيِّ أَبِيكَ ٱللَّوَاتِي تَرَكَهُنَّ لِحِفْظِ ٱلْبَيْتِ، فَيَسْمَعَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ أَنَّكَ قَدْ صِرْتَ مَكْرُوهاً مِنْ أَبِيكَ، فَتَتَشَدَّدَ أَيْدِي جَمِيعِ ٱلَّذِينَ مَعَكَ. ٢٢ فَنَصَبُوا لأَبْشَالُومَ ٱلْخَيْمَةَ عَلَى ٱلسَّطْحِ، وَدَخَلَ أَبْشَالُومُ إِلَى سَرَارِيِّ أَبِيهِ أَمَامَ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ. ٢٣ وَكَانَتْ مَشُورَةُ أَخِيتُوفَلَ ٱلَّتِي كَانَ يُشِيرُ بِهَا فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ كَمَنْ يَسْأَلُ بِكَلاَمِ ٱللّٰهِ. هٰكَذَا كُلُّ مَشُورَةِ أَخِيتُوفَلَ عَلَى دَاوُدَ وَعَلَى أَبْشَالُومَ جَمِيعاً».
ص ١٥: ١٦ ص ١٥: ١٦ و٢٠: ٣ ص ١٢: ١١ و١٢ ص ١٧: ١٤ و٢٣ ص ١٥: ١٢
ٱدْخُلْ إِلَى سَرَارِيِّ أَبِيكَ (ع ٢١) بهذا العمل أظهر أبشالوم لجميع إسرائيل أنه أخذ مكان أبيه وإنه لا يرجع عن عمل كهذا وإنه مصر على مشروعه إلى النهاية. ولم يقبح هذا العمل في عيون إسرائيل ما في عيوننا لأنهم كانوا معتادين تعدد النساء وكان ملوكهم يتزوجون أحياناً نساء أسلافهم (٣: ٧ و١ملوك ٢: ٢١ و٢٢).
عَلَى ٱلسَّطْحِ (ع ٢٢) ولعل هذا هو نفس السطح الذي تمشى داود عليه ورأى بثشبع وخطا أول خطوة في خطيئته فوفى الرب بوعيده (١٢: ١١ و١٢) وكان قصاص الخطيئة قبيحاً مكروهاً من نوع الخطيئة نفسها (٢ملوك ٩: ٢٥ و٢٦).
كَمَنْ يَسْأَلُ بِكَلاَمِ ٱللّٰهِ (ع ٢٣) أي كان أخيتوفل مصيباً في مشورته. غير أن حكمته كانت أرضية شهوانية شيطانية ومخالفة لشريعة الله (تكوين ٤٩: ٤ لاويين ١٨: ٨ تثنية ٢٧: ٢٠ عاموس ٢: ٧ و١كورنثوس ٥: ١) والله يجهل حكمة هذا العالم.
فوائد



  • محبة المال من الخطايا الدنيئة التي تقود الإنسان إلى الرياء والخيانة وشهادة الزور (ع ١ - ٥).
  • من يحكم بالعجلة يتعرض للغلط (ع ٤).
  • إننا نتمثل بالمسيح إذا شُتمنا ولم نرّد الشتم (ع ٩ - ١٢).
  • إن الشتيمة تؤذي من يَشتم لا من يُشتم.
  • ليس لنا أن ننتقم لأنفسنا.
  • الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضاً (ع ٢١).
  • الحكمة بلا خوف الله شرك وهلاك (ع ٢٣).




اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ عَشَرَ


١ - ٤ «١ وَقَالَ أَخِيتُوفَلُ لأَبْشَالُومَ: دَعْنِي أَنْتَخِبُ ٱثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ وَأَقُومُ وَأَسْعَى وَرَاءَ دَاوُدَ هٰذِهِ ٱللَّيْلَةَ ٢ فَآتِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتْعَبٌ وَمُرْتَخِي ٱلْيَدَيْنِ فَأُزْعِجُهُ، فَيَهْرُبَ كُلُّ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي مَعَهُ، وَأَضْرِبُ ٱلْمَلِكَ وَحْدَهُ ٣ وَأَرُدُّ جَمِيعَ ٱلشَّعْبِ إِلَيْكَ. كَرُجُوعِ ٱلْجَمِيعِ هُوَ ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي تَطْلُبُهُ، فَيَكُونُ كُلُّ ٱلشَّعْبِ فِي سَلاَمٍ. ٤ فَحَسُنَ ٱلأَمْرُ فِي عَيْنَيْ أَبْشَالُومَ وَأَعْيُنِ جَمِيعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ».
ص ١٦: ١٤ و١ملوك ٢٢: ٣١
وَقَالَ أَخِيتُوفَلُ علاقة الكلام مع (١٦: ٢٠) فكان الكلام كله في نفسه اليوم الذي فيه هرب داود من أورشليم وحضر أبشالوم إليها ومشورة أخيتوفل صالحة موافقة لمقاصد أبشالوم.
فَأُزْعِجُهُ (ع ٢) لأنه غير مستعد والشعب يخافون من الهجوم عليهم ليلاً.
وَأَضْرِبُ ٱلْمَلِكَ وَحْدَهُ أي اقتله فيخلفه أبشالوم بلا اعتراض من أحدٍ.
وَأَرُدُّ جَمِيعَ ٱلشَّعْبِ إِلَيْكَ (ع ٣) إشارة إلى أن أبشالوم هو الملك والشعب الذين مع داود هم الخارجون عن الطاعة الواجبة.
فَحَسُنَ ٱلأَمْرُ (ع ٤) كانت المشورة صالحة موافقة ولم يكره أبشالوم قتل أبيه.
٥ - ١٤ «٥ فَقَالَ أَبْشَالُومُ: ٱدْعُ أَيْضاً حُوشَايَ ٱلأَرْكِيَّ فَنَسْمَعَ مَا يَقُولُ هُوَ أَيْضاً. ٦ فَلَمَّا جَاءَ حُوشَايُ إِلَى أَبْشَالُومَ قَالَ أَبْشَالُومُ: بِمِثْلِ هٰذَا ٱلْكَلاَمِ تَكَلَّمَ أَخِيتُوفَلُ. أَنَعْمَلُ حَسَبَ كَلاَمِهِ أَمْ لاَ؟ تَكَلَّمْ أَنْتَ. ٧ فَقَالَ حُوشَايُ لأَبْشَالُومَ: لَيْسَتْ حَسَنَةً ٱلْمَشُورَةُ ٱلَّتِي أَشَارَ بِهَا أَخِيتُوفَلُ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ. ٨ أَنْتَ تَعْلَمُ أَبَاكَ وَرِجَالَهُ أَنَّهُمْ جَبَابِرَةٌ، وَأَنَّ أَنْفُسَهُمْ مُرَّةٌ كَدُبَّةٍ مُثْكِلٍ فِي ٱلْحَقْلِ. وَأَبُوكَ رَجُلُ قِتَالٍ وَلاَ يَبِيتُ مَعَ ٱلشَّعْبِ. ٩ هَا هُوَ ٱلآنَ مُخْتَبِئٌ فِي إِحْدَى ٱلْحُفَرِ أَوْ أَحَدِ ٱلأَمَاكِنِ. وَيَكُونُ إِذَا سَقَطَ بَعْضُهُمْ فِي ٱلابْتِدَاءِ أَنَّ ٱلسَّامِعَ يَسْمَعُ فَيَقُولُ: قَدْ صَارَتْ كَسْرَةٌ فِي ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي وَرَاءَ أَبْشَالُومَ. ١٠ أَيْضاً ذُو ٱلْبَأْسِ ٱلَّذِي قَلْبُهُ كَقَلْبِ ٱلأَسَدِ يَذُوبُ ذَوَبَاناً، لأَنَّ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ يَعْلَمُونَ أَنَّ أَبَاكَ جَبَّارٌ، وَٱلَّذِينَ مَعَهُ ذَوُو بَأْسٍ. ١١ لِذٰلِكَ أُشِيرُ بِأَنْ يَجْتَمِعَ إِلَيْكَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ، كَٱلرَّمْلِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلْبَحْرِ فِي ٱلْكَثْرَةِ، وَحَضْرَتُكَ سَائِرٌ فِي ٱلْوَسَطِ. ١٢ وَنَأْتِيَ إِلَيْهِ إِلَى أَحَدِ ٱلأَمَاكِنِ حَيْثُ هُوَ، وَنَنْزِلَ عَلَيْهِ نُزُولَ ٱلطَّلِّ عَلَى ٱلأَرْضِ، وَلاَ يَبْقَى مِنْهُ وَلاَ مِنْ جَمِيعِ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ وَاحِدٌ. ١٣ وَإِذَا ٱنْحَازَ إِلَى مَدِينَةٍ، يَحْمِلُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ إِلَى تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ حِبَالاً، فَنَجُرُّهَا إِلَى ٱلْوَادِي حَتَّى لاَ تَبْقَى هُنَاكَ وَلاَ حَصَاةٌ. ١٤ فَقَالَ أَبْشَالُومُ وَكُلُّ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ: إِنَّ مَشُورَةَ حُوشَايَ ٱلأَرْكِيِّ أَحْسَنُ مِنْ مَشُورَةِ أَخِيتُوفَلَ. فَإِنَّ ٱلرَّبَّ أَمَرَ بِإِبْطَالِ مَشُورَةِ أَخِيتُوفَلَ ٱلصَّالِحَةِ لِيُنْزِلَ ٱلرَّبُّ ٱلشَّرَّ بِأَبْشَالُومَ».
ص ١٥: ٣٢ - ٣٤ ص ١٦: ٢١ هوشع ١٣: ٨ يشوع ٢: ٩ - ١١ و١صموئيل ٣: ٢٠ تكوين ٢٢: ١٧ و١صموئيل ١٣: ٥ مزمور ١١٠: ٣ وميخا ٥: ٧ ميخا ١: ٦ ص ١٥: ٣١ و٣٤
ٱدْعُ أَيْضاً حُوشَايَ كان قد استحسن مشورة أخيتوفل ولكنه أراد أن يسمع رأي حوشاي قبل الحكم النهائي لعله يؤيدها أو يشير بمشورة أحسن منها.
لَيْسَتْ حَسَنَةً هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ (ع ٧) إشارة إلى أنه استحسن مشورة أخيتوفل في أمر السراري (١٦: ٢٠ - ٢٢). وأظهر حوشاي حكمته في تدبيره كلامه على هيئة تلائم إنساناً قليل الحكمة معجباً بنفسه. فأولاً خوفه بذكره جبابرة داود ونفوسهم مرة «كدبة مثكل في الحقل» وبقوله أن داود رجل قتال مختبئ في إحدى الحُفر. ولعل أبشالوم ارتجف كولد إذا سمع ما يرعبه. ثم صوّر له جيشاً عظيماً جداً مجتمعاً من دان إلى بئر سبع أي من الطرف الواحد من مملكته إلى الآخر عدده كالرمل الذي على البحر ورئيس هذا الجيش العظيم حضرته وهو في وسطه حيث لا يكون عليه خطر. وأما أخيتوفل فكان قد أقام نفسه رئيساً على الجيش.
ثم صوّر حوشاي نزول هذا الجيش على داود كالطلّ على الأرض وهلاك داود وجيشه فلا يبقى منه واحد ولا من مدينته حصاة. وهكذا أطنب في الكلام حتى قال أبشالوم وكل رجاله أن مشورة حوشاي أحسن. ولعل عماسا الذي أُقيم رئيساً على الجيش (ع ٦) عضد رأي حوشاي حسداً من أخيتوفل الذي في مشورته طلب هذه الرئاسة لنفسه. وإبطال مشورة أخيتوفل الصالحة من جهة أبشالوم وإقامة مشورة حوشاي الصالحة من جهة داود كان من الرب وهو الذي غلّظ قلوبهم.
ومن فوائد مشورة حوشاي لداود أنه صار له وقت ليجمع كل من كان أميناً له ووقت الذين انحازوا إلى أبشالوم ليراجعوا الأمر ويتأملوا فيه فيرجعوا إلى طاعة داود. ونجاح الآراء الفاسدة يكون بالعجلة وأما الآراء الصالحة فبالتأمل والمهلة. ومن الأمور التي جهلها أبشالوم أن جمع كل إسرائيل يتطلب وقتاً طويلاً وأن انحياز جميع إسرائيل إليه أمر تحت الريب وكذلك ثبات جميع الذين كانوا معه.
١٥ - ٢٠ «١٥ وَقَالَ حُوشَايُ لِصَادُوقَ وَأَبِيَاثَارَ ٱلْكَاهِنَيْنِ: كَذَا وَكَذَا أَشَارَ أَخِيتُوفَلُ عَلَى أَبْشَالُومَ وَعَلَى شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ، وَكَذَا وَكَذَا أَشَرْتُ أَنَا. ١٦ فَٱلآنَ أَرْسِلُوا عَاجِلاً وَأَخْبِرُوا دَاوُدَ: لاَ تَبِتْ هٰذِهِ ٱللَّيْلَةَ فِي سُهُولِ ٱلْبَرِّيَّةِ، بَلِ ٱعْبُرْ لِئَلاَّ يُبْتَلَعَ ٱلْمَلِكُ وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي مَعَهُ. ١٧ وَكَانَ يُونَاثَانُ وَأَخِيمَعَصُ وَاقِفَيْنِ عِنْدَ عَيْنِ رُوجَلَ، فَٱنْطَلَقَتِ ٱلْجَارِيَةُ وَأَخْبَرَتْهُمَا، وَهُمَا ذَهَبَا وَأَخْبَرَا ٱلْمَلِكَ دَاوُدَ، لأَنَّهُمَا لَمْ يَقْدِرَا أَنْ يُرَيَا دَاخِلَيْنِ ٱلْمَدِينَةَ. ١٨ فَرَآهُمَا غُلاَمٌ وَأَخْبَرَ أَبْشَالُومَ. فَذَهَبَا كِلاَهُمَا عَاجِلاً وَدَخَلاَ بَيْتَ رَجُلٍ فِي بَحُورِيمَ وَلَهُ بِئْرٌ فِي دَارِهِ، فَنَزَلاَ إِلَيْهَا. ١٩ فَأَخَذَتِ ٱلْمَرْأَةُ وَفَرَشَتْ سَجْفاً عَلَى فَمِ ٱلْبِئْرِ وَسَطَحَتْ عَلَيْهِ سَمِيذاً فَلَمْ يُعْلَمِ ٱلأَمْرُ. ٢٠ فَجَاءَ عَبِيدُ أَبْشَالُومَ إِلَى ٱلْمَرْأَةِ إِلَى ٱلْبَيْتِ وَقَالُوا: أَيْنَ أَخِيمَعَصُ وَيُونَاثَانُ؟ فَقَالَتْ لَهُمُ ٱلْمَرْأَةُ: قَدْ عَبَرَا قَنَاةَ ٱلْمَاءِ. وَلَمَّا فَتَّشُوا وَلَمْ يَجِدُوهُمَا رَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ».
ص ١٥: ٣٥ و٣٦ ص ١٥: ٢٨ ص ١٥: ٢٧ و٣٦ يشوع ١٥: ٧ و١٨: ١٦ ص ٣: ١٦ و١٦: ٥ يشوع ٢: ٤ - ٦ لاويين ١٩: ١١ ويشوع ٢: ٣ - ٥ و١صموئيل ١٩: ١٢ - ١٧
صَادُوقَ وَأَبِيَاثَارَ (راجع ١٥: ٢٤ - ٢٩ وتفسيره).
لاَ تَبِتْ هٰذِهِ ٱللَّيْلَةَ فِي سُهُولِ ٱلْبَرِّيَّةِ (ع ١٦) أي وادي الأردن إلى جهة الغرب (١٥: ٢٨) كان أبشالوم قد قبل مشورة حوشاي بجمع كل إسرائيل قبل محاربة داود. ولكن حوشاي خاف أن ينقلب أبشالوم فيقبل مشورة أخيتوفل ويرسل جيشاً ليحاربوا داود في تلك الليلة.
عَيْنِ رُوجَلَ (ع ١٧) ينبوع بقرب أورشليم (يشوع ١٥: ٧ و١ملوك ١: ٩) ويظن أنه أم الدرج الحالية في واد جنوبي شرقي أورشليم ويقربها وليست بعيدة عن قرية سلوام الحديثة.
ٱنْطَلَقَتِ ٱلْجَارِيَةُ جارية معروفة ولعلها كانت خادمة في بيت صادوق أو بيت أبياثار.
بَحُورِيمَ (ع ١٨) (١٦: ٥ و٣: ١٦) قريبة من أورشليم على طريق الأردن.
بِئْرٌ فِي دَارِهِ صهريج لجمع ماء المطر. وفي الزمان المذكور لم يكن فيه ماء.
فَرَشَتْ سَجْفاً سجف الباب (خروج ٢٦: ٣٦).
سَمِيذاً برغلاً أو قمحاً مسلوقاً ليصنع منه السميذ نشرته ليجف بعد السلق (أمثال ٢٧: ٢٢).
قَنَاةَ ٱلْمَاءِ (ع ٢٠) لعلها أشارت إلى مجرى صغير من الماء بقرب بيتها. وقولها كذب كقول راحاب (يشوع ٢: ١ - ٧) وميكال (١صموئيل ١٩: ١٢ - ١٧) وحوشاي (١٥: ٣٤). ولا نقدر أن نبرر هؤلاء ولا نستنتج من ذكر كذبهم أن الكتاب يجيزه.
٢١ - ٢٣ «٢١ وَبَعْدَ ذَهَابِهِمْ خَرَجَا مِنَ ٱلْبِئْرِ وَذَهَبَا وَقَالاَ لِدَاوُدَ: قُومُوا وَٱعْبُرُوا سَرِيعاً ٱلْمَاءَ، لأَنَّ هٰكَذَا أَشَارَ عَلَيْكُمْ أَخِيتُوفَلُ. ٢٢ فَقَامَ دَاوُدُ وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي مَعَهُ وَعَبَرُوا ٱلأُرْدُنَّ. وَعِنْدَ ضَوْءِ ٱلصَّبَاحِ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ لَمْ يَعْبُرِ ٱلأُرْدُنَّ. ٢٣ وَأَمَّا أَخِيتُوفَلُ فَلَمَّا رَأَى أَنَّ مَشُورَتَهُ لَمْ يُعْمَلْ بِهَا، شَدَّ عَلَى ٱلْحِمَارِ وَقَامَ وَٱنْطَلَقَ إِلَى بَيْتِهِ إِلَى مَدِينَتِهِ، وَأَوْصَى لِبَيْتِهِ، وَخَنَقَ نَفْسَهُ وَمَاتَ وَدُفِنَ فِي قَبْرِ أَبِيهِ».
ع ١٥ و١٦ ص ١٥: ١٢ و٢ملوك ٢٠: ١ متّى ٢٧: ٥
وَٱعْبُرُوا سَرِيعاً ٱلْمَاءَ ماء الأردن وهو غير قناة الماء في (ع ٢٠) وعبور الأردن صعب ومخطر ومن الضروري أنهم يعبرونه قبل إقبال جيش أبشالوم.
لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ (ع ٢٢) نرى في ذلك عناية الله الخاصة.
خَنَقَ نَفْسَهُ (ع ٢٣) لأن مشورته لم يُعمل بها وعرف جيداً أن مشورة حوشاي تؤول إلى هلاك أبشالوم فيهلك هو أيضاً عند رجوع داود لأنه شارك أبشالوم في فتنته. وأظهر حكمته حتى في موته لأنه أوصى لبيته (٢ملوك ٢٠: ١) أي رتب أمور بيته ودُفن في قبر أبيه وإن كان قد خنق نفسه. وفي موته كما في خيانته أشبه يهوذا الإسخريوطي.
٢٤ - ٢٦ «٢٤ وَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى مَحَنَايِمَ. وَعَبَرَ أَبْشَالُومُ ٱلأُرْدُنَّ هُوَ وَجَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ. ٢٥ وَأَقَامَ أَبْشَالُومُ عَمَاسَا بَدَلَ يُوآبَ عَلَى ٱلْجَيْشِ. وَكَانَ عَمَاسَا ٱبْنَ رَجُلٍ ٱسْمُهُ يِثْرَا ٱلإِسْرَائِيلِيُّ ٱلَّذِي دَخَلَ إِلَى أَبِيجَايِلَ بِنْتِ نَاحَاشَ أُخْتِ صَرُويَةَ أُمِّ يُوآبَ. ٢٦ وَنَزَلَ إِسْرَائِيلُ وَأَبْشَالُومُ فِي أَرْضِ جِلْعَادَ».
ص ٢: ٨ وتكوين ٣٢: ٢ و١٠ ص ١٩: ١٣ و٢٠: ٩ - ١٢ و١ملوك ٢: ٥ و٣٢ و١أيام ٢: ١٣ و ١٦ ص ١٠: ١ و٢ و١صموئيل ١١: ١
مَحَنَايِم مدينة للاويين عند تخم جاد الشمالي (انظر ٢: ٨ وتفسيره وتكوين ٣٢: ٢ ويشوع ١٣: ٢٦) وكانت محلاً موافقاً لداود لأنها مدينة محصنة في أرض مخصبة والجبال قريبة منها وأهلها محبون لداود.
عَمَاسَا (ع ٢٥) كان ابن خالة يوآب. وكانت أبيجايل وصروية أختي داود (١أيام ٢: ١٦) وكان ناحاش أباهما. ومن التفاسير (١) إن ناحاش اسم آخر ليسّى (٢) إن ناحاش اسم امرأة يسّى (٣) إنه بعد موت ناحاش أخذ يسّى أرملته فولدت له داود وإخوته فكانت أبيجايل وصروية اختيهم لأمهم وليس لأبيهم.
٢٧ - ٢٩ «٢٧ وَكَانَ لَمَّا جَاءَ دَاوُدُ إِلَى مَحَنَايِمَ أَنَّ شُوبِيَ بْنَ نَاحَاشَ مِنْ رَبَّةِ بَنِي عَمُّونَ، وَمَاكِيرَ بْنُ عَمِّيئِيلَ مِنْ لُودَبَارَ، وَبَرْزِلاَّيَ ٱلْجِلْعَادِيَّ مِنْ رُوجَلِيمَ، ٢٨ قَدَّمُوا فَرْشاً وَطُسُوساً وَآنِيَةَ خَزَفٍ وَحِنْطَةً وَشَعِيراً وَدَقِيقاً وَفَرِيكاً وَفُولاً وَعَدَساً وَحِمِّصاً مَشْوِيّاً ٢٩ وَعَسَلاً وَزُبْدَةً وَضَأْناً وَجُبْنَ بَقَرٍ لِدَاوُدَ وَلِلشَّعْبِ ٱلَّذِي مَعَهُ لِيَأْكُلُوا. لأَنَّهُمْ قَالُوا: ٱلشَّعْبُ جَوْعَانُ وَمُتْعَبٌ وَعَطْشَانُ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ».
ص ١٢: ٢٦ و٢٩ ص ٩: ٤ ص ١٩: ٣١ - ٤٠ و١ملوك ٢: ٧ ص ١٦: ٢ و١٤
شُوبِيَ بْنَ نَاحَاشَ يُظن أن ناحاش هذا هو ملك بني عمون فكان شوبي أخا حانون الذي أهان المرسلين من قبل داود (١٠: ١) وبعد قهر بني عموت تقلّد شوبي منصباً عند داود.
مَاكِيرَ (انظر ٩: ٤) عمل معروفاً مع مفيبوشث ابن يوناثان ومع داود صديقه.
بَرْزِلاَّيَ عبر الأردن مع داود عند رجوعه إلى أورشليم ولم يقبل دعوة الملك ليذهب معه إلى أورشليم (١٩: ٣١ - ٤٠) ووصى داود ابنه سليمان بأولاده (١ملوك ٢: ٧) ورجع بعض نسله من السبي (عزرا ٢: ٦١ - ٦٣) وموقع رجوليم مجهول. وكانت تقدمة شوبي وماكير وبرزلاي مقبولة ليس فقط لأن الشعب جوعان ومتعب بل أيضاً لأنها علامة المحبة عندما كان داود متضايقاً ومتروكاً. ويُظن أنه في هذا الوقت ألف داود المزمور الثالث والعشرين الذي فيه يقول للرب «ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقي».
فوائد



  • يسمح الله أحياناً بوقوع أتقيائه في ضيقات ووصولهم إلى الدرجة القصوى من الخطر ليتعلموا أن الخلاص منه وحده (ع ١ - ٤).
  • الخفيف العقل ينظر إلى ظاهر الكلام لا إلى جوهره (ع ١٤).
  • الانتحار جهالة لأنه هرب من شرور حاضرة قد تكون وهمية إلى شرور مستقبلة ثابتة وأعظم منها. وهو خطيئة لأنه ترك الخدمة والاستعفاء من المصائب المعينة من الله والمثول بين يديه بلا دعوة منه. وهو كفر لأن من يقتل نفسه يظن أن بالموت تنتهي آلامه وأتعابه ولا يصدق أن الله موجود وأنه يجازي الذين يهربون من الخدمة المعينة لهم.
  • يستخدم الله أناساً كثيرين كباراً وصغاراً في إجراء مقاصده. فنرى هنا أن لكل من المشير والكاهن والشبان والجارية وصاحبة البيت عملاً.
  • ما أحلى المساعدة لمن هو متضايق والصداقة لمن قلّ أصدقاؤه (ع ٢٧ - ٢٩).




اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ عَشَرَ


١ - ٥ «١ وَأَحْصَى دَاوُدُ ٱلشَّعْبَ ٱلَّذِي مَعَهُ، وَجَعَلَ عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ. ٢ وَأَرْسَلَ دَاوُدُ ٱلشَّعْبَ ثُلُثاً بِيَدِ يُوآبَ وَثُلْثاً بِيَدِ أَبِيشَايَ ٱبْنِ صَرُويَةَ أَخِي يُوآبَ وَثُلْثاً بِيَدِ إِتَّايَ ٱلْجَتِّيِّ. وَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِلشَّعْبِ: إِنِّي أَنَا أَيْضاً أَخْرُجُ مَعَكُمْ. ٣ فَقَالَ ٱلشَّعْبُ: لاَ تَخْرُجْ، لأَنَّنَا إِذَا هَرَبْنَا لاَ يُبَالُونَ بِنَا، وَإِذَا مَاتَ نِصْفُنَا لاَ يُبَالُونَ بِنَا. وَٱلآنَ أَنْتَ كَعَشَرَةِ آلاَفٍ مِنَّا. وَٱلآنَ ٱلأَصْلَحُ أَنْ تَكُونَ لَنَا نَجْدَةً مِنَ ٱلْمَدِينَةِ. ٤ فَقَالَ لَهُمُ ٱلْمَلِكُ: مَا يَحْسُنُ فِي أَعْيُنِكُمْ أَفْعَلُهُ. فَوَقَفَ ٱلْمَلِكُ بِجَانِبِ ٱلْبَابِ وَخَرَجَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ مِئَاتٍ وَأُلُوفاً. ٥ وَأَوْصَى ٱلْمَلِكُ يُوآبَ وَأَبِيشَايَ وَإِتَّايَ: تَرَفَّقُوا لِي بِٱلْفَتَى أَبْشَالُومَ. وَسَمِعَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ حِينَ أَوْصَى ٱلْمَلِكُ جَمِيعَ ٱلرُّؤَسَاءِ بِأَبْشَالُومَ».
خروج ١٨: ٢٥ وعدد ٣١: ١٤ و١صموئيل ٢٢: ٧ قضاة ٧: ١٦ و١صموئيل ١١: ١١ ص ١٥: ١٩ - ٢٢ ص ٢١: ١٧ ع ٢٤ ع ١٢
إن بين المذكور في هذا الأصحاح والمذكور في الأصحاح السابق بضعة أسابيع فيها مُسح أبشالوم ملكاً على إسرائيل (١٩: ١٠) وجمع جيشه (١٧: ١١) وعبر الأردن. ونظم داود جيشه في محنايم.
رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ حسب نظام موسى (خروج ١٨: ٢٥) ونظام شاول (١صموئيل ٢٢: ٧) ونستنتج أن جيش داود كان كبيراً.
أَرْسَلَ ثُلُثاً بِيَدِ يُوآبَ (ع ٢) أي جعل يوآب قائداً لذلك الثلث. وخروج الجيش مذكور بعد ذلك في (ع ٦). وجدعون قسم جيشه إلى ثلاث فرق (قضاة ٧: ١٥) وكذلك فعل أبيمالك (قضاة ٩: ٤٣) وشاول (١صموئيل ١١: ١١) والفلسطينيون (١صموئيل ١٣: ١٧). وقصد داود أن يكون قائداً للجيش كله ويخرج معه.
فَقَالَ ٱلشَّعْبُ لاَ تَخْرُجْ (ع ٣) لأن الحرب كلها من أجله ومن أجل تثبيت مملكته فإذا خرج وقُتل سقط الجيش كله (٢١: ١٧) وإذا بقي في المدينة يقدر أن يرسل لهم نجدات وينفعهم بمشورته وتدبيره ويستقبلهم إذا انكسروا ورجعوا.
تَرَفَّقُوا لِي بِٱلْفَتَى أَبْشَالُومَ (ع ٥) هذا كلام والد حنون وليس كلام ملك وقائد. وكأنه نسي خطايا أبشالوم الفظيعة وقصده القبيح أن يقتل أباه ويستوي على العرش وتذكر فقط أنه ابنه الجميل المحبوب.
٦ - ٨ «٦ وَخَرَجَ ٱلشَّعْبُ إِلَى ٱلْحَقْلِ لِلِقَاءِ إِسْرَائِيلَ. وَكَانَ ٱلْقِتَالُ فِي وَعْرِ أَفْرَايِمَ، ٧ فَٱنْكَسَرَ هُنَاكَ شَعْبُ إِسْرَائِيلَ أَمَامَ عَبِيدِ دَاوُدَ، وَكَانَتْ هُنَاكَ مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ. قُتِلَ عِشْرُونَ أَلْفاً. ٨ وَكَانَ ٱلْقِتَالُ هُنَاكَ مُنْتَشِراً عَلَى وَجْهِ كُلِّ ٱلأَرْضِ، وَزَادَ ٱلَّذِينَ أَكَلَهُمُ ٱلْوَعْرُ مِنَ ٱلشَّعْبِ عَلَى ٱلَّذِينَ أَكَلَهُمُ ٱلسَّيْفُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ».
ص ١٧: ٢٦ ويشوع ١٧: ١٥ و١٨
وَعْرِ أَفْرَايِمَ كان وعر لأفرايم غربي الأردن (يشوع ١٧: ١٨) ولكن الوعر المذكور هنا كان شرقي الأردن بقرب محنايم لأن داود وشعبه كانوا قبل القتال وبعده أيضاً وكان أبشالوم وشعبه قد عبروا الأردن من الغرب إلى الشرق والظاهر أن هذا الوعر سُمي وعر أفرايم لأن الأفرايميين انكسروا فيه حينما حاربوا يفتاح وأهل جلعاد (قضاة ١٢: ٦) أو لأن الأفرايميين لم يكتفوا بأرضهم في الغرب بل حاولوا أن يأخذوا شرقي الوعر الذي كان لسبط جاد ولإخوتهم سبط منسى (يشوع ١٧: ١٤ - ١٨).
ٱلَّذِينَ أَكَلَهُمُ ٱلْوَعْرُ (ع ٨) نفهم من هذا أن شعب أبشالوم انكسروا وهربوا وتشتتوا في الوعر فتبعهم رجال داود وقتلوا منهم في الوعر أكثر مما قتلوا في ساحة الحرب فكان الوعر لشعب أبشالوم مهلكة أعظم من السيف.
٩ - ١٥ «٩ وَصَادَفَ أَبْشَالُومُ عَبِيدَ دَاوُدَ، وَكَانَ أَبْشَالُومُ رَاكِباً عَلَى بَغْلٍ، فَدَخَلَ ٱلْبَغْلُ تَحْتَ أَغْصَانِ ٱلْبُطْمَةِ ٱلْعَظِيمَةِ ٱلْمُلْتَفَّةِ، فَتَعَلَّقَ رَأْسُهُ بِٱلْبُطْمَةِ وَعُلِّقَ بَيْنَ ٱلسَّمَاءِ وَٱلأَرْضِ، وَٱلْبَغْلُ ٱلَّذِي تَحْتَهُ مَرَّ. ١٠ فَرَآهُ رَجُلٌ وَأَخْبَرَ يُوآبَ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَبْشَالُومَ مُعَلَّقاً بِٱلْبُطْمَةِ. ١١ فَقَالَ يُوآبُ لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي أَخْبَرَهُ: إِنَّكَ قَدْ رَأَيْتَهُ، فَلِمَاذَا لَمْ تَضْرِبْهُ هُنَاكَ إِلَى ٱلأَرْضِ، وَعَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَكَ عَشَرَةً مِنَ ٱلْفِضَّةِ وَمِنْطَقَةً؟ ١٢ فَقَالَ ٱلرَّجُلُ لِيُوآبَ: فَلَوْ وُزِنَ فِي يَدِي أَلْفٌ مِنَ ٱلْفِضَّةِ لَمَا كُنْتُ أَمُدُّ يَدِي إِلَى ٱبْنِ ٱلْمَلِكِ، لأَنَّ ٱلْمَلِكَ أَوْصَاكَ فِي آذَانِنَا أَنْتَ وَأَبِيشَايَ وَإِتَّايَ قَائِلاً: ٱحْتَرِزُوا أَيّاً كَانَ مِنْكُمْ عَلَى ٱلْفَتَى أَبْشَالُومَ. ١٣ وَإِلاَّ فَكُنْتُ فَعَلْتُ بِنَفْسِي زُوراً، إِذْ لاَ يَخْفَى عَنِ ٱلْمَلِكِ شَيْءٌ، وأَنْتَ كُنْتَ وَقَفْتَ ضِدِّي. ١٤ فَقَالَ يُوآبُ: إِنِّي لاَ أَصْبِرُ هٰكَذَا أَمَامَكَ. فَأَخَذَ ثَلاَثَةَ سِهَامٍ بِيَدِهِ وَنَشَّبَهَا فِي قَلْبِ أَبْشَالُومَ وَهُوَ بَعْدُ حَيٌّ فِي قَلْبِ ٱلْبُطْمَةِ، ١٥ وَأَحَاطَ بِهَا عَشَرَةُ غِلْمَانٍ حَامِلُو سِلاَحِ يُوآبَ وَضَرَبُوا أَبْشَالُومَ وَأَمَاتُوهُ».
ص ١٤: ٢٦ ع ٥ ص ١٤: ١٩ و٢٠ ص ١٤: ٣٠
وَصَادَفَ أَبْشَالُومُ كان بين الأشجار ولم ير عبيد داود حتى صار قريباً منهم فهرب.
رَاكِباً عَلَى بَغْلٍ وهو مركوب مخصص للملك وأبنائه وربما كان بغل داود (١٣: ٢٩ و١ملوك ١: ٣٣).
فَتَعَلَّقَ رَأْسُهُ لعل شعره الجميل المسترسل (١٤: ٢٦) كان سبباً لتعلق رأسه بالبطمة.
فَرَآهُ رَجُلٌ (ع ١٠) أحد عبيد داود. رأى أبشالوم عبيد داود وهرب منهم فلم يروه لما تعلق بالبطمة. وهذا الرجل رآه بالاتفاق.
عَشَرَةً مِنَ ٱلْفِضَّةِ (ع ١١) أي عشرة شواقل قيمتها نحو جنيه وربع إنكليزية وهي أجرة كاهن ميخا بالسنة (قضاة ١٧: ١٠).
وَمِنْطَقَةً كانت المنطقة أحياناً مطرزة وجميلة فكانوا يفتخرون بها. يوناثان أعطى داود منطقته وسيفه وقوسه أي أعطاه أفضل ما عنده (١صموئيل ١٨: ٤) وإذا أعطى قائد الجيش منطقة كانت علامة الإكرام والامتياز كالوسام (النيشان) في أيامنا.
لَمَا كُنْتُ أَمُدُّ يَدِي إِلَى ٱبْنِ ٱلْمَلِكِ (ع ١٢) دليل على أمانة الشعب عموماً لداود ومحبتهم له.
لاَ يَخْفَى عَنِ ٱلْمَلِكِ شَيْءٌ، وأَنْتَ كُنْتَ وَقَفْتَ ضِدِّي (ع ١٣) هذا القول شهادة من الجندي بنباهة داود وشهادة أيضاً على يوآب أنه لا يوثق به.
فَقَالَ يُوآبُ: إِنِّي لاَ أَصْبِرُ هٰكَذَا (ع ١٤) كان يوآب رئيس الجيش رجلاً فهيماً مقتدراً في الحرب وفي السياسة وكان أميناً لداود ولكنه عمل ما رآه موافقاً لداود والمملكة وإن كان ذلك مخالفاً لأمر الملك ولم يستحسن الرحمة والغفران لأبشالوم بل رأى أن بقاءه في قيد الحياة يكون سبباً للتعب والخطر.
نَشَّبَهَا فِي قَلْبِ أَبْشَالُومَ أي في بدنه وليس من الضرورة أن يكون هذا في القلب نفسه فلم يمت حالاً ولكن حاملي سلاح يوآب أحاطوا بالبطمة وضربوا أبشالوم وأماتوه.
١٦ - ١٨ «١٦ وَضَرَبَ يُوآبُ بِٱلْبُوقِ فَرَجَعَ ٱلشَّعْبُ عَنِ اتِّبَاعِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّ يُوآبَ مَنَعَ ٱلشَّعْبَ. ١٧ وَأَخَذُوا أَبْشَالُومَ وَطَرَحُوهُ فِي ٱلْوَعْرِ فِي ٱلْجُبِّ ٱلْعَظِيمِ وَأَقَامُوا عَلَيْهِ رُجْمَةً عَظِيمَةً جِدّاً مِنَ ٱلْحِجَارَةِ. وَهَرَبَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ. ١٨ وَكَانَ أَبْشَالُومُ قَدْ أَخَذَ وَأَقَامَ لِنَفْسِهِ وَهُوَ حَيٌّ ٱلنَّصَبَ ٱلَّذِي فِي وَادِي ٱلْمَلِكِ، لأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لِيَ ٱبْنٌ لأَجْلِ تَذْكِيرِ ٱسْمِي. وَدَعَا ٱلنَّصَبَ بِٱسْمِهِ، وَهُوَ يُدْعَى «يَدَ أَبْشَالُومَ» إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».
ص ٢: ٢٨ و٢٠: ٢٢ تثنية ٢١: ٢٠ و٢١ ويشوع ٧: ٢٦ و٨: ٢٩ ص ١٩: ٨ و٢٠: ١ و٢٢ و١صموئيل ١٥: ١٢ تكوين ١٤: ١٧ ص ١٤: ٢٧
وَضَرَبَ يُوآبُ بِٱلْبُوقِ انتهى القتال بموت أبشالوم. وكان ذلك القتال كله وموت عشرين ألفاً من إسرائيل بسبب ذلك الشاب الشرير الجاهل. «طرحوا أبشالوم في الجب» لم يدفنوه بالاحترام اللائق العادي. وأقاموا عليه رجمة عظيمة من الحجارة ليس للاعتبار بل للاحتقار وكانت ذكراه كذكرى لص وقاطع طريق. وأما هو فقصد قبل موته أن يجعل تذكاراً آخر لنفسه حينما أقام النصب. ولكن ذاك النصب العظيم الجميل لم ينفع شيئاً. وما يُذكر به الإنسان حياته المفيدة وسلوكه الحسن وعلمه النافع. وُلد لأبشالوم ثلاثة بنين (١٤: ٢٧) وماتوا في حياة أبيهم، ومكان هذا النصب مجهول. والنصب العجيب المسمى باسم أبشالوم اليوم هو حديث البناء (اطلب أبشالوم في قاموس الكتاب).
وَهُوَ يُدْعَى يَدَ أَبْشَالُومَ (ع ١٨) أي نصبه والكلمة العبرانية في (١صموئيل ١٥: ١٢ وإشعياء ٥٦: ٥) المترجمة بنصب معناها يد كما هنا ولعل العلاقة بين اليد والنصب أنه في القديم كانوا يصورون يداً على النصب لأن اليد آلة العمل ولها اعتبار خاص.
١٩ - ٢٣ «١٩ وَقَالَ أَخِيمَعَصُ بْنُ صَادُوقَ: دَعْنِي أَجْرِ فَأُبَشِّرَ ٱلْمَلِكَ، لأَنَّ ٱللّٰهَ قَدِ ٱنْتَقَمَ لَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ. ٢٠ فَقَالَ لَهُ يُوآبُ: مَا أَنْتَ صَاحِبُ بِشَارَةٍ فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ. فِي يَوْمٍ آخَرَ تُبَشِّرُ، وَهٰذَا ٱلْيَوْمَ لاَ تُبَشِّرُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ ٱبْنَ ٱلْمَلِكِ قَدْ مَاتَ. ٢١ وَقَالَ يُوآبُ لِكُوشِي: ٱذْهَبْ وَأَخْبِرِ ٱلْمَلِكَ بِمَا رَأَيْتَ. فَسَجَدَ كُوشِي لِيُوآبَ وَرَكَضَ. ٢٢ وَعَادَ أَيْضاً أَخِيمَعَصُ بْنُ صَادُوقَ فَقَالَ لِيُوآبَ: مَهْمَا كَانَ فَدَعْنِي أَجْرِ أَنَا أَيْضاً وَرَاءَ كُوشِي. فَقَالَ يُوآبُ: لِمَاذَا تَجْرِي أَنْتَ يَا ٱبْنِي وَلَيْسَ لَكَ بِشَارَةٌ تُجَازَى؟ ٢٣ قَالَ: مَهْمَا كَانَ أَجْرِي. فَقَالَ لَهُ: ٱجْرِ. فَجَرَى أَخِيمَعَصُ فِي طَرِيقِ ٱلْغَوْرِ وَسَبَقَ كُوشِيَ».
ص ١٥: ٣٦ ع ٣١ ع ٢٩
عرف يوآب أن الملك يهتم أولاً بابنه فلا يكون خبر قتله بشارة ولا ينال المخبر شكراً أو أجراً ولو حمل له بشرى الانتصار في الحرب. ولم يدر يوآب أن أخيمعص ابن الكاهن يخبر الملك بما لا يسره فأرسل رسولاً آخر. وسمى هذا الرسول كوشي كأن كوشي اسم علم. وترى في (ع ٢٢ و٢٣ و٣١ و٣٢) بالعبراني أن لفظة كوشي معرفة بآل التعريف نسبة إلى بلاد كوش جنوبي مصر. والمظنون أن الحرف هـ وهو أل التعريف بالعبراني تُرك سهواً في (ع ٢١). وكان هذا الكوشي من بلاد كوش وعبداً ليوآب واسمه مجهول. ونزل أخيمعص إلى الغور أي وادي الأردن وسار فيه ثم صعد إلى محنايم. وكان طريقه أسهل من طريق الكوشي مع أنه أطول. ونستنتج أن المكان الذي قُتل فيه أبشالوم كان إلى الجنوب الغربي من محنايم.
٢٤ - ٣٣ «٢٤ وَكَانَ دَاوُدُ جَالِساً بَيْنَ ٱلْبَابَيْنِ، وَطَلَعَ ٱلرَّقِيبُ إِلَى سَطْحِ ٱلْبَابِ إِلَى ٱلسُّورِ وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا بِرَجُلٍ يَجْرِي وَحْدَهُ. ٢٥ فَنَادَى ٱلرَّقِيبُ وَأَخْبَرَ ٱلْمَلِكَ. فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: إِنْ كَانَ وَحْدَهُ فَفِي فَمِهِ بِشَارَةٌ. وَكَانَ يَسْعَى وَيَقْرُبُ. ٢٦ ثُمَّ رَأَى ٱلرَّقِيبُ رَجُلاً آخَرَ يَجْرِي، فَنَادَى ٱلرَّقِيبُ ٱلْبَوَّابَ وَقَالَ: هُوَذَا رَجُلٌ يَجْرِي وَحْدَهُ. فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: وَهٰذَا أَيْضاً مُبَشِّرٌ. ٢٧ وَقَالَ ٱلرَّقِيبُ: إِنِّي أَرَى جَرْيَ ٱلأَوَّلِ كَجَرْيِ أَخِيمَعَصَ بْنِ صَادُوقَ. فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: هٰذَا رَجُلٌ صَالِحٌ وَيَأْتِي بِبِشَارَةٍ صَالِحَةٍ. ٢٨ فَنَادَى أَخِيمَعَصُ وَقَالَ لِلْمَلِكِ: ٱلسَّلاَمُ. وَسَجَدَ لِلْمَلِكِ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ. وَقَالَ: مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ ٱلَّذِي دَفَعَ ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ رَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَى سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ. ٢٩ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: أَسَلاَمٌ لِلْفَتَى أَبْشَالُومَ؟ فَقَالَ أَخِيمَعَصُ: قَدْ رَأَيْتُ جُمْهُوراً عَظِيماً عِنْدَ إِرْسَالِ يُوآبَ عَبْدَ ٱلْمَلِكِ وَعَبْدَكَ، وَلَمْ أَعْلَمْ مَاذَا. ٣٠ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: دُرْ وَقِفْ هٰهُنَا. فَدَارَ وَوَقَفَ. ٣١ وَإِذَا بِكُوشِي قَدْ أَتَى، وَقَالَ كُوشِي: لِيُبَشَّرْ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدِ ٱنْتَقَمَ لَكَ ٱلْيَوْمَ مِنْ جَمِيعِ ٱلْقَائِمِينَ عَلَيْكَ. ٣٢ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِكُوشِي: أَسَلاَمٌ لِلْفَتَى أَبْشَالُومَ؟ فَقَالَ كُوشِي: لِيَكُنْ كَٱلْفَتَى أَعْدَاءُ سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ وَجَمِيعُ ٱلَّذِينَ قَامُوا عَلَيْكَ لِلشَّرِّ. ٣٣ فَٱنْزَعَجَ ٱلْمَلِكُ وَصَعِدَ إِلَى عُلِّيَّةِ ٱلْبَابِ وَكَانَ يَبْكِي وَيَقُولُ وَهُوَ يَتَمَشَّى: يَا ٱبْنِي أَبْشَالُومُ، يَا ٱبْنِي يَا ٱبْنِي! أَبْشَالُومُ، يَا لَيْتَنِي مُتُّ عِوَضاً عَنْكَ! يَا أَبْشَالُومُ ٱبْنِي يَا ٱبْنِي».
ص ١٩: ٨ ص ١٣: ٣٤ و٢ملوك ٩: ١٧ و٢ملوك ٩: ١٧ و٢ملوك ٩: ٢٠ و١ملوك ١: ٤٢ ص ١٤: ٤ و١صموئيل ٢٠: ٢٣ و١صموئيل ١٧: ٤٦ ص ٢٠: ٩ و٢ملوك ٤: ٢٦ ع ٢٢ ع ١٩ وقضاة ٥: ٣١ ع ٢٩ و١صموئيل ٢٥: ٢٦ ص ١٩: ٤ خروج ٣٢: ٣٢ ورومية ٩: ٣
جَالِساً بَيْنَ ٱلْبَابَيْنِ كان مدخل المدينة مكاناً مسقوفاً له باب خارجي إلى جهة البرية وباب داخلي إلى جهة المدينة وفوق هذا المكان سطح. وطلع الرقيب إلى سطح الباب إلى السور أي إلى مكان فوق الباب الخارجي. وعلى السطح علّية صعد إليها داود ليبكي على أبشالوم.
إِنْ كَانَ وَحْدَهُ فَفِي فَمِهِ بِشَارَةٌ (ع ٢٥) عرف من اختباره أنه لو كان الشعب منكسراً لكان رأى كثيرين هاربين.
رَجُلاً آخَرَ (ع ٢٦) أي الكوشي.
هٰذَا رَجُلٌ صَالِحٌ (ع ٢٧) عرف أن يوآب لا يرسل معه إلا بشارة.
وَقَالَ: مُبَارَكٌ ٱلرَّبُّ (ع ٢٨) بشّر الملك بانتصار شعبه ولم يقل شيئاً في أبشالوم بل ترك هذا الخبز المحزن لكوشي. وأما الملك فكان مهتماً بابنه فلم يقدر أن يفتكر بغيره وكانت سلامة المملكة عنده أقل أهمية من سلامة ابنه.
عَبْدَ ٱلْمَلِكِ وَعَبْدَكَ (ع ٢٩) ربما أشار إلى الكوشي بقوله عبد الملك وإلى نفسه بقوله عبدك أو أشار إلى نفسه فقط. وقوله عبدك قول تفسيري فقط لما سبق. وكلّم الملك الكوشي كما كلم أخيمعص أي سأله بإلحاح عن أبشالوم فجاوبه الكوشي جواباً يُفهم منه أن أبشالوم قد قُتل.
يَا ٱبْنِي أَبْشَالُومُ (ع ٣٣) الخ كلام يؤثر في كل من يسمعه وإن كان أبشالوم لا يستحق نُدبة كهذه. وحزن داود حزناً شديداً (١) لأن الحزن على موت الولد أمر طبيعي فلا بد منه. (٢) لأن أبشالوم كان جميلاً وفيه ما يجذب الناس إليه (٣) لأن داود كان يرجو لابنه مستقبلاً حسناً (٤) لأن أبشالوم غير مستعد للموت وليس له رجاء بالآخرة (٥) لأن داود شعر بأن الله افتقد ذنوبه في ابنه (خروج ٢٠: ٥) (٦) لأنه شعر أيضاً بقصوره في تربيته.
فوائد



  • لذوي المناصب والملوك قيمة خاصة لأن حياة الألوف متعلقة بهم فعلى هؤلاء الصلاة من أجلهم والخدمة والطاعة لهم (ع ٣).
  • من أهم واجبات الوالدين محبة أولادهم ولكن واجباتهم لله أعظم (ع ٥ و٣٣).
  • ما يفتخر به الإنسان قد يكون سبباً لهلاكه (ع ٩ و١٤: ٢٦).
  • أفضل ذكر للإنسان سجاياه وأعماله المفيدة وعمله النافع (ع ١٨).
  • ثبات المملكة قائم على أمانة كل فرد من شعبها. وامتداد ملكوت المسيح يتم بأمانة كل مؤمن به (ع ١٠ - ١٣).
  • إن كل مؤمن حقيقي يشتهي أن يبشر بالمسيح وبالانتصار على الخطية بنعمته (ع ١٩).
  • على الوالدين أن يسألوا عن سلامة أولادهم الروحية وليس عن سلامتهم الجسدية فقط (ع ٢٩).
  • سلامة الفتيان الروحية من أعظم اهتمامات الكنيسة.




اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ عَشَرَ


١ - ٨ «١ فَأُخْبِرَ يُوآبُ: هُوَذَا ٱلْمَلِكُ يَبْكِي وَيَنُوحُ عَلَى أَبْشَالُومَ. ٢ فَصَارَتِ ٱلْغَلَبَةُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ مَنَاحَةً عِنْدَ جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ، لأَنَّ ٱلشَّعْبَ سَمِعُوا فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ مَنْ يَقُولُ إِنَّ ٱلْمَلِكَ قَدْ تَأَسَّفَ عَلَى ٱبْنِهِ. ٣ وَتَسَلَّلَ ٱلشَّعْبُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ لِلدُّخُولِ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ كَمَا يَتَسَلَّلُ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَجِلُونَ عِنْدَمَا يَهْرُبُونَ فِي ٱلْقِتَالِ. ٤ وَسَتَرَ ٱلْمَلِكُ وَجْهَهُ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: يَا ٱبْنِي أَبْشَالُومُ، يَا أَبْشَالُومُ ٱبْنِي يَا ٱبْنِي! ٥ فَدَخَلَ يُوآبُ إِلَى ٱلْمَلِكِ إِلَى ٱلْبَيْتِ وَقَالَ: قَدْ أَخْزَيْتَ ٱلْيَوْمَ وُجُوهَ جَمِيعِ عَبِيدِكَ، مُنْقِذِي نَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ وَأَنْفُسِ بَنِيكَ وَبَنَاتِكَ وَأَنْفُسِ نِسَائِكَ وَأَنْفُسِ سَرَارِيِّكَ، ٦ بِمَحَبَّتِكَ لِمُبْغِضِيكَ وَبُغْضِكَ لِمُحِبِّيكَ. لأَنَّكَ أَظْهَرْتَ ٱلْيَوْمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَكَ رُؤَسَاءُ وَلاَ عَبِيدٌ، لأَنِّي عَلِمْتُ ٱلْيَوْمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَبْشَالُومُ حَيّاً وَكُلُّنَا ٱلْيَوْمَ مَوْتَى لَحَسُنَ حِينَئِذٍ ٱلأَمْرُ فِي عَيْنَيْكَ. ٧ فَٱلآنَ قُمْ وَٱخْرُجْ وَطَيِّبْ قُلُوبَ عَبِيدِكَ. لأَنِّي قَدْ أَقْسَمْتُ بِٱلرَّبِّ إِنَّهُ إِنْ لَمْ تَخْرُجْ لاَ يَبِيتُ أَحَدٌ مَعَكَ هٰذِهِ ٱللَّيْلَةَ، وَيَكُونُ ذٰلِكَ أَشَرَّ عَلَيْكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ أَصَابَكَ مُنْذُ صِبَاكَ إِلَى ٱلآنَ! ٨ فَقَامَ ٱلْمَلِكُ وَجَلَسَ فِي ٱلْبَابِ. فَأَخْبَرُوا جَمِيعَ ٱلشَّعْبِ: هُوَذَا ٱلْمَلِكُ جَالِسٌ فِي ٱلْبَابِ. فَأَتَى جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ أَمَامَ ٱلْمَلِكِ. وَأَمَّا إِسْرَائِيلُ فَهَرَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ».
ص ١٨: ٥ و١٤ ص ١٥: ٣٠ ص ١٨: ٣٣ ص ١٥: ٢ و١٨: ٢٤ ص ١٨: ١٧
إن داود بحزنه المفرط على ابنه أبشالوم أهمل واجباته لشعبه فإنهم كانوا قد خاطروا بنفوسهم في الحرب من أجله فانتظروا كلمة شكر وكان يجب أن يكون ذلك اليوم يوم فرح وعلى داود أن يصبر في مصيبته وينظر إلى أمور المملكة وعموم الشعب ويتذكر أن مدحه للشعب ثمين عندهم وعدم المدح يكدّرهم جداً. غير أن حزن داود لم يكن على ابنه فقط بل لأنه رأى في موت ابنه غضب الله عليه أيضاً. ولم يشعر يوآب والشعب بهذا الأمر لأنهم لم يشعروا بعظمة الخطيئة والابتعاد عن الله كما شعر بها داود.
فَدَخَلَ يُوآبُ (ع ٥) أمينة هي جروح المحب (أمثال ٢٧: ٦) كلامه حق غير أنه لم يظهر الاعتبار اللائق لمن كان أكبر منه بمنصبه وبصفاته الروحية.
مُنْقِذِي نَفْسِكَ لو نجح أبشالوم لكان قتل اباه وربما كان قتل إخوته أيضاً وغيرهم من أهل بيت أبيه والذين كانوا من المتقدمين في خدمة داود كيوآب وغيره من الجبابرة (قضاة ٩: ٥ و١ملوك ١٥: ٢٩ و١٦: ١١ و٢ملوك ١٠: ٦ و١١: ١).
بُغْضِكَ لِمُحِبِّيكَ (ع ٦) لم يبغض داود شعبه وكان حزن جداً لو انكسروا في حرب أبشالوم ولكن عدم المدح لمن ينتظره كالتوبيخ له وعدم الاهتمام بمن يتوقع المحبة كالبغض. وفي كلام يوآب مبالغة قصد بها زيادة التأثير في داود.
فَٱلآنَ قُمْ وَٱخْرُجْ (ع ٧) أمر يوآب الملك كأنه هو الملك.
قَدْ أَقْسَمْتُ بِٱلرَّبِّ لا نفهم من قوله هذا أنه قصد الفتنة وخلع داود بل أنه أظهر له بأوضح الألفاظ وأشدها نتيجة عمله إن لم يخرج ويطيب قلوب عبيده فإنهم كلهم سيتركونه ويطلبون ملكاً آخر.
وَأَمَّا إِسْرَائِيلُ فَهَرَبُوا (ع ٨) أي شعب أبشالوم المكسورون.
كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ أي إلى مسكنه خيمة كان أو بيتاً.
٩ - ١٥ «٩ وَكَانَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ فِي خِصَامٍ فِي جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ قَائِلِينَ: إِنَّ ٱلْمَلِكَ قَدْ أَنْقَذَنَا مِنْ يَدِ أَعْدَائِنَا وَهُوَ نَجَّانَا مِنْ يَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَٱلآنَ قَدْ هَرَبَ مِنَ ٱلأَرْضِ لأَجْلِ أَبْشَالُومَ ١٠ وَأَبْشَالُومُ ٱلَّذِي مَسَحْنَاهُ عَلَيْنَا قَدْ مَاتَ فِي ٱلْحَرْبِ. فَٱلآنَ لِمَاذَا أَنْتُمْ سَاكِتُونَ عَنْ إِرْجَاعِ ٱلْمَلِكِ؟ ١١ وَأَرْسَلَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ إِلَى صَادُوقَ وَأَبِيَاثَارَ ٱلْكَاهِنَيْنِ قَائِلاً: قُولاَ لِشُيُوخِ يَهُوذَا: لِمَاذَا تَكُونُونَ آخِرِينَ فِي إِرْجَاعِ ٱلْمَلِكِ إِلَى بَيْتِهِ، وَقَدْ أَتَى كَلاَمُ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ إِلَى ٱلْمَلِكِ فِي بَيْتِهِ؟ ١٢ أَنْتُمْ إِخْوَتِي. أَنْتُمْ عَظْمِي وَلَحْمِي. فَلِمَاذَا تَكُونُونَ آخِرِينَ فِي إِرْجَاعِ ٱلْمَلِكِ؟ ١٣ وَقُولاَ لِعَمَاسَا: أَمَا أَنْتَ عَظْمِي وَلَحْمِي؟ هٰكَذَا يَفْعَلُ بِيَ ٱللّٰهُ وَهٰكَذَا يَزِيدُ إِنْ كُنْتَ لاَ تَصِيرُ رَئِيسَ جَيْشٍ عِنْدِي كُلَّ ٱلأَيَّامِ بَدَلَ يُوآبَ. ١٤ فَٱسْتَمَالَ قُلُوبَ جَمِيعِ رِجَالِ يَهُوذَا كَرَجُلٍ وَاحِدٍ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ٱلْمَلِكِ قَائِلِينَ: ٱرْجِعْ أَنْتَ وَجَمِيعُ عَبِيدِكَ. ١٥ فَرَجَعَ ٱلْمَلِكُ وَأَتَى إِلَى ٱلأُرْدُنِّ، وَأَتَى يَهُوذَا إِلَى ٱلْجِلْجَالِ سَائِراً لِمُلاَقَاةِ ٱلْمَلِكِ لِيُعَبِّرَ ٱلْمَلِكَ ٱلأُرْدُنَّ».
ص ٨: ١ - ١٤ ص ٥: ٢٠ و٨: ١ ص ١٥: ١٤ ص ١٥: ٢٩ ص ٥: ١ ص ١٧: ٢٥ و١ملوك ١٩: ٢ ص ٨: ١٦ ع ٥ - ٧ وص ٣: ٢٧ - ٣٩ قضاة ٢٠: ١ يشوع ٥: ٩ و١صموئيل ١١: ١٤ و١٥
فِي خِصَامٍ كانوا مسحوا أبشالوم ملكاً عليهم والظاهر أن شيوخ جميع الأسباط اجتمعوا في حبرون لأجل مسحه. وهرب داود ومات أبشالوم فأصبحوا بلا ملك. وترجح عندهم إرجاع داود. ولكن سبط يهوذا كانوا ساكتين لأنهم كانوا أشد من غيرهم في فتنة أبشالوم ولم يعرفوا ماذا يعمل بهم داود إذا رجع. فأرسل داود الكاهنين صادوق وأبياثار ليبينا لهم محبته وذكّرهم أنه أحدهم وهم إخوته عظمه ولحمه. وأرسل أيضاً لعماسا الذي كان رئيس جيش أبشالوم ووعده بأنه يقيمه رئيس الجيش عنده بدل يوآب. وبهذه الوسائل استمال قلوب جميع رجال يهوذا كرجل واحد. وأما وعده لعماس فقصد به إرضاء الذين كانوا مع أبشالوم وأراد أيضاً أن يستريح من يوآب الذي كان قد قتل أبشالوم وكلم داود بخشونة ووبخه بلا احترام. ولا شك أنه رأى أن يوآب لا يقبل تعيين عماسا فلا بد من قتل يوآب وإلا تقع الحرب بينهما ويحصل انشقاق في الجيش. وهنا نرى شيئاً من عدم اللياقة إذا أخرج هذا العمل إلى حيز الفعل مع من حارب حروبه وكان أميناً له في أعظم ساعات ضيقه.
ٱلْجِلْجَالِ (ع ١٥) بين أريحا والأردن تبعد عنه نحو ٤ أميال وهي أول قرية احتلها بنو إسرائيل بعدما عبروا الأردن (يشوع ٤: ١٩) وكانت مقر حكومتهم أثناء حرب يشوع والكنعانيين ومقر التابوت وكان صموئيل يذهب إليها (١صموئيل ٧: ١٦) وفي موقعها قرية تدعى الآن جلجلية. واجتمع في الجلجال شيوخ يهوذا ليعبّروا الملك الأردن. وسنرى (ع ٤٢ و٤٣) ما نتج عن ذلك الشر.
١٦ - ٢٣ «١٦ فَبَادَرَ شَمْعِي بْنُ جِيرَا ٱلْبِنْيَامِينِيُّ ٱلَّذِي مِنْ بَحُورِيمَ وَنَزَلَ مَعَ رِجَالِ يَهُوذَا لِلِقَاءِ ٱلْمَلِكِ دَاوُدَ ١٧ وَمَعَهُ أَلْفُ رَجُلٍ مِنْ بِنْيَامِينَ، وَصِيبَا غُلاَمُ بَيْتِ شَاوُلَ وَبَنُوهُ ٱلْخَمْسَةَ عَشَرَ وَعَبِيدُهُ ٱلْعِشْرُونَ مَعَهُ، فَخَاضُوا ٱلأُرْدُنَّ أَمَامَ ٱلْمَلِكِ. ١٨ وَعَبَرَ ٱلْقَارِبُ لِتَعْبِيرِ بَيْتِ ٱلْمَلِكِ وَلِعَمَلِ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ. وَسَقَطَ شَمْعِي بْنُ جِيرَا أَمَامَ ٱلْمَلِكِ عِنْدَمَا عَبَرَ ٱلأُرْدُنَّ ١٩ وَقَالَ لِلْمَلِكِ: لاَ يَحْسِبْ لِي سَيِّدِي إِثْماً، وَلاَ تَذْكُرْ مَا ٱفْتَرَى بِهِ عَبْدُكَ يَوْمَ خُرُوجِ سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ مِنْ أُورُشَلِيمَ حَتَّى يَضَعَ ٱلْمَلِكُ ذٰلِكَ فِي قَلْبِهِ. ٢٠ لأَنَّ عَبْدَكَ يَعْلَمُ أَنِّي قَدْ أَخْطَأْتُ، وَهَئَنَذَا قَدْ جِئْتُ ٱلْيَوْمَ أَوَّلَ كُلِّ بَيْتِ يُوسُفَ وَنَزَلْتُ لِلِقَاءِ سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ. ٢١ فَقَالَ أَبِيشَايُ ٱبْنُ صَرُويَةَ: أَلاَ يُقْتَلُ شَمْعِي لأَنَّهُ سَبَّ مَسِيحَ ٱلرَّبِّ؟ ٢٢ فَقَالَ دَاوُدُ: مَا لِي وَلَكُمْ يَا بَنِي صَرُويَةَ حَتَّى تَكُونُوا لِيَ ٱلْيَوْمَ مُقَاوِمِينَ؟ آلْيَوْمَ يُقْتَلُ أَحَدٌ فِي إِسْرَائِيلَ؟ أَفَمَا عَلِمْتُ أَنِّي ٱلْيَوْمَ مَلِكٌ عَلَى إِسْرَائِيلَ؟ ٢٣ ثُمَّ قَالَ ٱلْمَلِكُ لِشَمْعِي: لاَ تَمُوتُ. وَحَلَفَ لَهُ ٱلْمَلِكُ».
ص ١٦: ٥ - ١٣ و١ملوك ٢: ٨ ع ٢٦ و٢٧ وص ١٦: ١ - ٤ ص ١٦: ٦ - ٨ و١صموئيل ٢٢: ١٥ ص ١٦: ٥ ص ١٦: ٧ و٨ خروج ٢٢: ٢٨ ص ٣: ٣٩ و١٦: ٩ و١٠ و١صموئيل ١١: ١٣ و١ملوك ٢: ٨
فَبَادَرَ شَمْعِي لأنه حينما رأى أن الملك سيرجع إلى أورشليم خاف معاقبته له على ما كان أهانه به (١٦: ٥ - ١٣) وصيبا كذلك خاف من ظهور خيانته لسيده مفيبوشث (٩: ٢ - ١٠ و١٦: ١ - ١٤).
أَلْفُ رَجُلٍ مِنْ بِنْيَامِينَ (ع ١٧) هذا دليل على اعتبار سبطه له وقوّة حزبه.
فَخَاضُوا ٱلأُرْدُنَّ أَمَامَ ٱلْمَلِكِ أي عبروا من الغرب إلى الشرق ليلاقوه ويرجعوا معه.
وَعَبَرَ ٱلْقَارِبُ لِتَعْبِيرِ بَيْتِ ٱلْمَلِكِ (ع ١٨) لأن الملك وبيته لم يقدروا أن يخوضوا النهر كالشعب. والكلمة العبرانية تفيد أن القارب عبر ورجع مرات عديدة.
وَسَقَطَ شَمْعِي الخ اتضع واعترف بخطيئته وطلب الغفران.
أَوَّلَ كُلِّ بَيْتِ يُوسُفَ (ع ٢٠) كان بيت يوسف كناية عن أفرايم ومنسى (١ملوك ١١: ٢٨ عاموس ٥: ٦) وكان أفرايم المتقدم أكثر من غيره من الأسباط العشرة. ومعنى شمعي أنه حضر ليبايع الملك بالنيابة عن إسرائيل كما فعل شيوخ يهوذا بالنيابة عن سبطهم.
فَقَالَ أَبِيشَايُ (ع ٢١) طلب أبيشاي سابقاً قتل شمعي فمنعه الملك ولكنه ظن الآن أن المانع قد زال بعد انتصار الملك فصار قتل شمعي ممكناً وواجباً وضرورياً لأن من سبّ الملك كمن سبّ الرب.
تَكُونُوا لِيَ ٱلْيَوْمَ مُقَاوِمِينَ (ع ٢٢) أشار بقوله إلى يوآب أيضاً وأظهر كدره وضجره من مداخلتهم في أمور الملك وحكمهم عليه.
آلْيَوْمَ يُقْتَلُ أَحَدٌ كان ذلك اليوم يوم فرح وسلم ومصالحة إذ رجع الملك واتحد جميع إسرائيل به. ورأى داود أيضاً أن قتل شمعي يهيج عليه بنيامين وجميع الأسباط العشرة. ولم يقصد في ذلك اليوم الانشقاق وتجديد الحرب بل الصلح والاتحاد.
وَحَلَفَ لَهُ ٱلْمَلِكُ (ع ٢٣) لم يقتله ولكنه قبل موته أوصى ابنه سليمان بقتله (١ملوك ٢: ٨ و٩ و٣٦ - ٤٦). سامحه ولكن ليس من كل قلبه وقتل شمعي بعد موت داود عن يد غيره يعد نكثاً للحلف وسبب قتله في أيام سليمان لم يكن لمجرد خروجه من أورشليم بل لعمله مع داود.
٢٤ - ٣٠ «٢٤ وَنَزَلَ مَفِيبُوشَثُ ٱبْنُ شَاوُلَ لِلِقَاءِ ٱلْمَلِكِ وَلَمْ يَعْتَنِ بِرِجْلَيْهِ وَلاَ ٱعْتَنَى بِلِحْيَتِهِ وَلاَ غَسَلَ ثِيَابَهُ مِنَ ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي ذَهَبَ فِيهِ ٱلْمَلِكُ إِلَى ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي أَتَى فِيهِ بِسَلاَمٍ. ٢٥ فَلَمَّا جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِلِقَاءِ ٱلْمَلِكِ قَالَ لَهُ ٱلْمَلِكُ: لِمَاذَا لَمْ تَذْهَبْ مَعِي يَا مَفِيبُوشَثُ؟ ٢٦ فَقَالَ: يَا سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ إِنَّ عَبْدِي قَدْ خَدَعَنِي، لأَنَّ عَبْدَكَ قَالَ: أَشُدُّ لِنَفْسِيَ ٱلْحِمَارَ فَأَرْكَبُ عَلَيْهِ وَأَذْهَبُ مَعَ ٱلْمَلِكِ، لأَنَّ عَبْدَكَ أَعْرَجُ. ٢٧ وَوَشَى بِعَبْدِكَ إِلَى سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ، وَسَيِّدِي ٱلْمَلِكُ كَمَلاَكِ ٱللّٰهِ. فَٱفْعَلْ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ. ٢٨ لأَنَّ كُلَّ بَيْتِ أَبِي لَمْ يَكُنْ إِلاَّ أُنَاساً مَوْتَى لِسَيِّدِي ٱلْمَلِكِ، وَقَدْ جَعَلْتَ عَبْدَكَ بَيْنَ ٱلآكِلِينَ عَلَى مَائِدَتِكَ. فَأَيُّ حَقٍّ لِي بَعْدُ حَتَّى أَصْرُخَ أَيْضاً إِلَى ٱلْمَلِكِ؟ ٢٩ فَقَالَ لَهُ ٱلْمَلِكُ: لِمَاذَا تَتَكَلَّمُ بَعْدُ بِأُمُورِكَ؟ قَدْ قُلْتُ إِنَّكَ أَنْتَ وَصِيبَا تَقْسِمَانِ ٱلْحَقْلَ. ٣٠ فَقَالَ مَفِيبُوشَثُ لِلْمَلِكِ: فَلْيَأْخُذِ ٱلْكُلَّ أَيْضاً بَعْدَ أَنْ جَاءَ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ بِسَلاَمٍ إِلَى بَيْتِهِ».
ص ٩: ٦ - ١٠ ص ١٢: ٢٠ خروج ١٩: ١٠ ص ١٦: ١٧ ص ٩: ٣ ص ١٦: ٣ و٤ ص ١٤: ١٧ و٢٠ ص ٢١: ٦ - ٩ ص ٩: ٧ و١٠ و١٣
وَنَزَلَ مَفِيبُوشَثُ من بيته في جبعة بني بنيامين إلى أورشليم.
لَمْ يَعْتَنِ بِرِجْلَيْهِ الخ علامة الحزن (١٢: ٢٠ حزقيال ٢٤: ١٧ و٢٢).
جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِلِقَاءِ ٱلْمَلِكِ (ع ٢٥) المذكور في (ع ٢٤ - ٣١) كان حدوثه بعد المذكور في (ع ٣١ - ٤٠) ولعل سبب ذكره هنا علاقة مفيبوشث بصيبا الذي سبق ذكره في (ع ١٧).
عَبْدِي قَدْ خَدَعَنِي (ع ٢٦) أي صيبا فإن مفيبوشث أمره أن يشد له على الحمار ليركب ويذهب مع الملك وأما صيبا فأخذ الحمارين وذهب إلى الملك وترك مفيبوشث وهو أعرج بلا مركوب (١٦: ١ - ٤) ووشى بمفيبوشث إلى داود بقوله أنه قال اليوم يرد لي بيت إسرائيل مملكة أبي.
كَمَلاَكِ ٱللّٰهِ (ع ٢٧) يعرف الحق ويحكم بالعدل. أي سلم أمر الأملاك لحكم الملك.
أُنَاساً مَوْتَى لِسَيِّدِي ٱلْمَلِكِ (ع ٢٨) كان داود قادراً على قتل مفيبوشث لو أراد وكان ذلك من الأمور العادية عند الملوك ولكنه حفظه وأحسن إليه بما لم يستحقه.
تَقْسِمَانِ ٱلْحَقْلَ (ع ٢٩) والقول يحتمل تفسيرين (١) إن صيبا يرد لمفيبوشث النصف ويبقي لنفسه النصف الآخر. وهذا الأرجح. (٢) إن صيبا يرد الكل لمفيبوشث ويعمل له في الأرض ويأخذ نصف غلتها لنفسه أجرة أي يرجع كل شيء إلى ما كان في الأول. وداود لم يستحسن أن يحكم على صيبا أو يطرده من خدمته لأنه كان قد عمل معروفاً مع داود في يوم ضيقه إذ أهداه حمارين ومأكولات ومشروبات (١٦: ١ و٢) ولاقاه عند رجوعه ولم يستحسن الملك أن يعمل ما يغيظ بيت شاول الذي كان صيبا منه.
فَلْيَأْخُذِ ٱلْكُلَّ (ع ٣٠) أي اهتمامه بسيده الملك لا بالأملاك. ولعله شعر بشيء من الظلم في حكم الملك فيكون معنى قوله أن الملك يعمل كما يريد حقاً كان أم ظلماً.
٣١ - ٤٠ «٣١ وَنَزَلَ بَرْزِلاَّيُ ٱلْجِلْعَادِيُّ مِنْ رُوجَلِيمَ وَعَبَرَ ٱلأُرْدُنَّ مَعَ ٱلْمَلِكِ لِيُشَيِّعَهُ عِنْدَ ٱلأُرْدُنِّ. ٣٢ وَكَانَ بَرْزِلاَّيُ قَدْ شَاخَ جِدّاً كَانَ ٱبْنَ ثَمَانِينَ سَنَةً. وَهُوَ عَالَ ٱلْمَلِكَ عِنْدَ إِقَامَتِهِ فِي مَحَنَايِمَ لأَنَّهُ كَانَ رَجُلاً عَظِيماً جِدّاً. ٣٣ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِبَرْزِلاَّيَ: ٱعْبُرْ أَنْتَ مَعِي وَأَنَا أَعُولُكَ مَعِي فِي أُورُشَلِيمَ. ٣٤ فَقَالَ بَرْزِلاَّيُ لِلْمَلِكِ: كَمْ أَيَّامُ سِنِي حَيَاتِي حَتَّى أَصْعَدَ مَعَ ٱلْمَلِكِ إِلَى أُورُشَلِيمَ؟ ٣٥ أَنَا ٱلْيَوْمَ ٱبْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً. هَلْ أُمَيِّزُ بَيْنَ ٱلطَّيِّبِ وَٱلرَّدِيءِ، وَهَلْ يَسْتَطْعِمُ عَبْدُكَ بِمَا آكُلُ وَمَا أَشْرَبُ، وَهَلْ أَسْمَعُ أَيْضاً أَصْوَاتَ ٱلْمُغَنِّينَ وَٱلْمُغَنِّيَاتِ؟ فَلِمَاذَا يَكُونُ عَبْدُكَ أَيْضاً ثِقْلاً عَلَى سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ؟ ٣٦ يَعْبُرُ عَبْدُكَ قَلِيلاً ٱلأُرْدُنَّ مَعَ ٱلْمَلِكِ. وَلِمَاذَا يُكَافِئُنِي ٱلْمَلِكُ بِهٰذِهِ ٱلْمُكَافَأَةِ؟ ٣٧ دَعْ عَبْدَكَ يَرْجِعُ فَأَمُوتَ فِي مَدِينَتِي عِنْدَ قَبْرِ أَبِي وَأُمِّي. وَهُوَذَا عَبْدُكَ كِمْهَامُ يَعْبُرُ مَعَ سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ فَٱفْعَلْ لَهُ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ. ٣٨ فَأَجَابَ ٱلْمَلِكُ: إِنَّ كِمْهَامَ يَعْبُرُ مَعِي فَأَفْعَلُ لَهُ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ، وَكُلُّ مَا تَتَمَنَّاهُ مِنِّي أَفْعَلُهُ لَكَ. ٣٩ فَعَبَرَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ ٱلأُرْدُنَّ، وَٱلْمَلِكُ عَبَرَ. وَقَبَّلَ ٱلْمَلِكُ بَرْزِلاَّيَ وَبَارَكَهُ فَرَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ. ٤٠ وَعَبَرَ ٱلْمَلِكُ إِلَى ٱلْجِلْجَالِ وَعَبَرَ كِمْهَامُ مَعَهُ، وَكُلُّ شَعْبِ يَهُوذَا عَبَّرُوا ٱلْمَلِكَ، وَكَذٰلِكَ نِصْفُ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ».
ص ١٧: ٢٧ - ٢٩ و١ملوك ٢: ٧ تكوين ٤٧: ٨ مزمور ٩٠: ١٠ جامعة ٢: ٨ وإشعياء ٥: ١١ و١٢ ص ١٥: ٣٣ ع ٤٠ و١ملوك ٢: ٧ وإرميا ٤١: ١٧ ص ١٤: ٣٣ وتكوين ٣١: ٥٥ وراعوث ١: ١٤ ع ٩ و١٠
بَرْزِلاَّيُ (راجع ١٧: ٢٧ - ٢٩).
ٱبْنَ ثَمَانِينَ سَنَةً (ع ٣٢) دليل على أن أعمار الناس في ذلك الزمن كانت كأعمارهم اليوم اي إن ابن ثمانين سنة قد شاخ جداً.
وَأَنَا أَعُولُكَ مَعِي فِي أُورُشَلِيمَ (ع ٣٣) ليس لأنه محتاج لأنه كان رجلاُ غنياً بل لأن الملك قصد إكرامه.
ٱلْمُغَنِّينَ وَٱلْمُغَنِّيَاتِ (ع ٣٥) كانوا في ولائم الملوك (جامعة ٢: ٨ إشعياء ٥: ١١ و١٢ و٢٤: ٨ و٩ عاموس ٦: ٤ - ٦).
فَأَمُوتَ فِي مَدِينَتِي (ع ٣٧) كان القدماء يهتمون كثيراً بهذا الأمر ويشتهون الدفن مع آبائهم (انظر وصية يعقوب الأخيرة تكوين ٤٩: ٢٩ - ٣٣ ويوسف تكوين ٥٠: ٢٥ ودفن جدعون قضاة ٨: ٣٢).
كِمْهَامُ حوّل لابنه كمهام ما كان داود قصد عمله له فعبر الأردن مع داود وداود أوصى سليمان به (١ملوك ٢: ٧) وفي (إرميا ٤: ١٧) جيروت كمهام أي منزل كمهام التي بجانب بيت لحم والمظنون أن داود أعطى كمهام شيئاً من ملكه في بيت لحم. وظن أحد المفسرين أن يسوع ولد في هذا المنزل.
٤١ - ٤٣ «٤١ وَإِذَا بِجَمِيعِ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ جَاءُونَ إِلَى ٱلْمَلِكِ، وَقَالُوا لِلْمَلِكِ: لِمَاذَا سَرِقَكَ إِخْوَتُنَا رِجَالُ يَهُوذَا وَعَبَرُوا ٱلأُرْدُنَّ بِٱلْمَلِكِ وَبَيْتِهِ وَكُلِّ رِجَالِ دَاوُدَ مَعَهُ؟ ٤٢ فَأَجَابَ كُلُّ رِجَالِ يَهُوذَا رِجَالَ إِسْرَائِيلَ: لأَنَّ ٱلْمَلِكَ قَرِيبٌ إِلَيَّ. وَلِمَاذَا تَغْتَاظُ مِنْ هٰذَا ٱلأَمْرِ؟ هَلْ أَكَلْنَا شَيْئاً مِنَ ٱلْمَلِكِ أَوْ وَهَبَنَا هِبَةً؟ ٤٣ فَأَجَابَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ رِجَالَ يَهُوذَا: لِي عَشَرَةُ أَسْهُمٍ فِي ٱلْمَلِكِ، وَأَنَا أَحَقُّ مِنْكَ بِدَاوُدَ. فَلِمَاذَا ٱسْتَخْفَفْتَ بِي وَلَمْ يَكُنْ كَلاَمِي أَوَّلاً فِي إِرْجَاعِ مَلِكِي؟ وَكَانَ كَلاَمُ رِجَالِ يَهُوذَا أَقْسَى مِنْ كَلاَمِ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ».
قضاة ٨: ١ و١٢: ١ ع ١١ و١٢ ع ١٢ ص ٥: ١ و١ملوك ١١: ٣٠ و٣١
كان رجال إسرائيل الأولين في إرجاع الملك (ع ٩ - ١١) فأرسل الملك إلى يهوذا وقال لهم لماذا تكونون الآخرين. فاستمال قلوبهم ونزلوا إلى الجلجال لملاقاة الملك وكان معهم أناس من بني بنيامين (ع ١٦ و١٧). ولا شك أنه كان معهم أناس من أسباط رأوبين وجاد ومنسى الذين كانت أرضهم شرقي الأردن فكان نحو نصف إسرائيل مع يهوذا (ع ٤٠). ولا شك أن النصف الآخر قصد الذهاب إلى الأردن ليلاقوا الملك مع إخوتهم ولكن لكونهم بعيدين تأخروا فسبقهم يهوذا. كانوا كلهم غيورين في العمل الصالح ولكن مع هذه الغيرة نتج من الحسد شر (قضاة ٨: ١ و١٢: ١٠).
لِمَاذَا سَرِقَكَ إِخْوَتُنَا (ع ٤١) السؤال لداود وأما رجال يهوذا فلم ينتظروا حتى يجاوبهم الملك بل جاوبوهم هم. ومعنى «سرقك» أن رجال يهوذا عبروا الملك دون أن يشركوا رجال إسرائيل في هذا وأخذوا لأنفسهم الفضل الذي يجب أن يكون للشعب كله ولاموا الملك لأنه سمح لهم بذلك.
قَرِيبٌ إِلَيَّ (ع ٤٢) بضمير المفرد لأن جميع يهوذا وهم الفريق الواحد كانوا كشخص واحد وجميع إسرائيل وهم الفريق الثاني في هذا الخصام كانوا كشخص آخر. وفي قول يهوذا أن (ذو قرابة لهم) خطر فكان من الحكمة أن يقولوا إن داود ليس لسبط واحد بل للكل والكل متحدون فيه فلا يُفضّل سبط على آخر.
هَلْ أَكَلْنَا شَيْئاً مِنَ ٱلْمَلِكِ استفهام إنكاري أي لم يأكلوا شيئاً من الملك وليس لهم فيه غاية نفسيّة.
لِي عَشَرَةُ أَسْهُمٍ (ع ٤٣) حسبوا أفرايم ومنسى سبطاً واحداً ومن الاثني عشر سبطاً أسقطوا يهوذا وبنيامين اللذَين اتحدا في إرجاع الملك واتحدا أيضاً لما انقسمت المملكة في أيام رحبعام فكان الباقي عشرة أسباط. كان اللاويون متفرقين في كل الأسباط وكان سبط شمعون في أقصى الجنوب بلا اعتبار وبلا ذكر وأخيراً انضم إلى سبط يهوذا. ولكنهم لم يدققوا كثيراً في الحساب لما قالوا «لي عشرة أسهم». وسبب اتحاد بنيامين بيهوذا أن مدينة داود أورشليم كانت على الحد بين السبطين فكان نصفها ليهوذا ونصفها لبنيامين.
فوائد



  • ع ٦ «بمحبتك لمبغضيك وبغضك لمحبيك» من المحبين الوالدون والمعلمين والرعاة والأصدقاء الأتقياء والأنبياء والرسل الذين يتكلمون بكلام الله في الكتاب المقدس وهؤلاء أجمعون يطلبون للناس السلام والخلاص. ولكن بعض الناس من فساد قلوبهم يُبغضونهم. ومن المبغضين أصحاب الخمارات والمقامرون والمداهنون والأرذال وهؤلاء يطلبون الربح لنفوسهم ولو بهلاك غيرهم. وما أعجب أن نرى لهؤلاء بعض المحبين.
  • ع ٢٢ «اليوم يُقتل أحد في إسرائيل» لا يُقتل من يعترف بخطيئته ويرجع عنها إلى الله. إن الله لا يسر بموت الخاطي بل يريد أن الجميع يؤمنون بالمسيح والخلاص. إن اليوم يوم خلاص ووقت مقبول ولكن سيأتي يوم فيه يقعد الرب على كرسي الدينونة.
  • ع ٢٦ «لأن عبدك أعرج» الإنسان محدود (١) في قواه الجسدية والعقلية. لكل واحد شوكة في الجسد (٢) في قواه الروحية لأن قلبه فاسد فلا يعمل ما يقدر أن يعمله من الصلاح لو أراد. (٣) في أحواله وفي كثرة العوائق في سبيل العمل الصالح. فعليه أن يعترف بضعفه ويلتجئ إلى يسوع ابن داود الذي تكمل قوته بضعف الإنسان (٢كورنثوس ١٢: ٧ - ١٠) والذي باسمه يقوم الأعرج ويمشي (أعمال ٣: ٦).
  • ع ٤٣ «كم أيام سني حياتي» سؤال الإنسان لنفسه. أيامنا قليلة وإن كانت ثمانين سنة. أفراح هذا العالم زائلة فلا نشبهها. أحزان هذا العالم وقتية فلا نهتم بها. فرَص الخدمة محدودة فلا نهملها.
  • ع ٤٣ «أنا أحق منك بداود» الغيرة ممدوحة (١) في كل عمل لا سيما في إرجاع الخطأة إلى ملكهم يسوع. (٢) إذا اقترنت بها المحبة تطلب نجاح غيرنا ومجد غيرنا كما نطلب لأنفسنا. (٣) إذا كانت ثاتبة.




اَلأَصْحَاحُ ٱلْعِشْرُونَ


١ - ٣ «١ وَاتَّفَقَ هُنَاكَ رَجُلٌ لَئِيمٌ ٱسْمُهُ شَبَعُ بْنُ بِكْرِي رَجُلٌ بِنْيَامِينِيٌّ، فَضَرَبَ بِٱلْبُوقِ وَقَالَ: لَيْسَ لَنَا قِسْمٌ فِي دَاوُدَ وَلاَ لَنَا نَصِيبٌ فِي ٱبْنِ يَسَّى. كُلُّ رَجُلٍ إِلَى خَيْمَتِهِ يَا إِسْرَائِيلُ. ٢ فَصَعِدَ كُلُّ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ مِنْ وَرَاءِ دَاوُدَ إِلَى وَرَاءِ شَبَعَ بْنِ بِكْرِي. وَأَمَّا رِجَالُ يَهُوذَا فَلاَزَمُوا مَلِكَهُمْ مِنَ ٱلأُرْدُنِّ إِلَى أُورُشَلِيمَ. ٣ وَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى بَيْتِهِ فِي أُورُشَلِيمَ. وَأَخَذَ ٱلْمَلِكُ ٱلنِّسَاءَ ٱلسَّرَارِيَّ ٱلْعَشَرَ ٱللَّوَاتِي تَرَكَهُنَّ لِحِفْظِ ٱلْبَيْتِ، وَجَعَلَهُنَّ تَحْتَ حَجْزٍ، وَكَانَ يَعُولُهُنَّ وَلٰكِنْ لَمْ يَدْخُلْ إِلَيْهِنَّ، بَلْ كُنَّ مَحبُوسَاتٍ إِلَى يَوْمِ مَوْتِهِنَّ فِي عِيشَةِ ٱلْعُزُوبَةِ».
ص ١٦: ٧ تكوين ٤٦: ٢١ ص ١٩: ٤٣ و١ملوك ١٢: ١٦ و١صموئيل ٢٢: ٧ - ٩ ص ١٨: ١٧ و١صموئيل ١٣: ٢ و٢أيام ١: ١٦
اتَّفَقَ هُنَاكَ أي في الجلجال.
بْنُ بِكْرِي ربما بكري هو باكر بن بنيامين الثاني (تكوين ٤٦: ٢١). ونزل بنو بنيامين إلى الأردن ليعبروا داود ولكنهم غضبوا من كلام يهوذا (١٩: ٤١ - ٤٣) ولسبب زهيد أضرموا ضرباً جديدة.
ضَرَبَ بِٱلْبُوقِ كان الضرب بالبوق أحياناً لجمع الجيش وأحياناً للقتال وأحياناً للتوقف عنه وهو هنا لفض الجيش.
كُلُّ رَجُلٍ إِلَى خَيْمَتِهِ أي إلى مسكنه والمعنى أنهم رفضوا حكم داود وتركوا خدمته غير أنهم لم يرجعوا إلى بيوتهم بل اجتمعوا لحرب جديدة بقيادة شبع (١ملوك ١٢: ١٦).
صَعِدَ كُلُّ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ (ع ٢) من الجلجال إلى جبل أفرايم. وما أعجب تقلبهم فإنهم كانوا مع داود ثم تبعوا أبشالوم ثم رجعوا إلى داود ثم تركوه وتبعوا شبع والسواد الأعظم منهم لا يدري السبب.
ٱلسَّرَارِيَّ (ع ٣) جعلهن تحت الحجز لأنه بعدما كان أبشالوم دخل عليهنّ (١٦: ٢٢) لا يليق أنهن يرجعن إليه.
٤ - ١٣ «٤ وَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِعَمَاسَا: ٱجْمَعْ لِي رِجَالَ يَهُوذَا فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، وَٱحْضُرْ أَنْتَ هُنَا. ٥ فَذَهَبَ عَمَاسَا لِيَجْمَعَ يَهُوذَا، وَلٰكِنَّهُ تَأَخَّرَ عَنِ ٱلْمِيقَاتِ ٱلَّذِي عَيَّنَهُ. ٦ فَقَالَ دَاوُدُ لأَبِيشَايَ: ٱلآنَ يُسِيءُ إِلَيْنَا شَبَعُ بْنُ بِكْرِي أَكْثَرَ مِنْ أَبْشَالُومَ. فَخُذْ أَنْتَ عَبِيدَ سَيِّدِكَ وَٱتْبَعْهُ لِئَلاَّ يَجِدَ لِنَفْسِهِ مُدُناً حَصِينَةً وَيَنْفَلِتَ مِنْ أَمَامِ أَعْيُنِنَا. ٧ فَخَرَجَ وَرَاءَهُ رِجَالُ يُوآبَ: ٱلْجَلاَّدُونَ وَٱلسُّعَاةُ وَجَمِيعُ ٱلأَبْطَالِ، وَخَرَجُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ لِيَتْبَعُوا شَبَعَ بْنَ بِكْرِي. ٨ وَلَمَّا كَانُوا عِنْدَ ٱلصَّخْرَةِ ٱلْعَظِيمَةِ ٱلَّتِي فِي جِبْعُونَ جَاءَ عَمَاسَا قُدَّامَهُمْ. وَكَانَ يُوآبُ مُتَنَطِّقاً عَلَى ثَوْبِهِ ٱلَّذِي كَانَ لاَبِسَهُ، وَفَوْقَهُ مِنْطَقَةُ سَيْفٍ فِي غِمْدِهِ مَشْدُودَةٌ عَلَى حَقَوَيْهِ، فَلَمَّا خَرَجَ ٱنْدَلَقَ ٱلسَّيْفُ. ٩ فَقَالَ يُوآبُ لِعَمَاسَا: أَسَالِمٌ أَنْتَ يَا أَخِي؟ وَأَمْسَكَتْ يَدُ يُوآبَ ٱلْيُمْنَى بِلِحْيَةِ عَمَاسَا لِيُقَبِّلَهُ. ١٠ وَأَمَّا عَمَاسَا فَلَمْ يَحْتَرِزْ مِنَ ٱلسَّيْفِ ٱلَّذِي بِيَدِ يُوآبَ، فَضَرَبَهُ بِهِ فِي بَطْنِهِ فَدَلَقَ أَمْعَاءَهُ إِلَى ٱلأَرْضِ وَلَمْ يُثَنِّ عَلَيْهِ، فَمَاتَ. وَأَمَّا يُوآبُ وَأَبِيشَايُ أَخُوهُ فَتَبِعَا شَبَعَ بْنَ بِكْرِي. ١١ وَوَقَفَ عِنْدَهُ وَاحِدٌ مِنْ غِلْمَانِ يُوآبَ، فَقَالَ: مَنْ سُرَّ بِيُوآبَ، وَمَنْ هُوَ لِدَاوُدَ، فَوَرَاءَ يُوآبَ. ١٢ وَكَانَ عَمَاسَا يَتَمَرَّغُ فِي ٱلدَّمِ فِي وَسَطِ ٱلسِّكَّةِ. وَلَمَّا رَأَى ٱلرَّجُلُ أَنَّ كُلَّ ٱلشَّعْبِ يَقِفُونَ، نَقَلَ عَمَاسَا مِنَ ٱلسِّكَّةِ إِلَى ٱلْحَقْلِ وَطَرَحَ عَلَيْهِ ثَوْباً، لَمَّا رَأَى أَنَّ كُلَّ مَنْ يَصِلُ إِلَيْهِ يَقِفُ. ١٣ فَلَمَّا نُقِلَ عَنِ ٱلسِّكَّةِ عَبَرَ كُلُّ إِنْسَانٍ وَرَاءَ يُوآبَ لاتِّبَاعِ شَبَعَ بْنِ بِكْرِي».
ص ١٧: ٢٥ و١٩: ١٣ و١صموئيل ١٣: ٨ ص ٢١: ١٧ ص ١١: ١١ و١ملوك ١: ٣٣ ص ٨: ١٨ و١ملوك ١: ٣٨ ص ١٥: ١٨ ص ٢: ١٣ و٣: ٣٠ متّى ٢٦: ٤٩ ص ٢: ٢٣ و٣: ٢٧ و١ملوك ٢: ٥ ع ١٣
قَالَ ٱلْمَلِكُ لِعَمَاسَا بحسب الاتفاق السري بينهما أنه يصير رئيس الجيش بدل يوآب (١٩: ١٣).
ٱجْمَعْ لِي رِجَالَ يَهُوذَا كان الذين لازموا الملك من الجلجال إلى أورشليم قسماً فقط من رجال يهوذا.
ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ كان الأجل الذي عيّنه الملك لعماسا قصيراً وربما لم يصدق أهل يهوذا أن الذي كان رئيس جيش أبشالوم صار رئيساً لجيش داود.
قَالَ دَاوُدُ لأَبِيشَايَ (ع ٦) أخي يوآب ولم يكلم يوآب لأنه لم يستحسن أن يوآب يبقى رئيساً. فسكت أبيشاي وقتياً وذهب إلى الحرب بقيادة أخيه (ع ٧) الذي كان ينتهز فرصة لقتل عماسا ليرجع إلى قيادة الجيش.
ٱلْجَلاَّدُونَ وَٱلسُّعَاةُ (ع ٧) (انظر ٨: ١٨).
ٱلأَبْطَالِ ربما هم الجثيون المذكورون في (١٥: ١٨).
جِبْعُونَ (ع ٨) شمالي أورشليم وعلى بُعد خمسة أميال منها وكان بقربها القتال بين رجال داود ورجال اشبوشث (٢: ١٢ - ١٧).
جَاءَ عَمَاسَا قُدَّامَهُمْ كان جمع جيشاً في بنيامين بعدما كان جمع رجال يهوذا وكان راجعاً إلى أورشليم.
ٱنْدَلَقَ ٱلسَّيْفُ انسل من نفسه وربما كان بالقصد فرفعه بيده اليسرى وحينما قابل عماسا سلم عليه وأمسكه بلحيته بيده اليمنى ليقّبله فلم يحترز عماسا من السيف الذي بيد يوآب اليسرى وصدّق أن سلام يوآب هو سلام حقيقي فغدر يوآب بعماسا وقتله وجعل دم الحرب في منطقته وفي نعليه (١ملوك ٢: ٥) وترك عماسا يتمرّغ بدمه في وسط الطريق وسار مع أبيشاي لإدراك شبع وقتله.
مَنْ سُرَّ بِيُوآبَ وَمَنْ هُوَ لِدَاوُدَ (ع ١١) لا عجب إذا كان الشعب لا يعرفون من هو لداود ومن هو عليه وذلك من كثرة التقلب في الرئاسة والسياسة. ولعل قول يوآب هذا إشارة إلى أن عماسا لم يكن أميناً لداود. وأما غاية يوآب الحقيقية في قتل عماسا فهي الحسد.
كُلَّ ٱلشَّعْبِ يَقِفُونَ (ع ١٢) أي شعب عماسا لأنهم لم يعرفوا ماذا يعملون حينما رأوا قائدهم مجندلاً. فلما نُقلت جثة عماسا إلى الحقل وسمعوا كلام غلام يوآب تركوا عماسا وتبعوا يوآب.
١٤ - ٢٢ «١٤ وَعَبَرَ فِي جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ إِلَى آبَلَ وَبَيْتِ مَعْكَةَ وَجَمِيعِ ٱلْبِيرِيِّينَ، فَٱجْتَمَعُوا وَخَرَجُوا أَيْضاً وَرَاءَهُ. ١٥ وَجَاءُوا وَحَاصَرُوهُ فِي آبَلَ بَيْتِ مَعْكَةَ وَأَقَامُوا مِتْرَسَةً حَوْلَ ٱلْمَدِينَةِ فَأَقَامَتْ فِي ٱلْحِصَارِ، وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِينَ مَعَ يُوآبَ كَانُوا يُخْرِبُونَ لأَجْلِ إِسْقَاطِ ٱلسُّورِ. ١٦ فَنَادَتِ ٱمْرَأَةٌ حَكِيمَةٌ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ: اِسْمَعُوا. اِسْمَعُوا. قُولُوا لِيُوآبَ تَقَدَّمْ إِلَى هٰهُنَا فَأُكَلِّمَكَ. ١٧ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهَا، فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ: أَأَنْتَ يُوآبُ؟ فَقَالَ: أَنَا هُوَ. فَقَالَتْ لَهُ: ٱسْمَعْ كَلاَمَ أَمَتِكَ. فَقَالَ: أَنَا سَامِعٌ. ١٨ فَقَالَتْ: كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ أَوَّلاً قَائِلِينَ: سُؤَالاً يَسْأَلُونَ فِي آبَلَ. وَهٰكَذَا كَانُوا ٱنْتَهَوْا. ١٩ أَنَا مُسَالِمَةٌ أَمِينَةٌ فِي إِسْرَائِيلَ. أَنْتَ طَالِبٌ أَنْ تُمِيتَ مَدِينَةً وَأُمّاً فِي إِسْرَائِيلَ. لِمَاذَا تَبْلَعُ نَصِيبَ ٱلرَّبِّ؟ ٢٠ فَأَجَابَ يُوآبُ: حَاشَايَ! حَاشَايَ أَنْ أَبْلَعَ وَأَنْ أُهْلِكَ. ٢١ ٱلأَمْرُ لَيْسَ كَذٰلِكَ. لأَنَّ رَجُلاً مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ ٱسْمُهُ شَبَعُ بْنُ بِكْرِي رَفَعَ يَدَهُ عَلَى ٱلْمَلِكِ دَاوُدَ. سَلِّمُوهُ وَحْدَهُ فَأَنْصَرِفَ عَنِ ٱلْمَدِينَةِ. فَقَالَتِ ٱلْمَرْأَةُ لِيُوآبَ: هُوَذَا رَأْسُهُ يُلْقَى إِلَيْكَ عَنِ ٱلسُّورِ. ٢٢ فَأَتَتِ ٱلْمَرْأَةُ إِلَى جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ بِحِكْمَتِهَا فَقَطَعُوا رَأْسَ شَبَعَ بْنِ بِكْرِي أَأَلْقَوْهُ إِلَى يُوآبَ، فَضَرَبَ بِٱلْبُوقِ فَٱنْصَرَفُوا عَنِ ٱلْمَدِينَةِ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ. وَأَمَّا يُوآبُ فَرَجَعَ إِلَى أُورُشَلِيمَ إِلَى ٱلْمَلِكِ».
عدد ٢١: ١٦ و١ملوك ١٥: ٢٠ و٢ملوك ١٥: ٢٩ و٢ملوك ١٩: ٣٢ وحزقيال ٤: ٢ ص ١٤: ٢ تثنية ٢٠: ١٠ ص ١٤: ١٦ و٢١: ٣ و١صموئيل ٢٦: ١٩ يشوع ٢٤: ٣٣ ع ٢ ع ١٦ وجامعة ٩: ١٣ - ١٦ ع ١
عبر يوآب في جميع أسباط إسرائيل ليجمع جنوداً.
آبَلَ (ع ١٥) وهي آبل القمح في مرجعيون وبعد أيام يوآب أغار عليها بنهدد (١ملوك ١٥: ٢٠) وتغلث فلاس (٢ملوك ١٥: ٢٩) وآبل بالعبراني مرج وسميت أيضا آبل المياه (٢أيام ١٦: ٤).
أَقَامُوا مِتْرَسَةً حائطاً أو حثوة من التراب والحجارة أو الأخشاب ليستتروا بها ومنها كانوا يضربون سور المدينة (٢ملوك ١٩: ٣٢ وإشعياء ٣٧: ٣٣).
فَأَقَامَتْ فِي ٱلْحِصَارِ كانت المترسة تجاه السور وعلى مساواته بالعلّو.
ٱمْرَأَةٌ حَكِيمَةٌ (ع ١٦) (١٤: ٢) كان لها اعتبار في المدينة واعتبرها يوآب أيضاً إذ تقدم إلى سور المدينة ليسمع كلامها.
يَسْأَلُونَ فِي آبَلَ (ع ١٨) يستنتج من قولها أن أهل آبل كانوا مشهورين لحكمتهم فكان الناس يسألون فيها أي يطلبون أهلها وكان جوابهم مصيباً مقنعاً لا يقبل الاعتراض أو المراجعة. ومعنى المرأة أنه كان يجب على يوآب المفاوضة مع أهلها قبل أن يحاصرها لأنه من المحتمل أنهم يتفقون معه.
أَنَا مُسَالِمَةٌ أَمِينَةٌ (ع ١٩) تكلمت بالنيابة عن المدينة أي إن المدينة مسالمة أمينة.
وَأُمّاً فِي إِسْرَائِيلَ المدينة مثل أم إذ خرج منها مهاجرون وأسسوا مدناً جديدة.
لِمَاذَا تَبْلَعُ نَصِيبَ ٱلرَّبِّ كانت المدينة من مدن إسرائيل وكان الرب أعطاها لأهلها فيجب أن لا يخربها. ويوآب سلّم بقولها.
رَجُلاً مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ (ع ٢١) امتد جبل أفرايم إلى بنيامين فكان شبع بنيامينياً ومن جبل أفرايم (١صموئيل ١: ١).
فَأَتَتِ ٱلْمَرْأَةُ إِلَى جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ بِحِكْمَتِهَا (ع ٢٢) ذكر الجامعة رجلاً حكيماً نجّى مدينة بحكمته (جامعة ٩: ١٣ - ١٦).
فَٱنْصَرَفُوا الخ أي الذين كانوا تبعوا عماسا وبعد قتله تبعوا يوآب. وأما الجنود الذين أتوا مع يوآب فرجعوا معه.
٢٣ - ٢٥ «٢٣ وَكَانَ يُوآبُ عَلَى جَمِيعِ جَيْشِ إِسْرَائِيلَ، وَبَنَايَا بْنُ يَهُويَادَاعَ عَلَى ٱلْجَلاَّدِينَ وَٱلسُّعَاةِ، ٢٤ وَأَدُورَامُ عَلَى ٱلْجِزْيَةِ، وَيَهُوشَافَاطُ بْنُ أَخِيلُودَ مُسَجِّلاً، ٢٥ وَشِيوَا كَاتِباً، وَصَادُوقُ وَأَبِيَاثَارُ كَاهِنَيْنِ، ٢٦ وَعِيْرَا ٱلْيَائِيرِيُّ أَيْضاً كَانَ كَاهِناً لِدَاوُدَ».
ص ٨: ١٦ - ١٨ و١ملوك ٤: ٣ - ٦ ص ٢٣: ٣٨
(انظر ٨: ١٦ - ١٨ وتفسيره). ذُكر هنا ثانية وزراء داود لأن مملكته تأسست ثانية بعد انتصاره على أبشالوم ورجوعه إلى أورشليم. فنلاحظ هنا أن يوآب ثبت في منصبه وإن أراد داود عزله. كان أدورام على الجزية. في (١ملوك ٤: ٦ و٥: ١٤) ذكر أدونيرام الذي كان على التسخير وفي (١ملوك ١٢: ١٨) ذكر قتل أدورام إذ رُجم بالحجارة. والمظنون أن أدورام هو أدونيرام وإنه بقي من أيام داود إلى أيام رحبعام أي مدة أربعين سنة ونيف. غير أنه من المحتمل أنه كان اثنان أو ثلاثة بذات الاسم وبذات المنصب. والتسخير المكروه عند الشعب ابتدأ في أيام داود الأخيرة وهنا إشارة إلى دخول الظلم والاستبداد. وربما كان التسخير أولاً على الكنعانيين الساكنين بين بني إسرائيل. وشيوا هذا هو سرايا في (٨: ١٧) وعيرا هنا تقلد منصب بني داود (٨: ١٨) أي كان نديم الملك لأن داود لم يقدر أن يثق ببنيه كما في الأول.
فوائد



  • ع ١ «رجل لئيم» (١) يتفق وجوده في مكان لا يُدعى إليه وفي زمان لا يُطلب فيه (٢) يهيج الحسد والخصام دون الالتفات إلى الحق أو النظر إلى نتيجة العمل (٣) يهلك أخيراً ومعه كثيرون من الجهال.
  • ع ١٠ «فلم يحترز من السيف» (١) من يحب الرئاسة لا يحترز من الذين يحسدونه ويقاومونه (٢) من يحب المال لا يحترز من التجربة والفخ والشهوات التي تغرقه في العطب والهلاك (٣) من يحب لذّات هذا العالم لا يحترز من شوكتها. فعلينا أن نطلب قائلين: لا تدخلنا في تجربة.
  • ع ١٦ «امرأة حكيمة» (١) لأنها طلبت السلام وتسكين الغضب. (٢) لأنها دعت الناس إلى المفاوضة والتأمل والصبر والعدل والحق (٣) لأنها سلمت لما لا تقدر أن تقاومه وقبلت ما لا بد منه. وهذا يخالف رأي الرجل اللئيم.




اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي وَٱلْعِشْرُونَ


١ - ٨ «١ وَكَانَ جُوعٌ فِي أَيَّامِ دَاوُدَ ثَلاَثَ سِنِينَ، سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ. فَطَلَبَ دَاوُدُ وَجْهَ ٱلرَّبِّ. فَقَالَ ٱلرَّبُّ: هُوَ لأَجْلِ شَاوُلَ وَلأَجْلِ بَيْتِ ٱلدِّمَاءِ، لأَنَّهُ قَتَلَ ٱلْجِبْعُونِيِّينَ. ٢ (وَٱلْجِبْعُونِيُّونَ لَيْسُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَلْ مِنْ بَقَايَا ٱلأَمُورِيِّينَ، وَقَدْ حَلَفَ لَهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَطَلَبَ شَاوُلُ أَنْ يَقْتُلَهُمْ لأَجْلِ غَيْرَتِهِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا) ٣ فَدَعَا ٱلْمَلِكُ ٱلْجِبْعُونِيِّينَ وَقَالَ لَهُمْ: مَاذَا أَفْعَلُ لَكُمْ وَبِمَاذَا أُكَفِّرُ فَتُبَارِكُوا نَصِيبَ ٱلرَّبِّ؟ ٤ فَقَالَ لَهُ ٱلْجِبْعُونِيُّونَ: لَيْسَ لَنَا فِضَّةٌ وَلاَ ذَهَبٌ عِنْدَ شَاوُلَ وَلاَ عِنْدَ بَيْتِهِ، وَلَيْسَ لَنَا أَنْ نُمِيتَ أَحَداً فِي إِسْرَائِيلَ. فَقَالَ: مَهْمَا قُلْتُمْ أَفْعَلُهُ لَكُمْ. ٥ فَقَالُوا لِلْمَلِكِ: ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي أَفْنَانَا وَٱلَّذِي تَآمَرَ عَلَيْنَا لِيُبِيدَنَا لِكَيْ لاَ نُقِيمَ فِي كُلِّ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ، ٦ فَلْنُعْطَ سَبْعَةَ رِجَالٍ مِنْ بَنِيهِ فَنَصْلِبَهُمْ لِلرَّبِّ فِي جِبْعَةِ شَاوُلَ مُخْتَارِ ٱلرَّبِّ. فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: أَنَا أُعْطِي. ٧ وَأَشْفَقَ ٱلْمَلِكُ عَلَى مَفِيبُوشَثَ بْنِ يُونَاثَانَ بْنِ شَاوُلَ مِنْ أَجْلِ يَمِينِ ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي بَيْنَ دَاوُدَ وَيُونَاثَانَ بْنِ شَاوُلَ. ٨ فَأَخَذَ ٱلْمَلِكُ ٱبْنَيْ رِصْفَةَ ٱبْنَةِ أَيَّةَ ٱللَّذَيْنِ وَلَدَتْهُمَا لِشَاوُلَ: أَرْمُونِيَ وَمَفِيبُوشَثَ، وَبَنِي مِيكَالَ ٱبْنَةِ شَاوُلَ ٱلْخَمْسَةَ ٱلَّذِينَ وَلَدَتْهُمْ لِعَدْرِئِيلَ بْنِ بَرْزِلاَّيَ ٱلْمَحُولِيِّ»
تكوين ١٢: ١٠ و٢٦: ١ و٤٢: ٥ عدد ٢٧: ٢١ يشوع ٩: ٣ و١٥ - ٢٠ خروج ٣٤: ١١ - ١٦ وتثنية ٧: ٢ و١صموئيل ٢٨: ٣ ص ٢٠: ١٩ و١صموئيل ٢٦: ١٩ عدد ٣٥: ٣١ و٣٢ ع ١ عدد ٢٥: ٤ و١صموئيل ١: ٢٤ ص ٤: ٤ و٩: ١٠ و١صموئيل ١٨: ٣ و٢٠: ١٢ - ١٧ و٢٣: ١٨ ص ٣: ٧ و١ملوك ١٩: ١٦
كَانَ جُوعٌ ليس من الضرورة أن هذا الجوع كان بعد الحوادث المذكورة في الأصحاح السابق. ويُظن أنه كان قبل فتنة أبشالوم (ص ١٥) وإن في قول شمعي البنياميني لداود «يا رجل الدماء» (١٦: ٧) إشارة إلى الرجال السبعة من بني شاول الذين سلمهم داود للجبعونيين ليقتلوهم. وذكر ما كان شاول عمله ودفن عظام شاول ويوناثان يلائم السنين الأولى من ملك داود. وأما ذكر مفيبوشث (ع ٧) فيدل على أن هذا الجوع كان بعد المذكور في (ص ٩). ومن أسباب الجوع قلة المطر أو عدمه (١ملوك ١٧: ١) والكتاب يعلمنا أن انحباس المطر من الرب وبسبب خطايا شعبه (لاويين ٢٦: ١٨ - ٢٠ و١ملوك ٨: ٣٥ و٣٦) ولذلك طلب داود وجه الرب أي وجّه صلاته إلى الرب ليعرف ما هي خطاياهم ليتوبوا عنها ويتركوها.
لأَجْلِ شَاوُلَ لماذا جوّع الله أناساً لم يكونوا من الذين حلفوا للجبعونيين في القديم ولا من الذين خالفوا الحلف في زمان شاول. والجواب على هذا الاعتراض (١) إن الشعب شعب واحد يموت أناس ويولد أناس وأما شعب إسرائيل فيبقى قرناً بعد قرن (٢) إن الملك نائب الشعب والشعب يعاقبون بسياسة الملك السيئة ويستفيدون من سياسته الصالحة (٣) ربما أن الشعب في أيام داود أخطأوا إلى الجبعونيين أو غيرهم فاستحقوا تأديب الرب بسبب خطاياهم فضلاً عن خطايا شاول.
ٱلْجِبْعُونِيِّينَ انظر ما قيل في جبعون في (٢: ١٢) وقتل شاول الجبعونيين ليس مذكوراً إلا هنا.
مِنْ بَقَايَا ٱلأَمُورِيِّينَ (ع ٢) كان الجبعونيين حوبيين (يشوع ١١: ١٩) وأموريين أيضاً والاسم الأخير يُطلق أحياناً على سكان الأرض الأولين بالإجمال. وكان الأموريون على نوع خاص الساكنين في الجبال منهم في الشرق ومنهم غربي الأردن. وحلف يشوع للجبعونيين مذكور في يشوع (ص ٩).
لأَجْلِ غَيْرَتِهِ كان لشاول غيرة ولكنها كانت عن جهل فإنه راعى وصية الرب بقتل الكنعانيين (تثنية ٢٠: ١٦ - ١٨) ولم يراع حلف يشوع لأهل جبعون. وكان يشوع والرؤساء مسؤولين وإن كان الجبعونيين قد خدعوهم.
بِمَاذَا أُكَفِّرُ (ع ٣) والمعنى الأصلي بماذا أغطّي خطايانا فلا تنظروا إليها ولا ينظر الله إليها فيما بعد.
فَتُبَارِكُوا نَصِيبَ ٱلرَّبِّ أي شعب إسرائيل. كان داود علم من الرب أن الجوع هو بسبب الجبعونيين فاستنتج أنه إذا أرضاهم وإن كانوا غرباء وثنيين يكون رضاهم بركة أي سبباً لبركة من الرب على إسرائيل.
لَيْسَ لَنَا فِضَّةٌ الخ كان التعويض المالي عن القتل مقبولاً عند بعض القدماء وهو مقبول اليوم عند بعض الشرقيين ولكنه ممنوع في شريعة الرب (عدد ٣٥: ٣١ و٣٢) لأنه يحط قيمة حياة الإنسان ويميّز بين الغني والفقير.
وَلَيْسَ لَنَا أَنْ نُمِيتَ أَحَداً فِي إِسْرَائِيلَ في قولهم إشارة إلى أنهم غرباء وليسوا من شعب إسرائيل فليس لهم أن يطلبوا قتل أحد بل ذلك من حقوق الملك. والعدد سبعة عدد مقدس (عدد ٢٣: ١ و٢٩) يلائم الغاية وهي ذبيحة للرب لتكفر عن خطيئة شاول.
نَصْلِبَهُمْ لِلرَّبِّ (ع ٦) ربما قتلوهم أولاً ثم صلبوا جثثهم أو علقوها (عدد ٢٥: ٤).
فِي جِبْعَةِ شَاوُلَ بما أن الخطيئة كانت خطيئة شاول كان من الموافق أن يكون هذا القصاص في مدينته.
مُخْتَارِ ٱلرَّبِّ أشاروا بذلك إلى أن الخطيئة كانت خطيئة الملك وهو مختار الرب أو مسيحه فاستوجبت عقاباً أعظم مما لو كانت خطيئة أحد الشعب فقط.
مَفِيبُوشَثَ بْنِ يُونَاثَانَ (ع ٧) أشفق عليه ليس من أجل أبيه يوناثان فقط بل من أجل يمين الرب التي بينهما أيضاً فلو سلّمه ليُقتل كان حنث بحلفه وأخطأ كما أخطأ شاول في مخالفته الحلف للجبعونيين.
رِصْفَةَ (ع ٨) كانت سرّية شاول (٣: ٧) ومفيبوشث ابنها غير مفيبوشث بن يوناثان.
وَبَنِي مِيكَالَ لا شك أن هذا الاسم غلط والصواب ميرب (١صموئيل ١٨: ١٩) كما ترى في نسختين من النسخ العبرانية القديمة. وتفسير اليهود أن ميرب امرأة عدرئيل ولدت الأولاد وأختها ميكال ربتهم.
٩ - ١٤ «٩ وَسَلَّمَهُمْ إِلَى يَدِ ٱلْجِبْعُونِيِّينَ فَصَلَبُوهُمْ عَلَى ٱلْجَبَلِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. فَسَقَطَ ٱلسَّبْعَةُ مَعاً وَقُتِلُوا فِي أَيَّامِ ٱلْحَصَادِ فِي أَوَّلِهَا فِي ٱبْتِدَاءِ حَصَادِ ٱلشَّعِيرِ. ١٠ فَأَخَذَتْ رِصْفَةُ ٱبْنَةُ أَيَّةَ مِسْحاً وَفَرَشَتْهُ لِنَفْسِهَا عَلَى ٱلصَّخْرِ مِنِ ٱبْتِدَاءِ ٱلْحَصَادِ حَتَّى ٱنْصَبَّ ٱلْمَاءُ عَلَيْهِمْ مِنَ ٱلسَّمَاءِ، وَلَمْ تَدَعْ طُيُورَ ٱلسَّمَاءِ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ نَهَاراً وَلاَ حَيَوَانَاتِ ٱلْحَقْلِ لَيْلاً. ١١ فَأُخْبِرَ دَاوُدُ بِمَا فَعَلَتْ رِصْفَةُ ٱبْنَةُ أَيَّةَ سُرِّيَّةُ شَاوُلَ. ١٢ فَذَهَبَ دَاوُدُ وَأَخَذَ عِظَامَ شَاوُلَ وَعِظَامَ يُونَاثَانَ ٱبْنِهِ مِنْ أَهْلِ يَابِيشِ جِلْعَادَ ٱلَّذِينَ سَرِقُوهَا مِنْ شَارِعِ بَيْتِ شَانَ، حَيْثُ عَلَّقَهُمَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ يَوْمَ ضَرَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ شَاوُلَ فِي جِلْبُوعَ. ١٣ فَأَصْعَدَ مِنْ هُنَاكَ عِظَامَ شَاوُلَ وَعِظَامَ يُونَاثَانَ ٱبْنِهِ، وَجَمَعُوا عِظَامَ ٱلْمَصْلُوبِينَ، ١٤ وَدَفَنُوا عِظَامَ شَاوُلَ وَيُونَاثَانَ ٱبْنِهِ فِي أَرْضِ بِنْيَامِينَ فِي صَيْلَعَ فِي قَبْرِ قَيْسَ أَبِيهِ، وَعَمِلُوا كُلَّ مَا أَمَرَ بِهِ ٱلْمَلِكُ. وَبَعْدَ ذٰلِكَ ٱسْتَجَابَ ٱللّٰهُ مِنْ أَجْلِ ٱلأَرْضِ».
خروج ٩: ٣١ و٣٢ تثنية ٢١: ٢٣ و١صموئيل ١٧: ٤٤ و٤٦ و١صموئيل ٣١: ١١ - ١٣ يشوع ١٧: ١١ و١صموئيل ٣١: ١٠ و١صموئيل ٣١: ٤ يشوع ١٨: ٢٨ ص ٢٤: ٢٥ ويشوع ٧: ٢٦
ٱبْتِدَاءِ حَصَادِ ٱلشَّعِيرِ أي من شهر أيار إلى أيلول أو تشرين الأول حتى انصبّ الماء عليهم فكان المطر الغزير علامة من الرب أن الجوع قد انتهى والذبيحة قد قُبلت.
طُيُورَ ٱلسَّمَاءِ (ع ١٠) (انظر ١صموئيل ١٧: ٤٤ و٤٦). من أعظم المصائب الموت بلا دفن وتسليم الجثة للطيور والوحوش.
فَذَهَبَ دَاوُدُ وَأَخَذَ عِظَامَ شَاوُلَ (ع ١٢) وما حرّكه على ذلك هو ما فعلته رصفة.
مِنْ أَهْلِ يَابِيشِ جِلْعَادَ (انظر ١صموئيل ٣١: ١١ - ١٣ و٢صموئيل ٢: ٤ - ٧).
شَارِعِ بَيْتِ شَانَ في (١صموئيل ٣١: ١٠) سور بيت شان أي على السور وداخل المدينة عند الباب وعند الساحة أو الشارع وهو مكان المرور والاجتماع (٢أيام ٣٢: ٦ نحميا ٨: ١ و٣: ١٦). وبيت شان (١صموئيل ٣٠: ١٠) هي بيسان الحالية على بعد خمسة أميال غربي نهر الأردن.
فِي صَيْلَعَ فِي قَبْرِ قَيْسَ (ع ١٤) موقعها مجهول وهي من مدن بنيامين (يشوع ١٨: ٢٨). والمفهوم أنه دُفنت هنا بأمر داود عظام شاول ويوناثان وعظام المصلوبين أيضاً.
ٱسْتَجَابَ ٱللّٰهُ مِنْ أَجْلِ ٱلأَرْضِ قبل الذبيحة واستجاب للصلاة وأرسل المطر فانتهى الجوع (٢٤: ٢٥).
١٥ - ٢٢ «١٥ وَكَانَتْ أَيْضاً حَرْبٌ بَيْنَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَإِسْرَائِيلَ، فَٱنْحَدَرَ دَاوُدُ وَعَبِيدُهُ مَعَهُ وَحَارَبُوا ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ، فَأَعْيَا دَاوُدُ. ١٦ وَيِشْبِي بَنُوبُ ٱلَّذِي مِنْ أَوْلاَدِ رَافَا، وَوَزْنُ رُمْحِهِ ثَلاَثُ مِئَةِ شَاقِلِ نُحَاسٍ وَقَدْ تَقَلَّدَ جَدِيداً، ٱفْتَكَرَ أَنْ يَقْتُلَ دَاوُدَ. ١٧ فَأَنْجَدَهُ أَبِيشَايُ ٱبْنُ صَرُويَةَ فَضَرَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيَّ وَقَتَلَهُ. حِينَئِذٍ حَلَفَ رِجَالُ دَاوُدَ لَهُ قَائِلِينَ: لاَ تَخْرُجُ أَيْضاً مَعَنَا إِلَى ٱلْحَرْبِ، وَلاَ تُطْفِئُ سِرَاجَ إِسْرَائِيلَ. ١٨ ثُمَّ بَعْدَ ذٰلِكَ كَانَتْ أَيْضاً حَرْبٌ فِي جُوبَ مَعَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. حِينَئِذٍ سَبْكَايُ ٱلْحُوشِيُّ قَتَلَ سَافَ ٱلَّذِي هُوَ مِنْ أَوْلاَدِ رَافَا. ١٩ ثُمَّ كَانَتْ أَيْضاً حَرْبٌ فِي جُوبَ مَعَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. فَأَلْحَانَانُ بْنُ يَعْرِي أُرَجِيمَ ٱلْبَيْتَلَحْمِيُّ قَتَلَ جُلْيَاتَ ٱلْجَتِّيَّ، وَكَانَتْ قَنَاةُ رُمْحِهِ كَنَوْلِ ٱلنَّسَّاجِينَ. ٢٠ وَكَانَتْ أَيْضاً حَرْبٌ فِي جَتَّ، وَكَانَ رَجُلٌ طَوِيلَ ٱلْقَامَةِ أَصَابِعُ كُلٍّ مِنْ يَدَيْهِ سِتٌّ، وَأَصَابِعُ كُلٍّ مِنْ رِجْلَيْهِ سِتٌّ (عَدَدُهَا أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ) وَهُوَ أَيْضاً وُلِدَ لِرَافَا. ٢١ وَلَمَّا عَيَّرَ إِسْرَائِيلَ ضَرَبَهُ يُونَاثَانُ بْنُ شَمْعَى أَخِي دَاوُدَ. ٢٢ هٰؤُلاَءِ ٱلأَرْبَعَةُ وُلِدُوا لِرَافَا فِي جَتَّ وَسَقَطُوا بِيَدِ دَاوُدَ وَبِيَدِ عَبِيدِهِ».
ص ٥: ١٧ - ٢٥ ع ١٨ - ٢٢ وعدد ١٣: ٢٢ و٢٨ ويشوع ١٥: ١٤ ص ٢٠: ٦ - ١٠ ص ١٨: ٣ ص ٢٢: ٢٩ و١ملوك ١١: ٣٦ و١أيام ٢٠: ٤ - ٨ و١أيام ١١: ٢٩ و٢٧: ١١ و١صموئيل ١٧: ٧ ع ١٦ و١٨ و١أيام ٢٠: ٨
لا علاقة لمضمون هذا الفصل بما سبقه. وفيه ذكر بعض جبابرة داود وأعمالهم المشهورة. وكلمة أيضاً في (ع ١٥) ترجع إلى قرينة مجهولة.
ٱنْحَدَرَ دَاوُدُ من جبال يهوذا إلى سهل الفلسطينيين.
أَوْلاَدِ رَافَا (ع ١٦) بالعبرانية هرافا أي الرافا بأل التعريف. يُظن أن هذه الكلمة ليست اسم علم بل اسم جنس ومعناه الجبار وبما أنه جبار مشهور ومن مدينة جت يظنون أنه جليات الذي قتله داود (١صموئيل ١٧) فكان أولاده الأربعة (ع ٢٢) جبابرة مثل أبيهم.
وَوَزْنُ رُمْحِهِ ثَلاَثُ مِئَةِ شَاقِلِ أي سنان رمحه ووزنه نصف وزن سنان رمح جليات (١صموئيل ١٧: ٧) أي نحو رطل ونصف أو أربعة كليوغرامات.
تَقَلَّدَ جَدِيداً يقدر بعضهم لفظة سيف أي أنه تقلد سيفاً جديداً. ويظن أن الكلمة «حدشه» العبرانية المترجمة بجديد هي اسم آلة أو نوع من السلاح.
ٱفْتَكَرَ أَنْ يَقْتُلَ دَاوُدَ لأنه لاحظ أنه قد أعيا (ع ١٥).
وَلاَ تُطْفِئُ سِرَاجَ إِسْرَائِيلَ (ع ١٧) وجود السراج في بيت يدل على وجود سكان فيه وإطفاؤه يدل على خلوه من السكان وخرابه. وكان داود سراج إسرائيل ورجاءهم فإذا سقط سقطت المملكة كلها. والظاهر أن هذه الحادثة كانت بعد ما صار ملكاً.
حَرْبٌ فِي جُوبَ (ع ١٨) موقعها مجهول وهي في (١أيام ٢٠: ٤) جازر. واسم الفلسطيني سفاي. وفي (ع ١٩) قيل أن ألحانان كان ابن يعري أرجيم البيتلحمي. وفي (١أيام ٢٠: ٥) أنه ياعور لحمي. وقيل هنا إنه قتل جليات. وقيل في (١أيام ٢٠: ٥) أنه قتل أخا جليات. ولا نقدر أن نوفق بين هذه الأقوال المختلفة. ولا يخفى أن النسخة الأصلية مفقودة وليس عندنا إلا نسخ قديمة وكان النساخ يجتهدون الاجتهاد الكلي في ضبط الكتابة. والأمر العجيب أنهم لم يغلطوا إلا نادراً جداً ولم يغلطوا في ما يمس التعليم أو جوهر التاريخ. وأكثر غلطاتهم في الأرقام وفي أسماء أناس مجهولين وأماكن مجهولة. ومن أمثلة ذلك نذكر بالاختصار ما يأتي:
في آخر ١٩ كلمة نساجين وهذه الكلمة بالعبرانية أرجيم والظاهر أن الناسخ عندنا وصل بالكتابة إلى الحانان بن يعري سطر فوقع نظره على كلمة أرجيم في السطر التالي فكتبها سهواً بعد كلمة يعري. وبالعبرانية في (ع ١٩) أربع كلمات مترجمة بيت لحمي. جليات. وفي (١أيام ٢٠: ٥) أربع كلمات مترجمة لحمي أخا جليات. والفرق بين القولين العبرانيين حرف واحد فقط. ولا نقدر نحكم أيهما الصواب. وإذا قلنا قتل جليات يكون جلياتاً آخر غير الذي قتله داود.
فوائد



  • ع ١ «كان جوع» الجوع نوعان جسدي وروحي. والجوع الروحي هو الابتعاد عن الله مصدر كل خير. وكثيرون شباعى من جهة الجسد وجياع من جهة النفس وهم لا يدرون أنهم جياع.
  • «طلب داود وجه الرب». الجوع حمله على الصلاة. ومن يشعر بجوعه الروحي يطلب وجه الرب. ومن يشعر بضعف في الكنيسة وعدم نجاح التعليم الديني وتأخر الحياة الروحية في المملكة عليه أن يلتجئ إلى الله بالصلاة. والله يمنح روحه القدوس للذين يطلبونه فيبكت الناس على الخطيئة ويُريهم الخدمة المطلوبة منهم.
  • «هو لأجل شاول» كان على بني إسرائيل خطيئة لم يعرفوها فكانوا كالتائهين ليلاً لا يعرفون أنهم تائهين حتى تشرق عليهم الشمس. السهوات من يشعر بها. من الخطايا المستترة أبرئني.
  • ع ١٦ «أولاد رافا» الجبابرة أنواع (١) الجبابرة الموهومون لأن بعض الناس يستصعبون إتمام الواجبات ويخافون من التجارب والضيقات ولكن هذه الصعوبات التي نخاف منها تزول عندما نتقدم إليها (٢) جبابرة الخطايا، الطمع ومحبة الذات والكسل والكبرياء وشرب المسكرات والقباحة والمقامرة والظلم. سقط الجبابرة عن يد داود وأيدي عبيده وجبابرتنا على اختلاف أنواعها تسقط عن يد ربنا يسوع المسيح وأيدي المؤمنين به.
  • ع ١٧ «سراج إسرئيل» يسوع نور العالم (١) يضيء يسوع بواسطة المؤمنين به (متّى ٥: ١٦) فإذا أخطأنا فخطايانا أو تقصيرنا عن إتمام الواجبات هو كإطفاء النور (٢) إن كثيرين يقصدون إطفاء النور بالكفر ومنع مطالعة الكتاب المقدس وبالأعمال السيئة والتعليم الفاسد (٣) إن هذا النور للعالم كله من كل قبيلة ولسان. فإذا قد أطفأنا النور. وإذا انطفأ نور العالم يصير العالم كبيت خرب بلا سكان وبلا فرح وبلا محبة وبلا شيء من الخير.




اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلْعِشْرُونَ


إن هذا النشيد هو نفس المزمور الثامن عشر تقريباً. كتبه داود في اليوم الذي أنقذه فيه الرب من أيدي كل أعدائه لا سيما شاول. وهذا جرى بعد الأصحاح الثامن الذي فيه ذكر انتصاراته. والأرجح أنه كان قبل الأصحاح الحادي عشر الذي ابتدأ فيه يخبر خطيئته وعواقبها لأن في هذا النشيد يذكر برّه وطهارة يديه وحفظه طرق الرب وكماله لديه (ع ٢١ - ٢٥) فيختلف هذا النشيد عن المزمور الحادي والخمسين الذي فيه اعترف بخطيئته وطلب المغفرة.
١ - ٤ «١ وَكَلَّمَ دَاوُدُ ٱلرَّبَّ بِكَلاَمِ هٰذَا ٱلنَّشِيدِ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي أَنْقَذَهُ فِيهِ ٱلرَّبُّ مِنْ أَيْدِي كُلِّ أَعْدَائِهِ وَمِنْ يَدِ شَاوُلَ، ٢ فَقَالَ: اَلرَّبُّ صَخْرَتِي وَحِصْنِي وَمُنْقِذِي، ٣ إِلٰهُ صَخْرَتِي بِهِ أَحْتَمِي. تُرْسِي وَقَرْنُ خَلاَصِي. مَلْجَإِي وَمَنَاصِي. مُخَلِّصِي، مِنَ ٱلظُّلْمِ تُخَلِّصُنِي. ٤ أَدْعُو ٱلرَّبَّ ٱلْحَمِيدَ فَأَتَخَلَّصُ مِنْ أَعْدَائِي».
مزمور ١٨: ٢ - ٥٠ خروج ١٥: ١ وتثنية ٣١: ٣٠ و١صموئيل ٢٣: ٢٥ و٢٤: ٢ ومزمور ٣١: ٣ و٧١: ٣ تثنية ٣٢: ٤ و٣٧ و١صموئيل ٢: ٢ وتكوين ١٥: ١ وتثنية ٣٣: ٢٩ تثنية ٣٣: ١٧ ولوقا ١: ١٩ مزمور ٩: ٩ مزمور ٤٨: ١ و ٩٦: ٤
وَمِنْ يَدِ شَاوُلَ من أعدائه يذكر شاول فقط لأنه كان أعظمهم وكانت النتيجة أنه خلص منه وتبوأ العرش.
اَلرَّبُّ صَخْرَتِي في النشيد تشبيهات كثيرة تشير إلى حروبه ولا سيما هربه من شاول إلى الصخرة في (١صموئيل ٢٣: ٢٥ و٢٨) والحصون في (١صموئيل ٢٣: ١٤ و١٩ و٢٩) وصخور الوعول في (١صموئيل ٢٤: ٢).
إِلٰهُ صَخْرَتِي أو إلهي صخرتي. الصخرة تشير إلى قوة الله وأمانته وعدم تغيّره. لاحظ درجات القوة. صخرة. حصن. الله (تثنية ٣٢: ٤ و٣٧ و١صموئيل ٢: ٢).
تُرْسِي انظر وعد الله لإبراهيم (تكوين ١٥: ١.
قَرْنُ خَلاَصِي القرن يشير إلى القدرة. والله هو القدير الذي خلصه (تثنية ٣٣: ١٧).
أَدْعُو ٱلرَّبَّ لا يقول إنه دعا الرب كأنه دعاه مرة واحدة فقط. بل إنه يدعوه أي يدعوه على الدوام وهو معتاد دعاء الرب.
٥ - ٧ «٥ لأَنَّ أَمْوَاجَ ٱلْمَوْتِ ٱكْتَنَفَتْنِي. سُيُولُ ٱلْهَلاَكِ أَفْزَعَتْنِي. ٦ حِبَالُ ٱلْهَاوِيَةِ أَحَاطَتْ بِي. شُرُكُ ٱلْمَوْتِ أَصَابَتْنِي. ٧ فِي ضِيقِي دَعَوْتُ ٱلرَّبَّ وَإِلَى إِلٰهِي صَرَخْتُ، فَسَمِعَ مِنْ هَيْكَلِهِ صَوْتِي وَصُرَاخِي دَخَلَ أُذُنَيْهِ».
مزمور ٦٣: ٤ ويونان ٢: ٣ مزمور ٦٩: ١٤ و١٥ مزمور ١١٦: ٣ مزمور ١١٦: ٤ و١٢٠: ١
شبّه الأخطار بأمواج وسيول. وكان بعضها أخطار الحيل والغش فشبهها بحبال وشُرُك. والهاوية هي مكان الأموات.
فَسَمِعَ مِنْ هَيْكَلِهِ أي من السماء مسكنه.
٨ - ١٦ «٨ فَٱرْتَجَّتِ ٱلأَرْضُ وَٱرْتَعَشَتْ. أُسُسُ ٱلسَّمَاوَاتِ ٱرْتَعَدَتْ وَٱرْتَجَّتْ، لأَنَّهُ غَضِبَ. ٩ صَعِدَ دُخَانٌ مِنْ أَنْفِهِ، وَنَارٌ مِنْ فَمِهِ أَكَلَتْ. جَمْرٌ ٱشْتَعَلَتْ مِنْهُ. ١٠ طَأْطَأَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ وَضَبَابٌ تَحْتَ رِجْلَيْهِ. ١١ رَكِبَ عَلَى كَرُوبٍ وَطَارَ، وَرُئِيَ عَلَى أَجْنِحَةِ ٱلرِّيحِ. ١٢ جَعَلَ ٱلظُّلْمَةَ حَوْلَهُ مَظَلاَّتٍ، مِيَاهاً مُتَجَمِّعَةً وَظَلاَمَ ٱلْغَمَامِ. ١٣ مِنَ ٱلشُّعَاعِ قُدَّامَهُ ٱشْتَعَلَتْ جَمْرُ نَارٍ. ١٤ أَرْعَدَ ٱلرَّبُّ مِنَ ٱلسَّمَاوَاتِ، وَٱلْعَلِيُّ أَعْطَى صَوْتَهُ. ١٥ أَرْسَلَ سِهَاماً فَشَتَّتَهُمْ، بَرْقاً فَأَزْعَجَهُمْ. ١٦ فَظَهَرَتْ أَعْمَاقُ ٱلْبَحْرِ، وَٱنْكَشَفَتْ أُسُسُ ٱلْمَسْكُونَةِ مِنْ زَجْرِ ٱلرَّبِّ، مِنْ نَسْمَةِ رِيحِ أَنْفِهِ».
قضاة ٥: ٤ ومزمور ٩٧: ٤ أيوب ٢٦: ١١ وعبرانيين ١٢: ٢٩ ع ١٣ خروج ١٩: ١٦ و١ملوك ٨: ١٢ ومزمور ٩٧: ٢ وناحوم ١: ٣ ص ٦: ٢ مزمور ١٠٤: ٣ أيوب ٣٦: ٢٩ ع ٩ أيوب ٣٧: ٢ - ٥ ومزمور ٢٩: ٣ تثنية ٣٢: ٢٣ ويشوع ١٠: ١٠ و١صموئيل ٧: ١٠ خروج ١٥: ٨ وناحوم ١: ٤
ٱرْتَجَّتِ ٱلأَرْضُ وصف بهذا الفصل نوءاً عظيماً مخيفاً ذكر فيه الرعود والبروق والرياح والغمام. انظر خبر نزول الحرب على جبل سيناء (خروج ١٩: ١٦ - ١٨) وليس من الضرورة أن يكون الرب قد خلّص داود بواسطة نوء حقيقي لأن الكلام هنا مجاز يصف قدرة الله وجلاله بألفاظ وتشبيهات شعرية تصورية.
أُسُسُ ٱلسَّمَاوَاتِ الجبال. لأن السموات قائمة عليها حسب الظاهر. قال أيوب أعمدة السموات (أيوب ٢٦: ١١).
صَعِدَ دُخَانٌ مِنْ أَنْفِهِ وصف بألفاظ بشرية وتشبيهات مفهومة غضب الله على أعدائه (أيوب ٤١: ٢٠). والنار رمز إلى غضب الله (تثنية ٣٢: ٢٢ مزمور ٩٧: ٣ عبرانيين ١٢: ٢٩).
طَأْطَأَ ٱلسَّمَاوَاتِ (ع ١٠) السحاب مركبته (مزمور ١٠٤: ٣) فطأطأ السموات حينما نزل لينقذ عبده. كما نزل على جبل سيناء (خروج ١٩: ١٦) ينزل الله ليُظهر قوته في العالم (تكوين ١١: ٧ و١٨: ٢١ إشعياء ٦٤: ١) والضباب يشير إلى طرقه التي لا نقدر أن نفهمها غير أنها كلها مستقيمة (مزمور ٩٧: ٢).
كَرُوبٍ (ع ١١) وجمع كروب بالعبرانية كروبيم. وكان كروبان على غطاء التابوت في خيمة الاجتماع في قدس الأقداس. وتكلم الله مع موسى من على الغطاء من بين الكروبين. وكانت الكروبين ترمز إلى الملائكة الذين يخدمون الله. جلس الله على الكروبيم في خيمة الاجتماع مسكنه (٢صموئيل ٦: ٢) وركب على كروب عندما أتى لينقذ عبده.
وَرُئِيَ عَلَى أَجْنِحَةِ ٱلرِّيحِ في (مزمور ١٨: ١٠) وهفّ الخ أي أسرع في سيره. وهفت الريح إذا سُمع صوت هبوبها.
مَظَلاَّتٍ (ع ١٢) هي اللفظة والغمام الكثيرة المياه أي مياه حاشكة فلا يُرى الرب من ورائها كما لا يُرى من الخارج الساكن في مظلة.
مِنَ ٱلشُّعَاعِ قُدَّامَهُ (ع ١٣) إشارة إلى البروق التي تخرج من السحابة.
وَٱلْعَلِيُّ أَعْطَى صَوْتَهُ تسمى الله العلي لكونه إله كل الأرض وفوق الكل (تكوين ١٤: ١٨ - ٢٢) والرعود صوت الله.
فَشَتَّتَهُمْ (ع ١٥) شتّت أعداءه وأعداء داود وخلصه منهم. كما أزعج المصريين (خروج ١٤: ٢٤) وملوك الأموريين (يشوع ١٠: ١٠) وسيسرا (قضاة ٤: ١٥) والفلسطينيين على عهد صموئيل (١صموئيل ٧: ١٠).
ظَهَرَتْ أَعْمَاقُ ٱلْبَحْرِ (ع ١٦) اعترف البحر بربه وأطاع كلامه. كالبحر الأحمر عندما عبره بنو إسرائيل وبحر الجليل حينما انتهره يسوع (متّى ٨: ٢٦).
١٧ - ٢١ «١٧ أَرْسَلَ مِنَ ٱلْعُلَى فَأَخَذَنِي. نَشَلَنِي مِنْ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. ١٨ أَنْقَذَنِي مِنْ عَدُوِّيَ ٱلْقَوِيِّ، مِنْ مُبْغِضِيَّ لأَنَّهُمْ أَقْوَى مِنِّي. ١٩ أَصَابُونِي فِي يَوْمِ بَلِيَّتِي وَكَانَ ٱلرَّبُّ سَنَدِي. ٢٠ أَخْرَجَنِي إِلَى ٱلرُّحْبِ. خَلَّصَنِي لأَنَّهُ سُرَّ بِي. ٢١ يُكَافِئُنِي ٱلرَّبُّ حَسَبَ بِرِّي. حَسَبَ طَهَارَةِ يَدَيَّ يَرُدُّ عَلَيَّ».
مزمور ١٤٤: ٧ خروج ٢: ١٠ مزمور ٢٣: ٤ مزمور ٣١: ٨ و١١٨: ٥ ص ١٥: ٢٦ و١صموئيل ٢٦: ٢٣ و١ملوك ٨: ٣٢ مزمور ٢٤: ٤
أَرْسَلَ مِنَ ٱلْعُلَى كأنه مدّ يده من العلى ليخلص داود.
نَشَلَنِي مِنْ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ كما نشل الرب موسى من مياه النيل ليكون قائداً ومخلصاً. هكذا نشل داود من مياه الضيقات الكثيرة العظيمة وجعله قائداً وملكاً على شعبه إسرائيل.
لأَنَّهُ سُرَّ بِي سرّ الرب به حينما اختاره ومسحه ملكاً على إسرائيل قبل أن يعمل ما يؤهله إلى ذلك المنصب السامي. وسرّ به إذ حفظه ونصره وثبت كرسيه. وسرّ به إذ وعده مواعيد كثيرة وعظيمة. وسرّ به لأنه كان يحب الرب ويسمع لكلامه وقصد من كل قلبه أن يعمل مشيئته. ولم يسر بخطاياه بل بقبوله الإنذار والتأديب واعترافه بخطاياه والرجوع عنها إلى الرب.
٢٢ - ٢٥ «٢٢ لأَنِّي حَفِظْتُ طُرُقَ ٱلرَّبِّ وَلَمْ أَعْصِ إِلٰهِي. ٢٣ لأَنَّ جَمِيعَ أَحْكَامِهِ أَمَامِي وَفَرَائِضُهُ لاَ أَحِيدُ عَنْهَا. ٢٤ وَأَكُونُ كَامِلاً لَدَيْهِ وَأَتَحَفَّظُ مِنْ إِثْمِي. ٢٥ فَيَرُدُّ ٱلرَّبُّ عَلَيَّ كَبِرِّي وَكَطَهَارَتِي أَمَامَ عَيْنَيْهِ».
تكوين ١٨: ١٩ ومزمور ١٢٨: ١ وأمثال ٨: ٣٢ تثنية ٦: ٦ - ٩ ومزمور ١١٩: ٣٠ و١٠٢ تكوين ٦: ٩ و٧: ١ وأفسس ١: ٤ وكولوسي ١: ٢١ و٢٢ ع ٢١
بما أن داود كان رمزاً إلى المسيح جعل روح الله في فمه كلاماً يوافق المسيح الذي وحده كان باراً وطاهر اليدين وحفظ طرق الرب ولم يعصه. وأما داود فتكلم عما نوى وقصد. وهو وإن أخطأ خطايا كثيرة كان يكشف قلبه ويظهر ما عمله الرب ويقول بكل ثقة كما قال بطرس بعد ما أنكر الرب. «يا رب أنت تعلم كل شيء. أنت تعرف إني أحبك». انظر شهادة داود لنفسه (١صموئيل ٢٦: ٢٣) وشهادة الرب له (١ملوك ١٤: ١٨) وشهادة المؤرخ في (١ملوك ١٥: ١١).
٢٦ - ٢٨ «٢٦ مَعَ ٱلرَّحِيمِ تَكُونُ رَحِيماً. مَعَ ٱلرَّجُلِ ٱلْكَامِلِ تَكُونُ كَامِلاً. ٢٧ مَعَ ٱلطَّاهِرِ تَكُونُ طَاهِراً وَمَعَ ٱلأَعْوَجِ تَكُونُ مُلْتَوِياً. ٢٨ وَتُخَلِّصُ ٱلشَّعْبَ ٱلْبَائِسَ، وَعَيْنَاكَ عَلَى ٱلْمُتَرَفِّعِينَ فَتَضَعُهُمْ».
متّى ٥: ٧ متّى ٥: ٨ و١يوحنا ٣: ٣ لاويين ٢٦: ٢٣ و٢٤ ورومية ١: ٢٨ خروج ٣: ٧ ومزمور ٧٢: ١٢ و١٣ إشعياء ٢: ١١ و١٢ و١٧ و٥: ١٥
مَعَ ٱلرَّحِيمِ تَكُونُ رَحِيماً قال يسوع (مزمور ٥: ٧) طوبى للرحماء لأنهم يُرحمون. أي إن الذي يرحم الناس يرحمه الله.
ٱلرَّجُلِ ٱلْكَامِلِ الكامل في خدمة الله وخدمة الإنسان له مواعيد الله بكمالها ومحبة الله الكاملة وعنايته على الدوام.
مَعَ ٱلطَّاهِرِ قال يسوع (متّى ٥: ٨) إن الأتقياء القلب يرون الله. أي إن الله وهو الطاهر يُري نفسه للطاهري القلب.
تَكُونُ مُلْتَوِياً كما جعل الرب روح كذب في أفواه الأنبياء لكي يغشوا أخاب الذي كان قد رفض كلام الرب بفم ميخا وبفم إيليا وأحب الكلام الكذب (١ملوك ٢٢: ٢٣). وهكذا بلعام (عدد ٢٢: ٢٠) انظر أيضاً (لاويين ٢٦: ٢٣ و٢٤ ورومية ١: ٢٨ ورؤيا ٢٢: ١١).
ٱلشَّعْبَ ٱلْبَائِسَ والبائس هنا هو البائس بعيني نفسه لا يفتخر بأعماله ولا يتكل على قدرته بل يتكل على الرب. وعلى هذا يجب على كل إنسان أن يكون مسكيناً بالروح مهما كان غنياً بالمال أو عالماً بالعلوم.
٢٩ - ٣١ «٢٩ لأَنَّكَ أَنْتَ سِرَاجِي يَا رَبُّ، وَٱلرَّبُّ يُضِيءُ ظُلْمَتِي. ٣٠ لأَنِّي بِكَ ٱقْتَحَمْتُ جَيْشاً. بِإِلٰهِي تَسَوَّرْتُ أَسْوَاراً. ٣١ اَللّٰهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ وَقَوْلُ ٱلرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ لِجَمِيعِ ٱلْمُحْتَمِينَ بِهِ».
ص ٢١: ١٧ ومزمور ٢٧: ١ و١ملوك ١١: ٣٦ ص ٥: ٦ - ٨ تثنية ٣٢: ٤ ومتّى ٥: ٤٨ مزمور ١٢: ٦ و١١٩: ١٤٠ وأمثال ٣٠: ٥ ع ٣ ومزمور ٨٤: ٩
سِرَاجِي نظن لأول وهلة أن الأفضل لداود أن يشبه الرب بالشمس لا بالسراج لأن الشمس أقوى من السراج نوراً وتضيء للعالم كله. ولكننا عندما نعلم أن الإنسان يمكنه أن يملك السراج دون سواه ويستعمله في بيته وعند الحاجة نستصوب القول. يقدر الإنسان أن يقول سراجي ولا يقدر أن يقول شمسي. وداود في زمانه اقتحم جيوشاً (ع ٣٠) وتسور أسواراً كثيرة وهنا يعترف بأن قوته ونجاحه كانا من الرب. انظر اقتحام جيش العمالقة (١صموئيل ٣٠) وتسور أسوار حصن صهيون (٥: ٦ - ٨).
اَللّٰهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ يظهر ذلك من أقوال الكتاب المقدس ومن اختبار جميع القديسين. في الأمور الكثيرة التي لا نقدر أن نفهمها يجب أن يكون لنا إيمان بأن الرب يدبرها حسناً.
وَقَوْلُ ٱلرَّبِّ نَقِيٌّ (ع ٣٠) كفضة مصفاة ممحصة سبع مرات (مزمور ١٢: ٦) ليس فيه شيء من الغلط والغش كأقوال الناس.
٣٢ - ٣٧ «٣٢ لأَنَّهُ مَنْ هُوَ إِلٰهٌ غَيْرُ ٱلرَّبِّ، وَمَنْ هُوَ صَخْرَةٌ غَيْرُ إِلٰهِنَا؟ ٣٣ ٱلإِلٰهُ ٱلَّذِي يُعَزِّزُنِي بِٱلْقُوَّةِ، وَيُصَيِّرُ طَرِيقِي كَامِلاً. ٣٤ ٱلَّذِي يَجْعَلُ رِجْلَيَّ كَٱلإِيَّلِ وَعَلَى مُرْتَفَعَاتِي يُقِيمُنِي ٣٥ ٱلَّذِي يُعَلِّمُ يَدَيَّ ٱلْقِتَالَ فَتُحْنَى بِذِرَاعَيَّ قَوْسٌ مِنْ نُحَاسٍ. ٣٦ وَتَجْعَلُ لِي تُرْسَ خَلاَصِكَ وَلُطْفُكَ يُعَظِّمُنِي. ٣٧ تُوَسِّعُ خُطُوَاتِي تَحْتِي فَلَمْ تَتَقَلْقَلْ كَعْبَايَ».
١صموئيل ٢: ٢ ع ٢ ومزمور ٣١: ٣ و٤ ص ٢: ١٨ وحبقوق ٣: ١٩ تثنية ٣٢: ١٣ مزمور ١٤٤: ١ أيوب ٢٠: ٢٤ أفسس ٦: ١٦ و١٧ ع ٢٠ وأمثال ٤: ١٢
كانت القوة الجسدية أعظم شيء في الحروب القديمة وامتاز داود بهذه القوة فكان سريعاً في الركض وكان يحني قوساً من النحاس وكان طريقه كاملاً أي كان له كل ما يلزمه من القوة. واعترف بأن هذه كلها من الرب فلم يفتخر بها بل شكر الله من أجلها.
يُعَلِّمُ يَدَيَّ ٱلْقِتَالَ (ع ٣٥) كان داود عبد الرب فحارب بأمره وقوته وحكمته لأجل إقامة العدل والحق في الأرض.
لُطْفُكَ يُعَظِّمُنِي وصف داود سابقاً عظمة الله وعبّر عنها بذكر السحب والأرياح والرعود والبروق ولكن هذه القدرة غير المحدودة يمارسها لأجل شعبه لتحامي عنهم وتنتقم لهم من أعدائهم. وأظهر الله لطفه إلى كل بني البشر بالرب يسوع المسيح الذي تنازل وتجسد وخدم المساكين والحزانى والمرضى والضعفاء والنساء والأولاد والخطأة. ولم يقصف القصبة المرضوضة ولم يطفئ الفتيلة المدخنة (متّى ١٢: ٢٠).
٣٨ - ٤٣ «٣٨ أَلْحَقُ أَعْدَائِي فَأُهْلِكُهُمْ، وَلاَ أَرْجِعُ حَتَّى أُفْنِيَهُمْ. ٣٩ أُفْنِيهِمْ وَأَسْحَقُهُمْ فَلاَ يَقُومُونَ، بَلْ يَسْقُطُونَ تَحْتَ رِجْلَيَّ. ٤٠ تُنَطِّقُنِي قُوَّةً لِلْقِتَالِ، وَتَصْرَعُ ٱلْقَائِمِينَ عَلَيَّ تَحْتِي. ٤١ وَتُعْطِينِي أَقْفِيَةَ أَعْدَائِي وَمُبْغِضِيَّ فَأُفْنِيهِمْ. ٤٢ يَتَطَلَّعُونَ فَلَيْسَ مُخَلِّصٌ، إِلَى ٱلرَّبِّ فَلاَ يَسْتَجِيبُهُمْ. ٤٣ فَأَسْحَقُهُمْ كَغُبَارِ ٱلأَرْضِ. مِثْلَ طِينِ ٱلأَسْوَاقِ أَدُقُّهُمْ وَأَدُوسُهُمْ».
خروج ١٥: ٩ ملاخي ٤: ٣ مزمور ٤٤: ٥ خروج ٢٣: ٢٧ ويشوع ١٠: ٢٤ إشعياء ١٧: ٧ و٨ و١صموئيل ٢٨: ٦ وإشعياء ١: ١٥ و٢ملوك ١٣: ٧ إشعياء ١٠: ٦ وميخا ٧: ١٠
إن داود لم يشعر بخطيئة بسحقه أعداءه وافتخاره بهذا بل رأى أنه عمل مشيئة الرب. الرب هو الذي أمطر على سدوم وعمورة كبريتاً وناراً وغرّق المصريين في البحر وأهلك شعوب كنعان عن يد يشوع والمديانيين والعمالقة والفلسطينيين عن يد القضاة. لأنهم كانوا أشراراً ومقاومين للرب وهو الطاهر القدوس. فيجب علينا أن لا نستخف بالخطيئة. وفي حياة كل مؤمن حرب روحية فنحارب شهواتنا الجسدية والطمع والكبرياء ولا نرضى عن الشرور ولا عن بقائها في قلوبنا أو في العالم.
وَتُعْطِينِي أَقْفِيَةَ أَعْدَائِي (ع ٤١) حمل الرب أعداءه على الهرب أمامه (خروج ٢٣: ٢٧).
إِلَى ٱلرَّبِّ فَلاَ يَسْتَجِيبُهُمْ (ع ٤٢). إن الرب يستجيب الصلاة ومن يُقبل إليه لا يخرجه خارجاً ولكن من يزدري برحمته ويرفض خلاصه سيصل أخيراً إلى وقت غير مقبول فيصرخ إليه فلا يستجيب (أمثال ١: ٢٤ - ٣٣).
٤٤ - ٤٦ «٤٤ وَتُنْقِذُنِي مِنْ مُخَاصَمَاتِ شَعْبِي وَتَحْفَظُنِي رَأْساً لِلأُمَمِ. شَعْبٌ لَمْ أَعْرِفْهُ يَتَعَبَّدُ لِي. ٤٥ بَنُو ٱلْغُرَبَاءِ يَتَذَلَّلُونَ لِي. مِنْ سَمَاعِ ٱلأُذُنِ يَسْمَعُونَ لِي. ٤٦ بَنُو ٱلْغُرَبَاءِ يَبْلُونَ وَيَزْحَفُونَ مِنْ حُصُونِهِمْ».
ص ٣: ١ و١٩: ٩ و١٤ ص ٨: ١ - ١٤ إشعياء ٥٥: ٥ مزمور ٦٦: ٣ و٨١: ١٥ و١صموئيل ١٤: ١١ وميخا ٧: ١٧
مُخَاصَمَاتِ شَعْبِي إشارة إلى مقاومة بيت شاول لداود في السنين الأولى من ملكه.
رَأْساً لِلأُمَمِ إشارة إلى امتداد ملكه وسؤدده على أرام وعمون وموآب وغيرهم (٨: ١ - ١٤) وانظر ما قيل فيه كونه رمزاً للمسيح في (مزمور ٢: ٨).
مِنْ سَمَاعِ ٱلأُذُنِ (٤٥) كما أرسل توعي ملك حماة هدايا ثمينة لداود لأنه كان سمع أن داود قد ضرب آرام (٨: ٩ - ١١) وكان توعي وشعبه من الغرباء ومن الذين لم يعرفهم داود.
والمسيح احتمل مخاصمات شعبه اليهود والله حفظه وأقامه من الأموات ليصير رأساً للأمم. ولم يجتمع يسوع مع الأمم وهو على الأرض في الجسد ولكنهم سمعوا له أي آمنوا به من سماع الأذن أي من تبشير الرسل وغيرهم في القديم وفي أيامنا. ولنا نبوة هنا أن ممالك العالم ستصير لربنا ومسيحه. غير أن هذا الملك الروحي لا يُغني عن ملك ملوك هذا العالم بل يكون بواسطتهم.
٤٧ - ٥١ «٤٧ حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ وَمُبَارَكٌ صَخْرَتِي، وَمُرْتَفَعٌ إِلٰهُ صَخْرَةِ خَلاَصِي، ٤٨ ٱلإِلٰهُ ٱلْمُنْتَقِمُ لِي وَٱلْمُخْضِعُ شُعُوباً تَحْتِي، ٤٩ وَٱلَّذِي يُخْرِجُنِي مِنْ بَيْنِ أَعْدَائِي وَيَرْفَعُنِي فَوْقَ ٱلْقَائِمِينَ عَلَيَّ، وَيُنْقِذُنِي مِنْ رَجُلِ ٱلظُّلْمِ. ٥٠ لِذٰلِكَ أَحْمَدُكَ يَا رَبُّ فِي ٱلأُمَمِ وَلاسْمِكَ أُرَنِّمُ. ٥١ بُرْجُ خَلاَصٍ لِمَلِكِهِ وَٱلصَّانِعُ رَحْمَةً لِمَسِيحِهِ، لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ إِلَى ٱلأَبَدِ».
ع ٣ ومزمور ٨٩: ٢٦ ص ٤: ٨ و١صموئيل ٢٤: ١٢ و٢٥: ٣٩ ومزمور ٩٤: ١ مزمور ١٤٤: ٢ مزمور ٤٤: ٥ مزمور ١٤: ١ و٤ و١١ رومية ١٥: ٩ مزمور ١٤٤: ١٠ مزمور ٨٩: ٢٤ ص ٧: ١٢ - ١٦
حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ بخلاف آلهة الأمم التي ليس لها حياة وبخلاف بني البشر الذين يحيون ويموتون. وعرف داود من اختباره أن الرب حي. لأنه صلى له فاستجابه. ووجد في حفظه وصاياه الأمان والنجاح ورأى أعماله العجيبة في العالم (يشوع ٣: ١٠) وشعر بمحبة الرب له ومحبته للرب.
صَخْرَةِ خَلاَصِي كالصخرة في القوة والثبات.
ٱلإِلٰهُ ٱلْمُنْتَقِمُ للرب النقمة (مزمور ٩٤: ١) انتقم لداود من شاول (٢صموئيل ٢٤: ١٢) ومن نابال (١صموئيل ٢٥: ٣٩) ومن إيشبوشث (٤: ٨).
ٱلْمُخْضِعُ شُعُوباً تَحْتِي (ع ٤٨) كان داود عبد الرب ورسوله لإقامة مملكة إسرائيل وتأسيسها وتنظيمها لتكون شعب الله. فكان خضوع الشعوب لداود بمثابة خضوعهم للرب.
رَجُلِ ٱلظُّلْمِ (ع ٤٩) إشارة إلى شاول.
فِي ٱلأُمَمِ (ع ٥٠) بواسطة خضوعهم لإسرائيل أتوا إلى معرفة الرب (مزمور ٩٦: ٣ و١٠) وبولس اقتبس هذا القول (رومية ١٥: ٩) ليُثبت أن انضمام الأمم إلى ملكوت الله هو من مواعيد الآباء.
لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ إِلَى ٱلأَبَدِ (ع ٥١) إشارة إلى الوعد في (٧: ١٢ - ١٦). فثبت الملك لنسل داود إلى سبي بابل. وأتى من نسله المسيح الذي به تتم جميع المواعيد فتشمل مملكته جميع الأمم وتثبت إلى الأبد.

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ وَٱلْعِشْرُونَ


١، ٢ «١ فَهٰذِهِ هِيَ كَلِمَاتُ دَاوُدَ ٱلأَخِيرَةُ: وَحْيُ دَاوُدَ بْنِ يَسَّى، وَوَحْيُ ٱلرَّجُلِ ٱلْقَائِمِ فِي ٱلْعُلاَ، مَسِيحِ إِلٰهِ يَعْقُوبَ، وَمُرَنِّمِ إِسْرَائِيلَ ٱلْحُلْوِ: ٢ رُوحُ ٱلرَّبِّ تَكَلَّمَ بِي وَكَلِمَتُهُ عَلَى لِسَانِي».
ص ٧: ٨ و٩ ومزمور ٧٨: ٧٠ و٧١ و١صموئيل ١٦: ١٢ و١٣ ومزمور ٨٩: ٢٠ متّى ٢٢: ٤٣ و٢بطرس ١: ٢١
كَلِمَاتُ دَاوُدَ ٱلأَخِيرَةُ وهي تستحق الاعتبار الخاص لأن فيها ثمر اختبار سنين كثيرة في أحوال مختلفة. فكان فقيراً وغنياً ومطروداً ومحبوباً ومحارباً ومرنماً وخاطئاً وتائباً وقديساً حسب قلب الرب.
وَحْيُ دَاوُدَ الكلام هنا كلام الله بفم داود (عدد ٢٤: ٣ و٤ وأمثال ٣٠: ١).
ٱلْقَائِمِ فِي ٱلْعُلاَ ارتقى داود من رعاية الغنم إلى رعاية شعب إسرائيل في الأمور السياسية والأمور الروحية.
إِلٰهِ يَعْقُوبَ أكثر استعمال الاسم إسرائيل هو للشعب وأما اسم يعقوب فليعقوب نفسه. والقول هنا يذكرنا بالمعاهدة بينه وبين الرب.
مُرَنِّمِ إِسْرَائِيلَ ٱلْحُلْوِ يشير إلى خدمة داود للشعب في الروحيات كما يشير اللقب مسيح إله يعقوب إلى خدمته السياسية. لم يذق اليهود فقط حلاوة مزامير داود بل شعب الله إجمالاً في كل جيل.
رُوحُ ٱلرَّبِّ تَكَلَّمَ بِي عرف داود أنه تكلم بالوحي. والمسيح شهد له (متّى ٢٢: ٤٣). لاحظ هنا نظم الشعر العبراني فإن الصدر والعجز متقابلان يفسر الواحد الآخر كما نرى هنا.
١ وحي داود بن يسّى
٢ وحي الرجل القائم في العلى
١ مسيح إله يعقوب
٢ مرنم إسرائيل الحلو
١ روح الرب تكلم بي
٢ كلمته على لساني الخ
إن الشعر المنظوم على هذا النمط تسهل ترجمته إلى كل اللغات دون أن يخسر شيئاً من رونقه، بخلاف الشعر المقفى كالشعر العربي وغيره في اللغات الحديثة (اطلب شعر في قاموس الكتاب).
٣، ٤ «٣ قَالَ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ. إِلَيَّ تَكَلَّمَ صَخْرَةُ إِسْرَائِيلَ. إِذَا تَسَلَّطَ عَلَى ٱلنَّاسِ بَارٌّ يَتَسَلَّطُ بِخَوْفِ ٱللّٰهِ، ٤ وَكَنُورِ ٱلصَّبَاحِ إِذَا أَشْرَقَتِ ٱلشَّمْسُ. كَعُشْبٍ مِنَ ٱلأَرْضِ فِي صَبَاحٍ صَحْوٍ مُضِيءٍ بَعْدَ ٱلْمَطَرِ».
ص ٢٢: ٢ و٣ و٣٢ مزمور ٧٢: ١ - ٣ وإشعياء ١١: ١ - ٥ و٢أيام ١٩: ٧ و٩ قضاة ٥: ٢١ ومزمور ٧٢: ٦
يذكر الصفات الضرورية للملك منها أنه يتسلط بخوف الله فيتذكر دائماً أنه خادم لله وخاضع لأمره. ما أجمل العشب غبّ المطر إذا أشرقت عليه الشمس، هكذا الشعب الذي يتسلط عليهم ملك بخوف الله. والكلام هنا تتمة النبوة في (٧: ١٢ - ١٦) التي تمت جزئياً بسليمان وبعض ملوك يهوذا الصالحين وكلياً بالمسيح. وهاك بعض نبوات عن المسيح توافق كلام داود.
تَسَلَّطَ (ميخا ٥: ٢) «ٱلَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطاً عَلَى إِسْرَائِيلَ».
بَارٌّ (إرميا ٢٣: ٥) «أُقِيمُ لِدَاوُدَ غُصْنَ بِرٍّ، فَيَمْلِكُ مَلِكٌ وَيَنْجَحُ، وَيُجْرِي حَقّاً وَعَدْلاً فِي ٱلأَرْضِ».
بِخَوْفِ ٱللّٰهِ (إشعياء ١١: ٢) «وَيَحِلُّ عَلَيْهِ رُوحُ ٱلرَّبِّ، رُوحُ ٱلْحِكْمَةِ... وَمَخَافَةِ ٱلرَّبِّ».
أَشْرَقَتِ ٱلشَّمْسُ (ملاخي ٤: ٣) «وَلَكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُتَّقُونَ ٱسْمِي تُشْرِقُ شَمْسُ ٱلْبِرِّ وَٱلشِّفَاءُ فِي أَجْنِحَتِهَا».
غبَّ (بَعْدَ) ٱلْمَطَرِ (مزمور ٧٢: ٦ و٧) «يَنْزِلُ مِثْلَ ٱلْمَطَرِ عَلَى ٱلْجُزَازِ، وَمِثْلَ ٱلْغُيُوثِ ٱلذَّارِفَةِ عَلَى ٱلأَرْضِ. يُشْرِقُ فِي أَيَّامِهِ ٱلصِّدِّيقُ الخ».
٥ «أَلَيْسَ هٰكَذَا بَيْتِي عِنْدَ ٱللّٰهِ لأَنَّهُ وَضَعَ لِي عَهْداً أَبَدِيّاً مُتْقَناً فِي كُلِّ شَيْءٍ وَمَحْفُوظاً؟ أَفَلاَ يُثْبِتُ كُلَّ خَلاَصِي وَكُلَّ مَسَرَّتِي؟»
ص ٧: ١٢ ومزمور ٨٩: ٢٩ وإشعياء ٥٥: ٣
أَلَيْسَ هٰكَذَا بَيْتِي والبعض يترجمون «ليس هكذا بيتي... ولكنه وُضع الخ» أي ليس اتكاله على استحقاقه بل على وعد الله المذكور في (٧: ١٢ - ١٦) وكلام الله هذا عهد أبدي لأن الله لا يتغير ولا يُغير وعهده متقن في كل شيء أي ألفاظه واضحة لا تقبل الريب ومحفوظ أي له قيمة فائقة كأهم المعاهدات والصكوك والحجج.
٦، ٧ «٦ وَلٰكِنَّ بَنِي بَلِيَّعَالَ جَمِيعَهُمْ كَشَوْكٍ مَطْرُوحٍ لأَنَّهُمْ لاَ يُؤْخَذُونَ بِيَدٍ. ٧ وَٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي يَمَسُّهُمْ يَتَسَلَّحُ بِحَدِيدٍ وَعَصَا رُمْحٍ. فَيَحْتَرِقُونَ بِٱلنَّارِ فِي مَكَانِهِمْ».
متّى ١٣: ٤١ متّى ٣: ١٠ وعبرانيين ٦: ٨
وَلٰكِنَّ بَنِي بَلِيَّعَالَ (قضاة ١٩: ٢٢ وتفسيره) هلاك الأشرار ينتج بالضرورة من خلاص الأبرار. وهم كالشوك المطروح لعدم نفعهم. ولمضرتهم لا يؤخذون بيدٍ. فيتسلح بحديد من يمسهم. ولهلاكهم النهائي يحترقون بالنار في مكانهم أي لا يُجمعون إلى مخزن الرب ولا يُحفظون.
٨ «هٰذِهِ أَسْمَاءُ ٱلأَبْطَالِ ٱلَّذِينَ لِدَاوُدَ: يُشَيْبَ بَشَّبَثُ ٱلتَّحْكَمُونِيُّ رَئِيسُ ٱلثَّلاَثَةِ. هُوَ هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَمَانِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً».
١أيام ١١: ١١ - ٤٧
ٱلأَبْطَالِ ٱلَّذِينَ لِدَاوُدَ (انظر ١أيام ١١: ١١ - ٤٧) الذي منه نعلم أن هؤلاء الأبطال كانوا معه في السنين الأولى من ملكه، نرى اختلافاً في بعض الأسماء. وربما أن هذا البيان كان يتغير من وقت إلى آخر بالزيادة أو النقصان أو إنه كان للواحد في القديم أسماء مختلفة. ولا نتعجب من ذكر هؤلاء الأبطال مرتين في الكتاب المقدس لأن ذكرهم في هذه الأسفار أعظم جزاء لهم لأن الجنود اليوم يعتبرون ذكرهم في تقرير قائدهم جزاء أفضل من المال. انظر قول يسوع في مريم التي سكبت على رأسه الطيب الكثير الثمن (متّى ٢٦: ١٣) «حَيْثُمَا يُكْرَزْ بِهٰذَا ٱلإِنْجِيلِ فِي كُلِّ ٱلْعَالَمِ، يُخْبَرْ أَيْضاً بِمَا فَعَلَتْهُ هٰذِهِ تِذْكَاراً لَهَا». ووجود هذه الأسماء يعلمنا أيضاً قيمة الناس إفرادياً عند الله لأنه يعرف كل إنسان باسمه ويحب كل إنسان بمفرده ويثيب كل إنسان على أعماله الصالحة. وأعظم رجاء للمؤمنين أن تُكتب أسماؤهم في سفر الحياة (لوقا ١٠: ٢٠).
يُشَيْبَ بَشَّبَثُ ٱلتَّحْكَمُونِيُّ هو من الذين جاءوا إلى داود إلى صقلغ (١أيام ١٢: ٦) وكان على الفرقة الأولى (١ايام ٢٧: ٢).
رَئِيسُ ٱلثَّلاَثَةِ المذكورين أولاً (ع ٨ - ١٢).
هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَمَانِ مِئَةٍ وفي (١أيام ١١: ١١) ثلاث مئة. ومن التفاسير (١) إنه قتل ثلاث مئة ورجاله قتلوا خمس مئة. (٢) إنه قتل ثمان مئة وفي وقت آخر ثلاث مئة (٣) إنه وقع الناسخ في الغلط سهواً.
٩، ١٠ «٩ وَبَعْدَهُ أَلِعَازَارُ بْنُ دُودُو بْنِ أَخُوخِي أَحَدُ ٱلثَّلاَثَةِ ٱلأَبْطَالِ ٱلَّذِينَ كَانُوا مَعَ دَاوُدَ حِينَمَا عَيَّرُوا ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَمَعُوا هُنَاكَ لِلْحَرْبِ وَصَعِدَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ. ١٠ أَمَّا هُوَ فَأَقَامَ وَضَرَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ حَتَّى كَلَّتْ يَدُهُ، وَلَصِقَتْ يَدُهُ بِٱلسَّيْفِ، وَصَنَعَ ٱلرَّبُّ خَلاَصاً عَظِيماً فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، وَرَجَعَ ٱلشَّعْبُ وَرَاءَهُ لِلنَّهْبِ فَقَطْ».
١أيام ٢٧: ٤ ١أيام ٨: ٤ ١أيام ١١: ١٣ و١صموئيل ١١: ١٣ و١٩: ٥
ٱجْتَمَعُوا هُنَاكَ قيل في (١أيام ١١: ١٣) فسّ دميم وهي غربي أرض يهوذا بقرب أرض الفلسطينيين (١صموئيل ١٧: ١).
وَصَعِدَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ أي صعدوا ليحاربوا الفلسطينيين وأما العازار فأقام قدامهم وضرب الفلسطينيين وحده حتى كلّت يده ولصقت بالسيف أي إنه بعدما توقف القتال لم يقدر أن يفلت السيف دليلاً على شدة تعبه زماناً طويلاً والشعب تبعوه للنهب فقط.
١١، ١٢ «١١ وَبَعْدَهُ شَمَّةُ بْنُ أَجِي ٱلْهَرَارِيُّ. فَٱجْتَمَعَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ جَيْشاً وَكَانَتْ هُنَاكَ قِطْعَةُ حَقْلٍ مَمْلُوءةً عَدَساً، فَهَرَبَ ٱلشَّعْبُ مِنْ أَمَامِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. ١٢ فَوَقَفَ فِي وَسَطِ ٱلْقِطْعَةِ وَأَنْقَذَهَا، وَضَرَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ فَصَنَعَ ٱلرَّبُّ خَلاَصاً عَظِيماً».
ع ٢٣ ع ١٠
وَبَعْدَهُ شَمَّةُ أظهر شجاعته إذ ثبت وحده بعدما كان الشعب قد هربوا. فكان مثل يشوع الذي قال لبني إسرائيل «ٱخْتَارُوا لأَنْفُسِكُمُ ٱلْيَوْمَ مَنْ تَعْبُدُونَ... وَأَمَّا أَنَا وَبَيْتِي فَنَعْبُدُ ٱلرَّبَّ» (يشوع ٢٤: ١٥). ومثل إيليا الذي ثبت في عبادة الرب ظاناً أنه ليس من مؤمن سواه في جميع إسرائيل.
١٣ - ١٧ «١٣ وَنَزَلَ ٱلثَّلاَثَةُ مِنَ ٱلثَّلاَثِينَ رَئِيساً وَأَتَوْا فِي ٱلْحَصَادِ إِلَى دَاوُدَ إِلَى مَغَارَةِ عَدُلاَّمَ، وَجَيْشُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ نَازِلٌ فِي وَادِي ٱلرَّفَائِيِّينَ. ١٤ وَكَانَ دَاوُدُ حِينَئِذٍ فِي ٱلْحِصْنِ، وَحَفَظَةُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ حِينَئِذٍ فِي بَيْتِ لَحْمٍ. ١٥ فَتَأَوَّهَ دَاوُدُ وَقَالَ: مَنْ يَسْقِينِي مَاءً مِنْ بِئْرِ بَيْتِ لَحْمٍ ٱلَّتِي عِنْدَ ٱلْبَابِ؟ ١٦ فَشَقَّ ٱلأَبْطَالُ ٱلثَّلاَثَةُ مَحَلَّةَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَٱسْتَقُوا مَاءً مِنْ بِئْرِ بَيْتِ لَحْمٍ ٱلَّتِي عِنْدَ ٱلْبَابِ، وَحَمَلُوهُ وَأَتَوْا بِهِ إِلَى دَاوُدَ، فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَشْرَبَهُ بَلْ سَكَبَهُ لِلرَّبِّ ١٧ وَقَالَ: حَاشَا لِي يَا رَبُّ أَنْ أَفْعَلَ ذٰلِكَ. هٰذَا دَمُ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ خَاطَرُوا بِأَنْفُسِهِمْ. فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَشْرَبَهُ. هٰذَا مَا فَعَلَهُ ٱلثَّلاَثَةُ ٱلأَبْطَالُ».
١صموئيل ٢٢: ١ ص ٥: ١٨ و١صموئيل ٢٢: ٤ و٥ تكوين ٣٥: ١٤ لاويين ١٧: ١٠
وَنَزَلَ ٱلثَّلاَثَةُ ليس الثلاثة المذكورون سابقاً بل أبيشاي وباناياهو وواحد غيرهما ليس مذكوراً هنا.
مَغَارَةِ عَدُلاَّمَ (١صموئيل ٢٢: ١) بقرب مدينة عدلام في غربي أرض يهوذا حيث اجتمع داود ورجاله حينما كان طريداً.
وَادِي ٱلرَّفَائِيِّينَ بين أورشليم وبيت لحم (٥: ١٨).
فِي ٱلْحِصْنِ َ (٥: ١٧) بقرب مغارة عدلام.
حَفَظَةُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّين هم الفلسطينيون الحالون في أرض إسرائيل (١صموئيل ١٣: ٢٣ و١٤: ١)
فَتَأَوَّهَ دَاوُدُ كانت أيام الحصاد فعطش من الحر الشديد وخطر بباله الماء البارد الذي كان يشربه وهو ولد في بيت لحم فتأوه أي تشكى وتوجع وقال من يسقني الخ. ولكنه لم يتصور أن ذلك من الأمور المستطاعة ولم يقصد إرسال عبيده إلى بيت لحم. ولكن الثلاثة من محبتهم الشديدة لقائدهم أرادوا أن يجلبوا له مهما طلب وليس كأس ماء بارد فقط ولو أدى هذا إلى حتفهم (يوحنا ١٥: ١٣).
وَحَمَلُوهُ تصوّر واحداً حاملاً جرة ماء بيديه وعن يمينه وعن يساره رفيقان يحميانه. وتصور عجب الفلسطينيين. ولا شك أن الماء البارد صار سخناً قبل وصوله إلى داود.
فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَشْرَبَهُ ولو شرب كان استهان بالثلاثة كأن قيمة حياتهم كقيمة كأس ماء فقط فسكبه للرب لأن الرب وحده يستحق تقدمة كهذه. وكثيراً ما تصير الهدية الزهيدة القيمة ثمينة بسبب محبة من يقدمها.
١٨، ١٩ «١٨ وَأَبِيشَايُ أَخُو يُوآبَ ٱبْنِ صَرُويَةَ هُوَ رَئِيسُ ثَلاَثَةٍ. هٰذَا هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَلاَثِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ، فَكَانَ لَهُ ٱسْمٌ بَيْنَ ٱلثَّلاَثَةِ. ١٩ أَلَمْ يُكْرَمْ عَلَى ٱلثَّلاَثَةِ فَكَانَ لَهُمْ رَئِيساً، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَى ٱلثَّلاَثَةِ ٱلأُوَلِ».
ص ١٠: ١٠ و١٤ و١٨: ٢ و١أيام ١١: ٢٠ و٢١
أَبِيشَايُ كان مع أخيه يوآب في حرب العمونيين (١٠: ١٠ و١٤) وفي حرب أبشالوم (١٨: ٢) وكان طبعه قاسياً حاداً (١صموئيل ٢٦: ٨ و٢صموئيل ١٦: ٩ و١٩: ٢١).
٢٠ - ٢٣ «٢٠ وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ، ٱبْنُ ذِي بَأْسٍ، كَثِيرُ ٱلأَفْعَالِ، مِنْ قَبْصِئِيلَ، هُوَ ٱلَّذِي ضَرَبَ أَسَدَيْ مُوآبَ، وَهُوَ ٱلَّذِي نَزَلَ وَضَرَبَ أَسَداً فِي وَسَطِ جُبٍّ يَوْمَ ٱلثَّلْجِ. ٢١ وَهُوَ ضَرَبَ رَجُلاً مِصْرِيّاً ذَا مَنْظَرٍ، وَكَانَ بِيَدِ ٱلْمِصْرِيِّ رُمْحٌ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ بِعَصاً وَخَطَفَ ٱلرُّمْحَ مِنْ يَدِ ٱلْمِصْرِيِّ وَقَتَلَهُ بِرُمْحِهِ. ٢٢ هٰذَا مَا فَعَلَهُ بَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ، فَكَانَ لَهُ ٱسْمٌ بَيْنَ ٱلثَّلاَثَةِ ٱلأَبْطَالِ، ٢٣ وَأُكْرِمَ عَلَى ٱلثَّلاَثِينَ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَى ٱلثَّلاَثَةِ. فَجَعَلَهُ دَاوُدُ مِنْ أَصْحَابِ سِرِّهِ».
ص ٨: ١٨ و٢٠: ٣٢ ع ٢٠ ويشوع ١٥: ٢١
بَنَايَاهُو ابن يهوياداع الكاهن (١أيام ١٢: ٢٧ و٢٧: ٥) وغير يهوياداع الكاهن في زمان الملك يوآش. وكان بناياهو رئيس الجلادين والسعاة (٢٠: ٢٣) ورئيس الجيش الثالث (١أيام ٢٧: ٥ و٦) وكان مع سليمان حين تبوّئه العرش وصار رئيس الجيش بدل يوآب (١ملوك ١: ٨ و٢: ٣٥).
قَبْصِئِيلَ في جنوبي يهوذا على تخم أدوم (يشوع ١٥: ٢١).
أَسَدَيْ مُوآبَ أسدين حقيقيين أو رجلين جبارين كالأسود في وقتهما وشجاعتهما.
ضَرَبَ أَسَداً فِي وَسَطِ جُبٍّ كان الأسد قد جعل الجب عرّيسه يخرج منه ليقتل الناس والبهائم ولا أحد تجاسر على قتله فنزل بناياهو وقتله في الجب.
رَجُلاً مِصْرِيّاً ذَا مَنْظَرٍ قامته خمس أذرع ورمحه كنول النساجين (١أيام ١١: ٢٣) قتله برمحه كما قتل داود جليات بسيفه. ليست القوة للعصا ولا للرمح بل لمن يستعملهما. وأحياناً يكون الجبار جسماً ضعيف العقل.
مِنْ أَصْحَابِ سِرِّهِ من مشيريه (١صموئيل ٢٢: ١٤) وثالث هؤلاء الثلاثة ليس مذكوراً ولعله عماسا ولم يُذكر لأنه كان مع أبشالوم.
٢٤ - ٣٩ «٢٤ وَعَسَائِيلُ أَخُو يُوآبَ كَانَ مِنَ ٱلثَّلاَثِينَ، وَأَلْحَانَانُ بْنُ دُودُو مِنْ بَيْتِ لَحْمٍ. ٢٥ وَشَمَّةُ ٱلْحَرُودِيُّ، وَأَلِيقَا ٱلْحَرُودِيُّ، ٢٦ وَحَالَصُ ٱلْفَلْطِيُّ، وَعِيرَا بْنُ عِقِّيشَ ٱلتَّقُوعِيُّ، ٢٧ وَأَبِيعَزَرُ ٱلْعَنَاثُوثِيُّ، وَمَبُونَايُ ٱلْحُوشَاتِيُّ، ٢٨ وَصَلْمُونُ ٱلأَخُوخِيُّ، وَمَهْرَايُ ٱلنَّطُوفَاتِيُّ، ٢٩ وَخَالَبُ بْنُ بَعْنَةَ ٱلنَّطُوفَاتِيُّ، وَإِتَّايُ بْنُ رِيبَايَ مِنْ جِبْعَةِ بَنِي بِنْيَامِينَ، ٣٠ وَبَنَايَا ٱلْفَرْعَتُونِيُّ، وَهِدَّايُ مِنْ أَوْدِيَةِ جَاعَشَ، ٣١ وَأَبُو عَلْبُونَ ٱلْعَرَبَاتِيُّ، وَعَزْمُوتُ ٱلْبَرْحُومِيُّ، ٣٢ وَأَلْيَحْبَا ٱلشَّعْلُبُونِيُّ وَمِنْ بَنِي يَاشَنَ: يُونَاثَانُ. ٣٣ وَشَمَّةُ ٱلْهَرَارِيُّ، وَأَخِيآمُ بْنُ شَارَارَ ٱلأَرَارِيُّ، ٣٤ وَأَلِيفَلَطُ بْنُ أَحَسْبَايَ ٱبْنُ ٱلْمَعْكِيِّ، وَأَلِيعَامُ بْنُ أَخِيتُوفَلَ ٱلْجِيلُونِيُّ، ٣٥ وَحَصْرَايُ ٱلْكَرْمَلِيُّ، وَفَعْرَايُ ٱلأَرَبِيُّ، ٣٦ وَيَجْآلُ بْنُ نَاثَانَ مِنْ صُوبَةَ، وَبَانِي ٱلْجَادِيُّ، ٣٧ وَصَالَقُ ٱلْعَمُّونِيُّ، وَنَحْرَايُ ٱلْبَئِيرُوتِيُّ (حَامِلُ سِلاَحِ يُوآبَ بْنِ صَرُويَةَ) ٣٨ وَعِيرَا ٱلْيَثْرِيُّ، وَجَارَبُ ٱلْيَثْرِيُّ، ٣٩ وَأُورِيَّا ٱلْحِثِّيُّ. ٱلْجَمِيعُ سَبْعَةٌ وَثَلاَثُونَ».
ص ٢: ١٨ و١أيام ٢٧: ٧ و١أيام ١١: ٢٧ قضاة ٧: ١ ص ١٤: ٢ يشوع ٢١: ١٨ و٢ملوك ٢٥: ٢٣ و١أيام ٢١: ٣٠ يشوع ١٨: ٢٨ قضاة ١٢: ١٣ و١٥ يشوع ٢٤: ٣٠ ص ٣: ١٦ يشوع ١٩: ٤٢ ع ١١ ص ١٠: ٦ و٨ و٢٠: ١٤ ص ١١: ٣ ص ١٥: ١٢ و١أيام ١١: ٣٧ يشوع ١٥: ٥٥ ص ٨: ٣ ص ٤: ٢ ص ٢٠: ٢٦ و١أيام ٢: ٥٣ ص ١١: ٣ و٦
من يريد زيادة المعرفة عن المذكورين فعليه بقاموس الكتاب.
ٱلْجَمِيعُ سَبْعَةٌ وَثَلاَثُونَ الثلاثة الأولون من الرتبة الأولى والثلاثة الثانون من الرتبة الثانية والثلاثة الآخرون من الرتبة الثالثة ويوآب الرئيس.
فوائد



  • (ع ١) «كلمات داود الأخيرة». أيام الرجل الصالح الأخيرة أفضل أيامه (١) لأنه يكون له أصدقاء كثيرون (٢) لأنه يكون مستريح البال بعض الراحة من هموم العالم وأتعابه (٣) لأنه يكون له صبر وحكمة وغيرهما من الفضائل اكتسبها من اختباره الطويل (٤) لأنه يقدر أن ينظر إلى حياة الإنسان على الأرض بكمالها فلا يحزن كثيراً من مصائبها الوقتية ولا يفرح كثيراً بأفراحها الزائلة (٥) لأنه يرى السماء قريبة.
  • «مسيح إله يعقوب». اعترف (١) بأنه خادم الله فعليه أول كل شيء أن يعرف مشيئته ويعملها (٢) بأنه خادم يعقوب أي شعب إسرائيل فعليه أن يحامي عنهم ويسوسهم بالعدل ويطلب راحتهم وتقدمهم الجسدي والروحي (٣) بأنه مسيح الله أي مدعو من الله وله مواهب وقوة خاصة من الله وبأن غاية الله في منحه إياها خدمة الشعب. فليس له أن يعيش لنفسه ويطلب مجد نفسه. كالمطر على العشب.
  • «مرنم إسرائيل الحلو». للترنيم مكان في عبادة الله مع الصلاة والوعظ. ولنا في الكتاب المقدس أحسن ترنيمات لا سيما في سفر المزامير. والترنيمات (١) ترفع الأفكار إلى الله (٢) تفرّح وتعزّي وتنشط على العمل الصالح (٣) توحّد الشعب إذا كان الجميع يرنمون بصوت واحد وقلب واحد (٤) تُحفظ في الذاكرة (تثنية ٣١: ٢٨ - ٣٠).
  • (ع ٢) «روح الرب تكلم بي». (١) روح الرب يجدد قلوبنا ويقدسها ويجعل فيها أفكاراً صالحة وعواطف طاهرة (٢) روح الرب يكلم الناس بواسطتنا فلا نخاف ولا نهتم ولا نسكت في وقت التكلم (٣) روح الرب يعمل فينا لكي نعمل أعمالاً صالحة.
  • (ع ٨) «الأبطال الذين لداود». أبطال المسيح (١) هم من كل القبائل (يهوذا. بنيامين. جتّ. عمون) رجالاً ونساء، أغنياء وفقراء (٢) لهم أنواع من الخدمة كالتبشير والتعليم وخدمة المرضى والفقراء والخدمة البيتية (٣) لهم محبة فائقة للمسيح (٤) يثبتون في الضيقات والأخطار (٤) لهم أجر عظيم.
  • (ع ١٦) «استقوا ماء». (١) لا شيء أقل قيمة من كأس ماء. (٢) لا شيء أثمن منها إذا عبّرت عن المحبة القلبية (٣) ما نقدمه للمحتاجين حباً للمسيح فهو للمسيح (مزمور ٢٥: ٤٠).




اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ وَٱلْعِشْرُونَ


١ - ٤ «١ وَعَادَ فَحَمِيَ غَضَبُ ٱلرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ فَأَهَاجَ عَلَيْهِمْ دَاوُدَ قَائِلاً: ٱمْضِ وَأَحْصِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا. ٢ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِيُوآبَ رَئِيسِ ٱلْجَيْشِ ٱلَّذِي عِنْدَهُ: طُفْ فِي جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ وَعُدُّوا ٱلشَّعْبَ، فَأَعْلَمَ عَدَدَ ٱلشَّعْبِ. ٣ فَقَالَ يُوآبُ لِلْمَلِكِ: لِيَزِدِ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ ٱلشَّعْبَ أَمْثَالَهُمْ مِئَةَ ضِعْفٍ، وَعَيْنَا سَيِّدِي ٱلْمَلِكِ نَاظِرَتَانِ. وَلٰكِنْ لِمَاذَا يُسَرُّ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ بِهٰذَا ٱلأَمْرِ؟ ٤ فَٱشْتَدَّ كَلاَمُ ٱلْمَلِكِ عَلَى يُوآبَ وَعَلَى رُؤَسَاءِ ٱلْجَيْشِ، فَخَرَجَ يُوآبُ وَرُؤَسَاءُ ٱلْجَيْشِ مِنْ عِنْدِ ٱلْمَلِكِ لِيَعُدُّوا إِسْرَائِيلَ».
ص ٢١: ١ و٢ و١أيام ٢١ و١أيام ٢٧: ٢٣ و٢٤ ص ٣: ١٠ وقضاة ٢٠: ١ تثنية ١: ١١
وَعَادَ فَحَمِيَ غَضَبُ ٱلرَّبِّ في سني ملك داود الأخيرة لأنه كان بعد الجوع المذكور في (٢١: ١) المشار إليه بكلمة عاد وبعدما انتهت الحروب أولاً فلم يكن قضاء تسعة أشهر وعشرين يوماً في إحصاء الشعب. وفي زمان الاستعداد لبناء الهيكل (١أيام ٢١: ٢٨ و٢٢: ١ الخ).
وأما خطيئة داود فلم تكن مجرد إحصاء الشعب لأن ذلك كان بحسب الشريعة (خروج ٣٠: ١٢) وموسى أحصاهم ثلاث مرات أو أكثر (خروج ٣٨: ٢٦ عدد ١: ٢ و٣ عدد ٢٦: ١ الخ). ولم تكن بإهمال دفع نصف الشاقل فقط (خروج ٣٠: ١٢ و١٣) على رأي يوسيفوس. بل كانت الخطية في غاية داود لأنه ربما قصد حروباً جديدة وقهر شعوب لتوسيع مملكته وازدياد مجده. أو قصد تسخير الشعب وظلمهم بوضعه جزية مالية ثقيلة. فدخل فيه روح الطمع والاتكال على عظمة الجيش دون الاتكال على الرب. فصار كملوك مصر وأشور. ولا شك أن هذا الروح كان في الشعب كلهم فكانت الخطيئة خطيئتهم وليس خطيئة داود وحده.
فَأَهَاجَ عَلَيْهِمْ دَاوُدَ أي الرب أهاج داود. لعله كان في داود وفي عموم الشعب خطيئة سابقة أي خطيئة الكبرياء والطمع والافتخار بالقوة الجسدية وترك الرب. فحمي غضب الرب على هذه الخطيئة المستترة فعقاباً لخطيئتهم هذه تركهم زماناً وسمح للشيطان أن يُغوي داود (١أيام ٢١: ١) فظهرت بالفعل الخطيئة التي كانت مستترة في قلبه. فالرب إذاً لا يهيج الناس على الخطيئة ولكنه يسلّمهم أحياناً تسليماً وقتياً ليغويهم الشيطان لكي تظهر بالفعل خطيئتهم السرية كما يهيج الصياد الأسد لكي يخرج من عرّيسه فيُقتل.
إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا كانت الحوادث المذكورة قبل انقسام المملكة ولكن تأليف هذا السفر كان بعده. وكان في أيام داود استعداد للانقسام. والقول جميع أسباط إسرائيل (ع ٢) يشمل إسرائيل ويهوذا معاً كشعب واحد. كان دان في الشمال وبئر سبع في أقصى الجنوب. فابتدأوا (ع ٥ - ٨) من الجنوب في شرقي الأردن وتقدموا إلى الشمال إلى جهات دان ثم داروا إلى الغرب إلى جهات صيدا ثم داروا إلى الجنوب ووصلوا إلى بئر سبع ثم رجعوا إلى أورشليم.
وَعُدُّوا ٱلشَّعْبَ الأمر هنا بالجمع. قيل في (١أيام ٢١: ٢) إن الأمر كان ليوآب ولرؤساء الشعب ولعلهم اجتمعوا ليتفاوضوا في الأمر واتفقوا على عدم موافقته. ولكن اشتد كلام الملك عليهم وهنا دليل على أن حكم داود كان حكماً مطلقاً.
فَقَالَ يُوآبُ لِلْمَلِكِ (ع ٣). لم يكن يوآب رجلاً دينياً فيحذر الملك من أن يخطي إلى الرب. ولا شك أنه اعترض على أمر الملك لأسباب سياسية منها خوفه من تهييج الشعب على الملك ومقاومتهم لمقاصده أو تهييج أعداء إسرائيل من الخارج إذا رأوا في إسرائيل استعداداً للحرب.
٥ - ٩ «٥ فَعَبَرُوا ٱلأُرْدُنَّ وَنَزَلُوا فِي عَرُوعِيرَ عَنْ يَمِينِ ٱلْمَدِينَةِ ٱلَّتِي فِي وَسَطِ وَادِي جَادَ وَتُجَاهَ يَعْزِيرَ، ٦ وَأَتَوْا إِلَى جِلْعَادَ وَإِلَى أَرْضِ تَحْتِيمَ إِلَى حُدْشِي، ثُمَّ أَتَوْا إِلَى دَانِ يَعَنَ وَٱسْتَدَارُوا إِلَى صَيْدُونَ، ٧ ثُمَّ أَتَوْا إِلَى حِصْنِ صُورٍ وَجَمِيعِ مُدُنِ ٱلْحِوِّيِّينَ وَٱلْكَنْعَانِيِّينَ، ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى جَنُوبِيِّ يَهُوذَا إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ ٨ وَطَافُوا كُلَّ ٱلأَرْضِ، وَجَاءُوا فِي نِهَايَةِ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ يَوْماً إِلَى أُورُشَلِيمَ. ٩ فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ ٱلشَّعْبِ إِلَى ٱلْمَلِكِ، فَكَانَ إِسْرَائِيلُ ثَمَانَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ ذِي بَأْسٍ مُسْتَلِّ ٱلسَّيْفِ، وَرِجَالُ يَهُوذَا خَمْسَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ».
تثنية ٢: ٣٦ ويشوع ١٣: ٩ و١٦ عدد ٢١: ٣٢ و٣٢: ٣٥ يشوع ١٩: ٢٨ وقضاة ١: ٣١ يشوع ١٩: ٢٩ يشوع ١١: ٣ وقضاة ٣: ٣ تكوين ٢١: ٢٢ - ٢٣ عدد ١: ٤٤ - ٤٦ ١أيام ٢١: ٥
عَرُوعِيرَ مدينة أمام ربّة أي إلى جهة الشرق منها بناها بنو جاد (يشوع ١٣: ٢٥) وربّة هي عمان الحالية.
عَنْ يَمِينِ ٱلْمَدِينَةِ أي كانت محلة يوآب عن يمين مدينة عروعير أي إلى جهة الجنوب منها.
وَتُجَاهَ يَعْزِيرَ كانت يعزير إلى جهة الغرب من ربة وعلى بُعد أربعة أميال منها وإلى جهة الشمال والغرب من محلة يوآب. ووادي جاد هو وادي النهر في جاد الذي بُنيت عروعير عليه. فكان موقعه محلاً موافقاً لأجل إحصاء الشعب الساكن في الشرق. وموقع تحتيم وحُدشي ودان يَعَن مجهول ويظهر من القرينة أنه إلى جهة الشمال من عروعير. كانت صيدا وصور ومدن الحويين والكنعانيين تؤدي الجزية والخدمة. قيل في (٢أيام ٢: ١٧) إن عدد الأجانب في أرض إسرائيل في أيام سليمان كان ١٥٣٦٠٠ وجعلهم سليمان حمّالين وقطّاعين على الجبل ووكلاء لأجل بناء الهيكل. ووصلوا إلى بئر سبع في أقصى الجنوب وكملوا الدوران ورجعوا إلى أورشليم.
وكان عدد الشعب ثمان مئة ألف في إسرائيل وخمس مئة ألف في يهوذا من رجال الحرب. وهذا يدل على أن السكان لم يكونوا أقل من سبعة ملايين من النفوس. وهذا العدد أكثر جداً من عدد السكان في أرض فلسطين اليوم. ولكن الآثار القديمة تثبت أقوال الكتاب. وقيل في (١أيام ٢١: ٥) إن عدد إسرائيل كان ألف ألف ومئة ألف وعدد يهوذا أربع مئة وسبعين ألفاً. قيل أيضاً إنهم لم يعدوا لاوي وبنيامين لأن كلام الملك كان مكروهاً عند يوآب. وفي (١أيام ٢٧: ١ - ٥) ذكر جيش دائم عدد رجاله ٢٨٨٠٠٠. وكان لداود جيش فيه ثلاثون ألفاً (٦: ١) فنرى من هذه الأقوال المختلفة أن كاتب سفر صموئيل عمل حسابه على طريقة ما وحسابه صحيح وكاتب سفر أخبار الأيام عمل حسابه على طريقة أخرى وحسابه صحيح أيضاً. والحكومة لم تقيّد العدد في سجلاتها الرسمية (١أيام ٢٧: ٢٤) وهكذا وقع الاختلاف.
١٠ - ١٤ «١٠ وَضَرَبَ دَاوُدَ قَلْبُهُ بَعْدَمَا عَدَّ ٱلشَّعْبَ. فَقَالَ دَاوُدُ لِلرَّبِّ: لَقَدْ أَخْطَأْتُ جِدّاً فِي مَا فَعَلْتُ، وَٱلآنَ يَا رَبُّ أَزِلْ إِثْمَ عَبْدِكَ لأَنِّي ٱنْحَمَقْتُ جِدّاً. ١١ وَلَمَّا قَامَ دَاوُدُ صَبَاحاً كَانَ كَلاَمُ ٱلرَّبِّ إِلَى جَادٍ ٱلنَّبِيِّ رَائِي دَاوُدَ: ١٢ اِذْهَبْ وَقُلْ لِدَاوُدَ: هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: ثَلاَثَةً أَنَا عَارِضٌ عَلَيْكَ، فَٱخْتَرْ لِنَفْسِكَ وَاحِداً مِنْهَا فَأَفْعَلَهُ بِكَ. ١٣ فَأَتَى جَادُ إِلَى دَاوُدَ وَقَالَ لَهُ: أَتَأْتِي عَلَيْكَ سَبْعُ سِنِي جُوعٍ فِي أَرْضِكَ، أَمْ تَهْرُبُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ أَمَامَ أَعْدَائِكَ وَهُمْ يَتْبَعُونَكَ، أَمْ يَكُونُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَبَأٌ فِي أَرْضِكَ؟ فَٱلآنَ ٱعْرِفْ وَٱنْظُرْ مَاذَا أَرُدُّ جَوَاباً عَلَى مُرْسِلِي. ١٤ فَقَالَ دَاوُدُ لِجَادٍ: قَدْ ضَاقَ بِيَ ٱلأَمْرُ جِدّاً. فَلْنَسْقُطْ فِي يَدِ ٱلرَّبِّ لأَنَّ مَرَاحِمَهُ كَثِيرَةٌ وَلاَ أَسْقُطْ فِي يَدِ إِنْسَانٍ».
١صموئيل ٢٤: ٥ ص ١٢: ١٣ و١صموئيل ١٣: ١٣ و٢أيام ١٦: ٩ و١صموئيل ٢٢: ٥ و١أيام ٢٩: ٢٩ و١صموئيل ٩: ٩ و١أيام ٢١: ١٢ وحزقيال ١٤: ٢١ مزمور ٥١: ١ و١٣٠: ٤ و٧
وَضَرَبَ دَاوُدَ قَلْبُهُ تأمل وانتبه وعرف خطيئته واعترف بها للرب. وكان كلام الرب إليه بواسطة جاد النبي في الغد جواباً له وجاد هو الذي قال لداود وهو في مصفاة موآب أن يذهب إلى أرض يهوذا (١صموئيل ٢٢: ٥) وربما كان مع داود نبياً ومشيراً من الأول إلى آخر حياته وربما أن الكلام هنا كلام جاد (١أيام ٢٩: ٢٩).
سَبْعُ سِنِي جُوعٍ (ع ١٣) وفي (١أيام ٢١: ١٢) ثلاث سنين. وأكثر المفسرين يذهبون إلى أنه وقع الناسخ في الغلط سهواً والصواب ثلاث سنين كما هو في أخبار الأيام. وبعضهم يقولون إنه دخل في الحساب ثلاث سني الجوع بسبب الجبعونيين (٢١: ١) وسنة بعده وثلاث سنين هنا. وقول الرب أما ثلاث سني جوع في أخبار الأيام فهي زيادة عما مضى. وقوله هنا هو المجموع أي سبع سنين.
فَلْنَسْقُطْ فِي يَدِ ٱلرَّبِّ (ع ١٤) اختار الوبأ لأنهم إذا انكسروا في الحرب وقعوا في يد الإنسان وإذا أصابهم جوع كذلك وقعوا في يد المحتكرين وتجار الحبوب. والرب تنازل وأظهر لطفه ورحمته إذ سمح لداود أن يختار وداود أظهر ثقته بالرب حينما اختار الوبأ.
١٥ - ١٧ «١٥ فَجَعَلَ ٱلرَّبُّ وَبَأً فِي إِسْرَائِيلَ مِنَ ٱلصَّبَاحِ إِلَى ٱلْمِيعَادِ، فَمَاتَ مِنَ ٱلشَّعْبِ مِنْ دَانٍ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ سَبْعُونَ أَلْفَ رَجُلٍ. ١٦ وَبَسَطَ ٱلْمَلاَكُ يَدَهُ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِيُهْلِكَهَا، فَنَدِمَ ٱلرَّبُّ عَنِ ٱلشَّرِّ وَقَالَ لِلْمَلاَكِ ٱلْمُهْلِكِ ٱلشَّعْبَ: كَفَى! ٱلآنَ رُدَّ يَدَكَ. وَكَانَ مَلاَكُ ٱلرَّبِّ عِنْدَ بَيْدَرِ أَرُونَةَ ٱلْيَبُوسِيِّ. ١٧ فَقَالَ دَاوُدُ لِلرَّبَّ عِنْدَمَا رَأَى ٱلْمَلاَكَ ٱلضَّارِبَ ٱلشَّعْبَ: هَا أَنَا أَخْطَأْتُ وَأَنَا أَذْنَبْتُ، وَأَمَّا هٰؤُلاَءِ ٱلْخِرَافُ فَمَاذَا فَعَلُوا؟ فَلْتَكُنْ يَدُكَ عَلَيَّ وَعَلَى بَيْتِ أَبِي».
١أيام ٢١: ١٤ و٢٧: ٢٤ ع ٢ خروج ١٢: ٢٣ و٢ملوك ١٩: ٣٥ وأعمال ١٢: ٢٣ خروج ٣٢: ١٤ و١صموئيل ١٥: ١١ ع ١٠ ص ٧: ٨ ومزمور ٧٤: ١
مِنَ ٱلصَّبَاحِ إِلَى ٱلْمِيعَادِ وفي ع ١٦ قال للملاك المهلك الشعب كفى أي من رحمته توقف الوبأ قبل نهاية الثلاثة الأيام. والمظنون أن الميعاد هنا لا يشير إلى الوقت المعين للوبإ أي ثلاثة أيام بل إلى وقت إصعاد التقدمة اليومية (١ملوك ١٨: ٢٩ و٣٦ ودانيال ٩: ٢١ وأعمال ٣: ١) فكان دوام الوباء من الصباح إلى المساء يوماً واحداً فقط والملائكة هم خدام الله في إجراء التأديب في الزمان الحاضر والدينونة في الآخرة (خروج ١٢: ٢٣ ومزمور ٧٨: ٤٩ و٢ملوك ١٩: ٣٥ وأعمال ١٢: ٢٣ ومتّى ١٣: ٤١).
فَنَدِمَ ٱلرَّبُّ (ع ١٦) إذا تغيّر الإنسان وتاب عن خطيئته وهجرها يصفح عنه الرب أو يخفف له ما أوعده به من البلايا. وإذا تغيّر الرجل الصالح وسقط في خطيئته يعدل الرب عن منحه البركات الموعود بها. أي إن الرب لا يتغيّر ولكن معاملته للإنسان تتغيّر إذا تغيّر الإنسان (حزقيال ٣٣: ١٠ - ١٩).
بَيْدَرِ أَرُونَةَ ٱلْيَبُوسِيِّ في جبل المريا عند أورشليم إلى جهة الشرق (٢أيام ٣: ١) وموقع الهيكل. ويقول اليهود إنه المكان الذي فيه وقف إبراهيم لإصعاد ابنه إسحاق محرقة (تكوين ٢٢: ٢ الخ) ولكن هذا القول لا يُثبت. وأرونة هو أرنان في (١أيام ٢١: ١٥) والاسم اسم يبوسي. ونرى إن بعض اليبوسيين الأصليين بقوا في أورشليم وتملكوا الأملاك.
عِنْدَمَا رَأَى ٱلْمَلاَكَ (ع ١٧) وفي (١أيام ٢١: ١٦) رأى ملاك الرب واقفاً بين الأرض والسماء وسيفه مسلول بيده وممدود على أورشليم فسقط داود والشيوخ على وجوههم مكتسين بالمسوح.
أَنَا أَخْطَأْتُ وَأَنَا أَذْنَبْتُ أخذ داود على نفسه المسؤولية وذلك من عزة نفسه ومن علامات التوبة الحقيقية.
هٰؤُلاَءِ ٱلْخِرَافُ الشعب مشبهون بالخراف والرب راعيهم والملك راعيهم بقيادة الرب. والخروف حيوان أليف مسالم لا ضرر منه. غير أن خطيئة الكبرياء والطمع والاتكال على القوة الجسدية كانت عند الشعب أيضاً.
١٨ - ٢٥ «١٨ فَجَاءَ جَادُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ إِلَى دَاوُدَ وَقَالَ لَهُ: ٱصْعَدْ وَأَقِمْ لِلرَّبِّ مَذْبَحاً فِي بَيْدَرِ أَرُونَةَ ٱلْيَبُوسِيِّ. ١٩ فَصَعِدَ دَاوُدُ حَسَبَ كَلاَمِ جَادَ كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ. ٢٠ فَتَطَلَّعَ أَرُونَةُ وَرَأَى ٱلْمَلِكَ وَعَبِيدَهُ يُقْبِلُونَ إِلَيْهِ، فَخَرَجَ أَرُونَةُ وَسَجَدَ لِلْمَلِكِ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ. ٢١ وَقَالَ أَرُونَةُ: لِمَاذَا جَاءَ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ إِلَى عَبْدِهِ؟ فَقَالَ دَاوُدُ: لأَشْتَرِيَ مِنْكَ ٱلْبَيْدَرَ لأَبْنِيَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ فَتَكُفَّ ٱلضَّرْبَةُ عَنِ ٱلشَّعْبِ. ٢٢ فَقَالَ أَرُونَةُ لِدَاوُدَ: فَلْيَأْخُذْهُ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ وَيُصْعِدْ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ. اُنْظُرْ. اَلْبَقَرُ لِلْمُحْرَقَةِ، وَٱلنَّوَارِجُ وَأَدَوَاتُ ٱلْبَقَرِ حَطَباً. ٢٣ اَلْكُلُّ دَفَعَهُ أَرُونَةُ ٱلْمَالِكُ إِلَى ٱلْمَلِكِ. وَقَالَ أَرُونَةُ لِلْمَلِكِ: ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ يَرْضَى عَنْكَ. ٢٤ فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لأَرُونَةَ: لاَ. بَلْ أَشْتَرِي مِنْكَ بِثَمَنٍ وَلاَ أُصْعِدُ لِلرَّبِّ إِلٰهِي مُحْرَقَاتٍ مَجَّانِيَّةً. فَٱشْتَرَى دَاوُدُ ٱلْبَيْدَرَ وَٱلْبَقَرَ بِخَمْسِينَ شَاقِلاً مِنَ ٱلْفِضَّةِ. ٢٥ وَبَنَى دَاوُدُ هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ. وَٱسْتَجَابَ ٱلرَّبُّ مِنْ أَجْلِ ٱلأَرْضِ، فَكَفَّتِ ٱلضَّرْبَةُ عَنْ إِسْرَائِيلَ».
٢أيام ٣: ١ عدد ١٦: ٤٤ - ٥٠ و١صموئيل ٦: ١٤ و١ملوك ١٩: ٢ تكوين ٢٣: ٨ - ١٦ حزقيال ٢٠: ٤٠ و٤١ ملاخي ١: ١٣ و١٤ و١أيام ٢١: ٢٤ و٢٥ ص ٢١: ١٤
فَجَاءَ جَادُ أرسله الرب (١ايام ٢١: ١٨) استجابة لصلاة داود. وكان داود في أورشليم حيث كان قد رأى الملاك بين الأرض والسماء فوق بيدر أرونة ويده مبسوطة على أورشليم لإهلاكها.
فَتَطَلَّعَ أَرُونَةُ وَرَأَى ٱلْمَلِكَ (ع ٢٠) وفي (١أيام ٢١: ٢٠) إنه كان قد رأى الملاك فاختبأ هو وبنوه الأربعة ثم جاء الملك وعبيده وخرج أرونة من البيدر وسجد على وجهه إلى الأرض لأنه خاف أولاً من الملاك وثانياً من مجيء الملك لأنه لم يعرف مقصوده. وكان أرونة أجنبياً عن شعب اليهود.
اَلْكُلُّ دَفَعَهُ أَرُونَةُ ٱلْمَالِكُ إِلَى ٱلْمَلِكِ (ع ٢٣) بالعبرانية أرونة الملك إلى الملك. ولكن ليس لنا خبر أن أرونة كان ملكاً. فالبعض يترجمون الكل أدفعه أنا أرونة أيها الملك إلى الملك.
ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ يَرْضَى عَنْكَ إشارة إلى أنه أجنبي.
لاَ أُصْعِدُ لِلرَّبِّ إِلٰهِي مُحْرَقَاتٍ مَجَّانِيَّةً (ع ٢٤) كان يقدر ان يأخذ الكل بلا ثمن لكونه ملكاً أو لأن مطلوبه هو للرب ولنفع عموم الشعب. ولكنه أراد أن التقدمة تكون منه وليس من أرونة فتعبّر عن توبته وإيمانه ورجوعه إلى الرب. وما لا يكلفنا شيئاً لا ينفعنا شيئاً في عبادة الرب وخدمته.
خَمْسِينَ شَاقِلاً مِنَ ٱلْفِضَّةِ أي نحو ست ليرات إنكليزية ونصف ليرة. وفي (١أيام ٢١: ٢٥) ست مئة شاقل من الذهب أي نحو ١٥٠٠ ليرة إنكليزية أي دفع أولاً خمسين شاقلاً لأنه افتكر في الحاجة الوقتية فقط أي إصعاد المحرقة والتعويض عن النوارج والبقر وأدواتها واستعمال البيدر. وبعد ذلك لما قصد بناء الهيكل في نفس المكان اشتراه بثمنه الكامل فصار ملكاً دائماً للملك وللشعب لأجل عبادة الله.
وفي (١أيام ٢١: ٢٦ - ٢٩ و٢٢: ١) إن الرب أجاب داود بنار من السماء على مذبح المحرقة فعلم داود أن ذلك المكان هو بيت الرب أي إنه المكان المعيّن من الله ليكون بيته فيه. وذبح هناك أي ابتدأ من ذلك الوقت أن يقدم ذبائح في ذلك المكان ولم يستطع أن يذهب إلى المسكن في جبعون خوفاً من سيف ملاك الرب أي خوفاً من أن يغيظ الرب إذا ذهب عنه وقدّم ذبائح في مكان آخر.
فوائد



  • ع ١ «أهاج... داود».
    (١) الإهاجة التي لا تلزمنا. إهاجة الشهوات والكبرياء والطمع والحسد بواسطة الأفكار والكلام ومطالعة الكتب غير اللائقة. (٢) الإهاجة التي تلزمنا. إهاجة المحبة والغيرة والسخاء بواسطة المعاشرات الصالحة والاجتماعات الدينية ومطالعة الكتب المفيدة (٣) العمل المطلوب منا وهو فتح أبواب قلوبنا للروح وإغلاقها في وجه الشيطان (٤) العمل الذي نخاف مه إغواء الشيطان.
  • ع ٣ «قال يوآب للملك» المشورة
    (١) من شخص غير مقبول أي من يوآب. مع ذلك يجب قبول المشورة الصالحة لأننا نستفيد من العدو كما من الصديق (٢) مشورة غير مطلوبة. أي ما يُلزمنا أن نترك ما كنا اعتمدنا عليه من وضع أنفسنا (٣) مشورة مرفوضة. إن رفض المشورة الصالحة وإن كانت من عدو أو ممن هو أصغر منا فهو استعداد للسقوط،
  • ع ١٠ «أخطأت» الاعتراف بالخطيئة.
    (١) بلا عذر وبلا استخفاف (٢) بلا استذناب غيرنا (٣) للرب مع الرجوع إليه بالمسيح.
  • ع ٢٤ «محرقات مجانية»
    (١) هدايا المال التي هي كالفتات الساقط من مائدة الغني. أي ما يفضل عنا بعد الشبع (٢) الخدمة التي ليس فيها تعب كالوعظ بلا استعداد عقلي وروحي (٣) العبادة التي لا تكلف العبدة كالعبادة في الكنائس التي نفقاتها من الوقف أو من غير أعضائها (٤) عدم اللياقة في تقديم المحرقات المجانية للرب الذي قدم نفسه لأجلنا.



Call of Hope
P.O.Box 10 08 27
D - 70007
Stuttgart
Germany